البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات محمود العسكري أبو أحمد

 23  24  25  26  27 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
مقدمة الكتاب    كن أول من يقيّم

-   (( هذا ... كتابٌ لم أزل على فارط الحال وتقادم الوقت = ملاحظًا له ، عاكف الفكر عليه ، منجذب الرأي والروية إليه ، وادًّا أن أجد مهملاً أصله به ، أو خللاً أرتقه بعمله، والوقت يزداد بنواديه ضيقًا ، ولا ينهج لي إلى الابتداء طريقًا ، هذا مع إعظامي له ، وإعصامي بالأسباب المنتاطة به ، واعتقادي فيه : أنه من أشرف ما صنف في علم العرب، وأذهبه في طريق القياس والنظر ، وأعوده عليه بالحيطة والصون ، وآخذه له من حصة التوقير والأون ، وأجمعه للأدلة = على ما أودعته هذه اللغة الشريفة من خصائص الحكمة، ونيطت به من علائق الإتقان والصنعة ، فكانت مسافر وجوهه ، ومحاسر أذرعه وسوقه ؛= تصف لي ما اشتملت عليه مشاعره ، وتحي إِلَيَّ بما خيطت عليه أقرابه وشواكله ، وتريني أن تعْرِيد كُلٍّ من الفريقين البصريين والكوفيين عنه ، وتحاميهم طريق الإلمام به ، والخوض في أدنى أوشاله وخلجه ، فضلاً عن اقتحام غماره ولججه ؛= إنما كان لامتناع جانبه وانتشار شعاعه ، وبادي تهاجر قوانينه وأوضاعه ، وذلك أنا لم نر أحدًا من علماء البلدين تعرَّض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه ، فأما كتاب أصول أبي بكر فلم يلمم فيه بما نحن عليه إلا حرفًا أو حرفين في أوله ، وقد تُعُلِّق عليه به ، وسنقول في معناه ، على أن أبا الحسن قد كان صَنَّفَ في شَيْءٍ من المقاييس كُتَيِّبًا إذا أنت قرنته بكتابنا هذا = علمت بذاك أنا نبنا عنه فيه ، وكفيناه كلفة التعب به ، وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه المسوقة إلينا ، المفضية ماء البشر والبشاشة علينا ، حتى دعا ذلك أقوامًا نزرت من معرفة حقائق هذا العلم حظوظهم ، وتأخرت عن إدراكه أقدامهم إلى الطعن عليه ، والقدح في احتجاجاته وعلله ، وسترى ذلك مشروحًا في الفصول بإذن الله تعالى ، ثم إن بعض من يعتادني ، ويلم لقراءة هذا العلم بي ، ممن آنس بصحبته لي ، وأرتضي حال أخذه عني ،= سأل فأطال المسألة ، وأكثر الحفاوة والملاينة ،= أن أمضي الرأي في إنشاء هذا الكتاب ، وأوليه طرفًا من العناية والانصباب ، فجمعت بين ما أعتقده من وجوب ذلك عليَّ ، إلى ما أوثره من إجابة هذا السائل لي ، فبدأت به ، ووضعت يدي فيه ، واستعنت الله على عمله ، واستمددته سبحانه من إرشاده وتوفيقه ، وهو عز اسمه مؤتي ذلك بقدرته وطوله ومشيئته )) .

26 - ديسمبر - 2010
منتخبات من كتاب الخصائص لابن جني
مجموعة ثالثة    كن أول من يقيّم

1-   ألم : اسم الفاعل آلِم ، لم أكن أعرفه من قبل .
2-   إله : قيل في معنى اللهم = يا ألله أُمَّنا بخيرٍ .
3- إلى : قيل في ( ولا يأتل أولو الفضل ) أنه : يفتعل من ألوت ، ورد بأن افتعل قلَّما يبنى من أفعل ، إنما يبنى من فعل ، فهو من آليت .
4- أم : كل شيء ضم إليه سائر فهو أم ، وأصلها أمهة ، والجمع أمهات وأميهة ، أو أمات وأميمة ، وقيل في ( وادكر بعد أمة ) ( إن إبراهيم كان أمة ) مجاز بالحذف وتقديره : بعد انقضاء جماعة وقائمًا مقام جماعة ، وقيل في الأمي أي المنسوب إلى الأمة ، مثل العامي منسوب إلى العامة ، وإمام يوصف بها المفرد والجمع ، نحو درع دلاص ودروع دلاص ، وأم حرف إذا قوبل بألف الاستفهام فهو بمعنى أي وإذا تجرد عنها فهو بمعنى بل .
5-   أمد : فرقه عن الأبد أن الأبد لا يتقيد ، وفرقه عن الزمان أنه باعتبار الغاية والزمان باعتبار المبدأ والغاية .
6- أمر :  تأتي في القرآن بمعنى الإبداع اختصاصًا بالله تعالى ، وأولي الأمر أربعة : الأنبياء وحكمهم على ظاهر العامة والخاصة وباطنهم ، والولاة وحكمهم على ظاهر الكافة دون باطنهم ، والحكماء وحكمهم على باطن الخاصة دون الظاهر ، والوعظة وحكمهم على على باطن العامة دون ظاهرهم .
7- أمن : رجح في معنى الأمانة في الآية أنها العقل ، وذكر الإيمان في قوله تعالى : ( يؤمنون بالجبت والطاغوت ) ذم لهم لركونهم إلى ما لا يحصل به الأمن .

26 - ديسمبر - 2010
تلخيص من مفردات الراغب
بطاقة شكر    كن أول من يقيّم

- قبل نشر بطاقات هذا الموضوع - أحببت أن أتقدَّم بشُكْرٍ لـ : ( رأي الوراق ) لمتابعته المقالات والتعليقات السابقة بالتقييم ، وهذا اهتمامٌ له تقديرٌ كبيرٌ عندي ، فشكرًا جزيلاً .

26 - ديسمبر - 2010
مكتبة طالب علوم
أدعية عظيمة جامعة    كن أول من يقيّم

يبدأ من النظائر بالأدعية التي صدَّر بها أجزاءه ؛ منسوخةً من نشرة الوراق ، مع الضرب والتجدير على ما يلزم ؛ وسيلحق بها ما يظفر به في تضاعيف الأجزاء شاذًّا نادًّا .
----------------
( دعاء الجزء الأول )
اللهم إني أسألك جداً مقروناً بالتوفيق، وعلماً بريئاً من الجهل، وعملاً عرياً من الرياء، وقولاً موشحاً بالصواب، وحالاً دائرة مع الحق؛ نعم، وفطنة عقل مضروبة في سلامة صدر، وراحة جسم راجعة إلى روح بال، وسكون نفس موصولاً بثبات يقين، وصحة حجة بعيدة من مرض شبهة، حتى تكون غايتي في هذه الدار مقصودة بالأمثل فالأمثل، وعاقبتي عندك محمودة بالأفضل فالأفضل، مع حياة طيبة أنت الواعد بها ووعدك الحق، ونعيم دائم أنت المبلغ إليه.
اللهم فلا تخيب رجاء من هو منوط بك، ولا تصفر كفاً هي ممدودة إليك، ولا تذل نفساً هي عزيزة بمعرفتك، ولا تسلب عقلاً هو مستضيء بنور هدايتك، ولا تعْمِ عيناً فتحتها بنعمتك، ولا تحبس لساناً عوَّدته الثناء عليك، وكما أنت أولى بالتفضل فكن أحرى بالإحسان: الناصية بيدك، والوجه عان لك، والخير متوقع منك، والمصير على كل حال إليك، ألبسني في هذه الحياة البائدة ثوب العصمة، وحلني في تلك الدار الباقية بزينة الأمن، وأفطم نفسي عن طلب العاجلة الزائلة، وأجرني على العادة الفاضلة، ولا نجعلني ممن سها عن باطن ما لك عليه، بظاهر ما لك عنده، فالشقي من لم تأخذ بيده، ولم تؤمنه من غده، والسعيد من آويته إلى كنف نعمتك، ونقلته حميداً إلى منازل رحمتك، غير مناقش له في الحساب، ولا سائق له إلى العذاب، فإنك على ذلك قدير.
عرفنا الله حظنا، وسلك بنا في طرق رشدنا، وسل حب الدنيا من قلوبنا، وحط ثقل الحرص عليها عن ظهورنا، وفتح على ما عنده بصائرنا، وغمض عما ها هنا أبصارنا، ولا أبتلانا بنا، ولا أسلمنا إلينا، إنه ولي النعمة ومانحها، ومرسل الرحمة وفاتحها، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير؛ جل مذكوراً، وعز مراداً.
اللهم فأسمع، وإذا سمعت فأجب، وإذا أجبت فبلغ، وإذا بلغت فأدم، فإنه لا يشقى من كنت له، ولا يسعد من كنت عليه، وصل على نبيك المبعوث من لدنك إلى خلقك، محمد وآله الطاهرين، ولا تنزع من قلوبنا حلاوة ذكره، ولا تضلنا بعد إذ هديتنا، وقرب علينا طريق الاقتداء بأمره، والاهتداء بهديه، فإنك تصرف من تشاء إلى ما تشاء؛ لا راد لقضائك، ولا معقب لحكمك، ولا محيط بكنهك، ولا مطلع على سرك، ولا واصف لقدرك، ولا آمن لمكرك؛ أنت الإله المحمود، وأنت نعم المولى ونعم النصير.
( دعاء الجزء الثانـي )
اللهم إنك الحق المبين، والإله المعبود، والكريم المنان، والمحسن المتفضل، وناعش كل عاثر، ورائش كل عائل، بك أحيا، وبك أموت، وإليك أصير، وإياك أؤمل، أسألك أن تحبب إلي الخير وتستعملني به، وتكره إلي الشر وتصرفني عنه، بلطفك الخافي، وصنعك الكافي، إنك على ما تشاء قدير.
( دعاء الجزء الثالث )
اللهم أنت الحي القيوم، والأول الدائم، والإله القديم، والبارئ المصور، والخالق المقدس، والجبار الرفيع، والقهار المنيع، والملك الصفوح، والوهاب المنوح، والرحمن الرؤوف، والحنان العطوف، والمنان اللطيف، مالك الذوائب والنواصي، وحافظ الدواني والقواصي، ومصرف الطوائع والعواصي. إلهي، وأنت الظاهر الذي لا يجحدك جاحد إلا زايلته الطمأنينة، وأسلمه اليأس، وأوحشه القنوط، ورحلت عنه العصمة، فتردد بين رجاء قد نأى عنه التوفيق، وبين أمل قد حفت به الخيبة، وطمع يحوم على أرجاء التكذيب، وسر قد أطاف به الشقاء، وعلانية أناف عليها البلاء، لا يرى إلا موهون المنة، مفسوخ القوة، مسلوب العدة، تشنؤه العين، وتقلاه النفس، عقله عقل طائر، ولبه لب حائر، وحكمه حكم جائر، لا يروم قراراً إلا أزعج عنه، ولا يستفتح باباً إلا أرتج دونه، ولا يقبس ضرماً إلا أجج عليه، عبرته موصولة العبرة، وحسرته موقوفة على الحسرة، إن سمع زيف، وإن قال حرف، وإن قضى خرف، وإن آحتج زخرف، ولو فاء إلى الحق لوجد ظله ظليلاً، وأصاب تحته مثوى ومقيلا. إلهي، وأنت الباطن الذي لا يرومك رائم، ولا يحوم على حقيقتك حائم، إلا غشيه من نور إلهيتك، وعز سلطانك، وعجيب قدرتك، وباهر برهانك، وغرائب غيوبك، وخفي شانك، ومخوف سطوتك، ومرجو إحسانك، ما يرده خاسئاً حسيراً، ويزحزحه عن الغاية خجلاً مبهوراً، فيرده إلى عجزه ملتحفاً بالندم، مرتدياً بالأستكانة، راجعاً إلى الصغار، موقوفاً مع الذلالة؛ فظاهرك- إلهي- يدعو إليك بلسان الأضطرار، وباطنك يخبر عنك بسعة فضاء الأعتبار، وفعلك يدل عليك الأسماع والأبصار، وحكمتك تعجب منك الألباب والأفكار، لك السلطان والمملكة، وبيدك النجاة والهلكة، وإليك إلهي المفر، ومعك المقر، ومنك صوب الإحسان والبر، أسألك بأصح سر، وأكرم لفظ، وأفصح لغة، وأتم إخلاص، وأشرف نية، وأفضل طوية، وأظهر عقيدة، وأثبت يقين، أن تصد عني كل ما يصد عنك، وتصلني بكل ما يصل بك، وتحبب إلي ما حبب إليك، فإنك الأول والثاني، والمشار إليه في جميع المعاني، لا إله إلا أنت.
( دعاء الجزء الرابع )
اللهم، عليك أتوكل وبك أستعين، وفيك أوالي، وإليك أنتسب، ومنك أفرق، ومعك أستأنس، ولك أمجد، وإياك أسأل لساناً سمحاً بالصدق، وصدراً قد ملئ بالحق، وأملاً منقطعاً عن الخلق، وحالاً مكنونها يبوئ الجنة، وظاهرها يحقق النعمة والمنة، وعاقبة تنسي ما سلف، وتتصل بما يتمنىن ويتوكف.
وأسألك اللهم كبداً رجوفاً خوفاً منك، ودمعاً نطوفاً شوقاً إليك، ونفساً عزوفاً إذعاناً لك، وسراً ناقعاً ببرد الإيمان بك، ونهاراً مشتملاً على ما كسب مرضاتك، وليلاً حاوياً لما أزلف لديك.
أشكو إليك اللهم تلهفي على ما يفوتني من الدنيا، وانقيادس في طاعة الهوى، جاهلاً بحقك، ساهياً عن واجبك، ناسياً لما تكرر من وعظك وإرشادك، وبيانك وتنبيهك، حتى كأن حلاوة وعدك لم تلج أذني، ولم تباشر فؤادي، وحتى كأن مرارة عتابك ولائمتك لم تهتك حجابي، ولم تعرض كل أوصابي. إلهي، إليك المفر من دار منهومها لا يشبع، ومسهومها لا ينقع، وطالبها لا يرتع، وواجدها لا يقنع، فالعيش عندك رقيق، والأمل فيك تحقيق.
اللهم كما ابتليت بحكمتك الخفية التي أشكلت على العقول، وحارت معها البصائر، فعاف برحمتك اللطيفة التي تطاولت إليها الأعناق، وتشوفت نحوها السرائر. اللهم واجعل طريقنا إليك أمماً، ونجنا من الشيطان الرجيم، وخذ معنا بالفضل الذي هو إليك منسوب، وعنك مطلوب، وافطم نفوسنا من رضاع الدنيا، والطف بنا بما أنت له أهل، إنك على كل شيء قدير.
اللهم قدنا بأزمة التوحيد إلى محاضر طاعتك، واخلطنا بزمرة المخلصين لذكرك، واجعل إجابتك لنا من فضل ما تفضل بكرم عفوك، ولا تجعل خيبتنا عليك من قبل جهلنا بقدرك، وإضرابنا عن أمرك، فلا سائل أفقر منا، ولا مسؤول أجود منك. اللهم احجز بيننا وبين كل ما دل على غيرك بلسانك، ودعا إلى سواك ببرهانك. اللهم انقلنا عن مواطن العجز مرقياً إلى شرفات العز، فقد استحوذ الشيطان، وخبثت النفس، وساءت العادة، وكثر الصادون عنك، وقل الداعون إليك، وذهب الراعون لأمرك، وفقد الواقفون عند حدودك، وخلت ديار الحق من سكانها، وبيع دينك بيع الخلق، واستخزئ بناصر مجدك، وأقصي المتوسل بك.
اللهم فأعد نضارة دينك، وأفض بين خلقك بركات إحسانك، وامدد عليهم ظل توفيقك، واقمع ذوي الاعتراض عليك، واخسف بالمقتحمين في دقائق غيبك، واهتك أستار الهاتكين لستر دينك، والقارعين أبواب سرك، والقائسين بينك وبين خلقك.
أسألك اللهم أن تخصني بإلهام أقتبس الحق منه، وتوفيق يصحبني وأصحبه، ولطف لا يغيب عني ولا اإيب عنه، حتى أقول إذا قلت لوجهك، وأسكت إذا سكت بإذنك، وأسأل إذا سألت بأمرك، وأبين إذا بينت بحجتك، وأقرب إذا قربت يتأنيسك، وأبعد إذا بعدت بإجلالك، وأعبد إذا عبدت مخلصاً لك، وأموت إذا مت منتقلاً غليك. اللهم فلا تكلني إلى غيرك، ولا تؤيسنس من خيرك.
( دعاء الجزء الخامس )
اللهم اجعل عدونا إليك مقرونا بالتوكل عليك، ورواحنا عنك موصولاً بالنجاح منك. وإجابتنا لك راجعة إلى التهالك فيك، وذكرنا إياك منوطاً بالسكون معك، وثقتنا بك هادية إلى التفويض إليك، ولا تخلنا من يد تستوعب الشكر، ومن شكر يمترى خلف المزيد، ومن مزيد يسبق اقتراح المقترحين، وصنع هو من ذرع الطالبين، حتى نلقاك مبشرين بالرضا، محكمين في الحسنى، غير مناقشين ولا مطرودين.
اللهم أعذنا من جشع الفقير، وريبة المنافق، وتجليح المعاند، وطيشة العجول، وفترة الكسلان، وحيلة المستبد، وتهور الغافل، وحيرة المحرج، وحسرة المحوج، وفلتة الذهول، وحرقة النكول، ورقبة الخائف، وطمأنينة المغرور، وغفلة الغرور، واكفنا مؤونة أخ يرصد مسكوناً إليه، ويمكر موثوقاً به، ويخيس معتمداً عليه، وصل الكفاية بالسلوة عن هذه الدنيا، واجعل التهافنا عليها حنيناً إلى دار السلام ومحل القرار، وغلب إماننا بالغيب على يقيننا بالعيان، أحرسنا من أنفسنا فإنها ينابيع الشهوة ومفاتيح البلوى، وأرنا من قدرتك ما يحفظ علينا هيبتك، وأوضح لنا من حكمتك ما يقلبنا في ملكوتك، وأسبغ علينا من نعمتك ما يكون لنا عوناً على طاعتك، وأشع في صدورنا من نورك ما تتجلى به حقائق توحيدك، واجعل ديدننا ذكرك، وعادتنا الشوق إليك، وعلمنا النصح لخلقك، واجعل غايتنا الاتصال بك، واحجبنا عن قول يبرأ من رضاك، وعمل يعمى صاحبه عن هداك، وألف بيننا وبين الحق، وقربنا من معادن الصدق، واعصمنا من بوائق الخلق، وانقلنا من مضايق الرزق، واهدنا إلى فوائد العتق.
اللهم إنك بدأت بالصنع، وأنت أهله، فأنعم بالتوفيق فإنك أهله. اللهم إنا نتضاءل عند مشاهدة عظمتك، وندل عليك عند تواتر برك، ونذل لك عند ظهور آياتك، نلح عليك عند علمنا بحودك، ونسألك من فضلك ما لا يرزأك ولا ينكأك، ونتوسل إليك بتوحيد لا ينتمي إليه خلق، ولا يفارقه حق.
( دعاء الجزء السادس )
اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الطلب إلا منك، ومن الرضا إلا عنك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الصبر إلا على بابك، وأسالك أن تجعل الإخلاص قرين عقيدتي، والشكر على نعمتك شعاري ودثاري، والنظر في ملكوتك دأبي وديدني، والانقياد لك شأني وشغلي، والخوف منك أمني وإيماني، واللياذ بذكرك بهجتي وسروري.
اللهم تتابع برك،، واتصل خيرك، وعظم رفدك، وتناهي إحسانك، وصدق وعدك، وبر قسمك، وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، ولم تبق حاجة إلا قد قضيتها وتكلفت بقضائها، فاختم ذلك كله بالرضا والمغفرة، إنك أهل ذلك والقادر عليه والملي به.
اللهمّ لا تحرمنا السلامة إن منعتنا الغنيمة، ولا تحوجنا إلى منازلة خلقك في إبطال باطلٍ وتحقيق حقّ، وتولّنا بالكفاية، واحرسنا بالعصمة، واغمرنا بالرحمة. اللهمّ أنت مناط الهمّة، ومنتهى البال، وصفاء النفس، وخلصان الرّوع، ووليّ النعمة في الأولى والآخرة. نعوذ بك من أملٍ نزداد به إثماً، ومن استدراجٍ نكتسب به ظلماً، ومن طاعةٍ يشوبها رياء، ونعوذ بك من كل ما أبعد عنك، وأيأس منك.
( دعاء الجزء السابع )
اللهمّ لك أذلّ، وبك أعز، وإليك أشتاق، ومنك أفرق، وتوحيدك أعتقد، وعليك أعتمد، ورضاك أبتغي، وسخطك أخاف، ونقمتك أستشعر، ومزيدك أمتري، وعفوك أرجو، وفيك أتحيّر ومعك أطمئنّ، وإياك أعبد، إيّاك أستعين، لا رغبة إّلا ما نيط بك، ولا عمل إّلا ما زكّي لوجهك، ولا طاعة إّلا ما قابله ثوابك، ولا سالم إّلا ما أحاط به لطفك، ولا هالك إّلا من قعد عنه توفيقك، ولا مغبوط إّلا من سبقت له الحسنى منك.
إلهي، من عرفك قاربك، ومن نكرك حرم نصيبه منك، ومن أثبتك سكن معك، ومن نفاك قلق إليك، ومن عبدك أخلص لك، ومن أحبّك غار عليك، ومن عظّمك ذهل فؤاده عند جلالك، ومن وثق بك ألقى مقاليده إليك.
إلهي، ظهرت بالقدرة فوجب الاعتراف بك، وبطنت بالحكمة فوجب التّسليم لك، وبدأت بالإحسان فسارت الآمال إليك، وكنت أهلاً للتّمام فوقفت الأطماع عليك، وبحثت العقول عنك فنكصت على أعقابها بالحيرة فيك، وذلك أنّ سرّك لا يرام حوزه، وشأنك لا يحول كنهه، وفعلك لا يجحد تأثيره؛ لك الأمارة والعلامة، وبك السّلامة والاستقامة، وإليك الشوق والحنين، وفيك الشّكّ واليقين.

27 - ديسمبر - 2010
أشباه ونظائر من البصائر والذخائر
في القضاء والقدر    كن أول من يقيّم

-       للتوحيدي كلام عالي الطبقة في القضاء والقدر ، وأنقل هذه الفصول من الجزء السابع :
-   والجواب عن الذي مرّ به ثمامة أنّ فاقئ عين زيدٍ وآخذ مال عمروٍ متعدٍّ حدود الله الذي خلقه ورزقه، وأمره ونهاه، وبالتعدّي استحقّ اسم الظّلم واستوجب العقاب. ألا ترى أنه لما أطلق له ذبح الحيوان كان غير ظالمٍ لأنّه راعى الأمر ووقف مع الإباحة وأتى المأذون فيه، فلما تجاوز الرسم وتعدّى المحدود سمّي بالعاجل ظالماً، واقتصّ منه في الآجل عدلاً؛ وليس كذلك إلهنا عزّ وجلّ، لأنّه خلق زيداً وكان له أن لا يخلقه، ثم وهب له ما رأى متفضّلاً، ثم عرّضه للنعيم الدائم كرماً، ثم ابتلاه اختياراً، ثم قبضه إليه نظراً، ولم يتعدّ في ذلك أمر آمر ولا زجر زاجر، بل تصرّف في ملكه بعلمه وقدرته، غير مسؤولٍ عمّا فعل، ولا معترضٍ عليه فيما أتى، ولو كانت أفعاله موقوفةً على تجويز عقلك وإباحته، وإطلاقه وإجازته، لكان ناقص الإلاهية، لأنّه كان لا يفعل إّلا ما أذن فيه العقل.
-   واعلم أنّ العقل، وإن كان شريفاً، فإنه خلق الله، حكمه منوط بخالقه، وحاجته إلى الخالق كحاجة الناقص للعاقل، والنّقص لاحقٌ به وجائزٌ عليه، وإنما هو ضياءٌ بيننا وبين الخالق، به نتعاطى ونتواطى، ونتعامل ونتقابل، وعلى مقداره نفصل ونعدل، وبهدايته نرشد ونكمل، فأما أن يكون العقل حكماً بيننا وبين الله تعالى: ما أجازهُ الله حسن فعله وما أباه قبح فعله، فهذا ما لا يكون. كيف يكون هذا وهو إلهٌ من قبل العقل والعاقل والمعقول، وإنما أبدع هذه كلّها داعيةً إليه لا معترضةً عليه، وواصلةً به لا قاطعةً عنه، ودالةً على قدرته لا مضلّةً عن حكمته، ومتيقّنةً لما بان لا شاكّةً فيما أشكل. وما أحسن ما قاله أبو زيد البلخي، قال: العقل آلةٌ أعطيناها لإقامة العبودية لا لإدراك الرّبوبية، فمن طلب بآلة العبودية حقيقة الرّبوبية فاتته العبودية ولم يحظ بالرّبوبية.
-   أين يذهب بهؤلاء القوم? أما يعلمون أنه كما يرد على العين ما يغشى بصرها من نور الشمس، كذلك يرد على العقل ما يغشى بصيرته من نور القدس? ما أحوج هؤلاء المدلّين بعقولهم، الرّاضين عن أنفسهم، العاشقين لآرائهم، أن ينعموا النّظر، ويطيلوا الفكر، ولا يسترسلوا مع السانح الأوّل، ولا يسكنوا إلى اللفظ المتأوّل، ولا يعوّلوا على غير معوّل.
-   وأنت - حفظك الله - لو أردت أن تقف على أسرار ملك زمانك، وعلى خفايا أمر سلطانك، وعلى حقائق أحوال إخوانك، لم تستطع ذلك ولم تقدر عليه، على أنهم أشكالك وبنو جنسك، أو ليس قد علمت أن الملك لو وقف حارس داره على ما يقف عليه وزير مملكته، واطلّع من دون بابه على ما يطلّع عليه من دون شعاره، لكان ناقصاً مرذولاً، ولم يكن فاضلاً ولا مفضولاً، وأنّ الحال التي قد لبسها، والأمر الذي قد اعتنقه يقضي كتمان أشياء عن جميع الأولياء، وإفشاء أشياء إلى جميع الرعايا، وطيّ أشياء عن بعض الخواصّ، ونشر أشياء على بعض العوام، ولو تساوت رتب جميع الناس معه شركوه في الملك، وكان ذلك داعية الهلك، وأن لو بسط الجميع إلى معرفة ما غيّب ساووه في الإلاهية، وهذا محال، ولو حسم الأطماع عن معرفة ما يمكن لكان غير داعٍ إلى نفسه، ولا حائش إلى أنسه، ولا باعثٍ على الإقرار بالإهيته، والاعتراف بربوبيّته، فأودع العقول ما تمّت به العبودية، ودفع عنها ما تعلّق بالإلاهية، ثم أمدّها بالإحسان والتفضّل على دائم الزمان. فمن ظنّ أنه قد جهله من جميع الوجوه أبطل، لأن آثاره ناطقةٌ بالحقّ، وشواهده قائمةٌ بالصّدق، تقود العقول إلى الإقرار بالاضطرار والاختيار؛ ومن ظنّ أنه قد عرفه من جميع الوجوه أبطل، لأنّ الله تعالى لا يستوفى بمعرفة عارفٍ كما لا ينفى بحيرة واقف: إن جحدته فأنت مكابر، وإن ادّعيت الإحاطة به فأنت كافر ولكن بين ذلك قواماً، فإنه أهدى لقلبك، وأربط لجأشك، وأطرد لشكّك، وأنفى لوحشتك، وأبعد لنفورك، وأجلب لطمأنينتك، وأقرب إلى ما تضمّن الأمر، ووقف عنده النهي.
-   واعلم أنه لو كشف الغطاء عنك أعظمت الله - جلّت عظمته - عن سير عقلك فيه، وتسليط وهمك عليه، وظنّك أن لو فعل كذا لكان أجمل، ولو لم يفعل كذا لكان أفضل؛ إنك في واد، تحلم في رقاد، وتقدح بغير زناد.
-   هيهات لا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه، ولا سائل عن فعله، ولا باحث عن سرّه، ولا معارض لأمره، جلّ عما يجوز على خلقه، مما هو أولى بحقيقته؛ له الخلق والأمر، "ذلكم الله ربّكم فاعبدوه" "مخلصين له الدّين"، فاعرفوه بعلم اليقين، وكونوا من وعده على نظر، ومن وعيده على خطر، والسّلام.
-   اعلم أنّ الله تعالى عليٌّ بذاته وصفاته وحقيقته ومعناه من كل ما نحاه الفهم، وحصّله التّمييز، ودلّ عليه الوهم، ولحظه العقل، وساق إليه التعارف، وقربه القول، وتمثّله القلب، وتحدث به النفس. فزعم السائل أنه متى لم تقم في النفس صورته فهو محال جدلٌ، والجدل محطوطٌ عن الإنسان في معرفة صانعه وإثبات منشئه، وليس الله - على ما أخبرنا عنه - لعلّةٍ صريحةٍ وسببٍ قائمٍ ولحالٍ معروفةٍ، فإنه لو كان على ما هو عليه كشيءٍ من هذه الأشياء لكان منقوصاً من ذلك الوجه، بل النقص والكمال فعلان له، يوسف بهما من وهبهما له وساقهما إليه، وعلى ما يمكن أن يقال نقول في ذلك بما يغنيك عن الشكّ فيه وإن بعدت عن الطمأنينة إليه: أما تعلم أنه لو قام في النفس، أو التبس في العقل، أو تمثّل في القلب، أو برز بالتحصيل، أو أشير إليه في جهةٍ أو نفي من ناحية، أو أثبت في حال، كان تصرّف هذا كله علّةً ونقصاً، وأنه متى فرض كذلك فقد جهل من حيث قصد العلم به؛ وإنما انتهى العالمين به إلى أنه لا علم لهم به، فكان عجزهم عن لحوقهم لحوقاً، وجهلهم ما يستحيل تصويره علماً، ووقوفهم عند نهاياتهم تعبّداً، وبحثهم عما وراء ذلك اجتراءاً، وسؤالهم عما طوي عنهم فضولاً، وتشكّكهم بعد البرهان خذلاناً، وسكونهم إلى الظنّ خسراناً، وتصريفهم القول فيه بهتاناً. أتراك لا تعرف حقيقته ولا تعقل صفته إّلا بعد أن تكون موسوماً بسماتك ومردوداً إلى أحكامك? هيهات، إنه لو قبل نعتاً من نعوتك لكان خلقاً مثلك ولم يكن خالقاً لك، وإنما وجب أن يترقّى عنك وعن صفاتك لأنه فاعلك وفاعلها، فكيف يستعير وصفك وهو غنيٌّ عنك? أم كيف يشبهك وهو بعيدٌ منك? أم كيف يهتدي عقلك إليه وعقلك خلقٌ مثلك، وهو مبتلىً بمثل عجزك ومرميٌّ بقصور غايتك? وهل استفدت عقلك المضيء إّلا منه? وهل وجدت لسانك المبين إّلا عنده? وهل لجأت في النوائب إّلا إليه? أغرّك منه إحسانه إليك، وإنعامه عليك، ورفقه بك، ودعاؤه لك، ومناجاته إياك? الزم حدّك، وارجع إلى صفتك، واقض حقّ عبوديتك، واطلب المزيد بامتثال الأمر، وتسكين النفس، ورعاية ما هو متصلٌ منه بك، وثابتٌ له عندك، فلو قد سألك عنك - على قربك منك - لظهرت فضيحتك لشائع جهلك؛ ولو طالبتك بما له عليك لقيّدك العيّ عن الاحتجاج لنفسك؛ بل لو حاسبك على ما تجتنيه لنفسك، وتختاره لجمالك وتراه ذخراً لحياتك لبان خلل عقلك، وتلجلج فصيح لسانك، وحار ثاقب نظرك، ودحضت ثوابت حجّتك، ولكنت أوّل من يلوذ به، دامع العين، دامي الفؤاد، سليب العدة، ملطوم الخدّ، نادم القلب. هناك تعلم أنّ الملوك لا ينازعون ولا يتبدّلون، ولا يجادلون ولا يمتهنون. فحسبك منه أنه لاطف سرّك، وفتح ناظر قلبك، وعرض أصناف نعمه عليك، لتكون لنفسك خيراً مما أنت عليه، وتفارق ما أنت فيه لما أنت أحوج إليه.
-   وقال عليه السلام: "لا تنزع الرّحمة إلا من شقيّ؛ ثم قال: من لا يرحم لا يرحم"؛ المعنى في قوله: من لا يرحم لا يرحم أبين منه في قوله: لا تنزع الرحمة إلا من شقي، وذلك أن الرحمة إذا نزعها الله عزّ وجلّ منه فإنه يشقى بضدّ الرحمة وهي القسوة. والمعتزليّ يقول لك: كيف لا يكون قاسياً من نزعت الرحمة منه، وكيف لا يكون ضريراً من سلب بصره? فإذا قيل له: فما تقول? قال: ليس الخبر حقًّا، فإن قيل على التهمة الواقعة لك: ما وجه القول? فليس يضيق مثل هذا الإطلاق عند جميع الأمّة عن تأويل يطّرد فيه المعنى ويتمّ عليه المغزى، فيقول على التكليف: كأنّ المراد أن الفاسق القاسي يعاقبه الله عزّ وجلّ على ذنوبه بنزع الرحمة من قلبه،وهذا بعد استحقاق العبد ذلك بما اجترم واجترح.
-   وسألت بعض الحكماء والعلماء عن هذا فتعسّف، وقال: كأنّ من شقي بسعيه وقدم القيامة صفراً من الخير كمن نزعت الرحمة من قلبه، أي لم يعامل بما يستحقه السعيد؛ فعلى هذا الرحمة من الله تعالى جزاءٌ إلا أنها منزوعةٌ عن هذا؛ وكلّ هذا واهٍ ضعيف، والكلام على جملته مفيد المعنى مقبول المراد غير مأبيٍّ ولا مردود.
-   ولست أحبّ من هؤلاء العلماء هذا التّنقير فيما هذا سبيله، فإنه أخذٌ بالكظم وحنقٌ على الجرّة وصدٌّ عن سبيل العلم والعمل، وشغلٌ بما لا يجدي ولعله يضّر، وبئس الشيء التكلّف؛ وإن هذا الباب سيجرّ الإنسان إلى تفتيش كلام الله عزّ وجلّ، وتكشيف كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله،ومن ها هنا اجترأ هذا فقال: ليس هذا كلام الله، وليس هذا قول رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنّ التالي قد حرّف، وأنّ الراوي قد خرّف.

2 - يناير - 2011
أشباه ونظائر من البصائر والذخائر
اعتذار    كن أول من يقيّم

-   معذرةً أيُّها الأستاذ الكريم على تأخُّري في نشر بطاقات هذا الموضوع ، وكذلك على افتتاحي لعددٍ من المواضيع ولم أبدأ الكتابة فيها حتى الآن ، لكن بمشيئة الله تعالى سأتِمُّها في أقرب فرصةٍ .

3 - يناير - 2011
منتخبات من كتاب الخصائص لابن جني
بطاقة أولى    كن أول من يقيّم

تنشر في عُجَالةٍ هذه البطاقةَ الحاويةَ لبعض الكتب القيِّمة في فنونها ؛ لا سِيَّما وقد حَظِيَ الموضوع بتقييم رأي الوراق ، واستنجاز العِدَة من الأخ / عبد الرحمن ، وتكمل فيما بعد .
-----------
1-   شرح العقيدة الطحاوية ، ابن أبي العز الحنفي ، مكتبة الرسالة ، بتحقيق / التركي والأرنؤوط.
2-   تحرير علوم الحديث ، عبد الله بن يوسف الجديع ، مكتبة الريان .
3-   هداية القاري إلى تجويد كلام الباري ، عبد الفتاح عجمي المرصفي ، مكتبة الفجر .
4-   المعجم الوجيز .
5-   مختار الصحاح .
6-   شرح مقامات الحريري ، الشريشي ، بتحقيق / محمد أبو الفضل إبراهيم .
7-   تفسير البغوي ( 4 مجلدات ) ، بتحقيق / عثمان جمعة ضميرية وآخرون ، دار طيبة .
8-   المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، النووي ، مجلد ضخم ، دار ابن حزم .

11 - يناير - 2011
مكتبة طالب علوم
بطاقة ثانية    كن أول من يقيّم

كتب أدبية ، وعذرًا على أن الكتب لن تجيء مرتَّبةً في هذه البطاقات .
-----------------
1-   الأعمال الكاملة للمنفلوطي ، مجلد ضخم ، دار المعارف .
2-   مختارات البارودي ، 4 مجلدات ، قديمة .
3-   تاريخ الأدب العربي ، أحمد حسن الزيات .
4-   البيان والتبيين ، الجاحظ ، تحقيق / عبد السلام هارون .
5-   عيار الشعر ، ابن طباطبا ، تحقيق / عبد العزيز المانع .
6-   العمدة ، ابن رشيق ، تحقيق / النبوي شعلان .

14 - يناير - 2011
مكتبة طالب علوم
جواب معطر    كن أول من يقيّم

لك الشكر يا أستاذ على متابعتك واستفسارك ، ولك تحيتي وسلامي بشوقٍ وحرارةٍ .
والمنتخبات التي أردتُّ سَوْقَها إلى هذه الأصيدة = هي فصولٌ مقتضبةٌ من أبواب كتاب (الخصائص) ؛ استسنيتُ بلاغةَ قَلَمِ ابن جِنِّي في صياغتها بأسلوبٍ أدبيٍّ رفيعٍ ، ولذلك اخترْتُ لهذه المنتخبات مجلس الأدب العربي ، وليس في اعتزامي التطرُّق أو التطرُّء إلى مناقشة أبحاثه النحوية والصرفية ؛ فذلك لا ينهض به كاهلٌ ضعيفٌ وغُصْنٌ غضٌّ .
وأنا تأخرت في نشر البطاقات المنتخلة لبعض الشواغل في هذه الآونة ، وسأبعثها متواترةً متى فرغت قريبًا بعون الله .

14 - يناير - 2011
منتخبات من كتاب الخصائص لابن جني
في ذم الكلام والجدل    كن أول من يقيّم

( كلمة من الجزء الثاني )
قال الإسكافي وأبو عيسى الوراق: يجوز أن يكون الإنسان قاعدا قائماً، ومتحركاً ساكناً؛ هكذا حكى الكعبي وهو ثقة، وهذا من شنيع القول وفاحش الأعتقاد.
وما أدري ما أقول في هذه الطائفة التي تبعت آراء مشوبة، وأهواء فاسدة، وخواطر لم تختمر، وفروعاً لم يؤسس لها أصول، وأصولاً لم تشرع على محصول، لا جرم اتسع الخرق على الراقع، واشتبه الأمر على المستبصر، وخاست بضائع العلماء، وعاد الأمر إلى الهزل المقوى بجد، والباطل المزين بحق، وذهب التقى، وسقط الورع، وهجر التورع والتخرج، وصار الجواب في كل مسألة دقت أو جلت، أو اتضحت أو أشكلت، لا أو نعم، كأنهم لا يعلمون أنهم لا يعلمون كل شيء، ولا يحيطون بكل شيء، وأن الدين مشروع على التسليم والتعظيم والعمل الصالح، واعتقاد ما عري من الرأي المنقوص والعقل المنقوص، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجب في كل شيء، ولا أثار ما لم يكن مأموراً بإثارته، وأنه أمر بالكف والسكوت إلا فيما عم نفعه، وشملت عائدته، وأمنت عاقبته، بذلك بعث، وعليه حث وحث. إلى الله عز وجل أشكو عصرنا وعلماءنا، وطالبي العلم منا، فإنه قد دب فيهم داء الحمية، واستولى عليهم فساد العصبية، حتى صار الغي متبوعاً، والرشد مقموعاً، والهوى معبوداً، والحق منبوذاً، كل يزخرف بالحيلة ولا ينصف، ويموه عليه بالخداع ولا يعرف.
ولقد رأيت شيخاً من أبناء ستين سنة وهو يقول: ما ناظرت قط في إثبات الرؤية من ينفيها إلا انقطعت، ولا أتيت بحجة إلا زوحمت، ولا عولت على أصل إلا نوزعت، وما أمدي في ذلك إلا هواي في أني أحب إثبات الرؤية، وأستوحش من نفيها، فأنا أتبع ما يقوى في نفسي، لأن الله عز وجل قاذف تلك المحبة في نفسي، ومتوليها دوني، ولو كان العمل على بيان الخصم واحتجاج النظير وشواهد المناظر، لقد كنت تحولت في ألف مقالة، فإني لا أسمع خطبة مقالة، ولا ألحظ ظاهر نحلة، إلا وأرى له من البهاء والحلاوة والحسن والشارة ما لا أجد لغيره، فإن ذهبت إلى تكافؤ الأدلة قهرت العقل، وفارقت المحجة، وإن ملت إلى تخليص الحجة من عوارض الشبهة رمت كؤوداً، ورهقت صعوداً، لكني مع ما ألقي في روعي لأني واثق به، وذلك أني لم أجلبه ولم أكسبه، وإنما هو شيء سبق إلي سوقاً، وشوقت إليه شوقاً، ولأن أكون مع هذه الدواعي أحب إلي من أن أطيل المنازعة وأكثر البحث، فإن آفة المنازعة ثوران الطباع وهيج النفس وعصبية الهوى، وآفة البحث التردد بين الاستيحاش والتحير على غير يقين يمسك الفؤاد، ولا عمل يزود إلى المعاد.
هذا كلام هذا الرجل، ولعل فتنته فيما ذهب إليه، وعقد إصبعه عليه، أخف من فتنة غيره، وإذا كان بعض ما يعتري خائض هذا العمر، وراكب هذا البر، فما نقول بأمور أدق من هذا وأخفى?! ولهذا قال بندار بن الحسين، وكان شيخ فارس علماً وفضلاً ونبلاً: ما نظرت في الكلام قط إلا رأيت في قلبي منه قسوة، وعلى لساني منه سطوة، وفي أخلاقي مع خصومي جفوة.
وكان أبو زيد المروزي يقول- وشاهدته بمكة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة-: كنت أقرأ علم الكلام على الأشعري أيام حداثتي بالبصرة، فرأيت في المنام كأني قد فقدت عيني جميعاً، فأستعبرت حاذقاً بعلم الرؤيا فقال لي: لعل هذا الرائي قد سلخ دينه، وفارق حقاً كان عليه، فإن أوضح دلائل البصر على الدين والعقيدة. قال: فأستوحشت من هذه العبارة، وأنقبضت عن المجلس، فسأل عني وجد في تعرف خبري وألح على نظرائي، فلم أرتح ولم أهتز، فبينا أنا على انقباضي إذ جمعني وإياه طريق، فبدأني بالسلام، وأطال طرف الحديث، وشهد تعسري في الإجابة، واستيحاشي من الطريقة، فقال لي عند آخر كلامه: إن كنت تنفر من مقالتنا التي شاهدناها ونصرناها، فاحضر واقرأ أي مقالة أحببت فإني أدرسها لك. قال أبو زيد: فأزددت في نفسي نفوراً، وكان سبب إلحافه وتشدده أني كنت حديث السن، وكان للعين في مجال، ثم ثبتني الله تعالى على هجران هذا الفن، وأقبل بي على الحق والفقه، وبلغني هذه الحال التي أسأل الله عز وجل تمامها وخير عاقبتها.
هذا نص ما حفظته عنه، وإن كنت قدمت بعض اللفظ وأخرت، فإني لم أحرف المعنى، ولم أزد فيه من عندي شيئاً، ولقد سمع هذا ابن المرزبان الشافعي سنة تسع وخمسين مع أصحابه بعد أن عاد أبو زيد من الحجاز والشام إلى مدينة السلام قاصداً إلى خراسان.
 
( كلمة من الجزء الثالث )
قال مسمع، قلت لجعفر الصادق عليه السلام: لم خلد أهل الجنة فيها، وإنما كانت أعمارهم قصيرة وأعمالهم يسيرة، ولم خلد أهل النار وهم كذلك? فقال: إن أهل الجنة نووا أن يطيعوه أبداً، وإن أهل النار نووا أن يعصوه أبداً، فلذلك صاروا مخلدين.
المتكلمون لا يرضون بهذا الجواب، ولا يعجبون به، ولا يميلون إليه، وما أكثر ما يزيفون الرواية، ويقدحون في الأثر، ويستبدون بالرأي، ويفزعون إلى القياس، وليتهم مع هذه الجرأة على الرد، والإقدام على الحكمة، كانوا يجانبون الهوة، ويعافون الأختلاف، ويعلمون أن الله نهى عن التفرق في الدين، ومنع من إيثار الشك على اليقين، ودين الله محمي الحريم، عزيز الجانب، لا يتلقى بالتعسف والتكلف، ولا يتناول بالتقعر والتنطع، وما شمت الحاسد المرصد، والطاعن الملحد، حتى رأى علماء الدين وأنصار الشريعة يموجون في نحلهم، ويكفرون أهل القبلة على اعتقادهم، ويحيرون المسترشد، ويغوون الرشيد، ويصدون بالأختلاف عن الأئتلاف، ويسرعون إلى الإنكار قبل الأعتراف، ويظنون أن عقولهم كافية، وألفاظهم شافية، وأن الله راض عنهم لصنيعهم، غير مؤاخذ لهم على تضييعهم، فلا جرم والله ذهب بهيبتهم، ونزع البهاء عن وجوههم، ووكلهم إلى أنفسهم حتى خبطوا كما تخبط العشواء، وضلوا كما تضل العمياء، وجعل مصيرهم إلى دار البذاءة، وألجأهم إلى الحسرة والندامة، ولو سكتوا عما سكت عنه، وقالوا بما أمروا به، وضرعوا إلى الله سبحانه فيما أشكل عليهم منه، أراح الله قلوبهم من كد الفكرة، وأزاح عللهم بالأنباء والعبرة، وعذرهم فيما عجزوا عنه، وقبلهم على ما تقدم إليهم به؛ ولكنهم أعجبوا ببعض الإصابة فتهوروا مع كثير الخطأ، وكذلك يفعل الله بمن لا يحفظ شرائط العبودية، ولا يقف عند حدود البشرية، ولا ينصاع لأمر الألوهية، ولا يسلم لله أحكام الربوبية، ولكن يطلب العلة الخافية عليه وما طولب بها، ويبحث عن الحكمة المطوية عنه وما سئل عنها، ويفرض الله كأنه شريكه في الملك، ويقول لم وكيف وهو جاهل بما هو فيه، وبما كوشف به، وبما أطلع عليه، لو سألته عن نفسه ومعناه وعينه، وعن نطقه وصمته، وعرفاته وحديثه، وظنه ويقينه، وشكه وتوثقه، وغضبه ومرضاته، وعما يتعاوره ويتعاقبه، ويتجدد إليه ويتحدد عليه، ويبدو منه ويغور فيه، على دائم الزمان، في كل الزمان، لوجدته بادي العجز، ظاهر الجهل، قريب العر، مستحقاً للرحمة، وأنه مع ذلك يدعي لاوياً شدقه، فاتلاً إصبعه، مدراً وريده، كأنه رب ليس بمربوب، أو مالك ليس بمملوك.
 
( كلمة أخرى من الجزء الثالث )
قال رجل لمتكلم: ما الدليل على صانع العالم? قال: شعرة أمك، فإنها تحلقها فتنبت وتعلم أن لها منبتاً، فقال الرجل: إن كان هذا دليلاً على إثبات الصانع فإن بظر أمك يدل على نفي الصانع، لأنها إذا قطعته لم ينبت؛ فانقطع المتكلم.
والسفه في المتكلمين فاش، وسوء الأدب عندهم من أجود سلاح، والمكابرة من أكبر عدة، ولهذا يجتمعون فلا ينفع الله باجتماعهم وبتعاطيهم وبأهوائهم. وما زال هذا الدين بهي المنظر مهيب المخبر، عذب المورد محمود المصدر، حتى تكلم هؤلاء القوم فأثاروا الشبه، وأقاموا الحجج، وطرحوا في القلوب العار، وحملوا الألسنة على الإنكار؛ كفى الله المسلمين شرهم، إنه نعم الكافي والمعين.

15 - يناير - 2011
أشباه ونظائر من البصائر والذخائر
 23  24  25  26  27