البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 40  41  42  43  44 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
رسالة الولهان لفراق الخلان : ( 3 )    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
الفصل الثاني
آلام الفــراق
 
 

  أتعلم يا فراق كم أوجعتني، كم آلمتني وآذيتني، كم هززتني وعذبتني ولم  يكن ذنبي إلا أني أحببت ، وما يدريك وأنت الذي أهديتني مفتاحا وسلبتني ما ورائي من أغوار، ولو أنك تعاني كما جعلتني أعاني  لعرفت مقدار ما يحرقني من ذكرى ومن نسمات، قد تحسبها منعشة ومن ذا الذي يريك  أنها صارت الآن  الإعصار.  ولولا أنني ذقت حلاوة أني أحببت، وصفو ما أملت لقلت خسئ الحب ومن يحب فألم الفراق ينسيك ما سبرت وكل ما عرفت ووجدت ، وحتى إن أنت صبرت.. فمن ذا الذي ينجيك ويعتقك ?من سجن كان الجنة ومن قلب اشتاق وحنّ ومن أنين كالجرس رنّ ، وما بإمكانك إلا أن تكون مجيبا لنداء ما أحببته من نداء ومن داء لا ريب له دواء ،غير أن حمى المعاناة ووطأة الألم أشد من أن تداوى وتنسى، فأي دواء هذا الذي يشفيك فلا شيء لألم الفراق ينسيك.

 

  وحتى إن كنت أنت الذي عانقتني فعصرتني وحطمتني، أنت الذي لاقيتني وما أرجو لقاءك ، فرغم أنك خنقتني فطوقتني وأسرتني فأطلقتني فإني سأصدقك متى أراك، فقط لأني أعلم ما معنى أن تجد في الكون من يراك حتى وإن كنت أصغر المخلوقات، وفي المجرة من يجيبك فلا ينساك   وفي العالم من يهتم لأساك ولصبحك وضحاك ، وفقط لأنني أخبرني العندليب أني لا ريب سأعانيك فلن أخشاك، وحتى في همس الأزهار رأيت العواصف في نجواك، فإن كنت آت فلن أردك وسأحياك، لكني سأعلمك أن ما ستأخذ سيبقى عندي موجودًا، وأنك لن تسلب شيئا بل ستزيد عزيمتي وقودا، فلا تكن في حمل ما تحمله شرودا فإنه غال علي وإنك لن تنفرد به فهو لدي، حفرته الأيام في ذهني ونقشته في ذاكرتي ونحتته في صميمي فلن أنساه.  فإن كنت قاسيا فلا بأس إن تقسو، وإن كنت صلبا فزد صلابة إن شئت لأن ما تريد انتزاعه مني وانتزاعي منه سيبقى حيث هو ولن تسلبه ولن ترميه، ولأني دوما سأحكيه ولأن الأيام لا ريب ستُحييه .

فقط كن رفيقا بمن حب وكن لينا مع من احترمت، ودم حنونا كلما تذكرت أني هنا ترعرعت.

 

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

8 - يوليو - 2007
رسالة الخنساء
رسالة الولهان لفراق الخلان : ( 4 )    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

الفصل الثالث
تسليم بالقضاء
 

    أتدرون ما الشيء الجميل الذي وجدته هنا??  إنه الإخلاص ،فكل شخص يؤدي مهمته هنا بإخلاص، بتفان وثبات والتزام وحتى الزمان..لم ينس أن يمر ولم يسه عن مهامه، ولم يقصر فقد مر وأخذ معه ما أخذ وجلب ما جلب ثم انتهى إلى أمد غير معلوم، فهذا الوقت وهذه الثواني مرّت وستمر وسوف تمر كل حين ،غير أنها لن تعود ، وأخاف أن تأخذ معها كل ما أحب ومن أحب وكل ما عشت وما سأعيش..

    فلولا أني لا أملك عليه نفوذا وحتى إن ملكته فإني لا أستطيع التوقف الآن،لظللت ولبقيت في حضنكم الدافئ، وفي رحابكم الواسع إلا أنه سيفوت الأوان، فإن لم ترغمني الحياة فسترغمني الآمال والطموحات الكبيرة، وإن لم تجبرني على الرحيل فلا أظن أن يدها قصيرة، ولكم عبثت بنا أيدي الزمان، وأذاقتنا المرارة والأحزان ،وعذبتنا وسلبت منا الجمان إلا أنها هذه المرة لن تسلب شيئا لأني بالرغم من أني سأرحل وسأكون في مكان غير هذا في المستقبل، إلا أني سأبقى ما بقي ذاك العلم مرفرفا وتلك النفوس طيبة وتلك الحمامات زائرة ولاثمة الأجواء، وما دام هنالك شخص في أيام الصقيع، يتفحص السماء، ليرى القمر معلقا في الفضاء، وليرى المسجد لا يزال مشعا بالضياء وسط ظلمة وزمهرير وليلامس ما لمسته من حرير فنعمت في كنفه زمنا ليس باليسير.

 

    فلقد علمت الآن ماهية أن يكون للمرء مكان ينتمي إليه، وجو ألفه وسيحن إليه، وأهم من هذا كله أناسا علموه أن يحيى وأن يكون جزءا من كون ظنّه جفاه بينما حنا عليه وأعطاه ما فاق الجوزاء بعلاه.

   ولقد شهدت كما لم اشهد يومًا ألمًا لا يزال يشتد للفراق، وعذابا كان في الآن ذاته حلاوة اللحظات التي عشتها معكم وأتمنى أني لا خيبت ظنّكم ولا خذلتكم .

  وإني لأحس الآن من عمري كم تمضي ثواني وحتى الأجزاء، تمر علي فتطرق بابي ولا تودعني بل ترميني بسهم وتأخذ نفسا وتمر ببابي وأخرى، تمضي حتى تحين ساعة الفراق، وأحسها في كل مرة وهي تفارق أعماقي بعد أن اختزنتها فلا تستقر ولا تستمر إلا في ذهاب إلى مكان بعيد، وحتى و أنا أكتب لا تزال تودعني بوقع خفيف كدبيب النمل تفارقني وكانت كل يوم في فراق إلا أنها في هذه المرة لن تأخذ روحي ولا قطعة منها وإنما ستأخذ ما هو ثمين وليس يعود، ستمر وتعصف بي وبكوني وتسرق مني من كان بعوني، ولكنها هي الحياة، ولولا أن أمامي، تنادين طموحاتي وأحلامي، وبصوت هامس تقول أيامي، أن لا جدوى من البقاء فقد حان موعد الرحيل لبقيت، إلا أني لسبب ليس يخفى أحس أن الوداع كل يوم يثقل، لكني الآن سلمت به فلن يغفل ويتركني هنا، إلا أني الآن على يقين وفخر أني عشت سنين في حضن دافئ وفي فضاء واسع وأنا الآن سأمضي قدما، لأحقق حلما لن ينسيني يوما إلى أين انتميت وأين ترعرعت وحييت وعرفت معنى أن أكون وسط من أحب .

  

 فلأني الآن راضية مسلمة أمري لله، مفوضة إليه كل ما أجد فهذا لن  يمنعني من قول كلمة أخيرة، كلمة عرفان صغيرة، لشخصيات كبيرة جعلت المكان يبدو أكبر مما هو عليه ، فكوني سأغادر لا يعني أني سأرحل لأني سأعود وسأحيي دائما في تلك الكتب دفينة الصفحات، وسجينة العبارات لأني سأكون من بين تلك الكلمات التي خُطت أيامي بها، ورغم أني سأكون في غير هذا المكان، إلا أني سأكون دوما مع كل عطاء وكل ثناء، وسأكون بين أيديكم متى لقيتم الجفاء، لأني أدين لكل من علمني حرفا وزرع في شعورا وقدم لي قيمة يقوم عليها الوجود، فبكل احترامٍ وكل انكساٍر سأتركك يا رياضي البديع ويا فضائي الوسيع ويا سراج دربي المضير وقمر ليلي المنير ،لأعود يوما قد لا يبعد لأن حنيني سيحملني كل يوم إلى هنا مع النسمات .

مع أسمى عبارات الشكر والتقدير والاحترام         

 
 

8 - يوليو - 2007
رسالة الخنساء
كسبو تحلم    كن أول من يقيّم

 
لم أتمكن من مشاهدة السدر على الروابط التي أتيت بها مولانا  ، وشكراً لك هذه التصويبات .
 
أنقل لكم في هذه المشاركة مقطعاً آخراً من رواية " الريش " لسليم بركات يروي فيه حلماً طريفاً عاشته كسبو مربية النحل ، فيه الكثير من الخيال الذي يحاول بأن ينفذ إلى عمق الأشياء بطريقة تبدو غريبة أحياناً ، إلا أن الحلم يعود ليختلط فجأة بالواقع ، الذي يحاول بأن ينفلت من أيدينا بمكر ودهاء .... غير أن كسبو لم تستغرق في الحلم ، ولم تستلم لألاعيبه ، وعرفت كيف تلحق بنحلاتها لتمسك بها قبل أن تهرب منها :
 
هدوء راكد غطى غرفة العائلة المسدلة الستائر على شبابيكها لعزل هواء الداخل عن وهج الخارج . أما الساحة ، في ما وراء باب تلك الغرفة غير الموصد ، فكان لها شأن آخر تحت مراوح القيظ الثقيلة . حتى أن شجرتي الكينا الضخمتين تهدلتا ، وتزاحمت العصافير على الأركان الظليلة بين أوراقها متوعدة . وفي الجهة الشمالية من الساحة ، كان لحقل كسبو وضع قلق ، فما تكاد زهرة أن تنام حتى تفيق مجفلة . فالنحل ـ بما في طبعه من بِدَع ، وقيافة للعبث ، ـ يؤثر أن يدحرج الزهر النعسان إلى الهاوية المفتوحة كقرص عسل . فكلما زيَّن القيظ شهوته ، وأسال سراباً من  " مخاط الشيطان " ، تأجج النحل ، وبات على مزاج يرى معه الزهر صفاقة نباتية ، فيلقي مواعظ من طنين ، مبشراً بقيامة كل ما فيها غمام ، وكواكب صغيرة من شمع تدور على إهليلجها قفران شفيفة . ولا يسع زهور كسبو إلا أن تسمع ، بحكمة قدرية ، ما يفصله النحل من خطبته وما لا يفصله ، مضحية كل ظهيرة ـ على مضض ـ بقيلولتها التي ستبقى مفقودة إلى الأبد ، ما دامت الأزاهر تترعرع في الفصول ذاتها التي تكتمل للنحل فصاحته المصنفة للكون تصانيف ستة ، مثل شكل الخلية في قرص الشمع . لكن ، لو قدر لكسبو أن تلتقط ، في فراغ ما من الفراغات الرطبة في قيلولتها ، شكوى الحقل ، لأفاقت مشفقة ، وخرجت متجهة إلى كوخ النحل وهي تضيق ما بين أجفانها اتقاء وهج الساحة ، ولوقفت بعد ذلك في مواجهة القفران مطوقة خصرها بيديها : " ألا تستحين يا نحلات ? " .
 
يقيناً ، لن يتنصل النحل من أنه يعبث براحة أزهار كسبو ، لكنه سيحاول تبرير ذلك ، مدفوعاً بشهوته إلى الجدال كلما ازداد القيظ : " أنتِ ترين ـ يا سيدة كسبو ـ أن أزاهيرك لم تعد صريحة " . وسترد كسبو : " بل أرى أنهن صريحات . حقلي كله صريح " . وسيتأفف النحل قليلاً من جوابها ، قائلاً : " لسن صريحات ، هذا الصيف ، يا سيدة كسبو " . وستقاطع المرأة نحلها : " وما الذي ينبغي على أزاهيري أن يصرحن به ، أيها النحل ? " ، وسيرد النحل : " اسأليهن " . لكن كسبو ستحتد قليلاً : " إنني أسألك أنت ، أيها النحل " . إذ ذاك ، سيحوم النحل في طيران دائري ، بعضه خلف بعض ، يشحذ فكرته ويصقلها :
 
النحل : " ما الذي تظنين أننا نجمعه من حقلك ? " .
كسبو : " الهواء " .
النحل : " لا . ما نجمع هو فكرتنا " .
كسبو : " الهواء فكرتكم ، إذاً ? ! " .
النحل : " نعم يا سيدة كسبو ، ونحن لا نجمع الهواء ، بل ... " .
كسبو : " أظنك تجمع القنبيط ... " .
النحل : " ليس هناك من قنبيط في حقلك ، يا سيدة كسبو " .
كسبو : " وما الذي تجمع ، أيها النحل ، غير العسل ? " .
النحل : " يا سيدة كسبو ، نحن لا نمزح " .
كسبو : " لم أعرف أن نحلي مهرج إلى هذا الحد " .
النحل : " حقلك هو المهرج ، يا سيدة كسبو " .
كسبو : " فلنضع حداً لهذا . ما الذي تجمعه ، إذاً ، أيها النحل ? " .
النحل : " أجمع صورتك المتناثرة " .
كسبو : " صورتي أنا ? " .
النحل : " نعم " .
كسبو : " وممن تجمع صورتي المتناثرة ? " .
النحل : " من خيال أزاهيرك " .
كسبو : " لا داعي لجمعها ، فلتبق صورتي في خيال أزاهيري " .
النحل : " لن تتعرفي على نفسك بعد الآن ، يا سيدة كسبو " .
 
وستتلفت كسبو إلى أزاهيرها ، بادية البرم من وقفتها أمام قفران النحل ، صارخة من مكانها ذاك : " ما الذي تعتقدين أن نحلي يريد قوله أيتها الأزاهير ? " . وسترتفع صرخة الحقل ، من الجهة الشمالية لساحة الدار : " انتبهي ، إن نحلك يهرب يا سيدة كسبو " .
 
كانت كسبو غارقة في قيلولتها الساخنة حين جاءها صوت حقلها من أعماق حلم مشوش ، فيه الكثير من الطنين ، فاستوت قاعدة ، ثم مطت عنقها صوب باب المطبخ الموارب تصغي ، فعرفت أن ملكة جديدة هربت بأتباعها من النحل ، فهرعت حافية إلى الساحة لترى عنقوداً ضخماً من حشراتها الدؤوبة يتدلى من غصن مقصوص في إحدى شجرتي الكينا .
 
لم تضيع كسبو ثانية واحدة ، إذ جاءت بقفير طيني معد سلفاً لمهمته ، ثم لفت يدها اليمنى بغطاء رأسها وأنزلت النحل ، حفنة حفنة ، إلى القفير من فوهته الخلفية . ولما جمعت العنقود الحشري كله في منزله الجديد ، وضعت على الفوهة غطاء دائرياً من طين أيضاً ، وأسندت القفير ـ واقفاً ـ إلى جذع الشجرة ، لتهرول فتأتي بإبريق ماء فتجبل طيناً من تراب الساحة وتلحم به الغطاء إلى جسم القفير . ثم تركته هناك ريثما يجف ، لتضعه ، بعدئذ ، فوق الصف العلوي من هرم قفرانها .
 
 

9 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
فيروز تحمل لبنان إلى أرض اليونان    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

لقاء أسطوري على مسرح ?هيرود أتيكوس? التاريخي
ليلـة فيـروز مـلأت أثينـا
فيروز في امسية اثينا
جانب من المشاهدين في المدرجات
اسكندر حبش :
أثينا :

نظرت إليّ الشابة الكويتية، الجالسة أمامي، بكثير من الاستغراب حين قلت لها مازحاً بأني لا أحبّ فيروز. نظرة لا تنم عن شيء، إلا عن هذه الرغبة في أن تكسر شيئاً على رأسي على سبيل المثال، أو في أن تقول لي إنني جاهل لا أفهم شيئاً. وحين سألتها هل هي تقيم هنا، في أثينا، أجابت: لا، بل هي أتت خصيصاً من الكويت لتحضر هذه الحفلة. ربما فهمت استغرابها الكبير في تلك اللحظة. فهمت هذه المشقة الكبيرة التي تحملتها مع أخواتها للمجيء من أجل ألا تفوت عليها رؤية فيروز وسماعها. أدركتْ مدى ترددي، فأضافت سائلة عن سبب مجيئي إن لم أكن أحب هذه الفنانة الكبيرة، إذ لا يعقل ألا يحب المرء فيروز. قررت أن أستمر في اللعبة لأضيف أن ظروف تواجدي هذه الأيام في أثينا دفعتني إلى الحضور مع بعض الأصدقاء اليونانيين الذين يحبونها ويعشقون صوتها. لم يكن في ابتسامتها سوى تأكيد آخر على جهلي، إذ من غير المعقول أن يحبها اليونانيون بينما أنا لا أبالي بالأمر. استدارت لتستعد للمشاهدة تاركة إياي مع هذه الأفكار التي لم تفهمها.
لم يكن بعض أهل الكويت وحدهم الذين جاؤوا لحضور هذا الحفل (مساء السبت أول من أمس)، بل ثمة الكثير من أهالي الجنسيات الأخرى ـ الواضحة المعالم ـ جاؤوا ليحضروا. الكثير من العرب، من الأوروبيين ذوي اللغات المختلفة. الكثير من اليونانيين بطبيعة الحال، واللبنانيين المقيمين في أثينا، كما العديد من اللبنانيين المقيمين في أوروبا الذي قرروا المجيء. بالتأكيد لم يكن هناك أي حنين أبله دفع بهم لتذكر الوطن السعيد الذي غادروه منذ سنين. فقط جاؤوا لرؤية هذه القامة الوارفة التي تظلل الجميع. ففيروز هي بالتأكيد هذا اللبنان الآخر الذي لم يتوقف أحد عن التفكير فيه، عن حبه، عن نسجه في مخيلته إزاء كل ما يحصل. بمعنى آخر، بقيت فيروز هذا الوطن الطاهر الذي ارتفع فوق الجميع ليشيد قصة خرافية، حكاية أسطورية، لا يمكن لأحد أن يتخطاها. بالأحرى، أصبحت جزءاً من حياة لا تستقيم من دون أن تكون للمشهد الفيروزي حصته الكبيرة في هذا الفضاء الذي نتحرك ضمن نطاقه. هو أيضاً هذا الهواء النقي الذي يخبرنا كم أن الأشياء الجميلة لا تزال ممكنة، إن أردنا ذلك بالطبع.
 
?الديفا الأخيرة?

هل هذا ما أراده هذا الحشد المجتمع، في هذه الليلة الفيروزية، التي لا تشبه في واقع الأمر إلا الليالي الفيروزية الأخرى? كل شيء، ومنذ البداية، كان يخبرنا بذلك. حتى قبل الحفل بأيام طويلة، إذ كان من الصعب ألا يمرّ يوم، من دون أن تقرأ في صحيفة يونانية، مقالة عن فيروز وعن مكانتها الكبيرة في المشهد الفني والثقافي العالمي. عديدة هي الصفات التي أطلقت. وعديدة أيضاً كانت التحليلات التي قدمت مقاربات متنوعة لفنها ولصوتها، بدءاً من أنها تجمع الشرق والغرب في كلمة واحدة (مثلما قال عنها كبير الفنانين اليونانيين هازيتاكيس، والذي يعد اليوم خليفة ثيودوراكيس، في مقابلة معه) وصولاً إلى أنها آخر ?ديفا? حية، مروراً بكونها هذا الرمز الذي لا يمكن تغييبه.
ربما لأنها آخر ?ديفا? حية، دعاها مهرجان أثينا ـ الذي أصبح في العاشرة من عمره ـ لأن تكون إحدى ركائزه هذا العام. ليس ذلك فقط، بل يضاف أن فيروز هي أول فنان عربي يعتلي مسرح ?هيرود أتيكوس? التاريخي، الذي يشكل معلماً ثقافياً من معالم اليونان. مسرح روماني في الهواء الطلق، (على طريقة المسارح الرومانية المعروفة)، يقع عند أسفل معبد الأكروبول اليوناني. حتى المكان كان يجمع حضارتين في طيّاته، لتُضاف إليه حضارة ثالثة، أخرى، ذات سمة عربية. لم تسمع أعمدة المسرح كلمات عربية من قبل. إنها المرة الأولى. ولا شك ستبقى الكلمات والأغاني والألحان محفورة لزمن طويل، بين الأعمدة والهياكل، إذ من الصعب أن يأتي شخص آخر ليحتل هذه المساحة. أقصد أن اليونانيين يحترمون (إن لم نقل يقدسون) مكانهم هذا ولا يسمحون لأي شخص أن يعتليه، من هنا قوة الرمز ـ بالنسبة إلى أهل هذه البلاد ـ في أن تكون فيروز أول فنان عربي يقف بين أركان هذه المساحة التي تخبر عن تاريخ كامل، لا يزال صداه يتردد في الأرجاء.

لكن، ومع ذلك كله، ثمة تعليقات لافتة، كتبتها الصحف اليونانية، قبل يوم الحفل، لا بدّ أن تستوقف، إذ قالت إن حفل فيروز هذا، هو آخر حفل ستقدمه الفنانة في مسيرتها، لأنها قررت اعتزال الظهور على المسرح، وأضافت أن الفنانة الكبيرة كانت قد تلقت عروضاً للمشاركة في عدد من المهرجانات العالمية هذا العام، لكنها رفضتها كلها كي تأتي إلى هنا. من الصعب التأكيد على أخبار مماثلة، كذلك من الصعب عدم التفكير في ألا تكون هذه الأقاويل نوعاً من ?دعاية? لجلب العدد الأكبر من المتفرجين. لكن مهما يكن من أمر، إنها المرة الأولى أيضاً التي تمتلئ فيه مدرجات مسرح ?هيرود أتيكوس? حتى آخرها. لم يكن هناك أي مكان فارغ حتى لشخص قرر الوقوف. حشد هيستيري لا يمكن إحصاؤه تقدمه العديد من الشخصيات السياسية اليونانية كما الكثير من السفراء العرب، وبالطبع الألوف من المشاهدين الذين مسّهم تيار سحري حين ظهرت فيروز على المسرح. كان من المفترض أن تبدأ الغناء في الثامنة والنصف، كما كان مقرراً، لكنها لم تبدأ إلا بعد ساعة، في التاسعة والنصف، بسبب هذا الحشد الذي لم يستطع الوصول إلى أمكنته، على الرغم من أن المسرح يملك أكثر من أربعة مداخل ـ مخارج.

تحيات وحضور

في أي حال، لم يكن للتأخير أي انعكاس سلبي ـ إذا جاز التعبير ـ بل ساهم في زيادة هذا الشوق المرتقب. شوق إضافي ساهم في إشعاله العديد من الأغنيات القديمة مثل ?أعطني الناي?، ?النبي?، ?يا أنا يا أنا?، ?شتي يا دني?، ?احكيلي عن بلدي?، ?بيي راح مع العسكر?... لا أعرف إن كان ثمة حنين ما حاولت فيروز أن تسترجعه في استعادتها لمثل هذه الأغنيات، لكن اللافت أن ?الريبرتوار? الذي قدمته كان يعود إلى أغانيها القديمة، تلك التي نجد فيها لعاصي الحضور الوافر. الأغنية الوحيدة من الأغاني التي قدمها لها زياد كانت أغنية ?اشتقتلك? (مثلما غنى الكورال ?عهدير البوسطة?، والتي كانت الأغنية الافتتاحية، هذا إذا استثنينا بالتأكيد، الأغاني التي قدم لها زياد توزيعاً جديداً وهي كانت عديدة في حفل فيروز اليوناني). ثمة تحية ما لا بد أن نشعر بها في استعادتها لأغانيها القديمة، حتى في الفواصل التي غناها الكورال لا بد من أن تذكرنا بنصري شمس الدين ونجيب حنكش ومقاطع من حوارات مسرحية ?فخر الدين?. هل أرادت فيروز في هذه الخيارات أن تذكرنا بلبنان آخر كان ممكن الحدوث? لم تغنِ لبنان اليوم، أقصد هذه الأغاني التي جاءت بعد فترة الحرب، ولم تغنِّ ?الحب الجديد? الذي عرفناه في ?ألبوماتها? الأخيرة، بل كان ذاك الحب القديم الذي عشقناه في ?حبيتك بالصيف? و?أمي نامت عبكير? و?يا قمر يا قمر...? ولبنان كان ذاك الوطن الذي ظهر في أغاني من مثل ?أرزتنا اللبنانيي? و?عم يركضوا الاولاد?...

في هذا الفاصل تحرك صوت فيروز في مداه ?الإغريقي? النابع من ?حضارة صوت? قلّ أن نجد لها مثيلاً راهناً. لا يزال هذا النقاء يملك صفاءه الأعمق الذي يقود إلى دواخل لا ينجح أحد في أخذك إليها سوى فيروز. دواخل كانت تشتعل عند الحضور عبر مرافقة بعض الأغنيات بالتصفيق، وعبر الصراخ أحياناً باسم فيروز حيث كانت الأصوات تهدر في مدرجات ومسرح وهياكل ستتذكر دوماً أن فيروز ?مرت من هنا?، بالأحرى كأنها كانت هنا دوماً، لكنها ظهرت اليوم مثل ساحرات المعابد التي تحدثت الأساطير اليونانية القديمة عنها.

سحر كان له بأن يكتمل في هذه العودات المتعددة. لم يتوقف الجمهور عن المطالبة بعودتها إلى المسرح كلما انتهت، وكانت تعود إما للتحية وإما لغناء مقطع يزيد الحماسة والسُكرِ. سُكرٌ لأكثر من ساعتين (بدون فاصل الاستراحة) لم نشعر به، مثلما لم نشعر كيف كنا نصفق ونصرخ بحماسة، ما جعل الفتاة الكويتية، الجالسة أمامي، تقول لي بعد الحفل ?كل هذا وأنت لا تحب فيروز، ماذا كنت لتفعل لو كنت تحبها??... هل بالفعل صدقت ?المزحة? منذ البداية أم انتبهت إلى هذه اللعبة وانساقت بها? لا أهمية لمثل هذه الأجوبة. الأهم أن فيروز احتلت أثينا في هذه الليلة.
 
 * عن السفير اللبنانية هذا الصباح
 

9 - يوليو - 2007
اقتباسات واستضافات لأصوات من العالم..
حول الكرايتسارات السبعة    كن أول من يقيّم

 
نعم أستاذي الكريم ، كنت قد قرأت قصة " الكرايتسارات السبعة " عندما نشرتها وأعجبتني جداً لكنني لم أعلق عليها في حينها فأنا لا أجد الوقت الكافي دائماً للتعليق على كل ما أقرؤه ، ثم أنسى ذلك مع مرور الوقت ، لكنها قصة من الأدب العالمي الذي يستطيع ان يلمس في العمق الحس الإنساني الفطري الموجود لدى البشر ، مهما اختلفت ثقافاتهم ، ومهما تباعدت ظروف معاشهم ، فالفقر ، والحروب ، والمعاناة الإنسانية ، ولكن أيضاً جمال الأمومة والشعور بالتضامن من شخص لا تتوقعه احياناً ، كل هذه مشاعر إنسانية عالمية ومشتركة نعيشها في الاختلاف ، اختلاف الثقافة ، واختلاف الظروف ، بل هي أكثر عالمية ربما من العولمة بذاتها ومن البنوك والشركات العابرة للقارات .
 
وعلى أية حال ، نحن ندين لك باكتشاف جيغموند موريتس ، شكراً لك مجدداً .

9 - يوليو - 2007
القصة القصيرة
كل التحية لكم والسلام    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

أستغل وجودي اليوم بالقرب من الكومبيوتر لأكتب كلمات قليلة أتوجه بها إليكم من لبنان الحبيب . لا زلت في العطلة الصيفية التي شارفت على الإنتهاء وسيكون لي عودة قريبة ، إن شاء الله ، إلى مجالس الوراق فلقد استبد بي الحنين للعودة والكتابة والتواصل معكم  من جديد .
 
ستكون عودتي إلى ملف الوطن والزمن المتحول من خلال مذكرات الكاتب الفرنسي شاتوبريان التي تحمل عنوان : " مذكرات ما وراء اللحد " وهو الكتاب الذي رافقني أثناء عطلتي في أوقات الفراغ ، وأجد فيه مناسبة فريدة لإعادة طرح السؤال الأساسي  الذي كان قد طرحه يوماً الأستاذ صادق السعدي عن كيفية حصول التقاطع في السرد بين ما ترويه السيرة الذاتية والتاريخ العام من قضايا وحوادث مشتركة وكان  شاتوبريان قد طرحه على نفسه على الشكل التالي : كيف نكتب " بالأنا " توجهاً تاريخياً وتوجهاً حميماً يتوج ذلك المظهر الفوضوي ( للمذكرات التي كتبها ) الذي ليس هو في الحقيقة سوى التجلي لصورة المعاناة ... ثم يضيف : " في هذا المشروع ، كنت أرسم نفسي . كنت أنسى عائلتي ، طفولتي ، شبابي ، رحلاتي ،  منفاي . كان سردي لها هو الزمن الذي كنت فيه الأكثر إعجاباً بنفسي .... " 
 
هذه المذكرات " التاريخية " و " الشعرية " التي رمى من خلال سرده لها إلى : " تفسير قلبه الغير مفهوم " وإلى  " محاولة شرح نفسه لنفسه " ودون أن يقول سوى : " ما هو لائق وجدير بكرامة الإنسان " وما هو جدير : " بسمو قلبه " كانت مرآة لعصره المضطرب والملىء بالتحولات والانقلابات السياسية فكان شاهداً عليها ، ضحية لها ، ومؤثراً فيها .
 
وبالمناسبة ، اتوجه بالشكر للأستاذ طه المراكشي على الإضافات القيمة التي أغنى بها هذا الملف وأعني بها موضوع الكواكبي " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " وأسأل الله أن يسدد خطاه دائماً إلى وجهة الصواب ويرعاه بفضله ، وإلى شاعرنا وأستاذنا  زهير ظاظا الذي لم يبخل على هذا الملف أيضاً ، وكما عودنا دائماً ، بالإضافات السديدة والرشيدة . وسلامي أيضاً للأستاذ يوسف الزيات والدمنهوري والأستاذ زياد متمنية له عودة ميمونة والأستاذ سعيد الهرغي الذي صرنا نبحث عنه بين الصور وخلف السطور ، وشكري للأستاذ عبد الحفيظ حفظه الله بشاعريته ووفائه النادر وسلامي لندى ، وتحياتي الخاصة والخالصة لعميد المجالس ودرتها مولانا لحسن بنلفقيه راجية له ولنا أن يحظى بحل سريع لمشكلة الشبكة المعطلة في منطقته والتي تسببت بانقطاعه النسبي عن التواصل الدائم .  
 
تحياتي لكل أصدقاء الوراق وسراته وتمنياتي لكم جميعاً بكل الخير وإلى اللقاء
 

19 - أغسطس - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
الكتابة والذاكرة    كن أول من يقيّم

 
كل التحية والسلام لكم مجدداً ورجائي أن تكونوا بأحسن حال .
 
عدنا من ديارنا إلى ديارنا ونحن لا ندري أي الدارين أهنأ وأهدأ بالاً . هي دوامة بدون شك يا أستاذ عبد الحفيظ ونحن منذ وقفنا على الأطلال في غابر الزمن لا نزال نبحث عن وطن .
 
أستهل هذا التعليق متوجهة بالتحية والشكر لأستاذي زهير ظاظا على الشهادة القيمة التي أدلى بها لهذا الملف وأعني بها تعليقه الأخير بعنوان : " عبوديتي وحريتي " والتي نلمح فيها معاناة إنسان يحاول رفع الظلم عن نفسه ، حتى يجد في داخله القوة اللازمة لهذا : " وهذه الروحية التي جعلتني حرا في الواقع بينما كنت شكليا ما أزال عبدا " وبحيث : " اكتشف دوغلاس أن مالكي العبيد يفضلون جلد أولئك الذين يسهل جلدهم " . التي تلخص كيف جعلته معاناته يكتشف ما هو بحاجة إليه من معارف عن عالمه الذاتي الذي كان يجهله ، وعن العالم الآخر الخارج عن ذاته والذي يشعر حياله بغربة تامة وعداء تام . إلا أن التواصل بين هذين العالمين هو ما مكنه من رفع الظلم عن نفسه وذلك بتشريح هويته الاجتماعية وبتحديد موقفه منها .
 
فكل منا يحمل في داخله عالماً مركباً يشبه البيت الذي لا نراه ، يسكن فيه ، ويلجأ إليه ، في الوقت الذي يجتاز فيه ، ويبدو بأنه يسكن ، عالماً غريباً عنه . وهذا العالم مؤلف من كل ما أحبه وشاهده : هي " الأنا " الحميمة التي لا يمكن لأي عالم خارجي عنها قهرها ، وهي تتألف من ذكريات لها لحمتها الداخلية الخاصة بها والتي هي ، في الغالب ، مجموعة من المشاهد والصور التي سجلتها الذاكرة المرئية ، ومجموعة من " التواريخ " أو القصص ، انتقتها الذاكرة الحافظة بعناية وأعادت توليفها وتوضيبها بما يشبه عملية المونتاج السينمائي .
 
فكيف نكتب  "بالأنا " ، توجهاً تاريخياً ، وتوجهاً حميماً ??? هو السؤال الذي طرحه شاتوبريان على نفسه ، وسأحاول أن أفند وجهة نظره في المقالات الللاحقة .
 

31 - أغسطس - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
الشعر العامي والزجل ?    كن أول من يقيّم

 
كل الشكر لك أستاذي هذه الباقة من الشعر الجميل وكنت به جاهلة ، ولم أكن أعرف بأن الشعر العامي ينظم على بحور الخليل ، وهل نصنف الزجل والموشح ( باللغة العامية ) على أنه من الشعر العامي أم أنه نوع آخر وفئة أخرى من الشعر ?
 
أعجبتني كثيراً هذه الأبيات المليئة بالأسى للأستاذ محمد السويدي والتي تعبر عن شعور كل واحد فينا حيال لحظات السعادة القليلة التي تمر به في حياته  والتي كثيراً ما نجزع لفقدانها لأن التجربة علمتنا بأن وجودها واه ومؤقت :
 
تمطر الفرحة على عمري دقايق
واحلف أن الابتسامه في موانيها طيوف
وإن جرت دمعهْ منِ عيوني حزينه
أو بدت كلمة أسى .. تشرح ظروف
أشهد إن الفرحة في عمري دقايق
وأن ألحان الهوى هذي ضيوف
 
وكنت قد سمعت كلاماً يشبه هذا من الفنان الكبير الراحل عاصي الرحباني ( وهو من كبار شعراء العامية ) في إحدى المقابلات الإذاعية القديمة يقول فيه : بأن السعادة في الحياة هي لحظات هاربة لا نستطيع الإمساك بها أبداً ، تلقي بعطرها على حياتنا فتترك لنا ذكرى تأسرنا لأننا نظل نجري وراءها فيما بعد العمر كله .
 
أما أشعار الأنسة هبة فلقد أعادت إلى ذاكرتي ما حفظته عن علم شامخ من أعلام مصر " الولادة " أرخ بشعره لمرحلة هامة من مراحل الصراع السياسي لما بعد ثورة أكتوبر وحتى عصرنا الحالي وأعني بهذا الشاعر أحمد فؤاد نجم ، فكان ياسين وكانت بهية وعالم كامل من الشخصيات والبشر ، وعوالم الحارة والغيط و " الناس الغلابة " و  .... " نوارة بنتي " التي يشبه لحنها " أخينا ضمضم " :
 
نوارة بنتي
النهارده تبقى
بتخطي عتبة
ليوم جديد
يا رب بارك
يا رب خللي
يا رب حافظ
يا رب زيد ..........
 

2 - سبتمبر - 2007
ما رأيك يا أستاذ زهير
تحية للأستاذ يحي    كن أول من يقيّم

تحيتي وشكري للأستاذ يحي الذي يخرج من كناشته للمرة الأولى : أود قبل كل شيء أن أقول بأنني أحرص على متابعة ما تقدمه في كناشتك من طرائف وفوائد وأن أشكرك على مجهودك الثمين في تقديم هذه المادة العلمية الصعبة بطريقة جميلة وجذابة ، وخصوصاً على مثابرتك الدؤوبة وحرصك على وصل هذا الحبل الشيق ورفده في كل يوم بمعارف جديدة رغم دقة المادة وصعوبتها . وأما دماثة الأستاذ زهير وكياسته وصدق مشاعره التي تظلل سماء هذا المكان ، فهي خبزنا اليومي ، نقتات منه تماماً كما يقتات العصفور بنقد الحب من اليد الكريمة المبسوطة أمامه بنبل وسخاء . وأما شاتوبريان ، فسأجد له وقتاً قريباً جداً إن شاء الله . 

2 - سبتمبر - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
أحابيل اللغة وغواية الكلام    كن أول من يقيّم

 
نعم أستاذي : هذا شعر جميل فعلاً بلغة حية وواضحة ومفهومة لكن الملفت هو أن هذه اللغة قريبة جداً من الفصحى كما في قوله مثلاً :
 
علليني ضاق الفضا من حنيني
 
وادركـيني يا سلوتي iiأدركيني
أطـرقـي مقلة نستها iiالأماني
 
وارفـقي يا فداك نفسي iiوعيني
 
فلماذا برأيك اختار الأستاذ السويدي اللهجة المحلية أو البدوية لتكون وسيلتة للتعبير عن عواطفه وأفكاره مع أن الأفكار والصور التي نراها في شعره لا ترتبط ببيئة معينة . فالمعاني عادة ما تقرر لغتها بنفسها والملفوظ يكتسب معناه من خلال ملامسته للواقع ووفقاً للظروف المحيطة بالحدث ، وحكايات العشق لم تتبدل منذ عهد آدم لكن لغتها اختلفت ، فلماذا اختار الأستاذ السويدي بأن يكتب باللهجة المحكية ?
 
أتفق مع الأستاذ هشام في الإشارة إلى أهمية الإلقاء وأن نسمع الشعر حسياً بآذاننا وبشكل ملموس ( أي أن يكون مسموعاً فعلاً وليس متخيلاً بصوت وهمي كما لدى قراءته بالعيون ) لكي ندرك كل أبعاد الكلام واللفظ المرافق له . وقد كان شاتوبريان ( وهذا الكلام عن جد وليس مزاحاً ) يعيد قراءة كل ما يكتبه بالصوت العالي مرات ومرات ، ثم يعيد تصحيحه في كل مرة وفق ما تسمعه أذناه . 

3 - سبتمبر - 2007
ما رأيك يا أستاذ زهير
 40  41  42  43  44