البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 244  245  246  247  248 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
استنتاجان....    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

اجتماع واقتصاد، وسياسة :
" لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ "{قريش106/1}
" إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ" {106/2}
" فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ" {106/3}
" الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ" {106/4}
" هذه الآيات تشير إلى استتباب الأمن وانتفاء الخوف ، وهما أساس الحرية السياسية . ووفرة الأقوات وسهولة التبادل ، وهما أساس الحرية الاقتصادية " ( نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم ، للشيخ محمد الغزالي ، ص 542).
" تنبيه: في قوله تعالى: { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } ، ربط بين النعمة وموجبها، كالربط بين السبب والمسبب.
ففيه بيان لموجب عبادة الله تعالى وحده، وحقه في ذلك على عباده جميعاً، وليس خاصاً بقريش. وهذا الحق قرره أول لفظ في القرآن، وأول نداء في المصحف، فالأول قوله تعالى:

ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }[الفاتحة: 2]، كأنه يقول هو سبحانه مستحق للحمد، لأنه رب العالمين، أي خالفهم ورازقهم، وراحمهم إلى آخره.والثاني:يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ }
[البقرة: 21]. ثم بين الموجب بقوله:ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }[البقرة: 21].
ثم عدد عليهم نعمه بقوله:
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَاشاً وَٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ }[البقرة: 22].
فهذه النعم تعادل الإطعام من جوع، والأمن من خوف، في حق قريش، ومن ذلك قوله تعالى:
إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ }[الكوثر: 1-2].
وقد بين تعالى أن الشكر يزيد النعم والكفر يذهبها، إلا ما كان استدراجاً، فقال في شكر النعمة:
لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ }[إبراهيم: 7]. وقال في الكفران وعواقبه:وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }[النحل: 112].
وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفراداً وجماعات، أن يقابلوا نعم الله بالشكر، وأن يشكروها بالطاعة والعبادة لله، وأن يحذروا كفران النعم.
تنبيه آخر: في الجمع بين إطعامهم من جوع وآمنهم من خوف، نعمة عظمى لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معاً، إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وتكمل النعمة باجتماعهما.ولذا جاء الحديث
" من أصبح معافى في بدنه، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فقد اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها ".
تنبيه آخر:إن في هذه السورة دليلاً على أن دعوة الأنبياء مستجابة، لأن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دعا لأهل الحرام بقوله:فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ }[إبراهيم: 37]. وقال:رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ }[البقرة: 129]، فأطعمهم الله من جوع وآمنهم من خوف، وبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته." ( الشنقيطي).

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
التبني حرام ، وفلسفته من وساوس الشيطان.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

التبني حرام :
"ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب33/5}
                                      " حكمة التشريع
" بدعة التبني في الجاهلية "
أشرقت شمس الإسلام على الإنسانية، والأمة العربية لا تزال تتخبّط في ظلمات الجاهلية، وتعيش في ضلالات وأوهام، وتعتقد بخرافات وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان، هي من بقايا مخلّفات (العصر الجاهلي) التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.
وما كان الإسلام ليتركهم في ضلالهم يتخبَّطون، وفي سَكْرتهم يعمهون دون أن ينقذهم مما هم فيه من سفهٍ، وجهالة، وكفر، وضلالة!!
فكان من رحمة الله تعالى أن انتشل الأمة العربية، من أوحال الجاهلية. وخلّصها من تلك العقائد الزائغة، والأوهام الباطلة، وغذاها بلَبَان الإيمان، حتى أصبحت خير أُمّة أُخْرجت للناس.
ولقد كانت (بدعة التبنّي) من أظهر بدع الجاهلية، وتفشّت هذه البدعة حتى أصبحت ديناً متوارثاً، لا يمكن تعطيله أو تبديله لأنه دين الآباء والأجداد،
إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }[الزخرف: 23].
كان العربي في الجاهلية. يتبنّى الرجل منهم ولد غيره، فيقول له: (أنتَ ابني أرثك وترثني) فيصبح ولده وتجري عليه أحكام البنوّة كلها. من الإرث، والنكاح، والطلاق، ومحرمات المصاهرة، وغير ذلك مما يتعلق بأحوال الابن الصلبي على الوجه الشرعي المعروف.
ولحكمةٍ يريدها الله عزّ وجلّ ألهم نبيّه الكريم - قبل البعثة والنبوة - أن يتبنى أحد الأبناء. جرياً على عادة العرب في التبني. ليكون ذلك تشريعاً للأمة في إنهاء التبني. وإبطال تلك البدعة المنكرة، التي درج عليها العرب ردحاً طويلاً من الزمن.
فتبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الأبناء، هو (زيد بن حارثة) وأصبح الناس منذ ذلك الحين يدعونه (زيد بن محمد) حتى نزل القرآن الكريم بالتحريم فتخلّى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تبنّيه، وعاد نسبه إلى أبيه فأصبح يدعى زيد بن حارثة بن شرحبيل.أخرج البخاري ومسلم في " صحيحهما " عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
" إنّ زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما كنّا ندعوه إلاّ زيد بن محمد، حتى نزل القرآن { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ } فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت زيد بن حارثة بن شرحبيل ".
أما سبب تبنّيه عليه السلام لزيد قبل البعثة - مع كراهته الشديدة لعادات الجاهلية - فهو لحكمةٍ يريدها الله، ولقصةٍ من أروع القصص حدثت معه عليه الصلاة والسلام.
وخلاصة القصة: أنّ زيداً كان مع أمه عند أخواله من بني طييء، فأغارت عليهم قبيلة من قبائل العرب، فسلبتهم أموالهم وذراريهم - على عادة أهل الجاهلية في السلب والنهب - فكان زيد من ضمن من سُبي فقدموا به مكة فباعوه، فاشترته السيدة
(خديجة بنت خويلد) فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُعْجِبَ بنبوغه وذكائه، فوهبته له فبقي عند رسول الله عليه السلام يخدمه ويرعى شؤونه.
وكان أبوه (حارثة بن شرحبيل) بعد سبيه يبكي عليه الليل والنهار، وينشد فيه الأشعار، وقد ذكر العلامة القرطبي قصيدةً طويلة من شعر حارثة في الحنين لولده مطلعها:
بكيتُ على زيدٍ ولم أدرِ ما فعل
   
أحيٌ يُرَجّى أم أتى دونه الأجلُ
تُذكّرُنِيْهِ الشمسُ عند طُلوعِها
   
وتَعْرضُ ذِكْراه إذا غرْبُها أفل
وبلغ (حارثةَ) الخبرُ بأنّ ولده عند محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، فقدم مع عمه، حتى دخل على رسول الله، فقال يا محمد: إنكم أهل بيت الله، تفكّون العاني وتطعمون الأسير، ابني عندك فامنن علينا فيه، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيّد قومه، ولك ما أحببت من المال في فدائه!!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيكم خيراً من ذلك، قالوا ما هو؟ قال: أخيّره أمامكم، فإن اختاركم فهو لكم بدون فداء، وإن اختارني فما أنا بالذي أرضى على من اختارني فداءً، فقالوا: أحسنتَ فجزاك الله خيراً.
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا زيد: أتعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي، وهذا عمي، فقال يا زيد: هذا أبوك، وهذا عمك، وأنا من عرفت، فاختر من شئت منا، فدمعت عينا زيد وقال: ما أنا بمختارٍ عليك أحداً أبداً، أنت مني منزلة الوالد والعم.
فقال له أبوه وعمه: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية؟ فقال زيد: لقد رأيت من هذا الرجل من الإحسان، ما يجعلني لا استيطع فراقه وما أنا بمختار عليه أحداً أبداً.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس وقال: اشهدوا أنّ زيداً ابني أرثه، ويرثني.. فطابت نفس أبيه وعمه لما رأوا من كرامة زيد عليه صلى الله عليه وسلم. فلم يزل في الجاهلية يدعى (زيد بن محمد) حتى نزل القرآن الكريم. { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ } فدُعي زيد بن حارثة. ونزل قوله تعالى:
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ... }[الأحزاب: 40] الآية.
وانتهى بذلك حكم التبني. وبطلت تلك البدعة المستحدثة بتشريع الإسلام الخالد.".
 (تفسير آيات الأحكام/ الصابوني).

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
هذا نصر الله    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

نصر الله:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" {محمد47/7}.
" يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، إن تنصروا الله ينصركم بنصركم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر به وجهادكم إياهم معه لتكون كلمته العُليا ينصركم عليهم، ويظفركم بهم، فإنه ناصر دينه وأولياءه. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكمْ } لأنه حقّ على الله أن يعطي من سأله، وينصر من نصره.
وقوله: { وَيُثَبِّتْ أقْدَامَكُمْ } يقول: ويقوّكم عليهم، ويجرّئكم، حتى لا تولوا عنهم، وإن كثر عددهم، وقلّ عددكم " ( الطبري).
" روى البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا " ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } كقوله عز وجل:
وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ }[الحج: 40] فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى:
{ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } كما جاء في الحديث: " من بلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله تعالى قدميه على الصراط يوم القيامة " ( ابن كثير).
" والمراد بنصر المؤمنين لله - تعالى - نصرهم لدينه، بأن يستقيموا على أمره ويتبعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى كل ما أمرهم به أو نهاهم عنه.
والمعنى: يا من آمنتم بالله - تعالى - حق الإِيمان، إن تنصروا دين الله - عز وجل - وتتبعوا رسوله، { يَنصُرْكُمْ } - سبحانه - على أعدائكم { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } عند قتالكم إياهم ويوفقكم بعد ذلك للثبات على دينه، والشكر على نعمه.
وفى معنى هذه الآية، وردت آيات كثيرة، منها قوله - تعالى -:
وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }وقوله - سبحانه -:وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }وقوله - عز وجل -:
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ }.
وبعد هذا النداء الذى يحمل أكرم البشارات للمؤمنين، ذم - سبحانه - الكافرين ذما شديداً، فقال: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ }.
والاسم الموصول مبتدأ وخبره محذوف، و { تَعْساً } منصوب على المصدر بفعل مضمر من لفظه، واللام فى قوله { لَّهُمْ } لتبيين المخاطب، كما فى قولهم: سقيا له، أى: أعنى له يقال: تعس فلان - من باب منع وسمع - بمعنى هلك.
قال القرطبى ما ملخصه وقوله: { تَعْساً لَّهُمْ } نصب على المصدر بسبيل الدعاء، مثل سقيا له.. وفيه عشرة أقوال: الأول: بعداً لهم. الثانى: حزنا لهم.. الخامس) هلاكا لهم.. يقال: تعسا لفلان، أى ألزمه الله هلاكا. ومنه الحديث الشريف:
" تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة. إن أعطى رضى، وإن لم يعط لم يرض ". وفى رواية: " تعس وانتكس، وإذا شيك - أى أصابته شوكة - فلا انتقش " أى: فلا شفى من مرضه.
والمعنى: والذين كفروا فتعسوا تعسا شديدا، وهلكوا هلاكا مبيراً، وأضل الله - تعالى - أعمالهم، بأن أحبطها ولم يقبلها منهم، لأنهم صدرت عن نفوس أشركت مع خالقها ورازقها آلهة أخرى فى العبادة.
فقوله: { وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } معطوف على الفعل المقدر الذى نصب به لفظ " تعسا " ودخلت الفاء على هذا اللفظ، تشبيها للاسم الموصول بالشرط.
ثم بين - سبحانه - الأسباب التى أدت بهم إلى الخسران والضلال فقال: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }.
أى: ذلك الذى حل بهم من التعاسة والإِضلال بسبب أنهم كرهوا ما أنزله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من قرآن يهدى إلى الرشد، فكانت نتيجة هذه الكراهية، أن أحبط الله أعمالهم الحسنة التى عملوها فى الدنيا كإطعام وصلة الأرحام.. لأن هذه الأعمال لم تصدر عن قلب سليم، يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
ثم وبخهم - سبحانه - على عدم اعتبارهم بما فى هذا الكون من عبر وعظات فقال: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }." ( طنطاوي).
 
الله مولى الذين آمنوا:
" ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ" {محمد47/11}
" قولُه تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }؛ أي ذلك النَّصرُ للمؤمنين والهلاكُ للكافرين بأنَّ الله ولِيُّ الذين آمَنُوا يلِي أمرَهم ويتولَّى نصرَهم، { وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ }؛ أي ليس لَهم ولِيٌّ يُعِينُهم ولا ناصرَ يُنْجِيهم من العذاب" ( الطبراني).
" قال قتادة: نزلت هذه الآية يوم أُحُد، ومنها انتزع رسول الله صلى الله عليه وسلم رده على أبي سفيان حين قال: «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم»، حين قال المشركون: إن لنا عزى، ولا عزى لكم." ( أبو حيان).
" قوله تعالى: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا... } الخ، قال القشيري: المَوْلَى: المحِبُّ، فهو محب الذين آمنوا، والكافرين لا يُحبهم، ويصح أن يُقال: أرجى آيةٍ في القرآن هذه الآية، لم يقل مولى الزُهّاد والعُبّاد وأصحاب الأورادِ والاجتهاد: بل قال: { مولى الذين آمنوا } والمؤمن وإن كان عاصياً فهو من جملتهم. هـ. والمحبة تتفاوت بقدر زيادة الإيمان والإيقان حتى يصير محبوباً مقرباً." ( ابن عجيبة).

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
شهر رمضان والبناء النفسي    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

دور شهر رمضان في البناء النفسي للمسلم
الاربعاء 14 رمضان 1428 الموافق 26 سبتمبر 2007
 
دور شهر رمضان في البناء النفسي للمسلم

د. غازي التوبة
لقد فرض الله الصيام على المسلم في الثاني من شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة فقال تعالى: (يا أيها الذين آمَنوا كُتِبَ عليكم الصيامُ كما كُتِبَ على الذين مِن قَبْلِكم لعلّكم تَتَّقونَ) [البقرة:183]، وقد ربط الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بشهر رمضان فقال: (شهرُ رمضانَ الذي أُنْزِلَ فيه القرآنُ هُدىً للناسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ فَمَن شَهِدَ منكُمُ الشهرَ فَلْيَصُمْهُ ومَن كان مريضاً أو على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مَنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة:185]، والأرجح أنّ نزوله كان في ليلة القدر التي ازدادت شرفاً ورفعةً ومكانةً وقدراً بنـزول القرآن الكريم فقال سبحانه وتعالى: (إنّا أَنْزَلناهُ في ليلةِ القَدْرِ . وما أَدْراكَ ما ليلةُ القَدْرِ . ليلةً القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهرٍ . تَنَزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذْنِ ربّهِمْ مِن كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هي حتى مَطْلَعَ الفَجْرِ). [القدر:1-5]، وقال سبحانه وتعالى أيضاً عن ليلة القدر: (إنّا أَنْزَلْناهُ في ليلةٍ مُباركةٍ إنّـا كنّا مُنْذِرينَ . فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ . أَمْراً مِنْ عندنا إنّا كنّا مُرْسِلينَ) (الدخان:3-5) ، لذلك كان شهر رمضان شهر مدارسة القرآن عند الرسول ـ صلى الله وعليه وسلم ـ ، وكان يتدارسه مع جبريل عليه السلام ، فقد نقل البخاري عن ابن عبّاس رضي الله عنه فقال: "كان رسول الله صلى الله وعليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله وعليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة". لذلك اقتدى المسلمون برسولهم، وكان شهر رمضان بالنسبة لهم شهر تلاوة القرآن ومدارسته، واستحب جمع من أهل العلم ختم القرآن الكريم في صلاة التراويح ليسمع الناس جميع القرآن الكريم، ويُسنّ القيام في شهر رمضان للرجال والنساء، فقد روى الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله وعليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة فيقول: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه". ورووا إلاّ الترمذي عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: صلّى النبي صلى الله وعليه وسلم في المسجد، فصلّى بصلاته ناس كثير، ثم صلّى القابلة فكثروا، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: "قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أني خشيت أن تُفرض عليكم" وذلك في رمضان.
ويُسنّ الاجتهاد في العشر الأواخر بالقيام وتلاوة القرآن الكريم، كما كان يفعل الرسول صلى الله وعليه وسلم. فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة- رضي الله عنها -أنّ النبي صلى الله وعليه وسلم: "كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشدّ المِئْزَر"وفي رواية لمسلم: "كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره". وروى الترمذي في سننه عن علي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله وعليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر، ويرفع المئزر" .
إذن يقوم رمضان على ثلاثة محاور: الصيام، وتلاوة القرآن، وقيام الليل، فكيف تبني هذه المحاور نفسية المسلم؟ ولنبدأ أولاً بالصيام.
أولاً: الصيام :
يبني الصيام حب الله سبحانه وتعالى في نفسية المسلم ، فعندما يمتنع المسلم عن محبوبين إلى نفسه، لصيقين بذاته وهما: الطعام والنساء من أجل محبوب أعظم هو اللهسبحانه وتعالى، لا شك أنّ هذا ينمي حب الله سبحانه وتعالى في ذات المسلم، ويجعله يرتقي إلى مستوى عالٍ من الشفافية وسمو النفس وقوة الإرادة.
وكذلك يبني الصيام الرجاء في نفسية المسلم، فهو عندما يصوم يرجو من الله الأجر العظيم، لأنّ الصيام له سبحانه وتعالى وهو يجزي به.فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله وعليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفس محمد بيده لخَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا فطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه". (رواه أحمد ، ومسلم ، والنسائي).
كما يرجو الصائم أن يشفع له الصيام والقرآن، فقد روى عبد الله بن عمرو أنّ النبي صلى الله وعليه وسلم قال :"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفّعني به، ويقول القرآن منعته النوم بالليل، فشفّعني به، فيُشفّعان" .(رواه أحمد بسند صحيح).
كما يرجو المسلم أن يبعده الله عن النار بصيامه، فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله وعليه وسلم قال: "لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلاّ باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفاً" (رواه الجماعة إلا أبا داود).
كما يرجو المسلم أن يدخل الجنّة من باب الريّان مع الصائمين، فقد روى سهيل بن سعد أنّ النبي صلى الله وعليه وسلم قال: "إنّ للجنة باباً يُقال له: الريّان، يُقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم، أُغلق ذلك الباب" (رواه البخاري ومسلم).
كما يبني الصيام تقوى الله، وتتولّد تلك التقوى من امتناع المسلم الصائم عن الإقدام على قضاء شهوتي الفرج والبطن مع قدرته على ذلك خوفاً من عقاب اللهسبحانه وتعالى ، ويأتي ذلك مصداقاً لقوله :سبحانه وتعالى ( يا أيّها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيامُ كما كُتِبَ على الذين مِن قبلِكُم لعلكم تَتَّقونَ) [البقرة:183].
ثانياً: القرآن الكريم:
لا شك أنّ سماع المسلم لآيات القرآن الكريم في صلاتي التراويح والقيام ستكون ذا أثر في بنائه النفسي، وأبرز هذه الآثار هي:
1- الاعتبار والاتعاظ بما يسمعه من القصص القرآني حول دعوة الأنبياء للأمم السابقة، ونجاة المؤمنين وهلاك الكافرين، ويأتي كل ذلك مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: (يا أيّها الناسُ قد جاءَتْكُم موعظةٌ مِن ربّكُم وشِفاءٌ لما في الصدورِ وهُدًى ورحمةٌ للمؤمِنينَ) [يونس:57].
2- خشية القلب ووَجَله من صور العذاب التي تصفها آيات الله المَتْلُوَّة، ورجاؤه وشوقه إلى الجنة التي يسمع صفاتها، وقد وصف الله سبحانه وتعالى حال أولئك الخاشعين الراجين فقال سبحانه وتعالى: (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ منه جُلودُ الذين يخشَوْنَ رَبَّهُمْ ثم تَلينُ جُلودُهُمْ وقُلوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللهِ ذلك هُدى اللهِ يهدي بهِ مَن يشاءُ ومَن يُضْلِلِ اللهُ فما لهُ مِنْ هادٍ) [الزمر:23].
3- الهدى والنور اللّذانِ يتولّدان في قلب المسلم عندما يسمع آيات القرآن الكريم تتحدث عن صفات الله العظيمة، وقدرته الخارقة، ورحمته الواسعة، وسبل إرضائهسبحانه وتعالى، وعن الحلال والحرام، ويأتي ذلك موافقاً لقوله سبحانه وتعالى: (قد جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نورٌ وكِتابٌ مُبينٌ . يَهْدي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النورِ بِإِذْنِهِ ويَهْديهِمْ إلى صِراطٍ مُستقيم) [المائدة:15-16].
ثالثاً: القيام :
لاشك أنّ أداء المسلم لقيام رمضان سيكون له أثر في بنائه النفسي وأبرزها:
1- تعظيم الله سبحانه وتعالى: فعندما يكابد المسلم شهوة النوم، ويتغلّب عليها، ويقف بين يدي الله، طالباً رحمته، آملاً بمغفرته لاشك أنّ هذا سيولّد عنده تعظيم الله سبحانه وتعالى.
2- الخضوع لله سبحانه وتعالى : عندما يقف المسلم بين يدي ربه في العشر الأواخر من رمضان في الثلث الأخير من الليل، ويجتهد في قيامه وركوعه وسجوده وتلاوته القرآن الكريم، لاشك أنّ هذا سيولّد عنده الخضوع للهسبحانه وتعالى ، لأنّه يمتثل قول ربه : سبحانه وتعالى (يا أيّها المُزَّمِّلُ . قُمِ الليلَ إلاّ قليلاً . نِصْفَهُ أو انْقُصْ منهُ قليلاً . أو زِدْ عليهِ ورَتِّلِ القرآنَ تَرْتيلاً . إنّا سَنُلْقي عليك قَوْلاً ثَقيلاً . إنَّ ناشِئَةَ الليلِ هي أَشَدُّ وَطْئاً وأَقْوَمُ قِيلاً) [المزّمل:1-6].
ليس من شك بأن لشهر رمضان دوراً عظيماً في البناء النفسي للمسلم، وقد طوّفنا في السطور السابقة ببعض المعاني التي يمكن أن يبنيها هذا الشهر الذي يمكن أن نطلق عليه بحق إنه شهر الصيام، وشهر القرآن، وشهر القيام.
( من موقع نوافذ)

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
الذاهبون إلى الله، سبحانه وتعالى.    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

المسافرون إلى الله تعالى
المسافرون إلى الله تعالى

د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه
الحياة سفر، والناس فيها مسافرون، والغاية واحدة: الآخرة. والمنزل اثنان: جنات عدن، ونار جهنم.
كل الناس سائرون إلى الدار الآخرة، بغير اختيارهم.. إنما خيارهم في الطريق:
- فمنهم من يلزم طريق الجنة، فيتخذ: أركانه، وواجباته، وسننه.
- ومنهم من يلزم طريق النار، فيتخذ: سبيله، وموجباته.
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً وَيَصْلَى سَعِيراً، إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً".
وفي الناس غفلة مترسخة، حكى الله تعالى عنها فقال: "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ..." [الأنبياء:1-3]. فلا يذكرون سفرهم هذا، ولا مآلهم، وقد يرون الميت بين أيديهم، فلا تتحرك قلوبهم بذكر ولا موعظة..!!
وقد مضت سنة الله تعالى في عباده: أنه يذكرهم؛ رحمة بهم، وبلاغا، ولعلهم يتقون.
فأقام لهم العلامات، ونصبها لهم؛ لتكون عونا، وتذكرة، فيستذكرون ما هم فيه من رحلة، تمضي ولا تقف، تحصي الأعمار، وتجتزئ منها فلا تكل ولا تمل، فمن تلك العلامات: الحج.
* * *
للحج أركان، وواجبات، وسنن، فأركانه: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، وسعي الحج.
هذه الأربعة أركان الحج، من دونها لا يصح الحج:
- فبدون الإحرام، لا يحصل الدخول في النسك أصلا.
- وبدون الوقوف بعرفة، لا يحصل اللحاق بالحج، وعليه التحلل بهدي وعمرة، والحج من قابل.
- وبدون الطواف، لا يتم الحج، ويبقى عليه التحلل الثاني، لا يحل له الجماع، حتى يأتي به.
- وبدون السعي، لا يتم الحج، ويبقى في الذمة حتى يأتي به.
والحج سفر أصغر، هو مثال للسفر الأكبر: سفر الحياة الدنيا إلى الآخرة. لكنه سفر المؤمن، المتخذ طريق الجنة، دون سفر المتخذ طريق النار.
فكما أن سفر وشعيرة الحج لا تتم إلا بهذه الأركان، فكذلك سفر الدنيا، والقدوم على الله تعالى، ودخول جنات عدن لا تتم إلا بأركان أربعة مثلها:

أركان السفر إلى الجنة.
فالأول: الموت على الإسلام. فبدونه لا يحصل الانتقال، من دار الدنيا إلى دار الآخرة، والدخول إلى الجنة، قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" [آل عمران:185]. ومثاله الإحرام، فما أشبه الإحرام بالموت على الإسلام:
- ففي كليهما يقر الإنسان بالشهادة لله: المحرم يلبي: "لبيك اللهم لبيك"، والميت يلقن الشهادة: "لا إله إلا الله".
- ففي كليهما التجرد من الثياب، والكفن في ثياب بيضاء، غير مخيطة، يلتف بها الإنسان.
- وفي كليهما التطهر، والتنظف، والاغتسال، والتطيب.
- وفي كليهما صلاة تصلى تقربا إلى الله تعالى.
والفرق أن في الإحرام يفعل المحرم كل ذلك بنفسه، أما في الموت فيفعل به كل ذلك إخوانه المؤمنون.
فالإحرام يذكر الحاج مآله ومصيره، في هذه الحياة، كيف يخرج منها من دون شيء، فارغا، إلا من كفنه، وكيف يلقى بيت الله عز وجل مخالفا عادته في الزي، فكذلك يلقاه في زي مخالف لعادته.
والبقاء في الإحرام طيلة حجه، يذكر بهذا الحال غير المعتاد، ليفهم أنها آتية لا ريب، وأن الإعداد لها بعدة تخفف عنه هول ما يستقبل: واجب، كوجوب الإعداد للحج بعدة تخفف من وعثاء السفر.
الثاني: التوبة والاستغفار. فبدونها لا يفوز المرء بالجنة، لأن الخطيئة تحيط به من كل جهة، ولا يسلم منها، فإذا لم يحرقها بالتوبة والاستغفار أحاطت به. قال تعالى: "بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [البقرة:81]. لكن التوبة والاستغفار تفك قيد الخطيئة، وتكسر أغلاله، لينفذ المؤمن إلى رضوان ربه، كما قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" [آل عمران: 135 – 136]. ومثالها الوقوف بعرفة في الحج:
- فالوقوف بعرفة: وقوف بباب المولى بطلب الصفح، والعفو، والمغفرة، يمكث الناس طيلة النهار وجزءا من الليل، يستغيثون المولى جل شأنه: أن يتجاوز عنهم، ويعاملهم بفضله وكرمه، وأن لا يؤاخذهم بما ركبوا، وجنوا، واجترحوا. والله تعالى يستجيب لهم في هذا الموقف، فيقول لملائكته: "انظروا إلى عبادي: أتوني شعثا، غبرا، أشهدكم أني قد غفرت لهم".
- "والحج عرفة"، أي أعظم ركن فيه، فمن فاته فلا حج له، وبدون الاستغفار والتوبة يفوت ثواب الرب ورضاه، ويحل غضبه وسخط. قال تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ" [المنافقون:5].
فهؤلاء المنافقون، كان سبب هلاكهم استكبارهم عن الاستغفار والتوبة.
- " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً" [النساء: من الآية64].
- وقال تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [الأنفال: من الآية33].
فكان سبب امتناع عذابهم استغفارهم.
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب عذاب عبد الله بن جدعان ودخوله النار: "إنه لم يقل يوما من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".
فالوقوف بعرفة يذكر بالتوبة والاستغفار الدائمين، ولزوم الباب حتى يفتح بالرحمة والرضوان، ورفع الغضب والهوان، فمن أطال قرع الباب فتح له، ومن صبر نال الخير.. والحاج يصبر ساعات النهار والليل يطلب الصفح، والعفو، والمغفرة، فكذلك المسافر، المبتغي جوار الرب في الدار الآخرة.
الثالث: تعلق القلب، وملازمة الذكر. فما وصل ولا اتصل، إلا من فرغ قلبه لذكره، وتعلق به حبا، وشوقا، وأنسا، فشرط الإيمان تعلق القلب بالله تعالى، وهو محبته. قال تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ" [البقرة: من الآية165].
والمؤمنون هم الذاكرون، كما قال تعالى:"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ..." [آل عمران: من الآية191].
ومثاله الطواف بالبيت:
- فالطواف لف ودوران، وهو حال المؤمِّل، المتقرب، المحب، المشتاق: يدور حول محبوبه: منزله، وآثاره. المرة تلو المرة، لا يمل، ولا يتعب، ولا ينصرف، حتى ينعم بكلامه، ونظره، ورضاه.
- وفي الطواف يكون الذكر والاستحضار الدائم لمن يطوف له، حيث يفرغ القلب إلا منه، والعقل إلا من التفكر فيه، وفي آلائه، وهو حال الذاكرين الله تعالى كثيرا والذاكرات.
فالطواف عبادة تذكر بأصل الدين ولبه، وهو محبة الله تعالى وذكره، فيطوف حبا، وشوقا، وذكرا. ويتعلم أن هذا هو حال المؤمن في الدنيا، لا يقدم شيئا على مولاه، لا حبا، ولا ذكرا، وهذا حقيقة التلبية:
- "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".
والتي تقال عند الإحرام، ويوم التروية، وعرفة، ومزدلفة، حتى رمي جمرة العقبة يوم العيد، فإن "لَبّ" من قولهم: أَلَبّ بالمكان؛ إذا أقام به والتزمه؛ ومعناه: أنا لازم لك، ومتعلق بك، لزوم المُلِبّ بالمكان، مقبل إليك. فقول: لبيك؛ أي أقبلت إليك، وتوجهت إليك، وانقدت لك.
الرابع: الإخلاص والاستقامة على الطاعة. فالجنة لا يدخلها إلا المخلصون، العاملون على استقامة، كما قال تعالى: "فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" [الكهف: من الآية110]، وقال في العمل: "ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [النحل: من الآية32]، وقال في لزوم الاستقامة: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ" [الأنعام: من الآية153]، وهذا مثاله السعي بين الصفا والمروة:
- فالسعي يكون جيئة وذهابا مرات. وهكذا المخلص يطلب القبول، إن لم يكن في الأولى ففي الثانية، والثالثة.
- والسعي على استقامة. وهكذا طريق الجنة في الدنيا صراط مستقيم غير معوج.
- والسعي فيه طول وصعود ونزول. وهكذا الطريق طويل وشاق، فسلعة الله غالية.
- والسعي فيه سعي شديد بين العلمين. وهكذا الطريق يحتاج إلى مسارعة ومسابقة، في بعضه.
فإذا سعى استدل بسعيه على الطريق، ووصف الطريق، من: إخلاص، واستقامة، وعمل، ومن معنى التلبية: "لييك اللهم لبيك": أنا مقيم على طاعتك، ولازمها، لا أبرح عنها
وهكذا فلا يجتاز سفر الحج، إلى القبول، والثواب، والخروج من الذنوب كيوم ولدته أمه، كما في الأثر، إلا بفعل هذه الأركان الأربعة، فكذلك لا يجتاز سفر الدنيا، إلى جنة المأوى، إلا بفعل هذه الأربعة.
ثم يبقى فعل الواجبات، وترك المحظورات، وقد تسامح في ترك الواجب لعذر، وأوجب فدية، وتسامح في فعل المحظور: نسيانا، أو جهلا، أو اضطرار وكرها. وجعل فيه الكفارة والفدية إذا كان عمدا، وهكذا الأمر في السفرين. فما أشبه سفر الحج بسفر الحياة، وما أسعد من اتعظ، وفهم المعنى، وأدرك المغزى، وما أنزل القرآن إلا للتدبر، والتفكر، قال تعالى:
- "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" [صّ:29]. - "أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [محمد:24].
الأصل الأكبر.
والأصل الأكبر في السفرين: توحيد الله تعالى. هذا الذي أرسلت به الرسل، ونزلت به الكتب، وخلق الله الخلق لأجله، ومايز بين الناس به، وحرم به الدم، والمال، وأدخل به الجنة، هو: إفراد الله تعالى وحده بالعبادة، ونبذ الشرك، وطرائق الشرك، سواء كان عبر الشفاعة، أو التوسل، أو التبرك.
هذا الذي يؤمر به الناس في حياتهم، كي يحصلوا ثواب الله تعالى، ويجتنبوا عقابه، منذ البلوغ حتى الممات، كما قال تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" [الأنعام:162 - 163]، فإذا جاء الحج أكد هذا الأصل بشعائره، ورسخه في النفوس، ورباهم عليه بالمظاهر التالية:
الأول: التلبية. فقد كان المشركون في حجهم يلبون فيقولون: "لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك"، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع هذا الشرك، وأمر الناس أن يقولوا في تلبيتهم: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك"، فهذا شعار التوحيد وكلمته، يردده الحجاج منذ إحرامهم، وسائر أيامهم.
الثاني: القصد. فإن الحج يقصد لوجه الله وحده، لا لأجل فلان وفلان، لا نبي ولا صالح، يخرج الحاج من بلده وأهله، لا يبتغي إلا الله تعالى وحده، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل في قصده، فليس من شروط الحج، ولا من واجباته: زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم. لكنها من المستحبات عموما.
الثالث: الأعمال. كل أعمال الحج تجرى لله تعالى، ليس لأحد حظ فيها، من الأول إلى الآخر: الإحرام، إلى المبيت بمنى، إلى الوقوف بعرفة، ثم المبيت بمزدلفة، ثم الطواف والسعي، ورمي الجمار.
الرابع: الدعاء. كل الأدعية المأثورة في أعمال الحج أدعية خالصة لله تعالى، فيها التوحيد ونفي الشريك، كدعاء الصفا والمروة، كما قال تعالى: "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً" [البقرة: من الآية200]، قال القرطبي: "قال ابن عباس وعطاء والضحاك والربيع: اذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم، وأماتهم: أبه أمه؛ أي فاستغيثوا به، وألجئوا إليه، كما كنتم تفعلون حال صغركم بآبائكم. وقال طائفة: معنى الآية: اذكروا الله، وعظموه، وذبوا عن حرمه، وادفعوا من أراد الشرك في دينه ومشاعره، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم، وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم".
الخامس: لا حظ لمخلوق. ليس في الحج تبرك بمشاهد، أو أضرحة، أو قبور، أو أشخاص، وليس فيه دعاء غير الله تعالى، أو الاستغاثة به، أو التوسل، بل ليس للمخلوق منه إلا الإحسان، بدعاء وعون، فيشرع في الحج: الحج عن ميت، أو عاجز. أو عون ضعيف أو محتاج، فكل حظ للمخلوق في الحج فبالإحسان إليه، وليس فيه أدنى شيء يدل أو يحث على التبرك به، أو التوجه إليه، وقد كان المشركون في حجهم يتفاخرون بآبائهم، ويذكرونهم، فأمر الله تعالى المؤمنين بقوله: "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً" [البقرة: من الآية200]، فأمرهم بذكر الله تعالى أشد من ذكر الآباء، ليعلمهم أن هذا موضع يعظم فيه الرب سبحانه وحده دون غيره. وهذا قول آخر في تفسير الآية.
ففي الحج يتعلم المرء التوحيد خالصا صرفا، ليرجع بعده فيكون كذلك في باقي أيامه، كما كان في حجه.
(من موقع نوافذ الرائع)

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
فتوى/ فتاوٍ ، وفتاوى.    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

السؤال:

     متى يُباح الفطر في رمضان للحامل والمرضع‏؟‏ وما هي مفسدات الصوم عمومًا‏؟‏ وهل يجوز للمرأة أن تتناول الحبوب المانعة للعادة الشهرية حتى تتمكن من صيام رمضان بدون انقطاع‏؟‏
المفتي:
الإجابة:
 
يجوز الإفطار للحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما من أضرار الصيام؛ لأنه يمكن أن الصيام يضعف الغذاء الذي يتغذى به المولود في بطن أمه؛ فإذا كان الأمر كذلك؛ فلها أن تفطر وأن تقضي من أيام أخر وتطعم مع القضاء، وإن خافت على نفسها من الصيام؛ لأنها لا تستطيع الصيام وهي حامل أو لا تستطيع الصيام وهي مرضع؛ فهذه تفطر وتقضي من أيام أخر وليس عليها إطعام‏.‏ هذا ما يتعلق بالحامل والمرضع‏.‏ ويجوز للمرأة تناول الحبوب التي تمنع عنها الحيض من أجل أن تصوم إذا كانت هذه الحبوب لا تضر بصحتها‏
 
السؤال:

     هل يجوز لزوجتي التي ترضع ابني البالغ من العمر عشرة أشهر الإفطار في شهر رمضان ؟
المفتي:
الإجابة:
 
الحمد لله
المرضع ومثلها الحامل لها حالان:
الأولى: أن لا تتأثر بالصيام، فلا يشق عليها الصيام ولا يُخشى منه على ولدها، فيجب عليها الصيام، ولا يجوز لها أن تفطر .
الثانية: أن تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويشق عليها، فلها أن تفطر وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها. وفي هذه الحال الأفضل لها الفطر، ويكره لها الصيام، بل ذكر بعض أهل العلم أنها إذا كانت تخشى على ولدها وجب عليها الإفطار وحرم الصوم .
قال المرداوي في الإنصاف" (7/382) : "يُكْرَهُ لَهَا الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ . . . وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ : إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ , حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ , وَإن لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ" اهـ . باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص161) :
إذا أفطرت الحامل أو المرضع بدون عذر وهي قوية ونشيطة ولا تتأثر بالصيام فما حكم ذلك ؟
فأجاب: لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطرا في نهار رمضان إلا للعذر، فإذا أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم ، لقول الله تعالى في المريض : ( وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . وهما بمعنى المريض وإذا كان عذرهما الخوف على الولد فعليهما مع القضاء عند بعض أهل العلم إطعام مسكين لكل يوم من البر (القمح) ، أو الرز، أو التمر، أو غيرها من قوت الاۤدميين ، وقال بعض العلماء: ليس عليهما سوى القضاء على كل حال ؛ لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل من الكتاب والسنة ، والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها ، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله ، وهو قوي اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أيضاً في فتاوى الصيام (ص162) :
عن الحامل إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وأفطرت فما الحكم ؟ فأجاب: جوابنا على هذا أن نقول: الحامل لا تخلو من حالين:
إحداهما: أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على جنينها ، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم ؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام.
والحال الثانية: أن تكون الحامل غير متحملة للصيام : إما لثقل الحمل عليها ، أو لضعفها في جسمها ، أو لغير ذلك ، وفي هذه الحال تفطر ، لاسيما إذا كان الضرر على جنينها ، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ . وإذا أفطرت فإنها كغيرها ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها ، فإذا وضعت وجب عليها قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس ، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر وهو عذر الإرضاع ، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف الطويلة النهار ، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما فاتك من الصوم اهـ .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/224) :
أما الحامل والمرضع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك الكعبي عن أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح أنه رخص لهما في الإفطار وجعلهما كالمسافر . فعلم بذلك أنهما تفطران وتقضيان كالمسافر ، وذكر أهل العلم أنه ليس لهما الإفطار إلا إذا شق عليهما الصوم كالمريض ، أو خافتا على ولديهما والله أعلم اهـ .
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/226) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس" اهـ
السؤال:

     هل يجوز للمرأة أن تصوم ستاً من شوال قبل أن تقضيَ الأيام التي أفطرتها في رمضان لعذر شرعي مثلاً .
المفتي:
الإجابة:
 
الحمد لله
اختلف العلماء في هذه المسألة، منهم من أجاز أن تصوم الست قبل قضاء الواجب ومنهم من لم يجز ذلك والأحوط للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ بالقضاء، فالذي عليه قضاء يبدأ به قبل الست، هذا هو الأحوط، هذا هو الذي ينبغي، لأن الواجب أهم من النافلة، فالتي عليها قضاء تبدأ به ثم تصوم إن تيسر لها ذلك وإلا فالقضاء أهم، وهكذا الرجل الذي عليه قضاء بسبب مرض أو سفر يبدأ بالقضاء .

17 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
الفطور على رطبات أو تمر أو ماء    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 

18 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
لاإله إلا الله أستغفر الله. اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم


من فطر صائماً
 
 
نعم سحور المؤمن التمر
 
 
أطيب من ريح المسك
 
 
ثلاثة لا ترد دعوتهم
 
 
شهر الرحمة والغفران
 
 
تعجيل الفطر

18 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
بحسب ابن آدم لقيمات: خفف في الفطور ، ووفّر للقيام والسحور.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم


فرصة للعتق من النار
 
 
خفف في الفطور ووفر للقيام و السحور
 
 
أقبل رمضان
 
 
القيام علاج الروح
 
 
اهجرها
 
 
شهر القرآن

18 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
من خصائص شهر القرآن.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

خصائص شهر رمضان

يحيى الزهراني

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلاله وعظمته وقدرته وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي أوجب الصيام في رمضان على عباده، والصلاة والسلام على من سن القيام في رمضان لأصحابه واتباعه.. أما بعد:

فإني أحمد الله إليكم أن بلغنا رمضان لهذا العام، ولا يخفى على كل مسلم ما لرمضان من مكانة في القلوب، كيف لا وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر كله هبات وعطايا ومنن من الحق سبحانه وتعالى، وسنتطرق إلى الخصائص التي اختص بها هذا الشهر عن سواه من الشهور.


                      خصائص شهر رمضان

1- من خصائص شهر رمضان: أن الله تبارك وتعالى أنزل فيه القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]، وهو دستور هذه الأمة، وهو الكتاب المبين، والصراط المستقيم، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد، وهو الهدى لمن تمسك به واعتصم، وهو النور المبين، نور لمن عمل به، لمن أحل حلاله، وحرم حرامه، وهو الفاصل بين الحق والباطل، وهو الجد ليس بالهزل، فعلينا جميعاً معشر المسلمين العناية بكتاب الله تعالى قراءةً، وحفظاً، وتفسيراً، وتدبراً، وعملاً وتطبيقاً.

2- ومن خصائص شهر رمضان: تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين وعصاتهم، فلا يصلون ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، قال صلى الله عليه وسلم : «إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين»، وفي رواية: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة» [البخاري].

3- ومن خصائص شهر رمضان: تضاعف فيه الحسنات.

4- ومن خصائص شهر رمضان: أن من فطر فيه صائماً فله مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً، قال صلى الله عليه وسلم : «من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء» [حسن صحيح رواه الترمذي وغيره].

5- ومن خصائص شهر رمضان: أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله تعالى فيها ما سيكون خلال السنة، فمن حرم أجرها فقد حرم خيراً كثيراً، قال صلى الله عليه وسلم : «فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم» [أحمد والنسائي وهو صحيح]. ومن قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، قال صلى الله عليه وسلم : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه]، وقال: من قامها إبتغاءها، ثم وقعت له، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. [الإمام أحمد]. فياله من عمل قليل وأجره كثير وعظيم عند من بيده خزائن السموات والأرض، فلله الحمد والمِنة.

6- ومن خصائص شهر رمضان: كثرة نزول الملائكة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر:4].

7- ومن خصائص شهر رمضان: فيه أكْلةُ السحور التي هي مِيزة صيامنا عن صيام الأمم السابقة، وفيها خير عظيم كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلةُ السَّحر» [مسلم]، وقال عليه الصلاة والسلام: «تسحّروا فإنّ في السحور بركة» [متفق عليه].

8- ومن خصائص شهر رمضان: وقعت فيه غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة التي تنزلت فيها الملائكة للقتال مع المؤمنين، فكان النصر المبين، حليف المؤمنين، واندحر بذلك المشركون، فلا إله إلا الله ذو القوة المتين.

9- ومن خصائص شهر رمضان: كان فيه فتح مكة شرّفها الله تعالى، وهو الفتح الذي منه انبثق نور الإسلام شرقاً وغرباً، ونصر الله رسوله حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً، وقضى رسول الله على الوثنية والشرك الكائن في مكة المكرمة فأصبحت دار إسلام، وتمت بعده الفتوحات الإسلامية في كل مكان.

10- ومن خصائص شهر رمضان: أن العُمرة فيه تعدِل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: «عمرة في رمضان تعدل حجة» أو قال «حجة معي» .

11- ومن خصائص شهر رمضان: أنه سبب من أسباب تكفير الذنوب والخطايا، قال صلى الله عليه وسلم : «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان الى رمضان مكفراتٌ لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر» [مسلم].

12- ومن خصائص شهر رمضان: أن فيه صلاة التراويح، حيث يجتمع لها المسلمون رجالاً ونساءً في بيوت الله تعالى لأداء هذه الصلاة، ولا يجتمعون في غير شهر رمضان لأدائها.

13- ومن خصائص شهر رمضان: أن الأعمال فيه تضاعف عن غيره، فلما سئل صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال: «صدقة في رمضان» [الترمذي والبيهقي].

14- ومن خصائص شهر رمضان: أن الناس أجْود ما يكونون في رمضان، وهذا واقع ملموس لنجده الآن، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجْودَ الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.. ".

15- ومن خصائص شهر رمضان: أنه ركن من أركان الإسلام، ولا يتِم إسلام المرء إلا به، فمن جحد وجوبه فهو كافر، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]، وقال صلى الله عليه وسلم : «بُني الإسلام على خمس شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام» [متفق عليه].

16- ومن خصائص شهر رمضان: كَثرة الخير وأهل الخير، واقبال الناس على المساجد جماعاتٍ وفرادى، مما لا نجده في غير هذا الشهر العظيم المبارك، وياله من أسف وحسرة وندامة أن نجد الإقبال الشديد على بيوت الله تعالى في رمضان، أما في غير رمضان فإلى الله المشتكى. فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

فشهرٌ هذه خصائصُه وهذه هباتُه وعطاياه، ينبغي علينا معاشرَ المسلمين استغلالُ فرصِه وإستثمارُ أوقاتِه فيما يعود علينا بالنفع العميم من الرب العليم الحليم، فلا بد لنا من واجبات نحو هذا الشهر.


               واجباتنا في شهر رمضان

1- أن ندرك أن الله أراد أن يمتحن إيماننا به سبحانه، ليعلم الصادق في الصيام من غير الصادق، فالله هو المطّلع على ما تُكنّه الضمائر.

2- أن نصومَه بنيةٍ؛ فإنه لا أجرَ لمن صامه بلا نية.

3- أن لا نقطع يومنا الطويل في النوم.

4- أن نُكثر فيه من قراءة القرآن الكريم.

5- أن نجّدد التوبة مع الخالق سبحانه وتعالى.

6- أن لا نعمر لياليه بالسهر والسمر الذي لا فائدة منه.

7- أن نكثر فيه من الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله سبحانه.

8- أن نحافظ على الصلوات الخمس جماعة في بيوت الله تعالى.

9- أن تصوم وتُمسك جميعُ الجوارح عما حرّم الله عز وجل.

هذا- عباد الله- شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر القرب من الجنان والبعد عن النيران، فيا من ضيّع عمره في غير الطاعة، يا من فرّط في شهره، بل في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط، وبئست البضاعة، يا من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، قل لي بربك كيف ترجو النجاة بمن جعلته خصمك وضدك، فرب صائم ٍحظه من صيامه الجوعُ والعطش، ورُبَّ قائمٍ حظه من قيامه السهر والتعب، فكل قيام لا ينهَى عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بُعداً، وكل صيام لا يُصان عن الحرام لا يورث صاحبه إلا مقتاً .

يا قوم.. أين نحن من قوم إذا سمِعوا داعيَ الله أجابوا الدعوة، وإذا تُليت عليهم آياتُ الله وجِلت قلوبهم ، وإذا صاموا صامت منهم الألسن والأسماع والأبصار،فنشكو إلى الله أحوالنا، فرحماك ربنا ،فلا إله إلا الله كم ضيعنا من أعمارنا، فكلما حسنت من الأقوال ساءت الأعمال، فأنت حسبنا وملاذنا.


يا نفس فاز الصالحون بالتقــى *** وأبصروا الحق وقلبي قد عمــــي

يا حسنـــهم والليل قــد جنهم *** ونورهـــــم يفوق نــــور الأنجــــم

ترنمــــوا بالذكــــر فــي ليلــهم *** فعيشــــهم قد طــــاب بالترنــــم

      قلوبــــهم للذكــر قد تفرغـــــت *** دموعهـــم كالؤلــــــــؤ منـــــتظم

         أسحارهم بهم لهم قد أشرقت *** وخلع الغــفران خــــير القســــم

      ويحـــــــك يانــــفس ألا تيــــقظ *** ينــــفع قــــبل أن تــزل قدمــــي

مضـى الزمان في توان وهوى *** فاستدركي ما قد بقي واغتنمي


فاللهَ اللهَ أيها المسلمون بالتوبة النصوح، والرجوع الحق الى الله تعالى، فرمضان فرصة لأهل (الدخان) ليبرهن لهم بالدليل القاطع أنهم يستطيعون تركه، ولكنهم اتبعوا الشيطان، وإلا فكيف بمن يصبر عن الدخان أكثر من خمسَ عشْرةَ ساعةً متواصلة، ألا يمكن لهذا أن يقلع عن هذا الأمر المحرّم شرعاً، بلى والله، ولكنه الهوى والشهوات، فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

هذا ما يسّر الله لي كتابته في هذا الموضوع، وأسأل المولى جلّ وعلا أن يجعل هذه الكلمات خالصةً لوجهه سبحانه، وأن ينفعنا بها يوم العرض عليه، وأن يجعلها في موازين حسنات الجميع، إنه سميع قريب مجيب الدعاء. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

18 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
 244  245  246  247  248