إنها محاولات للفهم وليس للاختلاف كن أول من يقيّم
أخي الكريم الدكتور مروان - أمتع الله بك ونفع بعلمك - علم الله أني أجد متعة في مناقشتك ؛ لأنها تضيف في أدب الحوار أجمل صورة ، وتضيف إلى المعرفة إضاءات يحتاجها كل طالب علم ، لذلك حرصت على متابعة المحاورة . أولا ما جاء في كتاب الأدكاوي من أن مكان هبوط آدم هو ( دهينا موضع بالهند ) . قلت : دهينا أو دهنا - كما في بعض الكتب - هو لفظ كان هكذا قبل تعريبه ولما عرّب صار دحنا كما جاء في الآثار المروية في التفسير و حققه شيخنا شاكر في حواشيه على التفسير ج 13 / 225 - 226 . والأثر المروي عن ابن عباس في ذلك لم يستقل به الطبري المفسر فقد أخرجه غيره مثل ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده هو ج 1 / 88 - طبعة العصرية ، وكذلك أخرجه ابن المنذر ، ونقل ذلك السيوطي في الدر المنثور ج 6 / 651 ، فإيراد الطبري له لا يتميز به وحده ، و لا يعد قرينة دالة عليه في كل موضع من كتبه . ثم إن النص الوارد في كتاب الأدكاوي ومثله عند السيوطي في الأوائل ص 19 يختلف عما جاء في تاريخ الطبري ج 1 / ص 121 ، وأنتم أيها المحققون وضعتم ضابطا محددا للتثبت عبر النصوص المنقولة : إما أن تكون مثبتة بنصها ، وإما أن ينفرد كتابان بإيرادها ولا ثالث لهما عندئذ نجزم بأن صاحب القولين واحد . وهنا لا نجد النصين بصيغة واحدة ولا نجد الكتابين ينفردان بالمعلومة ، بل شاعت من أكثر من طريق وفي كتب شتى ، فسواء كان الطبري هو ابن جرير أم غيره فالإحالة إلى تاريخ الطبري وحده لا تكفي للتثبت . أما كتاب ( الياقوتة ) لأبي عمر الزاهد فكان موجودا إلى زمن البغدادي صاحب الخزانة ونقل عنه في مواضع تجدها ضمن مقالة للميمني عن أبي عمر في مجلة المجمع العلمي العربي - سابقا - ( مجمع اللغة العربية ) بدمشق المجلد 9 ص 601 وما بعدها وفي آخر المقالة فصل من الياقوتة عثر عليه الميمني وأثبته هناك ، وفي الخزانة موضع منه في ضبط اسم مكان ، وهذا يدل على أن الياقوتة كتاب في اللغة ولا يخلو من ضبطٍ لأعلام و أماكن . و لست هنا بصدد الدفاع عن رأي أو تبنيه ولكني أريد أن أقول : ما تعودت القطع بأمر مهتز في تراثنا لأنه لم يكتمل بين أيدينا فنحن نقرأ في بقايا تراث أمة ، مطبوعه عشر مخطوطه ، أفتظن أن ذلك يعين على القطع بالقول في شيء محير كهذه المسألة ? ومعذرة إلى الجميع من الإطالة . |