ضرورة الفلسفة كن أول من يقيّم
مساء الخير...
تحية تقدير للأخ فادي...
كنت أود أن أناقش بعض أفكارك منذ مدة حسب وعد ألزمت نفسي به. لكني بعض الإكراهات فرضت تأجيل المشاركة والكتابة. إلا أن أفكارك الأخيرك جعلتني أستعجل الفرصة لأشكرك أولا على متابعتك لهذا الملف وعلى مناقشتك للموضوع الذي طرحته والذي لم يكن سوى عبارة عن تلخيص لأفكار أستاذنا الدكتور حسن حنفي، وهي أفكار إنما كان الغرض من عرضها إبراز وجهات نظر من لهم باع في التنظير لشؤون الفكر وواقع الأمة.
في مداخلة سابقة كنتُ قد طرحت جملة من الأسئلة تروم دفع الإخوة إلى تقييم تجربة حوارنا ومناقشتنا حول هذا الموضوع. وكنت أخي فادي مبادرا في التفاعل. لكني استغربت من بعض إجاباتك التي لم أجد له لها توضيحا أو تفسيرا.
- الغرابة الأولى: أنت تربط بين وضع اجتماعي راهن وبين ما تسميه ب" الفيلسوف المنتظر" أو المهدي (المنتظر)، مثلما تربط بين هذا النتظر وبين قرب يوم القيامة ...وأنا أقول لا وجود لفيلسوف منتظر أو حتى لمهدي منتظر. الشخص المنتظر هو تعبير عن رغبة انتظار حل طوباوي بعد فشل الإنسان في حل مشاكله.
- الغرابة الثانية: أنت تشبه حاجتنا إلى الفلسفة بحاجة المريض إلى طبيب حائر عاجز لضعف علمه. وأنا أقول أن حاجتنا إلى الفلسفة يجب أن تكون مثلها مثل حاجة المريض إلى طبيب نفسي قادر على استنطاق المسكوت وكشف الفضيحة وتحويل المكبوت إلى منطقة الوعي.
- الغرابة الثالثة: أنت وضعت أصبعك على موطن الداء عندما أشرت إلى ظواهر سائدة بيننا كالتعصب للراي الوحيد والدوغمائية والتعالم، ولكنك في نفس الوقت تشبه تباين مقارباتنا بقطبي المغنطيس.
- الغرابة الرابعة: أنت تعتبر مشاركينا في هذا الموضوع بالمصارعين الشرسين الذين يودون إثبات وجودهم، وكأنك توجه المشاركين الجدد بعدم غوض المغامرة والبقاء في وضعية المتفرجين. لكنك في نفس الوقت ـ وهذه مفارقة ـ تعتبر أن ما أنجزناه هو صداتنا التي عمرت لمدة اشهر طويلة.
ـ الغرابة الخامسة: أنت تعتبر أن الفلسفة لا ينبغي أن ترسخ صوت "الأنا" داخلنا. وأنا أقول بأنه لولا الفلسفة لما كان هناك كوجيطو ديكارتي. إن أصل الحداثة هو الوعي بالأنا كذات حرة مفكرة واعية بذاتها.
الغرابة الكبرى: هي التي أعلنتها في مداخلتك الأخيرة التي صرحت فيها بأنك (لا تؤمن بوجود فيلسوف واحد حتى الآن منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا). وأمام عجزي عن الفهم لا أملك إلا أن أستغيث بالعزيز النويهي كي يرجع الزمن إلى الوراء ويعيد طرح السؤال بصيغة أخرى تجعلنا أقرب إلى العزيز فادي الذي أكن له كل الاحترام. |