(متفاعلتن) القرطاجنية.. كن أول من يقيّم
أحيّي أستاذي الكريم أبو أحمد على مشاركته الجميلة، وتساؤلاته التي تنمّ بالتأكيد على نظرته الثاقبة في كل ما يقرأ ويكتب.. وأقول: من الناحية الإيقاعية الشعرية لا فارق جوهري بين تفعيلة القرطاجني (متفاعلتن) و(فعلن فعلن)، لأنهما يؤديان ذات الوزن بحروف اللغة.. يشبه في ذلك قراءتنا لوزن الكامل: (متفاعلن متفاعلن فعِلن) على: (فعِلن مفاعلتن مفاعلتن). إلاّ أن تفاعيل البحر يجب تكتسب شرعيتها من واقع الشعر الذي قام عليه البحر.. ووفاء هذه التفاعيل بمقتضيات زحافاتها جميعها. وفي (متفاعلتن) القرطاجنية قصور يتمثّل أولاً في عدم وفائها بمقتضيات الزحافات الخببية؛ من مثل: (فاعِلُ وفعِلَتُ).. كما أنها من التفاعيل التي يمكن تجزئتها إلى تفعيلتين متساويتين.. بينما تفي (فعلن) بمقتضيات زحاف الخبب بسهولة ويسر، كما أنّ اعتمادها يجعل من (الخبب) وزناً متوافقاً من الناحية التركيبية مع بحور الشعر الأخرى، حيث يصبح البحر مركباً من أربع تفاعيل في كل شطر، جارياً مجرى المتقارب والمتدارك.. وذلك على الرغم من قيامه على (الأسباب الخفيفة) أصلاً. وتتركب (متفاعلتن) عند القرطاجني من [سبب ثقيل، فوتد مفروق، فوتد مجموع]، فيتوالى فيها بذلك وتدان، وهو ما لم يوجد في أي تفعيلة خليلية أخرى، ناهيك عن امتناع التعبير عن الزحاف (فاعِلُ) أو (فعِلَتُ)، سواء في نصفها الأول أو الثاني. وأشير هنا إلى الخطأ الذي لم ينتبه إليه أحد منذ تحقيق (المنهاج) إلى اليوم!! فـ (متفاعلتن) تفعيلة (ثُمانية)، وليست (تساعية) كما ذكر القرطاجني. ** أما عن دعوى (نازك الملائكة) عدم معرفتها بِ(فاعِلُ) فيمن كان قبلها، فلا أرى له تفسيراً سوى (ذهولها) عن ذلك لندرة هذه التفعيلة، وعدم وجود من أشار إليها قبلها، وذلك على الرغم من ظهور هذه التفعيلة لدى شعراء الخبب الأوائل كما سجلنا ذلك في هذا البحث. وأنا على يقين بأن مثل هذه التفعيلة أقدم من ذلك بكثير، وكان لا بد لها من الظهور، لأنها من خصائص الخبب كما قلنا. أشكر لأستاذي الحبيب تفاعله ومشاركته وإثراءه الموضوع بأفكاره النيرة. |