البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ياسين الشيخ سليمان أبو أحمد

 22  23  24  25  26 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
تحياتي لجميع الأكارم ،    كن أول من يقيّم

 
    كنت أظن أن اسم العذْل بسكون الذال هو وحده اللفظ الصحيح وذلك من مطالعتي إياه قديما في طبعة من طبعات المنجد في اللغة وأن ما ورد في الأشعار من فتح الذال فيه إنما هو من ضرائر الشعر ، أما وأستاذنا الغالي قد أفهمنيها ، فله الشكر وله العرفان بالفضل . ولو كان التأني رفيقي ما أتعبت أستاذي فكلفته الإجابة . وفي المعجم الوسيط طالعت لتوي العذل بسكون الذال أو بفتحها . وبهذه المناسبة أتساءل عن الأساس الذي يعتمده أهل اللغة في كيفية ضبط كلماتها . ولقد قرأت مرة أن أشعار المولدين لا يعتد بها على الرغم مما للشعر من مكانة في الاستشهاد على اللغة ، ومع ذلك فإن جريان لفظ على الألسنة دون أن يستنكره اللغويون وأصحاب الفطر السليمة ربما يجعله صحيحا . وأشكرك أيضا يا أستاذي الكريم ، على تعقيبك حول مكان دفن الوليد بن طريف ، ففيه ما يبعث على الاطمئنان ، وفيه مخرج سليم من تأكيد الدكتور مروان أن تل نباثا موجود في كفر توثا .
    وأصرح هنا بأنني لما أدرجت مشاركتي حول البيتين المنسوبين إلى عنترة لم أكن قد طالعت مشاركة الأستاذ المثقف الذكي اللماح العزيز أحمد عزو ، ولما ظهرت مشاركتي فإذا بمشاركته تسبق لتوها مشاركتي ،  فقرأتها وأعجبت بها وقلت في نفسي : من المحتمل جدا أن الإجابة المعقولة لن تكون مباشرة مثل إجابتي خاصة وأن أستاذنا زهير لا يضع لنا سؤالا إجابته قريبة التناول . ولما قرأت مشاركة أستاذتنا العزيزة ضياء ، وهي الفيلسوفة الحكيمة والأديبة المثقفة المعتبرة ذات الإحساس المرهف ، ازداد الاحتمال لدي بأن إجابتي بعيدة عن الصواب ، أو أن البيتين يحتملان أكثر من إجابة مع الأخذ بالحسبان أن إجابة يمكن أن تفوق أخرى قربا من المعنى الذي قصده الشاعر .
    وإذا كان فهم معنى البيتين المذكورين متعددا، فيجوز لنا النقاش في معانيهما المتباينة أو المتقاربة لأزداد من إيضاح غيري فهما. وأقول حول مشاركة الأستاذ عزو ، والأستاذة ضياء ، ومشاركتي :
1ـ إذا كان قائل البيتين عنترة ( وهذا غير مضمون  ) فإن قصته مع ابنة عمه مشهورة ، وليس فيها واحدة أخرى تعلقت به حتى يقول لها ما قال ، كما أن نسبة البيتين إلى عنترة تعني عند من نسبوهما  إليه أن الحب فيهما هو مثل حب عنترة ابنة عمه والذي لم تشبه شائبة من إمكانية تخلي عنترة عن حبه . والظن بأن المخاطَب هو غير المحبوب يكون معقولا أكثر إذا كان نوع الحب الذي ورد في البيتين من نوع حب عمر بن أبي ربيعة مثلا النساء ؛ لكن هذا النوع غير واضح في البيتين أنه كذلك ، بل الأقرب أنه حب فيه الإخلاص التام متوفرا ، فهو إلى العذري أقرب ، فيستبعد أن تطمع واحدة في أن تعرض حبها على من هو يفني نفسه في حب غيرها .
والأهم مما سبق هو كيف للشاعر أن يفطن إلى الاستبدال الحقيقي ( يستبدل محبوبا بمحبوب آخر) وقلبه ليس معه! أليس هذا ينسف الكلام من أصله نسفا فيذره لا فائدة منه أو يجعله كذبا واختلاقا! أما إذا كان الخطاب موجها للمحبوب نفسه تأكيدا على شدة التعلق به ، فإن البديل هنا هو المحبوب نفسه ، ولم لا ؟ وهذا معنى بليغ جداً يشبه في بلاغته مثلا معنى القول : لو لم تكن أنت المحبوب ، لبحثت عن محبوب يكون أنت . فالتبديل هنا لا يشترط فيه المعنى الحقيقي للتبديل . ويشبه هذا تقريبا معنى قولنا : " الجيبة وَحدِه " عندما يريد أحدنا أن يكفي صاحبه مثلا ثمن ابتياع شيء ما لسبب أو لآخر، والجيب في الحقيقة جيبان . إن عظم مقدار حب المحب للمحبوب جعل المحب لا يعبأ بلوم اللائمين ولا بعذل العاذلين فيظل مستقيما على حاله من الإخلاص لمحبوبه مهما يعاني في سبيل ذلك من عنت . ولو لم يكن الحب بهذا المقدار ، لبحث عن محبوب آخر واستراح ، أو لاستجاب للتي صارحته بحبها(على رأي أخي أحمد عزو) وانتهى الأمر .
ومن الشعر المشهور :
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى مـا الـحـب إلا للحبيب iiالأول
هذا البيت يجعلني أستغرب كيف ينقل المحب المخلص فؤاده حيث يشاء ولديه حبيب أول رست سفينة فؤاده على ساحله ! من المفروض أن يكون التنقل غير وارد أصلا . أما أبيات العباس بن الأحنف التي ذكرها الأستاذ عزو ، فهي ربما تحمل أيضا معنى التهديد الخفي ؛ حثا للمحبوب على الاستجابة وهجر الصدود كالذي يتهدد زوجه بجلب ضرة لها لسبب من الأسباب ، وهو في حقيقة الأمر غير جاد في التهديد ، أو لا قدرة لديه على التنفيذ .
 
 

24 - أكتوبر - 2008
لو كان قلبي معي
طرائف أتتنا من القمر    كن أول من يقيّم

من الطرائف ما يعلق بالبال ولو بعد طول حين :
لما هبط الأمريكان على سطح القمر سنة تسعة وستين قامت قيامة المكذبين بهذا الهبوط ولم تقعد ، ولم يكن الاتحاد السوفياتي قد نشر تكذيبه الذي يصدر عن خصم ضد خصم وليس إنكارا لإمكانية الهبوط علميا ، فالروس كانوا قد هبطوا قبل الأمريكان ؛ ولكن بالآلات وليس بالإنسان . في تلك البرهة من الزمن أذكر أن قارئا لمجلة العربي أرسل إليها يقول إن خطيبا من خطباء المساجد عندهم كفّر كل من يصدق بالهبوط ، وأجهد نفسه في إنكار ذلك الحدث لدرجة أنه صعد المنبر وهو يحمل حجرا ، وقام خلال الخطبة بقذف الحجر إلى الأعلى . ولما سقط الحجر على أرضية المسجد قال الخطيب للمصلين : "انظروا! ألم يرجع الحجر المقذوف إلى الأرض! فكيف صعد الأمريكان نحو القمر إذن؟!" أو كما قال ذلك الخطيب .
بعد ذلك بسنة تقريبا روى لي صديق أنه هو وجمع من أصحابه تجادلوا مع رجل مسن جار لهم حول ذلك الموضوع ، وكان المسن بطبيعة الحال من أشد المكذبين ، ولكنه أعياه إقناع مجادليه من الفتية بأنهم على ضلال ، ثم تفتق ذهنه عن سؤال سألهم إياه ، فقال : " يا جماعة ، آمنا أنهم نزلوا على القمر ، ولكن قولوا لي كيف لم ينقسم قرص القمر إلى قطعتين من ثقل الذين وقفوا عليه؟! ولو فطن أولئك الفتية لما ورد في الأثر من وجوب مخاطبة الناس على قدر عقولهم لما أجهدوا ذلك المسن وأتعبوه .
وبعد ذلك بسنتين جمعني مجلس مع أحد الأشخاص ولم يكن من المسنين ، وبدأ هو بتكذيب القول بالهبوط على سطح القمر . وكان هذا الشخص يميل إلى المعتقد الشيوعي ( نظرا لما في الشيوعية من عدالة كما قال) ويكره أمريكا والدول الرأسمالية عموما . قال يسأل : هل يصدق أحدكم أن حماراً يمكنه الصعود ثم الاستقرار على أنتين التلفزيون؟ فقال جميع من كان حاضرا: لا ، لا نصدق ، فقال : كيف تصدقون إذاً أن الإنسان صعد إلى القمر واستقرعليه؟ كل ما هنالك أنهم ربطوا كبسولة رواد الفضاء وهي عائمة على سطح ماء المحيط بحبل ثم ربطوا الطرف الثاني للحبل بطائرة هيليوكوبتر أخذت ترتفع بالكبسولة لتنقلها إلى المكان المطلوب وخلال هذه العملية تكون كاميرات التصوير شغالة ، ثم يعرضون علينا الصور ويقولوا : هذه الكبسولة كانت على سطح القمر . وما أنهى الرجل كلامه إلا وانفجر الحاضرون قائلين : " الآن آمنا أن الحمار يمكنه الصعود إلى الأناتين والاستقرار عليها .
إن ما ذكرته لحضراتكم ليس غريبا كثير الغرابة إذا قيس بما قرأناه  مرة في ستينيات القرن الماضي من خبر جاء فيه : إن هناك جمعية في بريطانيا العظمى يعتقد أعضاؤها جميعا أن الأرض ليست كالكرة ، وإنما هي قرص مسطح تماما ، وأنهم ينكرون القول بكرية الأرض ودورانها أشد الإنكار. ولا أدري إن كانت تلك الجمعية ما زالت قائمة إلى اليوم ، وهل ازداد عدد أعضائها أم نقصوا .
وهذه عبرة من قصة الهبوط على سطح القمر :
سئل ، أيامها ، رجل من عامة الناس ( لم أعد اذكر هل هو برازيلي أم أرجنتيني المهم انه من أمريكا اللاتينية الفقيرة جارة أمريكا الشمالية المتخمة بالغنى) : ماذا يعني لك الهبوط الأمريكي على سطح القمر؟ فقال : أوَ يزيد هذا الهبوط في أرغفة عيشي رغيفا واحدا؟ قالوا : لا ، فقال : لا يعنيني بشيء إذن .
وأختم كلامي بتوجيه التحيات الطيبات إلى أستاذتنا العزيزة علينا ابنتنا خولة ، راعية هذا الملف الشائق ، حماها الله ورعاها ، وجعلها قدوة يقتدى بها في كل شأن وفي كل حين ، وكذلك ندعو لسراة الوراق جميعا، الطيبين المباركين .
 
 

25 - أكتوبر - 2008
استراحة، وابتسامة
من قال بوقوع الهم جانب الصواب    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أخانا العزيز ، د.يحيى،
شكر الله تعالى لك هذه المشاركات المباركة . الوقف في المعنى عند قوله : " ولقد همت به " هو الوقف الصحيح دون ريب على الرغم من وجود من خالف ذلك ؛ وتلك المخالفة لا يعتد بها . ولو لم نقف ، لاحتمل المعنى نفي الهم عن امرأة العزيز أيضا . ومما يُتعجب منه أن كثيرا من التفاسير قالت بأن الهم وقع من سيدنا يوسف ، بل إن بعضها أورد من الاسرائيليات أكاذيب لا تجوز في حق الناس العاديين الأتقياء من البدء بمباشرة الفعل ، ناهيك عن الرسل والأنبياء . والذين قالوا بوقوع الهمّ أجهدوا أنفسهم في بيان أنواع الهم  ، وأن هم يوسف عليه السلام من النوع الذي لا يؤاخذ الناس عليه . ففي مقدمة تفسير الجلالين الصادر عن دار المعرفة في بيروت في طبعته الثالثة نعى كاتب المقدمة على السيوطي القول الذي ذكره في معنى الهم ، وبين ما قال به الفخر الرازي من تبرئة سيدنا يوسف من العمل الباطل والهم المحرم ، ثم انتهى المقدم إلى القول : "...فالهم همان : هم ثابت ، وهو ما كان معه عزم وقصد وعقيدة ورضا مثل هم امرأة العزيز ، فالعبد مأخوذ به ، وهم عارض ، وهو الخطرة في القلب ، وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم مثل هم يوسف عليه الصلاة والسلام ، فالعبد غير مأخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل به ، ولو كان همه كهمها لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين ."  انتهى كلام مقدم تفسير الجلالين.
ولنا أن نقول : على الرغم من سلامة تفسير معنى الهم الذي ذكره المقدم ، وأن منه المحرم ومنه غير المحرم ، فإن المستغرب هو عدم الالتفات إلى " لولا " ، التي تنفي وقوع الهم مهما كان نوعه .
ومن الآيات القرءانية المشابهة : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا.." الإسراء، " ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين " الصافات ، " ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم " النور .

26 - أكتوبر - 2008
استراحات
رومانسية! نعم ، ولكنها غلب عليها التأويل    كن أول من يقيّم

 
أستاذتنا الكريمة ،
سوف أجيبك آخذا بالحسبان إمكانية وقوعي في الخطأ ، فلست أدعي امتلاك ناصية الحقيقة ، إنما هي قناعات يحددها اتجاهي العاطفي وليس العقلي وحده . ولا يعني ذلك على الإطلاق أنني أبعد بحضرتك عن الرومانسية ، وكيف ذلك وأنت سيدة وربة أسرة أولا ، ومتعلمة مثقفة إلى أبعد حدود الثقافة التي لم يصلها واحد مثلي ثانيا ، وإنما الذي يبدو أنك خشيت الاتهام بالإيغال في الرومانسية حيث أن الإيغال فيها يمكن أن يوحي لدى بعض الناس انصراف نظر الرومانسي عن العقلانية ، أو حتى يمكن أن يظن الرومانسي نفسه كذلك خاصة إذا كان دارسا للفلسفة متعمقا فيها ؛ فكل شيء عنده بحساب حتى الكلمة او الحرف ، ويظل يخشى أن يكون قد جانب الصواب . إن مزج الرومانسية مع العقلانية هو الأولى دون ريب حتى تستقيم الحياة على الحال الأفضل ، ولكن الشعراء( ليسوا كلهم)  يبدون على خلاف ذلك فيما أرى . والتزام العاطفة وحدها جربته شخصيا في مراحل حياتي ، فما نابني منه غير الضرر في كثير من الأحايين .
أهم شيء اعتمدته في تحليل البيتين في مشاركتي السابقة غفلتُ عن ذكره ، وقد ذكر معناه أخونا العزيز أمير العروض ويعني أن الشعر العذب يكون في العادة سهل المتناول لدى الغالبية ؛ لذا لا يحتاج في العادة إلى تحليل من نوع آخر يصعب على الأغلبية فهمه . وإذا رحنا نؤول المعنى تأويلا ؛ اعتمادا على أن الشاعر كان لغويا أو نحويا ، وأنه دقق في معنى كل كلمة يقولها ، وفي كل حرف أو أداة لغوية أوردها ، فإننا ساعتها ربما نخرج بمعنى غير الذي قصده الشاعر وربما نكون بذلك على حق دون أن نصل إلى المعنى المقصود . ولو كان النص نصا قرءانيا لوجدنا أن كل كلمة ، بل كل حرف قد وضع في محله الصحيح الذي لا صحيح بعده ، وهنا تنطبق الطريقة التي اتبعتها حضرتك في التحليل دون ريب . وإنني في تعقيبي السابق بدوت متأثرا بطريقتك في تعليق حضرتك السابق فلجأت إلى القول : كيف للشاعر أن يفطن إلى الاستبدال الحقيقي ( يستبدل محبوبا بمحبوب آخر) وقلبه ليس معه! وهذا القول قريب نوعا ما إلى التحليل الفلسفي . ولكن تعقيب أمير العروض كان موجزا وبسيطا وواضحا .
وكوننا لا نعرف مناسبة النص على وجه القطع ( ولا يمكن ذلك إلا من فم صاحب النص نفسه إن صدق في إخبارنا) لجأنا إلى تحليل المعنى ؛ وصولا إلى المناسبة ، ويبقى نقاشنا تحليلاتنا والرسو على واحد منها إن أمكننا ذلك ، هو الفيصل في معرفة المناسبة . وقد انصرف تحليلنا إلى سبيلين : المخاطب هو المحبوب نفسه ، أو المخاطب شخص آخر . ويبقى علينا النقاش في أي التحليلين نكتشف منتهى الروعة والجمال . والتحليل الثاني ، وهو مخاطبة محبوب آخر ، يرتكز فقط على حسن الخلق والكياسة في أسلوب الرد حرصا على عدم جرح المشاعر ، وهذا ، لاريب ، خلق جميل ، ولكنه متوقع ومعتاد لدى الكثيرين ، فإن قصد إليه الشاعر لا يكون قد قصد شيئا عجيبا ، ولن يكون ذلك الشاعر ، في رأيي البسيط ، هو ابن زريق أو من طبقة ابن زريق إنما يقرب من أن يكون من طبقة أبي العتاهية مثلا في بعض ما نسبوا إليه من نظم .  والتحليل الثاني يمكن أن يقع كذلك كثيرا في مناسبات أخر . فلو قصدنا سائل يسألنا مما أعطانا الله ، لقلنا له : والله إنك لتستحق أن تعطى ، ولو كان معنا مال لأعطيناك ، ولكننا لا نملك المال ، فالله ييسر لك ، ونكون بذلك لم نرتكب ما نهى الله عنه من نهر السائل . وهذا أمر طبيعي عند الناس . أما الشعراء الذين اقتبسوا من معنى البيتين ، فإننا نلحظ في شعرهم المعنى الأول الذي يروح بنا إلى أن المخاطب هو المحبوب نفسه ، مثل قول الشريف الرضي :


لَو كانَ لي بدل ما اخترتُ غيركُم فـكيفَ  ذاكَ وما لي غيركُم iiبدل
وكـم تـعرض لي الأَقوام iiقبلكم يـستأذنونٌ على قَلبي فَما وصَلوا
 
"ولو سلمنا جدلاً بافتراضكما ، لبقي عليكما تفسير " لكنه " ، فلماذا يقول : " لكنه راغب فيمن يعذبه " لو لم يكن هناك تناقض بين قلبه ( الذي لم يعد ملكه ) وخيار آخر يمنع عنه العذاب ؟"
 
ولماذا نفترض أن الشاعر يرغب في منع العذاب! الوالدان تقع عليهما صنوف العذاب المادي والمعنوي من أبنائهما ولا يرجوان لحظة واحدة التخلص من هذا العذاب المستعذب ؛ لأن التخلص منه يعني الوقوع في عذاب أشد وأنكى . إن التناقض الذي يبدو لنا ، سببه تحكيم العقل دون العاطفة ، ولا أظن أن المحب بشدة يفكر في غير عاطفته . ولو تخيلنا أن البيتين كانا خطابا من والدة لابنها فهل نؤول المعنى حتى نروح إلى أن المخاطب شخص آخر! وهكذا المحب الموله يخاطب محبوبه .
بقي أن أوجه إلى حضرتك سؤالا : هل تظنين أن السيدة فيروز لمّا تغنت بالبيتين قصدت إلى معنى التحليل الثاني أم إلى معنى الأول؟
دمت بخير ، وأعتذر عن الإطالة .
 
 
 

26 - أكتوبر - 2008
لو كان قلبي معي
حمل الشوق فوق الأهداب ، ثم لا عودة للشباب    كن أول من يقيّم

تحية طيبة يا أستاذة ،
أقول الحق : لقد أعجبت بمعاني ما كتبت وأثارت تلك المعاني عاطفتي ؛ لأنها معان صادقة صاغها قلم صادق الشعور مرهفه : كم جئت إليك أحمل الشوق فوق أهدابي ، وأخيرا : أنا إن عدت...فهل تراه يعود شبابي ؟ ولكنني لم أفهم اختلاف الخطاب في نهايته عن بدايته! كان الخطاب في الأول موجها إلى رجل ، وفي النهاية صار موجها إلى امرأة أو فتاة ، فما القصد من وراء ذلك؟ إن كان من فقد شبابه رجلا ، فإن ذلك أهون مما لو كان الفاقد فتاة ،  فالإشفاق على الرجل مما يعانى منه وارد ، إلا أن الإشفاق على الفتاة أشد وقعا في العاطفة ، فالفتيات عموما أصدق عاطفة من الرجال وفقا لظني ، وأحوالهن الاجتماعية أدعى لأن يُظلمن ويؤذين، وذلك في كل المجتمعات قاطبة ، إلا من رحم ربك .
 
 

26 - أكتوبر - 2008
الماضي لا يعود
بين الفتوش ولحم الخروف    كن أول من يقيّم

أخانا الغالي د. يحيى ،
لك أن تعتب إن تأكدت أن إهمالا متعمدا لحق بك ، ولكني أنا شخصيا لا أظن ذلك . فأحيانا يغيب الواحد منا عن المشاركة لسبب او لآخر فنحسب أن ظروفه لم تسمح له بها . على أي حال ، عسى أن يكون ما شغلك خيرا . أما لحم الخروف ، فهو عندي لا يعلو عليه لحم ، ولكنها إن أمحلت ، فالفتوش حتى دون حمض وزيت من أكبر النعم ، مثلي مثلك في ذلك . ولكن الأهم من ذلك كله ، كلمة طيبة تقال ، ولا تكلف قائلها شيئا . وشعرك يا دكتور جميل للغاية ؛ فليتك تتحفنا ببعضه ، وعندها ،  فإذا مددت إلى القطاف أناملا ، رجعت إليك وكلها إقرارُ ؛ إقرار بعلمك وفضلك وحسن خلقك . وأخيرا ، شكر الله لك مواعظك الفاضلة .
 
 
 

26 - أكتوبر - 2008
استراحات
شكرا على التنبيه    كن أول من يقيّم

أشكر الأستاذة عبير الورد على لفت انتباهي وتزكية ذلك من أستاذي ومرشدي الغالي زهير ظاظا . أما سبب وقوعي في الخطأ فلن أكذب فأقول إنها العجلة وحدها ؛ وإنما ما انتابني من انفعال وما أصابني من حرقة وألم قبل أن أنهي قراءة (القصيدة) . لقد دار في خلدي أن من كتبتها لم تكتبها من الخيال وإنما من الحقيقة . ومن الواضح أن الخطاب موجه من فتاة إلى رجل وهذا ما زادني ألما . وإضافة إلى ما حصل فإنني خلال قراءتي تذكرت قصيدة غنتها السيدة ام كلثوم قديما تعني نفس موضوع ما كتبته الأستاذة رزان أياسو فزادني ذلك ألما . ولما لمحت (تكونين وتعودين) لم أنتبه إلى أن الكلام للرجل على لسان الفتاة ( إشي بعمي الأقمار كما نقول بالعامية ) ، وقمت بكتابة تعليقي وإضافته على عجل إعجابا بما قرأت .
   إن القصيدة الأغنية التي ذكرتها لا بد أنها معروفة لديكم ، وهذا بعض ما علق بالذاكرة الآن منها مع أنني كنت أحفظها كلها أيام شبابي:
أنا لن اعود إليك مهما استرحمت دقات قلبي . أنت الذي بدأ الملالة والصدود وخان حبي ، فإذا دعوت اليوم قلبي للتصافي (لا، لا) لن يلبي
ومنها :
  يا لذكراك التي عاشت بها روحي على الوهم سنينا ، ذهبت من خاطري إلا صدى يعتادني حينا فحينا . هذا الصدى هو ما جعل صاحب تلك التجربة كتب ما كتب ، وجعلني أتألم  ؛ فاللهم عفوك ! فعبدك ، وجنابك المقدس يعلم ، قدري جبري في العواطف الصادقة ، ولكنه ناصبي أيضا، يناصب من يناصب العاطفة العداء العداء . ومما أذكره أن هذه القصيدة ، كل مجموعة من أبياتها جاءت على بحر مختلف إن لم أكن مخطئا ، وعند زهير الخبر والسبب اليقين. وهل تتعدد الأوزان بتعدد الآلام!
وبعد شكري أستاذنا لإخباره إيانا  ببامية أمير الشعراء التي لم أكن أعرفها ، أشكره أيضا على توريطي (وهذا شرف تفضل به علينا استاذنا) بإكمال تحويل القصيدة إلى الرجز، وإيقاعي بين متفاعلن ومستفعلن وبين الحفاظ قدر الإمكان على كلمات ومعاني القصيدة قبل التحويل علما بأنني نسيت بعض القوانين العروضية للصيغ المتعددة التي تجيء عليها تفاعيل الرجز . أرجو أن لا أخيب ظنكم أستاذنا بما كلفتمونا ، وإن رأيتم اعوجاجا فقوموه مشكورين :
وازدادت الـغـضون في المرايا وضج صمت الصبر في محرابي
تـعـود لي مقتفيا ذكرى iiمضت مـؤمـلا  بـالـعوْد فتح iiبابي!
تـقول لي : كوني ليبسي iiحزمة مـن فـرح أروي بها أعشابي ii!
عـودي ورفي فوق روحي iiنغما يـهـزنـي  فـتنتشي iiأعصابي
أضـحـكـني  رجاؤك iiالمحابي بـقـدر مـا بـكيتُ من iiجوابي!
لـو انـني أصلى بنيران iiالهوى فـهـل  تـراه عـائدا iiشبابي!!

28 - أكتوبر - 2008
الماضي لا يعود
تحية طيبة،    كن أول من يقيّم

ترى أستاذنا ، هل طبعة المقدمة المضبوطة بالشكل التام وبهوامشها قليل من التحقيقات الوجيزة ، والتي طبعت في بيروت وصدرت عن دار الكتاب هناك دون ذكر لسنة الإصدار ، هي نفس طبعة بولاق؟ أعني هل هي مصورة عنها ؟ لقد وجدت بخط يدي على المقدمة التي لدي كلاما كتبته عام تسعة وسبعين يتضح منه أنني نقلته عن كتاب للأستاذ ساطع الحصري تحدث فيه عن ان الطبعات العربية للمقدمة ، غير طبعة الشيخ نصر الهوريني ، يعتريها النقص ، ولا أدري هل تم تلافي ذلك النقص تماما بعدما ذكر الحصري ما ذكر؟ وشكرا لكم .

28 - أكتوبر - 2008
أبجدية البربر والفرنجة
لو كان عقلي معي    كن أول من يقيّم

   تحيات طيبات  كالورود عاطرات إلى جميع الأساتذة المشاركين ، وأشكر أستاذتي الجليلة ضياء خانم على كلماتها الطيبات ،
وإن مشاركة أخينا الأستاذ محمد هشام صاحب الذوق الرفيع زادت جمال المشاركات السابقة جمالا ، وأضفت عليها من البهاء ظلالا ؛ فشكرا له . وما دام يذكر الصراع بين العقل والعاطفة ، ويضرب على ذلك  مثلا من شعر الشاعر كامل الشناوي ، فإني أتفق وإياه على وجود الصراع بطبيعة الحال ، ولكن هذا الصراع غير مطرد الحدوث دائما . ففي بعض الحالات العاطفية لا يرد ذكر العقل المجرد ، وكأنه لا وجود له . وأتذكر هنا ، معنى ما جاء في الأثر من أن الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف . فالعبارة جاءت هنا بلفظ الأرواح ، ولا أظن أن العقل الذي نعنيه ذو علاقة . ولذا ، فإن الفاظا مثل : سحرني ، أذهب لبي ، خلبني ، حرمني النوم...كلها تبعد عن العقل بعد المشرقين .
   وحال مطالعتي تعليق الأستاذ هشام تذكرت شعرا غنائيا عرفته أول ما عرفته في الستينيات ، وربما كان الشاعر هو الشناوي المذكور، والذي نظم على لسان فتاة قصة حبها العائر تحت عنوان : ( ساكن قصادي) . فالقصة لم يكن فيها ذكر للعقل أبدا ، وكأن الفتاة كانت مجبورة مسيرة لا خيار لها ولا اختيار . وأتذكر أن الفتاة لما تبين لها ان فتى أحلامها ( لم يكن ذاك الفتى يعلم أنها تحبه ) قد صار ملكا لأخرى ، إذ أنها حضرت حفل عرسه ، لم تفطن لعقلها ليشير عليها بماذا تفعل ، بل إنها خرجت في نهاية الحفل تائهة لا تدري ماذا تفعل ولا اين تذهب ، وقالت (أنقل كلامها من بحثي في الشبكة لأنني لم أعد اذكره جيدا) : ِ
"وتهت وسط الزحام مَ حد حاسس بي ،عايزه اجري أجري وارجع أتوه والناس يقولوا: حاسبي! ناس في طريق النور ما بين فرح وشموع ، وانا في طريق مهجور ومنوراه الدموع ، ولقيتني فايته من جنب بابه لا هو داري بقلبي ولا باللي نابه ،يَ ويلي يَ ويلي من طول غيابه! ويَ ويل أيامي من جرح عذابه! ،عذاب الجرح اللي فتوه لي وسابه ساكن في قلبي..." . ونقول نحن العقلاء : لو كانت تلك الفتاة عاقلة ، لما قالت ما قالت. ولا نقصد بقولنا ان الفتاة كانت مجنونة معتوهة ، إنما إنها لم تفطن لعقلها أصلا بسبب تأثير قلبها عليها .
 
   وعلى هذا ، وفيما يخص البيتين موضوع البحث ، فلو قال الشاعر : ( لو كان عقلي معي) بدلا من ( لو كان قلبي معي ) ، لأراحنا من همه : هم قلبه أو هم عقله ، ولانتهى الأمر .
 

28 - أكتوبر - 2008
لو كان قلبي معي
حلم لاح لعين الساهرِ    كن أول من يقيّم

 أستاذي الحبيب زهير،
كنت حلما لاح لعين الساهر ، وتجليت لخيال طاف في بحثه الدنيا عنه الشاعر ، فإذا بفضل الله الحلم يتحقق ، والخيال حقيقة تنبثق من جمالك وتتدفق ؛ فشكرا لله أن عرفناك ، ونعمنا بظل خلقك وعلمك الوارف وهداك . قالوا : وهل ترك الأوائل للأواخر  ما يسر الفؤاد وينعش الخاطر! ، وأقول : ويحهم! ولو عرفوا زهيرا ما قالوا إلا إنه من الثلة الأوائل ، ومن النخبة الأواخر ؛ فمثله ندرة نادرة في كل زمان وكل مكان ، فتبارك الله وما شاء فعل .
وشكرا أستاذي ، على ما فاض به قلمك المعطاء ، وليتني أبلغ معشار ما قلته في حقي . وشكرا كذلك على كامل القصيدة وتبيان بحورها وتذكيري بشاعر الكرنك شاعرها ، فقد كنت نسيت أنها( أعني قصة الأمس) له .
أدامك الله ذخرا وسندا للجميع .
 

28 - أكتوبر - 2008
الماضي لا يعود
 22  23  24  25  26