البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 304  305  306  307  308 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
ذكريات على فراش الحمى    كن أول من يقيّم

قال أمير البيان تحت عنوان (مرضي في مكَّة المكرمة وأسبابه، وتأثيره في أثناء أداء فريضة الحج):
إذا كان الأجر على قدر المشقَّة فقد كتب الله لهذا العبد أجراً عظيماً. فإنَّه لم تمضِ على مقامي بقرب المقام أكثر من تسعة أيام حتى انحلَّت قواي والتاث مزاجي وأصبحت مريضاً تتصاعد بي الحمَّى إلى أن بلغت درجة الأربعين.
وذلك أنّي من أبناء جبل لبنان ولم تألف أجسامنا الحرّ الشديد الذي ألفته أجسام إخواننا أهالي جزيرة العرب لا سيَّما سكان التهائم منهم. وكنت من أصل فطرتي أكره الحرّ وأفرُّ منه، ولم أكن أيام القيظ أفارق الصرود
وهذا كان سبب اصطيافي في عين صوفر مدة تزيد على عشرين سنة، وقد نشأ عن شدّة رغبتي في ذلك المكان أنِّي اقتنيت فيه الكروم والعقارات وتأثلت ما يقارب ثلاثمائة ألف ذراع مربع من الأرض، ولم تكن درجة الحرارة في صوفر تزداد بميزان سنتيغراد على 23 إلا نادراً، وكذلك كنت أقيم أحياناً بعاليه وحرارتها تعلو فوق 26 أو 27 إلا نادراً،
ومنذ اثنتي عشرة سنة أنا في أوربة وليست هذه القارة بالتي يشكو فيها الإنسان شدَّة الحرِّ، وما أذكر أنّي لقيت في أوربة شيئاً يستحق اسم الحرِّ إلا في روما إذ صادف وجودي فيها إحدى المرار في شهر يوليو.
 
ومن المعلوم أنّي أقمت سنوات بألمانية وهي لا تعرف الحرَّ إلا عابر سبيل، وأني منذ سنوات في سويسرا وهي لا تدري شيئاً من حرارة القيظ.
وعدا ذلك تراني في سويسرا نفسها أقضي الصيف من قمَّة جبل إلى قمة جبل. فتارة في القمة المسمَّاة (روشه دونيه) فوق (مونترو) وهي تعلو عن سطح البحر ألفين وخمسين متراً، وطوراً في (شتانسر هورن) فوق بحيرة (لوسرن) وهي قمة بيضية الشكل تعلو عن سطح البحر 1950 متراً، وأحياناً في القمم الشامخة التي تقابلها مثل (بيلاتوس) المشرفة على لوسرن إشراف المنارة على الجامع، ومثل (ريغي) التي يطل منها الرائي على ثماني بحيرات، في لمحة واحدة من شفير شاهق، ومن شدة غرامي بهذه القمم التي قد كنت أصادف فيها الثلج أحياناً في شهر أغسطس أتذكر أنّي تركت قمَّة (غورتن كولم) في برن وذهبت فانتجعت قمة (شتانسر هورن) في لوسرن لأنها أعلى من الأولى، وأقمت هناك شهراً إلى أن
جاءني كتاب من سعادة الأخ الشهم الهمام عبد الحميد بك سعيد - رئيس جمعية الشبَّان المسلمين الآن في مصر - أمتع الله الإسلام بطول حياته، وكان يسكن في (غورتن كولم) في الفندق الذي أنا فيه فكان يؤنّبني في هذا الكتاب على تلك العزلة برأس جبل (شتانسر هورن) ويقول: لا يحل لك هذا.
والخلاصة أنَّ برودة سويسرا كلّها لم تكن تقنعني وكنت أنتجع منها الشناخيب التي أستيقظ فيها صباحاً فأرى الأرض التي حولنا بيضاء من الثلج وذلك في إبان فصلالقيظ.
وقبل ذلك لما كنت في جبلنا لبنان لم تكن عين صوفر (وهي في ارتفاع 1350 متراً) تقنعني وتكفيني فطالما قصدت أبْهل الباروك وتوأمات نيحا وهي تعلو 1800 متر وغير ذلك. فكيف بي الآن وقد صرت في إقليم حرارته تقابل من 40 درجة بميزان سنتيغراد إلى 50 وذلك لأول مرَّة في حياتي. لا جرم أنّي لم أتحمَّل هذا الفرق الشاسع ورأيت نفسي هبطت هبطة واحدة كما يقع الزق عن الظهر لا متدرجاً ولا متدحرجاً.
وكان قد سبق أنّي لمَّا مررت بمدينة السويس منتظراً باخرة البوسطة المصرية للركوب بها إلى جدَّة لم يشاءوا أن يمهلوني يومين ريثما يأتي ميعاد سفر الباخرة بل صدر الأمر بتسفيري على باخرة هندية سيئة الحال مسلوبة أسباب الراحة في المنام والغذاء والجلوس وكل شيء وناهيك أنه كان فيها نحو 1500 حاج وأنها كانت من البواخر الصغيرة.
فبعد هذا لا ينبغي لي أن أطيل الشرح وأن أقول كيف مرضت وإنما أقول إنّي وطئت أرض جدَّة ملتاثاً.
ثم إني لما وصلت إلى مكَّة نزلت في منزل سعادة ولدنا فؤاد بك حمزة وكيل الشؤون الخارجية فهيَّأ لي سريراً على السطح كما هي عادة أهل البلد الحرام في أيام الصيف.
ولكن هذا السطح لم يكن مفتوحاً من جوانبه الأربعة كما هي بعض السطوح لأن الباني الأصلي لذلك البيت كان قد حوطه بجدران عالية فوق قامة الإنسان غيرة على الحرم أن ينظر أحد لهنَّ شبحاً ولو من بعيد، فأصبح السطح مسدوداً من كلِّ جهاته إلا من الأعلى فلم يكن الإنسان ينظر منه إلا القبَّة الزرقاء، ومن عادة الناس أن يفتحوا في الحيطان نوافذ لأجل الهواء أو للنظر عند اللزوم فأمَّا هذا السطح فلم تكن في جدرانه العالية إلا قمريتان أو ثلاث مشبكات بحجارة مستديرة بينها ثقوب ضيقة لا تكاد المسلة تدخل في الواحد منها، فكانت في حكم كان لم يكن من جهة نفوذ الهواء هذا على فرض وجوده.
ولمَّا جئت لاضطجع في السرير الوثير قيل لي إنَّه لا بدَّ من الدخول تحت الكلة بلباقة عظيمة حتى لا يتسنى للبعوض أن يدخل ورائي فإنَّ البعوض هناك تجب الوقاية منه، فكنت أدخل تحت الكلة وأنا أسترق السمع حتى إذا سمعت طنين بعوضة اجتهدت في محوها أو طردها، وكنت طول الليل كأني تحت الحصان أحاذر أن تقع مني حركة يرتفع بها شيء من سجوف الكلة فيهجم من خلال ذلك البعوض وتسوء العاقبة. على أن قولي (طول الليل) صورة من صور التعبير فإنّي ما قدرت ولا ليلة أن ابقى تحت ذلك الحصار
أكثر من ساعة لأن السرير كان مسدوداً بالسجوف السابغة والسطح كان مسدوداً بالجدران الإسكندرية العالية، فلم يبقَ من سطحيته إلا الاسم والحرُّ كان شديداً، وبالاختصار كدت أختنق، وصبرت إلى أن غرق مضيفي الشاب في لجَّة الكرى، ونزلت إلى سطح آخر مفتوح من كل الجوانب يرقد عليه الخدم بدون أغطية ولا سجوف مسدولة ولا خشبة بعوض ولا اتقاء جراثيم، وقلت في نفسي ليفعل البعوض ما شاء فإني تحت تلك الكلَّة لا أستطيع الغمض ولا دقيقة والنوم سلطان لا يُغالب فلا بدَّ من طاعته ورحم الله
القائل:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً         فلا يسع المضطر إلا ركوبها
فوجدت على ذلك السطح خشبة عارية عن الفرش اضطجعت عليها وكنت أمشي على رؤوس أصابعي حتى لا يستيقظ أحد لا فؤاد حمزة ولا خدمه فإني لا أحب أن أزعج أحداً ولا أن أسلب راحة الناس لأجل راحة نفسي. على أني لو أيقظتهم وأزعجتهم وسلبت راحتهم فلا أعلم ماذا كانوا يقدرون أن يصنعوا لي، وجميع تلك العلل التي وقفت في طريق رقادي لم يكن مصدرها إعواز أسباب الرفاهة وإنَّما كان مصدرها الجو...وما حيلتي وما حيلتهم هم في الفلك؟
فارتميت على تلك الخشبة بدون وطاء سواها ولا غطاء سوى القميص. وهكذا أمكنني قبيل الفجر أن أهوم تهويماً أشبه باليقظة منه بالمنام. ولكن لم يصبح الصباح حتى قامت القيامة إذا استيقظ الجميع فرأوني على تلك الحالة فأخذوا يدوكون في الطريقة التي تلزم لأجل تمكيني من الرقاد، وبهذه المذاكرات أطاروا ما كان بدأ من تهويمي، ولأجل توفير راحتي سلبوا تلك البقية الباقية من راحتي. وفي هذه الأثناء طلعت الشمس ليس من دونها حجاب لأنّي كنت على السطح كما قلنا، وأنا لم أكن أقدر أن أنام في الظل ولا في
العتمة فما ظنّك في الشمس فنهضت برغم أنفي وأنا أقول: يا من يأتيني بخبر عن الكرى.
وأخذ فؤاد بك يفكر في الاستعدادات لمعركة الليلة الآتية، وصاروا ينظرون في وجوه الوسائل وفنون الذرائع حتى أتمكن من الرقاد ثاني ليلة، ولكن لم يكن في الحقيقة من وسيلة تنفع، ولا من ذريعة تنجع، لأن العلَّة هي شدَّة الحرِّ وعدم اعتيادي مثل هذا الجو، وقد يُقال إن فؤاد بك حمزة هو لبناني مثلي وبلدته مصيف شهير وهي عبية، ولم يتعوَّد جسمه الحرارة، ولكن بيني وبين فؤاد بك حمزة ثلاثين سنة، فقوّة المقاومة التي عنده ليست عندي، ولذلك لم يتمكَّنوا في الليلة التالية برغم جميع الوسائل من أن يجعلوني أنام، وخسر فؤاد بك المعركة والحقيقة أن الدائرة إنَّما كانت تدور عليّ وحدي لأنّي أنا الذي لم يكن ينام.
ولمَّا وصل الخبر عمَّا أعانيه إلى جلالة الملك، بمكان ذلك الأسد من الجميع بين الأضداد من الصلابة والشمم والحنو والتواضع، أشار بأن أنتقل إلى محلَّة الشهداء بظاهر مكَّة رعياً لخفَّة حرارتها عن حرارة مكَّة، فإنَّ لجلالته هناك مقصفاً بديعاً أنيقاً في وسطه صهريج ماء عظيم، وأمامه بستان حديث الغراس، فسيح الرقعة سيكون يوماً من الجنان المشهورة.
فكان يدري أيَّده الله أنَّ بين الشهداء والبلدة فرقاً كبيراً في الجو، وأنّي لو بتُّ في ذلك المقصف الذي لجلالته لما كنت أحرم طيب الرقاد. إلا أن مضيفي فؤاد بك لم يكن يرغب في أن أتحوَّل إلى الشهداء خشية أن ينقضي شيء من أسباب الراحة التي لا يأمن على استكمالها إلا إذا كان هو قريباً، والحال أن الشهداء هي ربض من أرباض مكَّة ومن هذه إليها مسافة وأنا لم أكن أريد أن آتي مالا يروق فؤاد بك، وكنت أقول في نفسي: هنَّ ليالٍ قلائل أقضي مناسك الحج ثم أصعد إلى الطائف. فعلى فرض أنّي لم أنم هذه المديدة، فلن تنفد بها قوة مقاومتي للطبيعة. ولذلك عصيت أمر الملك في هذه وندمت ولا ندامة العصاة الذين شاقوه في السنة الماضية.

12 - نوفمبر - 2008
الارتسامات اللطاف (رحلة شكيب أرسلان إلى الديار المقدسة)
ذكريات دامية    كن أول من يقيّم

قال أمير البيان في خاتمة هذه الرحلة:
(وأمَّا الجند النظامي السعودي الذي في الحجاز فإنَّه يقيم في مكَّة بالثكنة التي في جرول في أول البلد الحرام للقادم من جدَّة، ويقيم في جدَّة بثكنة جدَّة المناوحة للبحر، ويقيم في الطائف بقلعة الطائف وهي بنيت منذ نيّف ومائة سنة، قيل لي بناها الوهابيون قدمتهم الأولى في القرن الماضي. ولقد زرتها وسررت بانتظام الجند الذي فيها بقيادة ضابط تركي باقٍ من أيَّام الملك حسين اسمه تحسين بك من خيرة الضبَّاط، ولقد ازدادت الثقة الآن بحسن قيادة الجيش الحجازي بعد أن عهد بها الملك عبد العزيز (أيده الله) إلى المجاهد
المناضل، والعالم الفاضل، فوزي بك القاوقجي من نخبة ضبَّاط العرب، وفَّقه الله لتحقيق آمال الملك وآمال العرب في القوة النظاميَّة السعوديَّة.
ولمَّا زرت القلعة جلسنا في الغرفة التي يسكن بها مدحت باشا أبو الدستور العثماني والتي قتل فيها، وأمامها غرفة كان يسكن فيها محمود باشا الداماد، وهناك غرفة ثالثة كان يسكن فيها خير الله أفندي شيخ الإسلام، هؤلاء الثلاثة الذين نفاهم السلطان عبد الحميد إلى الطائف من أجل خلع عمّه السلطان عبد العزيز.
صفة قتل مدحت باشا ومحمود باشا الداماد
ولقد استقصيت من تحسين بك المذكور ومن الشيخ محمد بكر كمال رئيس بلدية الطائف ومن غيره من المُعمَّرين فيها عمَّا يعلمونه من كيفيَّة قتل مدحت ومحمود الداماد، فقيل لي ما خلاصته: جعلوا إقامتهم من البداية في القلعة لكن مع الترفيه والاعتناء، وكان لهم طاهٍ خاص يصلح لهم طعامهم، لكن بعد أن مضت على ذلك مدَّة شرعوا بالتضييق عليهم، وأبوا أن يطعموهم إلا من غذاء العسكر. وبعد عدَّة سنوات من حبسهم بالقلعة وفي أيام الوالي المشير عثمان نوري باشا قرَّروا قتل مدحت باشا ومحمود باشا الداماد، وكان مدحت في الغرفة التي جلسنا فيها وهي محل استقبال الزائرين اليوم، فدخل عليه ملازم تركي اسمه إسماعيل قيل لي يوم كنت بالطائف (صيف سنة 1347) إنَّه لا يزال حيَّاً يرزق وإنَّه مقيم بجدَّة، ولم يكن قتل هذا الضابط لمدحت خنقاً كما كنَّا نسمع، بل قبض على أنثييه واستلَّهما بقوّة عصبه، فبرد مدحت في مكانه، ثم عادوا إلى الداماد فحاول أن يجاحش عن خيط رقبته، ولكنَّهم صرعوه وأزهقوا روحه، ولم يستسلما للموت بدون صراخ، بل استغاثا بالجيران الذين بيوتهم مجاورة للقلعة، فصاح النساء بالذين في القلعة ووبَّخنهم ودعون عليهم، واشتدَّت الولولة، إلا أنَّ ذلك لم يمنع قيام القتلة بإنفاذ الأمر.
وأمَّا خير الله أفندي شيخ الإسلام فلم يمسُّوه وبقي في القلعة إلى أن مات، وتزوَّج وهو بالقلعة وولد أولاداً وعاش طويلاً، ودُفن مدحت ومحمود الداماد بتربة الحبر ابن عبَّاس، ولكنَّ رئيس البلدية قال لي إنَّهم لا يعلمون في أيَّة زاوية من الجبَّانة كانت مراقدهما، وقد جاء بعض الأتراك بعد إعلان الدستور العثماني وبحثوا عنهما وبنوا لهما قبرين حيث رجَّح الناس أنَّه وقع دفنهما.
وأمَّا قطع رأس مدحت وإرساله إلى السلطان عبد الحميد في الآستانة كما هو شائع فلا يعلم هؤلاء الرواة شيئاً عنه.ذكرنا هذه الواقعة لأنَّها تاريخية مهمَّة.
وكان الفراغ من تبييض هذا الكتاب بمدينة لوزان من بلاد سويسرا لأربع خلون من ذي الحجَّة سنة 1349 موافق 22 أبريل سنة 1931 والحمد لله أوَّلاً وآخراً. وصلَّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

12 - نوفمبر - 2008
الارتسامات اللطاف (رحلة شكيب أرسلان إلى الديار المقدسة)
ترجمة الإمام الشعراني في (سير أعلام النبلاء)    كن أول من يقيّم

وهذه ترجمة الإمام الشعراني (ت 282هـ) في (سير أعلام النبلاء) المنشور على الوراق
(الإمام الحافظ المحدث الجوال المكثر أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير بن يزيد بن كيسان بن الملك باذان صاحب اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراساني النيسابوري الشعراني عرف بذلك لكونه كان يرسل شعره وهو من قرية ريوذ: من معاملة بيهق.
سمع بمصر:
سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح وسعيد بن عفير وطبقتهم >
وبالبصرة:
سليمان بن حرب وسهل بن بكار وقيس ابن حفص وعدة
وبالكوفة:
أحمد بن يونس ووضاح بن يحيى وضرار بن صرد
وبالمدينة:
قالون وإسماعيل بن أبي أويس وإسحاق الفروي
وبحلب:
أبا توبة الربيع بن نافع
وبحمص (1):
حيوة بن شريح.
وبالثغر:
سنيد بن داود
وبخراسان:
يحيى بن يحيى التميمي وابن راهويه
وبواسط:
عمروبن عون
وبحران:
أبا جعفر النفيلي
وتخرج: بعلي بن المديني وابن معين وبرع في هذا الشأن وسأل أحمد بن حنبل وأخذ اللغة عن ابن الأعرابي وتلا على خلف بن هشام وقدم بعلم جم.
حدث عنه: ابن خزيمة وأبو العباس الثقفي والمؤمل بن الحسن وأبو عمرو أحمد بن محمد الحيري وأبو حامد بن الشرقي ومحمد بن هانئ شيخ الحاكم وأبو منصور محمد بن القاسم العتكي وعلي بن حماد ومحمد بن يعقوب الشيباني ومحمد بن المؤمل الماسرجسي وأحمد بن إسحاق الصيدلاني وحفيده إسماعيل بن محمد بن الفضل وعدة. وجمع وصنف.
قال أبو نصر بن ماكولا: قرأ القرآن على خلف وعنده عن أحمد ابن حنبل تاريخه وعن سنيد المصيصي تفسيره. (2)
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: تكلموا فيه.
وقال أبو عبد الله بن الأخرم: صدوق غال في التشيع. (3)
قال الحاكم: لم أر خلافاً بين الأئمة الذين سمعوا منه في ثقته وصدقه رضوان الله عليه.
وكان أديباً فقيهاً عالماً عابداً كثير الرحلة في طلب الحديث فهما عارفاً بالرجال تفرد برواية كتب لم يروها أحد بعده التاريخ الكبير عن أحمد والتفسير عن سنيد والقراءات عن خلف والتنبيه عن يحيى بن اكثم والمغازي عن إبراهيم الحزامي والفتن عن نعيم بن حماد.
سمعت إسماعيل بن محمد يقول: توفي جدي الفضل في المحرم سنة اثنتين وثمانين. وسمعت محمد بن المؤمل يقول: كنا نقول: ما بقي في الدنيا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث إلا الأندلس.
سمعت محمد بن القاسم العتكي سمعت الفضل الشعراني سمعت يحيى بن أكثم
يقول: من قال: القرآن مخلوق يستتاب فان تاب وإلا ضربت عنقه. وقال ابن الأخرم: كان ابن خزيمة يتولى الانتخاب على الفضل بن محمد. وقال مسعود السجزي: سألت الحاكم عن الفضل بن محمد فقال: ثقة مأمون لم يطعن في حديثه بحجة. وأما الحسين القباني فرماه بالكذب فبالغ.
------------------
(1) ربما يكون  الذهبي  قد سها عن ذكر سماع الشعراني في دمشق، أو لم يصح عنده ذلك. انظر ترجمته في (مختصر تاريخ دمشق) لابن منظور وفيها ،أنه سمع بدمشق...إلخ
(2) وردت هذه الفقرة في تاريخ الإسلام للذهبي على النحو التالي: (وقال ابن ماكولا: كان قد قرأ القرآن على خلف بن هشام.وكان عنده تاريخ أحمد بن حنبل، عنه، وتفسير سنيد بن داود، عنه).
(3) وردت هذه الفقرة في تاريخ الإسلام على النحو التالي:
قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله بن الأخرم وسئل عنه فقال: صدوق. إلا أنه كان غالباً في التشيع.
قيل له: فقد حدث عنه في الصحيح.
قال: كان كتاب مسلم ملآن من حديث الشيعة.
وقال أبو أحمد الحاكم: سئل عنه الحسين القباني، فرماه بالكذب.

13 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
ترجمة جده باذان (ر)    كن أول من يقيّم

لباذان ترجمة في كل الكتب التي ترجمت للصحابة، ونختار منها (الإصابة) للحافظ ابن حجر، وفيها:
 باذان آخره نون ويقال ميم الفارسي من الأبناء الذي بعثهم كسرى إلى اليمن وكان ملك اليمن في زمانه وأسلم باذان لما هلك كسرى وبعث بإسلامه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستعمله على بلاده ثم مات فاستعمل ابنه شهر بن باذان على بعض عمله ذكر ذلك بن إسحاق وابن هشام والواقدي والطبري وذكره في الصحابة الباوردي وغيره وسيأتي له ذكر في ترجمة جد جميرة في حرف الجيم وأخباره مذكورة في التاريخ والسير.
قال الثعلبي: هو أول من أسلم من ملوك العجم وأول من أمِّر في الإسلام على اليمن وقال الفاكهي: حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا علي بن عاصم حدثنا داود عن الشعبي قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى فمزق كتابه وكتب إلى باذان: أرسل إليه من يأمره بالرجوع إلى دين قومه فإن أبي فقاتله فذكر الحديث وفيه قال: فخرج باذان من اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلحقه العنسي الكذاب فقتله).
 
قلت أنا زهير: وقد فصل الحافظ ابن حجر خبر إسلام باذان في ترجمة قهرمانه (بابويه) فقال:
بابويه الفارسي الكاتب قال ابن أبي الدنيا في دلائل النبوة: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا محمد بن إسحاق قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن حذافة إلى كسرى بكتابه يدعوه إلى الإسلام فلما قراه شقق كتابه ثم كتب إلى عامله على اليمن باذان أن ابعث إلى هذا الرجل برجلين جلدين فليأتياني به فبعث باذان قهرمانه بابويه وكان كاتبا حاسبا وبعث معه رجلاً من الفرس يقال له خسرة (1) إلى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى وقال لبابويه ويلك انظر إلى الرجل ما هو وائتني بخبره فقدما الطائف ثم قدما المدينة فكلمه بابويه إن شاهنشاه كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليه من يأتيه بك فإن أجبت كتبت معك ما ينفعك عنده وإن أبيت فإنه مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك.
فقال لهما: ارجعا حتى تأتياني غدا فأوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سلط على كسرى ولده فقتله في ساعة كذا من ليلة كذا من شهر كذا.
فلما أصبحا أخبرهما بذلك فقالا: نكتب بذلك عنك إلى باذان قال: نعم وقولا له إن أسلمت أقرك على ملكك ثم أعطي خسرة منطقة فيها ذهب وفضة فرجعا إلى باذان فأخبراه الخبر فقال: ما هذا بكلام ملك ولئن كان ما قال حقاً فإنه لنبي مرسل فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه يخبره بقتل كسرى ويأمره بأخذ الطاعة ممن قبله ولا يتعرض للرجل الذي كتب إليك كسرى في أمره قال فأسلم باذان وأسلمت الأبناء (2) من فارس ممن كان منهم باليمن.
وكان بابويه قد قال لباذان: ما علمت أحداً كان أهيب عندي منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن الجعد عن أبي معشر عن سعيد المقبري مختصراً جدا ولم يسم خسرة ولا بابويه.
______________________
(1) كذا وقد ترجم له الحافظ مرتين، مرة باسم (خرخسره) ومرة باسم (جد جميرة) وقال في هذه :
جد جميرة بجيمين ويقال خرخسرة بمعجمتين وسين مهملة الفارسي رسول باذان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمر كسرى ثم أسلم بعد.
(2) يقول صديقنا الأستاذ عبد الله السريحي، وهو في جواري أثناء كتابة هذا التعليق: ولا يزال أحفاد الأبناء حتى اليوم موجودين في مناطق متفرقة في اليمن، ومنها بلدة تسمى (الأبناء)  ولا يزال أهلها محتفظين في سحنتهم ببعض الملامح العجمية. وتقع هذه البلدة في منطقة بني حشيش (شمال شرق صنعاء) وهذه المنطقة في صنعاء بمثابة الغوطة من دمشق.

13 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
من نوادر باذان    كن أول من يقيّم

وفي الأنساب للسمعاني في مادة (ذمار) نادرة يحسن ذكرها، ونسأل صهرنا جواد آغا  ابن الأستاذة ضياء خانم عن شرح ما ورد فيها من الألفاظ الفارسية، وهل الصواب (قال باذان وهو في السوق) ... قال :
الذماري: بكسر الذال المشددة المعجمة وفتح الميم بعدها الألف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى قرية باليمن على ستة عشر فرسخاً من صنعاء.
وحكى أن الأسود العنسي كان معه شيطانان يقال لأحدهما سحيق وللآخر شقيق وكانا يخبرانه بكل شيء يحدث من أمر الناس،، فساد الأسودُ حتى أخذ ذمار وكان باذان إذ ذاك مريضاً بصنعاء فجاءه الرسول فقال له بالفارسية: خدايكان تازيان ذمار كرفت: قال باذرن: وهو في السوق: اسب زين واشتربالان وأسباب بي درنك، فكان ذلك آخر كلام تكلم به حتى مات، فجاء الأسود شيطانه في إعصار من الريح فأخبره بموت باذان وهو في قصر ذمار، فنادى الأسود في قومه: يا آل يحابر ويحابر فخذ من مراد إن سحيقاً قد أجار ذمار وأباح لكم صنعاء، فاركبوا وعجلوا، فسار الأسود ومن معه من عبس (1) وبني عامر وحمير حتى نزل بهم.
________________
(1) كذا في الأصل والظاهر انها تصحيف عنس

13 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
جعفر بن عبد السلام الأبناوي    كن أول من يقيّم

استوقفني في حديث صديقنا الأستاذ عبد الله السريحي، ما حكاه عن واحد من أفذاذ (الأبناء) في اليمن، وهو القاضي جعفر بن عبد السلام الأبناوي (ت 573هـ) والذي يعتبر منعطفا مفصليا في تاريخ المعتزلة في اليمن، فهو الذي أدخل مدرسة الاعتزال البصري إلى اليمن، حيث كان الفكر الاعتزالي في اليمن حتى عصر جعفر بن عبد السلام امتدادا لمدرسة الاعتزال البغدادي. فطلبت من صديقنا السريحي أن يمدني ترجمة لهذا القاضي فلباني مشكورا، وبعث لي بهذه الترجمة، مرفقة بتعليق يتضمن نبذة عن الفرق بين معتزلة البصرة ومعتزلة بغداد.
أما الترجمة فمنقولة كما يقول من (موسوعة أعلام اليمن) وقد اعتمدت لقب (البهلولي) ليكون مدخلا لترجمة جعفر بن عبد السلام، وهو اعتماد عشوائي، والصواب أنه اشتهر في التاريخ باسمه (جعفر)مضافا إلى اسم جد أبيه وهو (عبد السلام) ويظهر الخطأ فادحا في التواريخ المعتمدة في مقدمة الترجمة وليس فيها شيء صحيح سوى تاريخ الوفاة بالهجري (573هـ)  كما في قولهم: (المركز: حضرموت) كلام غير مفهوم، فأين حضرموت من صنعاء... وهذا نص الترجمة:
@البهلولي
جعفر بن أحمد بن يحيى بن عبد السلام بن أبي يحيى البهلولي.
المحافظة: صنعاء.
المركز: حضرموت.
القرية: سناع
التخصصات: فقيه، مؤلف، مدرس
الولادة: 1120هـ / 1708م
الوفاة: 573هـ / 1177م
شمس الدين، الأبناوي؛ تُوُفِّيَ في هجرة (سناع)، وهي بلدة عامرة من متنزهات صنعاء في الجنوب الغربي منها، على بعد ستة كيلو مترات، وقد اتصل عمرانها.
فقيه زيدي، محدث، اشتغل بالقضاء، عاصر الإمام (أحمد بن سليمان)، وكان من أكبر أنصاره، وكان في الأصل مطرفيّاً، و(المطرافية) معتقد منحرف يقوم على أساس أن الله لم يخلق غير العناصر الأربعة: الماء، والهواء، والنار، والطين، وما عدا ذلك؛ فإنما خُلِقَ بتفاعل الطبيعة في هذه العناصر الأربعة، وهي طائفة من (الزيدية الشيعية)، وهو مذهب الطبيعيين في العصر الحديث.
سافر صاحب الترجمة إلى العراق، وعلم أن (المطرفية) ليست على شيء؛ فعاد من أكبر خصومها، وقد قيل: إنه سافر من اليمن، وهو أكبر علماء اليمن، وعاد من العراق، وهو أكبر علماء العراق، وقد عاد من العراق يحمل الكثير من كتب المعتزلة، وهي عقيدة الزيدية الهادوية.
وفي رحلته الثانية إلى العراق، عاد ومعه أمهات الكتب: في الأصول، والفروع، والمعقول، والمسموع، ثم تصدى للتدريس بقرية (سناع)، فلما تسامع الناس به وصلوا إليه من قريب وبعيد، فكبر ذلك في صدور أتباع المذهب (المطرفي)؛ فناهضوه، وتألبوا عليه، وهجوه، وكانوا يقولون عنه: إنه باطني ابن باطني، وقاموا ببناء مدرسة مقابل مدرسته التي بناها في (سناع) تضييقاً عليه، ودعاهم لمناظرته، فلم يقبلوا، ومع ذلك فقد أثر في أتباعهم، فاتبعته طائفة منهم.
ومما يذكر عنه أنه ذهب إلى مدينة إبّ؛ لمناظرة القاضي (يحيى بن أبي الخير العمراني) في مسائل أصولية، فلم يتم له ذلك.
من مؤلفاته: 1-المسائل العشر التي فيها الخلاف بين الشيعة وما شاع لأجلها من الخلاف والقطيعة-خ، بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية في القاهرة. 2-نظم الفوائد وتقريب المراد للرائد-خ، في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. ونسختان منها برقمي 287، 503، في المكتبة الغربية للجامع الكبير. 3-الصراط المستقيم في تمييز الصحيح من السقيم-خ، مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. 4-خلاصة الفوائد-خ، في المدرسة الشمسية بذمار، وأخرى في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. 5-الدلائل الباهرة في المسائل الظاهرة-خ، في مكتبة الأوقاف في الجامع الكبير بصنعاء. 6-التقريب في أصول الفقه-خ، في المكتبة الغربية للجامع الكبير بصنعاء. 7-النقض على صاحب (المجموع المحيط)، بالتكليف فيما خالف فيه الزيدية في باب الإمامة-خ، مصورة في معهد (إحياء المخطوطات) في الجامعة العربية. 8-المسائل القاسمية-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 9-المسائل الهادوية-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 10-شهادة الإجماع-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 11-تعديل شهادة الإجماع-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 12-الإحياء على شهادة الإجماع-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 13-إبانة المناهج في نصيحة الخوارج-خ، في المدرسة الشمسية بذمار. 14-الإصدار والإيراد والتنبيه على مسالك الرشاد-خ. 15-الأربعون الحديث، وشرحها، ط. 16-شرح قصيدة الصاحب بن عباد، ط. 17-كتاب العمدة. 18-قواعد التقوية. 19-مناهج السلامة. 20-نابغة الهدى-خ، في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. 21-تقويم المسائل وتعليم الجاهل. 22-حاشية على النكت والجمل. 23-رسالة في الرد على المطرفية-خ، في مكتبة معهد (إحياء المخطوطات) في الجامعة العربية.
وله غير ذلك من المصنفات، والرسائل، والمسائل المهمة، التى مثلت إثراء للمكتبة الإسلامية.
___________________________
تعقيب:
وأما المعتزلة فالصحيح أن الذي أتى بها إلى اليمن هو الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين سنة (285هـ)، فالزيدية في العقيدة معتزلة، وإن خالفوا المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين، فجعلوا مكانها الإمامة، ويقول بعض الباحثين: إن اعتزال زيدية اليمن في بداية أمرهم كان على طريقتهم الخاصة بهم، وليس هو الاعتزال المعروف المنسوب إلى واصل بن عطاء وأتباعه.
وقد ظلت الزيدية على ذلك إلى أن ظهرت المطرفيَّة (1)، وانتشرت، وفشت بين الناس، وأصبحت تشكل قوة علمية وبشرية يحسب لها ألف حساب، وخصوصاً أنهم قد خالفوا السائد من عقائد الاعتزال وعقائد الزيدية في أمور أهمها: مسألة الإمامة وأنهم لا يحصرونها في أبناء علي - رضي الله عنه -، وإنما من جمع صفاتها من المسلمين، فهو أهل لها، وكذلك التفضيل بمجرد النسب لا يقرونه، فتدخلت الغيرة على العقيدة مع الغيرة على الميزة التي اكتسبها بعض الناس في مسألتي الإمامة والنسب، وعند ذلك رغب القائمون على المذهب الزيدي وعقيدته الموروثة في التصدي لهذه الفرقة، وهزيمتها فكرياً عن طريق المناظرة،ولما كان رجال المطرفية أكثر علماً وأنضج فكراً؛ وشعر الطرف الثاني بذلك؛ رغب في تسليح فريقه برجال على نفس المستوى، بل أقوى ليحملوا فكره، ويدافعوا عن أصوله ومبادئه بالطريقة التي يريدها هو، وعندما علم الإمام المتوكل أحمد بن سليمان أن أحد علماء المعتزلة وصل إلى مكة لأداء الحج عام (540 هـ) سارع باستدعائه إلى اليمن، فأجاب إلى ذلك، ووافى الإمام في محل إقامته حينها هجرة محنكة من خولان صعدة في مطلع عام (541هـ)، ومعه كتب الاعتزال، وبقي في اليمن سنتين ونصف لنشر الاعتزال على طريقة معتزلة البصرة، وهي تخالف الاعتزال الذي كان في اليمن من قبل والذي كان أقرب إلى معتزلة بغداد، وقد التقى في هذه الفترة القاضي جعفر بن عبد السلام الأبناوي بالبيهقي (2)
__________
(1) المُطَرِّفِيَّة :هي فرقة من فرق الزيدية منسوبة إلى مطرف بن شهاب من أعلام أواخر المائة الرابعة وأوائل المائة الخامسة ، وكانوا على جانب عظيم من الإقبال على العلم والاشتغال به والإخلاص في الطاعة والعبادة ، حصل بينهم وبين الإمام عبدالله بن حمزة شقاق فقضى عليهم قضاء مبرماً .انظر : الزيدية للأكوع ص ( 76 - 77 ) وتيارات معتزلة اليمن ص ( 187 ، 192 ) .
(2) هو زيد بن علي بن الحسن البيهقي المعتزلي ، حج سنة ( 540 هـ ) فاستدعاه الإمام أحمد بن سليمان إلى اليمن فوصل صعدة سنة ( 541 هـ ) ومكث يدرس كيب الاعتزال في مسجد الهادي بصعدة سنتين ونصف ثم رحل إلى بلاده فمات في تهامة . انظر : تيارات معتزلة اليمن ص ( 132 - 134 ) .
، وأخذ عنه علوم الاعتزال وأسلوب المحاجة والمناظرة استعداداً لمناظرة المطرفية، ثم لما عزم البيهقي على العودة إلى العراق عزم معه جعفر بن عبد السلام ليتزود من المنبع الأصلي للاعتزال،غير أن البيهقي مات في تهامة في طريق العودة، فلم يثنِ ذلك عزيمة ابن عبد السلام، بل واصل المسير إلى العراق وفارس، وأخذ في كل بلد حلّه عن علماء المعتزلة فيه (1)، ثم عاد يحمل كتب المعتزلة معه، وبهذا تكامل وجود المعتزلة في اليمن، بل إن من الباحثين من يرى أن المعتزلة لم تدخل اليمن إلا من ذلك التاريخ.
ولكن الحق أن الذي دخل في ذلك التاريخ هو فكر وعقيدة معتزلة البصرة التي تخالف الاعتزال الذي ظل قائماً في المجتمع منذ دخل الهادي إلى أن ظهر جعفر بن عبدالسلام في أيام المتوكل على الله أحمد ابن سليمان المتوفى سنة (566 هـ) (2).
__________
(1) ملخص من تيارات معتزلة اليمن ص ( 132-135 ) .
(2) انظر الصلة بين الزيدية والمعتزلة ص ( 71 ) ، للدكتور أحمد عبدالله عارف ، طبع المكتبة اليمنية صنعاء ودار أزال بيروت ، الطبعة الأولى ( 1407هـ -1987 م ).
(3) سورة الحجر آية ( 9 ) .
(4) تقدم تخريجه ص ( 73 )
 
 

13 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
خشنام    كن أول من يقيّم

ترجم السمعاني في فاتحة مادة (الشعراني) لخشنام هذا ترجمة مختزلة، أردت أن أذكرها هنا لكيلا تختلط بترجمة الإمام الشعراني الحافظ. 
قال: (وأما الشعراني بالشين المعجمة والراء فهو خشنام الشعراني الزاهد، بخاري، حدث عن ابن المبارك، روى عنه سهل بن خلف بن وردان).
قلت أنا زهير: رجعت إلى مادة (خشنام) في كتاب (الأنساب) فرأيت السمعاني يقول:
الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى اسم بعض أجداده وهو خشانام، وكنت أظن أن هذا الإسم بفتح الخاء - أعني هو خوشنام بالعجمية فعرب حتى رأيت بخط والدي رحمه الله في اسم أبي علي الخشنامي النيسابوري بضم الخاء.
والمشهور بهذه النسبة أبو مسعود (1) أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن خشنام بن باذان الخشنامي  أخو منصور بن باذان كان أمير خراسان، من أهل نيسابور، وكان أديباً شاعراً معروفاً فاضلاً، له الشعر الأنيق السائر والتصرفات الحسنة في كل فن، سمع مع ابنه أبي علي نصر الله الكثير من مشايخ عصره مثل أبي الحيري (2) وأبي سعيد الصيرفي، روى عنه ابنه أبو علي، وتوفي في يوم عيد الأضحى من سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ودفن بمقبرة الحيرة
وابنه أبو علي نصر الله بن (3) أحمد بن الحسن الحيري وأبا سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي وأبا الحسن علي بن أحمد بن عبدان وجماعة سواهم، سمع منه القدماء مثل والدي رحمه الله، وأدركت من أصحابه أكثر من عشرين نفساً، وكانت ولادته في شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، ووفاته في غرة شعبان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة بنيسابور.
 
(1) أبو مسعود الخشنامي: من شعراء اليتيمة وترجمته مشهورة، ومنصور بن باذان من مشاهير رجالات عصره وكان شاعرا مجيدا، ترجم له ابن المعتز، وذكر أن أبا دلف تزوج اخته سعاد بنت باذان.
(2) كذا في نشرة الوراق، والصواب (أبي بكر الحيري) المتوفى سنة 421هـ  انظر ترجمته في تاريخ الذهبي نشرة الوراق (ص 3031)
(3) كذا في نشرة الوراق والصواب( نصر الله بن أحمد سمع أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري)

13 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
شكرا لأبي جواد    كن أول من يقيّم

وكل الشكر لك أستاذتي الغالية، وللصديق العزيز أبي آريان، وأرحب به (ضيف شرف) في سراة الوراق، فقد لبانا المرة تلو المرة، وكانت إجاباته تدل على اهتمام واعتناء بما نطرحه عليه من أسئلة،وتحياتنا لأفراد أسرتك الكريمة وضيفتك العزيزة صفاء، والأستاذة فاطمة بنت البلد، والصديقة بريجيت، وتصبحون على خير

14 - نوفمبر - 2008
الإمام الشعراني (ت 282هـ) (العلم الضائع)
ما قل ودل    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذة رانيا:

كلماتك هذه تشير إلى باحثة متخصصة في تاريخ مصر في العصر العثماني والعصر الحديث،  ومعظم هذه الكتب التي ورد ذكرها في مشاركتك لا علم لي بها، ولا أعرف منها سوى (خطط المقريزي) و(الخطط التوفيقية) وهذا ما قل ودل على أني أرحب اليوم في قافلة سراة الوراق بباحثة سيكون لها مدارها الخاص في فلك الوراق، ويسرني أن تلبي دعوتي للانضمام إلى سراة الوراق، وأن يكون موضوعك هذا فاتحة التعارف بينك وبين القراء.
وقد استوقفني حديثك عن كتاب (قطف الأزهار) وفهمت أنك قد قرأت الكتاب، وبالتالي فأنت ترشحينه ليكون في منشورات الوراق، سواء كان مطبوعا أو مخطوطا.
والحقيقة فإن الوراق في صدد الإعداد لإطلاق مكتبة ثالثة غير المكتبة التراثية والمكتبة المحققة، وهي مكتبة المخطوطات، وستضم طائفة من روائع المخطوطات العربية في مختلف الفنون والعلوم، فلو رأت اللجنة المكلفة بإعداد هذه المكتبة في كتاب (قطف الأزهار) ما يشجع على نشره فسوف لن تقصر إن شاء الله، وأعود فأسلك عن حجم الكتاب وعدد أوراقه، ونوع الخط المكتوب فيه، وهل أنت تحتفظين بنسخة منه، أرجو أن تحديثنا حول كل ذلك بما يشفي الغلة، وفقك الله وسدد خطاك، وأهلا وسهلا بك في سراة الوراق

15 - نوفمبر - 2008
أبو سرور البكرى صاحب قطف الأزهار
إضاءة    كن أول من يقيّم

 تحية طيبة أساتذتي الأكارم:
استوقفني في مقدمة كتاب الحيوان للجاحظ النص التالي: (نشرة الوراق: ص 18) وفيه ما يكاد يحسم مادة الشك في أن اسم الكتاب هو (البيان والتبيّن) بضم الياء المشددة:
 فالإنسان لا يعلمُ حتى يكثُرَ سماعُه، ولا بُدَّ من أن تكون كتبُه أكثرَ من سَمَاعِه؛ ولا يعلمُ، ولا يجمع العلم، ولا يُخْتَلَف إليه، حتى يكون الإنفاقُ عليه من ماله، ألذَّ عندَه من الإنفاق من مال عدوِّه، ومَن لم تكن نفقتُه التي تخرج في الكتب، ألذَّ عنده مِن إنفاق عُشَّاق القيان، والمستهتَرين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغاً رضِيّاً، وليس يَنتفِع بإنفاقِه، حتَّى يؤثِر اتِّخاذَ الكتبِ إيثارَ الأعرابي فرسَه باللبن على عياله، وحتَّى يؤَمِّل في العلم ما يؤَمِّل الأعرابي في فرسه،
وقال إبراهيم بن السِّنديّ (1) مرة: ودِدْتُ أنَّ الزنادقة لم يكونوا حرصاء على المغالاة بالورق النقيِّ الأبيض، وعلى تخيُّر الحبرِ الأسودِ المشرِق البرَّاق، وعلى استجادةِ الخطِّ والإرغاب لمن يخطّ، فإنِّي لم أَرَ كورَق كتبِهم ورقاً، ولا كالخطوط التي فيها خطّاً، وإذا غرِمتُ مالاً عظيماً - مع حبِّي للمال وبُغْضِ الْغُرْم - كان سخاءُ النفس بالإنفاق على الكتب، دليلاً على تعظيمِ العلمِ، وتعظيمُ العلم دليل على شرف النفس، وعلى السلامَة من سُكْر الآفات، قلت لإبراهيم: إنّ إنفاقَ الزنادقةِ على تحصيل الكتب، كإنفاق النصارى على البِيَع، ولو كانت كتبُ الزنادقةِ كتبَ حكمٍ وكتبَ فلسفة، وكتبَ مقاييسَ وسُنَنٍ وتبيُّنٍ وتبيين، أو لو كانت كتُبهم كتباً تُعرِّف الناسَ أبوابَ الصِّناعات، أو سُبُلَ التكسُّب والتجارات، أو كتبَ ارتفاقاتٍ ورياضاتٍ، أو بعض ما يتعاطاه الناسُ من الفطن والآداب - وإنْ كان ذلك لا يقرِّب من غِنًى ولا يُبْعِد من مأثَم - لكانوا ممَّن قد يجوز أن يُظَنَّ بهم تعظيمُ البيان، والرغبةُ في التبيُّن، ولكنَّهم ذهبوا فيها مذهبَ الدِّيانة، وعلى طريقِ تعظيم المِلّة، فإنّما إنفاقهم في ذلك، كإنفاق المجوس على بيت النار، وكإنفاقِ النصارَى على صُلْبان الذهب، أو كإنفاق الهند على سَدَنةِ البِدَدَة، ولو كانوا أرادوا العلمَ لكان العلمُ لهم مُعرضاً، وكتبُ الحكمة لهم مبذولةً، والطرقُ إليها سهْلةً معروفة، فما بالُهُم لا يصنعون ذلك إلاّ بكتُب دياناتهم، كما يزخرفُ النصارى بيوتَ عباداتهم ولو كان هذا المعنى مستحسَناً عند المسلمين، أو كانوا يرون أنّ ذلك داعيةٌ إلى العبادة، وباعثةٌ على الخٌشوع، لبلَغُوا في ذلك بعَفْوهم، ما لا تبلُغُه النصارى بغاية الجَهْد.
------------------
إبراهيم بن السندي بن شاهك: من كبار رجالات عصره، هو وأبوه، وكان صديقا للجاحظ وقد وصفه الجاحظ وصفا عجيبا في رسالته (مناقب الترك) فقال:
وحدثني إبراهيم بن السندي مولى أمير المؤمنين، وكان عالماً بالدولة، شديد الحب لأبناء الدعوة، وكان يحوط مواليه ويحفظ أيامهم، ويدعو الناس إلى طاعتهم، ويدرسهم مناقبهم، وكان فخم المعاني فخم الألفاظ، لو قلت لسانه كان أردَّ على هذا الملك من عشرة آلاف سيفٍ شهير، وسنانٍ طريرٍ، لكان ذلك قولاً ومذهباً) وذكره في (البيان والتبين) مع أخيه نصر، فقال:
وكان عبد اللَّه بن عليّ، وداود بن عليّ يُعدَلان بأُمَّةٍ من الأمم، ومن مواليهم: إبراهيم ونصر ابنا السّنديِّ، فأمَّا نصرٌ فكان صاحبَ أخبارٍ وأحاديثَ، وكان لا يعدو حديثَ ابنِ الكلبيّ والهيثمِ بن عدي
وأمَّا إبراهيم فإنَّه كان رجلاً لا نظير له: كان خطيباً، وكان ناسباً، وكان فقيهاً، وكان نحويّاً عَروضيّاً، وحافظاً للحديث، روايةً للشعر شاعراً، وكان فَخمَ الألفاظ شريفَ المعاني، وكان كاتب القَلَم كاتب العمَل، وكان يتكلم بكلام رؤبة، ويعمل في الخَراج بعمل زَاذَانَ فَرُّوخَ الأعور، وكان منجِّماً طبيباً، وكان من رؤساء المتكلِّمين،وعالماً بالدولة وبرجال الدَّعوة؛ وكان أحفَظَ الناس لما سمِع، وأقلَّهم نوماً وأصبَرَهم عَلَى
السَّهر

18 - نوفمبر - 2008
كتاب (العنوان الصحيح للكتاب)
 304  305  306  307  308