البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات abdelhafid akouh

 34  35  36  37  38 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
"خبز الطابون":    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

"خبز الطابون":
خبز الطابون هو خبز التنور لدى الفلسطينيين وكثير من المشارقة، وهو الخبز عند أهل تونس، ولا أدري فيما إذا كان لهذه الكلمة أصل فصيح أم لا. واللفظة جد مقذعة في المغرب، ولقد شهدت حادثة وقع فيها لأحد الإخوة حرج شديد وهو لا يقصد إلا خيراً. وللفائدة أشير إلى أن "الطَّبُّونة" في اللهجة السورية هي صندوق السيارة الخلفي التي توضع الحاجات فيه، فليتنبه إلى ذلك جيداً!


*منقول

24 - يوليو - 2007
إحراج العامية وطرائفها
تـ ذ كـ ا ر ..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم



 
إنزال الحسيمة:
خوسي مورينو كاربونيرو (1927)

* نقلا عن موقع المرساة .

4 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
إدوارد سعيد:    كن أول من يقيّم


 اللغة الفرنسية عائق أمام العالمية وسارتر من أهم الوجوه في القرن العشرين



ترجمة ديما فقيه




قبل فترة قصيرة من رحيله وبعد صراع مع مرض اللوكيميا اللمفاوية المزمنة دام عقداً ونيفاً من الزمن، وافق المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد أن يجري حواراً استثنائياً مع الباحثين اللبنانيين – الفرنسيين كريم إميل بيطار وروبير فاضل، مخلاً بالوعد الذي كان قطعه على نفسه بعدم إجراء أي حوار تبعاً لظروفه الصحية. والحوار الذي لم ينشر في أي صحيفة أو مجلة نشره الباحثان في كتابهما المشترك الصادر حديثاً في باريس بعنوان ?نظرات الى فرنسا? (دار سوي).



في هذا الكتاب يشارك ثلاثون مفكراً وباحثاً من العالم متحدثين من وجهة نظرهم عن فرنسا، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ومحللين ?الأزمة الوجودية? التي تعيشها فرنسا راهناً. ومن الذيـــن شاركـــوا في الكتاب عبر حوارات أو دراسات: محمــد أركون، بطرس بطرس غالي، جورج قرم، كارلوس فوينتس، فاتسلاف هافل، ستانلي هوفمان، تيودور زيلدن وسواهم.

يكتسب هذا الحوار الأخير مع إدوارد سعيد طابعاً خاصاً نظراً الى أنه يأتي بمثابة ?وصية الى فرنسا?، ويحمل بعداً رمزياً مهماً، فالمفكر الراحل وجّه كلماته الأخيرة الى فرنسا ومفكريها، هو الذي خبر الثقافة والأدب الفرنسيين بعمق، على رغم إقامته في الولايات المتحدة وكان من المثقفين النادرين، الملتزمين نهجاً فكرياً عالمياً. وتكمن فرادة هذا الحوار في كونه يكشف وجهاً شبه مجهول من صاحب ?الاستشراق?. هنا مقتطفات من الحوار غير المنشور:

يتحدث إدوارد سعيد عن علاقته الشخصية بفرنسا وبدايات تعرفه الى ثقافة هذا البلد، وكان والده شارك خلال الحرب العالمية الأولى، في الحملة العسكرية الأميركية التي أتت لمساندة فرنسا قائلاً: ?بالنسبة الى شخص مثلي، ترعرع في فترة الانتداب البريطاني في فلسطين ومصر، طالما شكلت فرنسا الخيار البديل. وكان لي كثير من الأصدقاء الناطقين باللغة الفرنسية، لا سيما في فيكتوريا كوليج في القاهرة وفي نوادي القاهرة حيث كنت أتمرن على لعب التنس. وبالتالي من الطبيعي أن تصبح اللغة الفرنسية اللغة البديلة والثقافة الفرنسية الثقافة البديلة بالنسبة إلي. إلا أنّ معرفتي بفرنسا كانت سطحية فلم يسبق لي أن زرت ذلك البلد. وكانت تقتصر على ما جلبه أبي من ذكريات: فرنسا، حب الحياة وبلد الجنس والنبيذ وكل هذه الكليشيهات. والغريب انني انتظرت مجيئي الى الولايات المتحدة في مطلع الخمسينات من القرن الفائت لمتابعة دراستي الثانوية، وأبدأ بالغوص في الأدب الفرنسي. وأذكر أن اتصالي الأول بالأدب الفرنسي حصل في سن المراهقة، عبر نص ?الجدار? لسارتر. وقد تأثرت كثيراً بآفاق هذا الكتاب الفلسفية والفكرية، وأدهشتني التعددية التي ينطوي عليها، لا سيما بالمقارنة مع الأدب الأميركي. ففي الفترة عينها، كنا نقرأ جون شتينباك إلا أن أسلوب سارتر ونظرته الى العالم مختلفان تماماً. وقد سحرني هذا الاختلاف. وما أن بلغت السابعة عشرة من عمري ودخلت جامعة برنستون، حتى التحقت بعدد من الدروس التي تتمحور حول الأدب الفرنسي، وكان يقدمها أستاذان رائعان. وكانت تدور حول الرمزية والرواية الفرنسية الحديثة، إضافة الى ما بعد الرمزية والسوريالية. وكانت المحاضرات خالية من أية نقاشات أو حوارات، كانت مجرد دروس نظرية غنية بالاقتباسات وعدد من المراجع التي كان يوصى الطلاب بقراءتها في نهاية كل حصة. لقد جُذبت كثيراً الى مفهوم التاريخ الثقافي في ذلك الوقت وتأثرت به. وسمحت لي قراءاتي باكتشاف فرنسا، هذا البلد الذي لم أذهب لزيارته زيارة مطولة إلا في العقد الثالث من عمري?.

وبضيف: ?خلال السنوات الأولى التي عملت فيها أستاذاً في جامعة كولومبيا، وقد عُيِّنت في منصبي هذا منذ 40 سنة، أي عام 1963، عاودت الاهتمام بالأدب الفرنسي. ووجدت فيه بديلاً للنظام الذي نشأت عليه ودرست فيه، أي التقليد الإنكليزي - الأميركي الوضعي، الذي يتسم بضيق الآفاق التاريخية. وبالنسبة إليّ، كان التقليد ?الروماني? هو البديل، وعلى رأسه فرنسا وإيطاليا. ومن خلال مؤلفات تعود الى أشخاص من قبيل الجامعي إيريك أورباك وهاري لفين، استاذي السابق في هارفرد ومؤلف كتاب هو من أهم الكتب عن الرواية الفرنسية في القرن التاسع عشر، تمكنت من توسيع دائرة اهتمامي بالأدب الفرنسي من القرن الثامن عشر الى القرن العشرين، كما بالنقد الأدبي. وكنت الرجل الأميركي الأول الذي تناول مدرسة النقاد الفرنسيين الجديدة في كتبه، وذلك ضمن مقال مطوّل حول لوسيان غولدمان. وقد اهتممت بفكرة أن غولدمان كان تلميذ جورج لوكاش في الثلاثينات، وانه كان ينتمي في تلك الفترة الى أنصار ?النقد الجديد?، وهي مجموعة تختلف عن النقد الأميركي بكل ما للكلمة من معنى. كانت مخالفة تماماً للفلسفة وتشدد على الجمالية على حساب البقية. وفي موازاة ذلك، لم أتوقف عن قراءة سارتر وميرلو بونتي والتقليد الفينومنولوجي، الناتج في معظم الوقت عن هوسرل وأحياناً أخرى عن هايدغر. ولعبت فرنسا دور الأرض الخصبة لهذا النمط من التفكير، ذلك أن الفرنسيين كانوا يلعبون دور الوسطاء بين الفلسفة الألمانية والتقليد الإنكليزي - الأميركي. وأخيراً، أتى العام 1966 وجلب معه حدثاً هائلاً يعيشه المرء مرة واحدة في العمر، إذ عُقد حينذاك المؤتمر المنتظر وعنوانه ?لغات الانتقاد وعلوم الإنسان? في جامعة جون هوبكنس واستطاع للمرة الأولى استقطاب كبار المؤلفين الذين قرأت أعمال بعضهم أو سمعت عن البعض الآخر منهم، ولا سيما جان هيبوليت ورولان بارت وجاك دريدا وجاك لاكان وجورج بوليه وجان بيار فرنان وتزفيتان تودوروف وجيرار جينيت... ويعود الفضل في دعوتي الى المشاركة في هذا المؤتمر الى مقالاتي التي سمحت لي بالتواجد مع كل هؤلاء الكبار على مدى أسبوع. وفي الواقع، أدهشني أمران متناقضان. الأول هو بعد نظرهم ولا محدودية فكرهم، فقد كان في إمكانهم أن يتحدثوا في طريقة متكلفة عن الفلسفة اليونانية أو الألمانية أو عن أي موضوع آخر. والثاني قدرتهم على التحول أشخاصاً متعصبين لفرنسيتهم. حتى أن بقية المفكرين كانوا يشعرون باحتكار المفكرين الفرنسيين للموضوعات المطروحة للنقاش، علماً أنهم كانوا يطرحون جدليات تعني العالم بأسره، ويتحدثون عن نيتشه وفرويد وهايدغر. وخُيّل للمشاركين الآخرين في المؤتمر – أي الأجانب (بعض الإيطاليين والأميركيين) – أن المفكرين الفرنسيين يوجهون الكلام بعضهم الى بعض لنيل الإعجاب المتبادل بينهم، غير آبهين لبقية الموجودين! كان ذلك مذهلاً حقاً!

أستطيع أيضاً أن أعزز كلامي بقصة حدثت مع رولان بارت. نظراً الى بعد حرم جامعة جون هوبكنس عن بالتيمور، كنا ننزل جميعاً في الفندق نفسه، ونلتقي يومياً. وفي كل صبح تنقلنا المركبة نفسها الى الجامعة. وعلى الطريق، اعتدت الجلوس بالقرب من رولان بارت، لذلك كان من الطبيعي أن نتبادل الحديث. اهتممت كثيراً بالمحاضرة التي ألقاها خلال ذلك المؤتمر والتي دارت حول فعل ?كتب?، الذي وصفه بالفعل غير المتعدي. وخلال أحد نقاشاتنا الصباحية، أخبرته أن أعماله تشبه، في كثير من نواحيها، أعمال أحد النقاد الأميركيين المشهورين والفريدين من نوعهم، كينيث بورك. بدا بارت مهتماً جداً بالموضوع، حتى انه دوّن اسم بورك وطلب مني أن أزوّده بلائحة تضم أهم كتبه. فاستجبت لطلبه قبل أن نعود الى حديثنا. وبعد سنتين، التقيت مجدداً برولان بارت، في مؤتمر كان يُعقد في شيكاغو. ألقينا التحية واحدنا على الآخر بحرارة وتكلّمنا عن أمور مختلفة، قبل أن أسأله إذا تسنّت له فرصة المقارنة بين أفكاره وأفكار بورك. وإذا به يجيب: ?أفكار من??. لقد فاته كلياً الأمر واضطررت الى الإصرار على مطلبي أكثر من مرة، على رغم أهمية بورك ونقاط التشابه بينهما. وأظن انني كنت في صدد تناقض شكلي الى أقصى درجة. فمن ناحية، هناك التعصب الى الانتماء الفرنسي، الذي أصفه بالمتطرف والذي كان يمنع المفكرين الفرنسيين من النظر الى خارج حدود عالمهم الفكري أو الاهتمام بالكبار دون سواهم، ومن ناحية أخرى، هناك انفتاح فعلي على بقية العالم في بعض الأحيان. فعندما كان كلود ليفي شتراوس يتكلم عن الفكر مثلاً، كنت أشعر انني أستمع الى مفكر عالمي بكل ما للكلمة من معنى. وبالطبع، ذلك هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة السائدة وهي العصبية الفرنسية. وليفي شتراوس كان يدحض هذه الفكرة. فهو تأثر كثيراً بالإثنولوجيا الإنكليزية - الأميركية. وبيار بورديو كان أيضاً استثناء في هذا المجال، نظراً الى تتبعه لكل ما يجري خارج الفلك الفرنسي. لكن سواهما من المفكرين كانوا منغلقين على ذاتهم، ولا يهتمون إلا بشخصهم. ولا أدري كيف أفسّر هذه الشوائب، قد يكون السبب عقليتهم أو النظام التربوي والبرامج التي تتخطى حدود المقبول في صرامتها?.

ورداً على السؤال: نظراً الى المكانة الخاصة التي يحتلها المفكرون في المجتمع الفرنسي، هل ترى أنهم يستغلون مكانتهم تلك ويستثمرونها في المكان المناسب بغية الدفاع عن قضايا مهمة، أم أن المسألة تختصر في المظاهر? هل نشهد اليوم تراجعاً للنفوذ الفكري الذي تتمتع به فرنسا، لا سيما بالمقارنة مع الفترة التي تلت الحرب مباشرة? يجيب: ?لم يستطع المفكرون الفرنسيون المعاصرون لي من لعب دور جوهري، واللغة هي أحد الأسباب التي أعاقتهم. فقلة قليلة منهم فقط متمكنة من لغة أخرى غير الفرنسية، كالإنكليزية على سبيل المثل. والمفكرون العرب يعانون أيضاً من عائق اللغة. فهم يعجزون عن التعبير بغير اللغة العربية ويكتفون بذلك، متسائلين، مثلهم مثل المفكرين الفرنسيين، ?لمَ عسانا نعقّد حياتنا بتعلّم لغات أخرى?? إن هذا النمط من التفكير مؤسف للغاية. ولكن هنا أيضاً، يمكنني أن أذكر أمثلة مضادة وأسماء لامعة مثل تودوروف. فأصول هذا الكاتب البلغارية لم تمنعه من أن يصبح مفكراً فرنسياً وهو من النادرين الذين يقرأون ويتكلمون ويفهمون اللغة الإنكليزية. إتيان باليبار يُعتبر أيضاً من الناطقين باللغة الإنكليزية. وهو يعطي دروساً، بين الحين والآخر، في الولايات المتحدة حيث تُرجمت كتبه وباتت موضع قراءة ودراسة. لكن أفكار الآخرين، حتى المفكرين اليمينيين الأكثر شهرة في فرنسا مثل فينكلكروت أو برنار هنري ليفي لا تتعدى حدود العالم الناطق باللغة الفرنسية ولا تلقى صدى واسعاً في العالم?.

لكن هؤلاء يحشدون جمهوراً واسعاً من خلال الشاشة الفرنسية الصغيرة. يقول سعيد في هذا الصدد: ?نعم، هذا صحيح. فجمهورهم التلفزيوني – إذا جاز التعبير – أكبر من جمهورهم الأكاديمي والجامعي. في المقابل، خُيّل إليّ لوهلة أن رجلاً مثل ريجيس دوبري قد يلعب دوراً مهماً خارج فرنسا. فقد منحه عمله في أميركا اللاتينية ومؤلفاته حول دور المفكر، خلفية دولية. إلا أن كتبه لم تلق الصدى الذي يليق بها في الولايات المتحدة، وقد تكون اللغة السبب وراء ذلك. وأتذكر الآن قصة تتعلق بدوبري وباللغة. منذ سنوات، عندما صدر كتابي ?عن المثقفين والسلطة? في باريس (دار سوي 1996)، التقينا في برنامج تلفزيوني أنا ودوبري وفينكلكورت. وفي المناسبة، شعرت ان الرجلين لا يستلطف واحدهما الآخر! وبالعودة الى صلب الموضوع، غمر الغضب دوبري عندما علم أنني وصفته في أحد مقالاتي بالكلمات الآتية: بـ ?المفكر اللامع والمتعدد الآفاق?. واستخدمت كلمة ?المتعدد? بمعناها في اللغة الإنكليزية، أي الرجل المنفتح والقادر على تناول مواضيع مختلفة في كتاباته. لكنه اعتقد انني استخدمت الكلمة بمعناها الفرنسي، أي الشخص المزاجي والمتقلب في أفكاره...?.

ويتحدث عن إميل زولا، الرواي والمفكر الملتزم قائلاً: ?لم أعاود قراءة كتابات إميل زولا منذ فترة طويلة، لكنني قرأته من خلال أحد زملائي الذي يعمل أستاذاً في قسم الأدب الفرنسي في جامعة كولومبيا. إن سيرة زولا الذاتية التي وضعها هنري ميتران، ذلك الرجل المتضلّع في كل شاردة وواردة تتعلق بزولا، هائلة، وقد سمحت لي أعماله أن أتعرّف أكثر الى زولا. بالطبع، سبق أن قرأت رواياته مثل ?جيرمينال? و ?نانا? وسواهما خلال فترة دراستي، وأعرف أن زولا كاتب موهوب لكنه لا ينتمي الى الكتّاب الذين أعاود قراءتهم مراراً وتكراراً، على غرار مارسيل بروست وغوستاف فلوبير الذي يُعتبر نقيض زولا على مستويات عدة. وهنا تأتي المقارنة في غير محلها. دعني أعترف إذاً أن إعجابي بزولا، المفكر الملتزم، يفوق إعجابي بزولا الروائي. فالسياق الذي تجري فيه أحداث روايات زولا مغاير تماماً للسياق الذي نعيش فيه اليوم ما أحببته في زولا هو مداخلاته العامة، والدور الذي لعبه كأحد الوجوه التي تركت بصمات واضحة في الثقافة الفرنسية. والمثير للاهتمام في ذلك الرجل هو ناحيته الفرنسية البحتة، وقدرة قضية ما على التأثير فيه ومسّه من الداخل وذلك بشهادة من المجتمع برمته. إضافة الى قدرته على دفع الأمور نحو مزيد من العدالة، كما حصل مع نصه ?أتهم?. وستبقى كلمة ?مفكر? مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بزولا.

مقولة ألبير كامو

وعن ألبير كامو وعن رأيه بمقولته الشهيرة: ?إذا خُيّرت بين العدالة وأمي، أختار أمي? التي تجسّد العلة التي يعاني منها العالم المعاصر، حيث يندرج الجميع تحت راية ذويه وجماعته ويغلّب النسب على الانتساب، ويفضل الولاءات القبلية والمجتمعية والشخصية على القيم والعدالة، يقول سعيد: ?أنا أعارض هذا الانقسام وأعتقد أن التصنيف خاطئ أساساً. وأظن أن ذلك يُعزى أولاً الى غياب أي معارضة طبيعية بين العدالة والأم. لم يُفترض بنا أن نختار? ولم لا يمكننا اختيار العدالة والأم معاً? من جهة أخرى، نحن نرتكب خطأ باعتقادنا بأن الدفاع عن العدالة قد يدفعنا الى التخلي عن أمنا، فالعدالة بذاتها أمر طبيعي للغاية. وفي نهاية المطاف، وحدها العدالة تستطيع تخليص الأمهات من كل شٍر يتربّص بهن. إن الدفاع عن العدالة لا يعني بالضرورة مخالفة الولاءات والانتماءات الفطرية والأساسية. ومن خلال هذا السؤال تبرز بعض النقاط التي تقف عائقاً بيني وبين كامو?.

في كتابه ?الثقافة والامبريالية?، يقارب سعيد ألبير كاموا بطريقة مستحدثة، من خلال تحليل اللاوعي الاستيطاني. ويبيّن أن كامو خضع، إما بكل وعيه أو من دون وعي، لسيطرة العقلية الاستيطانية. ويشير أيضاً الى أن الرجل العربي الذي قتله مرسو في رواية ?الغريب? كان شخصية مجردة، نجهل عنها الكثير... يقول سعيد عن كامو: ?أعتقد أن كامو كان رجلاً موهوباً، إلا أنه بالغ – الى حد التصنع – في إظهار أخلاقياته. كامو كان واعياً أخلاقياً، لكنني حاولت إظهار كيف أن انعدام النزاهة وحال الهروب والنظرة المخالفة للتاريخ التي ألقاها على المكان الذي عاش فيه، كيف أن كل تلك الأمور شوّهت هذا الوعي الأخلاقي. وأعني بذلك أن كامو لم ينقل العلاقة الفعلية بين المستوطن والمستوطَن كما هي في الجزائر. وبالنسبة إليه، شكّل الاستيطان سياسة سيئة مارسها نظام سيئ وحكومة فرنسية سيئة، لكنه لم يكن يرى أن ذلك يندرج في عملية تاريخية طويلة، تستند الى التجريد المنظم والى بناء عقلية استيطانية. وأعتقد أن ذلك أشبه بالوضع الذي نشهده في إسرائيل، وفي سلوك بعض المفكرين تجاه هذه المسألة بالتحديد. وما لا أستطيع فهمه هو أن الكثيرين من الفرنسيين ما زالوا يرون في كامو مثالاً للكاتب الأخلاقي والمفكر التقدمي. وقد أدركت الأمر عندما درس إبني كامو في المدرسة. كان يقرأ رواية ?الغريب? حينها. وسألته إذا ما كان الكتاب مدروساً بحسب سياقه، وإذا ما كانوا يتعرفون خلال الحصص المخصصة لدراسته الى الخلفية والكاتب والحياة في الجزائر... لكن الدروس لم تكن تجري على هذا النحو. ففي معظم الأحيان، يتم تجاهل كل هذه الأمور ويظهر كامو بالتالي كالكاتب الأخلاقي الفرنسي الكبير في القرن العشرين. لا شك في أن في وضع كامو قد يستغوينا التركيز على الأسلوب فقط. فنحن في وجه كتاب نثري رائع، في وجه ?كتابة بيضاء? أو كما سمّاها بارت. ومن المؤكد أن كامو كان يعيش في بيئة صعبة جداً، في بيئة منغلقة على فرنسيي الجزائر. لكننا لا نجد في شخص كامو وعياً لجهة استغلال شمال القارة السمراء. فيما أن الكاتب الفرنسي أندريه جيد كان يعي تماماً وجود هذا الاستغلال. وأنا لست أستغيب كامو، لطالما قلت، ولا أزال، إنه كان كاتباً موهوباً جداً، لكنه يخفي أمراً ما وذلك لا يريحني. فمن الطبيعي أن نرى فيه، كما نرى في أندريه جيد، مثالاً يُحتذى به لجهة الثقافة الفرنسية. إلا أنني أعتقد أن وضع جيد يختلف تماماً. كامو كان يعتبر نفسه مؤلفاً أخلاقياً وكاتب مقالات. أما جيد فكان قبل كل شيء من أنصار المتعية، وكانت أعماله منفتحة جداً ومتأثرة بهذه المتعية على طريقة أوسكار وايلد?.

وعن سارتر الذي عاد فجأة الى الطليعة، بعدما كاد العالم أن ينساه وعن الإرث الذي تركه يقول سعيد: ?مهما كثرت الإشاعات عنه، وعلى رغم كل سيئاته، يبقى سارتر بالنسبة إليّ أحد أهم الوجوه الفكرية التي عرفها العالم في القرن العشرين. وقبل الحديث عن سارتر الروائي، تجدر الإشارة الى أنه كان ناقداً أدبياً وفلسفياً فريداً. وفي هذا الإطار، تطاردني أعماله من كل ميل وطرف، أذكر منها كتابه الرائع عن فلوبير، ?أبله العائلة?، وكتابه عن بودلير والمقالات الأخرى التي تناولت باقة متنوعة من المؤلفين. وأظن أن أعماله تأتي في صدارة التحقيقات النقدية. وعرفنا سارتر أيضاً كروائي وكاتب مسرحي رائع، فكيف ننسى رواية ?الغثيان? وسواها من روائع المسرح التي تحمل توقيعه. ميزة سارتر انه كرّس معظم حياته ليطرح على نفسه كما على غيره أسئلة حيوية. وقد أثبت شجاعة كبيرة في تعاطيه مع الأمور، فتطرّق الى موضوعات شبه محرمة في المجتمع مثل فيتنام والجزائر. غير أن ذلك لا ينفي وجود بعض الشوائب والإبهام حول مسيرته الفكرية على بعض المستويات، ونذكر في هذا الإطار موقفه حيال القضية الفلسطينية?.

تميل مواقف سارتر حيال الصراع العربي – الإسرائيلي الى بعض من الغموض والتناقض خصوصاً في التزامه المطلق تجاه القضيتين الفيتنامية والجزائرية، أو المديح الذي قام به في المقدمة اللاهبة لكتاب فرانتز فانون ?محكومو الأرض?. ويقول سعيد: ?أو عندما نتذكر إعجابه الكبير بجان جينيه وبالعمل الرائع الذي أهداه إياه?.

وعن امتناع سارتر عن إظهار المزيد من الدعم للقضية الفلسطينية يقول: ?أعتقد أن سارتر تأثر بالحرب العالمية الثانية، وذلك طبيعي جداً. لقد أدرك فظاعة المحرقة التي أتت بمثابة ضربة أعادته الى الواقع وعززت وعيه السياسي والفكري. والأمر سيان بالنسبة إلى ميشال فوكو، على رغم صغر سنّه. فكلاهما شعر بعد الحرب أن إنشاء دولة إسرائيل خطوة طبيعية ومحقة، تأتي بمثابة تعويض لمعاداة أوروبا للسامية وقد تسمح بالتخفيف من وطأة شعور الذنب الذي يعذبهما ويعذب غيرهما بسبب الفظائع التي ارتُكبت بحق اليهود الذين تعرضوا للإبادة الجماعية خلال الحرب، على اختلاف جنسياتهم، فرنسيين كانوا أم ألماناً أم بولنديين. ومن هنا، عجز سارتر عن استيعاب وجهة النظر العربية. ونادراً ما اهتم بالعالم العربي، وكان ذلك غريباً بعض الشيء. فكان يرى في عبدالناصر رجلاً اشتراكياً من جهة، وفاشياً يشبه الألمان من جهة أخرى. لم تنشأ يوماً علاقة فعلية بين سارتر والثقافة العربية ولطالما غلب الانزعاج عليها وهذا ما لا أفهمه، وهو أحد الأسباب التي دفعتني الى مقابلته عام 1979. أردت أن أفهم الحقيقة، فصلة سارتر بالفكر العربي كانت ضعيفة في الوقت الذي كان على علاقة متينة ببعض الإسرائيليين، على غرار إيلي بن غال وبيار فيكتور اللذين أخذاه في رحلة الى إسرائيل وأعطياه صورة إيجابية عنها... أما العالم العربي والثقافة العربية فلم يعرفهما البتة. كل ذلك كان غريباً بعض الشيء. لكننا بشر ولكلٍّ سيئاته. هناك أمور تمسّنا وتؤثر فينا أكثر من غيرها. لقد أخطأ سارتر في قضايا كثيرة ولم تؤثر فيه معاناة الشعب الفلسطيني. صحيح أن موقفاً كهذا مخيّب للآمال، ولكن لا يكفي لنفي موهبته ومواقفه الشجاعة إزاء قضايا أخرى?.

سارتر والعداء لاميركا

وعن عدائية سارتر وسيمون دو بوفوار المتطرفة للولايات المتحدة، وهو شعور ذا طبيعة جوهرية لا يستند الى انتقادات شرعية لسياسات أميركية معينة، يقول سعيد: ?أزعجني ذلك، خصوصاً أن هذه العدائية لا تستند الى انتقادات شرعية، حتى انها لا تستند الى معرفة حقيقية للولايات المتحدة. ومن الواضح أن سارتر ودو بوفوار كانا يجهلان هذا البلد. والأمر سيان بالنسبة الى غيرهما من المفكرين الفرنسيين. فغالباً ما تنبع عداوتهم للولايات المتحدة من جهل فعلي لهذا البلد. وهذا ما دفعني في مرحلة ما الى كتابة مقالة تحت عنوان ?أميركا الأخرى?، التي صدرت في صحف عالمية عدة ومنها صحيفة ?لوموند ديبلوماتيك? الفرنسية، في آذار (مارس) 2003. أعتقد ان من الضروري أن نتذكر دائماً أن بوش وإدارته لا يمثلان سوى أحد أوجه الولايات المتحدة الكثيرة والمختلفة. كنت أود لو أن سارتر ودو بوفوار أوليا أهمية أكبر للوجه الآخر من أميركا. جان جينيه مثلاً، الذي التقيته للمرة الأولى في جامعة كولومبيا اهتم كثيراً بهذا الوجه الآخر. فقد نظر عن كثب الى الحركة المضادة للحرب التي نشأت في نهاية الستينات، والى النشاطات التي قام بها طلاب اليسار والجذريون وحتى البلاك بانثرز. جان جينيه كان متميزاً من هذه الناحية، على خلاف الكثير من المفكرين الفرنسيين التقليديين والتافهين في عدائهم لأميركا، لأن شعورهم ذلك ما كان يستند الى معرفة كافية بهذا البلد أو الى انتقادات شرعية ومفصلة?.

وعن تأثير مفكري ما بعد الحداثة في فرنسا على طلاب الجامعات الأميركية التي أبدت اهتماماً كبيراً بمفكرين مثل فوكو ودريدا وبودريار الذين يحظون بمحبة أكبر في الولايات المتحدة منها في فرنسا، يقول: ?إنه لسؤال صعب. إذا أخذناهم كل واحد على حدة، سأقول إن فوكو لا يحظى بالتقدير الذي يليق به كباحث وجامعي. فالكثيرون من الأميركيين يعتقدون أن فوكو هو فقط هذا الرجل الذي أطلق العنان لموضوعات أثارت ضجة كبيرة كالرغبة المثلية والجنس والجنون. وهي موضوعات منحت فوكو مكانة كبيرة، وجعلت الناس ينسون أنه جامعي كبير وفيلسوف رائع في الدرجة الأولى، ?فيلسوف جذري?، بحسب تصنيف نيتشه. هذا هو الوجه الذي أثار إعجاب جيل دولوز في فوكو والذي بقي مهمشاً بعض الشيء في أميركا، حيث يطغى الفكر المنظم والأنظمة الصغرى على البقية. عندما يتعلق الموضوع بمفكرين مثل دريدا وفوكو. فدريردا ومفهوم اللابناء يقعان اليوم في قلب نوع من البدعة الموجودة في الجامعات الأميركية. وقد ركّز الكثير على ذلك المفهوم من دون أن يفهموا أعمال دريدا الأولى. وأعتقد أن أعمال دريدا اللاحقة عكست، بطريقة أو بأخرى، التأثير الأميركي. فتحوّل كاتباً يتّسم بغموض أكبر ومنذ ذلك الحين فقدت أعماله رونقها لأنها كانت تفتقر الى الصراحة. إن مشكلة هؤلاء المفكرين لا تكمن بالمبالغة في تقديرهم، بقدر ما تكمن في أن بعض النواحي من أعمالهم، واشدد على ?بعض النواحي?، تحوّلت مجرد آليات متحركة. وبالتالي، بات من السهل الحصول على كميات هائلة من نسخ دريدا وفوكو، بدلاً من إنشاء أشخاص يحاولون فهم دريدا وفوكو، وانتقاد أعمالهما بالأسلوب نفسه الذي نقلاه في تعاليمهما. على صعيد آخر، أُصبت بخيبة كبيرة عندما علمت أن جاك دريدا قبل دكتوراه فخرية من الجامعة العبرية في إسرائيل... ولعل توقيعه على بيان يدين بقسوة السياسات الإسرائيلية هو بالضبط ما خيّب أملي. وقّع على البيان وقبل بلقب فخري منحته إياه جامعة تابعة لبلد وصفه بنفسه أنه يقمع الفلسطينيين وينتهك حقوق الإنسان ويضرب القانون الدولي بعرض الحائط! بالنسبة الى دريدا وبودريار، لا وجود لحجم التاريخ وأهميته. عندما يعلن بودريار أن عهد الخطابات الكبرى وزمن التحرر وعصر الأنوار ولت، أنا لا أوافقه الرأي بتاتاً. فالكثير من الناس في العالم، وفي الولايات المتحدة، يتأثرون حتى اليوم بكل ما له صلة بالعدالة والحرية والأمل والقيم الأخرى. ونظراً الى ذلك، أعتقد أن ما يروّج له بعض مفكري ما بعد الحداثة لا يخلو من الازدراء والاستخفاف بكل من يؤمن بهذه القيم. وهذا هو السبب عينه الذي يمنعنــي مـــن الموافقة على مفهوم ?نهايـــة التاريخ? لفوكوياما الذي يبسّط كـــل الأمــور الى حد التفاهة. أين الاعتراف بجهود الإنسان إذاً? أنا ألمس نوعاً من الكسل عندما أسمع أشخاصاً يأتون ليقولوا إنهم فقدوا كل اهتمام بتلك الأمور وبقضايا العالم الفعلية وبمعاناة البشر، وإنهم باتوا يهتمون بأفكار أخرى كالمسرح والمظاهر والروايات القصيرة والكفاءات التقنية...?.

ويتطرق إدوارد سعيد الى موقف بعض المفكرين من الصراع العربي – الإسرائيلي الذي يعيد الى مسألة ?العدالة وأمي? بحسب مقولة كامو، خصوصاً أن في عالم اليوم يتقدم النسب على الانتساب، ويقول: ?أعتقد بأن العلاقة التي يحاول البعض إيجادها بين قضية ما والسبب الذي يدفعهم الى الدفاع عنها هي في معظم الأحيان علاقة طبيعية تنبع من انتمائهم ونسبهم. كنت أتمنى أن ينبع خيارهم من قناعة شخصية. فالاختيار يفرض ألا يهرع المرء الى مساندة ?مخيمه? في شكل تلقائي. عندما انتقدت القيادة الفلسطينية بشدة، أثنى ريجيس دوبري على موقفي النادر، ذلك أن معظم المفكرين يميلون الى الدفاع اللامشروط عن مخيمهم وهذا ليس مفهومي لدور المفكرين. فمهمتهم الأولى تبقى الاعتراف بالحقيقة مهما كانت صعبة، وإن دفعت شعبهم الى التشكيك بهم. وفي نهاية المطاف، يعجز المفكر عن إتمام مهمته على الوجه الصحيح عندما يكتفي بإخبار جمهوره أو جماعته ما ترغب في سماعه وما يطمئنها ويثبّت قناعاتها السابقة والمكتسبة. وأظن أن هذا الفرق يستحق أن نتوقف عنده. إنه مسعى وراء النقاوة وتحقيق إنجاز ما. ثانياً، كنا نجد عند بعض المفكرين، حتى الكبار منهم، ما عدا البعض طبعاً، حاجة ماسة الى الإيمان بشيء ما. حتى عندما كانوا يتكلمون عن العلمانية، استطعنا أن نستشف فيهم صورة خيالية غير علمانية. وغالباً ما رأينا دفعاً شبه ديني يحثهم على المضي قدماً. لربما كان هذا الدفع بديلاً عن الإيمان الكاثوليكي. ولكن أعتقد أن المشكلة تكمن على هذا المستوى، هناك حاجة الى الإيمان بنظام سماوي ودفع شبه ديني وسعي وراء تحقيق إنجاز تام، مهما كان الثمن. ثم ان صورة المفكر الذي يلعب دور المحقق ويهتم بمشكلات الدنيا وبتفاصيل خاصة ويكرّس نفسه للنظر في الظروف التي يعيش فيها الأقل حظوة، ويقوم بدراسة القضايا الاجتماعية على مر التاريخ، ويزور الأماكن المهملة عادة والأحياء الفقيرة حيث يعيش المهاجرون والطبقة العاملة، أي المفكر الذي يتسلح بالشجاعة لمواجهة البؤس الاجتماعي، إن هذه الصورة إذاً باتت عملة نادرة في فرنسا، على الأقل قبل وصول بورديو، لأن بورديو غيّر مجرى الأمور، ولربما كان الوحيد الذي عالج مسائل ترتبط بالثقافة الشعبية والحياة اليومية بكل ارتياح، على الأقل أنا لا أعرف سواه. فبورديو كان يتوجه الى الشعب ويسعى الى استقطاب جمهور واسع. وفي الوقت نفسه، كان يأخذ احتياطاته من وسائل الإعلام. إلا أن حذره هذا لم يمنعه من الذهاب للبحث عن جمهوره والتواصل مع الشعب?.

معاداة السامية والعنصرية

وعن بعض المظاهر المخلة في فرنسا مثل بروز الشعور بمعاداة السامية والرهبة المرضية أحياناً من الإسلام والعنصرية ضد العرب يقول هو الذي كتب في ?الاستشراق? أن معاداة السامية والعنصرية ضد العرب ناجمتان عن الخلفية الفكرية نفسها والعقلية عينها: ?لا يمكن الفصل بين معاداة السامية والعنصرية ضد العرب. هذا مؤكد. فجذور الاستشراق هي نفسها جذور معاداة السامية، أي النظريات العرقية والأفكار الخاطئة حول اللغات السامية ومفهوم العرق السامي والفكرة السائدة التي تقول إن اليهود شرقيون فقط. بقي اليهود في فرنسا وبريطانيا شرقيين لمدة طويلة من الزمن، وكان يُنظر اليهم كفئة غير قابلة للدمج تماماً كما يُنظر الى بقية الشرقيين اليوم: فئة غير قابلة للدمج في المجتمع. إن أشهر الشخصيات اليهودية في الأدب الإنكليزي وردت في كتاب ?تاجر البندقية? وفي رواية ?دانيال ديروندا? لجورج إليوت. وفي العملين، نحن أمام شرقيين لا يهود من السكان الأصليين، بل غرباء. ولطالما بقي الوضع على هذا الحال في فرنسا?.

ويضيف: ?إن مكافحة العنصرية تحت كل أشكالها بدأت لتوها، ولكن أعتقد أن من الممكن تخطي تلك الأفكار المسبقة ولا سيما في فرنسا. ففي الولايات المتحدة، عندما نحاول الاهتمام بتاريخ الانشقاق وتاريخ معارضة العقائد المشددة وتاريخ العنصرية المضادة ومكافحة الأفكار المسبقة، والصراع من أجل الشمولية والانفتاح على العالم، تبقى فرنسا الأنوار المرجع الأول الذي يخطر في بالنا. هذا لا يعني أن المشهد كان خالياً من أي تناقضات، بل على العكس. فهذه التناقضات تتبلور مثلاً من خلال فولتير، أحد رموز عصر الأنوار، على رغم معاداته للسامية، هو الذي كان يروّج للعلمانية ويقوم باتفاقات جانبية مع البابا في الوقت نفسه.

ولكن، على رغم كل ذلك نقل لنا فولتير مبادئ الصراع من أجل الشمولية والعدالة وأعتقد أن هذا الصراع سيبقى خالداً مهما تغيّر الزمان. إنما، المذهل والغريب في فرنسا هو أنكم ستجدون دائماً، في وجه العنصرية والعصبية المحلية والعقول المحدودة، تياراً يتسم بالتسامح والعظمة وخطباً تدعو الى إرساء العدالة والحرية، ما يساعد على خلق إنسان مثل توسان لوفرتور. إن توسان لوفرتور كان في طريقة أو أخرى ثمرة الثقافة الفرنسية. فهذا الرجل الأسود قرأ إعلان حقوق الإنسان والمواطن على رغم ثقل العبودية ويديه المكبلتين، وقرأ أعمال ميرابو وتأثر بعصر الأنوار... فتحركت أحاسيسه وانكسرت الأصفاد لينتفض الإنسان الموجود في داخله من أجل محاربة العبودية في هايتي. هكذا كُتبت الأسطر الأولى من قصة تروي ثورة شعب أراد الحياة فاستجاب له القدر?.
 
المرساة :
  المصدر: دار الحياة

4 - أغسطس - 2007
اقتباسات واستضافات لأصوات من العالم..
سلام عليك أبا غالب .........    كن أول من يقيّم

بطاقة تعريف الكاتب الكبير: شكيب أرسلان
 
هو شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان، ولد سنة 1869، في بيت عريق من بيوت الإمارة اللبنانية في الغرب، والتي يعود نسبها إلى الملك المنذر بن النعمان من أشهر ملوك الحيرة.
 
ولد شكيب أرسلان في بلدة الشويفات في لبنان مركز العائلة الأرسلانية، والده الأمير حمود كان محباً للأدب والأدباء، وتجتمع إليه الشخصيات الفذة في بلده، وكان مسموع الكلمة مهيب الجانب على بسطة من الحياة والرزق والجاه، وكان مديراً لناحية الشويفات فإليه ترنو أبصار بلدته وأهله وعشيرته، تزوج من امرأة شركسية الأصل أنجبت له خمسة أولاد، أخذ بيدهم إلى العلم والثقافة وكان منهم الأمير شكيب أرسلان.
 
تعلم شكيب في بلدته الشويفات مبادئ القراءة والكتابة والقرآن على شيخ من أهل بلدته، ثم دخل مدرسة الأميركان، وتعلم فيها مبادئ اللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى بيروت ليتلقى دروسه في مدرسة الحكمة المارونية، والتي كانت مشهورة بتعليم أصول اللغة العربية، والفرنسية، والتركية. ونبغ شكيب في ذلك متفوقاً وبامتياز، ونال شهادتها سنة 1886، ثم انتقل إلى المدرسة السلطانية لتعلم اللغة التركية والفقه، كما حضر درس مجلة الأحكام العدلية على الإمام محمد عبده، ولازمه في مجالسه الخاصة، حتى كان للإمام عبده أثر كبير في حياة شكيب وفي تكوينه وتوجيهه، فاتخذه مثلاً أعلى لحياته، ورأى في أدبه وسيرته ودعوته للإصلاح وعمله لخير المسلمين طريقاً يسلكها، وشعاراً يرمي إليه، ونهجاً يسير فيه، حتى غدا يقلده في خطابه وفي آثاره ومقالاته.
 
نظم شكيب أرسلان الشعر وهو في منتصف العقد الثاني من عمره، وظهر نبوغه في الكتابة وغطت على شعره، فبدأ يراسل جريدة الأهرام المصرية بتوقيع (ش) وظل على ذلك سنين فاستفاضت شهرته، وفي عام 1887 نشر ديوان شعره الأول وأسماه الباكورة.
 
سافر شكيب إلى مصر وعمره إحدى وعشرون سنة، ولازم أستاذه محمد عبده وتعرف من خلاله إلى أرقى الشخصيات في مصر، وإلى مجموعة من طلائع النهضة العربية منهم: سعد زغلول، والشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد، وكذلك أحمد زكي باشا الذي أصبح شيخ العروبة في تحقيقاته وكتبه وأدبه. وتعرف إلى كثير من الشعراء والأدباء والساسة تضيق عن استيعاب أسمائهم وأمجادهم سطور وسطور، وكان لهذه البيئة أثر في حياة شكيب حيث كانت تمثل أكبر جامعة من الجامعات دخلها وخرج منها على اطلاع وثقافة وسياسة فزادته يقيناً برسالته التي راحت تراود أحلامه وأمانيه، وهي رسالة الدعوة إلى الإسلام والدفاع عن الخلافة والذود عن العرب ومناضلة الاستعمار.
 
سافر شكيب إلى باريس وهناك تعرف على الشاعر الكبير أحمد شوقي، كما تعرف على جمال الدين الأفغاني في الآستانة والذي قال له: (أنا أهنئ أرض الإسلام التي أنبتتك)، واتصل بالشيخ محمد رشيد رضا وامتدت صداقتهما حتى وفاة الشيخ.
 
تولى شكيب مديرية الشويفات مدة سنتين بعد وفاة والده الذي كان يشغل هذا المنصب ثم مدير منطقة الشوف مدة ثلاث سنوات، كما عُين نائباً في مجلس المبعوثان العثماني مرة عن اللاذقية ومرة أخرى عن منطقة حوران، وعُين مفتشاً لجمعية الهلال العثماني، وسافر تحت لواء هذا الهلال إلى طرابلس الغرب للدفاع عن إخوانه هناك فكان يحث الهمم ويؤمن المؤن ويضمد الجرحى، كما وقف في خطوط القتال مؤمناً بأنه: (إن لم ندافع عن صحارى ليبيا، لا نستطيع الحفاظ على جنان الشام).
 
دعا شكيب إلى الجامعة الإسلامية في ظل الحكم العثماني، ووقف في وجه التعاون مع الغرب ـ خاصة مع فرنسا وإنجلترا ـ ضد الدولة العثمانية، واعتبره أشد خطراً على الإسلام والعرب، وكان يدعم الخلافة العثمانية في مقالاته في جريدة (الشرق) ويدعو إلى نصرة الإسلام ضد الغرب المستعمر، ويعمل على وحدة المسلمين والإبقاء على سمعة الخلافة العثمانية وقوتها وسيطرتها كما كانت في عهد الأمويين والراشدين.
 
وبالرغم من دفاع شكيب عن الخلافة العثمانية قبل وفي ظل الحرب العامة، إلا أنه أخيراً استاء من سياسة القائد العثماني جمال السفاح، الذي طغى وبغى وقتل ونفى وهجر حتى طفح الكيل، حيث أنقذ الأمير شكيب من مظالم جمال باشا العديد من الشخصيات السورية واللبنانية نذكر منهم فارس الخوري الذي ظل حتى آخر حياته يذكر أن شكيب أرسلان أنقذه من الموت. ثم توترت علاقات الأمير بجمال باشا لتكاثر تدخلاته، وهُدد مراراً بعدم التدخل، وقد نصحه الكثيرون ألاّ يتمادى في التدخل حرصاً على حياته. فهاجر من سورية إلى استانبول سنة 1917، وقرر ألا يعود إلى سورية وجمال السفاح فيها.
 
دعته الحكومة الألمانية في نفس العام لزيارة عواصمها، فلبى الدعوة، وهناك وُفق في إقناع الألمان وساسة الأتراك في إرجاع جمال السفاح إلى الآستانة. وبهذا خدم شكيب قومه وأنقذ البقية الباقية من الزعماء السوريين من حبل المشنقة، كما خدم بلاده في إعادة منفيي سورية إلى أوطانهم.
 
لما انتهت الحرب العالمية بإخفاق الألمان والأتراك، انتقل شكيب إلى برلين وأقام هناك حيث أسس العديد من الجمعيات وانتخب رئيساً لـ (النادي الشرقي) الذي هو مؤسسه. وهناك نهج سياسة جديدة، فبعدما وقف من الثورة العربية أول الأمر موقف المخالف لأنها كانت ضد الخلافة العثمانية فلما انتصرت وعُين فيصل ملكاً، نراه يشد أزر مليكهم وينتصر لهم ضد دسائس المستعمرين الأوربيين، وأصبح ينادي بأنه جندي من جنود الأمة العربية له ثلاثة أهداف جليلة واضحة أولها: الاتحاد، وثانيها: التحرر، وثالثهما: السير في موكب النهضة والعلم. وكان يعرب عن أمله في مستقبل العرب والجامعة العربية فيرى أن ستين مليوناً يستطيعون أن يجندوا حوالي مليون جندي على الأقل لحماية الجامعة العربية.
 
وقد عرف الملك فيصل إخلاص شكيب للقضية العربية، ورأى أنه كان يعمل للعرب تحت ظل الخلافة الإسلامية. فلما قضت الخلافة راح يعمل لهم تحت ستر الإسلام ضد الاستعمار. فلما دخل الفرنسيون سوريا أيقن العرب صدق آراء شكيب إزاء الاستعمار، وهو الذي كان يقول: (هذا الاستعمار استمراراً للغزوة الصليبية، تغيرت الأسماء والألقاب أم لم تتغير). لذلك وجه له الملك فيصل بعد سقوط عرشه رسالة يقول فيها: (أشهد بأنك أول عربي تكلم معي في قضية الوحدة العربية).
 
وكانت تغلب على مبادئ الأمير شكيب الصبغة السياسية لأنه كان يرى أن إصلاح السياسة يصلح كل شيء. وهذا الإصلاح في السياسة قد انحصر عنده منذ بدأ مساهمته في الدعوة للجامعة الإسلامية حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى أي مدة ربع قرن في نقطتين الأولى: إصلاح الحكم الاستبدادي في الدولة العثمانية وفي سائر الدول الإسلامية الأخرى، وتقويم المعوج في شؤونها الداخلية. الثانية، تخليص الشعوب الإسلامية الواقعة تحت الحكم الأجنبي. وقد ظلت هذه النقطة الثانية  مدار عمله في هذا الميدان حتى النفس الأخير من حياته.
 
انتخب شكيب سكرتيراً أولاً للوفد المنبثق عن المؤتمر السوري الفلسطيني عام 1921 وعضواً في لجنته التنفيذية ليكون سفيراً لهم في الغرب يدافع عن سورية وفلسطين ويسعى لتحرير هذين القطرين من براثن الاستعمار ويسعى لاستقلالهما أمام جمعية الأمم المتحدة بجنيف. لذلك انتقل شكيب عام 1925 إلى سويسرا مقر عمله وأقام في لوزان أولاً حتى عام 1930 قبل انتقاله إلى جنيف. وقد نجح وفد المؤتمر السوري الفلسطيني في إفهام القضية السورية الفلسطينية، وأثارها في العواصم الأوروبية، ونبه أنظار الأمم إلى جرائم فرنسا في بلده، وجرها إلى مراقبة أعمالها، وتحذيرها من مغبة فسادها، فنقل بذلك أصوات السوريين إلى جمعية الأمم في جنيف وأقض مضجع المستعمرين.
*************************http://www.syrianstory.com/arsslanne.htm***
 
يتبع......        

8 - أغسطس - 2007
اقتباسات واستضافات لأصوات من العالم..
................. أمير البيان أمير القلم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

ذاع صيت شكيب في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، وأصبح موضع ثقة العرب جميعاً ومحل احترامهم وإكبارهم، وزال عنه كثير من التهم التي كانت تلصق به في العهد العثماني بسبب وقوفه في وجه العرب المعادين للخلافة العثمانية، ولقي في سبيل هذه الشهرة عناء كبيراً، إذ راح العرب والمسلمون يكاتبونه ويسألونه ويشتكون إليه، وكان عليه بعد أن زحف نحو الستين أن يجيب من يعرف ومن لا يعرف بقلمه السيال وبيانه الفياض، فأصبح في كل ناحية له رسالة من خطه تنير أو تفيد في فتوى سياسية أو تعين في مشورة.
 
 انتخب شكيب أرسلان سكرتيراً لمؤتمر الشعوب المقهورة في جنوى، وفي عام 1923 ـ 1925 أقام في مرسين بتركيا ليكون على مقربة من سورية المتحفزة للثورات، وللقاء والدته وعائلته هناك. في عام 1926 نال شكيب أرسلان الجنسية الحجازية (السعودية لاحقاً).
 
كما انتخب شكيب في تموز 1926 في لجنة رئاسة مؤتمر الخلافة، وحركة مؤتمر الخلافة حركة إسلامية عارمة ثارت بعد قرار كمال أتاتورك إلغاء الخلافة في آذار 1924 وقطع روابط تركيا بالعرب والمسلمين.
 
دعاه عرب المهجر في أمريكا الشمالية إلى ترؤس مؤتمرهم المنعقد في (ديترويت) فلبى الدعوة عام 1927، وسافر إلى أمريكا بعد أن طاف في روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وأخذ يغذي الصحف العربية في كل مكان، وراح ينشر مذكراته في جريدة (مرآة الغرب) بنيويورك، تحدث فيها عن جمال السفاح ومقاومته له وردعه إياه عن فظائعه المنكرة في قتل الأحرار من العرب، وتحذيره لهذا الضابط المتكبر من نتائج أعماله على الدولة العثمانية وعلى رابطة العرب والترك.
 
في سنة 1929 ترك شكيب سويسرا ليحج إلى بيت الله الحرام، في سنة 1930 قام برحلة إلى أسبانيا، فجاس خلالها مدنها وقراها، وصافحت عيناه جدران الأندلس الحلوة ، فنقلها صوراً بارعة ورسوماً باكية ضاحكة إلى كتابه (الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية).
 
كما وأنشأ في هذه السنة مجلة باللغة الفرنسية سماها (الأمة العربية) شهدت له بالنضال في سبيل العرب، والعمل لاستقلالهم، والانتصار لثوراتهم في كل مكان وتحريضه إياهم على الكفاح والنضال والإشادة بأبطالهم وبطولاتهم، غير مبال بغضب الإنجليز والفرنسيين.
 
وللأمير شكيب أياد بيضاء في محو كثير من أسباب سوء التفاهم الذي ينشأ أحياناً بين ملوك العرب أو بين أمرائهم أو سائر رجالاتهم وغالباً ما تكللت مساعيه بالنجاح بفضل ما كان يتمتع به عندهم من نفوذ وإكرام. ففي سنة 1934 اختير شكيب في الوفد الذي شكلته لجنة المؤتمر الإسلامي في القدس لحل الخلاف بين عاهل السعودية ابن سعود والإمام يحيى، فكان لشكيب يد فضلى في جمع الشمل.
 
 ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى قلما جاء وفد عربي إلى باريس أو لندن أو جنيف أو غيرها من العواصم ليطالب بحقوق العرب ولم يكن الأمير شكيب من أبرز أعضائه أو كبار مستشاريه، كما ندر أن عقد مؤتمر عربي عام وكان بعيداً عنه، ولم تقم ثورة في قطر عربي في المشرق أو المغرب ضد الاستعمار إلا وكان المدافع عن القائمين بها ناشراً الدعوة لها وكاشفاً الستار عن أعمال المستعمرين في أوطانه.
 
وذكر عنه أنه قابل مع صديقه إحسان الجابري موسوليني، وباحثه في موضوع القضية الطرابلسية، وأقنعه بإعادة 80 ألف عربي لوطنهم في ليبيا وإعادة أراضيهم.
 
خطر لشكيب أرسلان عام 1936 أن يجمع ما كتبه من بحوث سياسية ومذكرات واحتجاجات ونداءات، وما كان يوزعه على وفود جمعية الأمم المتحدة ورجالها من خطابات، فوجد أنه يقع فيما يقارب العشرين مجلداً، وأنه يتعذر عليه طبعه فأهداه جميعاً إلى نظارة الخارجية السورية.
 
قال شكيب أرسلان عن نفسه أنه (لا يضيع دقيقة واحدة من وقته، وأنه يتلقى أكثر من ألفي مكتوب في دور السنة، فيجيب عليها كلها، ويكتب زيادة عليها مائتين إلى مائتين وخمسين مقالة في دور السنة. وينشر من التآليف بضعة آلاف من الصفحات المطبوعة تأليفاً). عرّفه خليل مطران بـ (إمام المترسلين)، ولقبه أخوه الخبير بعلمه وفضله السيد رشيد رضا بـ(أمير البيان).
 
في عام 1935 ترأس الأمير شكيب أرسلان المؤتمر الإسلامي الأوروبي الذي عقد في جنيف. وفي عام 1937 سمح للأمير شكيب بزيارة سورية، فطاف مدنها وخطب في قومه وحاضر في أندية علمية مختلفة، واختاره المجمع العلمي العربي بدمشق رئيساً له تكريماً لجهاده وإكباراً ليده، لكنه اعتذر احتجاجاً على فرنسا التي تنكرت للمعاهدة المعقودة مع سوريا سنة 1936، فاضطر للعودة إلى جنيف في ظل فترة الحرب العالمية الثانية، حيث نسج شبكة علاقات واسعة مع السوريين في أمريكا اللاتينية، فراسلهم وكتب المقالات في مجلاتهم ووجه خطواتهم في عقد المؤتمرات وتشكيل الجمعيات، كما شارك في الخطوات السياسية للزعماء العرب المعادين لفرنسا وبريطانيا والساعين لاستقلال ووحدة البلاد العربية، وأبرزهم الحاج محمد أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني وعلال الفاسي ومصالي الحاج الزعيم الجزائري، وغيرهم في المشرق والمغرب على السواء.
 
الأمير شكيب أرسلان من الدروز وهو يعتز بهذا النسب ويقول: (والدروز فرقة من الفرق الإسلامية أصلهم من الشيعة الإسماعيلية الفاطمية، والشيعة الإسماعيلية الفاطمية أصلها من الشيعة السبعية القائلين بالأئمة السبعة، وهؤلاء هم من جملة المسلمين، وهم مسلمون ويقيمون شعائر المسلمين ويتواصون بمرافقة الإسلام والمسلمين في السراء والضراء، ويقولون إن كل من خرج عن ذلك منهم فليس بمسلم).
 
أما الأمير شكيب فقد كان شخصياً يتعبد على مذهب أهل السنة، فيصوم ويصلي ويزكي ويحج كما يفعل جمهور المسلمين. قال الشيخ سليمان الظاهر: (بأن الأمير شكيب كان المسلم الحقيقي الذي عرف أن الإسلام عقيدة وعمل وأنه دين إنساني عام لا دين شعوبية وقبلية وعصبية وإقليمية ولا دين أجناس وألوان).
 
موقف الأمير شكيب من الطائفية وكيف عالج الموقف:
بعد الحرب الطائفية في لبنان عام 1860 بين المسيحيين والدروز، كان النظام الجديد للبنان والذي تبناه ممثلو الدول الأوروبية الست الكبرى (فرنسا، إنجلترا، روسيا، ألمانيا، النمسا وإيطاليا) والباب العالي في حزيران 1861، كان مؤاتياً للطائفة المارونية، ويقوم على الاعتراف بالمبدأ الطائفي وتشجيعه له، فوفقاً لهذا النظام منح لبنان الحكم الذاتي المحلي في ظل حاكم مسيحي عثماني هو المتصرف، وكان نظام المتصرفية هذا وما يتبعه من تنظيم للقائمقاميات الطائفية لمصلحة الموارنة، وبسبب تهميش هذا النظام الجديد لجبل الدروز، حيث ظل الدروز على هامش التطور الاقتصادي الذي عرفه الموارنة بفضل الدعم الخارجي لهم، من الطبيعي أن يرى الأمير شكيب بأن الواجب يقتضي تدعيم موقع الأسرة الأرسلانية الدرزية في هذه القائمقامية، وأن يكون عل رأسها من يحمل تاريخ العائلة الفعلي ويجسد تراثها العربي الإسلامي ومن يعمل على التحام الدروز بالدولة العثمانية وتحقيق الذوبان الاستراتيجي للدروز وسط المحيط الإسلامي والسوري الأوسع. لذا نجد الأمير شكيب غاص في الصراعات الحزبية الجبلية الضيقة في السنوات 1892 ـ 1908، وقام بعدة مأموريات   عام 1902 في جبل حوران لإقناع الثوار الدروز هناك بالرجوع إلى طاعة الدولة العثمانية، وكان حاسماً وواضحاً في موقفه من ضرورة وحدة الدروز والتفافهم حول الدولة في تلك المرحلة، التي تميزت على حد وصف جميع المراقبين والباحثين بضعف الدروز وقوة الموارنة.
 
قام الأمير شكيب بجهود جبارة في توحيد القوى لإدراج جبل الدروز ضمن إطار الدولة، فقد أقام تحالفاً بين العائلات الدرزية والعائلات اللبنانية، وهذا التحاف قام بالحركة المعروفة باسم (المظاهرة الكبرى) حيث توجه وجهاء هذه العائلات على رأس وفود من أعيان البلاد من جميع الأقضية والطوائف إلى بيت الدين مطالبين بشمول الدستور لجبل الدروز... ثم تحولت هذه المظاهرات إلى حركة عصيان جماهيري أرغمت المتصرف المسيحي على إعلان الدستور في جبل الدروز. وكان من النتائج المباشرة لهذه الحركة عزل كبار المأمورين الذين كان المتصرف يعتمد عليهم، وتعيين مكانهم أشخاص من التحالف أو الحزب المؤيد للأمير شكيب ومن جملتهم تعيين الأمير نفسه قائمقاماً لمنطقة الشوف.
كان الأمير شكيب قد تزوج عام 1916 من السيدة سليمى بنت الخاص بك حاتوغو وهي قفقاسية ومن سكان منطقة السلط في الأردن، وأنجبت له: ولده غالب عام 1917 في جبل عالية بلبنان، ومي عام 1928 في لوزان، وناظمة عام 1930 في جنيف.
عاد شكيب أرسلان إلى بيروت في 30 تشرين أول 1946، فمتع نظره بمشاهدة وطنه حراً مستقلاً طليقاً من الاحتلال والاستبداد ـ إلا أنه تحالف عليه مرض تصلب الشرايين والنقرس والرمل في الكليتين، وثقل الثمانين عاماً، فلم تطل مقاومته فلفظ أنفاسه الأخيرة ليلة الاثنين في 9 كانون أول 1946.
ودوى النبأ الفاجع، فهرع الأمراء الأرسلانيون إلى بيته يرسلون إليه النظرة الأخيرة لوداعه، وهبت بيروت ودمشق إلى داره، وساد وجوم رهيب في أنحاء العالمين العربي والإسلامي لموته، وشيع في اليوم التالي بموكب مهيب وصلي عليه في الجامع العربي ببيروت، وسار في صدر هذا الموكب الحاشد رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك الشيخ بشارة الخوري، ونقل جثمان الراحل إلى مسقط رأسه في (الشويفات) فعاد إلى الربوع التي عرفته صبياً يافعاً. وقد كان فيمن رثاه الدكتور مصطفى السباعي بقصيدة صادقة مطلعها:
         سلام عليك أبا غالب         أمير البيان أمير القلم
           **http://www.syrianstory.com/arsslanne.htm

8 - أغسطس - 2007
اقتباسات واستضافات لأصوات من العالم..
وجدتـه..وجدتـه..    كن أول من يقيّم

Image hosted by allyoucanupload.com
ait kamra
 
* وجـدته..وجدتـه / مسقط رأسـي / بـ آيت قمرة...
هـنا  ومــا  أدراكـم  ما هـنا.. !!!  ---
 
* مع تحياتي للأستاذ بنلفقـيه / وأدعـوه أن يحاول بدوره بواسطة هذا الرابط الممـتاز http://www.wikimapia.org
 
 
 

8 - أغسطس - 2007
نباتات بلادي
لوحـة ..    كن أول من يقيّم

 
 للفنان التشكيلي عبد القادر السكاكي
عن موقع المرساة .
 

11 - أغسطس - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
أغنية أخيرة..    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

** في غـنى  عن أي تعلـيق **
 
رد مع إشارة إلى الموضوع





سعيدة فكري - يا جبال الريف


_________________
"

18 - أغسطس - 2007
نباتات بلادي
رسالة آبو ظبي..    كن أول من يقيّم

 
لا زواج للمعلم..
 

 
بدأ موسم العودة إلى المدارس في الإمارات مبكرا هذه السنة، ومعه أخذت الشكاوى ترتفع بسبب غلاء اللوازم المدرسية، وسنة بعد أخرى يسجل انخفاض في نسبة المقبلين على مدارس المعلمين والمعلمات، ومرد ذلك إلى النظرة ?الدونية? تجاه مهنة المعلم، فأغلب العائلات تنأى عن أن تقترن مصوناتها
بمعلمين لا يملكون غير راتب هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع في زمن ملاك الأبراج والشركات الكبرى وتجار قطع غيار الطائرات
وغيرها من المهن الجديدة التي تصنع الثروة والجاه.
أبو ظبي: حكيم عنكر.
المهنة معلم

27 ألف معلم التحقوا بأقسامهم في المدارس الحكومية في الإمارات، ومع بداية الدخول المدرسي الذي انطلق في العشرين من الشهر الجاري، أي قبل ثلاثة أيام، يعود الحديث مرة ثانية وككل عام عن وضعية المدرسة العمومية وعن المناهج التربوية والتعليمية، وعن هيمنة القطاع الخاص في مجال التعليم، والذي أصبح اليوم منافسا لا يشق له غبار في بلدان الخليج عامة.
لقد هيمنت المدارس الأمريكية والإنجليزية على ما سواها من مدارس، وأصبحت المدرسة العامة في عرف المجتمع رمزا لتفريخ البطالة وتزجية الوقت، وإن كان التعليم العمومي في الإمارات مايزال قويا بفضل الدعم المتواصل للدولة وكمية الأموال التي تخصصها له في موازنتها العامة.
غير أن هذا لا يلغي السمعة النازلة للتعليم العمومي، بسبب تحول ميدان التعليم نفسه إلى سوق مفتوحة على المنافسة. فالقطاع الخاص أو التعليم الحر أصبح اليوم هو الموضة، وتحولت المدارس الأجنبية إلى مبتغى الطالب وإلى نوع من الوجاهة الاجتماعية.
من بين الوظائف الأقل إغراء في الإمارات وظيفة ?معلم?، وقبل أربع سنوات، لم يتقدم أي أحد من الخريجين إلى امتحانات كليات التربية التي تخرج المعلمين والمعلمات، بسبب النظرة الاجتماعية ?الدونية? السائدة إلى هذا النوع من الوظائف، وبسبب تدني الأجور بالمقارنة مع الوظائف الأخرى.
لا يمكن لأسرة إماراتية أن تغامر بتزويج ابنتها من مجرد ?معلم? في وقت تطغى فيه قيم الاستهلاك، ويحقق فيه البلد أكبر طفرة في منطقة الخليج.
الزواج من معلم يعتبر، في حال التحولات التي يعيشها المجتمع المحلي، ضربا من الخيال.. وحتى إذا قبلت العائلة بالزوج المعلم وغضت الطرف عن وظيفته فإن الجيران وأهل الحي لا يرحمون، وتكاليف حفل الزفاف لا ترحم، وقلما تجد خليجية مطلقة تعيش نوعا من الإعسار المادي، إذ إن المهر السمين ومؤخر الصداق يشكلان في الغالب صمام أمان بالنسبة لبنات الخليج.
قد يكون في هذا ذكاء العادات القبلية المتوارثة، وقد يكون فيه أيضا نوع من المبالغة الاجتماعية في الاستعراض وحب الظهور أمام الآخرين، وبالأخص إذا علمنا بأن النزعات القبلية لم تخمد بعد، بل يكون المال اليوم قد زادها اشتعالا، حتى إن بعض ?الدوماليين? الكبار يعودون للبحث عن قبائل لهم، أو تكسير الذاكرة ولَي الحقائق من أجل الانتساب إلى هذه القبيلة أو هذا الفخذ أو ذاك..
ورغم أن الخادمة فلبينية ومربية الأطفال لبنانية والطباخة مغربية والمدرسة التي يدرس فيها الأولاد هي ?الهاي سكول? أو ?أمريكان سكول?، فإن هذه العلامات الحضارية لم تغير كثيرا من العلاقات الاجتماعية، ولم تفلح في جعل الأسماء والتقاليد تختفي من المجال الاجتماعي، بل نلاحظ على العكس من ذلك مزيدا من التشبث بالماضي والتراث والانتماء إلى البعيد.
العائلات اليوم تحب أن يكون أزواج بناتها ملاك عقاريون، تجار أبراج، أصحاب رأس مال في شركات عالمية، وكلاء لسيارات المرسيدس في الشرق الأوسط أو وكلاء حصريون لوكالة ناسا حتى.. المال سيد الجميع، وفي الإمارات وحدها أكثر من 70 ألف مليونير، أقلهم مالا قادر على أن يسدد ديون دولة من العالم الثالث أو أن يملكها حتى عن طريق شراء كل شركاتها ?الوطنية? جملة وتفصيلا.
ماذا يريد معلم لا يحسن الإعراب أن يفعل هنا? وما محله من الإعراب وهو الذي لا يحسن لا الجمع ولا ?الصرف?، عليه أن يخجل من أن يتقدم إلى بنت الأكابر، والويل لمن يتطلع خارج ?فريجهم? (دربهم)، ويريد أن يتسلق طبقيا. ..

*************************
العدد : 289 - الخميس 23 اغسطس

25 - أغسطس - 2007
عظماء الأمة العربية فى القرن العشرين
" كابــوس " تحت المـجهر"    كن أول من يقيّم

27 - أغسطس - 2007
أحاديث الوطن والزمن المتحول
 34  35  36  37  38