ماالسر في هذا الترتيب مع أن الاختصاص يدخل في بحث المفعول به لما يترتب عليه من حذف عامله وبقائه منصوبا على الاختصاص وذلك باعتباره مفعولا به لفعل محذوف وجوبا تقديره :( أخص أو أعني) !!!
كما أنه في كتب النحو يأتي في التصنيف بعد (أسلوب الإغراء والتحذير) وهو بحث يتبع نصب المفعول به ، كما يعلم الجميع ..
والنحاة يعللون ويدللون على أن الاختصاص غير منادى لأنه لايجوز دخول حرف النداء عليه فلا تقول :أنا أفعل كذا ياأيها الرجل وذلك إذاقصدت بذلك نفسك .
والنحويون إنما يفعلون ذلك لأنهم يبحثون موضوع الاختصاص مع موضوع النداء أو بعده وذلك لأن الاختصاص عندهم يجري مجرىطريقة النداء وأسلوبه بسبب اشتراكهما في أداء الاختصاص ومن هنا استعير لفظ أحدهما للآخر ـ ويقصدون بذلك (أي) فجاء الاختصاص بلفظ النداء وإن لم يكن منادى !!!
ونجدهم أيضا في بحث الاختصاص يذهبون في الإغراب مذاهب أخرى أكثر عسرا ومشقة مما ذهبوا فيه فيه في مجاهل النداء وأساليبه ولذلك نجد عندهم :(أي) هنا في هذا المبحث مبنية على الضم في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره : (أخص أو أعني) والهاء للتنبيه والاسم بعد ذلك نعت منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة الاتباع والمشاكلة تماما مثلما أعربواالأسلوب ذاته في مبحث النداء !!!
ومن ثمة يضيفون إشكالية أخرى فنجدهم يعربون "أي وصفتها" مبتدأ مرفوع وخبره محذوف أو أنها خبر مبتدؤه محذوف ولذلك يقدرون في الأول :
الرجل المذكور من أريد ,, وفي الثاني نجدهم يعكسون الأية :
من أريد الرجل المذكور !!؟
ولا يقدر فيها حرف النداء بل هي جملة في موضع الحال وذلك بتقدير : أنا أفعل كذا متخصصا من بين الرجال (انظر شرح المفصل لابن يعيش 2 /17 ـ 18) .
إن أسلوب النداء وأسلوب الاختصاص واحد في إرادة تعبيرهما وفي أسلوبهما فكل منهما يفيد معنى الفخر والتواضع والتوكيد وزيادة بيان المقصود( انظر : شرح التصريح على التوضيح 2 / 190 وابن يعيش 2 / 18 ) .
وكل منهما جار في الأسلوب مجرى الآخر سواءفي استعمال "أي" أو في غيرها ..و"أيها" هذه سواء أستعملت مع "يا" أو بدونها ؛ فهي للنداء على الحقيقة وهي أولى من أن تخرج عن بابتها الذي استعملت له .
أما ما جرى من حذف أداة النداء في الأسلوبين الآخرين مما أسموه "الاختصاص" فلا عبرة به إذا عرفنا أن أداة النداء تحذف كثيرا في أسلوبالنداء .
إن كلا من المنادى والاسم المختص منصوب بفعل مضمر غير مستعمل إظهاره ولا يكونان إلا للمتكلم أو للمخاطب (انظر: ابن يعيش 2 / 18 ) .