وجهة نظر. كن أول من يقيّم
تحية طيبة للأساتذة الكرام، وأخص بالذكر (الأستاذ ثائر والأستاذ عبد الحفيظ). هذا الموضوع بداية خطير وجد خطير، وهو يكتسي أهميته من خلال استحضار ارتباط اللغة بالإنسان، فاللغة هي الكيان التواصلي بين شُعَب الإنسانية المتجدرة في التاريخ، فهي الحاملة لثقافته وكيانه وعلمه وأحزانه وأتراحه وأفراحه، أي إن اللغة هي تاريخ الإنسان. وحينما أقول تاريخ الإنسان فإني أكون بذلك متجاوزا للحيز الضيق للُغة بلد ما، أي أن الأمر يتعلق بجميع اللغات على اختلاف أنواعها وأصولها، ولي وجهة نظر خاصة ببعض الجزئيات المهمة المتعلقة باللغة العربية والأمازيغية، أوجزها في بعض النقاط كما يأتي: . عندنا اللغة العربية وهي لغة توجد بالعديد من الدول التي يقال عنها إنها عربية، هذا أصل يتفرع عنه في هذه البلدان مجموعة من اللهجات المحلية، أقول لهجات ولا أقول لغات، لأن هذه اللهجات يُطلق عليها من حيث الجملة اللغة العربية، فهي في هذه الحالة ليست لغات مستقلة وإنما هي تفرُّع حاكه الواقع المُتعارف بمختلف تجلياته الثقافية التاريخية، وفي أنماط مختلفة داخل هذه البلدان، فنجد في الشام لهجة خاصة وفي مصر لهجة خاصة، وفي الجزيرة العربية لهجة خاصة، وفي المغرب العربي لهجات خاصة، بل إن في المغرب عندنا لهجات تختلف من منطقة إلى أخرى، وذلك من حيث النطق والاستعمال لكثير من الكلمات، فالشمال الشرقي بخلاف الجنوب والناحية الغربية بخلاف الشمال الغربي، لكن يجمعها كلها رابط واحد هو العامية المغربية. وفي مصر حينما نجد العامية المصرية وهي تختلف من حيث الأداء والنطق والاستعمال من منطقة إلى أخرى، ونجد بالشام نحوا من ذلك وبالجزيرة العربية نحوا من هذا التقاسم، نقول بأن الرابط لها جميعا هو العامية المصرية والعامية الحجازية والعامية الشامية، وهكذا... وبنحو هذا أقول في هذه العاميات، أي أنها ترتبط برباط واحد يجمعها هو رابط اللغة العربية الفصيحة، فاللغة في هذه الحالة هي اللغة الرابطة والجامعة بينها، إذ إنها هي الأصل والمصدر وذلك يصدق على جميع اللغات. فهل يصح بعد هذا أن يُقال بأن هذه العاميات لُغات مستقلة وليست فروعا عن لغة يصح أن نطلق عليها اللغة الأم ? . في أحد البرامج المتلفزة بالقناة الثانية المغربية، وفي حوار مشحون بالآراء المتنافرة حول اللغة والهوية، قال بعض الباحثين في اللسانيات (من كلية الآداب بالرباط) إن العامية المغربية عبارة عن لغة مستقلة وقال بأنها هي اللغة الأم للمغاربة جميعا وليست الفصحى، واعتبر أحدهم اللغة العربية الفصيحة لغة دخيلة على المغاربة ?? وأن اللغة الأم هي اللغة الأمازيغية. . ما يصدق على اللغة العربية الفصيحة يصدق على اللغة الأمازيغية، فهي لغة من حيث ما تتوفر عليه من مقومات أساسية، والمغرب توجد فيه لهجات مختلفة تدخل كلها في إطار جامع هو اللغة الأم (الأمازيغية) وتلتحق بها اللهجات بكل من الجزائر وليبيا ومالي وغيرها من البلدان التي ما زالت محتفظة بهذا الإرث اللغوي، غير أنه لا يمكن اعتبار كل هذه اللهجات المحلية لغات مستقلة. والخُلاصة أن لكل لغة حية لهجات تنبثق عنها. وللحديث بقية. |