البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 247  248  249  250  251 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
سؤال جميل وجواب موفق.... جزاكم الله خيراً يا د/ أسامة.    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

لماذا لا نكوّنُ أنفسَنا؟!
لماذا ؟
 ما السبب ؟
 
 

د. أسامة عثمان
"معظم الناس هم ناسٌ آخرون، أفكارُهم آراءُ شخصٍ آخر، وحياتُهم تقليدٌ، وعواطُفهم اقتباس". أوسكار وايلد.
و"خلال إحدى الجلسات الاقتصادية كان كلُّ مستشاري أوباما يوافقونه على نفس الرأي؛ ما أغضب أوباما وطردهم من الغرفة، طالباً منهم العودة برأي مخالف.. ويقول لورانس سومرز- المستشار الاقتصادي لأوباما-: "إنه يرغب في الاستعانة بمستشارين تكون لديهم وجهات نظر مختلفة؛ لتقاسم وجهات النظر المختلفة، وهو حريص على سؤال الأفراد الذين لم يتحدثوا عما إذا كان لديهم رأي يمكن أن يطرحوه".
 
ما سبق من الاقتباسات, صحيح, بقطع النظر عن قائله, وفاعله, وقد صح: "لا تكونوا إمَّعة..." موقوفاً على ابن مسعود, ومعناه صحيح.
 
وهذه الأصالة في التفكير, وفي الرأي, الناجمة عن الإيمان بأهمية التنوع, فكرياً, وعملياً. وهذا التنوّع المفضي إلى أعلى الآراء, لا فرصة له؛ حين يتصنع الناس التشابه, والتقليد، فوق أنه يستلزم تشويه الكثيرين, فكرياً, وطمس فاعليتهم العقلية؛ فيمَّحي تفردُهم الذي يؤكد وجودهم.
 
فأصعبُ شيء على الإنسان السويِّ: الخضوعُ والاستلاب, أمام بشر, مثله, يصيبون ويخطئون, ومن أفدح تجلّياته أن يغدو المرءُ مستلبَ الرأي؛ وأشدُّ منه، وأفدحُ, أن يظن المرءُ نفسه حراً في التفكير, وأصيلاً, وصوتُه، في الواقع، الصدى, ورأيُه، رأيُ الآخرين.
 
في مجتمعاتنا العربية تسحق سلطةُ الجماعةِ الفردَ؛ فيتعطل تفكيرُه, أو يكاد، تحت طَرَقات التفكير الجماعي الأقل عمقاً, والأبعد عن التطور والإبداع.
 
وعلى الصعيد الاجتماعي؛ كثيراً ما نشهد نقاشات يختلف فيها طرفان؛ فيتولد رأيان؛ فما يلبث أن يميل قسمٌ من الحضور مع أحد الطرفين؛ دون أن تكون ثمة محاكمة عقلية, أو اقتناع بالحجج, بقدر ما هي المجاملة, والتحكم الشخصي.
 
وكم تكشَّف للناس, بعد حين, أن اتِّباعهم لشخصية ما، بالإبهار, أو بالشَّغَب, والضجيج، قد جلب عليهم السخرية, وعرَّضهم للحرج!
 
سطوة الرأي السائد تعطل الرأيَ الذاتي, أو تصادره؛ فمثلاً, تشتهر قناةٌ تلفزيونية, أو يعتلي عرشَ الشعر شاعر؛ فينساق الكثيرون دون نظر في هذا الرأي، انسياقاً عمومياً؛ فيتذوقون بألسنة الآخرين, ويسمعون بآذانهم!
 
وفي النتائج.. انقيادٌ أعمى, وطمس للحقائق.. أخالفُ الرأي القائل بتحميل النُّظم الحاكمة, وحدها, المسؤولية عن هذه الآفة, أو فَلْنَقلْ الماحقة؛ بحجة رغبتها في تدجين الناس, وتطويعهم, وتخليصهم من نزعات الثورة والتمرّد.
 
إن كثيراً من الأمهات, وهنَّ يربينَ أولادهن, ويشكّلنَ تفكيرهم, يغرسْنَ في شخصياتهم ممالأة الناس, والانصياع لآرائهم, "ماذا سيقول عنك الناس؟", و" الناس سيضحكون منك، إذا فعلت كذا". فقلَّما تعمل الأم على توطين الجرأة في الولد؛ ليعلن رأيه, وينفِّذ خياراتِه.
 
فالمسألة، بالطبع، أكبر من خلل سياسي سطحي؛ إنه, ويا لَلأسف! قارٌّ في البِنْية العميقة من ثقافتنا السائدة.
 
وإذا انتقل الطفل إلى المدرسة فإنه يُجابَه بقوالب تربوية جاهزة, ومعلومات يُطالَب بحفظها، دون أن يدرك في كثير من الأحيان أهميتها, أو يقتنع بحاجته إليها، وإذا ما غرَّد الطفل, أو الشاب في المراحل التعليمية العليا, حتى, خارج السرب؛ فإنه يكون عرضة للتَّندر والسخرية من معلميه أحياناً، قبل زملائه؛ فتتولد في نفسه الشخصيةُ المزدوجة؛ فيتوهم أن موادّ المدرسة فوق نطاق التفكير الذي يَعْرف؛ فإما أن يفشل في دراسته, وإما أن ينجح في تقمُّص تلك القوالب, ويكرّرها, دون اقتناع, في الغالب, أو تبنٍّ.. وبعد أن ينخرط الفرد في مجتمعه, وتُلقى عليه أعباؤه, يصبح أكثر تكيُّفاً مع ذوق هذا المجتمع، وأكثر تطلباً للسِّتر, والمشي بجانب الحائط. والخسارة الفادحة أننا حُرمنا من كامل الطاقات الفكرية، والتنوعات الوجدانية, والذوقية, واكتفينا بالسائد منها.
 
قدّسْنا الفكرة الطاغية, وناهضْنا كل جديد، وصار مقياسُ الذكاء الاجتماعي, والثقافي, في مقدار التكيف مع المألوف، وإعادة إنتاجه! 
 
لعل أول الأسباب-كما قدمت- تربوي, وبعده أمور, ترتدّ إلى افتقار القدرة على توليد الآراء, ومنها تردِّي مستوى التفكير, أو قلة فاعليته, أصلاً, مقابل التقليد والتأثُّر السلبي. وفي ملابسات ذلك, ضآلةُ المحصول الثقافي الذي يمكِّن من القدرة على المحاكمة الفكرية. وفي بعض الحالات يرتد هذا الداء إلى نوازع نفسية تعود إلى التعلق بالجماعة, والخوف من التفرّد بالرأي, أو الجهر بذلك. وفي الأمثال العربية الكثير مما يشي بهذا العقل الجمعي, كما يقولون: "الموت مع الجماعة رحمة", وقولهم: "قاربِ الناسَ في عقولهم، تسلمْ من غوائلهم", وكثير غيره مما يحض على المسايرة, والمداراة, والتملّق، وكثير من الناس يعدُّ ذلك آيةَ الكياسة, والدهاء!
 
ولكن الأخطر من ذلك أن يقع الفردُ ضحيةَ الاستلاب لمجتمعه, أو لمفكر, أو عالم, يعظِّمه- دون أن يشعر- فيغدو نسخة منه, وهو يظن أنه يعبر عن ذاته, ويَصْدر عن تفكيره!
علاج هذه العلة التربوية الاجتماعية مفتقر إلى النَّفَس الطويل, وعلى طريقه معالم, أولُّها الثقافةُ المستنيرة, ومنها اتجاه نحو تنمية الأصالة في  التفكير, وتشجيع التجريب, وتثمين الجرأة في التعبير عن الرأي، دون مجاملة, أو مكاذبة, وهنا لا بد من نماذج...
هذا, والنمط التَّفردي الإقصائي في الفكر والممارسة, يتسيّد, بتواطؤ ممن قبلوا بالتهميش, حين يكرِّس الزعيم قيادته الفردية, ورؤاه المتقلبة, ويغدو أتباعُه من حوله كالأشباح, أو كالصدى, وهذا ليس غريباً, وإن كان مستنكراً, لكن الغريب أن يقبل أناس كرّمهم الله, بالإرادة الحرة, أن يدخلوا في إِسار الانقياد للبشر.. فمتى استعبدتم أنفسكم, وقد ولدتْكم أمهاتُكم أحراراً؟!

26 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
صدّق أو لا تصدّق    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 
 
حسبنا الله ونعم الوكيل

27 - أغسطس - 2010
حوار بين رمضانين
والفضل ما شهد به أبو ماضي    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

قال إيليا أبو ماضي :
 
" أمريكا كالخمر ..
مَنْ يتناولْ قدحاً منه يحنَّ إلى شــُرْبِ قدحٍ آخرَ .. ثمّ آخرَ ..
ويظلَّ يشربُ حتى يُـتــَعْتِعَهُ السُـكْرُ ..
فــَيَسْكَرَ ، ويفرحَ ، ولكنّهُ يجدُ نفسَهُ بعدَ حينٍ يتقيَّأُ ما شــَرِبَ من الخمرِ ، وما أكلَ من أفخرِ المأكولاتِ وأطيبـِها ...
ما كدتُ أطأ أرضها بقدمي حتّى وجدتُها تجرّني بناصيتي جرّاً بلا رحمةٍ ولا هَوَادةٍ ؛ لتوقفني فجأةً أمام الدولار الجبّارِ قائلةً لي :
اسْجُدْ له ؛ وإلا فلن تصلَ إلى رُبوعِ الحياةِ السعيدةِ الفاضلةِ ،فسجدتُ لذلك البعلِ حتى تقوّستْ قامتي ..
فلمّا نهضتُ من مكاني ، وفتحتُ عيني باحثاً ومفتَّشاً عنه وجدتــُهُ قد ابتعدَ عنّي هارباً منّي ..
فاستعنتُ بنفسي عَلَّني أجدُ عندها ضالّتي ، وأستعيدُ بواسطتها قوّتي وجبروتي ، ولكنني وجدتُها قد تحوّلتْ ، فأصبحتْ خرائبَ وأطلالاً دارسةً ..
وإذا أمانيَّ التي كنتُ أستعذبُ طعمَها ، وأستحضرُ صورتــَها في خاطري قد صارتْ لا لونَ لها ولا طعمَ إلا لونَ الترابِ وطعمَهُ ...
إنني عائدٌ إلى لبنانَ ؛ لأقضيَ بقيّةَ عمري في كنفِ صُخورِهِ ؛ فهي على صلابتها وقساوتها أرقُّ من قلوبِ البشرِ عليَّ في هذه البلادِ ..
وَلَأنْ أُدفنَ بين الأشواكِ هناكَ أَرْوَحُ وأهنأُ لنفسي من أنْ أدفنَ بينَ الأزهارِ والرياضِ هنا ؛ فتلك تعرِّشُ حولي لتقيني حرارةَ الشمسِ أو عبثَ الثعالبِ ، أمّا هذه فلا تلتفُّ بقبري إلا لكي تمتصَّ رُفاتيْ !!! "
" نشره في مقالة له بمجلة " السمير " التي كان يصدرها في نيويورك ، وكانت المقالة  بعنوان : ( حكاية مهاجر ) بتاريخ 15 آب ( أغسطس ) عام 1932

27 - أغسطس - 2010
حوار بين رمضانين
" الصلاة والسلام على محمد أعظم من عتق الرقاب ، والجهاد ، ومَن فقد شيئاً فيصلّ على محمد" ( أبو بكر).    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: حدّثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحد كم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها". (رواه البخاري ومسلم)



شرح وفوائد الحديث



قوله : وهو الصادق المصدوق ، أي شهد الله له بأنه الصادق ، والمصدوق بمعنى المصدق فيه.
قوله صلى الله عليه وسلم (( يجمع خلقه في بطن أمه )) يحتمل أن يراد أن يجمع بين ماء الرجل والمرأة فيخلق منهما الولد كما قال الله تعالى : { خلق من ماء دافق * يَخْرُج من بين الصلب والترائب }
[الطارق:6،7].



ويحتمل أن المراد أنه يجمع من البدن كله ، وذلك أنه قيل : إن النطفة في الطور الأول تسري في جسد المرأة أربعين يوماً ، وهي أيام التوحمة ، ثم بعد ذلك يجمع ويدر عليها من تربة المولود فتصير علقة ثم يستمر في الطور الثاني فيأخذ في الكبر حتى تصير مضغة ، وسميت مضغة لأنها بقدر اللقمة التي تمضغ ، ثم في الطور الثالث يصور الله تلك المضغ ويشق فيها السمع والبصر والشم والفم ، ويصور في داخل جوفها الحوايا والأمعاء ، قال الله تعالى : { هو الذي يصوَّرُكُم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيزُ الحكيمُ } [آل عمران :6]، ثم إذا تم الطور الثالث وهو أربعون صار للمولود أربعة أشهر نفخت فيه الروح ، قال الله تعالى:
{يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب} يعني أباكم آدم { ثم من نطفة } يعني ذريته ، والنطفة المني وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف { ثم من علقة } وهو الدم الغليظ المتجمد ، وتلك النطفة تصير دماً غليظاً {ثم من مضغةٍ} وهي لحمة { مُخَلَّقَةٍ وغير مُخَلَّقَة ٍ} [الحج:5]. قال ابن عباس مخلقة : أي تامة ، وغير مخلقة أي غير تامة بل ناقصة الخلق ، وقال مجاهد : مصورة وغير مصورة ، يعني السقط . وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : (( إن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها الملك بكفه فقال : أي رب مخلقة ، أو غير مخلقة ؟ فإن قال : غير مخلقة ، قذفها في الرحم دماً ولم تكن نسمة ، وإن قال : مخلقة ، قال الملك : أي رب ذكرُ أم أنثى ؟ أشقي أم سعيدُ ؟ ، ما الرزق وما الأجل وبأي أرض تموت ؟ فيقال له اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك . فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي إلى آخر صفته )).



ولهذا قيل : السعادة قبل الولادة .



قوله صلى الله عليه وسلم : (( فيسبق عليه الكتاب )) أي الذي سبق في العلم ، أو الذي سبق في اللوح المحفوظ ، أو الذي سبق في بطن الأم . وقد تقدم أن المقادير أربعة .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )) هو تمثيل وتقريب ، والمراد قطعة من الزمان من آخر عمره وليس المراد حقيقة الذراع وتحديده من الزمان ، فإن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم مات دخل الجنة ، والمسلم إذا تكلم في آخر عمره بكلمة الكفر دخل النار .

وفي الحديث دليل على عدم القطع بدخول الجنة أو النار ، وإن عمل سائر أنواع البر ، أو عمل سائر أنواع الفسق ، وعلى أن الشخص لا يتكل على عمله ولا يعجب به لأنه لا يدري ما الخاتمة . وينبغي لكل أحد أن يسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة ويستعيذ بالله تعالى من سوء الخاتمة وشر العاقبة . فإن قيل : قال الله تعالى :{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نُضَيِّع أجر مَن أحسن عملاً }. [الكهف:30] ظاهر الآية أن العمل الصالح من المخلص يقبل ، وإذا حصل القبول بوعد الكريم أمن مع ذلك من سوء الخاتمة .


فالجواب من وجهين : احدهما أن يكون ذلك معلقاً على شرط القبول وحسن الخاتمة ،و يحتمل أن من آمن وأخلص العمل لا يختم له دائماً إلا بخير ، وأن خاتمة السوء إنما تكون في حق من أساء العمل أو خلطه بالعمل الصالح المشوب بنوع من الرياء والسمعة ويدل عليه الحديث الآخر (( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس )) أي : فيما يظهر لهم صلاح مع فساد سريرته وخبثها .


وفي الحديث دليل على استحباب الحق لتأكيد الأمر في النفوس وقد أقسم الله تعالى : { فورب السماء والأرض إنه لحق } .[الذاريات:23]، وقال الله تعالى :{قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم }. [التغابن:7].

27 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
بارك الله فيكم وعليكم.    ( من قبل 11 أعضاء )    قيّم

"  ذهب بعضُهم إلى أن أسماء الله التي هي صيغة مبالغة كلها مجاز ، إذ هي موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها ؛ لأنّ المبالغة هي أن تثبت للشيء أكثر مما له وصفات الله تعالى متناهية في الكمال لا يمكن المبالغة فيها ، والمبالغة أيضاً تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان ، وصفات الله تعالى منزّهة عن ذلك، فهي في حق الله صفات
مشبهة... 
ولكنّ  ذلك يصِح من الجانب الاعتقادي ، وإن كان فيه نظرٌ من الجانب اللغوي ، كما أن المحققين ذهبوا إلى أن المبالغة في حق الله تعالى لا تعني زيادة الفعل ، ولكن تعني تعدد المفعولات وكثرة المتعلقات ، فالله تواب ؛ لكثرة قَبوله من يتوب إليه من عباده ، والله قدير باعتبار تكثير التعلق وليس تكثير الوصف ، والله عليم باعتبار عموم العلم لكل الأفراد، لا باعتبار المبالغة في الوصف ، إذ العلمُ لا يصِح التفاوتُ فيه ".
( كناشتي).

28 - أغسطس - 2010
النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية
شتان بين زيادة الإيمان ونقصانه !!!    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم

أسباب نقص الإيمان :
1- الغفلة والإعراض عن ذكر الله وقراءة القرآن الكريم.
2-الجهل بالدين والتقليد الأعمى.
3- ارتكاب المعاصي والآثام واتباع النفس والشيطان.
4-اتباع الهوى وعدم مجاهدة النفس.
5- التقصير في الطاعات والقربات.
6-الحرص على الدنيا والإعراض عن الآخرة.
7-  الجهل بأسماء الله وصفاته ونعمائه وآلائه وعظمته سبحانه وتعالى.
8- التكاسل عن الطاعات وعدم استغلال الأوقات في الأعمال الصالحات.
9-  ضعف الهمة والعزيمة والتسليم للتسويف والمماطلة في المسابقة في الخيرات وطول الأمل.
10-الاستهانة بالمعاصي حتى تورث الاعتياد والإدمان

28 - أغسطس - 2010
الرمضاني
الشيخ علي الطنطاوي ، رحمة الله عليه، وعلى أموات المسلمين.    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

 
 
صديقي رمضان .!  مجلة الرسالة / سنة 1380هـ
بقلم :  الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله -
صديق عزيز, لقيته وأنا طفل في دمشق، ثم افتقدته وأنا شاب أذرع الأرض وأضرب في بلاد الله، ففرحت بلقائه وأحببته، وألمت لفقده وازداد حنيني إليه، فأين أنت يا صديقي رمضان؟
كنت أرقب قدومه، وأحسب له الأيام والليالي على مقدار ما يحسن طفل من الحساب، فإذا جاء فرحت به وضحكت له روحي لأني كنت أرى الدنيا تضحك له وتفرح بقدومه.
كنت أبصره في المدرسة، فالمدرسة في رمضان مسجد، وفيها تلاوة وذكر، وأهلوها أحبة، ما فيهم مدرس يقسو على طلاب، وطلاب يكرهون المدرس، لأن رمضان وصل النفوس بالله, أشرق عليها من لدنه النور فذاقت حلاوة الإيمان، ومن ذاق حلاوة الإيمان، لم يعرف البغض ولا الشر ولا العدوان.

كنت أراه في الأسواق، فالأسواق تعرض بضاعة رمضان وتفيض عليها روح رمضان فتمحو الغش من نفوس أهلها محواً ويملؤها خوف الله ورجاؤه، وتقف ألسنتهم عن الكذب لأنها عمرت بذكر الله واستغفاره، وهانت عليهم الدنيا حين أرادوا الله والدار الآخرة، فغدا الناس آمنين أن يغشهم تاجر، أو يخدعهم في مال أو متاع، ويمضي النهار كله على ذلك، فإذا كان الأصيل ودنا الغروب تجلى رمضان على الأسواق بوجهه فهشت له وجوه الناس، وهتفت باسمه ألسن الباعة، فلا تسمع إلا أمثال قولهم: «الصايم في البيت بركة»، «الله وليك يا صايم» - «الله وليك ومحمد نبيك»، ثم لا ترى إلا مسرعاً إلى داره حاملاً طبق الفول «المدمس»، أو «المسبحة» أو سلال الفاكهة أو قطع «الجرادق» (وهي أطباق جافة رقيقة وكبيرة)، ثم لا تبصر إلا مراقباً المنارة في دمشق ذات الثمانين منارة, أو منتظراً المدفع، فإذا سمع أذان المؤذن أو طلقة المدفع دخل داره، والأطفال يجتمعون في كل رحبة في دمشق ليسمعوها فيصيحون: أذن.. أذن.. أذن.. ثم يطيرون إلى منازلهم كالظباء النافرة.
وكنت أبصر رمضان يؤلف بين القلوب المتباينة، ويجلو الأخوة الإسلامية رابطة (المسلم أخو المسلم) فتبدو في أكمل صورها فيتقابل الناس عند الغروب تقابل الأصدقاء على غير معرفة متقدمة فيتساءلون ويتحدثون ثم يتبادلون التمر والزبيب ويقدمون الفطور لمن أدركه المغرب على الطريق فلم يجد ما يفطر عليه، تمرة أو حبة من زبيب، هينة في ذاتها، تافهة في ثمنها، ولكنها تنشئ صداقة وتدل على عاطفة، وتشير إلى معنى كبير.
وكنت أنظر إلى رمضان وقد سكن الدنيا ساعة الإفطار، وأراح أهلها من التكالب على الدنيا والازدحام على الشهوات، وضم الرجل إلى أهله، وجمع الأسرة على أحلى مائدة وأجمل مجلس وأنفع مدرسة. فوا شوقاه إلى موائد رمضان وأنا الغريب الوحيد في مطعم لا أجد فيه صائماً ولا أسمع فيه أذاناً ولا أرى فيه ظلاً لرمضان.
فإذا انتهت ساعة الإفطار، بدأ رمضان يظهر في جلاله وجماله وعظمته المهولة في المسجد الأموي أجل مساجد الأرض اليوم وأجملها وأعظمها، وكنت أذهب إلى المسجد بعد المغرب وأنا طفل فأراه عامراً بالناس ممتلئاً بحلق العلم كما كان عامراً بهم ممتلئاً بها النهار بطوله، فأجول فيه مع صديقي سعيد الأفغاني خلال الحلقات نستمع ما يقوله المدرسون والوعاظ، وأشهد ثرياته وأضواءه وجماعاته، ومن صنع الله لهذا المسجد أن صلاة الجماعة لا تنقطع فيه خمس دقائق من الظهر إلى العشاء الآخرة في أيام السنة كلها وقد بقي ذلك إلى اليوم على ضعف الدين في النفوس وفساد الزمان.. ولا أنسى تلك الثريا الضخمة ولم تكن قد مدت إليها الكهرباء، فكانت توقد مصابيحها وهي أكثر من ألف بالزيت واحدً بعد واحد يشعلها الحسكيون (الحسكي خادم الأموي)، وهم يطوفون بها على سلالم قصيرة من الخشب، فيكون لذلك المشهد أثر في النفس واضح، ثم يكون العشاء وتقوم من بعده التراويح ولها في الأموي منظر ما رأيت أجل منه ولا أعظم إلا صلاة المغرب حول الكعبة في مسجد الله الحرام فإن ذلك يفوق الوصف، ولا يعرف قدره إلا بالعيان. وليس يقل من يصلي التراويح في الأموي عن خمسة آلاف أصلاً، وقد يبلغون في الليالي الأواخر الخمسة عشر والعشرين ألفاً، وهو عدد يكاد يشك فيه من لم يكن عارفاً بحقيقته ولكنه الواقع، يعرف ذلك الدماشقة ومن رأى الأموي من غيرهم. وحدّث عن الليالي الأواخر (في دمشق) ولا حرج، وبالغ ولا تخش كذباً، فإن الحقيقة توشك أن تسبقك مبالغة، تلك هي ليالي الوداع يجلس فيها الناس صفوفاً حول السدة بعد التراويح، ويقوم المؤذنون والمنشدون فينشدون الأشعار في وداع رمضان بأشجى نغمة وأحزنها ثم يردد الناس كلهم:
«
يا شهرنا ودعتنا عليك السلام.. يا شهرنا هذا عليك السلام».
ويتزلزل المسجد من البكاء حزناً على رمضان.

****

وسَحَر رمضان.. إنه السِّحر الحلال.. إنه جنة النفس ونعيمها في هذه الدنيا، وإني لأقنع من جنات الفردوس أن تكون مثل سحر رمضان، فأين ذهب رمضان؟ وأنى لي بأن تعود أيامي التي وصفت لأعود إليه؟
ذمّ المنازل بعد منزلة اللوى
والعيش بعد أولئك الأيام
إني لا أشتهي شيئاً إلا أن أعود طفلاً صغيراً لأستمتع بجو المسجد في رمضان وأنشق هواءه وأتذوق نعيمه. لم أعد أجد هذا النعيم، وما تغيرت أنا أفتغيرت الدنيا؟
إني لأتلفت أفتش في غربتي عن رمضان فلا ألقاه لا في المسجد ولا في السوق ولا في المدرسة، فهل مات رمضان؟
إذن فإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد فقدت أنس قلبي يوم فقدت أمي، وأضعت راحة روحي يوم افتقدت رمضان، فعلى قلبي وأمي ورمضان وروحي رحمة الله وسلامه!
 

28 - أغسطس - 2010
الرمضاني
شهر القرآن ، شهر الصيام ، شهر العتق من النيران، شهر إصلاح البين، شهر التسامح.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

من هم الذين قالوا: ربنا الله ثم استقاموا؟:
" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" {الأحقاف46/13}
" أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
 {46/14}
ما تضمنته هذه الآية الكريمة مما أعده الله في الآخرة للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، ذكره الله تعالى في الجملة، في قوله في الأحقاف:
إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الأحقاف: 13ـ14]؛ لأن انتفاء الخوف والحزن والوعد الصادق بالخلود في الجنة المذكور في آية الأحقاف هذه، يستلزم جميع ما ذكر في هذه الآية الكريمة، من سورة فصلت" ( الشنقيطي).
" حدثنا عمران بن بكار الكُلاعي، قال: ثنا أبو روح، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، نحوه.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال قال أبو هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" قالَ اللّهُ تَعالى: يَسُبُّ ابْنُ آدَمَ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بِيَدِي اللَّيْلُ والنَّهارُ "
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
" يَقُولُ اللّهُ اسْتَقْرَضْتُ عَبْدِي فَلَمْ يُعْطِني، وَسَبَّنِي عَبْدِي يَقُولُ: وَادَهْراهُ، وأنا الدَّهْرُ "
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن الزهريّ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:
" إنَّ اللّهَ قالَ: لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: يا خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فإنّي أنا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنهارَهُ، وَإذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُما "
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن هشام، عن أبي هريرة قال:
" لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فإنَّ اللّهَ هُوَ الدَّهْرُ " ( ابن عجيبة).

29 - أغسطس - 2010
الرمضاني
وصية الله سبحانه وتعالى للإنسان.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

وصية الله – سبحانه – للإنسان:
" وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" {46/15}
" أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ" {46/16}
" يقول الحق جلّ جلاله: { ووصينا الإِنسانَ } بأن يُحسن { بوالديه حُسناً } وقرأ أهل الكوفة
{ إحساناً } وهما مصدران، وقرئ: " حَسَناً " بفتح الحاء والسين، أي: يفعل بهما فعلاً حَسَناً، أو: وصينا إيصاءً حَسَاناً، { حملته أُمه كُرْهاً ووضعته كُرهاً } أي: حملته بكُرْهٍ ومشقة، ووضعته كذلك، وذكره للحث على الإحسان والبرور بها، فإن الإحسان إليها أوجب، وأحق من الأب، ونصبهما على الحال، أي: حملته كارهة، أو: ذات كُره، وفيه لغتان؛ الفتح والضم، وقيل: بالفتح مصدر، وبالضم اسمه. { وحَمْلُه وفِصَالُه } أي: ومدةُ حمله وفصاله، وهو الفطام. وقرأ يعقوبُ: " وفصله " وهما لغتان كالفَطْم والفطام، { ثلاثون شهراً } لأن في هذه المدة عُظَّم مشقة التربية، وفيه دليل على أن أقل مدة ستةُ أشهر؛ لأنه إذ حُط منه لفطام حولان، لقوله تعالى:
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ }[البقرة: 233] يبقى للحمل ستة، قيل: ولعل تعيين أقل مدة الحمل، وأكثر مدة الرضاع لانضباطهما، وارتباطِ النسب والرضاع بهما.
{ حتى إِذا بلغ أشُدَّه } أي: اكتهل، واستحكم عقله وقوته، وانتهت قامته وشبابه، وهي ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين، وقال زيد بن أسلم: الحلم، وقال قتادة: ستة وثلاثون سنة، وهو الراجح، وقال الحسن: قيام الحجة عليه. { وبلغ أربعين سنة } وهو نهاية الأشدّ، وتمام العقل، وكمال الاستواء.
قيل: لم يُبعث نبيّ إلا بعد الأربعين، قال ابن عطية: وإنما ذكر تعالى الأربعين، لأنها حدّ الإنسان في فلاحه ونجاته، وفي الحديث
" إن الشيطان يمدّ يده على وجه مَن زاد على الأربعين ولم يتب، فيقول: بأبي وَجْهٌ لايُفلح " هـ. ومن حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم: " مَن بلغ أربعين سنة أمّنه الله من البلايا لثالث: الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين خفّف الله عنه الحساب، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة كما يُحب، فإذا بلغ سبعين سنة غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وشفع في أهل بيته، وناداه منادٍ من السماء: هذا أسير الله في أرضه " وهذا في العبد المقبل على الله. والله تعالى أعلم. وقُرئ: " حتى إذا استوى وبلغ أشُدَّه ".
{ قال ربِّ أوزعني } أي: ألهمني { أن أشكر نعمتك التي أنعمتَ عليَّ } من الهداية والتوحيد، والاستقامة على الدين، { وعلى والديَّ } كذلك، وجمع بين شكر النعمة عليه وعلى والديه؛ لأن النعمة عليهما نعمةٌ عليه، { وأنْ أعمل صالحاً ترضاه } التنكير للتفخيم والتكثير، قيل: هو الصلوات الخمس، والعموم أحسن، { وأَصْلِحْ لي في ذُريتي } أي: واجعل الصلاة سارياً في ذريتي راسخاً فيهم، أو: اجعل ذريتي مَوقعاً للصلاح دائماً فيهم، { إِني تُبتُ إِليك } من كل ذنب، { وإِني من المسلمين } الذين أخلصوا لك أنفسهم، وانقادوا إليك بكليتهم. قال عليّ رضي الله عنه: نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، ولم تجتمع لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين مَن أسلم أبواه غيره، وأوصاه الله بهما. هـ. فاجتمع لأبي بكر إسلام أبي قحافة وأمه " أم الخير " وأولاده: عبد الرحمن، وابنه عتيق، فاستجاب الله دعاءه في نفسه وفي ذريته، فإنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان وثلاثين سنة، ودعا لهم وهو ابن أربعين سنة. قال ابن عباس: أعتق أبو بكر تسعةً من المؤمنين، منهم: بلال، وعامر بن فهيرة، ولم يُرد شيئاً من الخير إلا أعانه الله عليه. هـ.
قال ابن عطية: معنى الآية: هكذا ينبغي للإنسان أن يكون، فهي وصية الله تعالى للإنسان في كل الشرائع، وقول مَن قال: إنها في أبي بكر وأبويه ضعيف، لأن هذه نزلت في مكة بلا خلاف، وأبو قُحافة أسلم يوم الفتح. هـ. قلت: كثيراً ما يقع في التنزيل تنزيل المستقبل منزلة الماضي، فيُخبر عنه كأنه واقع، ومنه:
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَآءِيلَ }[الأحقاف: 10] ووَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ }[فصلت:6، 7] وهذه الآية في إسلام إبي قحافة. والله تعالى أعلم.
{ أولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا } من الطاعات، فإن المباح لا يُثاب عليه إلا بنية صالحة، فإن يَنقلِب حينئذ طاعة، وضمّن " يتقبل " معنى يتجاوز، فعدّاه بعَن؛ إذ لا عمَلَ يستوجبُ القبول، لولا عفوُ الله وتجاوزه عن عامله، إذ لا يخلو عمل من خلل أو نقص، فإذا تجاوز الحق عن عبده قَبِلَه منه على نقصه، فلولا حلمه تعالى ورأفته ما كان عملٌ أهلاً للقبول. { ويتجاوز عن سيائتهم } فيغفر لهم، { في } جملة { أصحاب الجنة } كقولك: أكرمني الأمير في نار من أصحابه، أي: أكرمني في جملة مَن أكرمهم، ونظمني في سِلكِهمْ ومحله: نصب على الحال، أي: كائنين في أصحاب الجنة، ومعدودين فيهم، { وَعْدَ الصِّدق } أي: وعدهم وعداً صدقاً، فهو مصدر مؤكد، لأن قوله: { يتقبل ويتجاوز } وعد من الله تعالى لهم بالتقبُّل والتجاوز، { الذي كانوا يُوعدون } في الدنيا على ألسنة الرسل عليهم السلام.
الإشارة: لمَّا كانت تربية الأبوين مظهراً لنعمة الإمداد بعد ظهور نعمة الإيجاد وصّى الله تعالى بالإحسان إليهما، وفي الحقيقة: ما ثمَّ إلا تربيةُ الحق، ظهرت في تجلِّي الوالدين، قذف الرأفة في قلوبهما، حتى قاما بتربية الولد، فالإحسان إليها إحسان إلى الله تعالى في الحقيقة. وقال الورتجبي: وصى الإنسانَ بالإحسان إلى أبويه، لأنهما أسباب وجوده، ومصادر أفعال الحق بَدَا منهما بدائعُ قدرته، وأنوارُ ربوبيته، فحُرمتهما حرمة الأصل، ومَن صبرَ في طاعتهما رزقه الله حُسنَ المعاشرة على بساط حُرمته وقُربته.
قال بعضهم: أوصى اللّهُ العوام ببر الوالدين لِما لهما عليه من نعمة التربية والحِفظ، فمَن حفظ وصية الله في الأبوين، وفّقه بركةُ ذلك، لحِفظِ حرمات الله، وكذلك رعاية الأوامر والمحافظةُ عليها تُوصل بركتُها بصاحبها إلى محل الرضا والأنس. قال القشيري: وشر خصال الولد: التبرُّم بطول حياتهما، والتأذي بما يجب من حقهما، وعن قريب يموت الأصل، وقد يبقى النسل، ولا بد ان يتبعَ الأصل. هـ. أي: فيعق إن عقّ أصله، ويبر إن بر، وفي الحديث:
" برُّوا آباءَكُمء تبركمْ أبناؤكم " ثم قال: ولقد قالوا في هذا المعنى وأنشدوا:
رُوَيْدَكَ إنَّ الدَّهْرَ فيه كفاية
   
لِتَفْرِيق ذات البَيْنِ فارتقِبِ الدَّهرا
 
" وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ" {46/17}
"ثم ذكر وبال عقوقهما، فقال: { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ }.قلت: { والذي قال } مبتدأ، وخبره: { أولئك الذين حقَّ عليهم القول } ، والمراد بـ " الذي قال " الجنس، ولذلك جمع الخبر.
يقول الحق جلّ جلاله: { والذي قال لوالديه } عند دعوتهما إلى الإيمان: { أُفًّ لكما } وهو صوت يصدر عن المرء عند تضجُّره، وقَنَطِه، واللام لبيان المؤفّف، كما في " هيتَ لك " وفيه أربعون لغة، مبسوطة في محلها، أي: هذا التأفيف لكما خاصة، أو لأجلكما دون غيركما.
وعن الحسن: نزلت في الكافر العاقّ لوالديه، المكذِّب بالبعث، وقيل: نزلت في عبد الرحمن ابن أبي بكر رضي الله عنه، قبل إسلامه. وأنكرت عائشة رضي الله عنها ذلك، وقالت: والله ما نزل في آل أبي بكر شيئاً من القرآن، سوى براءتي، ويُبطل ذلك قطعاً: قوله تعالى: { أولئك الذين حق عليهم القول } لأنَّ عبد الرحمن بن أبي بكر أسلم، وكان من فضلاء الصحابة، وحضر فتوحَ الشام، وكان له هناك غناء عظيم، وكان يسرد الصيامَ. قال السدي: ما رأيت أعبد منه.هـ. وقال ابن عباس: نزلت في ابنٍ لأبي بكر، ولم يسمه، ويرده ما تقدّم عن عائشة، ويدل على العموم: قوله تعالى: { أولئك الذين حقّ عليهم القول } ، ولو أراد واحداً لقال: حق عليه القول.

ثم قال لهما: { أَتعدانِني أن أُخْرَج } أي: أُبعث وأُخرج من الأرض، { وقد خَلَت القرونُ من قبلي } ولم يُبعث أحد منهم، { وهما يستغيثانِ اللّهَ } يسألانه أن يُغيثه ويُوقفه للإيمان، أو يقولان: الغِياث بالله منك، ومن قولك، وهو استعظام لقوله، ويقولان له: { وَيْلكَ } دعاء عليه بالثبور والهلاك، والمراد به: الحث والتحريضُ على الإيمان، لا حقيقة الهلاك، { آمِنْ } بالله وبالبعث
 { إِنَّ وعدَ الله } بالبعث والحساب { حَقٌّ } لا مرية فيه، وأضاف الوعد إليه - تعالى - تحقيقاً للحق، وتنبيهاً على خطئه، { فيقول } مكذّباً لهما: { ما هذا } الذي تسميانه وعْد اللّهِ { إلا أساطيرُ الأولين } أباطيلهم التي سطروها في كتبهم، من غير أن يكون له حقيقة.
{ أولئك الذين حقَّ عليهم القولُ } وهو قوله تعالى لإبليس:

لأَمَّلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }[الأعراف: 18] كما يُنبئ عنه قوله تعالى: { في أمم قد خلت مِن قبلهم من الجن والإنس } أي: في جملة أمم قد مضت، { إِنهم كانوا خاسرين } حيث ضيّعوا فطرتهم الأصلية، الجارية مجرى رؤوس أموالهم، باتباعهم الشيطان، وتقليداً بآبائهم الضالين.
{ ولكلٍّ } من الفريقين المذكورين، الأبرار والفجار، { درجاتٌ مما عملوا } أي: منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ويقال في جانب الجنة: درجات، وفي جانب النار: دركات، فغلب هنا جانب الخير.
قال الطيبي: ولكلٍّ من الجنسين المذكورين درجاتٌ، والظاهر أن أحد الجنسين ما دلّ عليه قوله:
إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ }[الأحقاف: 13]، والآخر قوله: { والذي قال لوالديه أُف لكما } ثم غلب الدرجات على الدركات، لأنه لمّا ذكر الفريق الأول، ووصفَهم بثباتٍ في القول، واستقامةٍ في الفعْل، وعقَّب ذلك بذكر فريقِ الكافرين، ووصفهم بعقوق الوالدين، وبإنكارهم البعثَ، وجعل العقوقَ أصلاً في الاعتبار، وكرر في القِسم الأول الجزاء، وهو ذكر الجنة مراراً ثلاثاً، وأفْردَ ذكر النار، وأخّره، وذكرَ ما يجمعُهما، وهو قوله: { ولكلٍّ درجات } غلّب الدرجات على الدركات لذلك، وفيه ألا شيء أعظم من التوحيد والثبات عليه، وبر الوالدين والإحسان إليهما، ولا شيء أفحش من عقوق الوالدين، وإنكار الحشر، وفي إيقاع إنكار الحشر مقابلاً لإثبات التوحيد الدلالة على أن المنكر معطل مبطل لحكمة الله في إيجاد العالم.
{ ولنُوفيهم أعمالهم } وقرأ المكي والبصري بالغيب، أي: وليوفيهم الله جزاء أعمالهم، { وهم لا يُظلمون } بنقص ثواب الأولين، وزيادة عقاب الآخرين، واللام متعلقة بمحذوف، أي: وليوفيهم أعمالهم، ولا يظلمهم حقوقهم، فعل ما فعل من ترتيب الدرجات أو الدركات.

الإشارة: عقوق الأساتيذ أقبح من عقوق الوالدين، كما أن برهما أوكد؛ لأن الشيخ أخرجك من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة بالله، والوالدان أخرجاك إلى دار التعب، مُعرض لأمرين، إما السلامة أو العطب، والمراد بالشيخ هنا شيخ التربية، لا شيخ التعليم، فلا يقدّم حقه على حق الوالدين، هذا ومَن يَسّر اللّهُ عليه الجمع بين بِر الوالدين والشيخ فهو كمال الكمال. وبالله التوفيق.
ثم ذكر جزاء العاق المنكر للبعث، فقال: { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ }."
 ( ابن عجيبة).

29 - أغسطس - 2010
الرمضاني
محطة مدارسة لحديث شريف.    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

" مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" : فإذا كان منه ، فهو السنة الحسنة،
ففي الصحيح: " من سنّ في الإسلام سنّة حسنةً كان له أجرها وأجر من عمِل بها بعده، من غير أن يُنقَص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " .
 
* إنه إذا أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ، فهو مردود . أما إذا كان له أصل من الشرع ، فلا يُردّ ، بل إنه السنة الحسنة .
* إذا أحيا المسلمون ليلة النصف من شعبان بقراءة القرآن والذكر والصلاة النافلة كما فعل التابعون ، فهذا من السنة الحسنة ، وإذا صاموا يوم النصف من شعبان ، فهذا من السنة الحسنة ، لماذا ؟ لأنّ لهذا أصلاً في الشريعة : قراءة القرآن، و ذكر الله سبحانه وتعالى ...ثم أليس الخامس عشر من أيام البِيض ؟ بلى . أما قولهم : هذا لم يفعله رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، فإنه ينبغي التريث أمامه ؛ فإن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه لم يقل: عليكم بسنتي فقط ، بل قال : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،عضوا عليها بالنواجذ... ذلك أمره ( عليكم : اسم فعل أمر : التزموا)، فإذا ثبت أن عمر بن الخطاب قد قنت في صلاة الفجر ،وأنه لم يكن يحط يديه مالم يمسح بهما وجهه، فيكون مخطئاً من خطأ مَن يقنت ، وإذا ثبت أن عثمان بن عفان كان يقبّل القرآن قبل تلاوته وبعدها ، فيكون جاهلاً من يبدّع إخوانه تحت معلومة : لم يفعلها رسول الله ، وهل كان المصحف كتاباً يفتحه رسول الله ويقرؤه؟
 
* في المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة موسوعات فقه الخلفاء الراشدين ، طبعت قبل ستَ عشْرةَ سنة ... كان ينبغي لطلبة العلم الشرعي أن يقرؤوها، وعليهم أن يتدارسوها؛ ليصححوا كثيراً مما هم واقعون فيه وواهمون من تعجل في إطلاق الأحكام...
اللهم علّمنا ، وفهّمنا ، وجنّبنا التعصب لرأي واحد من دولة واحدة ؛ تحت مقولة : ههنا الحق ، وهناك البدع!!!!

29 - أغسطس - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
 247  248  249  250  251