البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 237  238  239  240  241 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
زوجة وأم    كن أول من يقيّم

ولَـم يـشجني شيءٌ كمنظر غادةٍ قَد  اِغتال كفُّ الظلم حاميها iiغدرا
فَـبـاتَـت  تناجي همها iiكحمامة تَـنوح بداجي اللَيل من كبدٍ حرَّى
أَضـاعَـت  نهاراً إلفَها iiفتبجست تـجـدّ  بـترداد الهديل له iiذكرا
وأمٍّ أراهـا الـحيفُ قتل iiوحيدها فظلت من الأحزان كاسفة iiحسرى
وقـامـت إلـى شـاوٍ له متمزّع تخمش منها الوجه أو تلدِم الصدرا
فـلـفـتـه في أكفان خزّ iiجديدة ووارتـه  في قبر ولازمت iiالقبرا
ولـو  لم يكن مِلحاً أجاجاً iiدموعها لأَنبت من تسكابها القبر iiواخضرا
عـجوز أبت أن تسكن الدار iiإنها رأت دارهـا من بعد واحدها قَفرا

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
قبلات ضائعة    كن أول من يقيّم

يـا  مغاني الصبا وأرض iiشبابي مـا  طلبت الفراق لَولا iiالدواعي
اسمحي لي أَن ألثم الأرض والأح جـار  وَالـجدر منك قبل الوداع
مـا اِجـتـماع يَكون بعد اِفتراقٍ كـاِفـتـراق  يَكون بعد iiاِجتماعِ
إنـنـي  قد دافعت عنك iiبشعري كـشـجـاع  فَـمـا أفاد iiدِفاعي
كَـم إِلـى كَـم أَعيش بين iiذئاب كـاشـرات وأنـمـر iiوَضـباع
إنـمـا الـنـاس في مدينة iiبغدا د قَـطـيـع قد نامَ عنه iiالراعي

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
أنا إن لم أسر فمن ذا يسير    كن أول من يقيّم

قل  لقوم قد طأطأوا بعد iiكبرٍ أَين ذاكَ الهوى وَذاك iiالغرور
إنـني في طلاب حق iiبلادي لـم  أَرد مـا أَراده الجمهور
لا تخون العقول أَصحابها في مـا تراه وقد يخون iiالضَمير
قيل  لي قف فقلت غير iiملبٍّ أَنـا إن لم أَسر فمن ذا iiيسير

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
أشواك    كن أول من يقيّم

بغداد أمست وقد أزرت بها iiالنوب تبكي على عزها الماضي iiوتنتحبُ
كيف القرار على الأرزاء في بلدي إن  السفينة في الأمواج iiتضطرب

سجن بغداد في الحقيقة iiقبرٌ مـوحش  فيه تدفن الأحياءُ
حجرات  في جوفها ظلمات فهي في الليل والنهار سواءُ
جَرَت  الدموع عَلى دماء قَد iiجَرَت وَجـرت عَـلى تلك الدموع iiدماء
وَرأَيت في الصبح الشيوخ جميعهم يـدعـون لَـو نفع الشيوخَ iiدعاء
لَو  طابَ عيشي في العِراق iiكعهده مـا كـانَ فـي قَـلبي له iiبَغضاءُ
وإذا الـلَـيالي غيرت سعد iiامرئٍ يَـخـفى الصَديق وَتظهر iiالأعداء
 
لَيسَ شيء يضر بالناس iiكالطي
 
شِ إذا دام دافـعـاً فـي iiالحياة
رب أخلاق أحرزت في عصور فـأَضيعت بالطيش في iiسنوات
 
عـداك الـحيا من بلدة عمَّ iiشرها
 
وسادت  بها دون البلاد iiالجهالات
ولـم تـر فـي سكانها غير ظالم وأما أولو الإنصاف منهم فقد ماتوا
 
بـغداد لَم تك غير دار iiسلامة حـتـى  تغير أَهلها iiوأَشاحوا
أَنـا واحد ممن تنغص iiعيشهم فمضوا يجوبون البلاد وَساحوا
بـلـد  لبست به شبابي iiهاتفاً ونـزعـته وإذا الهتاف iiنواح
وَلَـقَد  تبدلت الوجوه فَلَم iiيُتَح مـا  كـانَ للحر الأَديب iiيتاح

قـد  كانَ لي فيك يا بغداد آمالُ وَاليَوم لي عوض الآمال iiأوجالُ
وكانَ أَهل ومال في ربوعك لي بالأمس  واليوم لا أَهلٌ وَلا مالُ

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
بيروت    كن أول من يقيّم

يممت  بيروت أستشفي iiبطيبته وَقلت  علّ جروحي فيه iiتندمل
بيروت  عز بلاد الضادِ iiقاطبةً بنهضة القوم فيه يضرب المثل
هناك  شعب بصير بالحياة iiفما تـراه يـوماً بغير العلم iiيحتفل
من  استطاع دفاعاً عن iiحقيقته فـإنـه  وحده في قومه iiالبطل
قـد كفروني لأني في مجالسهم عـلـى الحقيقة إِمّا قلت iiأتّكل
الـحـق  يندبني فيها iiفأنصره وَالـعـقل يأَمرني فيها iiفأَمتثل

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
لبنان ولكن    كن أول من يقيّم

دعَـتنيَ  من لبنان لُبنى iiلخفرها وإنـي لـلـبنى ما حييت iiمطيع
وَلـكـن دون الخفر لَو iiأَستَطيعه جموعاً ومن خلف الجموع جموع
لَئِن  أَخذت شمس السَعادة iiتَختَفي فَللشمس  من بعد الغروب iiطلوع
وَللأرض من بعد الخَراب iiعمارة وَلـلـراحـلين المبعدين iiرجوع
ذكـرت زَمـانـاً فيه لبنان iiجنة وَشـمـل بَـني لبنان فيه iiجَميع

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
إلى دمشق على سيارة    كن أول من يقيّم

ولما فسد ما بينه وبين الملك فيصل، باع مكتبته وأعلن عن بيع داره وقصد دمشق، فخرج من بغداد يوم 5/ 4/ 1924 ووصل دمشق بعد يوم، وكانت هذه أول قصيدة ألقاها في دمشق، والمنشور منها في الديوان (33) بيتا
لـمـا تنغص في العراق مقامي وَلـيت  مني الوجه شطر iiالشامِ
بـغـداد  لَيسَ اليوم دار iiسلامة كـلا وَلا هـي مـنـزل iiلوئام
الناس  فيها لي على قرضي iiلهم حـر  القَريض مناوئٌ iiومحامي
ما إن وجدت على التماس واحداً فـي  الـقوم قد أَشكو له iiآلامي
إلا شـبـابا ناهضين إلى iiالعلى يـتـطـلـبون المجد غير iiنيام
أمـا دمـشـق فـإنـها iiعربية رفـعـت لـواء السلم والإسلام
سـافـرت  من بغداد في سيارة نـفـثت لظىً وتحركت بضرام
حـتى وصلت إلى دمشق iiوإنها بـلـد  كَـريـم حـافل iiبكرام
سـفـري  إلـيها كله قد تم iiفي يـوم  وآخـر لـم يـكن iiبتمام
تـاللَه  تلك مسافة شسعت iiعلى مـن  كـان يمشيها على الأقدام
حـسبي دمشق فإنها بلد الرضى والـحـب لـلـغرباء iiوالإكرام
فَـلَـقَـد رأَيت حفاوةً من iiأَهلها عجزت  لهم عن شكرها iiأقلامي
 
ثم غادر دمشق يوم 23/4/ 1924 قاصدا بيروت، وفيها ألقى قصيدته (يممت بيروت بعد الشام في سفري) في الحفلة التي أقيمت له في بيت (بدر أفندي دمشقية) وألقى قصيدته (لولا تفاقم شر ليس يحتمل) في بيت (جميل بيهم) وأهدى أهل بيروت رباعياته فطبعت هناك. ثم قصد مصر وشاء سوء طالعه فيها أن ينشر على صفحات (السياسة) قصيدة (الدمع ينطق) يوم 22/ 9/ 1924 فأثار حفيظة علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ عبد الحميد قطيط الذي وجه كتابا إلى وزير الداخلية يطالبه فيه بإخراج هذا الملحد من مصر. فعاد إى بغداد وأعد له الرصافي وأصدقاؤه حفلة استقبلوه بها وكل أخباره في هذه التنقلات موثقة في كتاب (الزهاوي) للأستاذ عبد الرزاق الهلالي وهو مرجعي في إعداد هذا الملف. وتصبحون على خير

25 - مارس - 2008
عيون الزهاوي
والجابري أيضا    كن أول من يقيّم

وأقول أيضا (على هامش كلمتي هذه) إن الجابري كان مجانبا للصواب في كل ما حكاه في مقالته.  فالعلم ليس ملكا لشرق أو لغرب، ولما كان المسلمون قد فرغوا من قياس سرعة الأرض وحركة الكواكب وتجسيد كل ذلك على الاسطرلابات والأزياج لم يكن لأي من دول أوربا ذكر في دنيا العلوم الفلكية والطبية والهندسية. مع أن مناقشة المسألة بهذه الصورة فاسدة بالمنطق، لأنه يقال للجابري: (أرأيت لو أن المسلمين كانوا هم الذين اكتشفوا تلك الحقائق أيحق لهم وقتها البحث عن أوجه الصلة بينها وبين القرآن)
وأما قول الجابري: (وإذن، فالعمل الذي يقوم به المؤلفون المحدثون في موضوع "القرآن والعلوم الكونية"، والذي يعتمد كما قلنا على تأويلات وأحيانا على تحليلات غير ناجحة في الغالب، هو عمل فيه تكلف كبير ومظنة لإثارة الشكوك) فكلام مردود عليه بقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وهذا إعلان لا مجال للشك معه من أن البحث عن آيات الله في الأفاق واجب شرعي. بل القرآن دعا إلى أكثر من هذا حين قال: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)
وأما استثناء طنطاوي جوهري من قائمة الباحثين عن تلاقي الحقائق العلمية والقرآن فهي وحدها كارثة، وتعني أن الجابري لم يقرأ تفسير طنطاوي جوهري وخزعبلاته فيه حول موسيقى الكواكب وتحضير الأرواح، وأن النبي (ص) هو الذي أمره بتأليف التفسير لما رآه في المنام.
كان الأستاذ د. مصطفى محمود يبهر السامعين في برامجه التي أعدها وقدمها حول أسرار الكون والطبيعة وتلاقيها مع ما أنزله الله تعالى من آي الذكر الحكيم. ولا أنسى هنا أيضا فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني وبحوثه الأكاديمية في هذا السياق، ولقد سمعت منه حديثا يحبس الأنفاس عن طبائع الإبل ومزاياها التي امتازت بها عن كل الدواب، فبان لي أنه كان نعم العالم الباحث في تفسير قوله تعالى (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) وعرفت سبب إفراد (الإبل) بالذكر دون سائر الحيوان، ولكنني لما كنت أقرأ الآية قبل أن أسمع كلام الزنداني لم أكن أفهم منها سوى معناها الظاهر.
 وأما قول الجابري في حديثه عن العرب والبيان القرآني (فلفت نظرهم إلى ظواهر الكون التي تَبِين بنفسها لمن تبَيَّن: لفت نظرهم "إلى الأرض كيف سطحت" كما تبدو في شكلها الظاهري للعين المجردة، والتي يراها الإنسان مسطحة سواء كان واقفا أو ماشيا أو راكبا دابة، متجها شمالا أو جنوبا، شرقا أو غربا، طال به السفر أو قصر).
وهذا قصور في فهم الجابري، لأن الآية (وإلى الأرض كيف سطحت) سبقها قوله تعالى (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ 17 وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ 18 وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)
فهل (الجبال) في كوكب آخر غير الأرض.. إن مفهوم الأرض في القرآن لا يعني الكرة الأرضية في شكلها، وإنما يعني الأرض التي يعيش الناس في أرجائها. وهي على الأغلب صحارى وسهول، والقرآن يدعو الناس في الآيات للتفكير في عظمة من رفع الجبال وبسط الأرض. لا أنه يقرر حقيقة كونية تتعلق بجرم الأرض وهل هي كروية أم مسطحة.
وأخيرا ليس بصحيح أيضا ما حكاه الجابري من ان المذهب الإسماعيلي يقوم كله على تأويل القرآن وفق،"الحقائق العلمية" التي كانت سائدة في ذلك العصر (القرون الثالث والرابع والخامس الهجري ) فما هي (الحقائق العلمية) التي أولت الإسماعيلية القرآن وفقها.

28 - مارس - 2008
هل الشريعة الإسلامية أمية
على رسلكم يا جماعة    كن أول من يقيّم

تفاجأت بهذا الموضوع لما رأيت تعاليق سراة الوراق عليه، ولومي على صديقنا يوسف الزيات، فهو كما بدا لي لم يقرأ (ألحان الخلود) كاملا، وإنما اكتفى بقراءة هذه القصيدة، فلا شك عندي أن القصيدة من تأليف زكي مبارك، والاستدلال على ذلك سيكون مضيعة للوقت، وهو في ديوانه هكذا يخترع لكل قصيدة قصة، ويتعمد الإثارة في القصص التي يخترعها، كقصة تولعه بغلام اسمه (أحمد رشدي) وقد حظي بنصيب الأسد من الديوان، وهو شخصية مختلقة، لا وجود لها أبدا، وفي ألحان الخلود قصائد كثيرة في التغزل به، ويصفه زكي مبارك بأنه كان تحفة من التحف، لامع الذكاء، رائع الجمال، صوته أرق من بغام الظباء. قال: (دعوته مرة لمقابلتي على إحدى القهوات فحضر في الميعاد، ولكنه تقزز مما رآه. فقد شاهد في القهوة سربا من المومسات فانزعج وقال أنا منصرف يا دكتور. فقلت: لا تنزعج يا رشدي فأنا أجلس في هذه القهوة لأدرس المجتمع الذي نعيش فيه، لأننني أريد أن أسجل بقلمي ألوانا من صور هذا المجتمع. فقال: إن الفرق بيني وبينك بعيد يا دكتور، فأنت أقمت حياتك على قواعد من الحديد بفضل ألقابك العلمية ومؤلفاتك الأدبية والفلسفية، ولن يستطيع أعداؤك أن يهدموك، أما انا ففي بداية حياتي، والشبهة الصغيرة تزعزع مركزي، وتعرضني للأقاويل والأراجيف، ثم صرخ : قم بنا !
فقلت: إن لي حديثا مع تلك المرأة فاصبر لحظات، وأشرت إلى المراة فحضرت لتشرب ولتقص أحاديث صحيحة عن رجل يزعم أنه من قادة الإصلاح الاجتماعي)
ومن قصائد زكي مبارك في رشدي قوله:
الـعـيش  من بعدكم iiمرير وكـان أحـلى من iiالرحيق
والـدهـر  من بعدكم بحار بـهـا غـريق إلى iiغريق
إذا  ذكـرت الـفراق iiيوما غصصت من لوعتي بريقي

28 - مارس - 2008
قصيدة منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
الخلاف على معنى كلمة الأميين    كن أول من يقيّم

أنقل هنا من الشبكة العنكبوتية هذا المبحث الرصين في الخلاف على معنى كلمة (الأميين) ويمكن للأخوة القراء الرجوع إلى أصل البحث على الرابط http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Quran/P3.htm
معلوم أن القرآن الكريم قد وصف العرب بهذا الوصف في ثلاثة مواضع. وهي قوله تعالى : { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ }(1). وقوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ }(2)، وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وِإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ }(3).
ولكن كما هو واضح من سياق الآيات السابقة، فإن هذا الوصف لا يعني الجهل بالكتابة والقراءة، حيث إن الآيات الثلاث نزلت في المدينة ذات المناخ المعروف المكون من اليهود وهم أهل كتاب، ومن عرب لم يكن لهم كتب دينية منزلة، وعليه فإن الأمية هنا الأمية الدينية، أي الأمة التي تملك كتاباً سماويّاً كاليهود والنصارى لا الأمية بمعنى الجهل بالكتابة والقراءة، وقد أشار إلى هذا المعنى بعض المفسرين القدامى، منهم الإمام ابن جرير الطبري فقد أشار إلى ذلك في تفسيره للآية : { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ؟ فَإنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا }(4). حيث يقول : >يعني جل ثناؤه، وقل يا محمد للذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى والأميين : الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب أأسلمتم ...<(5).
يقول الدكتور جواد علي تعليقاً على ما ذكره الإمام الطبري : >فالمسلمون أهل كتاب، والمجوس أميون كمشركي مكة وبقية العرب المشركين، لا لكونهم لا يقرؤون ولا يكتبون، بل لأنهم لم يؤمنوا بالتوراة والإنجيل<(6).
وفي تفسيره لقوله تعالى : { آ لم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَليَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }(7). يقول : >حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال : ثنى حجاج، عن أبي بكر بن عبد اللّه، عن عكرمة، أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، قالوا : أدنى الأرض يومئذ أذرعات بها التقوا، فهزمت الروم فبلغ النبي  صلى الله عليه وسلم   وأصحابه وهم بمكة، فشق ذلك عليهم، وكان النبي  صلى الله عليه وسلم   يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، ففرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم   فقالوا : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب<(8). وقد ذكر الواحدي النيسابوري ذلك أيضاً في أسباب نزول الآية(9).
ويـقول الإمـام القرطـبي في تفسيره للآية : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ }(10)، بعد أن عرض عدة آراء : >قال ابن عباس : الأميون العرب كلهم، من كتب ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب<(11). وفي المفردات يقول الراغب الأصفهاني : قال الفراء : >إن الأميين هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب<(12).
وقد أشار الإمام الآلوسي إلى ذلك في تفسيره للآية بقوله : >إن النبي  صلى الله عليه وسلم   كان يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم<(13).
ولا يقول عاقل إن اليهود والنصارى كلهم أو حتى أغلبهم كانوا يعرفون الكتابة والقراءة، لأن القرآن سماهم أهل الكتاب، وإنما أطلق القرآن الكريم عليهم هذه التسمية لأنهم أصحاب كتاب منزل من السماء بخلاف العرب. أو أن المصريين الذين اشتهروا بالكتابة كان كلهم يعرفون الكتابة والقراءة، أو فارس ... إلخ، وإنما المسألة نسبية.
ومعروف أن من عادة اليهود إطلاق تسميات خاصة على من يخالفهم في الدين وإلى يومنا هذا، وذلك لتمييز أنفسهم. يقول الدكتور جواد علي : >ولا يعقل أن يكون اليهود أو غيرهم قد أطلقوا الأمية على العرب، بسبب جهل العرب الكتابة والقراءة ـ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ـ فقد كان سواد يهود ونصارى جزيرة العرب أميّاً أيضاً، لا يقرأ ولا يكتب، إلا أن القرآن الكريم أخرجهم من الأميين، واستثناهم، وأطلق عليهم (أهل الكتاب)، وذلك يدل دلالةً واضحةً على أن المراد من (الأميين) العرب الذين ليس لهم كتاب، أي العرب الذين لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، لا من لا يحسن الكتابة والقراءة. والقرآن الكريم هو الذي هدانا إلى لفظة (الأميين)، فلم ترد اللفظة في نص من نصوص الجاهلية وبفضله أيضاً عرفنا مصطلح (أهل الكتاب) دلالةً على أهل الديانتين<(14).
بـل إن قــولـه تعـالى : { ومنـهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون }(15). لا يفيد معنى الأمية بالكتابة والقراءة، رغم أن المقصود به اليهود. وتتضح الصورة أكثر مع قوله تعالى مبيناً مهمة الرسول والهدف من بعثته في سورة الجمعة : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }. فهل يصح لأحد أن يدعي أن الأمـية هـنا، معنـاها الجـهل بالكـتابة والقـراءة، وأن الـرسول  صلى الله عليه وسلم  ، قـد بـعث ليعـلم الناس القراءة والكتابة، لأنه عز وجل قال إنهم أميون، وأنه  صلى الله عليه وسلم   جاء يعلمهم الكتاب !
وينقل الإمام الطبري في هذا الصدد : >وعن قتادة هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم قال : كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها كتاب يقرؤونه فبعث اللّه نبيه محمداً  صلى الله عليه وسلم   رحمةً وهدى يهديهم به. حدثنا ابن عبد الأعلى قال ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم قال : كانت هذه الأمة أميةً لا يقرؤون كتاباً، فبعث اللّه نبيه محمداً  صلى الله عليه وسلم   رحمةً وهدى يهديهم به. حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم قال : إنما سميت أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم الأميين لأنه لم ينزل عليهم كتاباً. وقال جل ثناؤه رسولاً منهم يعني من الأميين. وإنما قال منهم لأن محمداً  صلى الله عليه وسلم   كان أميّاً وظهر من العرب. وقوله ويعلمهم الكتاب ويعلمهم كتاب اللّه وما فيه من أمر اللّه ونهيه وشرائع دينه والحكمة يعني بالحكمة : السنن. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل<(16).
وقال الإمام الشوكاني : >هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم : المراد بالأميين العرب من كان يحسن الكتابة منهم ومن لا يحسنها لأنهم لم يكونوا أهل كتاب<(17).
وقد ورد لفظ (الأمي) مرتين في السور المكية، ولكن يلاحظ أن الآيتين المكيتين، خاصتان بالرسول  صلى الله عليه وسلم  . الآية الأولى جاءت في معرض كلام اللّه سبحانه وتعالى لموسى في بيان وصف المستحقين لعفوه ومغفرته، فقال تعالى : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ }، والآية الأخرى : { فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ }(18).
وللعلماء كلام طويل في سبب إطلاق الأمي على الرسول  صلى الله عليه وسلم  ، هل من أنه نسبة إلى العرب الذين ليس لهم كتاب سماوي، أو نسبةً إلى أمه باعتبار حاله حال الذي يولد من أمه لا علم له بالكتابة والقراءة، أو نسبة إلى العرب الذين لم يكن لهم حظ من العلم والمعرفة حسب رأي البعض، إلى غير ذلك من الآراء والأقوال التي لا تدخل ضمن نطاق هذا البحث.
(1) سورة آل عمران 20/.
(2) سورة آل عمران 75/.
(3) سورة الجمعة 2/.
(4) سورة آل عمران 20/.
5) الطبري، محمد ابن جرير : جامع البيان عن تأويل آي القرآن، (بيروت : دار الفكر، د. ط، 1984م) مجلد 143/3.
(6) علي : المفصل، ج 95/8.
(7) سورة العنكبوت 3-1/.
(8) الطبري : جامع البيان، مجلد 18-17/21.
(9) الواحدي، علي بن أحمد : أسباب النزول، (بيروت : دار المعرفة، د، ط، ت) ص 259-258.
(10) سورة الجمعة 2/.
(11) االقرطبي، محمد بن أحمد : الجامع لأحكام القرآن، تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، د. ط. ت) ج 91/18.
(12) الـراغب الأصـفهاني، الحسين بن محمد : المفردات في غريب القرآن، تحقيق : محمد سيد الكيلاني، (بيروت : دار المعرفة، د. ط. ت) ص 23.
(13) الآلوسي، شهاب الدين محمود : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، ط 4، 1985م) ج 17/21.
(14) علي : المفصل، ج 106/8.
(15) سورة البقرة 78/.
(16) الطبري : جامع البيان، ج 94/28.
(17) الشوكاني، محمد بن علي بن محمد : فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، (بيروت : دار الفكر، د. ط. ت) ج 224/5.
(18) سورة الأعراف، 157-156/.

29 - مارس - 2008
هل الشريعة الإسلامية أمية
 237  238  239  240  241