خاتمة كن أول من يقيّم
وجاءت رسل ملوك الشرق بالإذعان لطاعتنا التي اتخذوها لشرفها قبلة، وود كل منهم أن يحظى من جبهات أعتابنا بقبلة، وتنوعوا من الهدايا بأجناس صدقت من كل نوع مقبول، وبالغوا في الرقة وأهدوا من الرقيق ما قام له عندنا سوق القبول. وأسفر قرا يوسف من الجمال اليوسفي ونور الطاعة عن بهجتين، وأظهر كتاب الطهارة بتطهير الأرض ممن ندبنا إليه من أعداء الدولتين. ودنت الديار من الديار فكانت سيوفنا في القرب له حصنا وملاذا، ولم يباشر في إخلاص الطاعة مما يقال له بسببه (يوسف أعرض عن هذا) وجاءت هداياه التي هبت نسمات القبول على إقبالها وجنينا منها ثمار المحبة، وجمل التفاصيل التي وسعها سناء الملك ببهجة ولم يترك لابنه في دار الطراز رتبة. والنمورة التي يحجم ابن فهد عن وصفها إذا قابل منها السواد والبياض بالمقلتين، فإنها جمعت لنا من ليلها الحالك ونهارها الساطع بين الآيتين. والجواد الذي تميز بأوصاف ما صاحب مجرى السوابق من الفحول التي تجاريها، فإنه غرة في جباه الخيل التي قال قائد الغر المحجلين: إن الخير معقود بنواصيها. والسروج التي سمت عندنا على السروجي بمقاماتها العالية، ورأيناها أهلّة تغني عن الفجر فخضبنا كل سرج منها بالغاشية. والجوارح التي خشي النسر الطائر أن يصير منها واقعا وصدق فيما تفرس، وخافت الشمس لما تسمت بالغزالة ولف سرحان الأفق ذنبه على خيشومه ولم يتنفس. والقوس الذي أصاب به أغراض المحبة ونال منها أوفر سهم ونصيب، وجاء عبارة عن رأي مهديه وكلٌّ عندنا بحمد الله مصيب. وهو من الأشياء التي وقعت في محلها ونحن نقيم دلائل ذلك وبرهانه، فإن القوس إذا عانق سهامه بمصر علم أنه وصل إلى الكنانة. وبالغ المقر الجمالي في نظم بديع الهدايا ونسخ الجفاء بكثرة رقيقه، وأدار من أواني الصيني كؤوسا أترعها الود بسلاف رحيقه. ودخلنا حلب المحروسة وأوصلناها ما استحق لها من ديون الفتح علينا، ورددنا ما اغتصب منها فقالت (هذه بضاعتنا ردت إلينا) وقد آثرنا الجناب بكرامة هذه البشارة التي استبشر بها وجه الزمان بعد قطوبه وتبسم، فإن ركن هذا البيت الشريف ونسيب مدحه المقدّم، فيأخذ منها حظه ويثلج صدر البرايا ففيها لهم برد وسلام، ويرعاهم بعين الرعاية ليضوع فيهم عرف العدل ويصير مسكا لهذا الختام، والله تعالى يمتعه في ليله ونهاره من أخبارنا السارة بالأعياد والمواسم، ويجعل له من صياغة أعماله إن شاء الله حسن الخواتم. |