مغرورات.. كن أول من يقيّم
أسعد الله أوقاتكم جميعاً، وشكراً لعميد أسرتنا الحبيب زهير على كل شيء، ولي مشاركة بسيطة من وحي البيتين المُعَنونين بـ(مغرورة)..
- (بكر بن النطاح) رأى المغرورة أنها:
| تمشي على الخزِّ من iiتنعُّمها |
|
فـتشتكي رجلها من iiالترف |
| لـو مرَّ هارون في iiعساكره |
|
ما رفعت طرفها من السجف | والصورة جميلة جداً، والبيتان بسيطان ومعبران عن حالة الحسناء التي ترى نفسها فقط؛ فجمالها فوق كل جمال، وحسنها فوق كل حسن، ولا يوجد بهما مبهم ما عدا كلمة (السجف).. والسِّجْف، والسَّجْف: الستر، وقيل: هما الستران المقرونان بينهما فرجة. وكل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق منه: سَجْف. والجمع: أسجاف، وسُجُوف. وربما قالوا: السِّجَاف، والسَّجْف. والتّسجيف: إرخاء السِّجْف. (المحكم والمحيط الأعظم/ ابن سيده)
- أما مغرورة امرئ القيس (130- 80 ق.هـ/ 496- 544م) فكانت قرينة الحب القاتل والحبيب المقتول، فقال لها مستفهماً مستنكراً:
| أَغَـرَّكِ مِـنّي أَنَّ حُبَّكِ iiقاتِلي |
|
وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ iiيَفعَلِ |
| وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلا لِتَضرِبي |
|
بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ iiمُقَتَّلِ | - والمعنى الشبيه به ما ساقه لنا جرير (28- 110هـ/ 648- 728م) عاكفاً على اتهام النساء أنه لا عهد لهنّ:
أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّما قادَني الهَوى إِلَيكِ وَما عَهدٌ لَكُنَّ بِدائِمِ
- أما عبدالمحسن الصوري أبوغليون (من مدينة صور بلبنان 339- 419هـ/ 950- 1028م) فقد قال في حسنائه المغرورة:
| وغـريـرةٍ مـغـرورةٍ iiبجمالها |
|
وتـظـنُّ أن المنتهي iiكالمبتدي |
| وإن اعتدى اليوم الزمان لها على |
|
أهـل الـهوى فغداً عليها iiيعتدي | أي: اعلمي أيتها المغرورة أن الجمال لا يدوم، وأن (الزمن دوار) كما يقول المثل، فإن كان عليَّ اليوم فهو عليك غداً.
- وللشاعر المصري أحمد الكاشف (1295- 1367هـ/ 1878- 1948م) قصيدة طريفة ذكر فيها الغرور وصفات أخرى يكرهها في أم أولاده (المستقبلية)، وهذه بعض الأبيات المختارة:
| لا أبتغي iiمغرورة |
|
بـنـفسها iiتفتخرُ |
| تجعل في كل iiفؤا |
|
د لـوعة iiتستعرُ |
| لا أبـتغي iiسلابة |
|
تـنهب ما iiأدخرُ |
| لا أبـتغي عالمة |
|
تحرجني وتضجرُ |
| لا أبتغي iiواعظة |
|
تـرهبني iiوتنذرُ |
| لا أبـتغي iiثرثارة |
|
بكل شيء iiتجهرُ |
| لأجل هذا لا أزا |
|
ل عازباً أنتظـرُ | وأنا أقول للشاعر رحمه الله: المنتظر دائماً هو الخاسر، والكمال لله وحده..
وبهذا.. اختلفت النظرة إلى المرأة المغرورة، وكل منهم يراها بطريقته الخاصة، لكن هل المغرورة عند شعرائنا هي الحبيبة؟... أو هل هي حبيبة؟!.. لا أعتقد، فالحالة من المؤكد أنها لم تصل إلى حالة حب، فمن يحب لا يصف حبيبته بالغرور مهما بدا منها من أنفة أو كبرياء، وفي المقابل لو أن الحسناء أحبت فلن تكون مغرورة بالنسبة إلى حبيبها مهما امتلكت من أنفة أو كبرياء أيضاً.
وأخيراً.. سأخرج عن الموضوع بهذه الأبيات (الدلعونيَّة) التي ذكَّرني بها الشاعر الكاشف في قصيدته السابقة، ولا سيما البيت الأخير (لأجل هذا لا أزا / ل عازباً أنتظر)، قال أحدهم:
| يـا أبـجد هوَّز يا أبجد iiهوَّز |
|
مـا حَدَى معتَّر غير iiالمتجوَّز |
| أعزب يا أعزب أوعى تتجوَّز |
|
خـلـيـك تنقَّل متل iiالحسُّونا | ودائماً أتذكر العزوبية وأقول: (تنذكر وما تنعاد).
دمتم بخير.. |