البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 24  25  26  27  28 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
....ألا انجلي    كن أول من يقيّم

ما إعراب الياء ؟
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي           بصبح وما الإصباح منك بأمثلِ
 ( انجلي ) : انكشِفْ ، فهو فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، وهو الياء . أمّا الياء الثابتة ، فهي مزيدة لإشباع كسرة اللام ، وذلك ؛ لِضرورة الشعر ، قال الفرّاء : العرب تصل الفتحة بالألف ، والكسرة بالياء ، والضمة بالواو ،
فمِن الأول قوله تعالى : " سنقرئك فلا تنسى " فلا ناهية جازمة للفعل بعدها ، والألف صلة لفتحة السين ، ومن الثاني
قول قيس بن جذيمة العبسي:
ألم يأتيك والأنباء تنمي           بما لاقت لبون بني زياد
فالياء صلة لكسرة التاء في ( يأتيك ) فكان مقتضى القياس حذفها ، ولكنها ثبتت لضرورة الشعر  ومن الثالث قول الشاعر :
هجوت زبان ثم جئت معتذراً    من سبّ زبان لم تهجو ولم تَدَعِ
فالواو صلة لضمة الجيم في ( تهجو )] . ( من فتح الكبير المتعال ، إعراب المعلّقات العشر الطوال ، تأليف الشيخ محمد علي طه الدُّرّة ، صفحة 106) . وللعلم ، فللشيخ الجليل : ( إعراب القرآن وبيانه ) ، وقد أبدع فيه وأفاد ...
 (ينظر : شرح الرضي على كافية ابن الحاجب ، القسم الثاني ، المجلّد الثاني ،صفحة 822 ، تحقيق د/ يحيى مصري ، ومعاني القرآن1/161، و الإنصاف1/30 ، والخصائص1/316 ، والأمالي الشجرية1/126 ، والمقرّب1/50 ،203 ،وضرائر الشعر45 ، وشرح شواهد الشافية408 ، والجُمَل373 ، والحُلَل411 ، وإيضاح الشعر ق53/أ ، 102/ب ، والخزانة 8/361 هارون ، وسر الصناعة1/89 ، والفصول والغايات للمعرّي ،( ط محمود أحمد زناتي ، مصر 1938م ) ، والإيضاح في علل النحو ص104 ، والإفصاح في شرح أبيات مشكلة الإعراب للفارقي ص170 ) .
رحم الله أبا سعيد زين الدين شعبان بن محمد الآثاري القائل :
 ضرورة الشاعر تمحو ما وجبْ    على الذي يتبع أوزان العربْ
 وهي ثلاث فاغتنم الإفادهْ             الحذف والتغيير والزيادهْ
  ( كفاية الغلام في إعراب الكلام ، صفحة14 ) .
 
[قوله تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ" الآية. هذه الآية الكريمة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ينسى من القرآن ما شاء الله أن ينساه – وقد جاءت آيات كثيرة تدل على حفظ القرآن من الضياع كقوله تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ" وقوله: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".
 
 
والجواب أن القرآن وإن كان محفوظاً من الضياع فإن بعضه ينسخ بعضاً وإنساء الله نبيه بعض القرآن في حكم النسخ فإذا أنساه آية فكأنه نسخها ولا بد أن يأتيَ بخيرٍ منها أو مثلِها. كما صرح به تعالى في قوله: "مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا". وقوله تعالى: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ". وأشار هنا لعلمه بحكمة النسخ بقوله: "إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى".]( من كتاب: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للعالِم المحقق محمد الأمين الشّنقيطي رحِمَه الله تعالى رحمة واسعة ) .
 
 
 
 
إشباع الحركة
صرح علماء العربية بأن إشباع الحركة بحرف يناسبها أسلوبٌ من أساليب اللغة العربية ولأنه مسموع في النثر ن كقولهم : كلكال وخاتام وداناق ، يعنون كلكلاً وخاتماً ودانقاً . ومثله في إشباع الضمة بالواو ، وقولهم : برقوع ومعلوق ،يعنون برقعاً ومعلقاً . ومثال إشباع الكسرة بالياء قول قيس بن زهير :
ألم يأتيك والأنباء تنمي         بما لاقت لبون بني زياد
فالأصل ك ألم يأتك ؛ لمكان الجازم . وأنشد له الفرّاء :
لا عهد لي بنيضال        أصبحت كالشن البال
ومنه قول امرئ القيس :
كأني بفتحاء الجناحين لقوة     على عجل مني أطأطئ شيمالي
ويروى : صيود من العقبان طأطأت شيمالي . ويروى : دفوف من العقبان.... ويروى : شملال بدل شيمال وعليه فلا شاهد في البيت ، إلا أن رواية الياء مشهورة . ومثال إشباع الضمة بالواو قول الشاعر :
هجوت زبّان ثم جئت معتذراً       من هجو زبان لم تهجو ولم تَدَعِ
ويروى : من سَبّ زبّان .
وقول الآخَر :
وإنني حيثما يثني الهوى بصري      من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور
يعني : فأنظُرُ .
وقول الرّاجز :
لو أن عمراً عم أن يرقودا     فانهض فشد المئزر المعقودا
يعني : أن يَرقدا . ويدل لهذا الوجه قراءة قنبل: " لَأقسم بهذا البلد " بلام الابتداء وهو مروي عن البزّي والحسن .
 

3 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
باء التبعيض    كن أول من يقيّم

إعراب آية كريمة
" ولَتَجِدَنّهم أحرَصَ الناسِ على حياة " (2/96)
( لَتجدنَّهم) : اللام واقعة في جواب قسم مقدر. ( تَجِدَنَّهُمْ) فعل مضارع مبني على الفتح ؛ لاتصاله
                 بنون التوكيد الثقيلة ، والنون حرف لامحل له من الإعراب ، والفاعل ضميرمستترفيه   وجوباً تقديره أنت . والهاء  ضميرمتصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول ،والميم حرف لجمع الذكور.                         
( أحرَصَ) : مفعول به ثان. ويمكن الحال ، لكن لا يتِمّ هذا إلا على من يذهب إلى أن إضافة أفعل التفضيل ليست بمحضة ، وهوقول الفارسي ، وابن عصفور . أمّا مَن قال إنها محضة ولا يجيز
في الحال أن تأتيَ معرفة ، فلا يجوزعنده في ( أحرَصَ) النصبُ على الحال . وأحرص   هنا هي أفعل التفضيل ،وهي مؤولة بمعنى (مِن)، وقد أضيف إلى معرفة ، فيجوز فيها الوجهان :
أحدهما: أن يفرد مذكره ، وإنْ كانت جارية على مفرد ومثنى ومجموع ومذكر ومؤنث . والآخَر: أن يطابق ما قبلها. فمن الوجه الأول : أحرص الناس ، ولو جاء على المطابقة لكان : أحارِصَ الناس ، أو : حَرْصَى الناسِ . ومِن الوجه الثاني قوله " أكابر مُجرميها" . كِلا الوجهين فصيحٌ . وذكر أبو منصور الجواليقيُّ أنّ المطابقة أفصحُ من الإفراد ، وذهب ابن السّرّاج إلى تعيّن الإفراد وليس بصحيح .
( على حياة ) : متعلقان باسم التفضيل: (أحرَص).
باء التبعيض
كان أثبتها الأصمعي ، والفارسي ، وابن مالك ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى : " عيناً يشرب بها عبادُ الله " (الإنسان76/6). غير أن ابن جِنّي قال : أهل اللغة لا يعرفون هذا المعنى ، ومذهبه أنها زائدة ؛ لأن الفعل يتعدى إلى مجرورها بنفسه .والحق أنّ الفقهاء من أصحاب الشافعي يوردون أن الباء للتبعيض . (يُنظرالأم 1/26، والمجموع1/400،البرهان4/257،و البحر3/436،والمغني1/98).
توكيد الضمير بضمير
الضمير إذا أكّد بضمير كان الضمير الثاني المؤكد من ضمائر الرفع ليس غير، سواء أكان الضمير الأول المؤكد مرفوعاً ، أم منصوباً ، أم مجروراً ، نحو : قمتُ أنا ، و رأيتُكَ أنتَ ، و مررتُ بِهِ هو.
( قاله ابن النحّاس في التعليقة 132/ب).
 
              

4 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
لا تعارض في آي القرآن الكريم    كن أول من يقيّم

التعارض في القرآن الكريم

المراد بالتعارض في القرآن:  أن تتقابل آيتان بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى مثل أن تكون إحداهما مثبتة لشيء والأخرى نافية له.
ووقوع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري غير ممكن؛ لأنه يلزم منه كون إحداهما كذباً وهو مستحيل في أخبار الله تعالى " ومَن أصدق من الله ... الآية
وغير ممكن أيضاً أن يقع بين آيتين مدلولهما حكمي لأن" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلِها “ الآية. وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غيرَ قائم ولا مُعارض.
وهناك أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض بين آيات القرآن ، والواجب على المسلم تجاهها أن يجمع بينها فإن لم يتبين وجب التوقفُ وسؤالُ أهلِ العلم عن ذلك .
ومن الأمثلة قوله تعالى:" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"  فنفى   الهداية   عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقوله :" وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ". أثبت   الهداية   له .
والجمع أن الهداية الأولى المراد بها هداية التوفيق وهي منفية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره، والأخرى المراد بها هداية دلالة وإرشاد وهي ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم وغيره.
ومن الكتب المفيدة في هذا الجانب كتاب تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (ت276هجري) الذي رد فيه على من طعن في القرآن ، ومن تلك المطاعن دعواهم التناقض بين آيات القرآن .
ومن الكتب: ( دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب) للعالم المحقق المرحوم محمد الأمين الشّنقيطي . وهو من أجمع الكتب في هذا الموضوع.والمثال أفصح من المقال :
 
قوله تعالى: "فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى". هذه الآية الكريمة يفهم منها أن التذكير لا يطلب إلا عند مظنة نفعه بدليل إنْ الشرطية. وقد جاءت آيات كثيرة تدل على الأمر بالتذكير مطلقاً كقوله: "فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى" وقوله: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ". وأجيب عن هذا بأجوبة كثيرة، منها أن في الكلام حذفاً؛ أي إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع كقوله: "سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ" ؛ أي والبرد وهو قول الفراء والنحاس والجرجاني وغيرهم. ومنها أنها بمعنى (إذ) وإتيان (إن) بمعنى (إذ) مذهب الكوفيين خلافاً للبصريين.وجعل منه الكوفيون قوله تعالى: "اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى: "وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى: "لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون" وقول الفرزدق:
 أتغضب إنْ أذنا قتيبة حُزتا  **   جهاراً ولم تغضب لقتل ابن حازم
 
وأجاب البصريون عن آيات (إن كنتم مؤمنين) بأن فيها معنى الشرط جيء به  للتهييج وعن آية( إن شاء الله) والحديث بأنهما تعليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل وعن البيت بجوابين:
أنه من إقامة السبب مُقام المسبب والأصل: أتغضب إن افتخر مفتخرٌ بحزّ أذنَيْ قتيبة؛ إذ الافتخارُ بذلك يكون سبباً للغضب ومسبّباً عن الحزّ.
أحدهما:
أتغضب  إنْ  أذنا  قتيبة حزتا  **  جهاراً ولم تغضب لقتل ا بن حازم
الثاني:
ومنها أن معنى "إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى" الإرشاد إلى التذكير بالأهم؛ أي ذكر بالمهم الذي فيه النفع دون ما لا نفع فيه. فيكون المعنى ذكر الكفار مثلاً بالأصول التي هي التوحيد، لا بالفروع؛ لأنها لا تنفع دون الأصول وذكر المؤمن التارك لفرض مثلاً بذلك الفرض المتروك لا بالعقائد ونحو ذلك لأنه أنفع. ومنها أن {إِنْ} بمعنى (قد) وهو قول قطرب. ومنها أنها صيغة شرط أريد بها ذم الكفار واستبعاد تذكرهم، كما قال الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حياً  **   ولكنْ لا حياةَ لمن تنادي
ومنها غير ذلك.
والذي يظهر لمقيد هذه الحروف عفا الله عنه بقاء الآية الكريمة على ظاهرها وأنه صلى الله عليه وسلم بعد أن يكرر الذكرى تكريراً تقوم به حجة الله على خلقه مأمور بالتذكير عند ظن الفائدة أما إذا علم عدم الفائدة فلا يؤمر بشيء هو عالم أنه لا فائدة فيه لأن العاقل لا يسعى إلى ما لا فائدة فيه وقد قال الشاعر:
  لما نافعٍ يسعى اللبيب فلا تكن  **  لشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا
وهذا ظاهر ولكن الخفاء في تحقيق المناط. وإيضاحه أن يقال: بأي وجه يتيقن عدم إفادة الذكرى حتى يباح تركها. وبيان ذلك أنه تارة يعلمه بإعلام الله له به كما وقع في أبي لهب حيث قال تعالى فيه: "سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ" الآية. فأبو لهب هذا وامرأته لا تنفع فيهما الذكرى لأن القرآن نزل بأنهما من أهل النار بعد تكرار التذكير لهما تكرار تقوم عليهما به الحجة فلا يلزم النبي صلى الله عليه وسلم بعد علمه بذلك أن يذكرهما بشيء لقوله تعالى في هذه الآية: "فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى". وتارة يعلم ذلك بقرينة الحال بحيث يبلغ على أكمل وجه ويأتي بالمعجزات الواضحة فيعلم أن بعض الأشخاص عالم بصحة ثبوته وأنه مُصرّ على الكفر عناداً ولجاجاً فمثل هذا لا يجب تكرير الذكرى له دائماً بعد أن تكرر عليه تكريراً تلزمه به  الحجة. وحاصل إيضاح هذا الجواب أن الذكرى تشتمل على ثلاث حكم:
خروج فاعلها من عهدة الأمر بها.
الأولى:
رجاء النفع لمن يوعظ بها وبين الله تعالى هاتين الحكمتين بقوله تعالى: "قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" وبيّن الأولى منها بقوله تعالى: "فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ". وقوله تعالى: "إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ" ونحوها من الآيات. وبين الثانية بقوله: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ".
الثانية:
إقامة الحجة على الخلق وبينها الله تعالى بقوله: "رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ". وبقوله : "وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً" الآية. فالنبي  صلى الله عليه وسلم إذا كرر الذكرى حصلت الأولى والثالثة فإن كان في الثانية طمع استمر على التذكير وإلا لم يكلف بالدوام والعلم عند الله تعالى.
الثالثة:
وإنما اخترنا بقاء الآية على ظاهرها مع أن أكثر المفسرين على صرفها عن ظاهرها المتبادر منها وأن معناها: فذكر مطلقا إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع؛ لأننا نرى أنه لا يجوز صرف كتاب الله عن ظواهره المتبادر منه إلا لدليل يجب الرجوع له. و لبقاء هذه الآية على ظاهرها جنح ابن كثير حيث قال  في تفسيرها أي ذكر حيث تنفع التذكرة ومن هنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه في غير أهله كما قال عليٌّ رضي الله عنه: ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم .

6 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
يحشر المرء مع من أحب    كن أول من يقيّم

مِن صُوَر استهزاء نزار قباني بالله عزّ وجلّ
يدّعي بأنَّ الله تعالى قد مات وأن الأصنام والأنصاب قد عادت، فيقول: "من أين يأتي الشعر يا قرطاجة.. والله مات وعادت الأنصاب" (الأعمال الشعرية الكاملة 3/637)، كما يُعلن ويُقر بضياع إيمانه فيقول : "ماذا تشعرين الآن ؟ هل ضيعتِ إيمانك مثلي، بجميع الآلهة". (المصدر السابق2/338) .
ويعترف بأن بلاده قد قتلت الله عز وجل فيقول: "بلادي ترفض الـحُبّا بلادي تقتل الرب الذي أهدى لها الخصبا وحوّل صخرها ذهبا وغطى أرضها عشبا.. بلادي لم يزرها الرب منذ اغتالت الربا..". (يوميات امرأة لا مبالية، صفحة620 ) .
و يعترف بأنه قد رأى الله في عمّان مذبوحاً على أيدي رجال البادية، فيقول في مجموعة (لا) في (دفاتر فلسطينية صفحة 119): "حين رأيت الله في عمّان مذبوحاً.. على أيدي رجال البادية غطيت وجهي بيدي.. وصحت : يا تاريخ ! هذي كربلاء الثانية.."
ويذكر بأن الله تعالى قد مات مشنوقاً على باب المدينة، وأن الصلوات لا قيمة لها، بل الإيمان والكفر لا قيمة لهما، فيقول في مجموعة (لا) أيضاً في (خطاب شخصي إلى شهر حَزيران، صفحة 124): "أطلق على الماضي الرصاص.. كن المسدس والجريمة.. من بعد موت الله، مشنوقاً على باب المدينة. لم تبق للصلوات قيمة.. لم يبق للإيمان أو للكفر قيمة".
أما عن استهزائه بالدين ومدحه للكفر والإلحاد فيقول: "يا طعم الثلج وطعم النار ونكهة كفري ويقين". (الأعمال الشعرية الكاملة 2/39).
كما أنه قد سئِمَ من رقابة الله عز وجل حين يقول : "أريد البحث عن وطن جديد غير مسكون ورب لا يطاردني وأرض لا تعاديني". (يوميات امرأة لا مبالية صفحة 597). ويعترف بأنه من ربع قرن وهو يمارس الركوع والسجود والقيام والقعود وأن الصلوات الخمس لا يقطعها  وخطبة الجمعة لا تفوته، إلا أنه اكتشف بعد ذلك أنه كان يعيش في حظيرة من الأغنام، يُعلف وينام ويبول كالأغنام، فيقول في ديوانه: (الممثلون، صفحة 36-39):
"الصلوات الخمس لا أقطعها يا سادتي الكرام وخطبة الجمعة لا تفوتني يا سادتي الكرام وغير ثدي زوجتي لا أعرف الحرام أمارس الركوع والسجود أمارس القيام والقعود أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام وهكذا يا سادتي الكرام قضيت عشرين سنة.. أعيش في حظيرة الأغنام أُعلَفُ كالأغنام أنام كالأغنام أبولُ كالأغنام.".. كما أنه يصف (الشعب) بصفات لا تليق إلا بالله تعالى، فيقول في ديوانه (لا غالب إلا الحب، صفحة 18): أقول :" لا غالب إلا الشعب للمرة المليون لا غالب إلا الشعب فهو الذي يقدر الأقدار وهو العليم، الواحد، القهار.".. و له قصيدة بعنوان (التنصُّت على الله) ينسب فيها الولد لله، ويرميه بالجهل، فيقول في صفحة 170 :" ذهب الشاعر يوماً إلى الله.. ليشكو له ما يعانيه من أجهزة القمع.. نظر الله تحت كرسيه السماوي وقال له: يا ولدي هل أقفلت الباب جيداً ؟." ومن صور استهزائه بالله وبحكمته في خلق مخلوقاته على ما يريده سبحانه قوله في ديوانه: "أشهد أنْ لا امرأة إلا أنتِ "ويقول في قصيدة بعنوان: (وماذا سيخسر ربي، صفحة 82) :" وماذا سيخسر ربي؟ وقد رسم الشمس تفاحة وأجرى المياه وأرسى الجبالا.. إذا هو غيّر تكويننا فأصبح عشقي أشدَّ اعتدالا.. وأصبحتِ أنتِ أقلَّ جمالا.".
ويتمادى في سخريته واحتقاره حتى يصل إلى ذلك اليوم الذي قال عنه سبحانه تعالى: " ياأَيُها النَاسُ اتَقُوا رَبَكُم إِن زَلزَلَةَ الساعَةِ شَيءٌ عَظِيم* يَومَ تَرَونَها تَذْهَلُ كُلُ مُرضِعَةٍ عَما أَرضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُ ذَاتِ حَملٍ حَمْلَها وَتَرى الناسَ سُكَارى وَمَا هُم بِسُكَارى وَلكِنَ عَذابَ اللهِ شَدِيد " (الحج:1و2). إنه يوم القيامة الذي يسخر منه ؛ إذ يشبهه بنهدَيْ عشيقته، فيقول في ديوانه (الحب، صفحة 47):" كيف ما بين ليلة وضحاها صار نهداك.. مثل يوم القيامة ؟". وهنا يصرّح بأنه قد قرأ آياتٍ من القرآن مكتوبةً بأحرف كوفية عن الجهاد في سبيل الله، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الشريعة الحنيفية السمحة، لكنه لا يبارك في داخل سريرته إلا الجهاد على نُحور البغايا، وأثداءِ العاهرات، وبين المعاصم الطرية، فيقول في ديوانه (لا)، صفحة57: " أقرأُ آياتٍ من القرآن فوق رأسه مكتوبةً بأحرف كوفية عن الجهاد في سبيل الله والرسول والشريعة الحنيفة أقول في سريرتي: تبارك الجهاد في النحور، والأثداء والمعاصم الطرية.".
حتى أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسلموا من استهزائه، فها هوذا يصف الصحابي الجليل أبا سفيان صخر بن حرب، رضي الله عنه، بأنه من الطغاة، بل يجمع بينه وبين فرعون هذه الأمة أبي جهل ،لعنه الله، فيقول في ديوانه (لا) صفحة 76:" تعال يا غودو.. وخلصنا من الطغاة والطغيان ومن أبي جهل، ومن ظلم أبي سفيان".
ويقول أيضاً : "ماذا أعطيكِ ؟ أجيبـي، قلقي. إلحادي. غثياني. ماذا أعطيكِ سوى قدر يرقص في كف الشيطان" (المصدر السابق 1/406).
ومن أقواله التي صرّح فيها بأنه قد كفر بالله العلي العظيم قوله: "فاعذروني أيها السادة إن كنت كفرت". (المصدر السابق3/ (277.
و يذكر بأن الله غسل يديه من بعض خلقه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 46 :" ليس في الحيِّ كلِّه قُرشيٌّ غَسَلَ اللهُ من قريش يديه".
وهنا يسأل نفسه على وجه السخرية والاستهزاء متشككاً في ربه وخالقه في أعماله السياسية الكاملة صفحة 98:" قلت لنفسي وأنا.. أواجه البنادق الروسية المخرطشة واعجبي.. واعجبي.. هل أصبح الله زعيم المافيا؟".
كما بأن الله عز وجل يغنّي ، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 135:" آهٍ.. يا آه.. هل صار غناءُ الحاكم قُدسيّاً كغناء الله؟."

8 - نوفمبر - 2007
القدس في رائعة نزارية
يحشر المرء مع من أحب 2    كن أول من يقيّم

و يثبت أن الله عز وجل له رائحة، تعالى الله وتنزه عن ذلك، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 455:" الاقتراب من ناديا تويني صعبٌ.. كالاقتراب من حمامةٍ مرسومةٍ على سقف كنيسة.. كالاقتراب من ميعاد غرام.. كالاقتراب من حورية البحر.. كالاقتراب من ليلة القدر.. كالاقتراب من رائحة الله.."
كما أنه يُصرح بلا خجل ولا خوف من الله تعالى بأن هناك مِن الكائنات والمخلوقات مَن قدَّمت استقالتها الجماعية إلى الله !! وذلك بعد موت الشاعرة اللبنانية ناديا تويني، فيقول في أعماله السياسية الكاملة صفحة 462:" ولأن ناديا تويني كانت جزءاً من سفر العصافير وسفر المراكب ورائحة النعناع وبكاء الأمطار على قراميد بيروت القديمة فلقد قدَّمت كل هذه الكائنات استقالتها الجماعية إلى الله... لأنها بعد -ناديا تويني- تشعر أنها عاطلة عن العمل".
ومن صور جرأته على دين الله تعالى: جعله الزنا عبادة، وتشبيهه إياه بصلاة المؤمن لربه وخالقه كما ينقل ذلك منير العكش في كتابه)أسئلة الشعر ) في مقابلة أجراها مع نزار قباني صفحة 196،حيث يقول : "كل كلمة شعرية تتحول في النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلي… كل شيء يتحول إلى ديانة حتى الجنس يصير ديناً والسرير يصير مديحاً وغرفة اعتراف، والغريب أنني أنظر دائماً إلى شِعري الجنسي بعينيْ كاهن، وأفترش شَعر حبيبتي كما يفترش المؤمن سجادة صلاة، أشعر كلما سافرت في جسد حبيبتي أني أشف وأتـطهـر وأدخل مملكة الخير والحق والضوء.. وماذا يكون الشعر الصوفي سوى محاولة لإعطاء الله مدلولاً جنسياً ؟ "

ومن صور استهزائه بالله وصفه بأنّ له حُجرةً قمرية يدخل فيها، يقول: "يكون الله سعيداً في حجرته القمرية". (مجموعة الأعمال الشعرية 2/188).
ويتمادى بوصف ربه وخالقه سبحانه وتعالى بكل صفات النقص والاستهزاء والعيب فيقول: "حين وزع الله النساء على الرجال وأعطاني إياك شعرت أنه انحاز بصورة مكشوفة إليّ وخالف كل الكتب السماوية التي ألفها فأعطاني النبيذ وأعطاهم الحنطة ألبسـني الحرير وألبسهم القطن أهدى إليَّ الوردة وأهداهم الغصن حين عرّفني الله عليك ذهب إلى بيته فكرت أن أكتب له رسالة.. على ورق أزرق وأضعها في مغلف أزرق.. وأغسلها بالدمع الأزرق أبدأها بعبارة : يا صديقي، كنت أريد أن أشكره.. لأنه اختاركِ لي.. فالله كما قالوا لي لا يستلم إلا رسائل الحب ولا يجاوب إلا عليها.. حين استلمت مكافأتي، ورجعت أحملك على راحة يدي، كزهرة مانوليا.. بُستُ يد الله، وبُستُ القمر والكواكب واحداً واحداً". (المصدر السابق (2/402).
وينسب لله الزوجة والعشيقة ،ويزعم أن الملائكة تتحرر في السماء فتمارس الزنا ( الحب ) كما يقول : "لأنني أحبكِ، يحدث شيءٌ غير عادي، في تقاليد السماء، تصبح الملائكة أحراراً في ممارسة الحب، ويتزوج الله حبيبته". (المصدر السابق ،2/442).
ومن نماذج شعره تشبيهه الخالق بالـمخلوق فيقول : "إلهٌ في معابدنا نصليه ونبتهل يغازلنا وحين يجوع يأكلنا … إلهٌ لا نقاومه يعذبنا ونحتمل إلهٌ ماله عمر إلهٌ اسمه الرجل ".(المصدر نفسه ،1/631).
كما أنه بلغ من الكبرياء ما بلغه فرعون في عصره حتى وصف نفسه بأنه إله الشعر يتصرف كيف يشاء، يقول : "إنني على الورق أمتلك حرية وأتصرف كـإله وهذا الإله نفسه هو الذي يخرج بعد ذلك إلى الناس ليقرأ ما كتب، ويتلذذ باصطدام حروفه بهم.إن الكتـب المقدسة جميعاً ليست سوى تعبير عن هذه الرغبة الإلهية في التواصل وإلا حكم الله على نفسه بالعزلة". (أسئلة الشعر، صفحة 178).
وكذلك جعل نزار قباني الله مُـحتاجاً إلى خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال : "الله يفتش في خارطة الجنة عن لبنان".(المصدر السابق ،2/323).
كما يصف الله جل جلاله بالجهل وعدم المعرفة بخلقٍ من مخلوقاته وهو الإنسان وقلبه، فيقول : "…القلب الإنساني قمقمٌ رماه الله على شاطئ هذه الأرض، وأعتقد أن الله نفسه لا يعرف محتوى هذا القمقم، ولا جنسية العفاريت التي ستنطلق منه، والشعر واحد من هذه العفاريت" ( أسئلة الشعر،صفحة 195).
وكذلك يعترف للناس أجمعين بأنه قد باع الله من أجل عاهرةٍ فاجرة فيقول : "على أقدام مومسةٍ هنا دفنت ثاراتك.. ضيعت القدس.. بعت الله.. بعت رماد أمواتك" ( على لسان لعوب ،1/448).
ويغوص ،فيجعل لله تعالى عُمْراً؛ إذ يشبّه عُمْرَ حزنِه على عشيقته بعُمر الله، فيقول : "عمر حزني، مثل عمر الله، أو عمر البحور" (المصدر السابق ،1/757).
ويمعن في الازدراء بالله سبحانه وتعالى، فيصفه بالبكاء، والعصبية، والإضراب عن الطعام، فيقول: "فلا تسافري مرةً أخرى ؛لأن الله منذ رحلتِ دخل في نوبة بكاء عصبية وأضرب عن الطعام". (المصدر السابق،2/562).

8 - نوفمبر - 2007
القدس في رائعة نزارية
بحر اللاحق    كن أول من يقيّم

أناشيد على بحر اللاحق
 
مهداة
                            إلى أمير العروض د/ عمر خلوف، ومحبيه من سراة الوراق...
  
          http://www.awzan.com/bu7oor/la7eq.htm  

9 - نوفمبر - 2007
القدس في رائعة نزارية
هدية إلى أخت كريمة    كن أول من يقيّم

                            ملخّص  رواية مدام بوفاري / غوستاف فلوبير
                      مُهدَى إلى ست الخوانم : أختنا ضياء حفظها الله، وبارك لها في وقتها
تبدأ الرواية بدخول الفتى شارل بوفاري إلى مدرسته روان الداخلية وهو في سن أكبر من طلبة صفه، ويقود منظره الريفي وكبر سنه المعلم والطلبة للاستهزاء به. ثم ينقل إلى دراسة الطب، ويتخرج بعد عثرات، ويفتتح عيادة في (توست) وتزوّجه أمه من أرملة ثرية متقدمة في السن ومريضة، وهي في الخامسة والأربعين من عمرها.
يُستدعَى شارل لعلاج قسيس في بروتو، كسرت ساقه وكان ثريّاً، وهناك يرى ابنة القسيس واسمها إيما، التي قادته إلى حيث يرقد والدها. وقد بدت أنها تكره الريف والعيش فيه، وكانت تلقّت دراسة في رعاية راهبات الأورسلين، حيث تعلمت دروساً في الرقص والرسم وعزف البيانو و....
تموت زوجة شارل الأولى، فيطلب يد إيما من الأب روو ،الذي كان يتمنى أن يكون صهره أكثرَ غنىً من شارل، وبعد استشارة الأب لابنته توافق ويوافق الأب كذلك. ويتزوج شارل وإيما في عرس باذخ ثم يعودان إلى( توست)، وقد بدت عقدة إيما النفسية، التي ربما نشأت من اعتقادها بأنها قبل الزواج قد دفعت إلى الحب، لكنها لم تحصل على السعادة المترتبة على حبها، حتى إنها توهمت أنها على خطأ، فتساءلت: ماذا تعني عبارات النشوة والعاطفة والهيام التي قرأت عنها في الكتب! 
وبدلاً من أن تنصرف إلى العناية بالزوج والبيت، صارت تسترجع ذكرياتها في سنين طفولتها ثلاثَ عشْرةَ سنةً. عندما دخلت الدّيْر وأقبلت على العبادة والإجابة عن الأسئلة الدينية الصعبة، لكنْ مع اقترابها من السادسةَ عشْرةَ ، حدث انقلابٌ في نظرتها إلى الأشياء، حيث نفرت من المناظر الريفية الهادئة، واتجهت إلى نقيضها – المثيرة – وصارت تبحث عن العاطفة أكثر من بحثها عن المنظر ! وصارت تُعجَبُ بأبطال الكتّاب الكلاسيكيين وبطلاتهم، ولاحظت الراهبات أنها أخذت تفلت من رعايتهن بعد أن كُنّ قد بالغن في مواعظهن لها وأسرفن في تلقينها الاحترام للقديسين، وفي إزجاء النصح في إخضاع الجسد ولم تأسف الراهبات على خروجها من الدير عندما جاء أبوها وأخرجها منه.  
وتجد إيما لذة عند عودتها إلى مزرعة أبيها، في إصدار الأوامر للخدم، ولكنها حنّت إلى الدير ثانية، حتى وهي في أيام شهر العسل الأولى كانت تتمنى أن تكون تلك الأيام في أماكن أخرى،مِن مِثل: اسكتلندة أو سويسرة، ومع رجلٍ من النبلاء لا مع شارل! ورغم قَبولها بالزواج منه، تتمنى لو التقت نظراته مرة واحدة بخواطرها ورؤاها.
 فالأمور بينهما كانت تسير على النقيض، فكلما ازدادت الألفة بينهما ازداد شعورها بالانطواء الروحي، وزادت الفجوة بينهما؛ فإنها ترى أنّ حديثه سطحي ولا يعرف المسرح أو الموسيقا، ولا يعرف شيئاً ، ولا يطمع في شيء... 

9 - نوفمبر - 2007
القدس في رائعة نزارية
ردٌّ على سيبويه.    كن أول من يقيّم

 ( كل ) المسبوقة بِ ( في )
قال الحارث بن حلّزة :
     إنّ عَمراً لنا لديه خلال        غيرَ شك في كُلّهنّ البلاء
 
" وكفّلها زكريا " ( آل عمران 3/29)
 
هذه قراءة حفص عن عاصم وحمزة والكسائي( أي قراءة أهل الكوفة : تشديد الفاء ).  و( كَفَلَها): من دون تشديد ، وفتح الفاء : قراءة ابن كثير(مكة ) ، وقراءة أبي عَمرو بن العلاء ( البصرة) ، وقراءة ابن عامر ( الشام) .
" وكفِلها زكرياء" : كذا بكسر الفاء ، وبهمز زكريا : قراءة عبد الله المُزَني. ( معاني القرآن للأخفش1/200 ، ط/د فائز فارس).
 
( كل ) المضافة إلى نكرة
 
قال سيبويه : " أكلتُ شاةً كلَّ شاةٍ حسن ، وأكلت كلَّ شاة ضعيف " ( الكتاب1/274، بولاق ).
وهذا الذي ضعّفه سيبويه نجده كثيراً في القرآن الكريم . قال تعالى :
" وسِعَ ربي كلّ شيء عِلْماً " ( الأنعام6/80).
" وخلق كلّ شيء " ( 101/6).
 
كسر أحرف المضارعة
 
 لغة تميم ومَن شايعها ( قيس وأسد وربيعة ) . ( البحر1/386). وفي ( البحر1/24) : لغة هُذَيل ؛ نقلاً عن الطوسي. ونُقِل في( البحر7/343): أنّ كسر الياء لغة بعض بني كلب . وقد جاء كسر الياء في قراءة شاذة في قوله تعالى : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون"( النساء4/104): كسرت التاء من ( تألمون و يألمون ) .
فائدة : لقد عُقِد لكسر حروف المضارعة بابٌ في( المخصص14/215-220).
 
دخول ( لا) الناهية على المتكلم
قال الشاعر :
        إذا ما خرجنا من دمشق فلا نَعُدْ     لها أبداً مادام فيها الجراضمُ
قرأ الحسن والشعبي : " ولا نكتم شهادة الله " ( المائدة5/106): بتسكين الميم. نهيا أنفسهما عن كتمان الشهادة . ( البحر4/44). وانظر في ( المحتسَب1/212) ترَ قراءة أخرى .
 
 
 

10 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
إياك...    كن أول من يقيّم

الموصول
سمِع الكسائي : " اللاؤوا فعلوا ". في الأمالي الشجرية 2/308 : قال الكسائي : " سمِعتُ هُذَيلاً تقول : " هم اللاؤوا فعلوا كذا وكذا " ، ومنهم من يقول : " هم اللائي فعلوا " – بالياء – في الأحوال الثلاث ".
قال الفرّاء : وهذه اللغة سواءٌ في الرجال والنساء، ومنهم من يحذف الياء في الرجال والنساء،فيقول : " هم اللاءِ فعلوا " و " هنّ اللاءِ فعلن " قال : وأنشدني رجل من سُلَيم :
فما آباؤنا بأمَنّ منه       علينا اللاءِ قد مَهَدوا الحُجُورا
أراد باللاءِ بمعنى الذين .
والبيت لم يُعرفْ قائله . وهو في الأمالي الشجرية2/308 ، والعيني1/429،
وشرح التسهيل لابن مالك1/32 . وانظر سِر الصناعة2/536و537، ط/د.هنداوي.
ما جرى من الأسماء مَجرى المصادر
قولنا : ( تُرْباً ) و ( جَنْدلاً ) : لا حاجة إلى أن يُتَأوّل بمصدر ، بل يُجعَل الجامد منه مفعولاً به ، كَ ( ترباً ) و ( جندلاً ) ، والتقدير : ألزمه الله ترباً وجندلاً . ويُجعَل المشتق حالاً ، نحو : ( عائذاً بك ) ، والتقدير : اعتصمتـ عائذاً بك . يُنظر : ( الكتاب1/158 ب ، والمقتضب3/222 ، وابن يعيش1/122 ) .
المفعول معه
قال أسيد بن إياس الهُذَلي :
       فَقدْني وإيّاهم فإنء ألقَ بعضَهم      يكونوا كتعجيل السَّنام المُسَرْهَدِ
( قد ) : بمعنى حَسْب ، وهو اسم فعل .
( إيّا ) : مفعول معه بعد ( قد ) ، وهو ضمير نصب منفصل مبني على السكون . أمّا هذا البيت الذي لم أهتدِ إلى قائله ، وهو في العيني (3/86):
    لا تَحبِسَنّكَ أثوابي فقد جُمِعتْ     هذا ردائيَ مَطْويّاً و سِربالا
فقد جعل الفارسي ( سربالاً ) مفعولاً معه ، وعامله ( مَطويّاً ). وأجاز أن يكون عامله ( هذا ) .( التصريح1/343 ، والأشموني2/136).
فائدة : ابن جِنّي تلميذ أبي علي الفارسي اختار تقديم المفعول معه على مصحوبه ، نحو : " جاء والطّيالسةَ البردُ " ( الخصائص2/383).
إيّاك وإيّاه وإيّايَ
1- عند سيبويه والأخفش والفارسي : ( إيّا ) هي الضمير ، والكاف للخطاب ، والهاء للغَيبَة ، والياء للحضور . ( الكتاب1/309 ،380،2/144 ب، ومعاني القرآن للأخفش1/16 ، والخصائص2/189).
2- عند الخليل : ( إيّا ) اسمٌ مضمر أضيف إلى الكاف والهاء والياء .( مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي1/10 ، وإعراب القرآن للنحّاس1/123 ، وسِر الصناعة1/312). ونُسِب إليه رأيٌ آخَرُ ، وهو إضافته إلى الاسم الظّاهر ؛ لأنه حُكِيَ عن العرب : " إذا بلغ الرجل السّتين فإيّاهُ وإيّا الشّوابّ " ( الإنصاف ، المسألة 98 ) .
3- عند المبرّد : ( إيّا ) اسم مبهَم أضيف للتّخصيص . ( المقتضَب3/212 ) .
4- عند الزَّجّاج : اسم مضمر خصّ بالإضافة إلى سائر المضمرات . ( سر الصناعة1/314 ، والمحتسَب1/40 ) .
5- عند ابن كَيْسان : الكاف هو الاسم ، و(إيّا) : عماد . ( المشكل1/10) .
أمّا الكوفيون فلهم رأيان في الضمير :
( الأول ) : الكاف والهاء والياء هي الضمير ، و( إيّا ) : عماد . (الإنصاف ، المسألة 98 ، والصاحبي 110).
( الآخَر) : الاسم بكماله هو الضمير . ( مشكل إعراب القرآن 1/11، ط : ياسين السّواس ) .
فائدة : أصل ( إيّاك ) : إيْواك ، وقيل : إوْياك ، فاجتمع الياء والواو ، والسّابق
        منهما ساكن ، فقُلِبت الواو ياءً وجُعِلتا ياءً مشَدَّدة . ( منثور الفوائد ،ص49) .
 

10 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
مفرد يراد منه الجمع    كن أول من يقيّم

قراءة القرآن ثوابية، وتدبرية، وتطبيقية...
قوله تعالى: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ"  الآية. أفرد هنا تعالى لفظ (السَّمَاءِ) ورد عليه الضمير بصيغة الجمع في قوله "فَسَوَّاهُنَّ" وللجمع بين ضمير الجمع ومفسره المفرد وجهان:
الأول: إن المراد بالسماء جنسها الصادق بسبع سموات وعليه فأل جنسية.
الآخر: أنه لا خلاف بين أهل اللسان العربي في وقوع إطلاق المفرد وإرادة الجمع مع تعريف المفرد وتنكيره وإضافته, وهو كثير في القرآن العظيم وفي كلام العرب. فمن أمثلته في القرآن واللفظ معرف قوله تعالى: "وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ" أي بالكتب كلها بدليل قوله تعالى: "كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِه" , وقوله: "وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ" وقوله تعالى: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" يعني الأدبار, كما هو ظاهر وقوله تعالى: "أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ" يعني: الغرفات، بدليل قوله تعالى: "لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ" ، وقوله تعالى: "وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ" وقوله تعالى: "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً" ؛ أي الملائكة بدليل قوله تعالى: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ"  وقوله تعالى: "أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا" يعني الأطفال الذين لم يظهروا, وقوله تعالى: "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" يعني الأعداء.
ومن أمثلته واللفظ منكّر قوله تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ" يعني وأنهار بدليل قوله تعالى: "فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ" وقوله تعالى: "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً"  يعني أئمة, وقوله تعالى: "مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ" يعني سامرين, وقوله: "ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً" يعني أطفالاً، وقوله: "لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ" أي بينهم, وقوله تعالى: "وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً"؛ أي رفقاء، وقوله: "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا"؛ أي جُنُبِين أو أجناباً وقوله: "وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ"؛ أي (ظاهرون) ؛ لدلالة السياق فيها كلها على الجمع. واستدل سيبويه لهذا بقوله: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً"؛ أي أنفُساً.
ومن أمثلته واللفظ مضاف قوله تعالى: "إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي" يعني أضيافي, وقوله: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ" ؛ أي أوامره. وأنشد سيبويه لإطلاق المفرد وإرادة الجمع قول الشاعر، و هو علقمة بن عبدة التميمي: 
بها جِيَف الحسرى فأمّا عظامُها  **  فَبيِضٌ وأمّا جِلْدُها فَصليبُ
يعني :وأمّا جلودها فصليبة. وأنشد له أيضاً قول الآخر:
كلوا في بعض بطنِكمُ تعفّوا  **  فإنّ زمانكم زمنٌ خميصُ
يعني: في بعض بطونكم. ومن شواهده قول عقيل بن علفة المري: 
وكان بنو فزارةَ شرّ عم  **  وكنت لهم كشرّ بني الأخينا
يعني: شر أعمام. وقول العباس بن مرداس السّلَمي:
فقلنا أسلموا أنا أخوكم  **  وقد سلمت من الإحن الصدورُ
يعني أنا إخوانكم. وقول الآخر: 
يا عاذلاتي لا تردن ملامة  **  إن العواذل ليس لي بأمير
يعني: لسن لي بأمراء.
وهذا في النعت بالمصدر مطّرد كقول زهير:
متى يشتجرْ قومٌ يقل سرواتهم  **  هم بيننا هم رِضى وهم عدل
ولأجل مراعاة هذا لم يجمع في القرآن السمع والطّرْف والضيف؛ لأن أصلها مصادر كقوله تعالى: "خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ"، وقوله: "لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ" وقوله تعالى: "يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ" وقوله: "إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي".
رحم الله كاتبها وقارئها وشارحها وموصلها.

11 - نوفمبر - 2007
كناشة الفوائد و النكت
 24  25  26  27  28