البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 23  24  25  26  27 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
جواب الأستاذ طه    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
الأخوة الكرام : مساء الخير
 
تعقيباً عما أثرته في تعليقي الأخير حول كون أول رئيسة جمهورية في العالم مالطية : كنت قد سمعت هذا شفهياً من أحد الأشخاص في ذلك اليوم الذي كتبت فيه التعليق إلى عبد الحفيظ ولم أتحقق منه  لكني بحثت قليلاً على الأنترنت وفهمت بأن أول رئيسة جمهورية في العالم أنتخبت في إيسلندا وليس في مالطا العام 1980 إلا أن مالطا كانت بالفعل من أوائل الدول التي انتخبت رئيسة لها وذلك العام 1982 وهي السيدة " آغات باربارا " .
 
تحياتي للأستاذين طه وعبد الحفيظ .
 

25 - أكتوبر - 2006
الخلاصة في تاريخ مالطة
معطف    كن أول من يقيّم

   هي جارتي التي اقتربت من الثمانين ، غير أنها لا زالت في ريعان الصبا هذا لواعتبرنا ، بحسب نظرية إينشتاين ، بأن كل شيء نسبي . صديقاتها وجاراتها الأخريات ( عداي طبعاً ) تجازوت معظمهن التسعين  وسارت بخطى وائقة  نحو المئة  ، ولأن متوسط عمر الإنسان في هذا الحي الذي نعيش فيه أظنه  سيمتد قريبا  إلى المئة وخمسين لو طبقنا نظرية داروين في النشوء والارتقاء ، لهذا ، فإن مدام " كوبنهاجن " لا تزال تشعر بأنها غرة فتية وفي ريعان شبابها .
 
  مدام " كوبنهاجن " لا ترى جيداً ، وهو العيب الوحيد الذي تجده في نفسها فهي مثلاً كانت قد تطلقت بعد سنتين فقط من زواجها لأنها اكتشفت بأن زوجها ، الذي صنفته بأنه متواضع الشكل والهيئة ، كان رجلاً شديد البلاهة . " كان يثير أعصابي بغبائه " قالت لي ، " تركته ! ، ما حاجتي به ? كل ما كان يحسنه هو أن يثير أعصابي ببلادته ........ " . وبما أنها لا ترى جيداً ، وبما أنها لم تعد تتمكن من رسم الكحل على عينيها كل صباح ، فلقد عملت " تاتو " على جفنيها كنوع من الكحل الدائم .......... " عليك أن تعملي مثلي " ، قالت لي . " ولكنني لا أتكحل " قلت لها ، " أعرف ، لاحظت ذلك ولكن من المؤسف أن لا تفعلي ، قدرت بأنه تكاسل منك فنصحتك بالتاتو .... " .
 
  كنا في الشتاء الماضي عندما جاءت لعندي وهي ترتدي معطفاً رائعاً من الجلد الأبيض ، على قبته فروة ثعلب لم أر أجمل منها في حياتي . هو ثعلب كامل لا ينقص منه سوى الرأس ، ومن يراه يظن بأنه يستلقي على قبة المعطف مرسلاً  قائمتيه الأماميتين نحو الأسفل ، ومحيطاً بياقة المعطف بفروته البيضاء المشوبة بوهج فضي خفيف ، بينما يتدلى ذيله الكثيف ذو الوبر الطويل في الجانب الآخر من الياقة  بملمسه الحرير ولونه البراق ودفء فروته الكثة الطرية ، تتخيله  نائماً لا زال على كتفيها .....
 
  تملكتني الدهشة منها وقلت هاتفة :
 
  ـــ  مدام كوبنهاجن ، من أين لك هذا ?
 
من يعرف مدام كوبنهاجن يفهم سبب دهشتي واستغرابي لأنها وإن كانت ترتدي ثياباً كانت في الماضي البعيد ذات قيمة وهيئة ، ثياباً اشترتها منذ ثلاثين أو أربعين عاماً أو يزيد ، إلا أنها ترتديها كيفما اتفق ، بحجة أنها لا ترى جيداً . قميص إيف سان لوران الحرير ، مهرته بصلصة البندورة ، ومعطف دانيال هشتر خاطته عند الكتف  بلون مختلف تراه من على بعد ثلاثين متراً ، وأما كريستيان ديور فإن زره الذي انقطع كانت قد علقت مكانه زراً آخراً من عند شانيل وهي تقول في هذا : " ليس بي حاجة إلى هذه الأشياء ، أنت تعرفين بأنني منذ خف نظري لم أعد أسوق سيارتي وأنا أستقل الباص غالباً ، ليس بي حاجة للأناقة بين ركاب الباص " . كنت كلما رأيتها على هذي الحال خطر لي بأن أصحاب هذه الماركات كانوا سيدفعون لها ثروة كبيرة لو علموا بها ليشتروا منها هذه الأثريات التي ترتديها ، وليس بهدف وضعها في متحف ، وإنما لمنعها من الإستهانة بهم على هذه الصورة .
 
  لذلك ، لما رأيت معطفها الجميل الأنيق ، والجديد على وجه الخصوص ، هتفت : " من أين لك هذا ? ".
 
ضحكت ضحكة خبيثة وهي تمسح بيدها برقة على ذنب الثعلب وقالت : " أعجبك ، أليس كذلك ... هذا ثعلب سيبيريا وهو أغلى أنواع الثعالب وأجملها . إنه يساوي ثروة " .
 
 ــ " من أين لك هذا ? "  ألححت عليها بالسؤال فغمزتني حتى خلا لنا الجو ثم قالت :
 
 ــ " الآن سأحكي لك حكاية المعطف " ، ثم بدأت بالكلام فتخيل لي بأنها جاءت من أجله ، لأنها كانت ترويه وعلى شفتيها ابتسامة السعادة ، ابتسامة المنتصر الذي قام بفتح عظيم :
 
" تعرفين مارتين ابنة أخي ? نعم مارتين المجنونة ما غيرها ....  وهي تزداد جنوناً يوماً بعد يوم . ذهبت لزيارتها أول أمس فهي تقول للجميع بأنني لا أزورها ولا أسأل عنها منذ وفاة أخي . هذا صحيح ! ما حاجتي إليها ? من كان يجمعنا قد ولى، ولم يعد بيننا أي شيء مشترك . المهم أنني أول أمس ، لا أدري ما الذي أصابني ، شيء يشبه نزعة لفعل الخير فجائية فقررت أن أذهب لعند مارتين وأتفقدها لعلها تقدر لي هذا المجهود وتكف عن ملامتي .
 
  عندما فتحت لي الباب ، كانت تبكي ........ كانت عائدة للتو من لقاء لها مع صديقها الأخير أخبرها بأنه يراها فيه للمرة الأخيرة وبأن كل شيء بينهما قد انتهى ! كانت في حالة يرثى لها من الدموع ( هذه المراهقة التي هي مارتين هي في الخمسين من العمرأو أكثر بقليل  ) وبها ما يشبه الانهيار العصبي ........ أغراضها كلها كانت مبعثرة وملقاة هنا وهناك ، على الكنبة أو على الأرض ...... ثم ماذا أرى ??? ألمح هذا المعطف الجميل مرمي على طرف الكنبة نصفه على المسند ونصفه الآخر على السجادة ، فأتناوله وأتفحصه وأسألها :
 
  ــ " هيه مارتين ، أجديد هذا المعطف ? أنا لم أره من قبل . لا بد أنك دفعت ثمنه ثروة ، تبعزقين أموال أخي يميناً وشمالاً هذا كل ما تحسنين صنعه ! " .
 
  ــ " أأعجبك المعطف ? خذيه فأنا لا أريده ! هذا كل ما يهمك أليس كذلك ? خذيه وانصرفي عني كان من الأفضل أن لا تأتي أبداً ! " قالت .
 
  أخذت المعطف ثم انصرفت ، لكنها عند المساء عادت واتصلت بي متأخرة وطالبتني به مدعية بأنها تسرعت بالكلام وأنها لا تريد بأن تعطيني إياه ، فجاوبتها :
 
  ــ " المثل عندنا يقول ، إذا أعطيت شيئاً فإنك قد وهبته ، حاول أن تسترده ، كأنك تسرقه ......."
 
  ــ " وهل تنوين إعادته لها ? " سألتها بسذاجة .
 
  ــ " قطعاً لا عزيزتي ، أمس بعد الظهر جاءت لعندي وظلت تطرق ساعة على الباب ولم أفتح لها ....... " أجابت .
 
وكانت المرة الأولى والأخيرة التي رأيتها فيها مرتدية ذلك المعطف الجميل ، ولما سألتها عنه من جديد قالت : " لقد بعته عزيزتي ! ما حاجتي أنا بأشياء كهذه ? أنت تعرفين بأنني غالباً ما استقل الباص في تنقلاتي فما حاجتي لثياب باهظة وملفتة للنظر من هذا النوع ?  " .
 
 

26 - أكتوبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
الأستاذ الكريم طه :    كن أول من يقيّم

 
يسرني أنك اخترتني لترجمة قصيدة فيكتور هيغو الصعبة والمؤثرة والتي كان قد كتبها بعد وفاة ابنته ليوبولدين بأربع سنوات . هي ثقة أحسد عليها ولا أدري مدى استحقاقي لها .
 
سأحاول قدر استطاعتي نقل أحاسيسه وموسيقاه . الصعوبة الأساسية بالنسبة لي هي في نقل الإيقاع الذي هو جزء لا يتجزأ من القصيدة ولن أتمكن منه إلا بصورة تقريبية .
 
أما كيف سيتمكن الأستاذ زهير من إعادة صياغتها بموسيقاه الخاصة فهذا ما سنكتشفه ولا بد .
 
جزاك الله خيراً ، وضعتني بين جبلين ........ كيف سأستطيل اليوم لأكون جسراً ودون أن أسقط في الهاوية ? سأعمل جهدي وهذا كل ما أعده .
 
شكراً لعبد الحفيظ على صوره المعبرة .
 
 

28 - أكتوبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
في الغد ، عند الفجر ........    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
 
في الغد ، عند الفجر ، حين تَبيَضُّ الوهاد
سأنطلق ، لو تعلمين ، أعلم أنك تنتظرين
سأسير عبر البراري ، وأسير عبر الجبال
فلكم ضاق صبري ، وطال عنك بعادي
 
سأمشي وعيني لا ترى ، سوى أفكاري وهمي
سواها لست أرى ، ولا يطرق سمعي
انا الغريب ، وحدي ، مقعود اليدين ومحني
حزين ، وليل حزني ، لا أدري من نهاري
 
لن أرى عند المساء ، شعاع الشمس أصفر
ولا الشراع البعيد ، النازل صوب " أرفلور "
وعندما ألتقيك ، سأضع فوق الضريح
ضمة من آس أخضر ومن خلنج مزهر .
 
* الترجمة المطابقة لاسم شجيرة ال HOUX   هي : الإيلكس أو شجرة البهشية . استعضت عنها بالآس لأن المقصود به الخضرة الدائمة وهو ما يوضع عادة على القبور
أما نبتة او زهرة ال BRUYERE  فهي المرقط أو الخلنج وميزتها بأنها تزهر على مدار السنة .
 
 
 

28 - أكتوبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
خيانة في البعد الرابع....    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 
تباً لك يا اينشتاين ، تباً لك أيها الزمن ، إنها مفاجأة لم تكن على البال ولا على الخاطر .... مع هذا كان يجب أن نتوقعها يوماً فعدا أن الزمن لا يدوم أبداً غير أن الفرنسيين يقولون في حكمتهم : "  هو أجمل من أن يكون حقيقة " .
 
أشعر بغصة تحبس الكلمات في حلقي يا عبد الحفيظ ، كأنني في حلم مزعج .... نعم هي مفاجأة في البعد الرابع .
 
لا أدري لماذا تذكرت فادي فجأة : " أهلاً بكم على أرض الواقع ! "  فهل انقطعت الكهرباء ? ? ? ....
 
كأنني المهرج عاد إلى صندوقه ..... ليس في القلب غير يباس ......
 
لم أعد أذكر من ودعت على الميناء ، لم اعد أذكر كم ودعت على الميناء . البحر كان في العيون ، والقلب أثقل من مرساة السفينة .
 
إحمل عدتك وامش ... تقول لي القصيدة .
 
إحمل عدتك وامش أيها الحالم برجوع البحارين !
 
إحمل عدتك وامش فلا وطن لك هنا ولا قصيدة وأنت الغريب المتلطي وراء جدران المعارض وصور الشهداء والقديسين .
 
إحمل عدتك وامش أيها الغريب المتشرد ولا تقل لي عن اتجاهك ، أنا العاقل العالم المتيقظ ، لن أسألك عن اتجاهك ، وسأمحو صورتك من ذاكرتي .....  وتخونني الذاكرة :
 
تركنا من وراء العيس نجدا
ونـكـبنا السماوة iiوالعراقا
 
 
 

30 - أكتوبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
عصر الكابوي والباربي    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 لن أعيد على مسامعكم تذكار ودي الذي تعرفونه ولا تذكار ودادكم الذي تعودته منكم وكل الكلام الجميل الذي ذكره الأستاذ زهير في رسالته التي من فوق الموج ، ودعوني أرحب اليوم بشكل خاص بأم جميل وأشكرها عني وعن أمي وجواد على تحيتها اللطيفة وأدعوها ، لو سنحت لها الظروف ، إلى زيارة الوالدة حيث تسكن اليوم في بلاد العم سام . سأعطيك ، سيدتي الفاضلة ، فكرة عن بيت أمي بقصد تشجيعك لأنني أعلم كم ستفرح أمي بزيارتك لها
 
يقع بيت أمي على التخوم الشمالية لصحراء تكساس وليس في ربعها الخالي ، بين مزرعة الكابوي الحقيقي جورج دابليو بوش ومزرعة الكابوي التجريدي ، أسطورة مسلسل دالاس ، جي آر يوونغ ولا فرق في المخيال بين المزرعتين . تسكن أمي في حي جميل ، طرقاته واسعة ونظيفة وكل شيء فيه جديد ومنسق ومرسوم بذوق وعناية فائقة : البيوت والعشب الذي أمامها ، الشجر ، أحواض الزهر ، حوض السباحة ، السيارات كلها جديدة والنوافذ كلها بستائر جميلة ، الأولاد والجيران تظنين بأنهم قد خرجوا جميعهم للتو من كاتالوج لبيع الألبسة الجاهزة وحتى الكلاب والقطط هناك نظيفة ومهذبة لا أظنها تعض أو تخرمش أحداً كأنها للزينة فقط . أول مرة ذهبت إلى هناك أحسست كأنني " أليس في بلاد العجائب " ثم صار يتضح لي بأنني دخلت خيال عالم الدمية " باربي " بكل أبعاده .
 
من الواجهة الأمامية ، يبدو بيتنا ككل بيوت الحي الأخرى بالعشب الأخضر المقصوص ومساكب الزهور ونبات الزينة ( الذي لا يؤكل ) تماماً كما رسمها وصممها المهندس في الخريطة الأصلية للبيت والذي هو نسخة تختلف قليلاً أو لا تختلف أبداً عن بقية البيوت المحيطة ، وبالعلم الأميركي الذي نصبه جميع سكان الحي أمام بيوتهم بعد حادثة الحادي عشر من أيلول ( أيلول الأسود ? ) ، فما كان من أمي إلا أن نصبت هي أيضاً علماً أميركياً كانت قد تلقته هدية من إحدى شركات الدعاية أمام البيت ، هو أصغر من بقية الأعلام الأخرى ، بل ربما يكون أصغرها على الإطلاق وبالكاد ينتبه إليه أحد لكنه يفي بالحاجة كما تقول ، ولقد غرسته في إناء الزهور الأقرب إلى الشارع لكي يراه الجيران رغم اعتراض أخوتي عليه إلا أنها لم تأبه لاعتراضاتهم وقالت لهم : " لم لا ? ما حدا أحسن من حدا ! " .
 
 في حديقتها الخلفية ، زرعت أمي كل لوازم الفتوش والتبولة من : نعناع وبقدونس وخس وبصل أخضر ........وزرعت الخيار البلدي واللوبياء والباذنجان ، وغرست رمانتين واحدة حلوة والثانية حامضة وشجرة سفرجل لم تحمل بعد . بقرب الطاولة في الحديقة ، وضعت أصص الزهور التي نعرفها نحن ، والبعض منها يؤكل كالحبق والورد البلدي ، والبعض الآخر ينفع لصنع الزهورات كاللويزة والختمية ، وزرعت الفل والمنتور وحلق الست والأهوان والكثير من الزنبق ....... وأما الياسمينة فلقد غرستها بقرب الحائط  ووضعت لها سقالة لتمتد عليها وغرست بقربها دالية عنب .
 
ولا تزال أمي ، رغم تقدمها في السن ، تربي وتعتني بأولاد أختي التي جاءت لتسكن بقربها في الحي نفسه لتتمكن هي من الذهاب إلى عملها براحة بال ، ولم أسمع طوال إقامتي هناك في ذلك الحي الأنيق صوتاً عالياً غير صوت أمي عندما تجري وراء الصغيرين أولاد أختي : ناصر ونور وتلعب معهم .
 
 لن تري عند أمي تلفزيوناً آخراً غير " الجزيرة " والفضائيات العربية الأخرى بلهجاتها المختلفة ولن تسمعي بناء عليه كلمة واحدة بالإنكليزي ، وربما ذهبتما للتسوق ، بل هذا شبه مؤكد ، في المراكز والمجمعات التجارية الكبيرة والكثيرة المنتشرة هناك والتي تدهش الأبصار ، لأن أكثر ما تحبه أمي في أميركا هو : التسوق !
 
  تحب أمي أميركا لأنها  " نظيفة وفيها خير كتير " رغم أنها تعترف بأن سياستها معنا غيرعادلة فهي تتألم لرؤية ما يجري في العراق وفلسطين وما جرى ويجري في بلدنا الذبيح المهان ولكنها تستنتج بأنه على أية حال فإن الإنسان في أميركا له قيمة أكثر من الإنسان في بلدنا . فماذا أقول لأمي يا أم جميل ? وكيف أشرح لها معنى أن نعيش كالكابوي في عصر الباربي ?
 
أأقول بأنه ، وبناء على دراسات جدية قام بها مجموعة من العلماء قرأت عنها في ملحق جريدة اللوموند الفرنسية السنة الماضية فإنه لو أخذنا مستوى حياة رجل أميركي عادي من طبقة متوسطة يعيش في مدينة متوسطة كسان فرانسيسكو مثلاً ، ونظرنا إلى ما يستهلكه هذا الرجل من وقود وماء ومواد غذائية وما يدفعه من مال لتغطية نفقات حياته المختلفة واعتبرنا ذلك معدلاً عاماً لسكان الكرة الأرضية ، لاكتشفنا بأنه يلزمنا أربع كرات أرضية إضافية للإيفاء بحاجات هذا المستهلك ?
 
لكن البشر جميعهم لا يعيشون بمستوى الأميركي المتوسط ومن المستحيل إذاً  بناء على عملية حسابية بسيطة أن يحصل لأنه لا يوجد لدينا على الأرض ما يكفي من مواد أولية ضرورية لكي نعيش جميعاً بهذا المستوى .
 
بالمقابل فإن ما تنتجه الكرة الأرضية حالياً من مواد غذائية كاف لإطعام 12 مليار إنسان ، يعني ضعف الرقم الحالي لسكان الأرض . السؤال هو : كيف تتوزع هذه الثروة ?
 
كل خمس ثوان ، هناك إنسان يموت من الجوع على سطح الكرة الأرضية ، نعم كل خمس ثوان يموت طفل من الجوع في العالم الثالث بينما هناك آلاف الوجبات تلقى في القمامة في المطاعم والبيوت والمطاعم المدرسية ، وهناك الأطنان من المواد الزراعية التي تتلف سنوياً بسبب زيادة المحصول وبغاية أن لا يؤدي فائض الإنتاج إلى تخفيض السعر .
 
إن الطبقة التي تقود العالم اليوم قد وضعتنا أمام تحديات مصيرية ليس لها حل إلا بالمنطق الأناني الذي نعيش به اليوم : أنا ومن بعدي الطوفان ........ كيف سيحل كبار العالم مشكلة الطاقة ( الهيدرو - كاربور ) التي متوقعا لها أن تنضب خلال خمسين سنة ? وكيف سيحلون مشاكل التلوث البيئي الذي تتسبب به البلدان الصناعية الكبرى وتؤدي بنا إلى كوارث أبسط مظاهرها زحف الماء على اليابسة بما يعني اختفاء جزر وبلدان قريبة من الشواطىء وتهجير سكانها ? ومن سيحل مشاكل توزيع المياه وكم سيصبح ثمن ليتر الماء الصالحة للشرب قريباً ? متى تلغى ديون البلدان الفقيرة التي تستهلك كل فائض الإنتاج لديها لايفاء الديون المترتبة عليها للبنوك العالمية بدلاً من أن تصرفها على مشاريع التنمية وبناء البنية التحتية ? وهل التجويع هو سلاح أقل فتكاً من أسلحة الدمار الشامل ?
 
 الحروب تخاض من أجل البترول والماء وللسيطرة على الطرق الدولية وخيرات الأرض وأسواق المال واحتكار التقنيات المنتجة للطاقة ، كالطاقة الذرية ، ولا يمكن لإقطاعيي العالم الحديث المتحضر التنازل عن هذه المقدرات أبداً لو أرادوا الاحتفاظ بامتيازاتهم .
 
نحن أمام مشاكل حقيقية تتعلق بوجودنا ومصيرنا على سطح الكرة الأرضية وهي مشاكل تتعلق بالأمن الصحي والغذائي والأمن المادي والبيئي ، ونحن في حيرة أمام مصيرنا ومستقبل أولادنا وفي حيرة أمام أسئلة كبرى أخلاقية تتعلق بوجودنا الأنساني : هذا لأن الظلم واقع ! والظلم نكون أحياناً شركاء فيه وهنا الأزمة ! فأين يبدأ الظلم ? وأين ينتهي ? وكيف أشرح لأمي كل هذا ?
 

5 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
السندباد الأخضر    كن أول من يقيّم

نـفـيء  بـقـرب بقايا iiالجدار كـمـا  نـحلتين بقرب iiالزهور
فـلا الـحـر غشاه طيف iiالغمام
ولا  الـبـر غـطاه رف iiالحمام
 
تـقـول  : اسأليني عن iiالسندباد
وكـم  خـاض بحراً وقفر iiالبلاد
وكـم أقـلـقـتـه رياح iiالحنين
لـيـمـخر عبر اللجى iiوالسنين
 
أقـول  وشـوقي كظلي السقيم ii:
غـبـار الـمدائن طيف iiالزوال
 
تـقول  : صفي لي حديث iiالبلاد وكـيـف عبرت حقول الدمار ii?
أقـول : لـقد عشت بين iiالرفاق بـقـلـب  قـرير وقصد iiعماء
نـهـد  لـنـبني صروح iiالبناء نـمـوت لـنـحيا بقلب iiالرجاء
هنا: مـن  هـنـا مر ّ عرسُ iiالفداء وكـلُّ شـهـيـد قـضى iiللوفاء
ومـن  بعدُ مرت جيوش iiالمنون ولـم تـبـق إلا حـقول iiالعزاء
أنـا كـنت أحصي سماء iiالنجوم وأرقـي  الـقوافي بحب iiالعيون
وكـنـت  أعـد رمـال iiطريق
بـها  ما عبرت ، وهم iiيعبروني
 
نـفـيء  بـقـرب بقايا iiالجدار كـمـا نـحـلتين بقرب الطلول
مدى الأرض قفر ، وطيف الدمار ظـلال الـسماء ، فضاء iiالعيون

8 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
نكتة إلى عبد الحفيظ    كن أول من يقيّم

 أبدأ بالسلام وشكر الأستاذ سعيد على تحيته اللطيفة وعلى تعليقه المفيد ولكن وعلى الأخص على كل ما يفيض عن كلامه من دماثة وأدب راق في الشكل والمضمون . وأتقدم بتحية تقدير خاصة لأستاذنا وشاعرنا السعدي وأسأله : إذا كانت "اشتأتللك "  بالهمزة فلماذا جعلت " قلبي " بالكاف ?
تحياتي لشاعرنا الكبير الأستاذ زهير أعبر عنها بما أستطيعه ويشوبه أحياناً بعض الزلل كما ( هنا ) التي ترأف بها . وتحياتي أيضاً لأستاذنا ومولانا بنلفقيه وأنا أعده بأنني سأدخل حديقة أمي لأنقب عن أسماء الزهور والنباتات وما يقابلها عند اللاتين وسأجد وقتاً للحديث عن الفتوش والتبولة في ملفه الجديد ، في هذه لن أضيع وسأكون كالسمكة داخل الماء وسأغوص عنه في الذاكرة القريبة والبعيدة فهو أيضاً موضوع ذو دلالات . وكل التحية لجميل ووالدته وكل الأصدقاء الأستاذ طه والأستاذ وحيد والأستاذ النويهي ......... والأصدقاء الذين لم يزورونا منذ مدة بعيدة .
 
هذه نكتة أرويها لعبد الحفيظ وزكريا لأنها لمحبي كرة القدم ولن يفهمها سواهم وهي من مخلفات نطحة زيدان الشهيرة وما نتج عنها من مضاعفات لأنها صدمت خيال العالم الغربي الذي لم بفهم كيف يمكن لزيدان أن يحب أمه أكثر من كأس العالم ?
 
ماتاراتزي يمثل للمحاكمة أمام القاضي ويخضع للتحقيق والاستجواب الدقيق لمعرفة ما قاله ، ولما قاله ..... الخ . وبعد أخذ ورد يصدر عليه الحكم ويتولى كبير القضاة تبليغه قرار المحكمة .
 
ــ " عندي لك خبر سيء وخبر مفرح فمن أين تريد أن نبدأ ? " يسأله القاضي .
 
ماتاراتزي مرتجفاً يقول :
 
ــ " إبدأ يا سيدي بالخبر السيء واترك الخبرالمفرح للأخير " .
 
القاضي يقول :
 
ــ " حكمت عليك المحكمة بالإعدام رمياً بالرصاص وسوف ينفذ بك حكم الإعدام غداً صباحاً في الملعب وأمام مرمى الكرة ! "
 
ماترتزي يبكي ويتضرع فيقول له القاضي :
 
ــ " انتظر ، ألا تريد معرفة الخبر المفرح ? "
 
ــ " وكيف يكون هناك خبرٌ مفرحٌ لمن سيطلق عليه النار بعد ساعات ? "
 
ــ " الخبر المفرح هو أن Trezeguet  هو من سيتولى إطلاق الهدف " .
 
( للذين لم يشاهدوا المباراة ولا يعرفون من هو Trezguet أوضح بأنه اللاعب الذي أخطأ رمية ضربة الجزاء وتسبب هو أيضاً بخسارة الفريق الفرنسي ) .
 

9 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
حول تاريخ المجدرة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
سمعت أحد علماء الأركيولوجيا يتحدث ذات مرة عن المجدرة ( هو عالم من أصل سوري _ حلبي كان يتكلم في أحد البرامج الأذاعية وعذراً على نسيان اسمه ) ، قال بأن الحفريات الأثرية في سوريا دلت على وجود جرار تحتوي على الأرز والعدس والزيت كانت لا زالت مدفونة في المقابر مع بقايا عظام إنسانية مما يدل على أن طقوس وعادات تلك الفترة لدى بعض شعوب المنطقة ( وكان يتكلم عن فترة 2000 إلى 3000 آلاف سنة قبل الميلاد ) كانت بأن يدفن مع الميت حاجاته الضرورية من مأكل وملبس . هذا دليل على أن هذا الطبق كان أساسياً في حياة إنسان الشرق الأوسط القديم فهو يحتوي على كل مكونات الحياة الضرورية من مواد نشوية ( الأرز ) ودهنية ( الزيت ) وبروتينية ( العدس ) إلى جانب أن هذه المكونات النباتية _ الزراعية من الحبوب التي تحفظ لمدة طويلة كانت في أساس حضارة بلاد الشرق القديم . 
 
لكن أقدم جرة مجدرة في التاريخ وهي تعود إلى أربعة ألاف عام قبل المسيح عثرت عليها التنقيبات الأثرية في الصين مدفونة في المقابر بنفس الطريقة الشعائرية ، فهل من رابط ? وهل يأكل الصينيون اليوم المجدرة مثلنا ?
 
 

11 - نوفمبر - 2006
شقندحيات من عالم الطبخات والأكلات
آخ من جدودي .....    كن أول من يقيّم

 
سأبدأ من الخاتمة من قصيدة الأستاذ زهير الأخيرة في عيد الفلسفة التي أنتقي منها هذا البيت :
 
وهـلا كان للشعراء iiيوم كمثل رفاقهم في البائسينا
 
أشكرك أستاذي الكريم على روح التضامن وأؤكد لك بأن هذا الفصل بين الأعياد ما هو إلا للفصل بين " البائسينا " وأن على  " بائسينا " الأرض أن يتحدوا .
 
الأستاذ الكريم طه أحمد المراكشي : عدا أن هذا الملف هو باب مشرع للريح كما وصفه الأستاذ السعدي غير أن ما ترويه عن مفتي " فرجينيا " الشيخ محمد علي ( ح) هو في الحقيقة في صلب الموضوع الذي يهدف إلى رصد المتغير والمتحول في عالمنا ومحاولة إدراكه بمفاهيم عصرنا الذي نعيش فيه وبأدواته المعرفية . لا تتردد أبداً لأنك بهذا تؤدي خدمة جليلة لهذا الملف الذي أردته أن يكون صندوق تبرعات كما أعلنت في بدايته . شكري وتقديري لأسلوبك الراقي وأدبك الجم .
 
الأستاذ جميلتحية عرفان وإكبار لكل ما يفيض عن رسالتك من أدب وشعر ومودة . أنت تنافس عبد الحفيظ في الدماثة وهذا صعب جداً . تحياتي للأم الغالية وتمنياتي أن تتحقق هذه الزيارة من كل قلبي وسأكون من الشاكرات .
 
الأستاذ السعدي وحديث الكاف : لا أدري لما أعادني حديثك إلى ديوان محمود درويش : لا تعتذر عما فعلت . سأعتبره تمهيداً لمقالات أنوي كتابتها عن موضوع العلاقة بالتاريخ والجدود ولقد اعاد حديثك إلى ذاكرتي على الأخص قصيدة محمود درويش في ذلك الديوان التي هي بعنوان : لا تكتب التاريخ شعراً . ليس من حقي إسداء نصائح مماثلة فأنا غارقة لأذني مثلك في الشعر والتاريخ وحكايا الجدود ، سأفتح لهم صفحة في هذا الملف . 
 
ونعود لكرة القدم : سألت جواد عن موقفه لو خيروه بين اللعب مع منتخب هولندا أو لبنان ، قال : " هولندا بدون تردد ، هل تمزحين ? هولندا هي من بين أقوى ستة فرق عالمية ، لبنان غير مؤهل حتى للعب بطولة كأس العالم " .
" طيب ، إيران ? " سألته فهي قد تأهلت للبطولة . " قطعاً لا " يجيب ، " هل تعلمين ماذا يعني أن تلعبي مع هولندا ? يعني أن تربحي ! " .
قطعاً أنا لا أعرف ولكن الذين يلعبون يعرفون بأنهم يريدون الأفضل لأنفسهم من حيث الكادر والتدريب والتقدير وأيضاً من حيث المردود المادي . الكل يريد أن يلعب ليربح ولا أحد يلعب ليخسر وكلما كان مستوى الفريق عالياً كلما ازدادت فرصة الربح . لا يمكننا أن نطلب من هؤلاء المراهقين القيام بخيارات عاطفية تضعفهم ولا تقوينا . مشاكل بلداننا تتعلق بالتأطير والتنظيم وضعف المستوى التقني الناتج عنها وليس قلة المواهب . عندما تتفتح موهبة ما في مكان ما تحت هذه الشمس فمن الأفضل أن نرعاها في الأرض التي نبتت فيها . يكفينا فخراً أنهم يحملون أسماءنا .
شكراً لندى " الشقية "على صورة الجدة التي تلعب بحفيدتها بالطابة . والله يا ندى أنت لا تشبهين اختي ندي التي أكل الذئب خروفها في شيء .
 
كل التحية لبقية الأخوة والأصدقاء اخص بالذكر منهم الأخ الهرغي والأستاذ العزيزالنويهي الذي لا غني عنه أبداً  والأستاذ بنلفقيه الذي ينتظر وصفة الفتوش والتبولة في نبات من بلادي . صدقني يا مولانا بأنني لم أنجح بإرسال الصور حتى الآن وهي ثاني محاولة أقوم بها اليوم لكنني اقتربت من الهدف .
كل التحية لكم جميعاً والسلام .
 
 
 

14 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
 23  24  25  26  27