حول : الإخوة الأعداء لفريدة العاطفي كن أول من يقيّم
الأستاذان الكريمان عبد الحفيظ وعبد الرؤوف :
قرأت هذه القصة على عجل وهذه ملاحظاتي حولها عساها تفتح قريحة أستاذنا النويهي . أضع صداقتي مع بريجيت خارج كل هذا لأنها تقبل أفكاري هذه التي أعرضها وتستمع إليها . لا يهمني بعد ذلك لو اقتنعت بها أم لم تقتنع ، يكفيني منها أنها تستمع لما أقوله وتحاول فهم وجهة نظري :
لا يمكننا الوقوع في فخ هذه الوداعة الملائكية ، وليس الحب هو أساس العلاقة بين البشر في المجتمع ...
العلاقة الشخصية تأتي تلبية لحاجات شخصية ولا يمكن تعميمها . هذا أيضاً فخ يجب تجنبه ...
هم يشبهوننا ، هذا صحيح ، وهم شرقيون حتى النخاع ، حتى أولئك منهم الذين يدعون غير ذلك ( وبريجيت تدعي غير ذلك ) !
هم شرقيون لأن روابطهم العائلية قوية ، ولأن شعورهم بالإنتماء قوي لدرجة تتماهى فيه الشخصية وتنصهر ، بدون وعي ، في وحدة وجودية تؤلف بينهم وبين مجتمعهم وتاريخهم ، وحدة تتجاوز حدود الزمان والمكان الحاضر إلى ما وراء الذاكرة والتاريخ . أدعوكم هنا للتأمل لحظة في هذا الموقف وجذره الأخلاقي ، وأصله المعرفي .
فهل نحن إخوة ? قطعاً لا ! من السذاجة الوقوع في هذه المغالطات . نحن مجموعة أخرى ، توجد بيننا وبينهم أشياء مشتركة بحكم التاريخ : الشكل ، العادات ، الذوق ، وكلمات كثيرة حفظتها لغتنا نحن ، ولولا لغتنا لضاعت لغتهم ....
العلاقات البشرية تقوم بالأساس على مصالح مشتركة وحاجات متبادلة ، وضمان ديمومتها هو مبدأ التكافؤ . لا أقول بأن العلاقة بيننا وبينهم مستحيلة إنما التكافؤ فيها صعب التحقيق . اليوم ، الظلم واقع ، وهو ظلم عظيم ومستمر منذ عقود . لا يمكن لعلاقة ود واحترام ، أو أية علاقة صحيحة بأن تنشأ بين البشر إذا لم تكن هذه العلاقة عادلة أو أقرب إلى العدل .
ربما يكون التحليل النفسي الوارد في هذه القصة صحيحاً لكننا لا نستطيع أن نبني عليه واقعاً . الواقع يبنى على معطيات مادية والمعطيات المادية الحالية تجعل منهم ذئاباً ، وتجعل منا حملاناً وديعة لا حول لها ولا قوة ، رغم أن الدعاية ووسائل الإعلام غالباً ما تعكس هذه الصورة . في كلتا الحالتين ، لا صداقة بين الذئب والحمل .
ستسألونني ربما ، وأين هو الإنسان في كل هذا ?
الإنسان فينا اليوم عابر طريق ، الحاجة أقوى من الإنسان ، والجوع أقوى من الإنسان ، والخوف أقوى من الإنسان ، وكل ما يبقى من الإنسان ويميزه عن غيره هو خيط من الذاكرة تنتشله من قسوة الواقع لتقذف به خارج الزمن وخارج أرضه الضحلة . لو أردنا البحث عن إنساننا ، علينا أن ننقذه أولاً من الجوع ومن الذل ومن الخطر المحدق به ومن النسيان ، لنرتقي بواقعه المادي ، وبوعيه الذاتي ومن ثم إرادته إلى مستوى الإنسان .
تحياتي لكم جميعاً ودمتم بخير .
|