 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |
 | محمد أسد في طرابلس الشام صيف 1924 كن أول من يقيّم
في بدايات صيف 1924 انطلقت من القاهرة في جولة طويلة خططت لها أن تدوم عامين، مررت بمناطق عريقة في تقاليدها، تركت تأثيرا واضحا في تفكيري. زرت بعدها شرق الأردن مرة أخرى، وقضيت بعض الأيام مع الأمير عبد الله مستمتعا بأصالة الطبيعة البدوية التي لم تكن قد تأثرت بعد بأنماط الحياة الغربية، وحصلت على تأشيرة فرنسية بجهود جريدة "فرانكفوتر ذيتونج" ودخلت سورية مرة أخرى. جاءت دمشق ومضت، واحتضنتني الحياة الشرقية في بيروت بعض الوقت، ومنها توجهت إلى مدينة طرابلس التي كانت تتبع سورية في ذلك الوقت. كانت مدينة خارج نطاق الأحداث، وتحيا حياة سعيدة هادئة أقرب إلى النعاس. كانت القوارب الشراعية البسيطة ترسو في الميناء المفتوح، وأشرعتها اللاتينية تتماوج وتئن من وهن، وأبناء المدينة يقضون أوقاتهم بالجلوس على مقاعد منخفضة أمام المقاهي في مواجهة الميناء، يتناولون في استراخاء أقداح القهوة ذات الرائحة النفاذة، ويدخنون الأراجيل في الأمسيات تحت أشعة الشمس في وقت الأصيل، لا تجد في أنحائها إلا الهدوء والسلام والرضا مع توفر الرزق. حتى المتسولون بدوا كأنهم يستمتعون في أوقات المغيب، كأنهم يقولون في سريرتهم: ما اجمل أن تكون شحاذا في طرابلس (الطريق إلى مكة: ترجمة د رفعت السيد علي: نشرة مكتبة الملك عبد العزيز: ص 281) | 11 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | محمد أسد في حلب عام 1924 كن أول من يقيّم
هذا النص متصل تماما بالنص السابق المتعلق بزيارته طرابلس، قال (ص 281): (وصلت إلى مدينة حلب. ذكرتني شوارعها ومبانيها بمدينة القدس: مبان حجرية قديمة كأنها نبتت من الأرض، ذات ممرات مظلمة مسقوفة، وميادين هادئة صامتة، ونوافذ منحوتة. أما قلب حلب فقد كان يختلف تماما عن القدس، فالجو السائد في القدس يسوده صراع التيارات الدولية، وكانت تلك الصراعات مثل التقلص العضلي المؤلم الشديد التعقيد، يعكس هو الأخير تعقيدات المواقف الدولية، وولدت المعتقدات الدينية المتباينة سحابة من سموم الكراهية على ساكنيها. أما حلب فعلى الرغم من أنها كانت خليطا من البدو العرب والشرقيين، مع مسحة تركية لقربها منها فقد كانت متآلفة وهادئة وصافية، والمنازل الحجرية بشرفاتها الخشبية تبدو حية حتى في صمتها. كان سوقها القديم يتميز بالصناعات اليدوية الشرقية الدقيقة، وأحواشها ذات العقود الحجرية المملوءة بصنوف البضائع وتنافس مرح بين تجارها الخالين من أنواع الحسد والضغينة: الكل متمهل، ارتخاء وراحة تحتضن حتى الغريب وتجعله يتمنى أن تكون حياته كلها بتلك الراحة والاسترخاء؛ عتاصر كثيرة تجتمع في حلب تتدفق معا لتؤلف لحنا قويا رائعا. توجهت بالسيارة من حلب إلى مدينة دير الزور وهي مدينة صغيرة بأقصى شمال سورية، ونويت ان أتوجه منها إلى بغداد عبر طريق التجارة القديم المجاور لنهر الفرات.
| 11 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | محمد أسد في دير الزور عام 1924م كن أول من يقيّم
كان الشارع التجاري يمتد من بداية مدينة دير الزور حتى نهايتها، وكان يعد شكلا غير رسمي من أشكال التقسيم، يفصل بين الجزء الحضري السوري وبين القسم البدوي. ومع أن المدينة بأجمعها كانت أقرب إلى الطابع البدوي في أحد المحلات الحديثة كانت توجد البطاقات التذكارية بطباعة بدائية، وفيما يليه تجد بعض البدو واقفين يتناقشون في أحوال سقوط الأمطار على الصحراء، وعن النزاع الذي نشب ين قبيلة بشر "عنزة" السورية وقبائل "شمر" العراقية: وراح أحدهم يحكي عن الغارة التي شنها زعيم بدو نجد "فيصل الدويش" على جنوب العراق، كما ورد على لسانهم اسم رجل الجزيرة العربية العظيم عبد العزيز آل سعود. كانت المتاجر تعرض بنادق قديمة ذات مواسير طويلة ومقابض مزينة بالفضة ذات طراز قديم لم يعد أحد يشتريها الآن، لأن البنادق الحديثة الآلية أصبحت أكثر فعالية.. ومحلات أخرى تعرض أزياء رسمية مستعملة من أرجاء القارات الثلاث، ورجال جمال من نجد، وإطارات سيارات ماركة "جوديير" ومصابيح عواصف من "لايبزج" وعباءات بدوية منسوجة من الصوف. لم تبد البضائع الغربية دخيلة بين الأنواع والأصناف الأخرى، كانت فوائدها العملية تعطيها شرعية وجودها. كان البدو بوعيهم العملي يعتادون بسرعة تلك السلع الجديدة وكأنها من إبداعهم، لم اكن أدرك تماما حتى ذلك الوقت ما يمك أن تسببه "الحداثة" الغربية لأولئك الناس البسطاء الأميين
| 11 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | حول زوجات محمد أسد كن أول من يقيّم
يبدو أن هناك خطأ في الترجمة التي نقلتها عن المرعشلي، حول تطليق زوجة محمد أسد أم طلال، لأنني قرأت في الموقع http://www.alsakher.com/vb2/showthread.php?t=86869 نبذة مهمة عن حياة محمد أسد، وفيها ما يفهم منه أنه تزوج أربع مرات وليس ثلاثا، وأنقل هنا ما يتعلق بزوجاته في المقال، ويلاحظ فارق السن بينه وبين زوجته الأولى تماما كفارق السن بين النبي (ص) وأم المؤمنين خديجة (ر): في برلين قابل إليساElsa ، رسامة أرستوقراطية موهوبة، أرمل في الأربعين، لديها طفل في السادسة، من زواج سابق. لم يوهن غياب محمد أسد عن أوروبا مدة عامين من حبه لهذه السيدة التي تكبره بخمسة عشر عامًا. وكانت كلما ترددت في الزواج منه ازداد هو تشبثًا بها. لم يبالغ حين قال إنه لا يتصور حياته دونها، لقد كانت تشاركه قراءة القرآن، حتى قبل أن يعلن هو نفسه الإسلام، وكانت تبدي خلال مناقشاتها مدى تأثرها بتعاليم القرآن الأخلاقية وتوجيهاته العملية. راح يستغرق في قراءة القرآن الكريم، ويتأمل التعاسة تعلو وجوه القوم، برغم الرواج الاقتصادي نسبيًا آنذاك. بعد زواجه منها، وبعد تمتعه بوظيفة مرموقة، ومركز أدبي ومرتب كبير ومستقبل واعد، لم يكن في الظاهر ثمة سبب يدعوه لمغادرة أوروبا. وفي يوم عيد الغطاس كان الشاب وزوجته يستقلان مترو الأنفاق، و ظلا يرقبان الوجوه التي لم يبد عليها البشر قط، برغم أن اليوم عيد، وبرغم مظاهر الأبهة البادية في ملابسهم و هندامهم. رجع إلى البيت، لمح مصحفًا مفتوحًا على سورة فسرت له حالة الشقاء التي ظهرت بوضوح على وجوه القوم، إنها سورة التكاثر. تحدث إلى إليسا فوافقته على ما أبدى من ملاحظات تربط بين السورة القرآنية وبين حال الشقاء التي لمساها في راكبي المترو. نطق محمد أسد بالشهادتين هناك في أوروبا، أو في برلين تحديدًا في عام 1926م. ولما كانت الكلمة اليونانية «ليو» ـ المقطع الأول من ليوبولد ـ تعني «الأسد»، فقد اختار له أحد المسلمين المهاجرين هنالك اسم «محمد أسد». أسلم الرجل، وبعد أسبوعين أشهرت إليسا إسلامها، وصار طفلها يسمى أحمد. أرسل محمد إلى والده خطابًا يخبره بإسلامه، فلم يتلق رده. فأتبعه بثان شرح فيه أن الإسلام لا يقطعه عن البر بوالديه، لكن الرد هذه المرة جاء من أخته التي قالت إنهم اعتبروه في عداد الأموات. لكن الله خفف عن الشاب المهتدي كل عناء عندما بادرت إليسا إلى إعلان إسلامها بعد أسبوعين. بعد عشرين عامًا قضاها في الباكستان ذهب أسد إلى نيويورك سنة 1952م وزيرًا مفوضًا للباكستان في الأمم المتحدة. وهناك التقى السيدة التي تحولت من الكاثوليكية إلى الإسلام والتي صارت زوجة له بقية عمره ، على مدى أربعين عامًا. وعلى ذكر الزواج فقد تزوج الرجل من سيدتين عربيتين، أولاهما من قبيلة مطير تزوجها سنة 1928م، سرعان ما طلقها، ثم تزوج سيدة من شمر سنة 1930م، وهي التي أنجبت له طلالاً. (لو أنها اليوم على قيد الحياة عند أهلها بالمدينة المنورة، فإنها إذًا كنز معلومات عن سيرة محمد أسد). عندما استقر محمد أسد في نيويورك، كان الله قد هيأ له أمرًا. لقد اهتدت إلى الإسلام دبلوماسية أمريكية تعمل في وزارة الخارجية، ضمن وفد الولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة . كانت قد قطعت وحدها رحلتها إلى الإسلام، وبعد سنوات من الدرس والبحث تحولت السيدة (بولاPola ) من الكاثوليكية إلى الإسلام. و قبل أشهر من لقائها بمحمد أسد كانت قد أشهرت إسلامها، واتخذت لنفسها اسم حميدة. وبعد زواجها من صاحبنا، صارت تحمل ـ طبقًا للتقليد هناك ـ اسم حميدة أسد. كان محمد أسد يتحدث عن حميدة بكل التقدير، ويذكر أنه ما كان لينجز ربع ما أنجز لولا دعمها المعنوي. قيل إنه تزوجها دون إذن مسبق من الخارجية الباكستانية وهو ما أثار الاعتراض، فما كان منه إلا أن واجه ذلك بالاستقالة من الخارجية الباكستانية. وكانت هذه الاستقالة خير استقلال، فلولاها ما تفرغ محمد أسد ليخرج إلى الوجود كتابه «الطريق إلى مكة» الذي نشر أول مرة سنة 1954م، وهو الكتاب الذي لم يتفوق عليه كتاب آخر في موضوعه؛ فما زال الكتاب يطبع مرة بعد مرة، فصدرت منه تسع طبعات بالعربية وحدها، أما الطبعات الإنجليزية فأكثر من أن تحصى، لعل من أحدثها طبعة 2001م.
| 11 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | طلاق رقية صباح عرسها كن أول من يقيّم
لم أجد بدا من نقل هذه الحكاية على طولها لطرافتها ولندرتها ولما تعنيه للكثيرين في التعرف على أخلاق (محمد أسد) الطيبة والنبيلة. وأعتذر أني نقلت المعلومات السابقة عن مواقع وكتب لم تكلف نفسها التحقق من قصة زواج محمد أسد من رقية المطيرية، وسبب طلاقها، وقد روى محمد أسد ذلك بالتفصيل (ص 255) من كتابه (الطريق إلى مكة). فأثناء نزوله في "حائل" على صديقه الأمير ابن مساعد، "أمير مدينة حائل وأكبر رجالات عبد العزيز" التقى في مجلسه صديقه غضبان بن رمال الذي سأله فيما سأله عن قصة زواجه الفاشل من رقية بنت مطلق المطيري، فكان هذا الحديث الطريف الذي قصه محمد أسد على الأمير ابن مساعد وصديقه غضبان: (كنتُ أعيش في المدينة المنورة وحيدا بلا زوجة، واعتاد بدوي من قبيلة مطير اسمه فهد على قضاء عدة ساعات معي يوميا لإعداد القهوة وتسليتي بحكايات طريفة عن رحلاته الاستكشافية مع لورانس أثناء الحرب العظمى. وذات يوم قال لي: لا يصلح للرجل أن يعيش بمفرده .. دماؤك ستتجمد في عروقك؛ لابد أن تتزوج. وحين سألته مازحا عن العروس التي يرشحها للزواج مني أجاب: هذا أمر سهل: ابنة مطلق زوج أختي، وهي الآن في سن الزواج، وأنا بصفتي خالها أستطيع أن أطمئنك أنها فائقة الجمال. كنت أمزح حين قلت له: إن عليه أن يعرف أولا هل أبوها موافق أم لا. وهكذا في اليوم التالي أتى أبوها مطلق بنفسه لمقابلتي؛ وكان الحرج باديا عليه. بعد عدة أقداح من القهوة، وبعض الأحاديث المتفرقة أخبرني في النهاية أن فهدا قد حدثه عن رغبتي في الزواج من ابنته وقال: (يشرفني أن تكون زوج ابنتي، ولكن رقية مازالت طفلة، إنها في الحادية عشرة من عمرها) استشاط فهد غضبا حين أخبرته بزيارة مطلق وما قاله لي؛ وصاح في غضب: نذل ووغد... الوغد يكذب .. الفتاة في الخامسة عشرة... إنه لا يحبذ تزويجها من غير عربي، ولكنه يعلم صلتك الوثيقة بالملك عبد العزيز ولا يريد أن يضايقك برفضه المباشر، لذلك ادعى أنها طفلة؛ بل هي ناضجة.. وأردف: (مثل ثمر الرمان الذي يطلب من يقطفه) التمعت عينا الشيخ غضبان عندما أتى ذكر وصف الفتاة وعلق قائلا: خمسة عشر عاما .. جميلة وعذراء ... وبعد ذلك تقول لي: لا شيء ... ماذا تريد أكثر من هذا ؟؟ أكملت قائلا: صبرا لأكمل لك باقي الحكاية... أعترف لكم أن اهتمامي راح يتزايد وربما ازداد بعد معارضة مطلق والد الفتاة.. وهبت فهدا عشر هدايا ذهبية ، وبذل كل جهده لإغراء أبويها أن يزوجاني إياها: وأرسلت بهدية مماثلة لأمها شقيقة فهد... لم أعرف بالضبط ما حدث في منزلهم... كل ما أعرفه أن فهداً وشقيقته بذلا كل ما يمكنهما من ضغوط على مطلق حتى يرضى بتزويجي ابنته. قال الأمير ابن مساعد: (يبدو أن فهدا كان صديقا ماكرا.. توقع هو وأخته عطاء سخيا منك يا محمد... ماذا حدث بعد ذلك ؟) رويت لهم كيف حل يوم الزفاف بعد ذلك بعدة أيام في غياب العروس التي طبقا للعادات يمثلها والدها وكيلا شرعيا عنها، ويتم تأكيد موافقة العروس على توكيل أبيها بشهادة اثنين من الشهود. وتبع عقد القران حفل زفاف سخي مترف وفخم، مع الهدايا المعتادة والهبات للعروس "التي لم أكن قد رأيتها حتى تلك اللحظة" ولأبويها، ولبعض الأقارب المقربين.. من ضمنهم بالطبع فهد الذي حظي بأكثر الهدايا قيمة. وفي المساء نفسه حضرت العروس إلي بيتي بصحبة أمها وبعض النسوة المحجبات، بينما كانت النساء تغني أغاني الأعراس من فوق أسطح المنازل المجاورة على إيقاع الدفوف والطبول. في الساعة المعينة دخلتُ الغرفة التي كانت بها العروس تنتظر هي وأمها... لم أميز الأم من الابنة.. كلتاهما كانت مغطاة تماما بملابس سوداء؛ من الرأس حتى الأرض... ولكي أعرف العروس من أمها قلت: يمكنك أن تنصرفي الآن... فنهضت واحدة منهما وخرجت في صمت... وهكذا عرفت أن التي بقيت هي زوجتي. قال غضبان عندما توقفت عن الحديث عند هذا الموضع... بينما تطلع إلي الأمير ابن مساعد: وبعد يا ابني ماذا حدث وماذا فعلت ؟ أكملت: (ثم ظلت البنت في موضعها .. تلك الفتاة المسكينة، من الواضح أنها كانت تشعر بخوف شديد من تسليمها إلى رجل لا تعرفه .. وعندما طلبت منها بأرق صوت استطعته أن تميط لثامها لم تفعل إلا أن تحكم وضع عباءتها حول جسدها في خوف) هتف الشيخ غضبان في حماس : (يفعلن ذلك دائما ... يظهرن الخوف في البداية في ليلة الزفاف، إلا أنهن بعد ذلك يصبحن مسرورات .. أليس كذلك ؟) أكملت: (حسنا، ليس تماما ... كان علي أن أزيح عن وجهها اللثام بنفسي، وعندما فعلت ذلك أذهلني أن أرى وجهها الجميل، وجه بيضاوي ، قمحي اللون، وعيون واسعة، وضفائر شعر طويلة تدلت حتى الوسائد التي كانت تجلس عليها. إلا أن وجهها كان بالفعل وجه طفلة... لم يكن عمرها يزيد على أحد عشر عاما تماما كما ذكر والدها... وقد دفع الجشع خالها فهدا وأخته إلى تصوير الأمر لي على أنها في سن الزواج ... بينما كان المسكين مطلق بريئا من أي كذب أو ادعاء) سأل الشيخ غضبان وعلى وجهه علامات عدم فهم ما كنت أرمي إليه: (وبعد ؟ ما مشكلة أحد عشر ربيعا ؟ البنات يكبرن .. أليس كذلك .. بل إنهن يكبرن أسرع في بيت الزوجية) تحت إلحاحهم رحت أكمل الحكاية: أخبرتهم أنه مهما تكن وجهات نظر الشيخ غضبان فإن صغر سن العروس لم يكن ميزة كبيرة لي. فلم أشعر نحوها إلا بالشفقة، فقد كانت ضحية خداع خالها الوضيع.... عاملتها كما يعامل الأطفال...طمأنتها أنه لا يوجد ما تخشاه مني .. إلا أنها لم تنطق بكلمة، وفضح ارتعاشها خوفها وجزعها. وجدت على أحد الأرفف قطعة شيكولاتة ... قدمتها إليها إلا أنها لم تكن رأت الشيكولاتة في حياتها، فرفضتها بهزة عنيفة من رأسها. حاولت أن أطمئنها بأن أقص عليها قصة مسلية من "ألف ليلة وليلة" ولكن لم يبد عليها أنها فهمت أي شيء مما كنت أقصه عليها. أخيرا تمتمت بأول كلمات لها: "رأسي يوجعني" أحضرت بعض أقراص الإسبرين ووضعتها في كفها ومعها كوب ماء. إلا أن ذلك تسبب في مزيد من خوفها (علمت بعد ذلك أن بعض السيدات من معارفها أخبروها أن الرجال الغرباء القادمين من بلاد أجنبية يخدرون زوجاتهم ليلة الزفاف حتى يغتصبوهن بسهولة). بعد ساعتين أو نحو ذلك نجحت في إقناعها أنني لن أؤذيها... وفي النهاية سقطت في نوم عميق مثل أي طفلة في سنها. وأعددتُ فراشا لي على البساط في ركن الغرفة. وفي الصباح أرسلت من يستدعي أمها، وطلبت منها أن تصطحب ابنتها معها... بدا على المرأة الغباء وعدم الفهم، فهي لم تسمع في حياتها عن رجل يرفض لقمة فتاة عذراء في الحادية عشرة، وظنت أن هناك خللا في عقلي. وسأل الشيخ غضبان: "وماذا بعد ذلك" ؟ أجبته: لا شيء، طلقت الطفلة وتركتها على حالها الذي أتتني به. لم تكن الصفقة سيئة لأسرتها، فقد احتفظوا بالفتاة والمهر الذي دفعته، والهدايا التي أهديتها إليهم ولأقاربهم. أما أنا فلم أنل إلا شائعة انتشرت وذاعت أنني لا أملك من الرجولة ما يكفي. وحاول بعض ذوي النيات الطيبة أن يقنعوني أن هناك من عمل لي عملا من أعمال السحر ليعوقني عن ممارسة رجولتي، وأنني لن أستعيد رجولتي إلا إذا قمت بعمل سحري مضاد يبطل السحر الأول الذي أصابني باللعنة. قال الأمير وهو يضحك: (عندما أتذكر زواجك بعد ذلك في المدينة المنورة وإنجابك طفلا أتأكد أنك قمت بعمل سحري مضاد أقوى من الذي كان يؤثر فيك)
| 12 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | إليزا...المسلمة الضائعة كن أول من يقيّم
قمت بزيارات كثيرة إلى برلين حيث كان يقيم أغلب أصدقائي في الوقت الذي كنت أعمل فيه مع هيئة التحرير لصحيفة "فرانكفوتر ذيتونج" وفي واحدة من تلك الزيارات التقيت السيدة التي ستصبح زوجة لي بعد ذلك: انجذبت إليها بشدة من اللحظة التي قدموني فيها إلى (إلزا) بمقهى "رومانسكي" لا بسبب جمالها الرقيق "كانت ذات وجه دقيق، رقيقة الملامح، وعيناها حادتان ذات لون أزرق عميق الزرقة وفم رقيق عطوف" بل لما يزيد على ذلك من حدس داخلي صادق وحسن تخمين وتوقع للأمور والناس والمواقف. كانت رسامة ... لم تكن أعمالها من بين ذوي الأعمال الفنية، إلا أن تلك الأعمال كانت تحمل صفاء شديدا مثل ما كانت تعبر به بفكرها وحديثها. على الرغم من أنها كانت تكبرني بخمسة عشر عاما، "كانت في أواخر الثلاثينيات من عمرها " إلا أن وجهها الرقيق وبدنها النحيف في مرونة كانا يعطيان انطباعا لمن يراها أنها أصغر عمرا. كانت خير تمثيل للجنس الاسكندنافي: كان لديها كل صفاتهم، فهي سليلة إحدى أسر هولشتاين العريقة، وهي من أسر شمال ألمانيا العريقة، وتوازي في نبل المحتد الأسر البريطانية العريقة التي خدمت التاج البريطاني، إلا أن نمط حياتها الحر جعلها متحررة من تقاليد تلك الأسر: كانت أرملة وكان لها ابن يبلغ السادسة من عمره، قصرت كل حياتها عليه. ويبدو ان الإعجاب كان متبادلا من أول لقاء: فبعد تعارفنا الأول أصبحنا نلتقي بعد ذلك كثيرا. ولأنني كنت متخما بانطباعاتي عن العالم العربي فقد نقلت إليها تلك الانطباعات؛ وبعكس أغلب أصدقائي أظهرت تفهما غير عادي وتعاطفا، حتى إنني عندما كتبت مقدمة لكتابي الذي أصف فيه رحلاتي إلى الشرق الأوسط أحسست وأنا أكتب تلك المقدمة أنني أقدم نفسي إليها... كتبت في تلك المقدمة: (عندما يرحل أوروبي إلى دولة أوربية أخرى لم يرها من قبل فإنه يمضي في بلد مختلف، وقد يلاحظ بعض الاختلافات والفروق في بعض الجوانب، وبغض النظر إن كنا ألمانا أو إنجليزا... وبغض النظر إن كنا نزور فرنسا أو إيطاليا أو المجر إلا أن الروح الأوربية روح الحضارة الغربية توحدنا جميعا، فنحن نحيا داخل إطار محدد تماما، من التماثل، ويمكن أن يفهم بعضنا بعضا كما لو كنا نتحدث لغة واحدة، ونطلق على تلك الظاهرة "البيئة الثقافية الواحدة" وهي ميزة بالطبع ، إلا أنها تعد عيبا في الوقت نفسه، لأننا نجد أنفسنا أحيانا مغمورين في تلك الروح المشتركة كما لو كنا ملفوفين في ضمادات من القطن، وأن تلك الروح تهدهدنا كما يهدهد الطفل قبل نومه مما يبعث على خمول القلب ويدفعنا إلى نسيان المسيرة التي خضناها في العصور الغابرة... تلك الأزمنة الخلاقة القديمة التي بزغت على أوربا بعد واقع لم تكن فيه أوروبا شيئا. اما الرجال الذين أخذوا على عاتقهم تلك المهمة الصعبة، سواء المكتشفون والمغامرون والفنانون المبدعون فإنهم كانوا يبحثون جميعا عن الينابيع الداخلية الدفينة في اعماقهم... ونحن سلالتهم المعاصرة... ونبحث أيضا عن حياتنا؛ إلا أننا مليؤون بالمخاوف التي تدفعنا إلى تأمين حياتنا من دون أن نصل إلى أغوارها وأعماقها، ونشعر أن هناك خطيئة تكمن في مثل تلك الدوافع والمقاصد. لقد بدأ بعض الاوروبيين يشعرون الآن بالخطر العظيم المترتب على تجنب الخطر:
في هذا الكتاب أصف رحلة إلى منطقة اختلافها عن أوروبا كبير، حتى إنه لا يمكن تجاوزه ولا اجتيازه، وهو اختلاف يقترب بشكل ما من حد الخطر، والخطر ناجم عن تركنا أمان بيئتنا الموحدة التي لا نجد فيها ما يثير ولا ما يدهش، ونخوض غرابة أخرى لعالم "آخر" مختلف... دعونا لا نخدع أنفسنا: ففي ذلك العالم "الآخر" قد نظهر بعض التفهم لهذا أو ذاك من الانطباعات عن أمور نراها أو تصادفنا هناك، إلا أنه لا يمكننا بعكس ما يحدث في دولة غربية أن نتفهم بوعي الصورة الكلية. ما يفصلنا عن ذلك العالم "الآخر" ليست المسافة الجغرافية وحدها... كيف نتواصل معهم ؟ لا يكفي أن نتحدث لغتهم، وحتى نتفهم ما يشعرون به تجاه الحياة لابد للمرء أن يدخل بيئتهم بكامل وعيه وإرادته ويحيا في تجمعاتهم ... هل هذا ممكن ؟ بل: هل هو مرغوب فيه ؟ قد تكون صفقة سيئة أن نستبدل بعاداتنا التي اعتدناها من أنساق فكرية فكرا غريبا غير معروف لنا. ولكن: هل نحن مستثنون من هذا العالم ؟ لا اعتقد ذلك. إن إحساسنا أننا مستثنون يرتكز أساسا على خطأ يكمن في طريقتنا الغربية في التفكير، فنحن نميل إلى التقليل من أهمية القيم الخلاقة لمن لا نعرفهم، كما نميل إلى السلوك العدواني تجاههم... بدأ الكثيرون منا يدركون أن المسافة الثقافية والفروق الحضارية يمكن التغلب عليها بوسائل أخرى غير الاغتصاب الفكري: وربما يمكن التغلب على ذلك التغاير الثقافي بتسليم حواسنا إليه. ولأن "إليزا" قد فهمت ببداهتها المعهودة ما حاولت قوله، وإن لم يكن بوضوح كامل مثل من يحاول تبين معالم شيء في الظلام، وإن لم أتمكن من إيضاح ما يعتمل في ذهني في تلك المقدمة المتلعثمة، إلا أنه كان لدي إحساس قوي أنها هي وحدها تستطيع أن تتفهم ما أسعى إليه، وأن تساعدني على البحث عنه. (الطريق إلى مكة: ص 210 ـ 213)
| 12 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | وفقك الله وشكر سعيك كن أول من يقيّم
كل الشكر لشاعرتنا النجيبة لمياء على هذه المشاركات الثمينة وعلى ما اقتطعته من عزيز أوقاتها في تنسيقها وطباعتها، وتحية إكبار للوالد الكريم الذي تضيء لمياء في صحيفته مفخرة من مفاخر الجزائر، وإنه لمن دواعي اعتزازي أن أرى مشاركاتك يا لمياء في هذا الملف الذي لم أعطه ما يستحق من الجهد والمثابرة، فحق هذا الرجل علينا كبير، وواجب إكرامه دين في عنق العرب والمسلمين، وصراحة فإنني لم يسبق لي أن قرأت كتابا يضارع في سموه ورصانته كتاب (الطريق إلى مكة) وكم تمنيت لو قدر لي أن ألتقي مؤلفه وأنهل من خبرته العميقة وتجربته الواسعة وعقله النير وإيمانه الصلب. وقد بحثت عن كتابه الأخير (عودة القلب إلى وطنه) فلم أعثر على ترجمة له متمنيا ممن يعرف خبرا حول هذا الكتاب أن يتكرم علي به مكررا شكري وامتناني لشاعرتنا وأديبتنا لمياء وكل من ساهم ويساهم في إثراء هذا الملف | 17 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | شكر وتحية كن أول من يقيّم
الشكر موصول في البداية للأستاذة ضياء خانم على كلماتها في التقديم لموضوع هذا الاسبوع، ولما اختصتني به من الاستشهاد بكلمة قلتها وعبرت فيها عن رأيي في ما يسمى بالشعر الحر. وأحيي أستاذنا الشاعر العروضي الكبير عمر خلوف، صاحب الحس المرهف، والذوق الأصيل، فالذين قرأوا كتاب منهاج البلغاء لحازم القرطاجني لا يحصي عددهم إلا الله، ولكن كان الأستاذ عمر من القلائل الذين أحسوا بقيمة هذا الوزن وندرته وكونه جديرا بأن يلحق بأوزان الخليل، وزاد عليهم فاختار له اسم (اللاحق) نازعا بذلك هذه الصفة التي أطلقها حازم على المخلع، والحق كل الحق ما فعل الأستاذ عمر، فهذا الوزن الرقيق والذي فات فحول الشعراء وكبارهم قديما وحديثا أن يكتبوا عليه لجدير بأن يضاف وزنا جديدا إلى بحور الشعر العربي. وكان ابن الحناط أول من اكتشفه وكتب على وزنه ميميته الرائعة التي نقلها الأستاذ عمر عن الذخيرة، وذكر حازم قصتها في منهاج البلغاء (نشرة الوراق: ص 77) فكان أول من كسر قيود عروض الخليل وأتباعه في منعهم (تقديم المفرد وتأخير المزدوجين) وقد نوه الأستاذ عمر إلى ذلك مشكورا في تعليق له سابق. ويبدو أن واضع برنامج العروض في الموسوعة الشعرية لم يلم بهذه المسائل فلما استخدمتُ برنامج التقطيع العروضي في الموسوعة لرؤية النتيجة التي تعطيها لقصيدة ابن الحناط، كانت كل النتائج فاشلة باستثناء نتيجة (من لم يزل وهو لي ظالم) التي كانت نصف فاشلة، لأن الوزن فيها صحيح، بينما النتيجة خطأ، فليس في أوزان السريع (مستفعلن فاعلن فاعلن) وإليكم التجارب التي أجريتها: الشطر: أقصر عن لومي اللائمُ التقطيع العروضي في الموسوعة أَقصَرَعَن لَومِيَل لائِمو الوزن: فاعِلاتُن فاعِلُن فاعِلُن النتيجة: مديد الشطر: لما درى أنني هائمُ التقطيع العروضي في الموسوعة لَمّادَرا أَنَّني هائِمو الوزن: فاعِلاتُن فاعِلُن فاعِلُن النتيجة: مديد الشطر: مازلت في حبه منصفا التقطيع العروضي في الموسوعة مازِل تُفيحُب بِهِمون صِفَن الوزن: فَعلُن فَعولُن فَعولُن فَعَل النتيجة: متقارب الشطر: من لم يزل وهو لي ظالمُ التقطيع العروضي في الموسوعة مَنلَميَزَل وَهوَلي ظالِمو الوزن: مُستَفعِلُن فاعِلُن فاعِلُن النتيجة: السريع الشطر: أسهر ليلي غراما به التقطيع العروضي في الموسوعة أَسهارُلَي ليغَرا مَنبِهي الوزن: فاعِلاتُن فاعِلُن فاعِلُن النتيجة: مديد الشطر: وهو أخو سلوة نائمُ التقطيع العروضي في الموسوعة وَهوَأَخو سَلوَتِن نائِمو الوزن: فاعِلاتُن فاعِلُن فاعِلُن النتيجة: مديد وهذه النتائج كلها وإن كانت فاشلة فهي تدل على تداخل هذا الوزن مع كل هذه البحور، وهذه وحدها كافية لكي يطلق على هذا البحر اسم اللاحق كما ارتأى الأستاذ عمر. وأقول بهذه المناسبة هذه القطعة التي صنعتها لمجرد المسامرة: دخـلتَ في الفلك الدائر | | مـا أنا باللاحق iiالقادر | بحر على طيب iiإيقاعه | | وحـسنه ليس iiبالسائر | نظرت في فجر أشعارنا | | فـلـم أجده لدى iiشاعر | يـكـاد مـن رقة iiأنه | | يخفى على مقلة الناظر | وربـمـا لـيـلة iiليلة | | يخرج من طوقه الآسر | فـهل عميق افتتاني iiبه | | يشف عن ذوقي القاصر | لـو أنـني شاعر iiملهم | | لكان قد مر في iiخاطري | | 17 - نوفمبر - 2007 | بحور لم يؤصّلها الخليل / البحر اللاحق |
 | كل الشكر لكم أستاذ زياد كن أول من يقيّم
كل الشكر لكم أستاذنا زياد على هذه الهدية وأهديكم بالمقابل هذا البيت: لم أكن أعرفه قبل قراءتي لديوان أحمد محرم (رحمه الله) حيث ذكره (ص 77) في هامش قصيدته (يوم أحد) ثم عثرت الآن عليه في كتاب السيرة الحلبية (نشرة الوراق ص 582) وكان كما في الخبر مكتوبا على سيف النبي (ص) الذي أعطاه لأبي دجانة (ر) يوم أحد: في الجبن عار وفي الإقبال مكرمة | | والمرء بالجبن لا ينجو من iiالقدر | فكأن الناس اقتدوا بذلك فصاروا يكتبونه على خناجرهم وسيوفهم، كما يفهم من خبر ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، ولو تم توثيق ما هو مكتوب على السيوف والخناجر الأثرية فلا بد أن نعثر على هذا البيت مكتوبا على الكثير منها. | 20 - نوفمبر - 2007 | محمد أسد: يهوديا ومسلما |
 | وسلاما على أبي البركات كن أول من يقيّم
تحية طيبة أستاذنا أبا البركات: الكتاب منشور في الوراق بعنوان التبصرة بالتجارة، فهل فاتكم البحث في الوراق قبل السؤال، أم أنكم حتى الآن لم تتعرفوا على الطريقة الصحيحة لاستخدام مستكشف النصوص | 24 - نوفمبر - 2007 | الجاحظ يضع اسس المضاربة في الأسواق |