البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 41  42  43  44  45 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الذاكرة والموسيقى    كن أول من يقيّم

 
صباح الخير أستاذي ، صباح الخير عليكم جميعاً :
 
لم أكن أقصد ضرورة الاستماع إلى الشعر من الشاعر نفسه ، لكن المتنبي لم يكن يرسل بقصائده إلى" النهار " أو " السفير " لتنشر بل كان ينشدها ثم تحفظها عنه الناس وتعيد إنشادها . فالشعر كان مسموعاً قبل أن يكون مقرؤواً . لا أرمي في حديثي إلى البحث عن القيمة التي يضيفها ( أو لا يضيفها ) حسن الإلقاء إلى القصيدة ، إنما أبحث عن أهمية الوزن والموسيقى والصوت في تسهيل عملية الحفظ في الذاكرة  . قصائد شوقي التي حفظت ورددها الناس هي في غالبيتها كانت من القصائد المغناة ، ولولا أن مارسيل خليفة غنى قصائد محمود درويش لما تحقق له هذا الانتشار الهائل ، ولو لم ينشد الشيخ إمام أشعار أحمد فؤاد نجم لما سمعنا به على الأرجح .....  لا أبحث هنا عن أهمية الغناء في تحقيق الدعاية والانتشار بل عن أهمية الوزن والقافية ( أي الموسيقى ) في تقريب المعنى إلى النفس وتسهيل عملية حفظه في الذاكرة .

4 - سبتمبر - 2007
ما رأيك يا أستاذ زهير
( 1 ) كما الغيمة ، كإبحار السفينة ، أو كما الظل العابر    كن أول من يقيّم

 
باريس ، الأول من كانون الأول 1833:
 
" يأتي الموت مسرعاً " يقول شاتوبريان ( François René De Chateaubriand 1768- 1848 ) في مقدمة مذكراته التي تشبه الوصية . " طلب مني الكثير من الأصدقاء نشر قسم من مذكراتي حالياً ولم أستطع تلبية رغبتهم . سأكون عندها رغماً عني ، وقبل كل شيء أقل صدقاً وأٌقل مصداقية ولأنني كنت دائماً أعتقد بأنني سأكتبها وأنا جالس في قبري  ... " ، " أستطيع اليوم وفي ظل الضوء المنبعث من جادة الشانزليزيه والذي يسقط على آخر مشهد في حياتي وبحيث تبدو أخطاء هذه اللوحة أقل نفوراً أن أقول : بأن الحياة لم تناسبني ، وبأن الموت سيلائمني أكثر ، ربما... " .
 
كان شاتوبريان قد أمضى قرابة الأربعين سنة في كتابة مذكراته ، وكان قد أختار لها عنوان : " مذكرات حياتي " " Mémoires de ma vie " وكان طيلة هذه السنوات يعيد تصحيحها بدون توقف ، غير أنه لم يكن راغباً بنشرها إلا بعد موته بخمسين سنة ، وهذا ما دعاه إلى تسميتها ، فيما بعد ، ب " مذكرات ما وراء اللحد  " Mémoires D'outre _ tombe ". "
 
لكن الحاجة كانت قد ألحت عليه في حياته فاضطر إلى بيعها في العام 1836 مقابل ريع سنوي يعطى له مدى الحياة على أن تنشر بعد موته ، لكنها نشرت في العام 1844 على شكل فقرات أسبوعية في إحدى الصحف رغم اعتراض شاتوبريان الصاخب وشعوره بالمهانة وبأنه قد " رهن قبره " وذلك قبل أن يغيبه الموت في العام 1848 .
 
وكان شاتوبريان قد أرخ من خلال مذكراته للحياة السياسية لعصره ، أي عصر الثورة الفرنسية ومن ثم امبراطورية نابليون بونابرت وعودة الملكية ، وهي فترة تاريخية بالغة الصعوبة ، تقلبت فيه الظروف خلالها مرات عديدة فعرف الهجرة والنفي ، وأطاحت الثورة برأس أخيه وعائلته كما أودعت أمه وأختيه السجن ، وشغل في حياته أيضاً مناصب سياسية ودبلوماسية عديدة ومهمة ، لكنه ظل متعلقاً بالشرعية المسيحية والنظام الملكي القديم الذي أطاحت به الثورة الفرنسية . والواقع أن شاتوبريان عاش ممزقاً بين عصرين : عصر الملكية الذي مضى وانقضى ودون أن يموت نهائياً وهو العصر الذي ينتمي إليه بصفته أرستقراطياً ومن طبقة النبلاء ، وعصر الثورة وإرهاصاتها العنيفة وملامحها التي لم تتبلور بعد وهي فترة تعج بالفوضى والعذاب لكنها تحمل أفكاراً جذابة ، ومن هنا كان تمزقه وانقسامه على نفسه وكأنه شخصان يدين كل واحد منهما الآخر مما أعطى لمذكراته هذه النكهة المريرة المفعمة بالعذاب والحنين إلى ماض لن يعود أبداً .
 

4 - سبتمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
أبيات نادرة بالعامية لجبران خليل جبران    كن أول من يقيّم

 
 
 
عثرت بالصدفة على هذه الأبيات النادرة لجبران خليل جبران نظمها باللغة العامية اللبنانية على وزن موال " أبو الزلف " وذلك في كتاب بعنوان " روائع الزجل " إعداد الأستاذ أمين القاري ومن منشورات جروس برس - طرابلس لبنان ، وإليكم هذه الأبيات :
 
 
 
عَ الـعين يا بو الزلف عَـيـنـي  يـا مولَيَّا
يـا  شَـعِر شِلِّة iiدَهَبْ يـا  خْـدودْ سِـحْرِيَّة
لاطْلََعْ  عَ راس iiالجَبَلْ واشْـرِفْ على iiالوادي
وْقـولْ  يـا iiمَـرْحَبا بْـنَـسْمِة  هَوا iiبلادي
وْ يا ربِّي يْطُوف النَّهرْ تَ تـحْـمَـلِ iiالوادي
واعْـمِلْ زُنُودي iiجسِرْ وِبْـقَـطِّـعِـكْ  iiلِـيَّا
******
يـا  طَيْرِ عَ iiجوانِحَكْ خِـدْنـي عَلى iiبلادي
تْـوَقَّى  الهَوا iiيْلَولِحَكْ وْ  يِـرْمـيك iiبالوادي
إنْ جِـعْتِ لَ iiسَيْرْحَكْ بِــمْـروجِ iiفُـؤَادي
وانْ عْطِشِتْ لَ سَبِّحَكْ بِـدْمُـوعِ عَـيْـنَـيَّا

5 - سبتمبر - 2007
ما رأيك يا أستاذ زهير
(2) سفينة نوح او طقوس العبور    كن أول من يقيّم

 
" إذا كان قدري هو أن أحيا ، فلقد كنت أجسد في شخصي الممثل في مذكراتي ، المبادىء والأفكار والأحداث والكوارث وملحمة عصري . بالإضافة لكل هذه ، شاهدت نهاية عالم ، وبداية عالم ، وكانت الصفات المتناقضة لهذه البداية وهذه النهاية متشابكة جميعها في قناعاتي ... التقيت بنفسي بين عصرين كما لوكنت عند ملتقى نهرين ، فغرقت في مياههما المضطربة وأنا أسبح بقلب ملؤه الندم ، مبتعداً عن الشطآن التي شهدت ولادتي ، متوجهاً بكل أمل نحو شطآن مجهولة سوف ترسو عليها الأجيال القادمة ... " . ( من المقدمة الوصية )
 
" مذكرات ما وراء اللحد " هي سيرة حياة شاتوبريان والتي تبدأ بمرحلة الطفولة ، لكنها تبدو متجهة منذ بدايتها نحو الكهولة يربط بينها خيط زمني يمتد بها من المهد إلى اللحد وكأن الموت هو وجهتها الوحيدة . وهذا المصير الشخصي لشاتوبريان الذي لا يمكن فصله في المذكرات عن مصير فرنسا والعالم المنخرط آنذاك في رحلة عبور خطرة وذلك منذ العام 1789 تاريخ اندلاع الثورة الفرنسية . كنا قد تركنا شطآن العالم القديم حيث كانت تسود قناعات إيمانية رزينة وثابتة يسير فيها الزمن ببطء وحذر نحو شطآن مجهولة لعهد الثورة . فكيف نعبر بلغة أدبية عن هذه التحولات وهذه القطيعة التاريخية ?
 
كان على شاتوبريان أن يتقمص هذه التحولات في حياته الشخصية وأن يعطيها طابع الرمز . ضمن هذا التوجه ، كان عليه أن يكتشف في قلب تجربته الخاصة بنية قادرة على الإبحار به إلى عمق هذه التجربة ، بنية صالحة للجميع تمكنه من " العبور " في هذه " الرحلة " التي كان يعيشها كأنها كارثة طوفان نوح وكأن العالم يعاد خلقه من جديد .... وكما فعل نوح ، فإن شاتوبريان سيحاول بأن يحمل معه إلى العالم الجديد ما أمكن إنقاذه من العالم البائد نحو مستقبل من التآخي بين الإثنين . وكما نبي التوراة ، موسى عليه السلام ، يبدأ رحلة عبوره نحو الأرض الموعودة التي لن يراها أبداً لكن يلمحها ، ويحييها من بعيد .
 
كان شاتوبريان يعيش في عالمه الخاص الذي تقمصه في داخله فأعطى لحياته طابع الأسطورة . فهو كان قد غادر سان - مالو ( الغرب الفرنسي على شاطىء الأطلسي ) مهد طفولته المستقرة في عهد الملكية ، ليؤسس ، كما أبطال الأساطير الأغريقية ، أو كما كريستوف كولومبس ، على نهر السين في باريس ، بعد الثورة ، " المدينة الجديدة " . وكما بطل طروادة ، كاد يحيد عن مهمته بسبب مغامراته العاطفية ، وكان عليه أيضاً مجابهة ما أثاره في نفسه إرهاب الثورة من خوف وانفعالات ....... لكننا نلمح في كل مكان معاناة إنسان يحدث نفسه ، فيشرد فكره من مكان لآخر ، ومن ذكرى لأخرى ، بحيث لا يبدو بنيته تأليف كتاب ، بل كأنه يحاول فقط الإمساك بدفتر مذكرات يومي يدون فيه مغامرات فكره ، ويكون سجلاً لعاطفته وآرائه . غير هذه الفوضى الظاهرة والمهيمنة التي تبرز دواخل الإنسان هي تعبير عن الألم ، وهي لا تخلو من السحر وهي تذكرني بما قاله نيتشه وذكرته في مقالة سابقة : " لولا أنك تحوي جحيم الفوضى والعدم ، لما أتيت بالنجمة التي تتراقص " .
 
 

5 - سبتمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
مارينا تسفيتاييفا : الكبرياء والحياء    كن أول من يقيّم

 
ترجمة واعداد ابراهيم استنبولي :
 
ولدت الشاعرة الروسية مارينا ايفانوفنا تسفيتاييفا في 8 تشرين أول من عام 1892 في موسكوفي عائلة البروفيسور في جامعة موسكوومؤسس متحف الفنون الجميلة في العاصمة الروسي ايفان تسفيتاييف، والدتها ـ م. أ. ماين، عازفة بيانومن أصول بولونية وألمانية( توفيت عام 1906). وبسبب مرض والدتها بالسل كانت تسفيتاييفا مضطرة لقضاء فترة طويلة من طفولتها في إيطاليا، سويسرا وألمانيا. كانت تسفيتاييفا تتحدث اللغتين الفرنسية والألمانية بطلاقة.

عام 1922 تسفيتاييفا تلحق بزوجها سيرغي أيفرون لتبدأ مرحلة الشتات في حياتها: برلين، براغ، باريس.. وقد عاشت هناك فقيرة لدرجة اضطرت أن تطلب يوماً من صديقتها التشيكية آنا تيسكوفا أن ترسل لها فستاناً لائقاً إلى باريس من أجل حضور سهرة أدبية!.

وقد تميزت فترة إقامتها في الخارج بعلاقة متوترة مع المهاجرين الروس، حيث كان للسادة النقاد في المهجر موقف عدائي تجاه أفضل إبداعها الشعري ومنه آخر مجموعاتها وهي على قيد الحياة ?بعد روسيا? 1922 ـ ,1928 ,1925 وكذلك ?قصيدة الجبل? و?قصيدة النهاية? .1926 ومن ثم تراجيديا حول موضوعات قديمة ـ ?أريادنا? ,1927 والتي تم نشرها تحت عنوان ?تيسيوس2? و?فيدرا?.

نهاية الدرب

عام ,1937 وبعد أن أصبح جاسوساً للمخابرات السوفياتية طمعاً في العودة إلى الاتحاد السوفياتي، هرب سيرغي أيفرون من باريس إلى موسكو، تلاحقه تهمة التورط في عملية اغتيال سياسي. بعد زوجها وابنتها اريادنا ( آلّي) عادت مارينا تسفيتاييفا عام 1939 إلى الوطن مع ابنها غيورغي (مور) حيث كان ينتظرها مصير مرير. إذ رغم أنهم لم يعتقلوا مارينا تسفيتاييفا ولم يقوموا بقتلها، إلا أنهم قاموا بإذاقتها أقسى أنواع العذاب النفسي.. ففي نفس عام 1939 تم اعتقال كل من الزوج والابنة. ليتم إعدام س. أيفرون في عام ,1941 ولتمضي ابنتها أريادنا 15 سنة من الاضطهاد قبل أن تتم إعادة الاعتبار إليها عام .1955 أما مارينا تسفيتاييفا ذاتها فلم تتمكن من إيجاد لا بيت ولا عمل، ولم يسمح بطباعة أشعارها.

... ثم جاءت الحرب الوطنية العظمى. وعندما جاء بوريس باسترناك ( شاعر وأديب روسي صاحب رواية دكتور زيفاغو ) ليودِّع مارينا تسفيتاييفا قبل سفرها في رحلة الإخلاء فقد قدم لها ذلك الحبل ? الغامض?: حاولت تسفيتاييفا أن تعمل في غسل الصحون في مطعم بيت الأدباء في مدينة تشيستوبِل حيث انتهت رحلة إجلائها.. لكن مجلس زوجات الأدباء رفض ذلك خشية أن تكون.. جاسوسة ألمانية. ثم سافرت إلى إيلابوغ، حيث راحت تغسل.. ثياب الشرطي المحلي!

ولما بلغ الشعور بالمهانة حداً لا يطاق ?اكتشفت? تسفيتاييفا على الأرجح سرّ الحبل الذي أعطاها إياه باسترناك. فانتحرت شنقاً بمساعدته لتفك بذلك لغزه التراجيدي.

دفنت تسفيتاييفا في مقبرة مدينة إيلابوغ في تتارستان في 2 أيلول من عام ,.1941 :
 
الكبرياء والحياء
 
الكبرياء والحياء ـ أختان توأمان،
من المهد، بوفاق، نهضتا.
? القِ الجبين إلى الوراء ! ? ـ أوصتِ الكبرياء.
? غُضِّ الطرفَ ? ـ هَمَسَ الحياء.
هكذا أنا أعيش ـ
خافضةً العينين.
مُلقيةً للخلف الجبين ـ حَياءٌ وكبرياء.

 
عن السفير الثقافي بتاريخ 24/ 08 / 2007

 

6 - سبتمبر - 2007
من روائع الشعر العالمى
مارينا تسفيتاييفا : بلا عنوان    كن أول من يقيّم

 
ترجمة ابراهيم استنبولي
 
بلا عنوان

واحد من أسلافي كان ـ عازف كمان،
خيّالاً ولصاً مع ذلك.
أليس لهذا طبعي يميل للتشرد
وشعري يفوح برائحة الريح?


أليس هو، الأسمر، يسرق المشمشَ
بيدي ـ عن العربات،
المسؤول عن مصيري الملتهب،
أجعدُ الشعر وأنفه معقوف?


وهو ينظر إلى الفلاح وراء المحراث،
راح يفتل العلّيق في فمه.
لقد كان رفيقاً سيئاً، حاذقاً
ورقيقاً كان العشيق!
هاوي الغليون، القمر والخرز،
وجميع الجارات الشابات...
ويبدو لي أنه كان ـ جباناً،
ذاك السلف ـ اصفر العينين.
أنه، وقد باع روحه بفلسٍ للشيطان،

لم يمشِ في منتصف الليل إلى المقبرة.
ويبدو لي أيضا، أنه كان
يحمل سكيناً في رقبة الحذاء،
وأنه قفز، أكثر من مرة،
من خلف الزاوية ـ كما القطة بخفة...
ولسبب ما أنا فهمتُ
أنه لم يكن ـ يعزف على الكمان!

وأن كل شيء كان بالنسبة له بخساً،
كما الثلج في العام الفائت ـ صيفاً!
لقد كان سلفي مثل هذا عازف كمان.
هكذا ـ أنا أصبحت شاعرة.
عن السفير الثقافي بتاريخ 24 / 08 / 2007
 

6 - سبتمبر - 2007
من روائع الشعر العالمى
دهشتي الأولى    كن أول من يقيّم

 
كنت عشت دهشتي هذه يا أستاذ زهير عند استلامي لأول رسالة وصلتني من لمياء ، وكنت قد عبرت عنها في الافتتاحية التي قدمت بها لملف " رسالة الخنساء " ، لذلك ، لم أتريث ولم أتردد لحظة واحدة في دفعها إليكم ، ألقيت بها إلى البحر ، على طريقة الغجر ، لأنني لمحت في كتابتها صورة الإنسان القادر على النظر إلى عالمه الداخلي ، القادر على رؤيته وتشريحه ، وهذه لوحدها شجاعة ، والقادر على إعادة رسمه  والتعبير عنه بصور واستعارات ودقة لفظية مذهلة لصبية لم تبلغ الخامسة عشرة من عمرها ولا تمتلك من التجارب الوجدانية سوى إرهاصات طفولة ومراهقة لم تودعها بعد . 
 
أما أوزان الشعر فأنا لا أعلم عنها الكثير ، وهذا الميزان خاص بك أستاذي ولا أستطيع الحكم عليه ، إنما يسعدني جداً أن أعلم بأن لمياء قد تمكنت من اجتياز إمتحانك الصعب ، وأنها قد تعلقت اليوم بخشبة البحر الوافر ، وأنها ستتمكن من السباحة في بحور الشعر منذ اليوم فصاعداً ، وأنا أحسدها على هذا وأتمنى لها المزيد من التألق والنجاح .

7 - سبتمبر - 2007
إن جازت تسميته شعرا
ترجمة فقرة من مذكرات ما وراء اللحد ل( Chateaubriand( 3    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
مرأى باريس في العام 1789 - 1790
 
إن أفضل صورة أستطيع رسمها للمجتمع في العام 1789 - 1790 هي مقارنته بالهندسة المعمارية التي سادت في عصر لويس الثاني عشر وفرنسوا الأول(1)  حيث كان الطابع اليوناني يمتزج بالفن القوطي ، أو مقارنته بموقع أثري تتزاحم فيه بقايا قبور تنتمي إلى كل العصور وتمتزج بفوضى بعد الحوادث الرهيبة التي وقعت في دير الأوغسطين (2) : إنما الفرق هو أن هذه البقايا الرثة التي أتحدث عنها كانت حية وفي حركة مستمرة . في كل زاوية من باريس ، كانت هناك  لقاءات أدبية ، تجمعات سياسية ، وعروض مسرحية . وكان هؤلاء الذين سوف يشتهرون فيما بعد يهيمون وسط حشود الجماهير ودون أن يعرفهم أحد كأنهم الأرواح المتشردة بالقرب من نهر لاتيه (3) قبل أن تنعم بإشراقة الأنوار عليها . رأيت المارشال جوفيون سان - سير يؤدي دوراً على خشبة مسرح " الماريه " في مسرحية " الأمهات الخاطئات " من تأليف بومارشيه . كانوا يتنقلون من نادي " الفويان " ( Feuillants ) إلى نادي " اليعقوبيين " ( Jacobins ) ، من الحفلات الراقصة وملاهي القمار إلى جماعة " القصر الملكي " (4) ومن منصة المجلس النيابي إلى منصة أخرى منصوبة في الهواء الطلق  . في الشوارع ، كانت تغدو جيئة وذهاباً لجان جماهيرية ، وحدات من الخيالة ، دوريات للمشاة . بالقرب من رجل يرتدي الزي الفرنسي ، رأسه مليئة بالغبار ، يحمل على خصره سيفاً ، قبعته تحت إبطه ، وينتعل حذاء لامعاً وجوارب من حرير ، يمشي رجل شعره مقصوص ولا أثر عليه للغبار ، يرتدي البدلة الإنكليزية مع ربطة عنق أميركية . في المسرح ، كان الممثلون يذيعون الأخبار ، الجالسون في صالون القاعة كانوا ينشدون الأناشيد الوطنية . والمسرحيات التي كانت تكتب من وحي المناسبات كانت تجتذب إليها الجمهور : عندما كان يظهر القسيس على خشبة المسرح ، كان الجمهور يهتف به : " منافق ، منافق ! " فيجيب القسيس : " سيداتي ، سادتي ، فلتحيا الأمة .... " .
 
كان الإسكافي يأخذ قياس حذائك على ركبتيه ، مرتدياً زي ضابط من الحرس الوطني . الراهب الذي تراه يجر ثوبه الطويل الأبيض أو الأسود في أيام الجمعة ، ستراه في يوم الأحد مرتدياً الثوب البرجوازي والقبعة المستديرة . القسيس الحليق الرأس ، يقرأ جريدة أخبار الملاهي الليلية . وفي إحدي الحلقات ، وسط نساء قد فقدن عقولهن ، ترى خنثى أو ربما راهبة جالسة وقد بدت على وجهها ملامح الخطورة لأنه قد تم طردها مؤخراً من الدير  . وفي الأديرة التي قد تم فتحها للناس كانت الغوغاء تتزاحم للزيارة كما يفعل السياح الذين شاهدتهم يتجولون في قاعات قصر الحمراء الخالية أو كما يفعل أولئك الذين كانوا يتوقفون أمام أعمدة معبد سيبيلا في تيفولي .
 
عن الباقي ، كان هناك تلك القوة التي كنت أتبارز معها وتغالبني والحب . صداقات سجن أو أخوة سياسة . مواعيد غامضة بين الأنقاض  وتحت سماء صافية وسط هدوء الطبيعة وشاعريتها . نزهات متباعدة ، صامته ووحيدة ، تختلط بتلك الوعود الأبدية ، وذلك الحنان الذي لا يوصف ولا أستطيع تحديده ، على وقع قرقعات صاخبة لعالم كان يهرب ، وعلى الضجيج البعيد لمجتمع يتهاوى ويهدد بسقوطه كل تلك الغبطة المرهونة بمصير الحدث .
 
 
(1) بداية عصر النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر التي أعقبت فترة ما يسمى بالقرون الوسطى .
  تقع حالياً في شارع بونابرت في الدائرة الرابعة من باريس وحصلت فيها مجازر رهيبة في تلك الفترة
les cloitres des petits August (2)     ins
 (3) Léthé هونهر النسيان الذي تهيم بقربه أرواح الموتى بحسب الأساطير اليونانية .
(4)  palais - Royal وهي المنطقة التي كانت مركزاً لتجمعات اللجان السياسية حيث كانت تقال الخطب الثورية الحماسية . والفويان واليعقوبيون هي أحزاب سياسية من إفرازات الثورة .

9 - سبتمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
كل الشكر للأستاذ هشام    كن أول من يقيّم

كل الشكر لك أستاذ هشام ومرحباً بعودتك إلى المجالس .
 
سوف تستغرب أوجه الشبه العديدة والمدهشة أحياناً بين الفترة التي عاش فيها شاتوبريان وعصرنا الحالي وهو السبب الذي دفعني إلى الخوض في هذا الموضوع لأنني أجد في هذا النوع من المقارنات ما يساعد على الفهم وتقريب وجهات النظر التي تبدو شديدة التباعد لو نظرنا إليها على المدى القريب والمباشر ، غير أننا لو ابتعدنا عنها المسافة الكافية ، كما لو أننا كنا نعيش في عصر شاتوبريان ، فستبدو لنا أوجه التشابه جلية واضحة ، وسيمكننا ذلك من فهم آلية التغير الاجتماعي رغم اختلاف عناصره ، وسيساعدنا ذلك على فهم طبيعة البشر ، والشعراء الذين ينتمي إليهم شاتوبريان لأنهم مرآة لعصرهم ، ولأنهم نموذج للإنسان العالمي الخالد الذي يستعصي على التصنيف .

9 - سبتمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
القارىء المجهول    كن أول من يقيّم

أتوجه بالتحية إلى الصديقتين أمال وإبتسام وأشكرهما على تعليقيهما نظراً لمعرفتي بأهمية دور القارىء الذي يثمن عملك بوحي من قراءته المتعطشة إلى نص حقيقي في ظل الغياب الكامل للنقد الأدبي والسيطرة الرهيبة لوسائل الإعلام التي لا تروج إلا للسطحي والمبتذل . القارىء الجيد وحده يستطيع إنقاذ الكاتب والكتابة من هذا البؤس الثقافي الذي نعيشه وينقذه من الكسل والتراخي والاستسلام للجهل والخفة السائدة في تقييم النصوص ومبدعيها ويبارك عمله بوحي من ذائقته التي هذبها بمجهوده الخاص ، وروحه التواقة إلى الجمال .

11 - سبتمبر - 2007
رسالة الخنساء
 41  42  43  44  45