البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 243  244  245  246  247 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
حاول أن يسب الإسلام فعقد الله لسانه.    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم

المِثال أفصحُ من المَقال.... أنا صائمٌ ولن أُمرِّرَ على لساني اسمَه!!!
 

14 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
الماء يكذّب الغطاس    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم

http://www.youtube.com/watch?v=-CkiC_-6FNw&feature=related

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
رحمة الله سبحانه وتعالى....    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

 
 

" ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً " [النساء: 147]
انسابت كلمات هذه الآية إلى مسمعي بهدوءٍ لا يُضاهى .. وكأنني أسمعها لأول مرة ..
فأدمعت عيني وأيقظت في قلبي نبضاً اشتقتُ له ..
وجلستُ أتأمل معناها.. يا الله! .. ما أرحمك بنا! 


:
:
(( جعل الله الرحمة مئة جزء، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه )) حديث صحيح
(( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) حديث صحيح

(( إن رحمتي تغلب غضبي )) حديث قدسي صحيح

(( فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَـٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ )) [يوسف:64]

(( وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلامّىَّ ))
[الأعراف:156، 157]

(( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ))
[الزخرف:22]

ورحمة ربك خير مما يجمعون ..

كم مرة يسّر لنا الله عز وجل طاعة ً ؟ وكم مرة عسّر علينا معصية وأبعدها عنا ؟

كم مرة كان بيننا وبين الموت بضعة شعيرات فأنجانا برحمته ؟ كم مرة ابتُلينا بكربٍ عظيم لم نعلم الحكمة منه إلا بعد سنوات ؟

كم مرة يسّر الله عز وجل لنا سبُلاً لأمور ٍ كنا نشعر أنه يستحيل علينا تحقيقها فأتانا التيسير من حيث لم نحتسب ..؟
كم مرة سمعنا أو قرأنا عن قصة رجل أخّره نومه عن موعد الطائرة فغادرت المطار قبل أن يصل.. فحزن لذلك واشتد همّه فإذا به عند المساء يسمع خبر سقوط تلك الطائرة التي كان سيستقلها ؟

كم مرة سمعنا قصصاً مشابهة لتلك القصة التي تتجلى فيها رحمة الله جل في علاه ، ولطفه بنا ..؟

كم مرة سمعنا عن خطبة شابٍ وفتاة انتهت لسببٍ مفاجئ لم يفهم كلا الطرفين مغزاه إلا بعد فترة من الزمن ..
فحمدا الله أن أنهى أمرهما وأبدلهما خيراً وإلا كانت حياتهما ستصبح بحراً متلاطم الأمواج ..؟
:
فالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه..
الحمد لله على نعمة الرحمة التي يغمرنا بها جل في علاه..

فيضٌ من الرحمة واللهِ نعيش فيه يا أخواتي .. فهلا استشعرنا هذه الرحمات التي تحيط بنا وشكرنا هذه النعمة ؟

والكون كله يشهد بذلك..

فمن رحمة الله عز وجل بنا أننا لا نرى الجراثيم والبكتيريا وإلا لأصبحت حياتنا لا تُطاق ..

ومن رحمة الله عز وجل بنا أننا لا نسمع الأصوات العالية جداً والتي يبلغ ارتفاعها : 16000 هرتز.. وإلا لتسبب ذاك الارتفاع لآذاننا بفقدان السمع ..

ومن رحمة الله بنا أن لم يجعل كل أعمال المؤمن تنقطع بعد وفاته.. بل جعل الدعاء والصدقة تصلان ميزان حسناته..
فتكون له رحمة من الله جل في علاه.. وبنفس الوقت تكون سلواناً لمن فارقه من أهله وأحبابه.. تثلج صدورهم وتشعرهم بشيء من الاطمئنان على من فارقوا ..

من رحمة الله عز وجل أنه يرسل لنا رسائل بسيطة المبنى عظيمة المعنى .. تهز كياننا وتغيّر مجرى حياتنا من الخطأ إلى الصواب وتوقظ نفوسنا الغافلة ..
فمن تلك الرسائل : موت قريب أو صديق .. حادث .. خبر مؤثر .. كلمة نسمعها في محاضرة.. والكثير الكثير من الرسائل الربانية التي تصلنا فتحدث نقلة نوعية في حياتنا..

حتى همومنا وجراحنا ما هي إلا هدايا القدر .. أرسلها لنا الله عز وجل لكي تكون كفارة ً لذنوبنا في الدنيا..

ولـولا الـهــدى ربنــا واليقـيـن ........ لضاعت زهــور الجـراح سـدى
جــراحـي ومــاذا تكـون الجـراح ....... أليسـت جراحي هدايـا القـدر؟
إذا ما ارتضيـت يــطيــر الجنــاح ...... يـكحــل بالنــور عـيـن القمــر
لك الحمد في الليل حتى الصباح ... لك الحمد في الصبح حتى السحر
جراحــي وما لي جراح ســوى ...... ذنـوبـي فكيـف أداوي الـذنـوب
؟

لو تأمل كلّ منا ما حوله لوجد رحمة الله عز وجل تحيط به من كل جانب..

سبحان من أجرى لهاجر زمزما بين الرمال القاحلة..

سبحان من ساق الهداية لأهل سبأ من خلال هدهد ..

سبحان الرحمن الرحيم .. 

موقع لكِ

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
صلاة الجمعة    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

صلاة الجمعة:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"
 {الجمعة62/9}
فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {62/10}
" إنما سميت الجمعة جمعة؛ لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار، وفيه كمل جميع الخلائق؛ فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع الضبي، حدثنا سلمان قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " يا سلمان ما يوم الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوم الجمعة يوم جُمع فيه أبواكم، أو أبوكم " وقد رُوي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا، فالله أعلم.
وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة، وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به، فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدىء فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة؛ كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غداً، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري. وفي لفظ لمسلم: " أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي بينهم قبل الخلائق " وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي: اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسعي ههنا المشي السريع، وإنما هو الاهتمام بها؛ كقوله تعالى:وَمَنْ أَرَادَ ٱلأَخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ }[الإسراء: 19] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها (فامضوا إلى ذكر الله) فأما المشي السريع إلى الصلاة، فقد نهي عنه؛ لما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " لفظ البخاري. وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: " ما شأنكم؟ " قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: " فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة، فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " أخرجاه. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا " رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك، وأخرجه من طريق يزيد بن زُرَيع، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بمثله. قال الحسن البصري: أما والله ما هو بالسعي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع. وقال قتادة في قوله:
{ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } يعني: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها، وكان يتأول قوله تعالى:فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ }[الصافات: 102] أي: المشي معه، وروي عن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك.
ويستحب لمن جاء إلى الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها؛ لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا جاء أحدكم الجمعة، فليغتسل " ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده " رواه مسلم، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم، وهو يوم الجمعة " رواه أحمد والنسائي وابن حبان.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة؛وعن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر " أخرجاه.
ويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيب ويتسوك، ويتنظف ويتطهر. وفي حديث أبي سعيد المتقدم
" غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، والسواك، وأن يمس من طيب أهله " وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أيوب الأنصاري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحداً، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى " وفي سنن أبي داود وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال: " ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته " رواه ابن ماجه.
وقوله تعالى: { إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج فجلس على المنبر، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه، فهذا هو المراد، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنما كان هذا لكثرة الناس؛ كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال: حدثنا آدم، هو ابن أبي إياس، حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان بعد زمن، وكثر الناس، زاد النداء الثاني على الزوراء، يعني: يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد.
 صيامها وقيامها " وهذا الحديث له طرق وألفاظ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة، وحسنه الترمذي.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم، حدثنا محمد بن راشد المكحولي، عن مكحول: أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد، حين يخرج الإمام، ثم تقام الصلاة، وذلك النداء الذي يحرم عنده الشراء والبيع إذا نودي به، فأمر عثمان رضي الله عنه أن ينادي قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس. وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون العبيد والنساء والصبيان، ويعذر المسافر والمريض، وقيّم المريض، وما أشبه ذلك من الأعذار؛ كما هو مقرر في كتب الفروع.
وقوله تعالى: { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أي: اسعوا إلى ذكر الله، واتركوا البيع إذا نودي للصلاة، ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني، واختلفوا هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه، والله أعلم. وقوله تعالى: { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: ترككم البيع، وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة، خير لكم، أي: في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون. وقوله تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ } أي: فرغ منها، { فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء، وأمرهم بالاجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض، والابتغاء من فضل الله؛ كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة، انصرف فوقف على باب المسجد فقال: اللهم إني أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين، رواه ابن أبي حاتم.
وروي عن بعض السلف أنه قال: من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة، بارك الله له سبعين مرة؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ }. وقوله تعالى: { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي: في حال بيعكم وشرائكم، وأخذكم وإعطائكم، اذكروا الله ذكراً كثيراً، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة، ولهذا جاء في الحديث:
" من دخل سوقاً من الأسواق، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة " وقال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً."
 ( ابن كثير).
*** " إذا أدرك المأموم تشهد الإمام [ في صلاة الجمعة] فقد شهدها
(عند الأحناف والظاهرية).( المفصل 1/ 272، د: عبد الكريم زيدان).
*صلاة الجمعة نصف النهار، أو قبله. ( معجم فقه السلف 2/66 للكتاني).
* صلاة الجمعة 4 ومعهم الإمام عند ( الأحناف) ، و12 عند المالكية ، و40 عند الحنابلة ، والإمام وواحد أو الإمام وامرأة عند الظاهرية.
( المفصل 1/267).
* كان عراك بن مالك ، رضي الله عنه، إذا صلى الجمعة ، انصرف فوقف على باب المسجد فقال : اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت في الأرض كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين ".( تفسير الرازي20/9 ، والقرطبي18/108).
 

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
المسلم والمؤمن.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

هل مِن فرق بين المسلمين والمؤمنين؟
 
" أخبر تعالى بـ { إن المسلمين والمسلمات } وهم الذين استسلموا لأوامر الله وانقادوا له، وأظهروا الشهادتين، وعمِلوا بموجبه { والمؤمنين والمؤمنات } فالإسلام والإيمان واحد، عند أكثر المفسرين، وإنما كرر لاختلاف اللفظين. وفي الناس من قال: المؤمن هو الذي فعل جميع الواجبات، وانتهى عن جميع المقبحات، والمسلم هو الملتزم لشرائط الإسلام المستسلم لها و{ القانتين والقانتات } يعني الدائمين على الأعمال الصالحات { والصادقين } في أقوالهم{ والصادقات } مثل ذات { والصابرين والصابرات } على طاعة الله وعلى ما يبتليهم الله من المصائب وما يأمرهم به من الجهاد في سبيله { والخاشعين } يعني المتواضعين غير المتكبرين { والخاشعات } مثل ذلك { والمتصدقين } يعني الذين يُخرجون الصدقات والزكوات { والمتصدقات } مثل ذلك { والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم } من الزنى وارتكاب أنواع الفجور { والحافظات } فروجهن، وحذف من الثاني لدلالة الكلام عليه { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } الله كثيراً، ثم قال { أعد الله لهم } يعني من قدم ذكرهم ووصفهم { مغفرة وأجراً عظيماً } يعني ثواباً جزيلاً. لا يوازيه شيء.
قيل: إن سبب نزول هذه الآية أنّ أم سلمة قالت: يا رسول الله: ما للرجال يُذكرون في القرآن ولا يذكر النساء؟ فنزَلت الآية. فلذلك قال { إنّ المسلمين والمسلمات } وإن كانت المسلماتُ داخلاتٍ في قوله { المسلمين } تغليباً للمذكر فذكرهن بلفظ يخصهن؛ إزالةً للشبهة.".
( تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي ).

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
    كن أول من يقيّم

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
الشاعر المنبجي عمر أبو ريشة    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

                          أمام الكعبة
أسألُ النفسَ خاشعاً: أتُرى **طهّرتُ بُردي من لُوثة الأدرانِ
كم صلاة ٍصلّيتُ لم يَتجاوزْ**   قُدْسُ آياتِها حدودَ لِساني
كم صيامٍ عانيتُ جُوعيَ فيهِ **  ونَسِيتُ الجِياعَ من إخواني
كم رجَمتُ الشيطانَ والقلبُ مني**مُرهَقٌ في حبائل الشيطان
ربِّ عفواً إنْ عِشتُ دينيَ ألفا         ظاً عِجافاً ولم أعِشْهُ معاني
أنا ياربِّ من بقايا سيوفٍ ** ثلّمَتْها مَضاربُ الحَدَثانِ
أنا من أمةٍ تجوسُ حِماها ** جاهلياتُها بِلا استئذانِ

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
يا حنظلة ساعة وساعة    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

1- سمِع الأصمعي رجلاً يدعو ربَّه ويقول في دعائه : يا ذو الجلالِ والإكرام ، فقال الأصمعي : ما اسمُك ؟ فقال : ليث ، فقال الأصمعي:
        يُناجي ربَّه باللحن ليث ** لذاك إذا دعاه لا يُجابُ
 
2- قال الأصمعي : رأيت رجلاً من الأعراب وقد تعلّق بأستار الكعبة وهو يقول :
     يا ربّ إني سائلٌ كما تَرى ** مشتمِلٌ شُمَيلتي كما تَرى
     وشيختي جالسة فيما تَرى ** والبطنُ مني جائعٌ كما تَرى
                    فما تَرى يا ربَّنا فيما تَرى ؟
 
3- سمِع أبو يعقوب الخُزيميُّ منصورَ بنَ عَمّار ؛ صاحبَ المجالسِ، يقول في دعائه : اللهم اغفِرْ لأعظمنا ذنْباً ، وأقسانا قلباً ، وأقربِنا بالخطيئة عهداً ، وأشَدِّ نا على الدنيا حِرصاً ... فقال : امرأتي طالِقٌ إنْ كان دعا إلا لإبليس.

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
من أسرار كتاب الله الحق.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار القرآن:  
 (347) - (‏فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ‏*‏ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ‏)  
(‏ الكهف‏:65‏ ـ‏66)

بقلم
الأستاذ الدكتور: زغلول راغب محمد النجار

هاتان الآيتان القرآنيتان الكريمتان جاءتا في بدايات النصف الثاني من سورة الكهف‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها مائة وعشر‏(110),‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي قصة أصحاب الكهف‏.
وهم فتية مؤمنون بربهم في زمن ساد فيه الشرك بالله‏,‏ وخوفا من أن يفتتنوا في دينهم فروا من جبروت حكامهم المشتركين‏,‏ ولجأوا إلي غار بجبل قريب من مدينتهم مكثوا فيه نياما لفترة امتدت إلي ثلاثمائة وتسع من السنين القمرية‏,‏ ثم بعثهم الله ـ سبحانه وتعالي ـ بعد تلك المدة الطويلة بمعجزة تشهد له ـ سبحانه ـ بطلاقة القدرة علي كل شيء‏,‏ ومن ذلك البعث بعد الموت‏.‏
ويدور المحور الرئيسي لسورة الكهف حول قضية العقيدة الإسلامية‏,‏ ومن ركائزها الإيمان بالله ـ تعالي ـ ربا واحدا أحدا‏,‏ فردا صمدا‏:
(‏ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ‏*‏ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ‏)                                (‏ الإخلاص‏:3-4)
‏ ومن هناك كانت ضرورة تنزيه الله ـ تعالي ـ عن الشريك والشبيه والمنازع والصاحبة والولد‏,‏ وعن غير ذلك من صفات خلقه‏,‏ وعن كل وصف لا يليق بجلاله‏.‏

من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في وصف القرآن الكريم
لقصة "عبدالله ونبيه موسي مع الخضر"

علي عادة القرآن الكريم في استعراضه للقصص فإنه يوصل قارئه مباشرة إلي الدروس المستقاة من القصة دون الدخول في تفاصيل الأسماء والأنساب والأماكن والأزمنة إلا في حدود ما يخدم الهدف من استعراض القصة ويظهر جانبا من جوانب الإعجاز فيها‏.‏
وتبدأ رواية القرآن الكريم عن هذه الواقعة يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في محكم كتابه‏:
   (‏ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ‏*‏ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً ‏*‏ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباًّ ‏* قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَباً ‏* قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً ‏* فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ‏* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ‏*‏ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ‏*‏ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ‏*‏ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً ‏* قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً)                  (‏ الكهف‏:60‏- 70)
والسبب في هذا الموقف من قصة عبدالله ونبيه موسي ـ عليه السلام ـ يشرحه لنا حديث رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ الذي أخرجه البخاري عن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يقول:
" إن موسي قام خطيبا في بني إسرائيل‏,‏ فسئل أي الناس أعلم؟ قال‏:‏ أنا‏,‏ فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه‏,‏ فأوحي الله إليه‏:‏ إن لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك‏,‏ قال موسي‏:‏ يارب‏!‏ كيف لي به قال‏:‏ تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم‏,‏ فأخذ حوتا فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع ابن نون ـ عليه السلام ـ حتي إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما‏,‏ واضطرب الحوت في الكتل فخرج منه فسقط في البحر‏,‏ فاتخذ سبيله في البحر سربا‏,‏ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء‏,‏ فصار عليه مثل الطاق‏.‏ فلمل استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت‏,‏ فانطلقا بقية يومهما وليلتهما‏,‏ حتي إذا كان من الغد قال موسي لفتاه‏:‏
(فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباًّ)                  (‏ الكهف‏:62).‏
ولم يجد موسي النصب حتي جاوز المكان الذي أمره الله به‏,‏ قال له فتاه‏:
(‏قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَباً ‏)                                                                      (‏ الكهف‏:63).‏
قال‏:‏ فكان للحوت سربا‏.‏ ولموسي وفتاه عجبا‏,‏ فقال‏:
(‏قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً)                                   (‏ الكهف‏:64).‏
قال فرجعا يقصان أثرهما حتي انتهيا إلي الصخرة‏,‏ فإذا رجل مسجي بثوب‏,‏ فسلم عليه موسي‏,‏ فقال الخضر‏:‏ وأني بأرضك السلام؟ فقال‏:‏ أنا موسي‏.‏ قال‏:‏ موسي بني إسرائيل؟ قال نعم‏,‏ أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا..(‏ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)                                    (‏ الكهف‏:67).‏
يا موسي‏!‏ إني علي علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت‏,‏ وأنت علي علم من علم الله علمك الله لا أعلمه‏.‏
فقال موسي‏:(...‏ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً)                 (‏ الكهف‏:69)‏.
قال له الخضر‏: (..‏ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً)    (‏ الكهف‏:70).
فانطلقا يمشيان علي ساحل البحر‏,‏ فمرت سفينة فكلماهم أن يحملوهما‏,‏ فعرفوا الخضر‏,‏ فحملوهما بغير نول‏,‏ فلما ركبا في السفينة لم يفاجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم‏,‏ فقال له موسي‏:‏ قد حملونا بغير نول فعمدت إلي سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها‏!‏ لقد جئت شيئا إمرا‏.‏"
‏(‏ قال‏:‏ وقال رسول الله ـ صلي الله عليه وعلي آله‏:‏ فكانت الأولي من موسي نسيانا‏,‏ قال‏:‏ وجاء عصفور‏,‏ فوقع علي حرف السفنية فنقر في البحر نقرة أو نقرتين‏,‏ فقال له الخضر‏:‏ ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر‏,‏ ثم خرجا من السفنية فبينما هم يمشيان علي الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه‏,‏ فاقتلعه بيده فقتله‏,‏ فقال له موسي‏:
(...‏ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً ‏*‏ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)                                                             (‏ الكهف‏:74-75).
قال‏:‏ وهذا أشد من الأولي(‏قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً ‏* فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ‏...)                                                               (‏ الكهف‏:76-77).‏
أي مائلا فقال الخضر بيده‏(‏ فأقامه‏)‏ فقال موسي‏:‏ قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا‏
  (...‏لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ‏*‏ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)                                                              (‏ الكهف‏:77-78).‏
فقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏:‏وددنا أن موسي كان صبر حتي يقص الله علينا من خبرهما      (‏ أخرجه البخاري في صحيحة عن ابن عباس عن أبي بن كعب‏)‏ وجاء التأويل في تفسير تلك الأحداث الثلاثة بقول القرآن الكريم علي لسان الخضر ـ عليه السلام ـ‏:
(‏أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ‏*‏ وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً ‏*‏ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً *‏ وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)                                                                      (‏ الكهف‏:79‏ـ‏82).‏

وهذا هو تفسير ما أشكل فهمه علي عبدالله ونبيه موسي بن عمران في مواقفه الثلاثة مع العبد الصالح المسمي بالخضر والذي أعطاه الله ـ تعالي ـ علما لم يتوفر للنبي موسي بن عمران ـ عليه السلام ـ فالسفينة إنما خرقها الخضر ليبعيبها لأنهم كانوا يمرون علي ملك من الظلمة يأخذ كل سفينة جيدة صالحة غصبا فأراد الخضر أن يصيبها بعيب مؤقت لرد ذلك الملك الغاصب عنها‏,‏ وأما الغلام الذي قتله الخضر فكان سيدعو في كبره إلي الكفر بالله‏,‏ وأبواه كانا مؤمنين‏,‏ فأراد الله ـ تعالي ـ أن يبدلهما بغلام أتقي الله منه وأبربهما‏        (‏ولايقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيرا له‏).‏ وأما الجدار المتهالك الذي أقامه الخضر كان لغلامين يتمين في المدينة‏,‏ وكان تحته مال مدفون لهما‏,‏ حفظه الله ـ تعالي ـ لهما بصلاح أبيهما‏,‏ وفي ذلك دليل علي أن صلاح الآباء يصل للأبناء ولو بعد عدد من الأجيال‏,‏ وفي الآية الكريمة دليل علي إمكان إطلاق القرية علي المدينة والعكس‏.‏
وفي قول القرآن الكريم علي لسان الخضر ـ عليه السلام ـ:
(رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)         (الكهف‏:82).
أي أن هذا الذي فعلته في تلك المواقف الثلاثة إنما هو من رحمة الله ـ تعالي ـ بعباده‏,‏ وما فعلته عن أمري‏,‏ لأن الله ـ تعالي ـ أمرني به‏,‏ ووقفت عليه‏,‏ وفيه دلالة لمن قال بنبوة الخضر ـ عليه السلام ـ مع دلالة ما تقدم علي ذلك من قول الحق ـ تبارك وتعالي ـ‏:
(‏فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً).‏
وإن كان البعض قد ذهب إلي الاعتقاد بأنه كان وليا من الصالحين‏,‏ والله ـ تعالي ـ أعلي وأعلم‏.‏ وفي صحيح البخاري‏,‏ عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ إنما سمي الخضر لأنه جلس علي فروة فإذا هي تهتز من تحته خضراء والمراد بالفروة هنا الحشيش اليابس‏,‏ وهو الهشيم من النبات‏,‏ وقيل المراد بذلك وجه الأرض‏.‏ وفي التأكيد علي حقيقة الغيب وعلي ضخامة حجم العلم اللدني الذي وهبه الله ـ تعالي ـ لهذا العبد الصالح المسمي باسم الخضر ما نقله ابن جرير عن أبي بن كعب‏,‏ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال‏:‏ كان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه‏,‏ فقال ذات يوم‏:‏ رحمة الله علينا وعلي موسي لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب‏,‏ لكنه قال‏:
(..‏ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً).‏
وهذا الواقعة من سيرة عبدالله ونبيه موسي ابن عمران‏,‏ جاءت في سورة الكهف فقط من كل القرآن الكريم‏,‏ وفي الآيات‏(60‏ ـ‏82)‏ من هذه الصورة المباركة‏.‏ والقرآن الكريم لم يحدد المكان الذي وقعت فيه تلك الواقعة إلا بوصف أنه عند مجمع البحرين‏,‏ ولم يحدد تاريخ وقوعها هل كان في مصر‏,‏ أم في شبه جزيرة سيناء‏,‏ أم في شرق الأردن‏,‏ وفي كل تلك المناطق مجامع للبحرين منها التقاء فرعي النيل‏(‏ فرع رشيد وفرع دمياط‏),‏ وفي شبه جزيرة سيناء هناك التقاء كل من خليج السويس وخليج العقبة‏,‏ وفي الأردن هناك التقاء نهر الأردن بالبحر الميت‏,‏ وأغلب الظن أن الواقعة تمت في شبه جزيرة سيناء أثناء التيه حول خليج العقبة وذلك لأن فتي موسي يوشع بن نون لم يرد له ذكر في جميع أحداث موسي مع فرعون مصر‏,‏ ولكنه قاد بني إسرائيل بعد وفاة كل من هارون وموسي ـ عليهما السلام‏,‏ ويبدو أن الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا كان في الجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية لأنه لم يكن هناك ملوك في مصر بجوار الفرعون‏,‏ ولم يكن هناك ملوك كذلك في شبه جزيرة سيناء‏,‏ ولا في شرق الأردن‏.
 كذلك لم يذكر القرآن الكريم اسم العبد الصالح الذي لقيه النبي موسي وطلب منه أن يتبعه لعله أن يعلمه مما علم رشدا‏,‏ ولولا أن رسولنا ـ صلي الله عليه وسلم ـ قد سماه لنا كما سمي لنا فتي موسي ـ عليهما السلام ـ ما كان أمامنا من وسيلة إلي معرفة ذلك‏.

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
التكملة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

ولكن الهدف من استعراض تلك الحلقة من سيرة النبي موسى مع العبد الصالح هو عدد من الدروس الأخلاقية والسلوكية التي يمكن ايجازها فيما يلي‏:‏
‏(1)‏ ضرورة التواضع وعدم الاغترار بما يحصّل الإنسان من العلم‏؛‏ لأن علم الإنسان ـ مهما اتسعت دوائره فهو علم محدود بحدود قدرات الإنسان الذهنية والحسية‏،‏ وبحدود مكانه من الكون‏، وحدود زمانه‏،‏ ومن ثم فإنه لا يشكل ذرة في علم الله المحيط بكل شيء‏.‏
‏(2)‏ من هنا كانت ضرورة التفريق بين المعارف المكتسبة بواسطة حواس الإنسان وقدرات عقله‏، والعلم الذي يهبه الله ـ سبحانه وتعالى ـ لعبد من عباده والذي يعرفه باسم العلم الموهوب‏،‏ وهو جزء من علم الله اللدنّي يطلع به من يشاء من عباده على شيء من الغيب بالقدْر الذي يشاء‏؛ لحكمة يعلمها هو ـ سبحانه ـ ومن هنا فإن تصرفات من يوهبون شيئاً من هذا العلم اللدني قد تبدو في ظاهرها متعارضة مع المنطق العقلي؛ نظراً لمحدودية قدرات الإنسان‏.‏ ومن هنا فإنها لاتفهم إلا بعد إدراك ما وراءها من الحكمة المغيبة عنا‏.‏
‏(3)‏ ضرورة الاستفادة من الأمور الغائبة عنا بشيء من الأدب الذي لاجزم فيه‏، حتى لو كان ذلك في طلب العلم الراشد من أهله‏.‏
‏(4)‏ ضرورة الإيمان بالغيب ـ وهو من حقائق الوجود‏،‏ وضرورة التفريق بين الغيب المرحلي الذي يمكن للإنسان الوصول إليه بشيء من البحث والمجاهدة والغيوب المطلقة التي لا يعلمها الا الله أو يطلع على قدر منها من يرتضي من أنبيائه وأوليائه الصالحين‏.‏
‏(5)‏ ضرورة الرضا بقضاء الله وقدره‏؛‏ لأن الله ـ تعالى ـ لا يقضي لعباده المؤمنين إلا بخير‏، حتي لو بدا ظاهر القضاء أو القدر في غير مصلحة الإنسان‏،‏ فإن باطنه بالقطع في مصلحته‏.‏
‏(6)‏ ضرورة التسليم بأن الله ـ تعالى ـ قادر علي كل شيء‏,‏ وأن إرادته نافذة في كل شيء‏، وأنه لاراد لقضائه‏.‏ ومن هنا كانت ضرورة رد الأمر في كل شيء إلى الله‏، فهو ـ تعالى ـ رب هذا الكون ومليكه‏، ومدبره أمره‏، وميسر كل شيء فيه‏.‏
‏(7)‏ إن من واجبات العبد المؤمن تنفيذ أوامر الله ـ تعالى ـ مهما كلفة ذلك من وقت وجهد‏.‏
‏(8)‏ التسليم بأن الإنسان معرّض للنسيان‏، وبأن من الواجب إكرام الصالحين من عباد الله‏.‏
‏(9)‏ اليقين بأن صلاح الوالدين يصل إلى ذراريهما إلى عدد من الأجيال المتتابعة‏.‏
‏(10)‏ وهذه الدروس هي وجه من أوجه الاعجاز الاعتقادي والأخلاقي والسلوكي في كتاب الله‏,‏ كما أن ذكر الواقعة هو وجه من أوجه الاعجاز الإنبائي والتاريخي في هذا الكتاب العزيز‏.

15 - أغسطس - 2010
بارك الله لكم في رمضان
 243  244  245  246  247