البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 308  309  310  311  312 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
صفحة نادرة    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أساتذتي الكرام رعاة هذا الملف:
استوقفني في كتاب (إثبات النبوة) للهاروني (أحمد بن الحسين ت 421هـ)  قوله عن الخليل بن أحمد:
(ثم قد سقط عنه أوزان وأضرب. منها الوزن المسمى: (ركض الخيل) وقد جاء عليه الشعر المنسوب إلى
عمر الجني. وهو:
أشجاك تشتت شعب الجن فـأنـت  له أرق iiوصب
و هي قصيدة طويلة.
و في المحدثين من عمل على ذلك، فقال قصيدة طويلة أولها:
أنسيت فعالهم السمجا فأراك  بذكرهم iiلهجا
) وهذا يعني أن البحر المتدارك لم يكن متداولا حتى ذلك العصر (421) وقد بحثت في دواوين المتنبي وأبي تمام، والبحتري والمعري فلم أجد للمتدارك شيئا مذكورا.
وأنقل لكم هنا كلامه كاملا، لأن كتابه غير منشور في الوراق، قال:
فان قيل: إن الخليل بن أحمد، ابتدأ العروض فأورده على غايته، ولم يدل ذلك عندهم على انتقاض العادة، فما أنكرتم أن يكون القرآن مثل ذلك؟
قيل له: إن العروض هو ضرب من تقطيع الأصوات وترتيبه، وقد سبقه بذلك صاحب المسيقي، وبلغ الغاية فيه.
و قد سمعنا من كان يعرف اللغة السريانية يذكر أن للأشعار المعمولة على ذلك اللسان عروضا قد عمل، ويجوز أن يكون الخليل بني على تلك الطريقة، ولا يكون له إلا بتتبع أشعار العرب، وعد أجناسها، وردها إلى الوزن مقتفيا به ما ذكرناه. ثم قد سقط عنه أوزان وأضرب. منها الوزن المسمى: (ركض الخيل) وقد جاء عليه الشعر المنسوب إلى عمر الجني. وهو:
أشجاك تشتت شعب الجن فـأنـت  له أرق iiوصب
و هي قصيدة طويلة.
و في المحدثين من عمل على ذلك، فقال قصيدة طويلة أولها:
أنسيت فعالهم السمجا فأراك  بذكرهم iiلهجا
و سقط عنه أيضاً ضرب من الوزن المسمى بالمنسرح، وهو أن يقع في القافية (مفعولات) بدل (مفتعلن) وقد جاء على ذلك أشعار كثيرة، وتتبع هذا مما يخرجنا عن غرض كتابنا هذا، وفيما أشرنا إليه كفاية.
فبان بما ذكرناه: إنه لا يصح أن يقال: إن الخليل أورد ذلك ابتداء على الغاية، كما أورد النبي -صلى الله عليه- القرآن مبتدئاً به، ومبتكراً له على الغاية في معناه، فسقطت المعارضة
 

20 - نوفمبر - 2008
أين التراث العروضي للخليل؟
المهزلة قديمة    كن أول من يقيّم

شكرا لك أستاذي مرة ثانية، وللأستاذة ضياء على حضورها الدائم:
أردت أن أرد عليك بهذا الجواب السريع قبل أن أخلد إلى النوم، فهذا الذي ذكرته رد عليه أبو إسحاق النظام أستاذ الجاحظ، في كلام طويل، يكتب بماء الذهب، وسوف أنقله هنا بطوله، لأني أحسب أن كثيرا من القراء لم يطلعوا عليه، وقد حكاه الجاحظ في (الحيوان: نشرة الوراق/ ص 104) قال:
كان أبو إسحاق يقول: لا تسترسلوا إلى كثير من المفسِّرين، وإن نصَبوا أنفسَهم للعامَّة، وأجابوا في كلِّ مسألة؛ فإن كثيراً منهم يقول بغير رواية على غير أساس، وكلَّما كان المفسِّر أغربَ عندَهم كان أحبَّ إليهم، وليكن عندكم عِكْرِمةُ، والكلبيُّ، والسُّدّي، والضَّحاك، ومقاتل بن سليمان، وأبو بكر الأصمّ، في سبيل واحدة، فكيف أثق بتفسيرهم وأسكن إلى صوابهم، وقد قالوا في قوله عزَّ وجلّ: "وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلّهِ": إنّ اللّه عزّ وجلَّ لم يعن بهذا الكلام مساجدَنا التي نصلِّي فيها، بل إنَّما عنَى الجبَاهَ وكل ما سجد الناس عليه: من يدٍ ورجلٍ، وَجَبْهَةٍ وأنفٍ وثَفِنَة، وقالوا في قوله تعالى: "أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ": إنَّه ليس يَعني الجمال والنُّوقَ، وإنَّما يَعني السحاب.
وإذَا سُئلوا عن قوله: "وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ" قالُوا: الطلح هو الموز.
وجعلوا الدليلَ على أنَّ شهر رمضانَ قد كان فرضاً على جميع الأمم وأنّ الناس غيَّروه، قولَهُ تعالى: "كُتبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ".
وقالوا في قوله تعالى: "رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً" قالوا: يعني أنّه حَشَرَهُ بِلاَ حجَّة.
وقالوا في قوله تعالى: "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ": الويل وادٍ في جهنم، ثم قَعَدُوا يصِفون ذلك الوادي، ومعنى الويل في كلام العرب معروف، وكيف كان في الجاهليَّة قبل الإسلام، وهو من أشهر كلامهم.
وسئلوا عن قوله تعالى: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" قالوا: الفلَق: وادٍ في جهنم، ثمَّ قعدوا يصِفونه، وقال آخرون: الفلق: المِقْطَرة بلغة اليمن.
وقال آخرون في قوله تعالى: "عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً" قالوا: أخطأ من وصَلَ بعض هذه الكلمة ببعض، قالوا: وإنَّما هي: سَلْ سبيلاً إليها يا محمد، فإن كان كما قالوا فأين معنى تسمَّى، وعلى أيِّ شيءٍ وقع قوله تسمَّى فتسمَّى ماذا، وما ذلك الشيء? وقالوا في قوله تعالى: "وَقَالُوا لجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا" قالوا الجلود كناية عن الفروج، كأنه كان لا يَرَى أنّ كلام الجِلد من أعجب العجب.
وقالوا في قوله تعالى: "كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعامَ": إِنّ هذا إنَّما كان كنايةً عن الغائط، كأنه لا يرى أنّ في الجوع وما ينال أهلَه من الذِّلَّة والعجزِ والفاقة، وأنّه ليس في الحاجة إلى الغذاءِ - ما يُكتَفَى بِه في الدِّلالة على أنّهما مخلوقان، حتّى يدَّعيَ على الكلام ويدّعي له شيئاً قد أغناه اللّه تعالى عنه.
وقالوا في قوله تعالى: "وَثيَابَكَ فَطَهِّر": إنّه إنما عنَى قلبه.
ومن أعجب التأويل قول اللِّحياني: الجبّار من الرجال يكون على وجوه: يكون جبّاراً في الضِّخَم والقوَّة، فتأوّل قوله تعالى: "إنّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ" قال: ويكون جبَّاراً على معنى قتّالاً، وتأوّل في ذلك: "وَإذَا بَطَشْتمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ"، وقولَه لموسى عليه السلام: : "إنْ تُرِيدُ إلاّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً في الأَرْضِ" أي قتَّالاً بغيرحقّ، والجبارُ: المتكبِّر عن عبادة اللّه تعالى، وتأوَّل قوله عزَّ وجلَّ: "وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً"، وتأوّلَ في ذلكَ قول عيسى: "وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقيّاً" أي لم يجعلْني متكبِّراً عن عبادته، قال: الجبَّار: المسلَّط القاهر، وقال: وهو قوله: "وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ" أي مسلّط فتقهرهم على الإسلام، والجبَّار: اللّه.وتأوَّل أيضاً الخوف على وجوهٍ، ولو وجدَه في ألفِ مكانٍ لقال: والخوفُ على ألف وجه، وكذلك الجبَّار، وهذا كلّه يرجِع إلى معنًى واحد؛ إلاّ أنّه لا يجوز أن يوصَف به إلاّ اللّه عزّ وجلَّ.

21 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
في ظلال الوراق    كن أول من يقيّم

ما شاء الله وجل من واهب وتبارك ما أعطى، وكل الشكر لك أستاذنا ومعلمنا وقدوتنا ياسين الشيخ سليمان، وما أحلى رؤياكم وأشجاها، أسأل الله أن يأتي يوم، أقول لك فيه (ذلك تأويل رؤياك يا شيخ قد جعلها الله حقا) وهي والله رؤيا عجيبة غريبة، فأنا هكذا كما رأيت، وهذه الرؤيا يمكن أن تكون خلاصة لعمري منذ طرقت أبواب العشرين، فيها الكثير من التردد، بين الأمكنة والتيارات، والكثير الكثير من النهم والعجلة والتشوف والحرقة، وفيها ... وفيها... وقد كنت خطيبا يوما ما، أقف على المنبر، فيقترح علي أستاذ الخطابة خطبة في موضوع يختاره هو، فما هو غير ان ينهي سؤاله حتى أهدر بالكلمات الرنانة والشعارت الملتهبة، ومضت السنون، وتغيرت صلتي بالكلمة، ولم أعد يعنيني لا ارتجال ولا حماس، ولا بلاغة ولا فصاحة.. لم يعد يعنيني إلا الكلمة أن تكون نقية من أوضار الآبائية والجمود، ولا شيء يقض مضجعي كالكلمة الرعناء، يقولها مسكون بالتعصب والطائفية، ولا شيء يسحرني كالكلمة النجلاء المكحولة بالصدق والوضوح ورحابة الصدروالإحساس بالآخر، وذلك كان أول عهدي بضياء خانم، واسمح لي أن أستعير كلماتك الرائعة وأكرر قولك للأستاذة:
لله هذه السيدة الكريمة ضياء ما أجمل خلقها ، وما أبدع فكرها الثاقب!! فهي الضياء حقا.. تهبنا المعنى الدقيق المناسب لكل ما نرجو التمعن فيه  بسهولة وسلاسة ، لينفذ إلى عقولنا وقلوبنا معا بعد أن تأتينا به من حيث لا نحتسب . وهبها الله نقاء السريرة ، وسلامة المخيلة ، ومتعها بحدة الذكاء وصفائه ، وحباها القدرة على موازنة العاطفة مع العقل، فغدا الخيال لديها كأنه واقع ، والتنبؤ بما سيكون كأنه محقق وشائع  ، مع استخلاص العبرة من التاريخ الذي مضى ، وسلامة النظرة إلى كيفية الاستفادة منه ، من أجل غد أفضل ، وحياة أهنأ وأجمل.
واسمح لي أن أشكر في ختام تحيتي هذه صانع الوراق، أستاذنا محمد السويدي، وشكري له ليس فقط على أننا نلتقي في ظلاله، ونجتمع في خيمته، وإنما على كلمة سمعتها منه مرات: (نريد أن نسمع الأحياء وليس الأموات، الأحياء الذين يعيشون واقعنا ويصيبهم ما يصيبنا، ويجرحهم ما يجرحنا، وإن كنا نهتم بالمتنبي فلأنه أقدر من مثل هذه الحقيقة في تخليده لشخصيات عرف قدرها فأجلها وأعطاها كل ما تستحقه من التقدير والإكبار)

21 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
القرآن واللغة    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذ زين الدين:
يبدو أن المسألة بحاجة إلى مزيد من التوضيح، وأعتقد أنك ما كررت السؤال إلا لعلمك بخلاف المفسرين حولها، ولكي تتضح الصورة أكثر انقل هنا ما حكاه القرطبي في تفسير الآية، قال:
وقيل: الإبل هنا القطع العظيمة من السحاب؛ قاله المبرد. قال الثعلبي: وقيل في الإبل هنا: السحاب, ولم أجد لذلك أصلا في كتب الأئمة.
قلت (والكلام للقرطبي) : قد ذكر الأصمعي أبو سعيد عبد الملك بن قريب, قال أبو عمرو: من قرأها "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" بالتخفيف: عنى به البعير, لأنه من ذوات الأربع, يبرك فتحمل عليه الحمولة, وغيره من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلا وهو قائم. ومن قرأها بالتثقيل فقال: "الإبل", عنى بها السحاب التي تحمل الماء والمطر. وقال الماوردي: وفي الإبل وجهان: أحدهما: وهو أظهرهما وأشهرهما: أنها الإبل من النعم. الثاني: أنها السحاب. فإن كان المراد بها السحاب, فلما فيها من الآيات الدالة على قدرته, والمنافع العامة لجميع خلقه. وإن كان المراد بها الإبل من النعم, فلأن الإبل أجمع للمنافع من سائر الحيوان؛ لأن ضروبه أربعة: حلوبة, وركوبة, وأكولة, وحمولة. والإبل تجمع هذه الخلال الأربع؛ فكانت النعمة بها أعم, وظهور القدرة فيها أتم. وقال الحسن: إنما خصها اللّه بالذكر لأنها تأكل النوى والقَتّ, وتخرج اللبن. وسئل الحسن أيضا عنها وقالوا: الفيل أعظم في الأعجوبة: فقال: العرب بعيدة العهد بالفيل, ثم هو خنزير لا يؤكل لحمه ولا يركب ظهره, ولا يحلب دره. وكان شريح يقول: اخرجوا بنا إلى الكناسة حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت. والإبل: لا واحد لها من لفظها, وهي مؤنثة؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها, إذا كانت لغير الآدميين, فالتأنيث لها لازم, وإذا صغرتها دخلتها الهاء, فقلت: أبيلة وغنيمه, ونحو ذلك. وربما قالوا للإبل)
وقال الزمخشري في الكشاف (فإن قلت: كيف حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض ولا مناسبة? قلت: قد انتظم هذه الأشياء نظر العرب في أوديتهم وبواديهم؛ فانتظمها الذكر على حسب ما انتظمها نظرهم، ولم يدعُ من زعم أن الإبل السحاب إلى قوله؛ إلا طلب المناسبة، ولعله لم يرد أن الإبل من أسماء السحاب، كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين، وغير ذلك، وإنما رأى السحاب مشبهاً بالإبل كثيراً في أشعارهم، فجوز أن يراد بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز)
وفي تفسير الشوكاني (فتح القدير): (وروي عن الأصمعي أنه قال: من قرأ { خلقت } بالتخفيف عنى به البعير، ومن قرأ بالتشديد عنى به السحاب) (1)
قلت أنا زهير: ولم تطرق قراءة التشديد سمعي منذ وعيت. وهي ليست من القراءات السبع ولا أدري حقيقتها (2)  وانظر كتاب (العنوان في القرءات السبع) لابن خلف المقرئ، (نشرة الوراق، ص 36) للاطلاع على القراءات السبع في سورة الغاشية. قال:
(سورة الغاشية: (تُصلى ناراً) 4 بضم التاء، الأبوان = الأبوان هنا تعني: أبا بكر وأبا عمرو عن عاصم =. (لا يُسمع فيها) 11 بياء مضمومة (لاغية) رفع ابن كثير وأبو عمرو و (تسمع) بتاء مضمومة (لاغية) رفع أيضا، نافع. الباقون (تسمع) بتاء مفتوحة (لاغية) بالنصب. (من عين آنية) 5 بالإمالة، هشام. (بمسيطر) 22 بالسين، هشام. الباقون بالصاد وحمزة يشم الصاد الزاي) ا. هـ.

ومع ذلك فإن تفسير الكلمة بالسحاب رأي مرجوح، لأن لفظة (إبل) لفظة قرآنية، وقد جاءت في القرآن بما لا محل للجدل معه على أنها النياق والجمال، كما في الآية:
وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 142 ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 143 وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَـذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 144
فلو وردت في القرآن آية يتضح فيها أن الإبل هو السحاب كما هو واضح في هذه الأية من أنها (النياق والجمال) لما قال النظام كلمته التي رواها الجاحظ.
وفي موقع (مزاين الإبل) صفحات رائعة عن الإبل وتاريخها وأخبارها في التراث العربي، ويمكن الوصول إلى ما يتعلق بالآية، عن طريق هذا الرابط.
_____________________
(1) أنبه هنا إلى أني قرأت في بعض المواقع ما يلي:
(وفي كلمة " الإبل " الواردة في قول الحق ـ تعالى ـ " أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ " 17/ الغاشية . قراءتان ، يقرأ بسكون الباء وهو من تخفيف المكسور وقد نسب ابن خالوية هذه القراءة للأصمعي عن أبي عمرو ، أما القراءة بكسر الباء فللجمهور).
(2): ومن القراءات الشاذة التي ذكرها الزمخشري للآية قراءة منسوبة إلى الإمام علي (ر) وأخرى لهارون الرشيد !! قال: وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه خلقتُ ورفعتُ؛ ونصبتُ، وسطحتُ: على البناء للفاعل وتاء الضمير، والتقدير: فعلتها. فحذف المفعول. وعن هارون الرشيد أنه قرأ: سطحت بالتشديد

21 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
فالعمدة ما حكاه الثعلبي    كن أول من يقيّم

صباح الخير:
استيقظت هذا الصباح فكان أول ما تذكرت كيف كنا ونحن دون السادسة من العمر إذا رأينا السحابة السوداء تطل من فوق الجبل، نهرب ونقول: (إجا الجمل، إجا الجمل) و(إجا: يعني جاء) أردت هنا أن أعلق على كلمة الإمام الثعلبي التي نقلها عنه القرطبي، كما في التعليق السابق، وهو قوله في كتابه (الكشف والبيان): (وقيل : الإبل هاهنا السحاب، ولم أجد لذلك أصلا في كتب الأئمة)
والثعلبي هو الإمام المفسر الكبير: أبو إسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، توفي عام 427هـ  ويمكن تحميل (الكشف والبيان) عن طريق هذا الرابط.
 
وما حكاه الثعلبي هو الصواب،فقد وردت (لفظة) الإبل في معجم لسان العرب (1740) مرة، فكانت كلها عن الإبل (البعير) ولم ترد بمعنى السحاب أبدا إلا في مادة (إبل) أثناء الحديث عما يقال من أن الإبل يطلق أيضا على السحاب.
وسبب تشبيه السحاب بالإبل هو بروزها من الأفق بروز الإبل، واجتماعها وتفرقها في السير، وحملها الماء كما تحمل الإبل أحمالها، لذلك نرى العرب وصفوا السحاب بما يصفون به الإبل في كثير من مفرداتهم.
فقالوا: الحَدْوُ سَوْقُ الإِبِل والغِناء لها. ويقال للشَّمالِ حَدْواءُ لأَنها تَحْدُو السحابَ أَي تَسوقُه؛ قال العجاج:
حَدْواءُ جاءتْ من جبالِ الطُّورِ تُـزْجِي أَراعِيلَ الجَهَامِ iiالخُورِ
وقالو في السحاب إذا ارتفع نَحْوَ بطن السماء: احْزَأَلَّ
وقالوا في الإبل إذا اجتمعت ثم ارتفعت عن مَتن من الأَرض في ذهابها (احزألت)
وسموا الإبل التي تتلوها أولادها متالي، جمع (متلية) وقال البَاهلي: المَتالي الإِبل التي قد نُتج بعضها وبعضها لم ينتج؛ وأَنشد:
وكـلُّ  شَـمـالـيٍّ، كـأَنَّ iiرَبابَه مَتالي مهيب، مِنْ بَني السيِّدِ، أَوْرَدا
قال: نَعَمُ بَني السيِّدِ سُودٌ، فشبه السحاب بها وشبه صوت الرعد بحَنِين هذه المَتالي.
وقالوا :الصِّرْمَةُ: القِطْعة من السحاب. والصِّرْمَة: القطعة من الإبل
وقالوا: الخِنْطِيلة: القِطْعة من الإِبل والبقر والسحاب؛ قال ذو الرمة:
خَـنَـاطِيل يستقرِين كل iiقَرَارة مِرَبٍّ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الروائس
 
الروائس: أَعالي الوادي. والخُنْطُولة: الطائفة من الدواب والإِبل ونحوها. وإِبِلٌ خَناطِيل: متفرقة
وقالوا: والعَكَرةُ:القطعة من الإِبل وقال ساعدة بن جؤية:
لَـمّا  رَأَى نَعْمان حلَّ iiبِكِرْفِئ عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزولَ الأَرْكُبُ
 
جعل للسحاب عَكَراً كَعَكَرِ الإِبل، وإِنما عنى بذلك قِطَع السحاب وقَلَعَه
وقالوا: القُذَعْمِلة: القصير الضخم من الإِبل، والقُذَعْمِلة: الناقة القصيرة. وما في السماء قُذَعْمِلة أَي شيء من السحاب.
وقالوا: النَّشء بسكون الشين: صِغار الإِبل،. وأَنْشَأَت الناقةُ، وهي مُنْشِءٌ: لَقِحَت. ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً: ارتفع وبَدَا، وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ. ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ، يعني أَوَّل ظهوره.وقال  الأَصمعي: خرج السحابُ له نَشْئٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن، وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ

وقالوا: رَحا السَّحابِ: مُسْتَدارُها. وفي حديث صِفَةِ السَّحابِ: كيف تَرَوْنَ رَحاها أَي اسْتِدارَتَها أَو ما اسْتَدارَ منها. والأرْحي: القَبائلُ التي تَسْتَقِلُّ بنَفْسها وتَسْتَغْني عن والرَّحا من الإبل: الطَّحَّانة، وهي الإبل الكثيرةُ تَزْدَحِمُ.

وسموا السَّحابَ رَوايا البِلادِ؛ والرَّوايا من الإِبلِ: الحَوامِلُ للماء، واحدتها راوِيةٌ فشبَّهها بها، وبه سميت المزادةُ راويةً، وقيل بالعكس. وفي حديث بَدْرٍ: فإِذا هو برَوايا قُرَيْشٍ أَي إِبِلِهِم التي كانوا يستقون عليها

وقالوا: الفِرْشاحُ من النساء: الكبيرة السَّمِجَة، وكذلك هي من الإِبل؛ قال:  
سَقَيْتُكمُ  الفِرْشاحَ، نَأْياً iiلأُمِّكُمْ تَدِبُّونَ للمَوْلى دَبيبَ العَقارِب
والفِرْشاحُ من السحاب: الذي لا مطر فيه.
وقالوا : الفارِقُ من الإِبل: التي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وحدها، وقيل: هي التي أَخذها المَخاض فذهبت نادَّةً في الأَرض، وجمعها فُرَّق وفَوارِق.
قال الجوهري: وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة فيقال فارق. وقال ابن سيده: سحابة فارِقٌ منقطعة من معظم السحاب تشبه بالفارِقِ من الإِبل؛ قال عبد بني الحَسْحاسِ يصف سحاباً:
لـه فُـرَّقٌ منه يُنَتَّجْنَ iiحَوْلَهُ يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
 
فجعل له سوابي كسوابي الإِبل اتساعاً في الكلام، قال ابن بري: ويجمع أَيضاً على فُرَّاق؛ قال الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْ قِ  رَجُوسٌ، قدَّامَها iiفُرّاقُ
 

22 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
هل القرآن حمال ذو وجوه    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذنا د. يحيى مصر الحلبي:
وشكرا لمشاركاتكم الكريمة في مجالسنا، أتمنى لو تذكرون لنا اسم صاحب القصيدة التي نشرتموها يوم 12 نوفمبر في ملف (استراحات) بعنوان الظلم ظلمات، ولا شك أن قائل القصيدة شاعر من فحول الشعراء، لذلك أرغب لو تتفضلون علينا بذكر ترجمته وشيء من شعره....
وأما أن القرآن حمال أوجه، فلا أوافقكم على هذه الكلمة، والشك فيها طويل وعريض، وكنت أنتظر غيري أن يتناولها بالنقد ويكفيني هذه المهمة. بل القرآن كتاب مبين أنزله الله تبيانا لكل شيء (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ)
 وهذه الكلمة نسبت إلى الإمام علي (ر) في نهج البلاغة ونصها :
( ومن وصيَّةٍ له عليه السلام لعبد الله بن العباس لمَّا بعثه للاحتجاج على الخوراج:
لا تخاصمهم بالقرآن فإنَّ القرآن حمَّالٌ ذو وجوهٍ تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنَّة فإنَّهم لن يجدوا عنها محيصا)
وعلى هذه الكلمة بنى الشيعة الإمامية عقيدة الاختصاص بالعلم كما يفهم من كلام السيد علي الشهرستاني في كتابه: (منع تدوين الحديث) (ص 462) أثناء حديثه عن الاجتهاد والنص، قال: (ومنها: أنّ مدرسة الاجتهاد تقول إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يوص من بعده. وأمّا مدرسة أهل البيت فتنصّ على وصيّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلىّ وأهل بيته من بعده.
ومنها: أنّ قريشاً ومدرسة الاجتهاد منعت من تدوين سنّة رسول الله. وأمّا مدرسة أهل البيت فقد دوّنت ذلك ودعت إليه رغم كلّ الظروف. ومنها: أنّ مدرسة الاجتهاد قالت: (حسبنا كتاب الله) ولا (ألبس بكتاب الله شيئاً) وأمّا مدرسة أهل البيت فتقول عن القرآن إنّه حمّال ذو وجوه، ولا يمكن فهم حقائقه وتفصيله إلاّ عن طريق السنّة وتفسير من خصّه الله بالعلم.
ومنها: أنّ مدرسة الاجتهاد لا ترتضي عرض كلام الصحابىّ على القرآن، بل ترى قوله وعمله مخصِّصاً للقرآن، وأمّا مدرسة أهل البيت فتدعو إلى لزوم عرض كلامهم على القرآن وطرح ما خالف القرآن فجاء عنه (عليه السلام): (إذا حدّثتكم بشي فاسألوني عنه في كتاب الله أو قوله: (فاعرضوا كلامي على كتاب الله، فما وافقه فخذوا به وما خالفه فاطرحوه) 
قلت أنا زهير: وظاهر ما في هذا الكلام من الافتراء وتقويل أهل السنة ما لم يقولوا. وقريب منه قول ابن أبي حديد، في شرحه لمعنى حمال ذي وجوه:
 (هذا الكلام لا نظير له في شرفه وعلو معناه، وذلك أن القرآن كثير الاشتباه، فيه مواضع يظن في الظاهر أنها متناقضة متنافية، نحو قوله: "لا تدركه الأبصار"، وقوله: "إلى ربها ناظرة"، ونحو قوله: "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون"، وقوله: "فأما ثمود فهديناهم، فاستحبوا العمى على الهدى"، ونحو ذلك، وهو كثير جداً، وأما السنة فليست كذلك، وذلك لأن الصحابة كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتستوضح منه الأحكام في الوقائع، وما عساه يشتبه عليهم من كلامه، يراجعونه فيه، ولم يكونوا يراجعونه في القرآن إلا فيما قل، بل كانوا يأخذونه منه تلقفاً،
وأكثرهم لا يفهم معناه،
لا لأنه غير مفهوم، بل لأنهم ما كانوا يتعاطون فهمه، إما إجلالاً له أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسألوه عنه، أو يجرونه مجرى الأسماء الشريفة التي إنما يراد منها بركتها لا الإحاطة بمعناها، فلذلك كثر الاختلاف في القرآن. وأيضاً فإن ناسخه ومنسوخه أكثر من ناسخ السنة ومنسوخها، وقد كان في الصحابة من يسأل الرسول عن كلمة في القرآن يفسرها له تفسيراً موجزاً، فلا يحصل له كل الفهم، لما أنزلت آية الكلالة، وقال في آخرها: "يبين الله لكم أن تضلوا"، سأله عمر عن الكلالة ما هو؟ فقال له: يكفيك آية الصيف، لم يزد على ذلك، فلم يراجعه عمر وانصرف عنه، فلم يفهم مراده، وبقي عمر على ذلك إلى أن مات، وكان يقول بعد ذلك: اللهم مهما بينت، فإن عمر لم يتبين، يشير إلى قوله: يبين الله لكم أن تضلوا
وكانوا في السنة ومخاطبة الرسول على خلاف هذه القاعدة، فلذلك أوصاه علي رضي الله عنه أن يحاجهم بالسنة لا بالقرآن.
فإن قلت: فهل حاجهم بوصيته؟
قلت: لا، بل حاجهم بالقرآن، مثل قوله: "فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها"،
ومثل قوله في صيد المحرم: "يحكم به ذوا عدل منكم"، ولذلك لم يرجعوا والتحمت الحرب، وإنما رجع باحتجاجه نفر منهم.
فإن قلت: فما هي السنة التي أمره أن يحاجهم بها؟
قلت: كان لأمير المؤمنين رضي الله عنه في ذلك غرض صحيح، وإليه أشار، وحوله كان يطوف ويحوم، وذلك أنه أراد أن يقول لهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار"، وقوله: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، ونحو ذلك من الأخبار التي كانت الصحابة قد سمعتها من فلق فيه صلوات الله عليه، وقد بقي ممن سمعها جماعة تقوم الحجة وتثبت بنقلهم، ولو احتج بها على الخوارج في أنه لا يحل مخالفته والعدول عنه بحال لحصل من ذلك غرض أمير المؤمنين رضي الله عنه في محاجتهم، وأغراض أخرى أرفع وأعلى منهم، فلم يقع الأمر بموجب ما أراد، وقضي عليهم بالحرب، حتى أكلتهم عن آخرهم، وكان أمر الله مفعولاً.

22 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
قصيدة (طوق الحمامة) من روائع امية    كن أول من يقيّم

قلنا في تعليق سابق إن لأمية بن أبي الصلت مجموعة قصائد لا تزال تفتقر للتنسيق والترتيب، يحكي فيها أخبار نوح (ع) في سفينته مع الحيوانات، لما كانت تنطق نطق البشر (بأية قام ينطق كل شيء)
ومن هذه القصائد قصيدة لامية، ومنها رائية، ومنها بائية وهي الأشهر، ومنها (يائية) وهي الأحلى، ولاسيما حديثه فيها عن (الغراب والديك).
فأما ما يتعلق بقصة الحمامة، فإن القطعة التي في البائية هي التي استحسنها النقاد، وعلق الآمدي في الموازنة عليها بقوله، (وما قال أحد في هذا المعنى أحسن ولا أبرع ولا احلى من قول أمية بن أبي الصلت) (الموازنة 2/ 156 – 157)
والقصيدة تحكي عن سبب وجود الطوق في عنق الحمام. وهو أن الحمامة التي بعث بها نوح (ع) لتتفقد الأرض بعد الطوفان، جاءته كما هو مشهور بغصن زيتون أخضر، وأراد أن يجزيها جزاء ما فعلت طوقا من ذهب، فرفضت الذهب وطلبت منه طوقا يكون ذكرى لأولادها إلى الأبد، وهو ما نرى في عنق المطوقات من الحمام، حتى اليوم. ومن ذلك اللامية التي يقول فيها:
سـمـع الله لابـنِ آدم نوحٍ ربُّـنا ذو الجلال iiوالإفضالِ
حين أوفى بذي الحمامة والنا س جـميعاً في فُلكِهِ iiكالعيال
فـأتـتهُ بالصدقِ لمّا iiرشاها وبـقِـطفٍ  لما غدا iiعِثكالِ
وقوله في البائية:
وأرسـلـتِ الـحمامةُ بعد iiسبعٍ تـدلُّ عـلـى المهالك لا iiتَهابُ
تلمّس هل ترى في الأرضِ عيناً وغـايـتـه مـن الماء iiالعُبابُ
فـجاءت  بعدما ركضت iiبقِطفٍ عـلـيـه الثَّأط والطين iiالكُبابُ
فـلـمـا فرَّسوا الآياتِ iiصاغوا لـهـا طـوقاً كما عُقِدَ iiالسِّخابُ
إذا  مـاتـت تـورِّثُـه iiبـنيها وإن  تُـقـتل فليس لها iiاستلاب
وأما اليائية، فيقول فيها:
ومـا كـان أصحاب الحمامة خيفة غـداة  غـدَت منهم تضم iiالخوافيا
رسـولاً لـهـم والله يُـحكِمُ iiأمرَه يـبين  لهم هل برنسُ الترب iiباديا
فـجـاءت بـقِـطفٍ آيةً iiمستبينةً فـأصبح منها موضع الطين iiجاديا
على  خطمِها واستوهبت ثمّ iiطوقها وقـالت  ألا لا تجعل الطوق iiحاليا
ولا ذهـبـاً، إنـي أخـافُ iiنبالهم يـخـالـونـه  مالي وليس iiبماليا
وزدني على طرقي من الحَليِ زينةً تـصيب إذا أتبعت طوقي iiخضابيا
وزدنـي  لطرف العينِ منك iiبنعمةٍ وأرِّث  إذا مـا متُّ طوقي iiحماميا
يـكـون  لأولادي جـمالاً iiوزينةً وعـنـوان  زيني زينة من iiترابيا
والجادي في البيت الثالث: الزعفران

23 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
قنزعة الهدهد: قصيدة من نوادر أمية    كن أول من يقيّم

قال ابن قتيبة الدينوري في (الشعر والشعراء)
أثناء حديثه عما كان يحكي أمية في شعره من قصص الأنبياء وكتب الأولين: ومنها قوله:
غَـيْمٌ  وظَلْماءُ وفَضْلُ iiسَحَابَةٍ إِذْ كـانَ كَفَّنَ واسْتَرَادَ iiالهُدْهُدُ
يَـبْـغِى  القَرَارَ لأُمِّهِ iiليُجنَّهَا فـبَـنَى  عليها في قَفاهُ iiيَمْهَدُ
فَـيَزَالُ يَدْلَحُ ما مَشَى iiبجِنَازَةٍ منها وما اخْتَلَفَ الجَديدُ المُسْنَدُ
وكانوا يقولون: (إن الهدهد لما ماتت أمه أراد أن يبرها، فجعلها على رأسه يطلب موضعاً، فبقيت في رأسه، فالقنزعة التي في رأسه هو قبرها، وإنما أنتنت ريحه لذلك)
وقدم الجاحظ لهذه القطعة بقوله:
وأما القول في الهدهد، فإنَّ العرب والأعراب كانوا يزعمون أنَّ القنزعة التي على رأسه ثوابٌ من اللّه تعالى على ما كان من بِرِّه لأُمِّه لأنَّ أمَّه لما ماتتْ جعل قبرها على رأسه، فهذه القنزعة عوضٌ عن تلك الوَهْدة.
والهدهد طائرٌ مُنتن الريحِ والبدن، من جوهره وذاته، فربَّ شيءٍ يكونُ مُنتِناً من نفسه، من غيرِ عرَض يعرِضُ له، كالتيوس والحيّاتِ وغير ذلك من أجناس الحيوان.
فأمَّا الأعراب فيجعلون ذلك النَّتْنَ شيئاً خامره بسبب تلك الجيفةِِ التي كانت مدفونةً في
رأسه، وقد قال في ذلك أميَّة أوغيرُه من شعرائهم، فأمَّا أميَّة فهو الذي يقول:
تـعَـلـمْ بـأنَّ الـلّه ليس iiكصنُعْهِ صنيعٌ ولا يخفى على اللّه مُلحَدُ (1)
وبـكـلِّ  مـنـكـرةٍ لـهُ مَعْرُوفة أخـرى  عـلـى عـينٍ بما iiيتعمَّدُ
جُـددٌ وتـوشـيـم ورسـمُ iiعلامةٍ وخـزائـنٌ مـفـتـوحـة لا iiتنفدُ
عـمـن  أراد بـهـا وجاب iiعِيانَه لا يـسـتـقـيـم لـخـالق iiيتزيَّد
غـيـم  وظـلـماء وغيث iiسحابةٍ أزْمـانَ  كـفَّـنَ واسـترادَ iiالهدهُدُ
يـبـغـي الـقـرارَ لأمِّـه iiليُجنَّها فـبـنـى عـلـيـها في قفاهُ iiيُمْهدُ
مَـهـداً  وطـيـئـاً فاستقلَّ بحمْلهِ فـي  الـطَّـيـرِ يحملها ولا iiيتأوَّد
مـن  أمِّـهِ فـجُزي بصالحِ iiحملها ولـدًا، وكـلـف ظـهـره ما iiيعقد
فـتـراه  يـدْلـحُ ما مشى iiبجنازةٍ فـيـهـا وما اختلف الجديد iiالمسند
(1)            كذا ورد البيت في نشرة الحديثي، وضبط (مُلحَد) كما ترى،(ص 193) وعلق في الهامش بقوله: البيت من الطويل، والقصيدة من الكامل، ولم أجد غير رواية الحيوان للجاحظ (3/ 511) الذي يرويه مع هذه القصيدة، وأظنه من قصيدة أخرى، وقوله: ملحد، يعني به الميت الموضوع في اللحد.
قلت انا زهير: وقد ورد البيت في (جمهرة أشعار العرب) مفردا، منسوبا إلى عثمان بن عفان (ر). وذلك في أول أبواب الكتاب (باب اللفظ المختلف ومجاز المعاني) قال(:
وقال عثمان ابن عفان، رضي الله عنه:
وأعلَمُ أنّ اللَّهَ لَيسَ كصـنـعِـهِ
 
صَنيعٌ ولا يخفَى على اللَّهِ مُلْحِدُ
الملحد: المائل، قال الله عز وجل: "إن الذين يلحدون في آياتنا"، أي يميلون) ا. هـ. 
 
ويلاحظ هنا ان النويري نقل النص نفسه في (نهاية الأرب) ويبدو انه ينقل من نسخة للحيوان غير التي اعتمد عليها ناشرو كتاب الحيوان، فليس في ما نقله هذا الاضطراب.. قال (10/ 247):
والهدهد طائرٌ معروف. وقال الجاحظ فيه: والعرب كانوا يزعمون أن القنزعة التي على رأسه ثوبٌ من الله عزّ وجلّ على ما كان من برّه لأمّه، لمّا ماتت جعل قبرها في رأسه؛ فهذه القنزعة عوضٌ عن تلك الوهدة. وهو طائر منتن البدن من جوهره وذاته. والأعراب يجعلون ذلك النّتن شيئاً خامره بسبب تلك الجيفة التي كانت على رأسه. ويستدلّون على ذلك بقول أميّة بن أبي الصّلت حين يقول من أبيات:
غـيمٌ وظلماء وغيث iiسحابةٍ أزمـان كفّن واستراد الهدهد
يـبـغي القرار لأمّه iiليجنّها فـبـنى عليها في قفاه iiيمهد
مـهداً  وطيئاً فاستقلّ iiبحمله فـي الطير يحملها ولا يتأوّد
من أمّه فجزي بصالح iiحملها ولـداً  وكلّف ظهره ما iiيعقد
فـتـراه يدلح ماشياً iiبجنازةٍ بقفاه ما اختلف الجديد المسند

23 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
نادرة تستحق القراءة    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

قصيدة أمية اللامية، التي أوردتُ قطعة منها في خبر طوق الحمامة، قصيدة طويلة جدا، ولا تزال مبعثرة في كتب الأدب واللغة والتاريخ، وقد ذكر فيها أمية أخبار الأنبياء والرسل، فلابد ان تكون قد تجاوزت المائة بيت وربما المائتين.
وفيها قوله، أثناء حديثه عن داود:
ما أرى من يغيثني في حياتي غـير  نفسي إلا بني iiإسرال
وهذا البيت قد سقط من نشرة الحديثي في خطأ مطبعي (ص 257) ربما متعمّد.
فقد ذكر في مقدمة تخريج الأبيات ما يلي:
(الأبيات (1 – 3) في المعرب ص 14، والبيت (3) في الموشح ص 234 ونقد الشعر ص 214 والتاج (سرو) وعجز البيت في الأزمنة والأمكنة، 1 / 29:
قال ربي إني دعوتك في الفج ر  فأصلح على يدي iiاعتمالي
إنـني  زارد الحديد على iiالنا س دروعـا سـوابغ iiالأذيال
........
لم يرد البيت الثالث في نشرة الحديثي: وهو:
لا أرى من يغيثني في حياتي غـير  نفسي إلا بني iiإسرال

وأعتقد أن عامل المطبعة حذف البيت متقربا إلى الله، وأما الحديثي فلم يتعمد حذف البيت، لأنه موجود في أماكن أخرى من كتابه، ومنها ص 143 أثناء حديثه عن (الأوزان والقوافي)
وقول أمية (لا أرى من يغيثني) هو في نشرة الموسوعة (ما أرى من يعينني) وكذا في (الموشح) للمرزباني، نقلا عن (نقد الشعر) لقدامة بن جعفر، وهي في (إعراب القرآن) للزجاج، (يعيشني)
وهي في (الأزمنة والأمكنة) للمرزوقي (يعشنني) قال:
وذكر بعض أصحاب المعاني أن العيشة والعيش ليسا بالحياة، ولكن ما يستعان به على الحياة واستدل بقوله تعالى: (وجعلنا النهار معاشاً) قال: وهذا كما قال في الآية الأخرى: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) وقال في موضع آخر: (جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً) أي ما ألبسهم من ظلمته فلبسوه لباساً، والنوم سباتاً أي سكوناً وأنشد لأمية:
ما أرى من يعشني في حياتي غـير  نفسي إلا بني iiإسرال
قال: المراد بقوله: يعشني يعينني على أمر الحياة، والسكون إنما هو في الليل والابتغاء من فضله بالنهار، ولكن لما عطف أحدهما على الآخر خرجا مخرج الواحد الجامع للشيئين.
قلت أنا زهير:  الظاهر أن هذا التفسير خطأ، ففي قصة داود المشهورة وخروج بني إسرائيل عليه، ومحاربته لطالوت في الحرب التي قتل فيها ابن طالوت في صفوف داود  ضد أبيه، في ذلك كله، وفي معنى (يعشني) كما حكاه ابن منظور في (لسان العرب) ما يفسخ المعنى الذي اختاره المرزوقي إلى نقيضه، وأن المراد بالبيت لا أرى من يرغمني على ترك أخلاقي وتبديل نفسي بأخرى غير بني إسرائيل، قال في مادة عشش (وأَعَشَّه عن حاجته: أَعْجَله. وأَعَشّ القومَ وأَعَشَّ بهم: أَعْجَلَهم عن أَمرهم، وكذلك إذا نزل بهم على كُرْه حتى يتحوّلوا من أَجله، وكذلك أَعْشَشْت؛ قال الفرزدق يصف القطاة:
وصـادقـة  مـا خـبّـرَتْ قد iiبَعثتها طَرُوقاً، وباقي الليلِ في الأَرض مُسْدِف
ولـو تُـرِكَـتْ نـامتْ، ولكنْ iiأَعَشّها أَذىً  مـن قِـلاصٍ كـالحَنِيِّ المُعَطَّفِ
ويروى: كالحِنّي، بكسر الحاء. ويقال: أَعْشَشْت القومَ إذا نزَلْت منزلاً قد نزلوه قبلك
فآذَيْتهم حتى تحوّلوا من أَجْلِك.

23 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
رواية الطبري    كن أول من يقيّم

وانقل هنا سطورا من رواية الطبري في تاريخه (نشرة الوراق ص 363) قال:
فجميع ما مضى من السنين من لدن أهبط آدم إلى الأرض، إلى وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم - على ما يقوله أهل الكتاب من اليهود، وتزعم أنه في التوارة الصورة مثبت من أعمار الأنبياء والملوك - أربعة آلاف سنة وستمائة سنة واثنتان وأربعون سنة وأشهر.
وأما على ما تقوله النصارى مما تزعم أنه في توراة اليونانية؛ فإن ذلك خمسة آلاف سنة وتسعمائة سنة واثنتان وتسعون سنة وأشهر....... حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي صدقة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن كعباً قال: إن قوله: " يا أخت هارون " ليس بهارون أخي موسى، قال: فقالت له عائشة: كذبت، قال: يا أم المؤمنين؛ إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال فهو أعلم وأخبر؛ وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة. قال: فسكتت.
حدثني الحارث، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا هشام، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: كان بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم ألف سنة وتسعمائة سنة، ولم يكن بينهما فترة، وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل، سوى من أرسل من غيرهم، وكان بين ميلاد عيسى والنبي خمسمائة وتسع وستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء، وهو قوله: " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالثٍ "، والذي عزز به شمعون، وكان من الحواريين  ....فهذا ما روى عن علماء الإسلام في ذلك، وفي ذلك من قولهم تفاوت شديد، وذلك أن الواقدي، حكى عن جماعة من أهل العلم أنهم قالوا ما ذكرت عنه أنه رواه عنهم.
وعلى ذلك من قوله، ينبغي أن يكون جميع سني الدنيا إلى مولد نبينا صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف سنة وستمائة سنة، وعلى قول ابن عباس الذي رواه هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عنه؛ ينبغي أن يكون إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف سنة وخمسمائة سنة.
وأما وهب بن منبه فقد ذكر جملة من قوله من غير تفصيل، وأن ذلك إلى زمنه خمسة آلاف سنة وستمائة سنة، وجميع مدة الدنيا عند وهب ستة آلاف سنة. وقد كان مضى عنده من ذلك إلى زمانه خمسة آلاف سنة وستمائة سنة. وكانت وفاة وهب بن منبه سنة أربع عشرة ومائة من الهجرة، فكأن الباقي من الدنيا على قول وهب من وقتتنا الذي نحن فيه، مائتا سنة وخمس عشرة سنة.
وهذا القول الذي قاله وهب بن منبه موافق لما رواه أبو صالح، عن ابن عباس.
وقال بعضهم: من وقت هبوط آدم عليه السلام إلى أن بعث نبينا صلى الله عليه وسلم ستة آلاف سنة ومائة وثلاث عشرة سنة؛ وذلك أن عنده من مهبط آدم إلى الأرض إلى الطوفان، ألفي سنة ومائتي سنة وستاً وخمسين سنة، ومن الطوفان إلى مولد إبراهيم خليل الرحمن ألف سنة وتسعاً وسبعين سنة، ومن مولد إبراهيم إلى خروج موسى ببني إسرائيل من مصر خمسمائة سنة وخمساً وستين سنة، ومن خروج موسى ببني إسرائيل من مصر إلى بناء بيت المقدس - وذلك لأربع سنين من ملك سليمان بن داود - ستمائة سنة وستاً وثلاثين سنة، ومن بناء بيت المقدس إلى ملك الإسكندر سبعمائة سنة وسبع عشرة سنة، ومن ملك الإسكندر إلى مولد عيسى بن مريم عليه السلام ثلثمائة سنة وتسعاً وستين سنة، ومن مولد عيسى إلى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وإحدى وخمسين سنة، ومن مبعثه إلى هجرته من مكة إلى المدينة ثلاث عشرة سنة.
وقد حدث بعضهم عن هشام بن محمد الكلبي؛ عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنه قال: كان من آدم إلى نوح ألفا سنة ومائتا سنة، ومن نوح إلى إبراهيم ألف سنة ومائة سنة وثلاث وأربعون سنة، ومن إبراهيم إلى موسى خمسمائة سنة وخمس وسبعون سنة، ومن موسى إلى داود مائة سنة وتسع وسبعون سنة (1) ومن داود إلى عيسى ألف وثلاث وخمسون سنة، ومن عيسى إلى محمد ستمائة سنة
______________________
(1) يبدو أن هذا من أخطاء الطباعة ؟

24 - نوفمبر - 2008
من يعرف تاريخ مولد النبي محمد (ص)
 308  309  310  311  312