البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 37  38  39  40  41 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
رأي في الجمال من وجهة نظر فلسفية : إيمانويل كنت    كن أول من يقيّم

 

سعى الى تكوين وعي جمالي بالعالم

 
 
لا غرو أن الفيلسوف الألماني ايمانويل كنت (1724 ? 1804) هو أعظم فلاسفة العصر الحديث غير مدافع. وهو إنسان فوق الإنسان، لأنه يمتلك مواصفات بالغة الندرة من العبقرية الفائقة للعادة وسمو الأخلاق وصولاً الى الترفع على شهوات الحياة والعفة المطلقة ودعوته الشهيرة على مستوى السياسة الى اقامة سلام دائم. دع إسهاماته الهائلة في ميادين الميتافيزيقيا والأنطولوجيا في كتابه ?نقد العقل المحض? والأكسيولوجيا في كتابه ?نقد العقل العملي? وأخيراً الاستيطيقيا (علم الجمال) في ?نقد ملكة الحكم?.
 
وما يعنينا هنا ان كنت نشر ?نقد ملكة الحكم? سنة 1790 ويتعلق هذا الكتاب بالبحث عن أسس لعلم الجمال. وبعد أكثر من قرنين على ظهور هذا المؤلَّف القيم في ألمانيا يُنقل الآن الى العربية مترجماً عن الألمانية مباشرة من قِبَل غانم هنا ? الذي هو أحد أبرز الخبراء العرب في الفكر الألماني ? ويصدر أخيراً عن المنظمة العربية للترجمة في بيروت. وفي هذا العمل الخالد يحاول كنت إثبات أنه لا توجد قاعدة بعينها مطلقة، يستطيع الإنسان بواسطتها أن يطلق حكماً كلياً موضوعياً حول جمال كائن من الكائنات. وهذا يعني جوهرياً أن إمكان الحكم على ما هو جميل لا ينتمي الى ?الكلّي الشمولي?، وإنما الى ما هو ذاتي في الإنسان. ولذلك تختلف الأحكام بنوع ما باختلاف الأشخاص الذين يطلقونها، لكن كنت يقف عند فكرة على درجة عالية من الدقة وهي انه على رغم أن الأحكام الجمالية لا يمكن أن تكون كلية بإطلاق، لأنها ذاتية تابعة لتنوّع الناس، إلا ان الشروط الذاتية لملكات الحكم تتميز بأنها هي التي هي بالنسبة الى جميع البشر. وهذا يدل على انها واحدة عند الناس كافة. وإذا كان هذا هكذا، فإن من المتاح لنا أن نصف أحكام الذوق بأنها كلية. ويترتب على هذا الكلام أن الجمال يخضع لقانونية معينة، لكنها ليست قانونية مطلقة. فالجمال ?قانونية من دون قانون?.
 
ويُعنى كنت في شكل أساسي بمقولة الجميل ويرى الى ان القول الفصل في أمر شيء ما إذا كان جميلاً لا بد من أن ينتمي الى منحى خاص به على مستوى التقويم. وهذا المنحى هو ?منطق الذوق الجمالي? وانطلاقاً من هذه النقطة بالذات دعا كنت الى تشييد صرح علم الجمال.
وفي ?نقد ملكة الحكم? يحدد كنت ماهية الجميل تبعاً للعناصر التالية: فعلى مستوى الكيف الجميل هو ما هو خلو من الفائدة. أما كمياً فالجميل يُمتّع عموماً لا خصوصاً. أما من حيث العلاقة بين الأهداف المنشودة، فالجمال غائية من دون غاية. وأخيراً الجميل هو موضوع لاستمتاع ضروري.
 
والحقيقة أن كنت ها هنا يرى ان الجميل يمنح المتعة عفوياً وعمومياً وذاتياً وضرورياً.
 
ولكن يمكن الاعتراض على رأي كنت هذا حول الجميل اعتماداً على التحليل النفسي، فثمة اكتشاف خطير في هذا الميدان يتعلق بما يُسمى الفيتيشية والمصطلح يعود من حيث الأساس الى الغزاة البرتغاليين لأفريقيا. فقد أطلق هؤلاء كلمة فيتيش على المقتنيات المعبودة عند الأفارقة البدائيين ومن ثم انتقل المصطلح الى التحليل النفسي ليدل على انحراف جنسي عند المريض، فالموضوع الطبيعي السوي بالنسبة الى هذا المريض لم يعد مقنعاً أو كافياً، لذلك يميل المريض الى ما هو بديل عنه مثل جزء منه أو حاجة يقتنيها هذا الموضوع من حيث هو شخص. والمهم هنا هو أن الفيتيش من حيث هو عضو من الجسد مثلاً قد يكون مشوهاً ولكن ذلك يتحول الى مصدر وحيد للإشباع الجنسي. وهنا يجد المريض في ما هو مشوّه أو قبيح جمالاً نادراً لا يراه في أي حال جمالية أخرى توافرت فيها من حيث هي جميلة العناصر الكنتية (نسبة الى كنت) التي ذكرناها سابقاً. وقد يُعترض علينا بأن الفيتشية حال مرضية، إلا ان فرويد قال ان الفيتشية فاشية في معظم الناس. وحتى لو كان ممكناً مخالفة فرويد، إلا أن التيارات المعاصرة في التحليل النفسي تؤكد أن الاختيار الموضوعاني الجنسي عموماً عند الناس لا بد من أن يكون مشوباً بما هو فيتشي، بمعنى أن المرء قد يختار موضوعاً معيناً لأنه ينطبق من دون غيره مع حقيقة الذات على مستوى الرغبة، فمثلاً شكل محدد للأنف مع لمعان بارق فيه قد يؤدي الى الاختيار المطلق. والحقيقة ان القارئ لا بد من أن يشعر معي بالأسف لغياب هذه النقاشات الفائقة الأهمية عن الساحة الثقافية العربية واقتصارها فقط على النخبة.
 
وبعد هذا الاستطراد الضروري لنعد الى كنت الذي ناقش إضافة الى مقولة الجميل مقولة الجليل أيضاً. فالجميل يرتبط في الشكل الخاص بالموضوع أما الجليل فيكون في اللاشكل. وعلّة ذلك ان الجليل هو خير تعبير عن اللانهائي. والفرق بين الجميل والجليل هو أن الأول يتعلق بالمباشر والثاني بما وراء المباشر. ولذلك الجليل عقلي على الأصالة. ولئن كان الجميل يبعث على المتعة، فإن الجليل يبعث على الهيبة، فعندما نشاهد امرأة حسناء جداً نقول عنها انها جميلة. ولكن عندما نشاهد الأوقيانوس الزاخر بالأمواج نقول: انه جليل. والحقيقة ان كنت يثير فروقاً دقيقة جداً بين الجميل والجليل ويتكلم على أنواع الجليل وقد أدت رؤيته العامة في علم الجمال الى إحداث آثار كبيرة في التصور الجمالي للعالم وخصوصاً في الشعر وهذا ما نلاحظه عند هولدرلين وشلر.
 
وما دمنا قد أتينا على ذكر الشعر، فإن كنت يرى فيه ضمن رؤيته للفنون عموماً انه فن التحكم باللعب الطليق للمخيلة كما لو أنه فعالية ذهنية. ولذلك فإن الشاعر الحقيقي يهب أكثر مما يعد به. وعلى أي حال، فإن الشعر يسفر عن الموثوقية والنبالة والنزاهة والوفاء. وهذا لا يتحقق إلا في الشاعر العبقري.
 
وهذا يدفعنا الى الكلام على العبقرية، فقد ذهب كنت في ?نقد ملكة الحكم? الى أن الموهبة الفطرية هي التي تمنح الأسس والمعايير والقواعد للفن. وانطلاقاً من هذا الوعي العميق يتبين أن المعيار في الفن ليس معطى قبلياً وإنما هو من أفاعيل العبقرية، لذلك القواعد الفنية هي ما هي في حقيقتها إبداعات للعبقري تُعمم لعدم القدرة على مضاهاتها في ميدانها وهنا تتجلى الأصالة في العبقري. أضف الى هذا أن العبقرية لا تُنقل الى الآخرين عِبر التعليم، فالشاعر العبقري الذي يكتب قصيدة عظيمة هو نفسه لا يعرف كيف كتبها.
 
ولما كان العبقري خالقاً للمعايير والقواعد والأسس، فإنه لا يستطيع فرضها في ميدان العلم وذلك ناجم عن خضوع نسق العلم لقواعد لا تقبل التبديل وفي حال صحتها المطلقة. ولكنه، أي العبقري، قادر على فرض قواعد جديدة دائماً في مجال الفنون الجميلة لإمكان التغيير فيها تبعاً لإبداع العبقري.
 
وأخيراً يؤكد كنت أن الانسان هو من حيث هو كينونة أخلاقية واشتراع قيمي لا بد من أن يكون الغاية النهائية للخليقة.
 
 

دمشق ? علي محمد إسبر     الحياة     - 25/08/06//

 

31 - مايو - 2007
الجمال ? ما هو ??
عودة البنت الفلاحة    كن أول من يقيّم

 
 
 
وهذه أيضاً بنت فلاحة من بنات أفكاري لا تدخل في أي قالب من قوالب الحضارة أنشرها في ملف الذاكرة هذا الذي أصبح بمشيئتكم مجلس المجالس ، وأنا أعتذر سلفاً من الأستاذ زهير تطفلي مرة أخرى على ساحة الشعر التي يذود عنها بكل غيرة ومحبة  :
 
إفتح نافذتك وانتظرني
 
إفتح نافذتك وانتظرني
في موسم النسرين
تسعون وردة على شباكك ستتفتح
والشذا تسعين
ألفي تغريدة كموسيقى الفرح
رذاذ حميم
يغمر وجهك
ويغسل حزنك
ويقطر فوق الجبين
 
**********
 
إفتح نافذتك وانتظرني
في موسم الترحاب
شدو البلابل صار مني
ندوة الأصحاب
آتيك بباقة من شعر
فرح حبور
آتيك بحزمة من شمس
شعلة من نور
نجمات من كوكب سعيد
تزهو كحب الياسمين
عيناك ترنو إلى البعيد
تستطلع أخبار السنين
 
*************
 
إفتح نافذتك واسمعني
أرتل بالنذور
في شكوتي أصداء التمني
والشاطىء المهجور
في شكوتي همس واد بعيد
صبوة المشتاق
أشلاء كلمات عنيدة
كضمة من أوراق
تساقطت من قبضتي
تبعثرت في سطوري
تطايرت ثم استقرت
في خاطري المكسور
 
***************
 
إفتح نافذتك وانتظرني
في غفلة التاريخ
نزقي ، جنوني ، غربتي
وصرير الريح
تقرع بالأنامل باليد
على حافة الشباك
كالبرد تلفح ، والغرابة ترتدي
تومىء بالعيون
ترنو إلى دفء المكان
تتنفس عطر الحنين ...
..............
يا للقدر !
يا للزمان !
نتساقط مثل الخريف
نتكور مثل الجنين
وكما فتات الخبز أشلاء الرغيف
يتفتت القلب وتذروه السنين
.....................
 

31 - مايو - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
استراحة شعرية في تأملات لعبد العزيز المقالح    كن أول من يقيّم

 
هذه تأملات شعرية للدكتور عبد العزيز المقالح عادة ما يكتبها ليذيل بها مقالاته ، وهذا لوحده يعني أشياء كثيرة ، اخترت منها هذه :
 
المقال الأول كان بعنوان :  " بالعقل وحده يحيا الإنسان ويتقدم "
 
وحدها خارج الوقت
لا تتقدم ،
لا تتألم ،
بالصدفة ارتعش العصر من حولها
وهي نائمة في سبات طويل .
يري كيف يمشي الحديد
وكيف يطير
وتسمع ما لا تري
بيد أن أصابعها افتقدت
رجفات الدليل
 
القدس العربي 15 / 10 / 2003
 
والمقال الثاني كان بعنوان : " واحدية النضال القومي تأكيد لواحدية الوطن العربي " :
 
وتأتي حدائقها
ومواكب أحلامها
في صباح أغر
محملة بالشموس الكبار
وهازئة بالخطر .
أتذكرها .......
وهي تختال في زينة
من بهاء الزمان الجميل
غداة استجاب القدر .
 
القدس العربي 18 / 10 / 2003
 
 

4 - يونيو - 2007
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
قصيدة من إيران    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

ترجمها عن الفارسية : محمد الأمين

كيف يمكنني أن أقدم المديح

كيف يمكنني أن أمدح ينبوعاً وهمياً
وأن ألاطف ظامئاً حقيقياً في آن?
أن أدعي أن هذه الثمار أجمل من الربيع?
كيف يمكنني أن أرتّل نشيد النصر?
أن أترقب الحنان أيها الموت الرؤوف?
أن أعتبر خريف المدينة أجمل من ربيعها
في هذه الطريق الصخر
كيف يمكنني أن ألقي نظرة على عشبة
أن أصطحب رفيقاً
أن أمتدح هذا الميت الذي كان حياً
أن ألاطف هذا الحي الذي كان ميتاً
الطيور هاجرت لمشاهدة الريح
والبراعم لملاقاة المياه الصافية
 الأرض عارية
 كذلك حدائق الوهم
وذكرى محبتك التي تفوق محبة الشمس
 
مشرف تهراني (م.آزاد)
 
عن الحياة  ( نصوص إبداعية ) 02 / 01 / 2007

4 - يونيو - 2007
من روائع الشعر العالمى
آخ من جدودي : حسابات الدين والمكافأة    كن أول من يقيّم

 
هناك مثل روسي قديم يقول : " نفسح لبعضنا المكان ، ولو شعرنا بأن المكان ضيق ، لكننا هنا جميعاً ، فلا نُغضب أو ننسى أحداً " .
 
يرمز هذا المثل إلى علاقة التضامن والتكافؤ التي تتم بالتراضي بين أفراد الأسرة الواحدة . غير أن الواقع لا يسير دائماً على هذا النحو ، والعلاقات الأسرية حسابات معقدة باستطاعتها أن تكون ، في حالة التوازن ، الضمان الأول لشعور الفرد بالحماية والاستقرار ، كما أنه بمقدورها أن تكون ، في حالة عدم التوازن ،  المصدر الأول للقلق والشعور بالظلم .
 
فعدا عاطفة المحبة ، والنوايا الحسنة التي يتبادلها أفراد الأسرة الواحدة ، فإنه يوجد فيما بينهم رابطة من الحسابات المعقدة تشبه دفتر الحساب ، نكون فيه دائنين أو مديونين ، أو كلاهما معاً لأن لهذه الحسابات ميزانها الدقيق وكثيراً ما تتوارثها الأجيال عن بعضها البعض .
 
تعطي مؤلفة الكتاب Anne Anceline Schutzenberger  مثالاً من حياتها الشخصية فتقول :
 
كنت قد تزوجت أثناء الدراسة وأنجبت طفلي الأول ، وكان زوجي طالباً مثلي وكنا نعاني من مشاكل مادية بالغة الصعوبة تهدد مستقبلنا الدراسي حتى التقيت ذات يوم ، بالصدفة ، إحدى قريباتي التي كنت بالكاد أعرفها ، لكن جدي الذي كان يتيماً ، والذي كان قد بدأ بالعمل في سن الرابعة عشرة ، كان قد قرر أن يعمل ليمنح إخوته وأخواته فرصة الدراسة والحصول على شهادات جامعية . إحدى هؤلاء كانت قد درست الصيدلة وتزوجت ثم استقرت في باريس ، وقريبتي هذه هي إحدى أولادها . ما إن علمت بظروفي حتى اقترحت علي مساعدتي بمبلغ من المال في كل عام على أن أعيده إليها بعد إتمام دراستي وقد رفضت بالمقابل أن تأخذ علي أي تعهد أو وثيقة رسمية بالمبلغ المطلوب وكأنها بهذا تتبرأ من دين قديم حملته أمها المتوفاة تجاه جدي المتوفي أيضاً .
 
وعادة ما نأخذ من الأهل ، لنعطي للأولاد ، إلا أن بعض الأولاد يصبحون أحياناً أهلاً لأهلهم بمنطق الدين والوفاء به ، كالإبن الذي يلتزم بمسؤولية البيت إذا طعن والده في السن أو كان على مرض ، والبنت التي تعزف عن الزواج لكي تبقى مع أمها المريضة ، أوالبنت التي من الممكن مثلاً أن تتزوج من زوج أختها المتوفاة لتحل محلها ( خصوصاً إذا كان هناك أولاد بحاجة إلى الرعاية ) .
 
نلاحظ أحياناً في بعض البيوت بأن هناك من يمرض دائماً ليتلقى العناية ، وهناك من لا يمرض أبداً ليتمكن من العناية بالآخرين . المانح والمتلقي لكل منهما حساباته ولا يحدث الخلل طالما أن هناك نوع من التوازن القائم في هذه العلاقات .
 
تقول حفيدة شارل داروين ( العالم الأنكليزي صاحب نظرية النشؤ والإرتقاء ) Gwen Reverat - Darwin  وهي تصف طفولتها في بيت جدها والسعادة : " التي نتلقاها عندما نحظى بالعناية أو عندما نتمكن من الاعتناء بالآخر ...... "
 
" المشكلة هي انه في بيت جدي كان من دواعي الشرف لك ان تكون مريضاً . بل كان حزناً لذيذاً أن تكون مريضاً . جزء من المشكلة هو أن جدي كان دائماً مريضاً . وكان أولاده لشدة محبتهم له يحبون تقليده ، وكانوا يحبون أن يخضعوا لعناية جدتي ، ولأنه كان من الممتع جداً أن تكون مريضاً وأن يعتني بك أحدهم ويبكي عليك " .
 
وهنا أضيف أنا ضياء ، بأن جدتي رحمها الله ، كانت في السنوات العشر الأخيرة من حياتها قد دأبت على المرض في الفترة الواقعة ما بين كانون الأول إلى آخر آذار من كل سنة ، وكان لمرضها طقوسه الخاصة التي حاكتها بمعرفتها ، فكانت تلجأ إلى السرير ولا تفارقه أبداً وحتى انتهاء تلك المدة التي كنا اعتدنا تسميتها " بالسبات الشتوي " . فهي من جهة : كانت تخشى قدوم البرد وتحذره : " لأن البرد سبب كل علة " كانت تقول . ومن جهة أخرى كانت هذه الفترة مناسبة تخترعها لكي يأتي لزيارتها خلالها جميع إخوتها وأخواتها وأولادهم وأحفادهم تباعاً ، ولو تأخرت إحدى هذه الزيارات حتى آخر نيسان مثلاً لتأخر شفائها أيضاً . وأما ذلك الذي لم يأت أبداً ، فلسوف يعلم عاجلاً ام آجلاً بأن عليه حساباً يجب أن يؤديه .
 
 
عندما ننظر إلى مشكلة تعاني منها عائلة ما ، فإن أول ما يجب علينا فعله هو النظر إلى القواعد التي تنظم علاقات أفراد العائلة . فالعلاقات عادة ما تكون مبنية على قاعدة من السلوك وحسابات متعلقة بالدوافع التي تحددها القدرة وسلم أولويات ما هو مفروض ومسلم به واقعياً . مثل البنت التي تتزوج من زوج أختها المتوفاة لتحل محلها . هناك دين تجاه الشخص المتوفي ثم أنه كان يجب إيجاد حل لمشكلة الأولاد .
 
وهناك أمثلة كثيرة لإختلاف تلك القواعد المتبعة من أسرة لأخرى :
 
أ ـ ففي بعض الأسر يتم الاعتماد على البكر ، أو يتم تفضيل البعض على البعض كأن يعمل البعض ليساعد البعض الآخر على تحصيل الدراسة .
ب ـ في مثال آخر : يكون هناك مساواة عامة بين جميع الأبناء
أ ـ هناك مثلاً من يتزوجون ويبقون في نفس البيت مع بقية أفراد العائلة .
ب ـ أو أن الأبن البكر فقط هو من يرث البيت العائلي .
 
فمن هو الشخص المسؤول عن إرساء هذه القواعد العائلية التي تعاش غالباً بشكل مضمر ولا تكون معلنة أو مصرحاً بها ?
 
عندما يحصل توزيع الأرث : فإن الذي يحصل على الحصة الأكبر ، أو الذي يرث الأرض ، أو الخزانة ، أو ألبوم الصور ، أو حتى أحياناً الديون المترتبة على الميت ، سواء كان رابحاً أو خاسراً ، فإن هذا الذي حظي به من " إرث " سوف يردد مئات المرات على مسامع الجميع وسوف ينتقل شفوياً من جيل إلى جيل .
 
إن إعادة التوازن إلى العلاقات العائلية أمر شديد الصعوبة لأن الرسائل المبثوثة كثيراً ما تكون متناقضة المعنى ومصاغة بشكل ملتبس : ففي الوقت الذي تؤكد فيه على شيء معين ، تؤكد عكسه في الوقت ذاته . لإن الشعور بالظلم والقبول بالواقع المعاش يولد لدينا نوعاً من السلوك ذو وجهين :
 
ـ قاعدة السلوك الظاهري
ـ قاعدة السلوك القسري المضمر
 
فالكثير من الأشخاص يفكرون دائماً بالظلم الذي لحق بهم وهم يحقدون على الأشخاص الذين تسببوا لهم بهذا الظلم : في هذه الحالة هناك إحساس بالغبن ، بالنقص ، بدين غير مدفوع ، كأنها عملية سرقة أو قنص قد تعرض لها الفرد وهو لا يجرؤ على المجاهرة بها لأنها حميمة وغير معلنة . هذا الدين يمكن أن يكون مادياً ، وغالباً ما هو نقص عاطفي أو عدم إعتراف وسوء تقدير من بقية أفراد العائلة ، وكثيراً ما يجتر هذا الشعور الإنسان ويدمره من الداخل .
 
هذا النوع من الظلم يمكن أن يقع في العائلة ، أو من الشريك الزوجي ، أو في العمل ، أو حتى يمكن الشعور به تجاه الوطن والأمة خصوصاً في ظروف الحروب والأزمات والمجازر الجماعية والإعتقالات ......... هذا الشعور المدمر يمكن أن يؤدي بالمرء إلى المرض والموت أحياناً . هناك من الناس من لا يستطيعون النسيان أو السماح لمن تسبب لهم بالأذية ، وهذه الحسابات المعقدة كثيراً ما ترتبط بسجلات العائلة أو المجموعة الواحدة من الناس . وتقول الكاتبة بأن تجربتها في العلاج النفسي تفيد بأن الهرب إلى مكان آخر والإبتعاد جغرافياً لا يخلصنا من مسؤوليات ما نسميه ب : " الدين العائلي "  بل أن الشخص الذي يتهرب من مسؤولياته العائلية من الغالب ما يدفع الثمن غالياً من الشعور بالذنب الغير معلن والرهيب .
 
هناك مثل من شخصية معروفة بعدم التوازن والإستقرار لتوضيح جانب من هذه العلاقة وهو الشاعر الفرنسي رامبو " Arthur Rambaud  " الذي كان والده قد تخلى عنه وهو في عمر الست سنوات واختار الهرب بدلاً من تحمل المسؤولية ، وكان جد أبيه قد فعل الشيء ذاته قبل مئة عام وتخلى عن ابنه في عمر الست سنوات واختار طريق الهرب ومات في سن مبكرة . ولما لم ينجح رامبو في حياته الخاصة واشتدت من حوله الأزمات ، اختار طريق الهرب أيضاً ومات في سن مبكرة ، فكأن تلك المأساة تتكرر في العائلة الواحدة جيلاً بعد جيل فيكون نتيجتها الموت أو الهرب . وهذا ما يمكن تلخيصه : بالحسابات غير المدفوعة للعائلة ومن الأساس .
 
غالباً ما تكون الأدوار محددة سلفاً في العائلة الواحدة وغالباً ما تكون هذه العلاقات محكومة ببعضها البعض بشكل أنه ليس من السهل أبداً تسديد الحسابات غير المدفوعة والتي سوف تتكرر إلى ما لا نهاية . من هنا تأتي أهمية الوعي بأن تكون هذه العلاقات متوازنة لأنها قاعدة الأمان النفسي وهي الحماية الضرورية التي يجب تأسيسها وتوريثها .
 
 
 
 
 
 
 
 
 

4 - يونيو - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
حكمة فرنسية أخرى    كن أول من يقيّم

يقول الفرنسيون : " يلزمنا من كل شيء كي يوجد العالم  " ، " Il faut de tout pour faire un monde "  
وأما الأستاذ النويهي فهو موجود والحمد لله ولسنا بحاجة لأن نخترعه ، وأي واحد فينا أهميته هي في اختلافه وتميزه ولولا هذا لغدا بدون فائدة . وأما الوقت الذي جئنا فيه ، فنحن لم نختره ولا نستطيع اختراعه . هذه مسؤوليات وهمية لا طاقة لنا بها وأي واحد فينا هو ، على الأكثر ، شاهد على عصره من وجهة نظره ، لو تجرأ ، على الأكثر ، النظر إليه .
 
 

4 - يونيو - 2007
من روائع الشعر العالمى
هويات بلا حدود    كن أول من يقيّم

 
أشكر الأستاذ عبد الحفيظ على هذه الصور الغنية جداً التي يتحفنا بها . الصورة الأخيرة للفلاحة الأمازيغية التي تحمل ابنها على خاصرتها وهي تغطيه من حر الشمس هي صورة جميلة وبليغة وشديدة التعبير . إن ما يعطي لهذه الصورة قوتها الإيحائية هو صلابة وقفة تلك المرأة ، رغم حملها الثقيل ،  وإحساسنا بثبات قدميها الملتصقتين بقوة بالمكان الذي تقف فيه ، بينما يعبر وجهها عن خوف ولهفة بل وتضرع يتبدى فيه ألم مكتوم . هي فعلاً تعبير جميل عن الإرادة المجبولة بالحنان .
 
أما هدية بريجيت فحكاية أخرى ، جميلة أيضاً وزاخرة بالدلالات ، وهي مفاجأة لي كما توقع الأستاذ زهير ، وستكون مفاجأة لبريجيت بدون شك . أعرف بأن بريجيت قد زارت المغرب منذ سنين طويلة ومراكش بالذات وحدثتني عنها بإعجاب كبير . وبريجيت مولودة في باريس لأم فرنسية وأب روسي لكن لها أقرباء لأمها من أصل جزائري ، بل هم جزائريون كما يعتبرون أنفسهم وقد تعرفت على واحدة منهم تعمل هنا كمحامية لا يمكن تفريقها شكلاً ، ولا سلوكاً عن أية بنت جزائرية أخرى . كانت قد غضبت مرة واحتدت على بريجيت متهمة لها بأنها " عنصرية " و " بأنها لا تحب العرب " لأنها انتقدت طريقة طبخهم قائلة : بأن كل شيء فيه " يسبح في الزيت " ، ولما أجابتها بريجيت بأنها تحب الأكل الذي تأكله عندي وتجده أقل دسماً ( للتدليل على انها غير عنصرية ومنفتحة على ثقافة الغير ) أجابتها : بأن لا علاقة للأكل اللبناني بالأكل العربي فاللبنانيون ليسوا عرباً ?????????
 
كل هذا وأنا لم أعرض عليها الصورة بعد ، ولن أتمكن من ذلك قبل أسبوع على الأقل ، وأنا أشكرك ، مؤقتاً ، وبالنيابة عنها ، وأعلم بأنها ستسعد كثيراً بهذه الهدية الجميلة جداً جداً .
 

11 - يونيو - 2007
رسالة بريجيت
داخل الوطن ( 3 ) ...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
كنت قد فتحت الراديو بالأمس على " إذاعة الشرق من باريس " لأستمع إلى الموسيقى أثناء تحضيري للعشاء ، انبعث صوت القرآن من الراديو ، فعلمت للتو بأن شيئاً ما قد حصل ...... لجأت إلى التلفزيون ، فطالعتني صور الحرائق والسيارات المشتعلة في شوارع بيروت والبشر يهرعون من حولها بالحركة الهستيرية التي تعودنا رؤيتها منذ ثلاثين سنة أو يزيد ، يسحبون الجرحى ، ويجمعون ما تبقى من أشلاء الضحايا التي تناثرت هنا وهناك .
 
المشهد الهستيري نفسه في فلسطين ، نساء جالسات على أرض الطريق تحملن أعلاماً لم أتميزها ، تدافع وصراخ وطلقات رشاش يركض بعدها الشبان في كل الإتجاهات ، يسحبون جثة ، أو جريحاً ، ثم يتابعون لعبة الموت بكل إصرار . كلهم يشبهون بعضهم وكلهم بالسلاح ....... في العراق ، جثث تتطاير في السوق وسيارات تحترق ، ومشهد الخراب يتطاول بهامته ليملأ الساحات الكبيرة التي تعج بالناس المذعورين . مشهد الجوامع التي فجرت حديثاً يدلل على عمق النكبة التي ابتلينا بها ويصل إلى أذني منها التعليق على الصور فأسمع يأتيني من البعيد البعيد ، أسماء حفظتها الذاكرة الحميمة : مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ...... ما دخل هؤلاء بالحرب الدائرة بين البشر ? كم من مرة علينا بأن نموت لكي نموت ? مشاهد التدمير هذه تعيد إلى ذاكرتي كل الألم والخوف المختزن في أعماقي على شكل توتر وانقباض ورغبة عارمة بالبكاء ، بل وبالصراخ أحياناً .....
 
ها هو تموز يقترب منا من جديد ، عاماً بعد عام ، ولا شيء يتغير سوى أننا في كل يوم نقترب من حتفنا ونعد أرقام الخسارة :
 
وطني المباع على iiالرصيف
 
تـحـيـة  الشيخ iiالضعيفْ
وتــجـلـةً iiمـمـلـوءةً
 
مـمـا  يـنزّ على الوجيف
ســكـرانـةً iiمـطـرودةً
 
مـن مـحفل الدين iiالحنيف
ثـمـنُ الـحـقـود iiيعيقها
 
لـتـبـاع في ثمن iiالرغيف
لـم  يـكـتـشـف iiإيمانها
 
لـلآن  زنـديـقٌ iiنـظيف
لـمّـا أعـدتُ iiخـمـارها
 
فـي  وجهها سقط iiالنصيف
ومـنـابـر الـوعـاظ iiوا
 
قـفـة بـمـنزلة iiالضيوف
مـثـل  الـهـواء قـلوبها
 
مثل  المصاحف في iiالرفوف
والـمـسـتـقـل iiكـمثلها
 
والـفـيـلسوف  iiالفيلسوف
والـحـل رابـعـة iiالـنها
 
ر  يـلـوح كالجبل iiالمنيف
تـقـضـي الكرامة أن iiأبر
 
رأهـا  على مرأى iiالسيوف
مـن  كـل مـن يـتمسحو
 
ن بـهـا ومن كل iiالطيوف
وطـنـي أقـلـني من وقو
 
فـي طال يا وطني iiالوقوف
لـمـا  رأيـتـك في iiالهوا
 
ن خرجتُ من كل iiالصفوف
حـدثـان  لا iiأنـسـاهـما
 
ما عشت في عصر الكسوف
قـصـف المنازل في iiالظلا
 
م  ومـشـهـد الرد iiالعنيف
فـي  رقـبـة الصحفية iiال
 
شـقـراء تـذبح iiكالخروف
وفـضـيـلـة  iiمـصلوبة
 
فـي  ثـوب عاهرة iiعيوف
ومـن  الـخريف إلى iiالشتا
 
ء  مـن الشتاء إلى الخريف
هـذي  تـدق عـلى iiالطبو
 
ل  وتـلك تضرب iiبالدفوف
 

14 - يونيو - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
داخل الوطن ( 2 ) .....    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
 
هديتي إلى ندى عبد الحفيظ الأكوح الغالية مع شكري وتقديري لمساهتمها الأخيرة الجميلة جداً :
 
كنت قد بحثت عن صورة قديمة لي مع تلامذتي في الصف الأول التمهيدي أخذت عام 1978 وهي أول سنة مارست فيها التعليم كمدرسة متعاقدة  آنذاك ،  وذلك قبل أن أنتسب إلى دار المعلمين والمعلمات ، وكنا قد خرجنا للتو من حرب السنتين . لم أجد الصورة التي كنت أبحث عنها ، لكني وجدت هذه الصورة في المدرسة عينها ، مدرسة القليعات الإبتدائية في سهل عكار ، مع طاقم " الهيئة التعليمية " التي ترونها : أنا في الوسط وكنت أتناول فطوري على فرصة الساعة العاشرة عندما نادوا علي لنتصور ، على يميني : الأخوان حسان وعبد الكريم دندشي وهما الناظر والمدير ، على يساري : الأستاذان يحي الخشفة ووليد أبو حسن وهما من أبناء القرية والأول هو اليوم مهندس والثاني طبيب أسنان ، والمعلمة الجالسة في الأمام هي أختي : فاطمة سليم العلي وتعمل في الإرشاد التربوي . 
 
وأعدك يا ندى بأنني سأجد الصورة الأخرى مع التلاميذ الصغار لاحقاً .
 
 
 
 
 
 

14 - يونيو - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
عربي وتركي    كن أول من يقيّم

من الصعب جداً أن نتخيل يوماً ، في حياتنا الإعتيادية اليومية ، رجلاً يقول لصديقه : " هل لديك عود ثقاب ? " بدلاً من : " معك كبريتة ? " أو " معك قداحة ? " .......
 
للغة العربية الفصحى قدسيتها المعنوية التي تنأى بها عن حياتنا اليومية الإعتيادية ودورها المميز في بناء الشخصية العربية ، فهي مبنية على هيكيلة قوية ومتماسكة تجعل منها الوسيلة الأرقى في التعبير . وحتى تلك المشاعر الخسيسة أو الدنيئة التي نعبر عنها ، فإننا نضفي عليها نوعاً من العقلنة عندما نصيغها باللغة الفصحى ، كأننا بهذا نؤطرها ونبتعد عنها المسافة الكافية لفهمها وضبطها . بينما تعبر اللغة العامية عن الشعور الغريزي الفوري المباشر والحميم أيضاً . ( وهذا بشكل آخر ما قاله الدمنهوري ) .
 
وهذا الإحترام الكبير الذي تحظى به اللغة الفصحى لا يختص به العرب وحدهم بل أننا كلماً ابتعدنا زمنياً وجغرافياً عن هذه اللغة ، كلما زاد تقديرنا لها . وسأورد للدلالة نكتة طريفة سمعتها ذات مرة عن عربي سافر إلى تركيا ، وحصل أنه أثناء تجواله في السوق ، اختلف مع أحد الباعة فتشاجرا . أخذ التركي يشتم العربي بلغته التركية ، وكان العربي يتكلم التركية ولكنه لا يعرف كيف يشتم بها ، فصار يكيل له الشتائم بالعربية .... فجأة ، توقف التركي عن الشجار وأخذ يستمع إليه بكل طرب ووقار وهو مستغرب أشد الإستغراب ، ثم ليلتفت إلى البائع الذي بقربه ويقول له :
 
ـــ انظر إلى هذا العربي المجنون ، أنا أشتمه وهو ينشد لي القرآن !
 
 
 

16 - يونيو - 2007
فى الدارجة 00 والكلمات الشائكة !
 37  38  39  40  41