البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عبدالرؤوف النويهى الحرية أولا وأخيرا

 44  45  46  47  48 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
يافتنتى لاتحزنى منى    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

والله ، 
لست بظالم ،
يافتنتى ،
فلا تحزنى منى
 
أتعبنى زمنى ،
وكنت حلما فى زمن التمنى
 
أمد يدى تلمس يديك
فأشعر بالرضا  والأمن
 
والنور أنت
والشمس الساطعة
 فى فضاء الكون
 
 أنت لى ،
روح خالد ،
واشتهاء وفتنة ومنى وتمنى
 
 أنت لى ،
 أمل تحقق ،
فتلاشى الهم والغم عنى
 
 يا فتنتى
لا تحزنى منى ،
فالحزن يشقينى ويقهرنى  

23 - يناير - 2007
الحب الصادق
الحوار البناء والمشاركة الفعالة    كن أول من يقيّم

الإخوة والأخوات /سراة / رعاة  /  قراء الوراق
             صباح شريف ويوم مشرق
أولا:   أتوجه بالشكر العميق لشاعرنا الرائع الودود /السعدى 0
ثانيا :  بخصوص موافقة الإخوات والأخوات على مقترحى (تقنين ميثاق عمل أو لوائح تنطيمية تحدد طبيعة العلاقة وحدود المسؤلية بين المشرف وإدارة الوراق )
 
أقول :  أنه ومن خلال سطور الأخ الأعز /زهير
(وسوف يكون من أول مهام رعاة الوراق، اختيار السراة، وإعادة النظر في مواضيع المجالس التي يتولون الإشراف عليها، وهكذا يوما بعد يوم يتشكل كل مجلس حسب تطلعات المشرف عليه. وسوف تصغي إدارة الوراق لكل رغبات الرعاة ومقترحات السراة)21/1/2007
يتبين لى الآتى :
مهام الرعاة وهى :
1-اختيار السراة 0
2-إعادة النظر فى مواضيع المجالس التى يشرفون عليها 0
3-لكل مشرف الحق فى تشيكل مجلسه ومواضيعه حسب تطلعاته
4-إصغاء الإدارة لكل رغبات الرعاة ومقترحات السراة
 
يتضح جليا أن الإدارة لن تكون بمنأى عن الرعاة والسراة ولكنها معهم أينما أرادوا وستلبى تنفيذ التطلعات والمقترحات وفقا لسياستها ،أى أن المشرف لن يكون حرا إلا من خلال ضوابطها ومحظورتها فقد توافق وقد ترفض دون إبداء الأسباب ،فهى المهيمنة والسلطة العليا ،ومن ثم ينبغى على الإدارة أن تضع تحت بصر المشرفين المساحة المتاحة لهم من الأمور المرغوبة والمحظورة تلافيا لتضارب الآراء مستقبلا  فقد يوافق المشرف فى مجلسه على مواضيع قد ترى الإدارة  فيه  رأيا مخالفا0
 
بالتأكيد سوف يكون التصويت على اللائحة أو الميثاق من الرعاة والسراة فهم المعنيون  بالأمر المسنود إليهم 0
والجدير بالذكر أن الرعاة مشغولون بأعمالهم وأمور حياتهم ،فالوقت لديهم محدود للغاية والإشراف يستوجب المتابعة0
فهل يمكن للمشرف الإستعانة بمن يراه من السراة مشاركا ومعاونا له ????
 
أرجو من الجميع أن يناقش معى ما أثيره من أمور والحوارالبناء أجدى للوصول إلى صيغة مقبولة للعمل بها والسير على خطاها 0
 
أرجو مرة ثانية المشاركة فمهمة الإشراف ليست هينة وإنما مسؤلية عظمى لموقع الوراق الذى نأمل أن يزداد تقدما وتفوقا ورقياً ويحتل مكانة أسمى وعلى باقى المواقع الأخرى 0
 

24 - يناير - 2007
مشروع رعاة الوراق
مساء جميل على حبنا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

ياحلوة العشرين لاتفزعى  من همسة الخمسين فى مسمعى
لا يكبر الشاعر ياطفلتى    فعمره فى     حسه         الطيع
قلبى على العشرين قيدته      فعمر قلبى ليس يكبر   معى
                                            نزار قبانى
             أُسائل نفسى صباح مساء
          هل أنا مازلت أحمل مشاعر سن العشرين وأشعر بها??
هل الشاعر نزار قبانى صادق فى قوله أم أنه يتنافى مع الواقع ??
هل غواية الشعر تطغى على الحقيقة المؤكدة بتغير المشاعر بتقدم العمر ???
ربما كان صادقا !!!!!
 
ويحضرنى قصيدة قرأتها لشاعر مجيد/عمر حاذق
 
   (مساء جميل على حبنا )
 
مساء جميل على حبنا
وعشب رقيق وربوة
وبدر يمر على شطنا
يتمهل خطوة
 
وكانت سماء
تفيض على البحر صمتا شفيفا
وبستان قهوة
 
وكان مسيح صغير
يريح يديه قليلا
وتغفو على موج نهديك غفوة
 
وكنت000الكتاكيت تجرى على عشب قلبى معا
ونعفو معا
ونغفر كل الذنوب معا
وتفضحنى نشوة بعد نشوة
 
وكنت 00وكنت 000كما أنت حلوة 0
 
 

24 - يناير - 2007
الحب الصادق
أقتفى أثرا ضائعا    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

هذا الوهج المتأ جج بكيانى ويمور بعقلى ويدفعنى دفعا مستمرا نحو المثل العليا والتشبث بها ،نحو العواطف الجياشة ،نحو الأنثى الخالدة /الوطن /الروح /الخلود 0
 
تنازعنى نفسى التواقة للجمال والحق والعدل أن أنا ضل خفافيش الظلام وخناجر الليل القامع لتباشير صبحنا ،الرابض بأعماق حياتنا ،الساكن بتلافيف عقولنا0
إلى التحليق فى سماوات العشق والهوى المفتقدة والمفقودة0
 
أبحث عن حقيقتى /ذاتى /وجودى /جذورى /تاريخى 0
 
أرتمى فى أحضان حاضر  ينكرنى 0
وأهيم فى ماض سحيق  تولى عنى 0
وأخشى مستقبلا مجهولا  يترصد نى 0 
 
أبحث عن أثر ضائع بين طيات الأيام المكرورة والمهزومة والمسحوقة تحت سنابك جحافل التتار الجدد والليل الذى طغى0
أبحث عن لؤلؤة المستحيل ،
العدل /الحق /الحرية 0
 
وأتذكر قصيدة  كتبها الشاعر المصرى العربى /أحمد عبد المعطى حجازى 0
 
إنها قصيدة معبرة ودالة  0  
 
                     أغنية
أنت فاتنة
وأنا هرم
 
أتأملُ فى صفحة (السين )وجهى
مبتسما دامعا 0
 
أنت فاتنة تبحثين عن الحب
لكننى
أقتفى أثراً ضائعاً 0
 
كان لابد أن نلتقى فى صباى
إذن لعشقتك عشق الجنون
وكنا رحلنا معا0

25 - يناير - 2007
الحب الصادق
ولاة الأمر وتشكيل العقل العربى    كن أول من يقيّم

(000وبذلك يكون إنساننا العربي ، حافظا لنظريات يفرضها عليه ولاة الأمر ، مرددا لها دون ان يبذل جهد ، لمعرفة ان كانت صالحة لحياتنا أم أنها تساهم في جعلنا نسير الى الخلف بخطوات واسعة والأمم الأخرى تقفز الى التطورالكبير)
                                                 صبيحة شبر
كلمات من نور 0
كلمات حاسمة 00
كلمات أقف أمامها صامتا خاشعا00
إنها الحقيقة دون مواربة ولاتزويق00
لله درك أيتها الأستاذة الكريمة 00
لله درك أيتها المهمومة 00
 
 
 
 

27 - يناير - 2007
تقدم المجتمع والمدارس
أنا فى شوق    كن أول من يقيّم

أنا فى شوق متزايد للقراءة
 
بارك الله فيك 000ياأخى سعيد 0

27 - يناير - 2007
الرحلة الأوربية للشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله.
مهداة لأختنا الفاضلة /ضياء    كن أول من يقيّم

   مقطع من قصيدة أحمد الزعتر للشاعر الفلسطينى / محمود درويش  مهداة لأختنا الفاضلة /ضياء
   
أحمد الزعتر:
                                          
                                        
ليدين من حجر و زعتر
هذا النشيد لأحمد المنسيّ
بين فراشتين
مضت الغيوم و شرّدتني
و رمت معاطفها الجبال و خبّأتني
.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد و كانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد و كنت وحدي
ثم وحدي ...
آه يا وحدي ? و أحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّما ينمو ، و ينجب زعترا و مقاتلين
و ساعدا يشتدّ في النيسان
ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
و أرصفة بلا مستقبلين و ياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحري
في ليل الزنازين الشقيقة
قي العلاقات السريعة
و السؤال عن الحقيقة
في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاما كان يسأل
عشرين عاما كان يرحل
عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في
إناء الموز
و انسحبت .
يريد هويّة فيصاب بالبركان ،
سافرت الغيوم و شرّدتني
ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني
أنا أحمد العربيّ - قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
و جدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى و المشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
و أنا البلاد و قد أتت
و تقمّصتني
و أنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد
و جدت نفسي ملء نفسي ...
راح أحمد يلتقي بضلوعه و يديه
كان الخطوة - النجمة
و من المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
و أحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
و يقفز .
أحمد الآن الرهينة
تركت شوارعها المدينة
و أتت إليه
لتقتله
و من الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم
و صدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار
                                                                         موقع أدب

27 - يناير - 2007
نباتات بلادي
النغم والمشهد:زمن السينما الرومانسية (1)    كن أول من يقيّم


1
في بدء عهدها ، عندنا في المشرق على الأقل ، عُدّت السينما كإحدى المعجزات الخارقة ، المنتمية لعالم الجنّ لا الأنس . فها هي ذي صالة مغلقة تماماً ، غامضة ، عَتِمة ـ كمغارة الأشباح ، متهيئة لرشقات من النور ، المسددة من كوة في الجدار نحو صدرها ؛ أين الشاشة الكبيرة الما تلبث أن تتفجّر دماً ودموعاً وأهوالاً جساماً . وهاهُمو شخوصٌ " أغراب " يتوالدون من رحم تلك الشاشة ، رائحين غادين في مشاغلهم ومحادثاتهم ، غير مبالين بمن في الصالة ، ولا بما يعتورها من وجوم وتوجس أو صخب وصفير : فالبعض من حضور الفيلم زمنئذٍ ، كان على إعتقاده بعدُ بأنه يشهد مسرحية ما ، غرائبية المَشاهد ، مرافقة بالموسيقى المتواترة ، الحالمة أو الكابوسية على السواء . والبعض الآخر من أولئك الحضور ، الأقل حظاً ، كان مبهوتاً بما يرى ويسمع ، وهوَ على بهتان الظنّ بكونه في مقهى ؛ حيث الحكواتيّ ، المُفترض ، ربما دبّر لمريديه مقلباً ما ، مرعباً ! من جهته ، كان والدي ـ الذي رحلَ قبل بضعة أعوام ، عن سنّ معمّرة ـ قد قص علينا طرفة ً من فتوته ، حينما رافقَ ذات مرة بعض أصدقائه إلى " سينما دمشق " ، العريقة ، التي كانت تعرض فيلماً مصرياً ما . والدي وعصبته هذه ، الصديقة ، كانوا إذاً في الصف الأمامي من الصالة ، حينما إندفع بطلُ الفيلم بسيارته ، خلال أحد المشاهد ، في سرعة قصوى ، دونما أن يرعوي حتى في إقترابه ، الخاطف الخطر ، منهم ! وبطبيعة الحال ، قدّر لهم النجاة من مركبة الموت تلك ، مع أنّ أحدهم كان ما فتيء مرمياً على أرضية الصالة ، مذعوراً مهتاجاً ، إثر قفزته من الكرسيّ الذي كان يقتعده ، و المتأثرة بذلك المشهد السينمائيّ .

2
عاماً بعد الآخر ، إعتاد الناس لدينا على ولوج تلك " المغارة السوداء " ؛ المنعوتة بالصالة السينمائية . هذا على الرغم من حقيقة ، أنّ إرتياد ذلك المكان زمنئذٍ ، كان منذوراً للذكورة قطعاً . وهي الذكورة ، التي ضرَبَتْ حظراً ، إجتماعياً غالباً ، على الجنس الآخر ، المستضعف في الأرض . على هذا ، ندركُ أهمية جهاز المذياع ، بالنسبة لـ " حرملك " مجتمعنا ، والذي كان يُتيح للنساء خصوصاً فرصة الإستمتاع بآيات الفنّ طرباً وتمثيلاً ، دونما الحاجة للمغامرة ، الخطرة ، المتمثلة بإختراق أسوار المنزل . بدورها ، ذكرت لي والدتي شيئاً عن أيام صباها ، وكيف كانت ولدّاتها يستمتعن بالإصغاء إلى هذا الفيلم المصريّ أو ذاك ، والمبثوث كاملاً آنئذٍ من الإذاعة : " كنا نفهم الفيلم ، كما لو أننا نراه أمامنا على الشاشة . كنا أيضاً نتخيّل وجوه الأبطال .. والرجال منهم بشكل خاص ! " ، تؤكدُ أمي وهيَ تشرد بعيداً بنظراتها الحالمة . يبدو أنّ أفلام عبد الوهاب وفريد الأطرش ، الغنائية ، كانت المرجّحة في ميزان مراهقة تلك الأيام ، الرومانسية ؛ بدليل حفظ الأم لكثير من الأقاويل المتداولة أيامئذٍ ، عن عشق الملكة الفلانية لهذا أو خطبة ذاك للأميرة العلانية . تلازُمُ التمثيل بالنغم ، كان فتحاً آخر ، بالغ الأهمية للسينما ، عربية كانت أم فرنجية . تأثير هذه الأخيرة على الأولى ، ما كان واضحاً بعدُ لإدراك جيل أمهاتنا ؛ بما تهيأ بشكل عام لإمكاناته الضعيفة ، الثقافية والمعلوماتية . معرفة أنّ الأفلام العربية ـ والمصرية تحديداً ـ كانت زمنئذٍ تستنسخ أعمال هوليوود قصة ً وموسيقى وحتى طريقة أداء ، بقيتْ حقيقة غير متداولة ، حتى في أوساط النقد الفني . ولكننا ، في وقتنا الحاضر هذا ، نستطيع الجزم ، مثلاً ، بتأثر عبد الحليم حافظ ، الممثل ، بما كانه فرانك سيناترا على الشاشة الكبيرة : هذا ، دونما أن نغفل تلك الحقيقة الأخرى ، عن أصالة " حليمنا " في أدواره السينمائية ؛ حتى ليجوز القول ، أنه كان نجماً متألقاً في مجاله ذاك ، لا يقل في الواقع عما كانه ـ كمطرب عظيم . وهذا الأمر ، بإعتقادي ، ينطبق أكثر على الفنانة شادية .

27 - يناير - 2007
فن السينما 000عربيا وعالميا000قراءة نقدية0
النغم والمشهد:زمن السينما الرومانسية (2)    كن أول من يقيّم


3
إزدلافُ النغم للفيلم ، إبتدُه لدينا في واقع الأمر مع بدايات السينما الرومانسية ؛ مع إزدهار أسماء كثير من نجوم الطرب في مصر ، خصوصاً ـ كأم كلثوم وعبد الوهاب ومحمد فوزي وليلى مراد .. وغيرهم . تنتج كوكب الشرق ، لحسابها ، أربعة أفلام على التوالي ، كان أنجحها " دنانير " ؛ المستلهم قصة قيّنة ، رائعة الصوت ، كانت مملوكة لجعفر البرمكي ، الوزير الخطير لخليفة زمانه ، هارون الرشيد . في هذا الفيلم ، وفي غيره أيضاً ، كانت موهبة أم كلثوم في التمثيل جدّ متواضعة . وبالمقابل ، فإنّ مطربتنا هذه ، كانت تؤدي الأغنيات المطلوبة في الفيلم ـ وجلها أدوار ـ بشكل مؤثر ، منسجم ومتفاعل مع المشهد : لكأنما العبقرية " الكلثومية " ، المتجلية خلف الميكروفون بأبهى حلة ، كانت تأبى إلا أن تعيد ذاتها أمام الكاميرا السينمائية . يمكننا هنا ، إلى حدّ ما ، تأكيد التوصيف نفسه بالنسبة لجيل كوكب الشرق ذاكَ ؛ وبشكل أكثر أو أقل مع الأجيال التالية . يجدر القول ، بأنّ السينما في عقلية ذاك الزمن ، الرومانسي ، ما كان لها أيّ غاية غيرَ إشاعة المرح والتسلية في نفوس مرتاديها . وعلى ذلك ، نفهم إذاً مدى أهمية الأغنية للفيلم زمنئذٍ ، بما كان من تحقيقها لتلك الغاية من جهة ، والأهم ، من جهة أصحابه ، ضمان أفضل تسويق له تجاريّ ، داخلياً وعربياً . ثمة عامل آخر ، على قدر كبير من الأهمية ، عاضدَ من مكانة القاهرة ـ كمركز للفنّ في العالم العربيّ : إنه الهجرة التي شهدها البلد ، منذ نهاية القرن التاسع عشر ؛ وخصوصاً من أولئك الذين أضحوا معروفين فيها منذئذٍ بـ " شوام مصر " . ثمة أسماء عديدة ، شهيرة ، من رعيل الهجرة تلك ، إحتفى بها الفنّ الغنائيّ ، المزدهر وقتذاك في وادي النيل ؛ مثل فريد الأطرش وأسمهان وصباح ونور الهدى وفايزة أحمد ونجاة .. الخ . وعلى الرغم من حقيقة ، أنّ هؤلاء قد أدوا أغنياتهم باللهجة المصرية التي إتقنوها كأهل البلد ، فإنهم أوجدوا تنوّعاً ضرورياً في الحياة الفنية للبلد المُضيف ، أسهمَ بالتالي في إغناء الطرب بألوان جديدة ما كانت معروفة قبلاً ـ كالعتابا اللبنانية والقدود الحلبية . كذلك الأمر بخصوص السينما ، والتي شهدتْ جمالاً جديداً ، مميّزاً في فتنته ومقاييسه ، فضلاً عن نزعة الإغراء والغواية وخفة الظل ، المستهجّة به ، والمرتبطة منذئذٍ بأولئك " الشوام " ؛ وكان من أكثرهم شهرة ًعمر الشريف وسعاد حسني .

4
ثمة أغان ، خالدة ، تواشجتْ بالمشهد السينمائي ، حدّ أننا نتعشقها في في كل حين ولا نملّ من تكرارها على الشاشة الصغيرة ، سواءً بسواء أكان ذلك ضمن برامج معينة أو خلال إعادة أفلام زمان ، الرومانسية . لكل منا ، إذاً ، أغانيه الحميمة من ذلك الزمن ، المعيدة لذاكرته موقفاً ما ، في رحلة الحياة الحافلة ؛ موقفاً فرحاً متألقاً ، أو آخرَ متأسياً كامداً . بين هذا وذاك ، أجدُ عبراتي منهمرة ً دونما إرادة مني ، في كل مرّة أعود فيها بعض الأفلام الكلاسيكية ، المضّرمة بشعلة النغم الأغر ، المذيبة جليدَ غربتي هذه . أجدني هنا ، أشير إلى ثلاثة من أغاني الأفلام تلك المسجّلة ـ بحسب ذائقتي ، طبعاً ـ في مجلد المجد . وكنتُ قد أشرت إلى النجمة شادية ، في مستهل المقال ، واضعاً موهبتها التمثيلية على المستوى ذاته ، الرفيع ، من موهبتها تلك ، الغنائية . وأضيف أيضاً ، بأنه ربما من الصعب أن يتكرر نموذج نجمتنا هذه ، في حاضر الفنّ أو مستقبله : فعلاوة على كونها مطربة أصيلة ، رائقة الصوت ، وقدرتها المُدهشة ـ كممثلة عظيمة ، فقد إمتلكت حسناً فتاناً وخفة دم وظرافة ؛ حدّ نعتها إعلامياً بـ " دلوعة الشاشة " . قدّر لفيلم " إنتَ حبيبي " ، المُنتج عام 1957 ، أن يكون ناجحاً بكل المقاييس ، الفنية والتجارية . فإضافة لكون الفيلم إحدى بواكير المخرج يوسف شاهين ، كان هناك عملاقُ الطرب العربي ، فريد الأطرش ، الذي قاسمَ شادية البطولة . إنه الفيلم الذي سيُخلد ، أبداً ، أغنية " زينة " ؛ وكانت من نوع ( دويتو ) بين بطليْه هذين : ففي رحلة بالقطار ، تنطلق من إحدى الفركونات الأنغامُ الفرحة ، المُحتفلة ، كما لو أنها أحلامٌ هائمة فوق غفوة هنيّة ؛ هناك ، أينَ تعانق الحبيبان في كلمات جدّ بسيطة ، رفقة ( كورَس / كومبارس) عفويّ من فلاحين مسافرين معهما . أربعة أعوام تمضي على الأثر ، ثمّ تتناهى أنشودة اخرى ؛ وهيَ " بيت العز يا بيتنا " ، ، لم تكن أقل تأثيراً في محبّي الطرب ، الأصيل ، عن الأولى ، الموسومة آنفاً : إنها لفايزة أحمد ، السورية الأصل ، ومن وصف عبد الوهاب صوتها الشجيّ بـ " الكريستال المكسور " . أديتْ هذه الأغنية في مفتتح فيلم " أنا وبناتي " ، من إخراج المبدع حسين كمال . وضمير المتكلم في عنوان الفيلم ، يستحضرُ لنا إسماً آخر ، لا يقل إبداعاً ؛ إسم زكي رستم ، الذي لعب دورَ أبٍ موظف ، متوسط الحال ، يقع ضحية ظروف قاهرة تبعده عن منزله ، حيث بناته اليتامى الأم ـ وفيهم مطربتنا نفسها ـ ولا يُقدّر له العودة إليهم إلا وقد تشتت شملهن في كل طريق . هذه الأغنية ، البهيجة ، أستعيدُ فيها دوماً منزل عائلتي الأول ، الدمشقي ، كلاسيكيّ الطراز ، والمافتيء منتصباً كنصب خرافيّ وسط هولات الإسمنت المسلح ، الفظة . إنه " بيت العز " ، إذاً ، الذي غادرته دونما رجعة منذ قرابة العقدَيْن من أعوام المنفى ؛ إنه الآن بيتٌ للأشباح والأطياف والذكرى ، بعدما هجره أيضاً معظم ساكنيه . فيلم " الخطايا " ، من إنتاج العام 1962 ، هوَ المختتم ، على رأيي المتواضع ، ثالثة أثال الفنّ السينمائي ، الغنائي . هذه المأثرة ، المعبّرة أكثر من غيرها عن عصر الرومانسية عندنا ، إجترحها بعضٌ من كبار صانعي الصورة والصوت ، على السواء : لا ريبَ أنّ إسم عبد الحليم حافظ ، كان الجامع لصفتيْ الفنّ هاتيْن ؛ ما دامَ هوَ نجمُ الفيلم ، الساطع . نادية لطفي ، الممثلة الرائعة ، قاسمته البطولة بدور " سهير " ؛ الحبيبة الشابّة ، المتعيّن عليها تحدّي أعراف عائلاتها ، المتبخترة بلقب الوجاهة . يقررُ بطلنا ، يائساً ، وبعدَ مناوشات حامية مع الأب بالتبني ( عماد حمدي ) ، أن يختطف حبيبته تلك . هوذا هنا ، في مكان اللقاء ، المحدد ، ينتظر مجيئها فاقدَ الصبر . تشتعلُ الموسيقى لحظتئذٍ : كمنجاتٌ شجنة ، مصّاعدة الرنين ؛ نايٌ يعلنُ ، على الأثر ، الحضورَ الحبيب ؛ طبلة تقرعُ رويداً ، مترافقة مع إلتفاتة بطلنا نحوَ " سهير " ، الواصلة على حين بغتة ، متعجلة ، مكتسية لباس العروس الأبيض . ولكنّ " حليمنا " ، في حيرة النظرات القلقة ، المتبادلة مع حبيبته ، يخرق أخيراً هذا الصمتَ المستغرق ثوان حسب ، مبتدهاً مطلع أنشودته ، الخالدة : " قولّي حاجة " . أرجو ألا أكون مغالياً في تأكيدي ، بأنّ هذا المشهد ، المعجّز ، الفائق الروعة والتعبير ، هوَ قمة ما وصلت إليه السينما الغنائية المصرية ، في عمرها الرومانسيّ بأسره . الطريف في الأمر ، أنّ عبد الوهاب ، ملحن أغنيات الفيلم ، كان قد دخل في مشادة عنيفة مع مخرجه ، حسن الإمام ، على خلفية المشهد الإفتتاحي نفسه لأغنية " قولّي حاجة " . إذ عمد المخرج ، وفق حِرَفيته المعروفة ، إلى قطع موسيقى الأغنية لبضعة ثوان ، حينما تتلاقى نظرات الحبيبَيْن في المشهد ذاكَ ، الموصوف آنفاً . وهذا لم يرض ، بطبيعة الحال ، موسيقار الجيل ، مما تسبب في إعادة مونتاج الفيلم .

27 - يناير - 2007
فن السينما 000عربيا وعالميا000قراءة نقدية0
محمد عبده رائد الإصلاح فى العصر الحديث    كن أول من يقيّم

محمد عبده رائد الإصلاح في العصر الحديث
( ذكرى وفاته في 8 من جمادى الأولى 1323هـ)
 سمير حلبي
الشيخ محمد عبده
يُعدّ "الإمام محمد عبده" واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.
في الجامع الأحمدي
وُلد الإمام "محمد عبده" في عام (1266هـ = 1849م) لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة "بني عدي" العربية، ونشأ في قرية صغيرة من ريف مصر هي قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة.
أرسله أبوه- كسائر أبناء قريته- إلى الكُتّاب، حيث تلقى دروسه الأولى على يد شيخ القرية، وعندما شبَّ الابن أرسله أبوه إلى "الجامع الأحمدي"- جامع السيد البدوي- بطنطا، لقربه من بلدته؛ ليجوّد القرآن بعد أن حفظه، ويدرس شيئًا من علوم الفقه واللغة العربية.
وكان محمد عبده في نحو الخامسة عشرة من عمره، وقد استمر يتردد على "الجامع الأحمدي" قريبًا من العام ونصف العام، إلا أنه لم يستطع أن يتجاوب مع المقررات الدراسية أو نظم الدراسة العقيمة التي كانت تعتمد على المتون والشروح التي تخلو من التقنين البسيط للعلوم، وتفتقد الوضوح في العرض، فقرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة.. ولكن أباه أصر على تعليمه، فلما وجد من أبيه العزم على ما أراد وعدم التحول عما رسمه له، هرب إلى بلدة قريبة فيها بعض أخوال أبيه.
مع الشيخ درويش خضر
وهناك التقى بالشيخ الصوفي "درويش خضر"- خال أبيه- الذي كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته.
وكان الشيخ درويش متأثرًا بتعاليم السنوسية التي تتفق مع الوهابية في الدعوة إلى الرجوع إلى الإسلام الخالص في بساطته الأولى، وتنقيته مما شابه من بدع وخرافات.
واستطاع الشيخ "درويش" أن يعيد الثقة إلى محمد عبده، بعد أن شرح له بأسلوب لطيف ما استعصى عليه من تلك المتون المغلقة، فأزال طلاسم وتعقيدات تلك المتون القديمة، وقرّبها إلى عقله بسهولة ويسر.
وعاد محمد عبده إلى الجامع الأحمدي، وقد أصبح أكثر ثقة بنفسه، وأكثر فهمًا للدروس التي يتلقاها هناك، بل لقد صار "محمد عبده" شيخًا ومعلمًا لزملائه يشرح لهم ما غمض عليهم قبل موعد شرح الأستاذ.
وهكذا تهيأ له أن يسير بخطى ثابتة على طريق العلم والمعرفة بعد أن عادت إليه ثقته بنفسه.
في الأزهر
انتقل محمد عبده من الجامع الأحمدي إلى الجامع الأزهر عام (1282 هـ = 1865م)، وقد كان الأزهر غاية كل متعلم وهدف كل دارس، فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والبلاغة، وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية.
وكانت الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- لا تخرج عن هذه العلوم في شيء، فلا تاريخ ولا جغرافيا ولا طبيعة ولا كيمياء ولا رياضيات وغير ذلك من العلوم التي كانت توصف- آنذاك- بعلوم أهل الدنيا.
ولذلك فَقَدْ شَابَ الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- كثير من التخلف والجمود، وتوقفت العلوم عند ظواهر الأشياء دون النفاذ إلى الجوهر، ومن ثم كانت الدراسة تنصبّ على المتون والحواشي والشروح بالدرجة الأولى.
واستمر "محمد عبده" يدرس في "الأزهر" اثني عشر عامًا، حتى نال شهادة العالمية سنة (1294هـ = 1877م).
رجال في حياة الإمام
تأثر الشيخ "محمد عبده" بعدد من الرجال الذين أثروا حياته وأثّروا فيها، وكان من أولهم الشيخ "درويش خضر" الذي كان يلتقي به في إجازته من كل عام، فيتعهده بالرعاية الروحية والتربية الوجدانية، فيصب في روحه من صوفيته النقية، ويشحذ عزيمته ونفسه بالإرادة الواعية، ويحركه للاتصال بالناس، والتفاعل مع المجتمع، ويدعوه إلى التحدث إلى الناس ونصحهم ووعظهم.
وهو الذي ساعده على تجاوز حدود العلوم التي درسها بالأزهر، ونبهه إلى ضرورة الأخذ من كل العلوم، بما فيها تلك العلوم التي رفضها الأزهر وضرب حولها سياجًا من المنع والتحريم.
ومن ثم فقد اتصل "محمد عبده" بالرجل الثاني الذي كان له أثر كبير في توجيهه إلى العلوم العصرية، وهو الشيخ "حسن الطويل" الذي كانت له معرفة بالرياضيات والفلسفة، وكان له اتصال بالسياسة، وعُرف بالشجاعة في القول بما يعتقد دون رياء أو مواربة.
وقد حركت دروس الشيخ "حسن الطويل" كوامن نفس محمد عبده، ودفعته إلى البحث عن المزيد، وقد وجد ضالته أخيرًا عند السيد "جمال الدين الأفغاني".
كان الأفغاني يفيض ذكاء وحيوية ونشاطا، فهو دائم الحركة، دائم التفكير، دائم النقد، دائم العطاء، وكان محركًا للعديد من ثورات الطلاب ومظاهراتهم؛ فقد وهب نفسه لهدف أسمى وغاية نبيلة هي إيقاظ الدولة الإسلامية من سُباتها، والنهوض بها من كبوتها وضعفها، فعمل على تبصرة الشعوب بحقوقها من خلال تنوير عقول أبنائها.
ووجد "الأفغاني" في "محمد عبده" الذكاء وحسن الاستعداد، وعلو الهمة، فضلا عن الحماسة في الدعوة إلى الإصلاح، ورأى "محمد عبده" من خلال "الأفغاني" الدنيا التي حجبتها عنه طبيعة الدراسة في الأزهر.. وتلازم الشيخان، ونشأت بينهما صداقة صافية، وساد بينهما نوع من الوئام والتوافق والانسجام على أساس من الحب المتبادل والاحترام والتقدير.
الإمام معلمًا
بعد أن نال "محمد عبده" شهادة العالمية من الأزهر، انطلق ليبدأ رحلة كفاحه من أجل العلم والتنوير، فلم يكتف بالتدريس في الأزهر، وإنما درّس في "دار العلوم" وفي "مدرسة الألسن"، كما اتصل بالحياة العامة.
وكانت دروسه في الأزهر في المنطق والفلسفة والتوحيد، وكان يُدرّس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما ألّف كتابًا في علم الاجتماع والعمران.
واتصل بعدد من الجرائد، فكان يكتب في "الأهرام" مقالات في الإصلاح الخلقي والاجتماعي، فكتب مقالا في "الكتابة والقلم"، وآخر في "المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني"، وثالثا في "العلوم العقلية والدعوة إلى العلوم العصرية".
المنهج الإصلاحي للإمام
وحينما تولّى الخديوي "توفيق" العرش، تقلد "رياض باشا" رئاسة النظار، فاتجه إلى إصلاح "الوقائع المصرية"، واختار الشيخ محمد عبده ليقوم بهذه المهمة، فضم "محمد عبده" إليه "سعد زغلول"، و"إبراهيم الهلباوي"، والشيخ "محمد خليل"، وغيرهم، وأنشأ في الوقائع قسمًا غير رسمي إلى جانب الأخبار الرسمية، فكانت تحرر فيه مقالات إصلاحية أدبية واجتماعية، وكان الشيخ "محمد عبده" هو محررها الأول. وظل الشيخ "محمد عبده" في هذا العمل نحو سنة ونصف السنة، استطاع خلالها أن يجعل "الوقائع" منبرًا للدعوة إلى الإصلاح.
وكان في مصر تياران قويان يتنازعان حركة الإصلاح:
الأول: يمثله فريق المحافظين الذين يرون أن الإصلاح الحقيقي للأمة إنما يكون من خلال نشر التعليم الصحيح بين أفراد الشعب، والتدرج في الحكم النيابي، وكان الإمام "محمد عبده" والزعيم "سعد زغلول" ممن يمثلون هذا التيار.
والثاني: يدعو إلى الحرية الشخصية والسياسية تأسيًا بدول أوروبا، وكانت نواته جماعة من المثقفين الذين تعلموا في أوروبا، وتأثروا بجو الحرية فيها، وأعجبوا بنظمها، ومنهم "أديب إسحاق".
وكان هؤلاء ينظرون إلى محمد عبده ورفاقه على أنهم رجعيون، ولا يوافقونهم فيما ذهبوا إليه من أن الإصلاح ينبغي أن يأتي بالتدريج ليستقر، وليس طفرة فيزول.
وعندما اشتغلت الثورة العرابية سنة (1299هـ = 1882م) التفّ حولها كثير من الوطنيين، وانضم إليهم الكثير من الأعيان وعلماء الأزهر، واجتمعت حولها جموع الشعب وطوائفه المختلفة، وامتزجت مطالب جنود الجيش بمطالب جموع الشعب والأعيان والعلماء، وانطلقت الصحف تشعل لهيب الثورة، وتثير الجموع، وكان "عبد الله النديم" من أكثر الخطباء تحريضًا على الثورة.
وبالرغم من أن "محمد عبده" لم يكن من المتحمسين للتغيير الثوري السريع فإنه انضم إلى المؤيدين للثورة، وأصبح واحدًا من قادتها وزعمائها، فتم القبض عليه، وأودع السجن ثلاثة أشهر، ثم حُكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.
بين بيروت وباريس
انتقل "محمد عبده" إلى "بيروت" سنة (1300هـ = 1883م)؛ حيث أقام بها نحو عام، ثم ما لبث أن دعاه أستاذه الأفغاني للسفر إليه في باريس حيث منفاه، واستجاب "محمد عبده" لدعوة أستاذه حيث اشتركا معًا في إصدار مجلة "العروة الوثقى" التي صدرت من غرفة صغيرة متواضعة فوق سطح أحد منازل باريس؛ حيث كانت تلك الغرفة هي مقر التحرير وملتقى الأتباع والمؤيدين.
لقد أزعجت تلك المجلة الإنجليز، وأثارت مخاوفهم كما أثارت هواجس الفرنسيين، وكان الإمام محمد عبده وأستاذه وعدد قليل من معاونيهم يحملون عبء تحرير المجلة وتمهيد السبل لها للوصول إلى أرجاء العالم الإسلامي، وكانت مقالات الإمام تتسم في هذه الفترة بالقوة، والدعوة إلى مناهضة الاستعمار، والتحرر من الاحتلال الأجنبي بكل صوره وأشكاله. واستطاع الإنجليز إخماد صوت "العروة الوثقى" الذي أضجّ مضاجعهم وأقلق مسامعهم، فاحتجبت بعد أن صدر منها ثمانية عشر عددا في ثمانية أشهر، وعاد الشيخ "محمد عبده" إلى بيروت سنة (1302هـ = 1885م) بعد أن تهاوى كل شيء من حوله، فقد فشلت الثورة العرابية، وأغلقت جريدة "العروة الوثقى"، وابتعد عن أستاذه الذي رحل بدوره إلى "فارس".
وكان على "محمد عبده" أن يشغل وقته بالتأليف والتعليم، فشرح "نهج البلاغة" ومقامات "بديع الزمان الهمذاني"، وأخذ يدرّس تفسير القرآن في بعض مساجد "بيروت"، ثم دُعي للتدريس في "المدرسة السلطانية" ببيروت، فعمل على النهوض بها، وأصلح برامجها، فكان يدرّس التوحيد والمنطق والبلاغة والتاريخ والفقه، كما كتب في جريدة "ثمرات الفنون" عددًا من المقالات تشبه مقالاته في "الوقائع".
وبالرغم من أن مدة نفيه التي حكم عليه بها كانت ثلاث سنوات فإنه ظل في منفاه نحو ست سنين، فلم يكن يستطيع العودة إلى مصر بعد مشاركته في الثورة على الخديوي "توفيق"، واتهامه له بالخيانة والعمالة، ولكن بعد محاولات كثيرة لعدد من الساسة والزعماء، منهم: "سعد زغلول"، والأميرة "نازلي"، و"مختار باشا"، صدر العفو عن "محمد عبده" سنة (1306هـ = 1889م)، وآن له أن يعود إلى أرض الكنانة.
العودة إلى مصر
كان كل شيء قد أصبح في يد الإنجليز، وكان أهم أهداف الشيخ "محمد عبده" إصلاح العقيدة، والعمل على إصلاح المؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية.. واتخذ "محمد عبده" قراره بمسالمة الخديوي، وذلك حتى يتمكن من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يطمح إلى تحقيقه، والاستعانة بالإنجليز أنفسهم إذا اقتضى الأمر، فوضع تقريرًا بعد عودته حول الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالتعليم، ورفعه إلى "اللورد كرومر" نفسه، فحقيقية الأمر التي لا جدال فيها أنه كان القوة الفاعلة والحاكم الحقيقي لمصر.
وكان الشيخ "محمد عبده" يأمل أن يكون ناظرًا لدار العلوم أو أستاذًا فيها بعد عودته إلى مصر، ولكن الخديوي والإنجليز كان لهما رأي آخر؛ ولذلك فقد تم تعيينه قاضيًا أهليًا في محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عين مستشارًا في محكمة الاستئناف سنة (1313هـ = 1895م).
بدأ يتعلم اللغة الفرنسية وهو قاضٍ في "عابدين"- وكانت سنه حينئذ قد شارفت على الأربعين- حتى تمكّن منها، فاطلع على القوانين الفرنسية وشروحها، وترجم كتابًا في التربية من الفرنسية إلى العربية.
الإمام مفتيًا
وعندما تُوفي الخديوي "توفيق" سنة (1310هـ = 1892م)، وتولي الخديوي عباس، الذي كان متحمسًا على مناهضة الاحتلال، سعى الشيخ "محمد عبده" إلى توثيق صلته به، واستطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، وصدر قرار بتشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ "حسونة النواوي"، وكان الشيخ محمد عبده عضوا فيه، وهكذا أتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وهو الحلم الذي تمناه منذ أن وطئت قدماه ساحته لأول مرة.
وفي عام (1317هـ = 1899م) تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ولكن علاقته بالخديوي عباس كان يشوبها شيء من الفتور، الذي ظل يزداد على مر الأيام، خاصة بعدما اعترض على ما أراده الخديوي من استبدال أرض من الأوقاف بأخرى له إلا إذا دفع الخديوي للوقف عشرين ألف فرقًا بين الصفقتين.
الحملة الشرسة ضد الإمام
وتحول الموقف إلى عداء سافر من الخديوي، فبدأت المؤامرات والدسائس تُحاك ضد الإمام الشيخ، وبدأت الصحف تشن هجومًا قاسيًا عليه لتحقيره والنيل منه، ولجأ خصومه إلى العديد من الطرق الرخيصة والأساليب المبتذلة لتجريحه وتشويه صورته أمام العامة؛ حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر في سنة (1323هـ = 1905م)، وإثر ذلك أحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض، الذي تبيّن أنه السرطان، وما لبث أن تُوفي بالإسكندرية في (8 من جمادى الأولى 1323 هـ = 11 من يوليو 1905م) عن عمر بلغ ستة وخمسين عامًا.
أهم مصادر البحث:
  • زعماء الإصلاح في العصر الحديث: أحمد أمين- مكتبة النهضة المصرية-القاهرة (1368هـ = 1948م).
  • محمد عبده: عباس محمود العقاد- المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر- القاهرة (1962).
  • مفكرون من مصر: سامي خشبة- الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة (1421هـ = 2000م).
  • رائد الفكر المصري الإمام محمد عبده: عثمان أمين- مكتبة النهضة المصرية- القاهرة (1955م).
                                               موقع إسلام أون لاين

29 - يناير - 2007
يقول المستشرقون ان الفلسفة الاسلامية تمت و ماتت بموت ابن رشد. ما رأيكم في هذا القول، أصحيح ام لا?
 44  45  46  47  48