البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 307  308  309  310  311 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
هذيان الجوهري صاحب الصحاح    كن أول من يقيّم

ويشفع للمؤلف أيضا أن شعر أمية بن أبي الصلت مظنة المزالق، تعثرت فيه كبار الأئمة، وأضرب على ذلك بهذا المثل، وهو ما حكاه ابن منظور في مادة برقع قال:
وبِرْقِع، بالكسر: السماء؛ وقال أَبو علي الفارسي: هي السماء السابعة لا ينصرف؛ قال أُمَيَّة بن أَبي الصَّلْت:
فكأَنَّ  بِرْقِعَ والمَلائِكَ iiحَوْلَها سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائمُ أَجْرَبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَجْرَدُ، بالدال، لأَنَّ قبله:
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطْباقُها وأَتَى  بسابِعةٍ فأَنَّى تُوردُ
قال الجوهري: قوله سَدِر أَي بَحر. وأَجرب صفة البحر المشبَّهِ به السماء، فكأَنه شبَّه البحر بالجَرَب لما يحصل فيه من المَوْج أَو لأَنه تُرَى فيه الكواكب كما تُرى في السماء فهنَّ كالجَرَب له؛ وقال ابن بري: شبَّه السماء بالبحر لمَلاستِها لا لِجَرَبِها، أَلا ترى قوله تواكله القوائم أَي تواكلته الرِّياح فلم يتمَوَّج، فلذلك وصفه بالجَرَدِ وهو المَلاسةُ؛ قال ابن بري: وما وصفه الجوهري في تفسير هذا البيت هَذَيان منه) ا .هـ
 
وقريب من ذلك ما ورد في (الأغاني) لأبي الفرج في أخبار أمية بن أبي الصلت قال:
أخبرني إبراهيم بن أيّوب قال حدّثنا عبد الله بن مسلم قال: كان أميّة بن أبي الصّلت قد
قرأ كتاب الله عز وجل الأوّل، فكان يأتي في شعره بأشياء لا تعرفها العرب؛ فمنها قوله:
قمرٌ وساهورٌ يسلّ ويغمد
وكان يسمّي الله عزّ وجلّ في شعره السّلطيط، فقال:
والسّلطيط فوق الأرض مقتدر
وسمّاه في موضع آخر التغرور فقال: "وأيّده التغرور". وقال ابن قتيبة: وعلماؤنا لا يحتجّون بشيء من شعره لهذه العلّة.
قلت أنا زهير: كذا قال أبو الفرج، التغرور بالتاء، ونقلها عنه ابن سعيد في (نشوة الطرب) وهي في الخصائص لابن جني الثغرور، بالثاء، قال: (وجاء في شعر أمية الثغرور، ولم يأت به غيره)
وأما السلطيط، فصوابه السلطليط.
وفي (الشعر والشعراء) لابن قتيبة أثناء حديثه عن أمية:
ويقول في الله عز وجل:
هو السَّلَطْلِيطُ فَوْقَ الأَرْضِ مُقْتَدرُ
ويقول: وأبدت الثغرورا يريد الثغر. وهذه أشياء منكرةٌ، وعلماؤنا لا يرون شعره حجةً في اللغة

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
كلام البونسي والمحبي وابن معصوم    كن أول من يقيّم

أنقل هنا كلام البونسي والمحبي وابن معصوم.
فأما البونسي فهو إبراهيم بن علي البونسي الشريشي (ت 651) وقد ذكر ذلك في كتابه (كنز الكتاب ومنتخب الآداب) معلقا على بيتين لطبيب إقبال الدولة وهما
اشْـرَبْ  هنيئاً عَليكَ التَّاجُ iiمرتَفقاً في قَصْر حِمْصَ وَدَعْ غُمْدانَ لِلْيَمَنِ
فَـأنـتَ أَوْلـى بتَاج الملْكِ iiتَلبَسُهُ مِـنْ هَوْذَةَ بنِ عليٍّ وابنِ ذي iiيَزَنِ
قال:
قول الطبيب:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
شطر بيت لأبي زمعة جد أمية بن أبي الصلت، من شعر قاله في معدي كرب بن ذي يزن،
أوله:
ليطلب الوترَ أمثالُ ابن ذي يزِن رَيَّـمَ  في البحر للأعداء أَحْوَالا
يـمَّـمَ قـيصر لما حان iiرحلَتُهُ فَـلَمْ يجد عندهُ بعض الذي iiسأَلاَ
إلى آخر ما ذكره من أبيات.
وأما كلام المحبي فإنه قال في (نفحة الريحانة): في ترجمة عمار بن بركات:
سمعت له أشعاراً هي غايةٌ في الحسن، يجلو رونق ديباجها القلب من الحزن. فعرفت أنه أحق حقيقٍ بأن يذكر، وأخلق في كل خليقٍ بأن تتلى آياته وتشكر. وكان دخل البلاد الهندية، وتفيأ ظلال أندية ملوكها الندية الندية. فما لبث أن تعلقت فيه خطاطيف الظنون، وطارت به عنقاء المنون.
وقد أثبت له ما تستهل البراعة من براعة استهلاله، ويؤذن بالسحر الذي لا حرج في القول باستحلاله.
فمنه قوله، مذيلاً بيت أبي زمعة جد أمية بن أبي الصلت ومادحاً النظام ابن معصوم:
اشـربْ هنيئاً عليك التَّاجُ iiمُرْتفِقاً في رأسِ غُمْدانَ داراً منك مِحلالاَ
تـسْـعَـى إليك بها هَيْفاءُ iiغانيةٌ مَيَّاسةُ  القَدِّ كَحْلاَ الطّرْفِ iiمِكْسالاَ
إلى آخر الأبيات، وقد ذكرها أيضا في (خلاصة الأثر) كما ذكرها (ابن معصوم) في سلافة العصر، وقال:

عاد شعر السيد وله مذيلاً بيت أبي زمعه جد أمية بن أبي الصلت ومادحاً الوالد

أشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً         برأس غمدان دارامنك محلالا

 

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
وفي الروض المعطار    كن أول من يقيّم

وقد نسب الحميري القصيدة إلى جد أمية ولكنه لم يسمه فقال في مادة غمدان:
وقد ذكره جد أمية بن أبي الصلت إذ قال في مدحه لسيف بن ذي يزن في القصيدة المشهورة:
فاشرب هنيت عليك التاج مرتفعـاً
 
في رأس غمدان داراً منك محلالا
لأنه كان حلفَ ألا يشرب خمراً حتى يدرك ثأره من الحبشة.

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
أم أمية بن أبي الصلت    كن أول من يقيّم

أما (أم أمية) فهي رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف، انظر أسماء إخوتها في (الجمهرة لابن حزم، نشرة الوراق، ص 31) ومنهم أمية جد الأمويين، وربيعة والد عتبة الذي عناه أبو العلاء بقوله:
إذا أنت عاتبت المقادير لم تزل كـعتبة أو كالأخنس بن iiشريق
قال صاحب الخزانة:
وكان (أي أمية) يحرض قريشاً بعد وقعة بدر ويرثي من قتل فيها، فمن ذلك قصيدته الحائية التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن روايتها التي يقول فيها: "مجزوء الكامل"
ماذا ببـدر والـعـقـن
 
قل من مرازبة جحاجح
لأن رؤوس من قتل بها عتبة وشيبة: ابنا ربيعة بن عبد شمس، وهما ابنا خاله لأن أمه رقية بنت عبد شمس.
قلت انا زهير: ومن اخواتها: فاطمة، أم عتبة وعوف ابني جعفر بن كلاب، وسبيعة جدة المغيرة بن شعبة وزوجة مسعود بن المغيث وكانت شاعرة، لها قصيدة  في رثاء عمها المطلب بن عبد مناف، ومن اخواتها أيضا: (أميمة) أم (أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي) وكانت شاعرة، ولها قصيدة وصلنا منها (18) بيتا،  اختار إسحاق الموصلي قطعة منها فلحنها وغناها، وهي:
أبـى  ليلي أن iiيذهب ونيط الطرف بالكوكب
ونـجـم  دونه النسرا ن  بين الدلو iiوالعقرب
وهـذا الصبح لا iiيأتي ولا  يـدنو ولا iiيقرب

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
أمية وأولاده    كن أول من يقيّم

وقال أبو الفرج في أخبار أمية بن أبي الصلت:
واسم أبي الصّلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عنزة بن قسيّ، وهو ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوزان. هكذا يقول من نسبهم إلى قيس، وقد شرح ذلك في خبر طريح. وأمّ أميّة بن أبي الصلت رقيّة بنت عبد شمس بن عبد مناف. وكان أبو الصلت شاعراً، وهو الذي يقول في مدح سيف بن ذي يزن:
ليطلب الثأر أمثال ابـن ذي يزنٍ إذ صار في البحر للأعداء أحوالاً
وقد كتب خبر ذلك في موضعه.

أولاد أمية:

وكان له أربع بنين: عمروٌ وربيعة ووهبٌ والقاسم. وكان القاسم شاعراً، وهو الذي يقول - أنشدنيه الأخفش وغيره عن ثعلبٍ، وذكر الزّبير أنّها لأميّة:

صوت

قومٌ إذا نزل الغريب بدارهـم ردّوه ربّ صواهلٍ وقـيان
لا ينكتون الأرض عند سؤالهم لتلمّس العلاّت بـالـعـيدان
يمدح عبد الله بن جدعان بها، وأوّلها:
قومي ثقيفٌ إن سألت وأسرتي وبهم أدافع ركن من عاداني
غنّاه الغريض، ولحنه ثقيلٌ أوّل بالبنصر. ولابن محرزٍ فيه خفيف ثقيلٍ أوّل بالوسطى، عن الهشاميّ جميعاً. وكان ربيعة ابنه شاعراً، وهو الذي يقول:
وإن يك حيُّا من إيادٍ فـإنّـنـا وقيساً سواءٌ ما بقينا وما بقوا
ونحن خيار النّاس طرًّا بطانةً لقيسٍ وهم خيرٌ لنا إن هم بقوا
....إلخ

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
رأي ابن داود الظاهري    كن أول من يقيّم

وكل الشكر لك أستاذنا وحبيبنا ومعلمنا ياسين الشيخ سليمان، ووالله صورتكم لم تفارق خيالي طوال عملي في إعداد هذا الموضوع، وأنا أول ما يهمني أن أقرأ رأيكم فيما أنشر، أكتب ذلك وأنا أتصور أيضا أستاذتي ضياء خانم وهي تقول: يا لك من بائس، وماذا يعني أن يكون جد أمية زمعة أو ربيعة، إذا كان ديوان أمية نفسه لا يزال يغطّ في سبات عميق ربما في دير الأوسكوريال، أو في خزائن استنبول العائمة. وأما (بهجة) فهكذا كتبها الحديثي على نشرة كتابه، وهو الصواب، قياسا على طلحة، وحمزة. أكرر شكري وامتناني، لك ولأستاذتي ضياء والتي أرغب لو تشارك في هذا الملف بإبداء رأيها في قصيدة (الديك والغراب) التي سأنشرها في التعليق التالي، كما أتمنى منكم أستاذتي أن تجتهدوا معي في إماطة اللثام عن حقيقة أمية بن أبي الصلت، فلو استطعنا أن نثبت أن قصيدة مدح ذي يزن لجده، وهذا ما أرجوه فهذا يعني أن أمية من جيل النبي (ص) وقد يكون توفي بعد وفاة النبي، لا كما يقال أنه توفي قبل النبي (ص) بعامين، ويفهم من كلام ابن داود الظاهري، في كتابه الزهرة، انه (أسلم وحسن إسلامه، ومدح النبي (ص) بقصيدة من روائع شعره، قال:
جلَّ الله عمَّا يقول الملحدون إن في شعر أمية طعناً على الدين من قِبل أنَّه مواطئ لبعض ما في القرآن، وموافق لكثير ممَّا في شريعة الإسلام. قالوا: فهذا يدلّ على أن القرآن منه أجدر. ومن معانيه استخرج الله عز وجل تعالى عن قولهم علواً كبيراً. ولو ساعدهم التوفيق على فهم ما اعتقدوه، بل لو صَدَفهم الحياء عن قبح ما انتحلوه، ولاستحيَوا عن ذكر ما ذكر أمية بن أبي الصلت، وإن كان جاهلياً فقد أدرك الإسلام، ومدح النبي - صلى الله عليه - وذلك موجود في شعره، ومفهوم عند أهل الخبرة به.
وكيف يتوهم لبيب أوْ يستخبر لبيب أن يهجر عليه عقله أو يحمل نفسه بدعوى ما يتهيأ تكذيبه فيه بأهون السعي من مخالفته، أم كيف يظن بالنبي - صلى الله عليه - أنَّه يأخذ المعاني من أمية وأمية يشهدُ بتصديقه، ويقرُّ بكتابه، ويعزل نفسه عن التأخر بالدخول في ملته، وذلك موجود فيما ذكرناه من شعره وما لم نذكره.
وسنذكر بعض ما مدح به أمية النبي - صلى الله عليه - في بابه إن شاء الله ولا قوَّة إلاَّ بالله.
الباب الثاني والخمسون
ما مدح به أمية النبي .... )
 ولا ندري ما تطالعنا به الأيام، وكما تعلمون فشعر أمية لم يسلم من نزغات الملاحدة قديما، وحديثا كما نرى في كتابات (لامانس) وهو الذي تولى تحرير (مادة الطائف) في دائرة المعارف، وكذا (هوار) الذي كنت أشفق عليه أكثر من لامانس وأنا أقرأ ملاحظاته على شعر أميه كما نقلها الحديثي عن (المجلة الآسيوية القسم 4 ص 125 عام (1904م) وقد عرض أيضا لآراء (كامنتسكي)  في كتابه (علاقة شعر أمية بالقرآن) رسالة دكتوراه، ول(شولتس) في بحث له عن قضة الانتحال في شعر أمية، وهو منشور ضمن البحوث المنشورة لتكريم نولدكه. طاب نهاركم ومتعنا الله بنشوراكم،  وإلى (الديك والغراب)

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
الديك والغراب    كن أول من يقيّم

لأمية بن أبي الصلت مجموعة قصائد لا تزال تفتقر للتنسيق والترتيب، يحكي فيها أخبار نوح (ع) مع الحيوانات، لما كانت تنطق نطق البشر (بأية قام ينطق كل شيء)
ومن هذه القصائد قصيدة لامية، ومنها رائية، ومنها بائية وهي الأشهر، ومنها (يائية) وهي الأحلى، ولاسيما حديثه فيها عن (الغراب والديك) ولا ندري من هو مخاطبه فيها، ولماذا اعتبر نفسه ديكا مخدوعا، مكذوبا عليه مغدورا به.
 ولا ندري أيضا حجم هذه القصائد التي تطرق فيها أمية لهذه القصة، فقد عثرت على بيت من البائية أثناء كتابتي لهذا التعليق، في كتاب (الصاهل والشاحج) وهو البيت الثاني (أقاما يشربان...) ولم أعثر عليه في مجموعة الحديثي، ولا في مستدرك (إسلام ماهر عمارة).
 قال أبو العلاء: (ولعلك سمعت ما يتحدث به الناس عن الزمان القديم من أن الديك والغراب كانا صديقين في الدهر الأول،وكانا يتنادمان. فشربا عند خمار أياماً فلما نفد شراب الخمار وأحس الغراب أنه يريد الثمن، أصبح يوماً والديك نائم، فقال للخمار: إني ماض فآتيك بحقك، وصاحبي هذا رهن عندك على مالك. وذهب فلم يعد. وذكر ذلك "أمية بن أبي الصلت الثقفي" قال:
بـآيةِ قام يَنطِقُ كلُّ iiشيءٍ وخان أَمانةَ الدِّيكِ iiالغُرابُ
أَقاما يشربانِ الخَمْرَ iiدَهْراً فخانَ العهدَ إِذ نَفِدَ الشرابُ
...إلخ)
قال الجاحظ: (وفي كثيرٍ من الروايات من أحاديث العرب، أن الديك كان نديماً
للغراب، وأنهما شربا الخمر عند خمّارٍ ولم يعطياه شيئاً وذهب الغرابُ ليأتيه بالثَّمنِ حين شرب، ورَهن الدّيك، فخاس به، فبقي محبوساً. ....)
وفي ذلك يقول أمية:
ولا غـرو إلا الـديـك مدمن خمرةٍ نـديـم  غـرابٍ لا يـمل iiالحوانيا
ومَـرهَـنُـه  عـند الغراب iiحبيبَه فـأوفـيـت مـرهوناً وخلفاً iiمسابيا
أدلَّ  عـلـيَّ الـديكُ أني كما iiترى فـأقـبـلْ  على شاني وهاك iiردائيا
أمـنـتـك لا تلبَث من الدَّهر ساعةً ولا  نـصـفـهـا حتى تئوب مآبيا
ولا تـدركـنك الشمسُ عند iiطلوعها فـأغـلـقَ  فـيهم أو يطول iiثوائيا
فـردّ  الـغـراب والـرداء iiيحوزه إلـى الـديـك وعـداً كاذباً iiوأمانيا
بـأيـة ذنـبٍ أو بـأيـة iiحُـجـةٍ أدعـك  فـلا تـدعـو عليّ ولا ليا
فـإنـي  نـذرت حَـجَّةً لن أعوقها فـلا  تـدعـونّـي مرة من iiورائيا
تـطـيـرتُ  منها والدعاء iiيعوقني وأزمـعـتُ  حَـجاً أن أطير iiأماميا
فـلا تـيـأسن إني مع الصُّبح باكرٌ أوافـي  غـداً نحو الحجيج iiالغواديا
لـحـبِّ امـرئٍ فاكهتُه قبل iiحَجَّتي وآثـرت عـمـداً شـأنه قبل iiشانيا
هـنـالـك ظن الديك إذ زال iiزولُهُ وطـال عـلـيـه الـليل ألا iiمفاديا
فـلـما أضاء الصُّبح طرَّب iiصرخةً ألا يـا غـرابُ هـل سمعت iiندائيا
عـلـى ودّه لـو كـان ثـم iiمجيبه وكـان  لـه نـدمـان صدقٍ مواتيا
وأمسى الغراب يضرب الأرض كلَّها عـتيقاً وأضحى الديك في القِدِّ iiعانيا
فـذلـك مـمـا أسـهب الخمر iiلبَّه ونـادم نـدمـانـاً من الطير iiعاديا
ويفسر الجاحظ هذه الأسطورة بقوله:
(فالغرابُ عند العرب مع هذا كلِّه، قد خدع الدّيك وتلعَّب به، ورَهَنه عند الخمّار وتخلّص من الغُرم، وأغلقه عند الخمّار، فصار له الغنم وعلى الديك الغرم، ثمّ تركه تركاً ضرب به المثل.
فإن كان معنى الخبر على ظاهر لفظه، فالديك هو المغبون والمخدوع والمسخور به، ثم كان المتلعّب به أنذلَ الطير وألأمَه.
وإن كان هذا القولُ منهم يجري مجرى الأمثال المضروبة، فلولا أن عُليا الدّيك في قلوبهم دون محلِّ الغراب - على لؤم الغراب ونذالته ومُوقه وقلّة معرفته - لما وضعوه في هذا الموضع الموضع.
فإن أردتم معرفة ذلك فانظروا في أشعارهم المعروفة، وأَخبارهم الصحيحة
ثم ابدءوا بقول أميّة بن أبي الصّلت؛ فقد كان داهيةً من دوهي ثَقيف، وثقيفٌ من دُهاةِ العرب، وقد بلغ من اقتداره في نفسه أنَّه كان قد همَّ بادِّعاء النُّبوة، وهو يعلم كيف الخصالُ التي يكون بها الرجل نبيّاً أو متنبيّاً إذا اجتمعت له. نعم وحتّى ترشَّح لذلك بطلب الرِّوايات، ودرس الكُتُب. وقد بان عندَ العرب علاّمةً، ومعروفاً بالجَولان في البلاد، راويةً.

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
غذوتك مولودا (رائعة أمية بن أبي الصلت)    كن أول من يقيّم

أجمل قصائد أمية على الإطلاق قصيدته (غذوتك مولودا) والمشهور أنه قالها في معاتبة ولد له، وقد نسبها إليه كل من أبي الفرج في (الأغاني) وابن حمدون في (التذكرة الحمدونية) والمرزوقي في (شرح الحماسة) والهجري في (التعليقات والنوادر) والصفدي في (الوافي) وابن عبد البر في (بهجة المجالس) وابن سعيد المغربي في (نشوة الطرب) ثم ارتأى الدكتور بهجة الحديثي أن يحكم على أمية بتجريده من هذه القصيدة. فجعلها في القسم المنسوب إلى أمية (ص 352 من كتابه) قال: والقصيدة عباسية في نفسها وهي لا تشبه شعر أمية، ولا أراها له. واعتمد في تضعيف نسبتها إلى أمية ما رود في كتاب (العققة والبررة) لأبي عبيدة، مع أن أبا عبيدة لم يفعل سوى أن روى قصيدة لأبي عمران يحيى بن سعيد الأعمى، مولى آل طلحة بن عبيد الله، وذكر انه قالها في ولده عيسى. وأورد (34) بيتا من القصيدة
 وكتاب (العققة والبررة) منشور في الوراق، ضمن كتاب (نوادر المخطوطات) نشرة المرحوم عبد السلام هارون.
وبكل الأسف والمرارة أقول: لم ينتبه الحديثي إلى أن أبا عمران صرح في قصيدته أنه يتمثل ويقتبس شعر غيره إذ قال:
فـقلت له يوماً لأسمعَ iiقوله ويعلمَ بالتعليم من كان أجهلُ
غذوتك مولوداً وعلتكَ iiيافعاً تـعلُّ بما أجنى إليك وتنهلُ
ولا يمنع أن يكون ابن قتيبة الدينوري قد وقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه الحديثي، إذ شذ فنسب الأبيات إلى أبي عمران، ورب ضار نافعة، فرواية أبي عبيدة لقصيدة أبي عمران تضمنت أهم نشرة لقصيدة أمية، فلذلك سوف أجتهد يجب إعادة النظر في قصيدة أمية وعدد ابياتها، بناء على ما ورد في قصيدة أبي عمران بعد قوله:
فـقلت له يوماً لأسمعَ iiقوله ويعلمَ بالتعليم من كان أجهلُ
وهي (17) بيتا، وأما القصيدة في نشرة الموسوعة فهي (14) بيتا، منها أبيات لم ترد في قصيدة أبي عمران.
وقد أورد الحديثي في القطعتين (82) و( 83) بيتين من نفس القصيدة، وهما:
ولكن من لا يلق امراً ينوبه         بعدته ينزل به وهو أعزلُ
وما صولة الحق الضئيل وخطره   إذا خطرت يوما قساور بزّل
نقل الأول عن الكتاب لسيبويه و(خزانة الأدب) للبغدادي والإنصاف، والثاني عن تاج العروس. !!
وبقي أن أنبه إلى أنه ليس في قصيدة أبي عمران، ما يدل أنه يخاطب بها ابنه، وإنما هو يخاطب بها صديقا له هجاه، وذلك ظاهر من مطلع القصيدة:
ومن خبرى أنَّي منيتُ بصاحبٍ         يلومُ وإن لم أجنِ ذنباً ويعذلُ
وقد انفرد أصحاب الحديث بذكر قصة القصيدة من غير تسمية أمية، ومنهم ابن ماجه، والطبراني في الأوسط، والطحاوي وبقي بن مخلد، والبزار، والبيهقي في (دلائل النبوة) وابن القطان.
وأختار هنا رواية البيهقي في (الدلائل) في باب (باب اختياره - صلى الله عليه وسلم - الشعر)، من حديث جابر - رضي الله عنه أنه جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا رسول الله، يريد أبي أن يأخذ مالي؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ائت بأبيك عندي)؛ فلما جاء
أبوه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يقول ابنك أنت تأخذ ماله)، قال: سله يا رسول الله، لا مصرف لماله إلا عماته وقراباته، أما أصرفه على نفسي وعيالي؟ فنزل جبريل - عليه السلام - وقال: (يا رسول الله، قال هذا الشيخ في نفسه شعرا ما وصل إلى أذنه)؛ فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هل قلت في نفسك شعرا؟) فاعترف الشيخ، وقال: لا يزال يزيدنا الله - تعالى - بك بصيرة ويقينا؛ وعرض سبعة أبيات نظمها في نفسه، وهي:
غـذوتك  مولودا وصُنتك iiيافعا تَـعـلُّ  بما أجني عليك وتنهلُ
إذا ليلة ضاقت بك السقم لم أبت لـسـقـمـك  إلا ساهرا iiأتمل
تخاف الردى نفسي عليك iiوإنها لـتـعلم  أن الموت حتم iiمُوكّلُ
كأني  أنا المطروق دونك iiبالذي طـرقت  به دوني فعيني iiتهمل
فـلما  بلغت السن والغاية iiالتي أتـتـك  مراما فيه كنت iiأؤمِّلُ
جـعلت جزائي غلظة iiوفظاظة كـأنـك  أنت المنعم iiالمتفضِّلُ
فـلـيتك إذ لم تَرْعَ حق iiأُبوَّتي فعلت  كما الجار المجاور iiيفعل
قال جابر: فبكى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم أخذ تلابيب ابنه وقال
له: (اذهب، فأنت ومالك لأبيك).

20 - نوفمبر - 2008
نشرة الحديثي لديوان أمية بن أبي الصلت
ولقد يسرنا القرآن للذكر    كن أول من يقيّم

شكرا لك أستاذ زين الدين على مشاركتك الثمينة هذه وتحيتك الطيبة أيضا، والشكر موصول لأستاذتنا الغالية ضياء خانم وللأستاذ محمد كالو راعي هذا الملف:
حقيقة أنا لا أثق بأي ترجمة كانت للقرآن، ولا أرى في ذلك إلا فائدة ضئيلة، لا تكاد تذكر أمام مغبة الاعتراف بجواز ترجمة القرآن، وأعتقد أن تعريف غير العرب بالإسلام أجدى من ترجمة القرآن لهم، فإن قوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) لا يصلح على الترجمة الإنكليزية ولا الفرنسية ولا الفارسية، ولا أي لغة في العالم، كما أن قوله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكر) يخص القرآن المنزل من عند الله، باللغة العربية لا غير، ومثل ذلك (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) وكل ما يقال عنه من أنه ترجمة للقرآن ما هو في الحقيقة سوى كتاب من كتب المسلمين. وقيمة القرآن ليست في أحكامه فقط، وإنما في أنه كما وصفه تعالى بقوله في سورة الزمر (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون  ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) ثم إن آيات القرآن في صفحات التراث العربي زينة الأدب، وهيكل الحكمة، ومنهل الإيمان،  تجد الآية القرآنية في كتاب الطب أو الهندسة أو الفلك أو الفلاحة فتحس وكأنها القمر بين الكواكب، وقد لاحظ ذلك الهاروني المتوفى سنة  421هـ يعني قبل أكثر من ألف عام، فكيف الحالة اليوم، وهو قوله في كتابه إثبات النبوة: (ومما يبين بلوغ القرآن غاية الفصاحة: أن الشاعر ربما ضمن لفظة من القرآن بيتا من الشعر أو حشا الخطيب بها فصلا من الخطب، أو وشح الكاتب بها موضعا من الرسالة، فيتميز بحسنها عن غيرها، ويتبين ببهجتها على ما سواها، ويصير الموضع الذي يضمنها غرة من سائره، بحسنه الذي اكتسبه من تلك اللفظة، وزبرجه الذي استعاره منها)

20 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
التلاؤم: من مصطلحات البلاغة    كن أول من يقيّم

وأنقل لكم هنا هذا الفصل من كتاب (إثبات النبوة) للهاروني (أحمد بن الحسين ت 421هـ) الذي أشرت إليه في التعليق السابق، وهو كتاب يرد به على من زعم أن معارضة القرآن ممكنة، وعثرت فيه على فصول مضحكة من المعارضة الملفقة على ابن المقفع، أذكر منها ما يخصنا نحن أهل دمشق، قال: (تأمل صنيع الله بأهل الشام، وقد شملتها الآثام، وكثر فيها الإجرام، فيومئذ حين أظلتهم الآكام، والقادمين من السوق بالخيام، إن ربك صب عليهم سوء العذاب، إنه لا يعجل العقاب، ولهم الجزاء الأوفى يوم الثواب) ولنعد إلى ما نحن بصدده من تعريف الهاروني للتلاؤم، قال:
 ومن أقسام الفصاحة: التلاؤم، وهو نقيض التنافر، وهذا الباب هو اكثر أبواب الفصاحة وكنا نبهنا عليه في أول هذا الباب عند ذكرنا جزالة الألفاظ. لكن أعدنا ذكره في آخر الباب لنوضحه فضل ايضاح، لأنه هو العمدة وذلك إن عامة ما ذكرنا من أقسام الفصاحة. بل كلها غير هذا القسم للتكلف والتعمل فيها مجال ومسرح، ويمكن التوصل إليها باحتذاء آثار ما تقدم فيها، بأن يتعلم طرائقها، ويستفاد منهاجها، وهذا القسم الذي هو التلاؤم يتعذر إلا إن يسمح به طبع مخصوص، يعرف ذلك كله من له أدنى حظ في الأدب والمعرفة بنقد الكلام، وذلك أن التلاؤم به تكون العذوبة والحلاوة، وعنه تكون حسن ديباجة الكلام، ولهذا تجد الكلام المنظوم المنثور جيد السبك، رصين النظم، صحيح الوضع، متسق المعنى. ومع ذلك تجده نابياً عن السمع، نافراً عن الطبع، إذا لم تحصل له العذوبة التي يكون سببها التلاؤم.
واعلم أن التلاؤم يكون بتلاؤم الحروف، وتلاؤم الحركات والسكنات، وتلاؤم المعنى، فإذا اجتمعت هذه الوجوه خرج الكلام غاية في العذوبة، وفي حصول بعضها انحطاط لدرجة العذوبة عن الغاية، وسائر أقسام الفصاحة مع عدم التلاؤم يعد تكلفاً، وكلما ظهرت الصنعة أكثر، كان الكلام أقرب إلى أن يكون تعسفاً، وإذا حسن التلاؤم، وحسن معه يسير الصنعة، أشرق تأليف الكلام ووضعه. ألا ترى إلى قول الشاعر:
تمتع من شميم عرار iiنجد فما  بعد العشية من iiعرار
ألا  يـا حبذا نفحات iiنجد وريّـا روضه بعد iiالقطار
شهور ينقضين وما شعرنا بـأنصاف لهن ولا iiسرار
لما حصل التلاؤم حصل في النفس القبول التام مع قلة الصنعة فيه.
ومن ذلك قول القائل:
ولما قضينا من منى كل iiحاجة ومسح بالأركان من هو iiماسح
أخذنا  بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح
ألا ترى إلى ديباجته، كيف حسنت؟ وإلى عذوبته كيف ظهرت؟ وإلى سلامته كيف استمرت؟ مع خلوه من الصنعة، ووقوعه بالبعد عن التعمّل. وهذا باب تأملته في الأشعار والخطب والرسائل والمحاورات في الجد والهزل. وصح لك بيانه، وقام عندك برهانه. وهذا القسم من الفصاحة موجود في القرآن من أوله إلى آخره

20 - نوفمبر - 2008
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
 307  308  309  310  311