الكتابة روح القراءة     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
هذا مؤشر فوق الممتاز ؛ أن نضع أيدينا على موطن الداء ومكمن الخطر ، فإن إدراكنا لوجود مشكلة معناه ( الانتباه ) ... الانتباه دافع قوي لدراسة مواضع المشكلة والذين يتولون مشكلة ما بالتحليل والبحث عن الحل الأول ثم الثاني ثم البديل لا بد أن يتخذوا من الصبر زادًا لهم في طريق طويل يعتريك من صعابه أكثر مما تلقاه من وروده ، ويتحلوا أيضا بالأناة مع التفاؤل فإن النظرة السوداء تعمي عن إدراك أقرب الأشياء ناهيك عن الأقصى والخفي . وكلنا يعرف أن أمتنا أمة الكتاب والقراءة وهذه ثمرات المطابع تلقانا كل ساعة بكثرة جعلتنا لا نستطيع متابعتها ، ولكن ذلك قليل إذا جعلناه إزاء عدد أفراد الأمة ، وقليل جدا بالنسبة إلى الأمم الأخرى . إذن أمامنا مشكلة قد تكون في بدايتها أو اشتدت قليلا ولا بد من الوعي بها قبل أن تستحيل دمارا ، والمعنيون بالشعوب قالوا : ( إذا أردت غزو أمة قوية فاهدمها بداء الترف والمظاهر الخداعة ) فتسللت إلينا عادات ليست من ثقافتنا ، وتسللت إلينا منتجات صناعية باهرة للعيون ، وتسللت إلينا ثقافة رخيصة سهلة الهضم ، في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمات المالية والبطالة ، وزاد الطين بلة أن ترفع الحكومات مساعدات النشر لكل أنواع الثقافة المقروءة اكتفاءً بالمسموعة والمرئية ففيهما بركة وعملا بمبدأ ( بلا وجع راس ) : فمن أين يجد الشاب العاطل ثمن كتاب يراه في واجهات العرض وإلى جواره رداء جديد ثمنه أرخص من ثمن الكتاب ? ثم تأتي المشكلة الثانية المتولدة من الأولى فترى كتابا ضحل القيمة العلمية قد سُرق أكثره وجُمِعَ فتاته من مادة مبعثرة فأنى له نفع في سوق الفكر ? هذا في مجال القراءة الحرة ، أما في مجال القراءة الجبرية في قاعات الدرس فالمقررات الهدامة ( على عينك يا تاجر ) و ( عينك ما تشوف إلا النور ) - كما يقول الباعة وأهل السخرية - لذلك شكا الكاتب من فاقته لأنه يكتب ولا يجد ناشرا ، وشكا الناشر لأنه لا يجد مشتريا محترما ، وشكا القارئ لأنه لا يجد كتابا ( رُخَيّص وكويس ) فالمشكلة في حقيقتها مشكلات متشابكات صرفت القراء عن دور الكتب العامة ، فسُرقت نفائس الكتب منها وبيعت لمن يدفع أكثر وحتى تتم أكبر عملية لاغتيال أمة شغلت أجهزة الإعلام الناس بوهم الإرهاب وخبل الديمقراطية الباهتة اللون ومزاد حقوق الإنسان في سوق التحف والهدايا وخيال المآتة في بستان الكتب فهجرها أصحابها واكتفوا بها زينة في البيوت . وماذا كانت النتيجة الباهرة الخسارة ? سوء التفكير في سبل العيش ، وسوء التدبير في وسائل الحياة الحرة الكريمة ??? لذلك تساءل الكاتب ( الجميل ) : لماذا نكتب ? والجواب : لا بد من الكتابة لأننا بحاجة إلى معرفة الحقائق في مواجهة الذين يكتبون لتزييف الحقائق . همسة في أذنك يا أخي ( جميل ) : يقال إن موضوع حقوق الإنسان وحده كُتِب فيه ستة عشر مليون ورقة في العالم والبشرية لم تسترد حقا واحدا من حقوقها . هل عرفت سبب غلاء الورق في بلادنا ? |