البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 39  40  41  42  43 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
عسل الكينا ( تابع )    كن أول من يقيّم

 
كانت لدى كسبو ثلاثة قفران اشترتها قبل ستة شتاءات ، حين كان النحل القليل الذي فيها يقضي فصله البارد في الداخل ، متغذياً من بقايا عسل تركت له . فبنت في الزاوية التي يؤلفها ملتقى السور الغربي بالجنوبي ، كوخاً من الطين ذا باب واطىء ، وكوة كبيرة تظهر منها رؤوس قفران النحل . وفي الربيع الذي تلا شتاءها ذاك ، حرث لها ابن اختها " جومرد " بمعزق حديدي ، قطعة صغيرة لا تتعدى المترين المربعين من الأرض ، لصق الكوخ ، لتصير حقل زهر فيما بعد . وما أن انتصف الصيف حتى صار لها خمس قفران ، وفي نهايته ارتفع العدد إلى سبعة .
 
كانت المرأة تحشو قفران نحلها ، كل شتاء ، بمؤونة كبيرة من التمر ، ثم تغلق منافذها الصغيرة بالطين ـ بالرغم من أن النحل نفسه يغلق منافذ خروجه ودخوله بالشمع ـ زيادة في الحرص على دفء تلك الأسطوانات الطينية . وفي كل يوم تضع أذنها على أحد تلك القفران تستجلي الهسيس الهادىء في داخلها ، فتتأكد من أن الحياة تتمطى ، في كسل ، بين قشور تمرها الحلو .
 
كالعناقيد ، كل صيف ، كانت القبائل المطرودة من النحل ـ بعد أن تهزم ملكات ملكات أخرى في القفير الواحد ـ تتدلى من أغصان شجرتي الكينا ، فتأتي كسبو بقفران جديدة ، موجهة فوهاتها إلى عناقيد النحل المتكوم بعضه فوق بعض طبقات كثيرة ، وتصير تقطفه قطفاً بيديها الملفوفتين بقماش سميك ، حفنة حفنة ، وتضعه في بيوته الأسطوانية الجديدة . وكثيراً ما كانت الأسراب المهزومة ، التي تحوم طويلاً في ساحة البيت على شكل زوابع ، لا تحط على أغصان شجرتي الكينا مثلاً ، مما ينبىء أنها قد تبتعد إلى أماكن لا يمكن اللحاق بها ، فتعمد كسبو وبناتها ، معاً ، إلى القرع على الطناجر ، فتنحدر تلك الأسراب إلى أقرب موقع من الصوت ، لتلتم على أي شيء ، أغصناً كان أم خشبة منصوبة ، أم عارضة بارزة في مكان ما ، متهيئة لزوج حمدي التي تلتمع عيناها ببروق ناعمة من الرضا .
 
 

30 - يونيو - 2007
نباتات بلادي
وداع وتهاني وبريق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
صباح الخير عليكم جميعاً :
 
تهاني الحارة لبديع الزمان المراكشي وخطيبته الكريمة ( والمحظوظة ) ، وتمنياتنا لهما بأن يتم الله بفضله هذه الخطوة المباركة ، ولا تنسونا في الملبس :
 
أقـفـلـتَ  من أرض الخليل iiبآية
 
فـاقـدم بـحـفـظ الله والـقرآن
 
وتمنياتنا للأستاذ زياد بعطلة سعيدة في ربوع الوطن بين الأهل والأصحاب وكل الشكر له عبق كلماته الطيبة :
 
إنـي  لأعـلـم ما تلقاه من iiوصب ما أصعب الشوق في الدنيا إلى حلب
الـيـوم  تـكـبر في قلبي iiمحبتهم إذا  تـذكـرتُ في استقبالهم iiطربي
الـطـيـبـيـن  تلاقيك iiابتسامتهم كـأنـهـا  في ثياب الخز iiوالقصب
 
وكل الشكر لأستاذنا وشاعرنا زهير ظاظا على تحفته الجديدة : تموز عدت ، لما نالني منها ، كما في كل مرة ، من نصيب كبير . ولو شئت أن أعبر عن شعوري وأنا على أهبة السفر ، لما استطعت أبداً بأن أقوله على هذه الصورة من الرقة والشفافية ، ولما تمكنت من استخراج هذه المعاني المبهرة في دلالتها ، والتي لا تعبر عن شعوري الشخصي بقدر ما هي استجلاء للموقف ، وتصوير لمشاعر كل مسافر :
 
والشوق  أسخن ما يكون إذا iiانتهت
 
سـاعـاتـه  لـدقـائـق iiوثواني
وأنـا  جـعـلت لقاك ليلة iiمولدي
 
وكـلاكـمـا  جـبـلان iiيحترقان
فـغـدا  أطـل من السماء iiعليكما
 
وغـدا تـرف إلـيـكـما iiأجفاني
وأرى  طـرابـلسي صبية iiبرجها
 
وأرى  نزول الشمس في iiالسرطان
وغـدا  تشاركني الشواطئ iiموجها
 
وهـديـر طـائرتي وخيط iiدخاني
وأنـا  دمـوعـي مرتين iiتخونني
 
وقـت الـهـبوط ولحظة iiالطيران
 
كما أن ما فيها من الأبيات السائرة ما يؤجج فينا حنين الذاكرة ( وانثني عطفي أديم )  وكأنها تذكار طرابلس أحمله معي وأنا سائرة إليها ، أو كما جاء في عتاب مولانا بنلفقيه :
 
غضب الحبيب فزاد حسن خصومة فـاغضب  فما أحلاك من iiغضبان
 
سأصطحب هذه القصيدة معي في رحلتي ، فأنا منذ قرأتها أشعر وكأنني على ارتحال . هي ألماسة من قلب زهير ، لها منه الصفاء والبريق ، ودرة جديدة يضيفها إلى ديوانه . شكراً لك أستاذي !
 

2 - يوليو - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
كل الشكر لمولانا    كن أول من يقيّم

 
شكراً لك مولانا دعواتك الصادقة ورجائي وتمنياتي لك ولجميع أسرتك الطيبة بالصحة والسلامة .
 
هذا نص أدبي تقليدي من أجواء الضيعة اللبنانية التي صرنا نفتقدها شيئاً فشيئاً بسبب هجوم المدنية عليها : اخترته لعلاقته بموضوعنا ، ولأنني أعرف هذه الأرض وهذي الكروم التي يتحدث عنها ولطالما أكلنا منها ، وسرقنا العنب من أية عريشة متدلية على سياج ، أو أي كرم غفل صاحبه عنه أو تركه مشاعاً لأن الدوالي في منطقة الكورة التي يتحدث عنها تنبت بين الصخر ، بقرب زيتونة أو شجرة لوز ، غالب هذه الكروم غير مسيجة ، ولا يحرسها أحد ، والمثل الدارج عندنا يقول بأن الكرم أكرم من صاحبه :
 
vigne et raisin
 
 
والفلاح الأخير في ضيعتي مات من سنة...بعده لم يبق في ضيعتي فلاحون أقوياء، يشدّون السكة في تراب الأرض اليابس، فتغرز السكة الى العمق، تحت الأكف الغليظة...

كان فلاحاً أصيلاً، تعمقّت جذوره في الأرض، فامتدت الأرض الى كل شريان فيه.

ولم يره طلوع ضوء الا هناك، مع الأرض، يقطف أو يزرع أو يغرس أو يقطع.... ولا لفّه ليل الا على تراب في حقل، تحت عريشة أو تحت سنديانة...

كان قوياً، عالياً كالسنديانة، مخيفاً كشبح، في صوته نبرات، ما نعرفها في ضيعتنا الا في الحكايات... كان صوته يمتدّ في الليل والنهار، من فوق الاودية عندنا، فيترّدد صداه في جوانب القرية...

وكانت الضيعة كلها حينما تسمع صوته، تقدّر أن فماً قد امتدّ الى أغراس أبي وهيب في مكان ما...

وعاش كثيراً حتى شبع من العمر، ولم تنحن قامته ولا التوى عوده ولا جفّ صوته، ولا كلّت يداه ولا تعبت رجلاه.

ومات شبعان من العمر ومن الخير.. أما العمر، فكان يقول لنا دائما : أنا عشت عمري عمرين، عشت عمري في النهار، وعشت عمراً آخر في الليل.

وأما الخير فقد ورث منه القليل عن آبائه، وقد أورث منه الكثير لأبنائه...

لم يكن في كروم العنب في ضيعتنا، مثل ما عند أبي وهيب... العناقيد في كرومه أشكال أشكال، عناقيد سمينة مليئة، تتدلى ثريات من ذهب، من فضة، من بلور، من عقيق، في دوال ممشوقة عالية خضراء، دائما مثقلة، ليس فيها عنقود واحد ممصوص ضعيف... وكأن كرومه بين الكروم وحدها من ذوات الدلال في الضيعة...

وحتى عصافير كرومه، كانت غريبة بين عصافير الكروم.. ما ينقطع العصفور منها، حتى ينقطع العنقود عن أمه، وعناقيد أبي وهيب لا تنقطع الا في أول الشتاء... وصيادو العصافير في الضيعة يموتون على عصافير كرومه، السمينة.

جرؤت مرة على كرومه وعصافيره وقلما جرؤ أحد في الضيعة عليه.. كان بيني وبينه قرابة جرأتني على ذلك... وكانت رغبتي في العصافير أكثر منها في العناقيد... وما أن أطلقت الطلقة الاولى، حتى دوّى في الغابة صوت رعاد : عصافيري أربيها للناس ...? ! .. مين أنت يا ولد... وسمعت وقع خطواته تقترب مني.

شددت قلبي وقلت : ألقاه باللين والمداورة... ووقف بجانبي فخيّم ظله الكبير عليّ... كانت قامته تطاول " البطمة " التي أنا تحتها.

ولما عرفني اطمأن باله... عرف انني ضيف على الضيعة، صياد غاو هاو، اجيء الكروم في غير العصفور والعنقود. وقلما أصيب عنقوداً أو أصيب عصفوراً.

وابتسم وقال لي " خمّنتك من هؤلاء الملاعين، يخربون الكروم، فلا يصيبون غير العناقيد... فاطمأن قلبي للهجته ورحت اداوره بالحديث.

تغويني كرومك يا عمي، وتغويني عصافيرك. اجيء كرومك اتملى من عناقيدها المشرقة، ما أرى مثلها في الكروم... فاذا كرمك أخضر مليء بالعناقيد، وكرمنا يابس عناقيده ممصوصة، لا يطلع في بالي لا عنقود كرمنا، ولا العصافير التي فيه.

فأشرق وجههه وشاعت على جبينه فرحة، وفرك يديه، وجلس بجانبي تحت البطمة، وحدثني ساعات طوالاً عن حكاية حياته التي هي حكاية الأرض، في ضيعتنا، لا بل هي حكاية الأرض في كل ضيع لبنان..
 
. فؤاد سليمان 1911-1951
ولد في بلدة "فيع" من الكورة، وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة " دير البلمند" ، ثم تخرج من كلية "الفرير" في طرابلس.
درّس الأدب العربي في المعهد الشرقي، في جامعة القديس يوسف في بيروت، وعلّم في الكلية الثانوية العامة في الجامعة الأميركية في بيروت ثلاثة عشر عاماً، وتولى رئاسة تحرير مجلة " صوت المرأة " لمدة عامين، وكان من المؤسسين لجمعية " أهل القلم " في لبنان. 
من كتبه: "تموزيات" و "أغاني تموز" و"درب القمر" والقناديل الحمراء".
 
 هذه المقتطفات من كتاب درب القمر : العنقود الأخير
 

4 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
من الأمثال الضائعة    كن أول من يقيّم

 
 بحثت قليلاً حول هذه الأمثال التي تحدثت عنها أستاذي : وأول ما لفت نظري منها كان المعنى الذي يقول :"ما من شيء يهين المرء مثل كونه موضع سلطة شخص آخر" .لأنني تذكرت ما كانت تقوله جدتي في هذه الحالة : " الله لا يحوج عبد لعبد " أو " الله لا يحَكِّم عبد بعبد " . ومعنى العبد هنا : العبودية لله ، لكن اللفظ يحمل دلالة واضحة وهي أن الظلم والتسلط هي من أخلاق العبيد .
أما المثل الذي معناه : "مر أمام عدوك عندما تكون جائعا وليس عندما تكون عريانا" فأظنه المثل الذي يقول : " مر على عدوك جوعان ولا تمر عريان " والمقصود منه عدم إظهار الضعف أمام العدو ، فالجوع لا نراه لأنه في البطن ، أما العري فهو ظاهر للعيان . وفي هذا المثل أيضاً دلالة على أهمية الظهور أمام الناس بالمظهر اللائق لكي نحظى بالاحترام .
 
أما القول :  " من الأفضل الموت بكبرياء على أن تعيش في الذل " فلقد قيل فيه الكثير من الأمثال يحضرني منها ، وأظنه المثل المقصود : " بخمسة آس ولا شماتة الناس " . والمقصود بالآس النبتة الخضراء التي نضعها على قبور الموتى ولا يستعمل إلا لهذه الغاية : تشكيل القبور . فيكون القصد واضحاً وهو أن الموت أهون من شماتة الخلق .
 
والمعنى الرابع :  "كن قانعا بورقة خس ولا تذل نفسك" من الممكن أن يكون المقصود به المثل القائل : " خس زراع ولا تبيع من أرضك دراع " ، وهو مثل يدلل على تمسك الفلاح بأرضه وأنه يفضل بأن يأكل الخس طوال السنة على أن يبيع أرضه فبيع الأرض فيه مذلة للفلاح .
 
والمعنى " احلق بفأس ولا تجعل شخصا يتفضل عليك " فهو واضح في المثل الذي يقول : " احلق بالفاس ولا تعتاز الناس " وهو يشبه بمعناه المثل القائل : " توب العيارة ما بيدفي " والمقصود منه عدم التذلل بالطلب إلى الآخرين والاعتماد على النفس .
 
أما الباقي فلم أجده ولو توصلت لمعرفته فسأكتبت فيه تعليقاً أخراً .

4 - يوليو - 2007
أمثال ضائعة
توضيح لا بد منه    كن أول من يقيّم

 
اضطررت لحذف الكثير من المقالات والتعليقات من هذا الملف كونه انحرف في الفترة الأخيرة عن سياقه العام ، وهو نقاش الموضوعات الفكرية والفلسفية ، ليتعداها إلى سجال حاد وعنيف اتخذ طابعاً سياسياً لا يتلائم مع طبيعة هذا الموقع الذي يعنى بشؤون التراث والثقافة وليس منبراً إعلامياً لأي من الفئات المتصارعة والتي تحظى بالكثير من المنابر الإعلامية ، خصوصاً على الأنترنت ، وعلى اختلاف مشاربها . بل أن هذا السجال اتخذ ، ويا للأسف ، طابعاً عدائياً لدرجة توجيه الإساءات الشخصية والعامة ، ودون مراعاة لقواعد الالتزام والاحترام بين البشر ، ويكون بذلك قد خرج عن إطار الهدف الموجه له ، وهو السؤال عن طبيعة الفكر العربي الراهن وأسباب " عدم التفلسف " .
 
أعتذر للأخوة والأصدقاء ، السراة منهم والزوار ، والذين اضطررت لحذف مقالاتهم وتعليقاتهم رغم حياديتها واتزانها ، بسبب أن الموضوع الملغي أفقدها مبرر وجودها . 

4 - يوليو - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
االغة والموسيقى    كن أول من يقيّم

 
شكراً لك أستاذي الكريم هديتك التي تفتح لعيوني طريقاً تلمع أمامها منذ زمن طويل ولا أجرؤ على الخوض فيها : أصل اللغة وعلاقتها بالموسيقى . فلا أنا عالمة باللغات ، ولا أعلم بالموسيقى سوى أنني أسمعها .
 
يمكن لأي ملاحظ بأن يستنتج بأن الفرق الأساسي بين اللغة العربية ولهجاتها الكثيرة يكمن في الموسيقى قبل أي شيء آخر . لكل لهجة من هذه اللهجات وقعها على السمع الذي يختلف من منطقة لأخرى : لو سمعت عربياً يتكلم اللهجة المغربية ، وسمعت أخراً يتكلم إحدى اللهجات الأمازيغية ، وكنت لا تعرف هذه ولا تلك ، لظننت بأنهما يتكلمان لغة واحدة رغم أنهما يستخدمان ألفاظاً مختلفة ، ورغم اختلاف بنية الجملة كما أظن . ولقد شد انتباهي في أحد الأيام ، أن سمعت بعض الناس يتكلمون باللهجة السريانية في قرية معلولا السورية ، ولاحظت بأنه لمن لا يعرف اللهجات السورية الشامية فإنه سيظن بأنهم يتكلمون العربية الدارجة عندنا في لبنان أو سوريا أو فلسطين ...
 
فاللغة في روحها الضمني هي موسيقى ، والموسيقى التي بداخلها هي تجليات الروح التي تمثلها لأن الصوت يخرج من النفس ، وهو أبعد من الحسي الذي يريد التعبير عنه ويظهر جلياً فيه ، ويتجازو العقلي الذي الذي يحاول الإمساك به واستخدامه . وكل لغة بقيت ، تحمل إرادة البقاء في روحها التي هي موسيقاها ، فالعنصر الحي فيها هو الموسيقى وليس الكلام ، إلا أن الكلام واللفظ يحمل هذه الموسيقى في متنه وهو في حركة مستديمة .
 
سأتابع حديثي ربما في المساء .
 

5 - يوليو - 2007
أمثال ضائعة
العناب    كن أول من يقيّم

jujubes
 
العناب : jujube
 
العناب شجر شائك واحدته : عنابة jujubier  وهو أحد أنواع الفصيلة السدرية rhamnaccées التي تكلم عنها مولانا بنلفقيه في تعليقاته السابقة والتي منها أيضاً شجر السدر أو النبق nerprun  ويقال لها أيضاً napka
 
فهل " عنابة " الجزائر من العناب ، وهي التي اشتهرت بتربية النحل ?
 

6 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
ترجمة جميلة لقصة جميلة    كن أول من يقيّم

 
الأستاذ الكريم ثائر صالح : شكراً لك اختيارك الموفق لهذه القصة العميقة الدلالة . تأملت في التاريخ الذي يذيل أسفل الصفحة وتحسرت في نفسي قائلة بأن شيئاً لم يتغير ..... كنت قد سمعت ما يشابهها في مضمونها الإنساني الراقي من الكثيرين ممن لا يجيدون الكتابة لكنهم عاشوا مشاعر مماثلة أثناء الحرب اللبنانية ، ومن فرنسيين عاشوا أهوال الحربين العالميتين وخرجوا منها بنفس الإنطباع : مهما باعدت بيننا المنافسة والعداوة فإن للبشر مشاعر إنسانية مشتركة فيما بينهم قادرة على تجاوز هذه العداوة ، وقادرة على أن تجمع بينهم وقت الضرورة . للأسف ، لم تتوقف الحروب ، بل هي تبدل أثوابها وتتلون بالمساحيق ! شكراً لك اختيارك الموفق وترجمتك الجميلة والواثقة ولك كل التحية . 

7 - يوليو - 2007
القصة القصيرة
رسالة الولهان لفراق الخلان : ( 1 )    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
هذا الموضوع تقدمة من التلميذة : لمياء بن غربية ، من الجزائر الحبيبة ، وهي في السنة الرابعة المتوسطة :
 
 
المقدمة
 
    وضعت قلمي لعلي أكتب، وألقيت بصري من نافذتي عسى أن ألقى ما أرقب، وبحثت بين كلماتي وفي قواميسي حرى أن أجد عبارة تليق بمقامكم لأشكر جميلكم لا لأخطب، فخابت أقلامي وعادت نظراتي مرتدةً فما أنا لحظي إلا أندب، فحرت أي تعابيري لهذا الأمر أندب، وما وجدت لذلك أنسب من الكلمة البسيطة الصادقة، والعبارة الوفية الناطقة تاركة في ما سبق وما سيأتي الحديث المنمق و اللفظ المعتق والكلام المبهم المعلق، فقط لأبين لكم المقام الرفيع الذي احتللتموه في قلبي والمنزلة السامية التي لا أراها إلا سراج دربي، فإن ما قدمتموه وما جدتم به لأجمل هدية يلقاها المرء ولأطيب كنز أهدي لإنسان على وجه الأرض، فإني لأغبط نفسي على ما لقيت بينكم ولأعزيها على فقدانها لصحبتكم فنعم الرفيق كنتم ونعم المرشد المساند أنتم، فتقبلوا مني هذه الرسالة البسيطة والكلمة الحقيرة التي لن تتمكن أبدا من شكر ذرة مما بذلتموه من أجلنا فجزاكم الله خيرا عنّا وأعانكم إلى ما يحب ويرضى وأدامكم شعلة تنير للأمة طريقها الموحش وتعيد إلى الحياة رونقها وفحواها .
وفي الأخير، أقدم لكم رسالة جاءت في ثلاث فصول، أولها هوى وثانيها ألم وأخراها تسليم للمجهول، فاقبلوها من فقيرة إلى الله ومن طويلبة العلم التي نشأت في كنفكم واستظلت بظلكم ونهلت من وافر علمكم فنعمت زمنا ليس باليسير بعطائكم فاعذروا قصورها في مدحكم وشكركم .
 

8 - يوليو - 2007
رسالة الخنساء
رسالة الولهان لفراق الخلان : ( 2 )    كن أول من يقيّم

الفصل الأول
حب وهوى
 
 
 

    نهرته فمــا انتهى إذ نُهر، وأسرته فما شفــاه أن أسر، وملكته وكان من قبل مُلك، فما دوائي إن هو الآن قد فُطر،

فلمّا قصدته وكان من ألم عُصر، مددته بالغالي فما كسره

جُبر، فلا عجب في ذلك إن هو أمِر، وما أمره إلا أن يحبها

 فقد قُهر.   

   تتساءل من هو، هو أنا، كياني و فؤادي وروحي، وألم عـاشته ذي جروحي، أنين ما حطم طموحي، ستــار فهل

غطى وضوحي?.. فراق فهل أبدى جموحي? وتأبى نفسي تركها برضوخي ..

   كان شبحا ولا يزال، قرح يهز كالزلزال، وكان السياط يضرب والحبال، وكان هولا تتحطم به الجبال، وسمّ سقتنيه الزهور، فما استطعت منه أبدًا النفور، فكان العسل يبدي

 الحلاوة في الظهور، وكان حميما لمّا يبدي الضمور،وكان نهرًا فما سهل العبور فلا أنا إلا في شركه أدور، فلولا أني جفتني السطور وكانت أوراقي أقسى من الصخور، ولا أدري

في أي عصر أنا من العصور، ولو تدري أأبى الفراق كالشرور، لحييت كلماتي فما تغور، من وقع ما أعاني من خطب جسور.

 

   ورغم أني أطنب ولا أقول، إلا ما يدعو لملل وخمول، ما ينفر لا يجذب ولا ينفك يحول إلا أنّي بقلب صادق بعيدٍ عن مكر العقول، أشهد بفضلكم الذي لا يزول، وبجميلكم الذي ذكره يطول.

 

   أيا سراجي، هل يدري العالم من تكون? أيعرفك ببصيرة لا بعيون? أيوفيك حقك ولا زلت تصون أجيالا وددتَ أن تكون الحصون? أجزيت أنك في الزمن لم تطوك السنون ????

 فلو كان الحق ظاهرا لكتب لك الخلود فما غير الشمس تكون.

 

   معهدي، أود أن أبث في ورقي هذا الشعور والإحساس،ما يختلجني ويجهله كل الناس، ما يحييني فلا أعيش بأنفاس، بل أحيى ويا ليت الحياة عرفها كل من عاش وذاقها كل من درج وخطى ...فإنك يا معهدي من علمني كيف الحياة تذاق حلاوتُها، ومن وهبني نورا غزى الأكوان وظلمتها، فإنك من أحببت ومن أحب وسأحب ما دام ندى الحياة يسري في ، ومن كان احترامه لي فريضة وإتيانه عبادة وزيارته راحة ، فدمت منشئ الأجيال وباني الآمال….

 

   ولأنه قد يظن أني مدحت المكان لا من فيه، وأتهم أني أقول كلاما لا أعيه، وقد أحسب في ما سبق وما يليه، أروي أوهاما وما يدريك ما أحكيه??  ولولا أن الحق عال لن أعليه لقلت: لكم شهدتُ من مكان وعانقت من زمان، وزرت من أكوان وعشت من أحيان فما ذقت الأمان إلا في شخص قاصديه:

    مدير: أعطى للإدارة معنى أن يدير، أن يكون العنقاء ضمّت الفضاء وهي تطير، أن يكون السماء والبدر المنير ويكون البساط والمهاد اليسير.          

   ومعلم:بل قل كانوا معلمين ومعلمات فكانوا المنشئين،   وآباء وأمهات بل جنات للسابرين، وأعماق تهدي المحار للغواصين، فلا تسألوني إن كنت من الحائرين وإن كنت    في هذا البحر من التائهين.

   ومراقبون: وما معنى المراقبين إلا أن يكونوا المرشدين المساندين، والآمرون بالمعروف فكانوا الصائنين... ويطول الوصف وما أنا إلا من الغارقين، في مجال أوسع من اليم   بل أنا في فضائه من الطائرين.                   

  وآخرون عمّال كانوا العمال، ينسونك معنى أن تعرف الإهمال، فإن مدحت فلا لزيف وإن قلت من قبل أني فتنني الجمال.

 

   فما عساي أكتب وما تراني أقول إلا أن قلبي ذائب في هواها، تائه في جواها ، طائر في سماها وما يحب الفراق .     إلا أني متيمة ضحاها،صباحها ومساها ، شمسها وعلاها ، بصدق وبلا نفاق...أني أحببتها وثراها ، فصرت في غير نهاها ..قلبي في انفلاق، فأيقنت انتمائي إليها لا سواها، وللحظات لن أنساها هي إلي في سباق . فو الله لفراقها غالي، أرقني الليالي، بل جعلني لأرثي حالي في كل الأحيان،

وفؤادي ليشهد، تمر ببالي، وتنير خيالي، فأرخي حبالي وأحس الأمان، فربما لن تبالي بفراقي وآمالي لكن كيانها غالي، ملكني الزمان.       

     نعم، إنها هي من سلبت لبي وأسرتني وسبتني ومن جعلتني لها أمة وما أكثر عندها الإماء، وإنها هي من سحرتني وملكتني فما لقيت منها الجفاء.   

    إنّها مدرستي، الأرملة الحزينة التي ما نسيها الزمان إلا ليعود إليها مع كل نسمة هواء، وليعانقها كل لحظة فيبلغ بها السماء.

 

 

 
 
 

8 - يوليو - 2007
رسالة الخنساء
 39  40  41  42  43