مناسبة مباركة     ( من قبل 10 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :     
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله إنه هو السميع البصير" . أشكر شيخي العزيز أبا بشار على هذه التهنئة بهذه المناسبة المباركة ؛ داعيا الله العلي القدير أن يعيدها علينا ونحن بحال أقرب إلى الله تعالى وكتابه وسنة نبيه ، إنه سميع مجيب . المسجد الأقصى المبارك يشكو شكوى مرة مما حل ويحل به من عدوان عليه وعلى ما حوله من ارض مباركة ، فعسى أن تكون هذه المناسبة الشريفة مدعاة إلى اهتمام المسلمين الفعلي بحال المسجد الأقصى التي هو فيها . والآن إلى هذا التعليق: ومن أنكرهُ فقد كذّبَ القرآن. فتوى منقولة من هنا : سؤال : هل كانت حادثةالإسراء والمعراج للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بالروح فقط أم بالروح والجسد معا؟ الإجابة من المفتي الشيخ عطية صقر : يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: اختلف العلماء في الإسراء والمعراج : هل كان بروح النبي -صلى الله عليه وسلم- وجسده أو كان بروحه فقط؟ والصحيح أنه كان بالروح والجسد معاً ، كما ذهب إليه جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء والمتكلمين وذلك لما يأتي : 1 - أن الله -تعالى- قال: { أسرى بعبده } ولفظ العبد لا يطلق في اللغة على الروح فقط، بل على الإنسان كله: روحه وجسده، كما جاء ذلك في مواضع كثيرة من القرآن الكريم مثل قوله تعالى { أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى } [ العلق: 9 ، 10 ] وقوله { وأنه لما قام عبد الله يدعوه } [ الجن: 19 ] . 2 - أن الإسراء بالروح فقط ليس أمرًا خارقًا للعادة، بل هو أمر عادي يحصل للناس في فترة النوم حيث تكون للروح جولات بعيدة في الكرة الأرضية تقضيها بوسائل غير عادية في مدة لا تحسب بالزمن العادي لحركة الجسم، ولو كان كذلك فلا داعي لأن يجعله الله تكريمًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- ويصدّر الخبر بقوله { سبحان } وما فيه من معنى العظمة والجلال الذي يقرن دائمًا بكل أمر عظيم . 3- أن الله -تعالى- قال { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } [ الإسراء: 60 ] أي امتحانًا واختبارًا لهم كيف يصدقونها، وذلك لا يكون إلا إذا تمت الرحلة بالجسد والروح معاً، فليس في إسراء الروح فقط فتنة ولا غرابة، ولذلك حين سمع المشركون خبرها كذبوا أن تتم في ليلة مع أنهم يقطعون هذه المسافة على ظهور الإبل في أيام عدة. 4 - أن الإسراء بالروح والجسد معًا هو فعل الله - سبحانه - وليس فعل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - والعقل لا يحيل ذلك على قدرة الله، فهو على كل شيء قدير، وليس هناك ما يمنع قبول الخبر الموثوق به في حصوله بالروح والجسد معًا . هذا ومن قال: إن هذه الرحلة كانت بالروح فقط - استند إلى قوله تعالى { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } [ الإسراء: 60 ] حيث قال : إن الرؤيا مصدر "رأى" الحُلْمية لا البصرية، فإن مصدر " رأي " البصرية هو رؤية. لكن أجيب على ذلك بأن الرؤيا والرؤية مصدران لرأى البصرية مثل: قُرْبى وقُرْبة، قال المتنبي وهو من كبار الشعراء: ورؤياك أحلى في الجفون من الغمض وإن كان ابن مالك وغيره خطؤوه في ذلك، لكن ليس كلامهم حجة حتى لو كان كلام المتنبي غير حجة. وقال ابن عباس في تفسير الآية : إنها رؤية عين، كما رواه البخاري . كما استدل القائل بأن الإسراء كان بالروح فقط بقول عائشة رضي الله عنها: ما فُقد جسده الشريف ، لكن رد هذا بما يأتي : 1 - أن هذا الحديث ليس ثابتًا عنها؛ لأن سنده فيه انقطاع وراوٍ مجهول، وقال ابن دحية: إنه موضوع. 2 - أنها لم تُحدّث به عن مشاهدة، بل عن سماع؛ لأنها لم تكن قد تزوجته إذ ذاك، بل لم تكن ولدت على الخلاف في زمن الإسراء متى كان . 3 - أنها كانت تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربه رؤية عين؛ وذلك لاعتقادها أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد معًا، ولو كان ذلك منامًا أي بالروح فقط لم تنكره، وما دام الحديث المنسوب إلى عائشة غير صحيح فلا داعي للتحايل في تفسيره بقول بعضهم: إن معنى: ما فقد جسده الشريف، ما تركت الروح جسده الشريف والمهم أن الإسراء قد تم، وقد أخبر الله عنه في القرآن الكريم، وهذا هو القدر الواجب اعتقاده، أما أن يكون على كيفية كذا أو كذا فذلك ما لا يتحتم اعتقاده، ولكل أن يختار ما يشاء، مع اعتقاد أن الله على كل شيء قدير، وأن رؤيا الأنبياء حق باتفاق العلماء، ولا داعي للخلاف في هذه النقطة، ومن أراد الاستزادة من المعرفة فليرجع إلى كتاب " المواهب اللدنية " للقسطلاني في المقصد الخامس الخاص بالإسراء والمعراج مع شرح الزرقاني (ج 6 ص 3 وما بعدها ) . والله أعلم .أ.هـ يتبين من الفتوى المذكورة أن من يقول بأن واقعة الإسراء والمعراج كانت بالروح دون الجسد لن يكون من المكذبين بالقرءان الكريم ، ولو كان كذلك لكان من الكفار المرتدين ؛ ولكنه اجتهد متأولا معاني الآيات بأدلة تغاير أدلة غيره . ونحن ، وإن كان معظمنا على رأي الجمهور في هذه الواقعة العظيمة ، فإننا لا يمكننا القطع بأي الأدلة هي الصحيحة ، وندع الخلاف في ما لا جدوى من الخلاف فيه كما ورد في الفتوى التي نقلتها . ولقد رأيت أن من المناسب هنا أن اذكر ما طالعته قبل أيام في موضوع " التكفير" مما قاله الإمام الشوكاني رحمه الله ، في " الروضة الندية... " ، وكرره في " السيل الجرار..." قال : " وأما قول بعض أهل العلم أن المتأول كالمرتد ، فهنا تسكب العبرات ، ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر ، لا لسنة ولا لقرآن ، ولا لبيان من الله ولا لبرهان" . |