اجتهاد في الدلالة     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
1 - رمز الشاعر ب ( الأيك ) عن ملتقاه بالحبيب ، وكان هذا الملتقى هو حديقة الأورمان بالقاهرة ، وهي من أعظم الحدائق بمصر أسسها الخديوي إسماعيل قبل نهاية القرن التاسع عشر ، ومَن يَزُرْ حديقة الأورمان يدرك مدى الجمال لمكانٍ هو ملتقى العشاق بين الورود والأشجار الكثيفة الرائعة وصفاء الطبيعة ، ولما تكرر اللقاء في هذا المكان فكأنه صارالمسكن الدائم للحبيب ؛ لذلك أضاف الأيك إلى ضمير الحبيب على سبيل الاختصاص ، فهو مجاز مرسل علاقته المحلية . 2 - ( إبطاء المُذلّ المُنعم ) إذا ألجأتك الحاجة إلى لئيم _ أعاذكم الله من الحاجة _ فقد ينعم عليك لا بقصد العون والإغاثة ؛ ولكن بقصد الإذلال لتكون عطاياه قيدًا في العنق وأسْرًا للنفس ، ومن لؤمه لا يسارع بالعطاء بل يقدمه متباطئا ومسوِّفا أحيانا مبالغة في الإذلال : وانظر كيف يكون ذلك مؤلما وقاسيا ولكن الحاجة أسكتتك عن إعلان الرفض لهذة المذلة المُتعَمّدَة ، وقد أجد مَن يأبى مثل تلك المذلة حتى لو تعلقت بلقمة العيش ، ولا أظن أبدا أن عاشقا يتمرد على معشوقته إذا فعلت به ذلك ، بل يراه منها أحلى من العسل المُصفى ويقول لها : ( زيديني ذلا زيديني ) 3 - ( ظالم الحُسن ) الحُسْن الباهر الرائع إذا لم يعطك شيئا مِن ثماره فكأنما ظلم أو قهر ، وهذا ما جعل الشاعر يشعر بظلم ليس له نظير فهو ظلمٌ وهو عذبٌ لذلك تغنى به ، ومما يؤيد هذا المعنى أن الشاعر وصفه بعد ذلك بقوله : ( شهيّ الكبرياء ) فأي كبرياء هذا الذي يُشْتَهَى ? إلا أن يكون من الحبيب فهو ألذ وأشهى شيء . 4 - ( الفتنة ) : كل ما أخرج عن حدّ العقل والتصور ، فجمال هذا الحبيب في أي مجلس لا يُبقي في الجُلَسَاءِ عقلا فكأنما فتن الجميع وأزاحهم عن المنافسة ، والمعنى : ليس مجلس من المجالس يحضره هذا الحبيب إلا تراه العيون شمسَ الفتنة اكتملت معانيها وتتامّت بكل وجه من وجوه الحُسْن عُلوّا وضياءً يبهر العيون فلا تقوى على التأمل فيه . رحم اللهُ إبراهيم ناجي ؛ فقد كانت صورته في جميع شِعره بهذه الرقة وزيادة . |