نطق الضاد في الماضي والحاضر     ( من قبل 12 أعضاء ) قيّم
قال سيبويه في الكتاب(2/405): " ومن بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس مَخرَج الضاد " وقال المبرّد في المقتضب(1/193) : " الضاد ومخرجها من الشّدْق ، فبعض الناس تجري له في الأيمن ، وبعضهم تجري له في الأيسر" وقال ابن جِنّي في سِر الصناعة (1/52) :" ومن أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد ، إلا أنك إنْ شئتَ تكلّفتَها من الجانب الأيمن ، وإن شئتَ من الجانب الأيسر " . يتضح من النصوص آنفاً : 1- أنّ لفظ الضاد قديماً كانت جانبية ، على حين لفظُها أسنانية لِثَوية في وقتنا الحاضر . 2- وأنّ لفظ الضاد قديماً رخوة ، في حين أنها احتكاكية شديدة في زماننا. وهكذا ، فإنّ الضاد التي نَنطِقها اليوم ليست هي الضاد القديمة التي كانت عند العرب القدماء ، وإنما هي تطور عنها. هذا ، وقد وصلت إلينا بعض الأخبار التي تؤكد لنا على أن بعض الناس كانوا يخلطون الضاد بالظاء ، فقد روى أبو علي القالي أنّ رجلاً قال لسيدنا عمرَ بنِ الخَطّاب ، رضي الله عنه : يا أميرَ المؤمنين ! أيُضحّى بِضَبْيٍ ؟ قال : وما عليكَ لو قُلتَ بِظَبْيٍ ؟ قال : إنها لغة . قال عمر : ولا يُضَحّى بِشيء من الوحش ( ذَيل الأمالي ، ص 143 ، والمُزهِر 1/562). وقد شاع هذا الخلط بين صوتَيْ الضاد والظاء في القرن الثالث الهجري ، حتى ذهب ابنُ الأعرابي الُّغَويُّ المشهورُ ( متوفَّى عام 231 هجري). من أنه يجوز عند العرب أن يُعاقبوا بين الضاد والظاء . ونحن نرى أثر هذا الخلط بين الضاد والظاء في بعض البلاد العربية : في أهل نجد ( الرياض ، والقصيم = الرّس وعُنيزة وبُرَيدة) ، وأهل العراق ، وأهل تؤنس.... ؛ فإنهم يَلفِظون الضاد ظاءً . وثَمةَ كتبٌ في العربية بيّنت الفَرْق بين الضاد والظاء ، ولعل أشهرها : زينة الفُضَلاء في الفَرْق بين الضاد والظاء لأبي البركات الأنباري ( متوفَّى عام 577 هجري) ، وكتاب الفَرْق بين الضاد والظاء للبَطلْيَوْسي ، وللزَّنجاني.... أيها الأحبة : العربية الفصيحة هي اللسان العربي المبين ؛ كلام رب العالمين.... حبذا لو بدأتم يومكم بتقبيل القرآن ( سُنّة الخليفة عثمان) ، وتلاوته ، وإلى جانبكم دفتر وأقلام ؛ لكي تدوّنوا المفردات والتراكيب ، و كل ما يخطر ببالكم..... جزى الله خيراً الأخ الفاضل الأستاذ الأديب الذواقة محمود الدمنهوري . |