البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات لمياء بن غربية

 2  3  4  5  6 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
المئذنة الحمراء والثكنة العسكرية    كن أول من يقيّم

 
 

27 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
تتمة المحاضرة 7    كن أول من يقيّم

عهد الاحتلال البغيض :
فلا بد لنا من وقفة قصيرة ، حتى نكون على خبرة ودراية بسبب احتلال فرنسا للجزائر ، وتحليلا للظروف السياسية والاتماعية ، والاقتصادية والأخلاقية في غاية الخطورة ، في فرنسا ، فوضى شاملة ، وانكسار وهزيمة في حرب وكساد وبطالة في المجتمع ، فتجاه ذلك كله، أرادوا أن يرفعوا من معويات جيشهم المخذول ، فكانت الضحية الجزائر المنكوبة ، وجاء اليوم المشؤوم وهو 5 جوليت1830 ، ونزل الجيش ، واحتلت الجزائر في ظروفها المعروفة وبدأ الشر ينتشر في أنحاء القطر ، وكان نصيب المدية منه ، من يوم الاحتلال إلى يوم الاستقلال ، نصيبا لا بأس به ، من الرزايا والضحايا ، والبطولة والاستشهاد ، فالمدية ما بين 1830 الى 1840 تعرضت أربع مرات للاحتلال ، وفي كل مرة يكبدون العدو الخسائر الفادحة ويقاوم رجالها مقاومة عنيفة ، حيث قال الأستاذ سعد الله في كتابه "التاريخ الحديث" ص 82 قال: وفي 27 نوفمبر ، وصل كلوزيل إلى البليدة ، قادما من حملته الفاشلة على مدينة المدية عاصمة التيطري، ونحن نذكر باختصار من محاولات كلوزيل إلى برتوزين مارس 36 بقيادة لوزيل ، و7 أفريل 1836 ، بقيادة دي ميشال إلى المدية لأنهم اكتشفوا أنها في موقع استراتيجس هام ، ورابطة بين الشرق والغرب والجنوب ، وقبل احتلالها الأخير كان الأمير(عبد القادر) قد سبقهم واعتصم بها سنة 1835 لأنه انتبه إلى موقعها وأهميته بالنسبة للمعركة الجديدة بمجرد ما بايعته الامة على القيادة وتنظيم شؤون الدولة حتى احتل مليانة والمدية ، ونصّب أخاه "محي الدين" على مليانة ونصّب على المدية "بن عيسى البركاني" ابن صاحب الضريح المشهور لأنه ادرى بامور المدينة ونظامها الداخلي ، وكان بتصرف في القوات التالية :
1-رجال منظمون 600 رجل
2-فرسان منظمون 200 رجل
3-رجال المدفعية 30 رجلا
4-فرسان غير منظمين 4000 رجل
5-رجال غير منظمين 2000 رجل
والمجموع : 6830 رجلا
وتقول بعض المصادر أن رئيس لمدفعية هو "محمد آغا" المعروف "بابن كسكسة الكورغلي"  ، ولازالت هذا العائلة في المدية لحد الآن .
وابتنى الأمير معامل حربية لصنع السلاح وإنتاج البارود والرصاص ، في كل من المدن الثلاث ، أولها المدية ، مليانة، معسكر، وقبل مغادرته المدية في مرة من المرات ، استقبل مبعوث فرنسا ، ليجس النبض ويعرف قوة الأمير ويختبر ميزان الحرارة والاستعداد ، وهكذا كان دأبهم ، حينما تشتد المعارك ، ويشعرون بالهزيمة ، يطلبون الهدنة ، وجن جنون فرنسا كدأبها دائما أن بتغلب ويتفوق عليها هذا الناشئ في ميادين مختلفة ، فجهزت أكبر قوة وكبار الضباط ، أمثال الطاغية "بيجو" ،فجددت الكرة على المدية ودارت معركة عنيفة سنة 1840 عند أسوار المدينة.
 
وهنا سقطت المدية ، في يد المستعمر الغاشم ، وسلط عليها نظام خاص منذ ذلك العهد، وبعد سقوط المدية ، رفع راية الكفاح والجهاد ، مع بقية جنوده الشيخ البَرْكاني ، وانظم إلى جيش الأمير بقواته التي كانت تحت قيادته ، حتى سنة 48 وهكذا بعد 17 عاما من الجهاد والكفاح المرير انتهت المقاومة النظامية وانطوت صفحة من أروع صفحات البطولة ، غير أن المقاومة الشعبية لم تنته، وقد حمل لواءها المناضل الشيخ البركاني وظل يقاوم ويكبد القوات الفرنسية بحرب الكمائن وقطع الطرقات في كثير من الجهات ، وخاصة بين جبال "شُنْوَة" و"مُوزايا" وجبال المدية.
وتقول بعض المصادر ، بقي يكافح حتى انظم إلى قوات "المقراني" في جبال جرجرة الشامخة ، والاستعانة بها ،وأما المدية بعد الاحتلال الأخير ، فكان نصيبها من هذا الشر ، مثل بقية المدن الجزائرية وأقبح أنواع الشر ماكان يمس المقدسات والمعقدات ولله در شاعنا العربي حيث قال:
يهون علينا أن تصاب جسومنا=وتسلم أعراض لنا وعقول
ومن هذه النكاية البشعة تم تحويل مسجد مراد للمذهب النفي إلى كنيسة ، لأنهم شعروا بالعاطفة الدينية متأصلة في الشعب ، ولم تستطع يد العدوان إن تطمس عروبتنا وأصالتنا مهما سلطوا علينا من أنواع المسخ ، ولله در شاعرنا الفذ :الشيخ محمد العيد ، حيث عبر عن هذا الشعور ، ويخاطب القطر الجزائري :
هاأنت في وسط الزعازع iiثابت بـاق على الإسلام لم iiتتزعزع
بوركت من وطن تسامى فالتقى بـالـمنتهى في مستواه iiالأرفع
إفـريـقيا  أخت الحجاز iiديانة وربـيبة  البيت الحرام iiالأمنع
          -  ولن يضيع حق وراءه طالب-
وذلك حينما بنوا الكنيسة التي حولت إلى مسجد النور ،في العهد الجديد طالب جدنا مع جماعة من أعيان المدية إرجاعه إلى الأصل وتأدية الشعائر الدينية ، ورجع فيه تلاوة القرآن ، وصوت المؤذن يدوي في السماء ويملأ الفضاء :الله أكبر ، الله أكبر
واستمر الحال من طرف المستعمرين باتخاذ كل الوسائل للقضاء على الشخصية الجزائرية والأمة تقاوم بمختلف الطرق والتنظيمات الاجتماعية والسياسية لنشر الوعي والاستعداد ليوم خوض المعركة الفاصلة ، ودام الحال طيلة 122 سنة
 
عهد التحرير:
دقت ساعة الحق وانطلق الشعب يدك ويحطم كل قيد ولو كان من ذهب ، وتجاه هذا التحدي جن جنون فرنسا وجندت كل طاقاتها للقضاء على هذه الثورة العارمة ، المحكمة الحلقات والتنظيم ، وراء حركة منظمة واحد ألا وهي جبهة التحرير الوطني ، وهنا فتح الشعب الجزائري صفحات جديدة ، ليكتب عليها بدمه القاني أروع صفحات سلت في العصر الحديث، والمدية كانت في طليعة من لبى النداء ، والتحق أبناؤها وشبابها بركب حركة التحرير ، واعتصموا بالجبال الحصينة المنيعة وكبّدوا العدوّ خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ، وكانت المدية مركز اتصال بين الغرب والجنوب والعاصمة ، ولعب موقعها الاستراتيجي دورا هاما في معركة التحرير، وقدمت على قلة عدد سكانها بالنسبة لغيرها من المدن الكبرى 1500 شهيدا ، وما من عائلة في المدية إلا واستشهد منها عدد من الأفراد يكثرون ويقلون ، حسب العائلة ، وبعض العائلات استشهد منها 13 من 15 ولذا يجد السائح كل طرقاتها وأنهاجها بأسماء الأبناء والإخوة ، وأقسم الجميع أن لا يتشحوا بالسواد ولا يظهرون الحزن والجزع ، وإذا سمعت عائلة بأن ابنها استشهد تملأ الفضاء بالزغاريد وهنا تيقن الخصم بأن الموت أصبح لا يرهب ، ومن أصبح الموت لا يرهبه فالحياة تصافحه ، والنصر يلاحقه ...
((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ))    الحج
وأصبحت المدية داخل أسوار شائكة وستار حديدي ،والحراسة مشددة ، وبالرغم من كل ذلك يدخل الفدائي وينفذ العملية وكثيرا ما يخرج ناجحا منتصرا ، وتجند الشعب بجميع طبقاته والتلاميذ مع صغر سنهم ، التحقوا مع إخوانهم في الكفاح ، ومن ثانوية واحدة ، استشهد منها ما يزيد عن 80 .
وبدأت سياسة فرنسا بعد أن حمى وطيس الحرب ، واشتدت المعركة ، فبدأت في سياسة الخداع والمكر وظنت أن الشعب يريد الخبز ويريد العمل ، فخططت برامج للبناء لتصد الشعب عن المبدأ المقدس وطلب العزة والكرامة والحرية والسيادة .
فأنفقت أمولا طائلة ، ولكن هيهات !! ولتستمع إلى معجزة  القرآن حيث يصور مآلهم وخيبتهم ، حيث يقول عز وجل:
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ )) الأنفال
استمرت المعركة قاسية ، مدة 7سنين ونصف ، وما أسهل هذه العبارة في اللسان ، وما أثقلها في الواقع المر وما قاسى فيها الشعب من أهوال وتعذيب ، وقتل وتشريد ودم ودموع ، وفي كل شبر لنا قصة ، حتى جاء النصر والفتح المبين واندهش المستعمرون وقلوبهم منكسرة ، ودموعهم منهمرة ، وفي حين أنهم ظنوا أن الشعب استسلم إلى الأبد ، وأصبح مقاطعة فرنسية ؟ وصدق الله العظيم حيث يقول ، وهذه من معجزة القرآن ، يخيل إليك كأنه أنزل الآن :
 
((حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ 44فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 45)) الأنعام
وقوله تعالى :
((كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 25وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ 26وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ 27كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ 28فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ 29)) الدخان

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
آخر فصل من المحاضرة    كن أول من يقيّم

عهد الاستقلال :
 
((وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا 81)) الإسراء
 
 ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ 5وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ 6)) القصص
 
وانطلق الشعب كالسيل الجارف معلنا عن فرحته وانتصاره ومقدرا جهود أبنائه ومترحما على شهدائه ،ويأسف لعدم حضورهم لهذا الفوز ولهذا النصر حيث يعلم أن ما عند الله خير وأبقى ،ولا يشك أنهم يتنعمون في فراديس الجنان والحور العين ،تغني لهم بأعذب لحن في جنات الخلود .
ويسجل عهد الاستقلال أكبر مفخرة لأهل المدية وهو بناء مسجد النور كدليل على انتصار الشعب وتعاون الأمة وتضافر جهود أبنائها للبناء والتشييد للأجيال الآتية ما هو مكتوب على رخامة المسجد للبقاء والخلود ،للشيخ "فضيل اسكندر" هذه الأبيات حيث قال :
الله أكـبـر جـاء الحق iiوانهزمت مـعـالم الكفر وانجلت عنا iiالمحن
حيث النواقيس والصلبان قد زهقت وحـل  مـوضعها القرآن iiوالسنن
يـا مـسجد النور أنت رمز عزتنا إذا  رأيـنـاك زال الـهم والحزن
بـك  الـمـديـة نالت كل مفخرة وزادهـا  بـهـجة رونقك iiالحسن
 
هذه هي المدية عبر عصورها ، وأتمنى أن تكونوا قد تمتعتم خلال هذه الرحلة الطويلة ، خلال ألف عام .

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
لا أدري كيف أفلتت مني هذه الأسطر     كن أول من يقيّم

ولابد من الرجوع لمناسبة عيدها الألفي بهاذين البيتين للشاعر اللمداني الزميل محمد الدراجي :
وتـهنئتي بهذا العيد iiنجوى إلـى شعب المدية iiكالمثاني
فعيشي في الحياة سجل فخر وتيهي  بالخلود على الزمان
 
                                  ودمتم طيبين والسلام عليكم
 

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
قصيدة في مناجاة المدية    كن أول من يقيّم

                       
هذه القصيدة من الشعر الحر ، بالعامية الجزائرية ، بعنوان حنين ومناجاة "المدية" وأهلها الأبرار ، للشاعر المناضل المرحوم محبوب اسطنبولي ، وهو مؤسس نادي الهلال ،جنب المسجد الحنفي الذي أسسه أبوه الشيخ محمود اسطنبولي بجوار الثكنة العسكرية .
            
حنين ومناجاة "المدية" وأهلها الأبرار
للشاعر المناضل المرحوم محبوب اسطنبولي
 
زُرْتْ بْـلادي مْـشـيـتْ فِيها نَصْ نْهارْ لاحَـدْ عْـرَفْـنـي مْـهـاجَـرْ أو iiزايَرْ
مـا  عْـرَفْـتْ غْـريـبْ وَلا أهْلْ iiالدار ولا  عْـرَفْـتْ خْـيـامْـهـا مَن iiالمقابر
عْـنـاصَـرْهـا نـاشْفة والصرْحْ iiانهارْ فـاضـتْ  الـعـبـرات عَ المجد iiالغابَرْ
الـمـسـاجـد  لا تجويدْ فيها ، لا iiتَكْرارْ والـمـؤذّنْ صـاحْ فَ الـبـوقْ iiالخاسَرْ
زادْ ولـع شْـبـابْـهـا بـحْـديثْ iiالعارْ فـرع الـشـرفـا عـادْ لـجـدودُه ناكَرْ
الـعْـداسـي  الـلِي كان يدبو فُوقْ حْمارْ عـادْ عـلـى الـفَـرْسـانْ يفْخَرْ iiالماكَرْ
كـانْ يْـجَـزْ لَـحْـميرْ في سوقْ iiالتجارْ راهْ  رْجَـعْ خـطـيـب فُـوقْ iiالـمنابرْ
جُـزْتْ  عـلـى الأحواش بدْموعي iiمدرارْ بـيـبـان  الأقـواس هـدَّمْـهُـمْ iiفاجَرْ
يـاجـوج  وْ مـاجـوج هـدْفوا يا iiستّارْ لا  مَـلَّـة لا ديـن بـالـعـرضْ iiيْتاجرْ
واصْـحـابْ  الـيقين تشْرَبْ في الامرارْ وإذا بْـقَـاشْ نْـزيـهْ راه حيّْ وْ iiصابرْ
الـفـارَسْ  حَـجْـبـانْ ما يسْرَحْ iiامْهارْ وإذا رْكَـبْ تـلْـقـاهْ بـجْـوادُه iiعـاثَرْ
بَـعْـضْ مـن الـشـبـابْ تَحْكيهمْ بْكَارْ والـبَـعْـضْ  عْـتـاريـسْ دِما iiتَتْناحَرْ
لَـوْجُـوهْ مْـسـالـيـخْ لا أدبْ iiيـذكارْ الـقـرونْ عْـلـى الَجْباهْ والسونْ iiشْوَاقَرْ
نَـسْـتَـثْـنِـي  شـبـاب هـمَّة iiووقارْ أدبْ وْ أخْــلاقْ والـوَجْـهْ iiالـنَّـايَـرْ
هـذا  طَـالَـبْ ذاك عَـامَـلْ ذَا iiتـجَّارْ وقـر  الـصْـغـيـرْ طـاعْ iiالأكـابـرْ
فـرعْ الـمـديّـة الـعـالْية عْلى الأقمارْ وارَثْ  بْـهـاهـا وْ بِـهـا يـتْـفـاخر
تِـيـتـري سْبل جْناحْ عن نسلْ iiالأحرارْ واوْلادْ الأصـولْ بـالـحـكـمـة iiظاهرْ
الَـحْـيـا والـدّيـنْ هـيْـبـة iiوافتخارْ أمـا ولْـد عْـداسْ مـنْ بَـكْـري iiماكَرْ
الـلِّـي  أَصْـلُه "ماسْ" غالي على iiالتّجارْ وحْـجَـرْ  الـوَاد مـا سـاوْمُـه iiتـاجـرْ
نَـتْـمَـشّـى  وَحْـدي نـخَمَّمْ وْ iiمُحتارْ أَتْـسـاءلْ  وْ أبْـحَثْ وِينْ أَهْلْ iiالضَّمايرْ
حـيّْ  بـاتـي مـا لْقيتْ فيها بَنْ iiصافارْ ولا  بـنْ مـحـمـود الـصّـيَادْ iiالماهرْ
لا  بَـنْ غـربـيّة ولا بَنْ هْتشي iiالمغوارْ جـبّـارْ  الـمـكـسورْ و وْنيسْ iiالخاطرْ
امْـحـمّـدْ الـمـستْغانْمي وأهْلُه iiالأخيارْ لـبـيـب وْأديـب ،ريـاضـي iiمـاهرْ
لا اوْلادْ الـتـامـي الأذكـيـا iiالأحـرارْ ولا  بـن عـلال الـفـقـيـر الـصابرْ
بَـلْـخَـرُّوبـي وبَـلْـحْـجَرْ و بَنْ قِيّارْ تُـرْكْـمـانْ  الـمـعروفْ بَالعزْمْ iiالقاهَرْ
لَـقْـطِـيـطَـنْ بْـرَمْـتْ وْأَنَايا iiمُحتارْ نَـمْـشـي  كْـسيفْ البالْ ،دَمْعي iiيَتْقاطرْ
بَـلْـحـاجْ  وغَـرْنوط ظنّي خَلّاوْا iiالدارْ مُـولايْ مَـصْـطْـفى راحْ مَ الدَّنيا iiسافرْ
عـايْـلـةْ  الـدْويـكْ وبَنْ دالي iiالأطهارْ أهـلـيّـيـن الـظـنْ بِـهُـمْ iiنـتْفاخَرْ
وْلادْ  بَـلْـكْـسـيـراتْ نُـجـبا iiأحرارْ الـمْـصـلّـى  مَـنْ زْمـانْ بِهُمْ iiتَتْفاخرْ
وَ الـدَّواجـي غـابْ عـنّـي يـا iiنظّارْ بَـنْ تُـركـيّـة راه م الـحـي iiمْـسافرْ
رْجَـعْـتْ  شـوار الـفـج وْأَنـا مَحْتارْ حَـوَّسْـتْ عْـلى المْلاحْ ما جْبرْت موايَرْ
تـاكـبـو  نْشَفْ مَنْ ماهْ ما باقي iiشرْشارْ والـظـمـآن بْـقـى عْـلى حرُّه iiصابَرْ
وْلادْ أحْـمَـد خُـوجـة الـنُّـجَبا iiأحرار والـجـامـع مـا فـيـهْ لُوحة iiوحْصايَرْ
اسْكندرْ ، بَلْوَكْريفْ ، مُولايْ مصْطْفى جارْ بَـنْ  كَـحْـلـة مـا لْـقيتشْ مَنْهم iiعابَرْ
عـقْـلـي  شوّرْ عينْ الذْهبْ فَرْفَرْ iiوْطَارْ وَتْـفـكَّـرْ بَـنْ إمـامْ مـحـمُودْ iiالنّايَرْ
هَـاتَـفْ كـلَّـمْـنـي وْ خـبّرْني iiبشّارْ قـالْ  جْـنـانُـه راهْ كِـالرّوضْ iiالعاطَرْ
عـنْـبَـرْ الإخـلاصْ ومْـسوكْ iiالأذكارْ أوفِـيـا عْـلـى الـعَـهْـدْ ما فيهم ناكَرْ
سـوَّلْـتْ  عْـلى العُلْجي قالوا فَرْفَرْ iiوْطارْ خـلـفْ  عـنـدلـيـب أديـبْ iiوْشاعَرْ
وَعْـلـى  بـوقَـلْقَالْ قالوا الصّرحْ iiانْهارْ وانْـقًـسْـمـوا أحْـزابْ والرابَحْ iiخاسَرْ
سْـألْـتْ عْـلـى الـجميعْ قالوا iiالأحرار أخْـفـاهُـمْ  جـيـلْ الـوقْـتْ الـغادَرْ
دُرْتْ عْـلـى الـكُـتّابْ نبحثْ دارْ iiبْدارْ بـاشَـنْ  قـالـوا راهْ مْ الـحـيّْ iiمْسافَرْ
الـمـتِّـيـجـي مـاريتْ في كوانهم نارْ بَـنْ  سـي بـراهـيـم ظـنـيتُه iiجايَرْ
حـوْشْ  قـاسـمْ خْـلا وْ مـا باقِي iiنعَّارْ حـوْشْ  اسـطـنـبـولي هْمُومُه iiتتْكاثرْ
بـوخـاتَـمْ  ظـنّـيتْ غايَبْ عْلى iiالدارْ بَـنْ  يَـخْـلَـفْ صَـهرُه بْقى منُّه iiحايرْ
وْمَـنْ الَـقْدُوعي خْلا الحوشْ وْمجْدُه iiسارْ وْ قْـدَنْـدَلْ مـا لْـقـيـتْ مـنهم iiمْوايَرْ
حـومـة بـيـرْ الزْروبْ ما باقبشْ iiأبيارْ وْبْـقـى بـن طـوبـالْ رمْـلُـه يَتْكاثرْ
حوْشْ  بنْ خلْفة في الصّرا مْقابَلْ iiالأحرارْ بـرمْـضـانْ  وْ كَـلاشْ ،فـلاّحْ وْتاجرْ
لَـلْـمْـوالْـديّـة هْـبـطْت وْ أَنَايا iiفكّارْ لا  بـو عـمْـرة الـحـاجْ ولا بنْ عامرْ
ولا بـوشـرْشـورْ فـارسْ iiالـمَـشْوارْ يـتْـأسّـفْ  والـغـيض جا حملُه iiجايرْ
 
ملاحظة :
الأسماء الملونة بالأزرق: أسماء أماكن
الأسماء الملونة بالبنفسجي : ألقاب
الأسماء المسطر تحتها سأشرحها بعد الانتهاء من الكتابة

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
تتمة القصيدة    كن أول من يقيّم

ولا دَمـارْجـي ظْهرْ لي شاوا iiنْهارْ واقـفْ كِي المدْهوشْ مالْقيت iiجبابرْ
لْـبَـزّيوَشْ  طْلَعْتْ وَدْموعي iiمدْرارْ مـقـامْ  الـمـحْـجوبْ نَلْقاهْ iiمقابرْ
مـا وْجدْتْ المحْبوبْ ولا بو iiالانوارْ لا  الـعرْبي مُولايْ ولا سّي iiالطّاهرْ
لـلـشـارَعْ  نْـزَلْتْ فُؤادي iiمَغْيارْ لا بـلْـغـيث يْغيثْ ذا العبدْ iiالحايَرْ
ولا بـن عَـصْـمـانْ ولا بَنْ iiقيّار بَنْ طيبة وطْسِيسْ غابوا على iiالناظَرْ
الـمَـرْجـاشْكيرْ طْلعتْ وْأنايا iiفكّارْ لا بـوشْـنـافة لْقيت ولا بَنْ iiطاهرْ
الـشـيخْ  الفَحْصْ اللِّي بَحْذاهُمْ جارْ ولا بـن يـزّة ولا عـسـلْ يَتْقاطرْ
فـي  الرجالْ العياد طَوّلْت iiالمشْوارْ وبْـكـيـتْ عْلى بلِحصيني iiبالجايرْ
شـيـخْ اسْطنبولي وَ مصطفى فخّارْ والـشيخْ  بلْجباسْ والعْزيزْ iiبالطّاهر
شـيخْ عْلي الصْغيرْ الطلبة iiالأحرارْ الـلِّـي كـان الـعصْرْ بِهم iiيتْفاخرْ
سْألْتْ  عْلى شَرْقي و عاشورْ iiالنجارْ وعْـلـى  بَـلْقاضي اللي هو iiتاجرْ
لْـويتْ  لْبابْ القرطْ وَدْموعي iiغْزارْ بـوشـنـافة الصنديد م الدنيا iiسافرْ
لا بـلْـقـايـدْ بان في وقتْ الهجّارْ مـاوْجَـدْتْ المديرْ بنْ عبْدي الماهرْ
جْـلَـسْتْ عْلى الطْريقْ ميَّار وْنظّارْ لا الـحاج بحجْ جازْ ولاسي iiالنّاصرْ
لا  الـصـحْراوي مرْ منّايا لا نظّارْ لا  الـحـاج سْـليمان سلْسانُه iiذاكرْ
لا بَـنْ حميدة عْلى حْصانُه لا صَفَارْ نـعـنـيـهْ الـحداد زيتون iiالماهرْ
لا  طـايْـلـة الملاّحْ لا قادي iiنحّارْ لا  الـشـيخ الحنّونْ للْبلادْ جا iiزايرْ
لا  بـابـا عـلي ، لا الزبير iiالبقّارْ لا الـسـقْـدي ولا الـقندوزْ iiالعابرْ
لا بـلْـحُـفْـري ، لا الرقّادْ iiالبهّارْ لا بَـنْ عيمَشْ جازْ ، لاخوهْ iiالطاهرْ
لا بَـنْ خـاوَة عـلي الشهيد iiالدَّرّارْ بـن قبايلْ عْلي حدْما وْجَدْتُه iiحاضرْ
وْ  لا أولادْ مَرْمُوزْ لا شيكو iiالأحرار مـشـيتْ  بْخوطى ثاقْلة ناوي iiزايرْ
قْـصَدْتْ البَرْكاني وْغًلْقوا باب iiالدّار لاحُـوا سـحْـبَه على الهْلال iiالنايرْ
نَـكْـروا  بُـرهانُه الأشقيا iiالأشرارْ وجْـهـادُه  نَكْروهْ في الزْمان iiالغاير
ياجوج وْماجوج هجْموا عْلى iiالأوكارْ مْـعـاهُـمْ الـمرَّادْ والجْرادْ iiالطايرْ
هـذِه  هـي قَـصْتي في نَصْ iiنْهارْ الـحقْ مْعايا يا كان مَ الوْطَنْ iiنْهاجرْ
اسطنبولي المحْبوبْ ماذا شْرَبْ مْرارْ راضـي  بَـالأقـدارْ وعْليها iiصابَرْ
الـصـلاة عْـلى أحمدْ خيرْ الأبْرارْ مـنْ صـلـى عْـلـيهْ حقاً iiيتْباشَرْ
وعْـلى  الأصحابْ والأهل iiالأطهارْ رْضـاهُـمْ  لـلمؤمنين زادْ iiالمسافرْ
وعْـلـى  الـتّـابْعين سنّة iiالمختارْ وعْـلى أهْلْ التوحيدْ غايبْ iiوْحاضَرْ
                                                             محمد المحبوب اسطنبولي
                                                              المدية في مارس 1994

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
بل الشكر لكم...    كن أول من يقيّم

لا شكر على واجب أستاذتي ، يسعدني أن الموضوع نال إعجابك ، فالمدية لؤلؤة من لآلئ الجزائر وواحدة منها ، هذا ولا زال للحديث بقية ...
تقبلي سلامي سيدتي،  وتحيّات والديّ الحارة محمولة على بساط النسائم العليلة .

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
المعاني ..    كن أول من يقيّم

معاني التعابير المسطر تحتها :
نصْ: نصف
ناشْفة: جافة
الخاسر: هنا بمعنى المعطل والذي أصابه عطب
فرع الشرفا: أي ناحية الشرقاء
العْداسي: عديم الحياء
اللّي: الّذي
يدبو: يركب دابة
راه: إنه
جُزْتْ: مررت
الامرار : المرارة
إذا بقاش نزيه راه حي وصابر: إذا بقي نزيه فإنه حيّ وصابر
حجبان : مختفي
مساليخ: كناية عن التجرد من الحياء (من السلخ)
الناير: النيّر
ولد عداس : هو نفسه العداسي أي عديم الحياء
بكري : من زمان
وْنيس: أنيس
برمت: (قصدتها وذهبت إليها)
خلاّو : تركوا

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
تتمة المعاني    كن أول من يقيّم

حَوَّسْت : بحثت
مْوَايَر:إمارة بمعنى أثر
شَرْشَار :نبع أو شلاّل
فَرْفَر :رفرف وطار
سَوَّلْت :سألت
حُومَة :حي
شَوَا نْهَار :طول النهار
أنَايَا :أنـا
فَكَّار: أفكّر
الهَجَّار:(أو الهَجّارَة) بمعنى وقت الزوال
مِيَّار:مترقّب
مَنَّايَا :من هنا
خوطى:خطوات
الْحَقّ مْعَايَا يَا كَان مْ الْوَطَن نْهَاجَر :الحق عليّ ،ما كان عليَّ أن أهاجر من وطني.

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
غوص إلى أعماق التاريخ    كن أول من يقيّم

                
 
               
من نفس الكتاب (تاريخ المدن الثلاث) ، أنقل مقال لـ"مولاي بلحميش" بعنوان مدينة المدية عبر العصور
مولاي بلحميش
مدينة المدية عبر العصور
1-اسمها الحقيقي ومعناه :
 
اختلف المؤرخون في تسمية هذه المدينة ، وتعددت الروايات في صيغة الاسم وفي نسبه وفي تاريخه .
فهل المدية من LAMBDIA القرية الرومانية التي سبقت في نفس المكان ، مدينة المدية ؟
وهل هي كلمة بربرية كما زعم بعضهم وقال أن معناها "العلو" ، و"الأرض المرتفعة" ؟
وهل رواية بن خلدون (كتاب العبر ج 7) هي الصحيحة وقد قال في حديثه عن النعمان بن يغمراسن الزياني (681-703هـ) :
"نهض عثمان بن يغمراسن إلى المدينة و بها أولاد عزيز من توجين (وهم بربر من زْنَاتَة) فنازلها وقام بدعوته فيها قبائل يعرفون بـ"لَمْدِيَّة" وإليهم تنسب."
وفي موضع آخر يقول بن خلدون : "لَمْديَّة ..هو اسم بطن من بطون صنهاجة وقد استولى محمد بن عبد القوي (أيام بني عبد الوادي) على حصن هذا البطن المسمى بأهله ونطق بعضهم بلمدونة والنسبة إليها لَمْدَاني "
 
2-تأسيس المدية:
متى كان ؟ من المؤسس الحقيقي لها ؟
لا نعرف شيئا عن ذلك بالضبط.
وأما رواية من قال أن بُلُكِين بن زيري هو الذي أسسها حوالي 250 هـ فغير صحيحة ، فقد وجدت المدية قبل العهد الزيري بكثير.
فعندما قال الشيخ سيد أحمد بن يوسف (ولد بالقلعة بني راشد بين 1468 و1475  / توفي سنة 931 هـ -1524  م ودفن بمليانة) : " المدية ، المهدية ، يدخلها الشر ويخرج منها العشية ، لو كانت امرأة ما نأخذ إلا هي "  زعم البعض أن المهدية معناه أن البلدة قديمة عتيقة وأنها بنيت في مكان آخر ثم نقلتها الملائكة الى مكانها هذا . وقد أسس الرومان في عهد لا يذكرونه مدنا كثيرة بما كان يسمى Mauréranie Césarienne  مثل (الجزائر المدينة Rusguniae  ) و(تيبازا Tipassa ) و (تنس cartenae ) كما أسسوا مدنا أخرى بنوميديا شرق القطر ووسطه مثل (سور الغزلانThamarammaa   Auzia ) قرب البرواقية و لمدية Lambdia .
 
وقال أبو عبيد البكري الأندلسي (من رجال القرن -5هـ- 11 م) في كتاب المسالك والممالك ((المدية ...بلد جليل قديم ))
وقال الحسن بن محمد الوزاني الفاسي الأسد الغرناطي Léon l’africain : ((إن الأفارقة القدماء بنوا هذه المدينة في حدود ما كان يعرف بنوميديا Nomédie .))
وقال مرمول Marmol (مؤرخ اسباني من القرن 16 ، عاش مدة في المغرب الأوسط فو جيوش النصارى ) أن المدية عتيقة قديمة أسست في سهل خصب جميل .
فيؤكد كل ما ذكرناه أن المدية سبقت بني زيري وأنها أقدم من أشير .
 
3-المدية في القرون الوسطى الى بني زيان:
أجمع الكتاب على أن زيري بن مناد (في أيام الخليفة الفاطمي الثاني أبو القاسم القائم (322-324 هـ /934-936م ) أسس أشير قرب حصن عرف فيما بعد بـمنزه بنت السلطان على جبل تيطري (ولعله الكاف الأخضر اليوم)
وكان تأسيس أشير حوالي 324هـ-935م .
وبنو زيري من صنهاجة ومن أعوان الفاطميين على الخوارج وامتدت دولتهم في القرن العاشر الميلادي (الرابع الهجري) من تيارت غربا إلى زاب شرقا ،وضعت مراكز مثل الجزائر ومليانة والمدية ، وفضّلهم الفاطميون على غيرهم لأنهم أقدر الناس على محاربة بدو الزناتة جيرانهم في الناحية الغربية ،ولما تسلم زيري بن مناد سنة 349هـ-960م حكم تيارت من يد الفاطميين ، أذن لابنه بولوغين (بلوكين) بتأسيس ثلاثة مراكز ((الجزائر ، مليانة ، المدية ما بين 350 هـ و360 هـ ))
وفي الواقع فإن بولوغين (بلوكين) لم يؤسس هذه المدن التي كانت موجودة من قبل بل أدخل عليها تعديلات واصلاحات وبنى بها وشيد .
يقول ابن خلدون في حديثه عن المدية في ذلك العهد "وكان المختط لها بولوغين (بولوكين) بن زيري "(كتاب العبر  ج 7 )
حتى إذا كان القرن الخامس الهجر الحادي عشر الميلادي احتل الثعالبة (وهم بطن من المعقل ) الناحية بين التيطري والمدية كما حكم أبو الفتوح بن حنوش أمير سنجاس نواحي المدية في نفس القرن.
 
4- المدية في عهد بني زيان أصحاب تلمسان :
قال ابن خلدون في الخبر عن أبي يحيى يغمراسن بن زيان (مؤسس هذه الدولة بتلمسان) مع مغراوة وبني توجين ((وهم زناتة منتقلون دفعهم التيار نحو المغرب وأصبحوا في القرن السابع الهجير أي الثالث عشر الميلادي ما بين الونشريس والسرسو والمدية ولهم قلعة بني سلامة التي أوت ابن خلدون ))وعندما انتشر عهد الخلافة (خلافة الموحدين بمراكش حوالي 646 -1248م ) وكثر الثوار والخوارج بالجهات ..تغلب بنو عبد الواد على نواحي تلمسان الى وادي "صا" وتغلب بنو توجين على ما بين الصحراء والتل من بلدة المدية الى جبل الونشريس....))
وبادر ملوك تلمسان بالاستيلاء على المدية بما لها من أهمية استراتيجية –إذ هي في طريق الجنوب وفي طريق الشرق الجزائري - . فتغلب بنو عبد الواد على عامة أوطان بني توجين وكانت حالتهم مع هؤلاء تختلف بين الحرب والسلم ولما استولى محمد بن عبد القوي عل المدية وعلى ضواحيها أنزل بها أولاد عزيز بن يعقوب من حشمه وجعلها لهم موطنا وولاية . وجاء في خبر سعيد عثمان (681-703هـ/ 1282-1303 م ) مع مغراوة وبني توجين مايلي :
لما عقد عثمان بن يغمراسن السلم مع يعقوب بن عبد الحق المريني صرف وجهه إلى الأعمال الشرقية من بلاد بني توجين ومغراوة (من زناتة) فصارت بلاد بني توجين كلها من عمله ..ثم نهض بعدها الى المدية (سنة 688) وبها أولاد عزيز (من توجين) فنازلها وقام بدعوته فيها قبائل يعرفون بلمْدِيَّة وإليهم تنسب المدية غدروا-حسب قول ابن خلدون –بأولاد عزيز ومكنوا السلطان الزياني من البلدة ، فقام يحيى بن عطية كبير بني تغرين ومال الى السلطان المريني المناهظ لبني زيان وبايع يوسف بن عبد الحق ورغبه في ملك الونشريس ثم عاد الى بلاد بني توجين فشردهم عنها وانتهى الى المدية فافتتحها واختط قصبتها وبعد مدة بعث أهل المدية بطاعتهم للسلطان عثمان بن يغمراسن فتقبلها منهم وأوعز ببناء قصبتها .......ابن خلدون
ولما توفي أبو سعيد هذا خلفه ابنه أو زيان 703هـ- 1304م  فتغلب على المدية ، وانتهى الى جبل حصين بن زغبة في جبل التيطري ، ثم اجلبوا على المدية ، وملكها أبو زيان ، وعاد حصين وامتلك نواحيها وامتنع عليهم مصرها ، ولما هلك أبو زيان 1308م-707هـ ، قام أخوه أبو حمو وأراد أن يقسم أعماله بين أولاده فعين المنتصر على مليانة ونواحيها وأبا زيان على المدية وما إليها من بلاد حصين وعندما رجع السلطان المريني أبو الحسن من تونس ونزل بالجزائر وأراد أن يحارب بني زيان ، انظمت إليه قبائل من المغرب الأوسط مثل الثعالبة وصاحب الونشريس (وهو نصر بن عمر بن عثمان) وسويد وزناتة ، وانظم لأبي ثابت الزياني مغراوة .
فأخذ أبو ثابت على منداس وخرج على السرسو ولحق به مدد السلطان أبي عنان المريني (الخارج على أبيه) فشرد الزياني أثار الأعراب ولحق أحياء حصين بجبل التيطري ثم عطف على المدية ففتحها وعقد عليها لعمران بن موسى الجلولي وخلع السلطان المريني أبي عنان (أباه أبا الحسن ) وزحف الى تلمسان وحاصرها سنة 732-1332 فهزم ملكها وأباد بني عبد الواد ونزل المدية ثم أطل على بجاية (ابن خلدون)
ودب الضعف في دولة تلمسان وأصبح ملوكها في أواخر القرن 15 م لا يستطيعون قمع الفتن ولا منع الأعراب من غزو اعمالهم .فانفصلت المدية عنهم ومالت الى أمير تنس –وأمير تنس من الزيانيين استقر بعيدا عن تلمسان-
وكان أمير تنس أقدر من ملوك تلمسان على حماية المدية لأنه أقرب إليها وبيده ما ليس بيد ابن عمه هناك...
وهذه المدة مطلع السادس عشر ، زار المدية الرحالة الشهير "الحسن بن محمد الوزاني الفاسي " والمعروف عند الغربيين ب Léon l’africain فقد أعجب بالمدية وبموقعها وبأهلها : "فالمدية مبنية في سهل جميل خصب تسقيه أنهار كثيرة وأهلها أغنياء يسكنون دورا جميلة ، وقد استقبلوني بحفاوة وإكرام كأنني أمير المدينة ...وإذا زارهم أجنبي ذو علم ومعرفة فإنهم يعظمونه ويبجلونه ويبقونه عندهم لفصل ما بينهم من القضايا ويعلمون بقوله ويصوبون رأيه ...وأقمت عندهم شهرين..."
 
5-المدية في العهد التركي (1516 الى 1830):
ما هو سبب دخول الأتراك الى المغرب الأوسط ؟
في القرن السادس عشر ، عندما عمت الفوضى في المغرب ودب الضعف في الدول القائمة (بنو حفص في تونس، بنو عبد الواد في تلمسان ، وبنو مرين في فاس) عزم الاسبان على ضرب الاسلام في دياره بعد اخراجه من آخر مصر من الأندلس سنة 1492 بسقوط غرناطة ، فاحتل النصارى المرسى الكبير 1505 ووهران 1509 وبجاية 1510 فضاقت حالة المسلمين لا سيما بمدينة الجزائر فاستدعى شيخها "سالم التومي " وأعيانها الأخوين "عروج" و"خير الدين" لاعانتهم على الاسبان ، وقد اشتهر الأخوان في تونس بالحزم والاقدام والجرءة في البحر وانقاذ المسلمين .
فجاء عروج الى الجزائر وانتصب ملكا على المدينة وانطلق في بسط نفوذه داخل البلاد . واحتل عروج المدية بعد انهزام أمير تنس "حماد بن عبيد" بالمتيجة حوالي 1517 ، ثم ترك بالمدية حامية مؤلفة من الأتراك وبعض الأندلسيين وعاد الى الجزائر.
وخلفه أخوه 1518 وألحق الإيالة بالمملكة العثمانية فزوده السلطان العثماني بالمدد فعزز خير الدين المراكز الهامة في البلاد بتأسيس قواعد عسكرية تسمى (التوبة) وبعد ذلك فكر الأتراك في إدارة هذه البلاد فقسموها الى بايلكات :
1 دار السلطان (تقريبا عمالة الجزائر اليوم ودلس)
2 بايلك الغرب وعاصمته مازونة ثم معسكر ثم وهران
3 بايلك الشرق وعاصمته قسنطينة
4 بايلك الجنوب وعاصمته المدية
وكان هذا أصغر الثلاثة ، وقد أدخلت عليه تنظيمات عديدة ما بين 1518 و 1775
وقد نظمه للمرة الأولى حسن بن خير الدين (الذي عين على رأس الإيالة مرارا بين 1526 و1567 ) وأصبح هذا البايلك يسمى بايلك التطري ، متى ؟ فإننا لا نعرف التاريخ بالضبط .
ولكن بيّن مرسوم في سنة 1548م/955هـ بمقتضاه يعفى الباي رجب الشرفاء من دفع الغرامة والضرائب وكان باي التيطري ، في أول الأمر يقيم تارة بالمدية وتارة ببرج سِبَاو حيث توجد للقادة الأتراك مزارع وبساتين بوادي إيسير Isser .
وكانت قبائل وادي سيباوو الى 1775 تابعة لبايلك التطري .
وعين على رأس هذا البايلك – بين 1516 و1775- حوالي 18 بايا نذكر منهم :
 رجب: 1548
شعبان: 1633
فرحات: 1663
عصمان: 1763
سفطة: 1775
ولم يتركوا في ميدان من الميادين ما يذكرون به ، واشتهر من بين هؤلاء الباي عصمان الثاني والباي سفطة.
فأما عصمان فإنه عين على التيطري سنة 1763 واشترى مزارع عرفت فيما بعد ببلاد سيدون عند أولاد حسن بن علي كما عرفت بحَوْش  عصمان ، وبنى مخازن ومستودعات واصطبلات ومنه كانت تنطلق الغارات على النواحي الجنوبية.
وكان عصمان يغزو القبائل حتى وقع يوما في قبضة أولاد سيدي أحمد (وهم فرع من أولاد نايل) فقتلوه ، بجنوب زاغر توجد الى يومنا كدية تعرف بكدية الباي .
وامتنع من خلفه من غزو قبائل الجنوب الى أن عين الباي سفطة فحاول تجديد الغارات على أولاد نايل فلقي حتفه أثناء معركة . وحدث في سنة 1775 تعديل على إدارة بايلك التيطري فبعد 227 سنة من الحكم التركي بقيت مشاكل هامة بدون حل :
*خروج قبائل سيباو عن الطاعة بصفة مستمرة .
*ثورات قبائل الجنوب غير المنقطعة.
*فشل الغارات على الجنوب.
*انسحاب عدد من القبائل التي أعلنت استقلالها.
فأعاد الأتراك النظر في نظام البايلك الإداري وكونت بلاد القبائل بين أيسر وخنشلة قيادة caidat يحكمها آغا الجزائر ، بعد أعوام جرد بايلك التطري من ناحية طابلات و البويرة ، وأصبح مقر باي التطري واحدا هو المدية ، كما أصبح للبايلك حدود معينة :
1-           في الشمال قبيلة مزايا وبني صالح فوق البليدة وبني مسعود .
2-           وفي الشرق قبيلة بني سليمان وعريب .
3-           وفي الغرب قبيلة جندل وأولاد خليفة .
وقسم البايلك الى أوطان لحل القبيلة ...يحكم بعضها آغا العرب مثل( مزليبيا وعريب) وبعضها الآخر خوجة الخيل وهو عضو الديوان ومسؤول مالي (مثل زناخة وعبادلية) وأولاد سيدي عمر وأولاد سيدي موسى وتسمى هذه القبائل العزل تدفع جميع أنواع الضرائب وتقوم بجميع الخدمات لفائدة الباي أو الداي.
وكان على المدية حاكم تركي يعينه داي الجزائر (وكان هذا الأخير يخشى سلطة باي التطري (والمدية قريبة من الجزائر) .
وتمتد سلطة هذا الحاكم الى ضواحي المدينة .
وما بقي قسّم الى تل أعلى وتل أسفل أو تل جوبي ، وكان الأول يضم قبائل بني حسن :
حسن بن علي ، بني يعقوب ، وزرة ، عوامري ، ريغة ، هوارة .
وهذه القبائل مستقرة تتعاطى الفلاحة .
والثاني يضم قبائل الجنوب المتنقلة في بعض الفصول الخاضعة لشيوخها المحليين :
دواير ، تطري ، أولاد حمزة .
أما "قايدة ديرة" فهي منطقة خاصة بشرقي البايلك ، مركزها سور الغزلان حيث كانت توجد حامية تركية ويضم قايدة ديرة :
أولاد عبد الله ، أولاد بركة ، أولاد دْريس  .
وأخيرا كان جنوب البايلك يضم قبائل من الرحالة : زيانة ، عبادلية ، أولاد نايل ، أولاد سيدي عيسى .
وأسس الأتراك قايدة أولاد المختار في الجنوب حتي يكون حاجزا بيهم زبين البدو، ويمنع هؤلاء من غزو الشمال وعين الدو مصطفى بن سليمان أوزناجي (من 1775 إلى 1794) ومطماطة وجندل وبعض قبائل شلف .
وتقدمت نحو المدية لطرد الأتراك منها ، فتصدى لهم الباي بقومه وشرد جمعهم وجيء بزعمائهم فقتلوا وعلقت رؤوسهم على أسوار المدينة .
وبعد درقاوة تزعم التيجانية حركة محاربة الحكم التركي وحاول الباي حسن (1801) الاستيلاء على عين ماضي ، ولم يستطع وكرر الحملة على التيجانية سنة 1818 ، واقد انتصر دعاية التيجانية وكان آخر باي التطري هو مصطفى بومزراق 1819-1830 ، وكان قبل تعيينه خليفة للباي ، فغزا أولاد المختار بالجنوب وأولاد أفرج وأولاد شعيب . ويقال انه بنى جامع مزاري .
وكان ضابطا ماهرا وقد شارك في واقعة اسطاوالي staoueli ، وبعد الهزيمة عاد الى المدينة ، إلا أنه وجد الوضع قد تغير والأهالي قد ثاروا فنهبت البرواقية وبادرت وزرة بالإستيلاء على خيل الباي وبغال الموجودة بجنان الباي فانسحب بومزراق من المدية مدة ثم عاد إليها ثم غادرها والتحق بالاسكندرية وبها توفي .
 
 

28 - ديسمبر - 2007
المدية ، في مرآة التاريخ
 2  3  4  5  6