مثال عجيب لأهل النكد كن أول من يقيّم
عرفته مُذ كنا في سن الطلب ، وترعرعت الصداقة في حياتنا حتى وجدتُني أقرأ في ملامحه ما تخفيه عني طويته . تزوج أخونا فجئته زائرا ومهنئا ، والدعاء إلى الله لا يكف عنه لساني : بالسعادة ورغد العيش واستقرار بيته وهدوءِ سِرِّه ووردية أيامه و.. و.. و.. وفجأة طلعت علينا الزوجة تحمل ما يُقَدَّم للمهنئين بمثل هذه المناسبات ، فالتفتّ والفضول يملأ إهابي أن أعرف مدى اختيار صديقي لشريكة حياته فإذا بها تلتفت إليَّ أيضا بنفس الفضول وإذا بنا على معرفة قديمة أيام كنتُ مدرسا في مدرسة بنات وهي إحدى زميلات المهنة ، فضحكنا من غرائب القدر وتعجب صديقي وسأل بدهشة : أتعرفها ? فقلت : نعم ، من قبل أن تلدك أمك . ومضى وقت ليس بطويل بعد هذه الزيارة ، ولما التقينا وجدت في نفسه غصة من الزوجة المليحة ، فحاولت تحسس الخبر فانفجر بالشكوى من امرأة ثرثارة لا تكف عن الكلام مع الشرح والإبانة ومع القول حاشية وتقريرات و.. و... وقال : إنني أعاني من صداع مزمن ، كما أعاني من الصمت الرهيب ، وانطباق شفتيَّ إلى الأبد . فملأت فمي بضحكة ظنها المسكين شماتة ، ولكني ضحكت مما أعلمه عن المشتغلين بهذه المهنة وعن أختنا الكريمة بخاصة ، وأشرت عليه أن يكسر الأيام بينه وبينها : يوما لكلامها ويوما لكلامه ، ثم لقيته فضحك من خبث مشورتي ، وقال : يا مولانا ، في يوم كلامها تقول ما تشاء ولا أقاطعها بحرف واحد . ويوم كلامي لا أستطيع أن أفوه بحرف ؛ لأنها تردد : بكرة يوم كلامي بكرة يوم كلامي ..... ...... ........ وهكذا حتى يقتلني الصداع . ولكن ؛ قل لي : لمَ لمْ تنبهني إلى هذا الداء ? فقلت : لأنك لم تسألني عنها قبل اقترانك بها . أرأيتم نكدا أعظم من هذا ? ? !! |