طرائف أتتنا من القمر كن أول من يقيّم
من الطرائف ما يعلق بالبال ولو بعد طول حين : لما هبط الأمريكان على سطح القمر سنة تسعة وستين قامت قيامة المكذبين بهذا الهبوط ولم تقعد ، ولم يكن الاتحاد السوفياتي قد نشر تكذيبه الذي يصدر عن خصم ضد خصم وليس إنكارا لإمكانية الهبوط علميا ، فالروس كانوا قد هبطوا قبل الأمريكان ؛ ولكن بالآلات وليس بالإنسان . في تلك البرهة من الزمن أذكر أن قارئا لمجلة العربي أرسل إليها يقول إن خطيبا من خطباء المساجد عندهم كفّر كل من يصدق بالهبوط ، وأجهد نفسه في إنكار ذلك الحدث لدرجة أنه صعد المنبر وهو يحمل حجرا ، وقام خلال الخطبة بقذف الحجر إلى الأعلى . ولما سقط الحجر على أرضية المسجد قال الخطيب للمصلين : "انظروا! ألم يرجع الحجر المقذوف إلى الأرض! فكيف صعد الأمريكان نحو القمر إذن؟!" أو كما قال ذلك الخطيب . بعد ذلك بسنة تقريبا روى لي صديق أنه هو وجمع من أصحابه تجادلوا مع رجل مسن جار لهم حول ذلك الموضوع ، وكان المسن بطبيعة الحال من أشد المكذبين ، ولكنه أعياه إقناع مجادليه من الفتية بأنهم على ضلال ، ثم تفتق ذهنه عن سؤال سألهم إياه ، فقال : " يا جماعة ، آمنا أنهم نزلوا على القمر ، ولكن قولوا لي كيف لم ينقسم قرص القمر إلى قطعتين من ثقل الذين وقفوا عليه؟! ولو فطن أولئك الفتية لما ورد في الأثر من وجوب مخاطبة الناس على قدر عقولهم لما أجهدوا ذلك المسن وأتعبوه . وبعد ذلك بسنتين جمعني مجلس مع أحد الأشخاص ولم يكن من المسنين ، وبدأ هو بتكذيب القول بالهبوط على سطح القمر . وكان هذا الشخص يميل إلى المعتقد الشيوعي ( نظرا لما في الشيوعية من عدالة كما قال) ويكره أمريكا والدول الرأسمالية عموما . قال يسأل : هل يصدق أحدكم أن حماراً يمكنه الصعود ثم الاستقرار على أنتين التلفزيون؟ فقال جميع من كان حاضرا: لا ، لا نصدق ، فقال : كيف تصدقون إذاً أن الإنسان صعد إلى القمر واستقرعليه؟ كل ما هنالك أنهم ربطوا كبسولة رواد الفضاء وهي عائمة على سطح ماء المحيط بحبل ثم ربطوا الطرف الثاني للحبل بطائرة هيليوكوبتر أخذت ترتفع بالكبسولة لتنقلها إلى المكان المطلوب وخلال هذه العملية تكون كاميرات التصوير شغالة ، ثم يعرضون علينا الصور ويقولوا : هذه الكبسولة كانت على سطح القمر . وما أنهى الرجل كلامه إلا وانفجر الحاضرون قائلين : " الآن آمنا أن الحمار يمكنه الصعود إلى الأناتين والاستقرار عليها . إن ما ذكرته لحضراتكم ليس غريبا كثير الغرابة إذا قيس بما قرأناه مرة في ستينيات القرن الماضي من خبر جاء فيه : إن هناك جمعية في بريطانيا العظمى يعتقد أعضاؤها جميعا أن الأرض ليست كالكرة ، وإنما هي قرص مسطح تماما ، وأنهم ينكرون القول بكرية الأرض ودورانها أشد الإنكار. ولا أدري إن كانت تلك الجمعية ما زالت قائمة إلى اليوم ، وهل ازداد عدد أعضائها أم نقصوا . وهذه عبرة من قصة الهبوط على سطح القمر : سئل ، أيامها ، رجل من عامة الناس ( لم أعد اذكر هل هو برازيلي أم أرجنتيني المهم انه من أمريكا اللاتينية الفقيرة جارة أمريكا الشمالية المتخمة بالغنى) : ماذا يعني لك الهبوط الأمريكي على سطح القمر؟ فقال : أوَ يزيد هذا الهبوط في أرغفة عيشي رغيفا واحدا؟ قالوا : لا ، فقال : لا يعنيني بشيء إذن . وأختم كلامي بتوجيه التحيات الطيبات إلى أستاذتنا العزيزة علينا ابنتنا خولة ، راعية هذا الملف الشائق ، حماها الله ورعاها ، وجعلها قدوة يقتدى بها في كل شأن وفي كل حين ، وكذلك ندعو لسراة الوراق جميعا، الطيبين المباركين . |