البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 222  223  224  225  226 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
إلا أول ما تقابلنا : أنا وأنت    كن أول من يقيّم

تلبية لإلحاح صديقنا الأستاذ هشام أن أذكر هذه النادرة بقلمي في موضوعه هذا أقول:
دخلت في فاتحة شبابي على الشيخ صالح السقا (عافاه الله)، وعداده في أولياء الله الصالحين (كما أعتقد أنا حتى هذه اللحظة)  وكان أميا وتعلم القراءة بعدما تجاوز الأربعين، وكانت الكلمة الفصيحة، والموعظة الرقيقة، والقول البليغ تجري على لسانه جري الماء، وفي أثنائها نوادر القصص والأخبار التي انتقشت في ذاكرته من طول معاشرته لأكابر الشيوخ.، وكان له تأثير عجيب عليّ، لم يكن لأحد غيره على الإطلاق.
دخلت عليه في صبيحة يوم عيد الأضحى عام 1398هـ، فوجدته وحيدا يبكي وهو يسمع المغنية (عزيزة جلال) في أغنيتها (إلا أول ما تقابلنا) ....
ألقيت عليه السلام فراح يشرح لي كلمات الأغنية وعيناه تفيضان بالدموع، قال: (أول ما تقابلنا على النهر) كنت أسكر على ضفة نهر يزيد، فلما أردت القيام غلبني السكر فنمت، فرأيت في المنام رجلا جذبني من يدي وأخذني إلى جامع الشيخ محيي الدين ابن عربي، وقال لي: أنت هنا مكانك... لا أراك مرة أخرى تسكر على النهر، إذا أردت أن تسكر فاسكر هنا. قال: فلما استيقظت كان ذلك آخر عهدي بالخمرة، وذهبت لآخذ الطريق من الشيخ أحمد كفتارو، فلما دخلت بيته رأيت على جدار الغرفة التي دخلتها صورة الرجل الذي أخذ بيدي فسألت عنه فعلمت انه الشيخ أمين كفتارو، والد الشيخ أحمد.، ثم راح الشيخ صالح يتابع الأغنية (عمري ما انسى كنا فين..وازاي ...وإيمتى) ثم إنني (أنا زهير) سمعت هذه الأغنية كثيرا ولم أشبع منها بسبب قصة الشيخ صالح هذه، فما رأيك يا أستاذ هشام

24 - أكتوبر - 2007
أغانٍ لها ذكرى في حياتي
خالد صابر والعلاقات الإنسانية    كن أول من يقيّم

أشكر لكم كلماتكم الطيبة أستاذي الكريم خالد صابر:
اسمحوا لي أن أعلق هنا على موضوعكم (العلاقات الإنسانية) المنشور في ملف الفلسفة وعلم النفس. وهو باعتقادي أولى المواضيع بالبحث والمتابعة، لأنه علة الوجود الإنساني (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) والمسلمون لا يزالون في أقصى ما يكون بعدا عن هذه الآية، لأنهم (عموما) يجهلون شعوبهم وطوائفهم الإسلامية، فما بالك بشعوب الأرض وأممها. 
والحقيقة: ليس في وسع الشعوب المستعبدة أن تتقبل هذه الآية، بل ليس في وسعها أن تشعر بأهميتها ومكانتها وأبعادها، وما تعنيه من قداسة المعرفة والتعارف. اكرر شكري وامتناني ودمتم سالمين
 

25 - أكتوبر - 2007
ما رأيك يا أستاذ زهير
قصيدة جميلة    كن أول من يقيّم

بداية أرحب بالدكتور صبري أبو حسين، في مشاركاته الأولى في الوراق، وأتمنى أن أفتح الوراق كل يوم فأرى تعليقا له جديدا على غرار موضوعه اليوم عن عبد العزيز البابطين. وأما قصيدة (إليها) فهي من رقيق الشعر وأنيقه، ووزنها (منهوك المنسرح) (مستفعلن مفعولا) على غرار المقطع المشهور في أغنية فيروز (الطفل في المغارة**وأمه مريم** وجهان يبكيان)
وأما تعليق الأستاذ هشام فقد أراد مفاكهة الأستاذ صبري، كما بدا لي، والله أعلم بمراده بذلك أجارنا الله وإياكم من أهوال الساعة يا أستاذ هشام

29 - أكتوبر - 2007
قصيدة
فيا ليت شعري من يقلبها غدا    كن أول من يقيّم

أتيت أستاذنا بديع الزمان بهذه الهدية، وهي أبيات مشهورة على لسان كل وراق منذ أن صدح بها أبو الفتح السكندري، والمقصود بالعين الأولى في البيت الأول (الذهب) ويروى (وأفنيت فيها العمر حتى تبددا) وهذه ترجمة أبي الفتح من كتاب الوافي للصفدي.

نصر بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن علي بن الحسين بن زياد بن عبد القوي بن عامر بن محمد بن جعفر بن أشعث بن يزيد بن حاتم بن حمل بن بدرٍ الفَزاريُّ أبو الفتح الإسكندري النحوي، كان شاباً فاضلاً ذكياً له معرفة تامة بالأدب، وصنف كتاباً في أسماء البلدان والأمكنة والجبال والمياه كبيراً مليحاً في معناه، وقدم بغداد بعد الستين وخمسمائة، وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت وجالس العلماء وحدث بشيء يسير عن الحافظ أبي القاسم ابن عساكرٍ وهو يومئذ حيٌّ بدمشق، ودخل إصبهان، قال ابن النجار: وأظنه توفي هناك.
ومن شعره:
أُقلِّبُ كُتباً طالما قد جمعـتُـهـا وأفنَيتُ فيها العينَ والعينَ واليدا
وأصبحت ذا ضنٍّ بها وتمـسُّـكٍ لعلمي بما قد صُغتُ فيها مُنضَّدا
واحذرُ جَهدي أن تنـالَ بـنـائلٍ مُبين وأن يغتالها غائلُ الـرَّدَى
وأعلمُ حقاً أنني لـسـتُ بـاقـياً فيا ليتَ شعري من يُقلِّبُها غـدا

30 - أكتوبر - 2007
الكتب الصفراء
نادرة    كن أول من يقيّم

أطلعني شيخنا عبد الله الحبشي (سلمه الله) على هذه النادرة وطلب إلي أن ألحقها بكتاب الوالد رحمه الله، وهو ما ذكره شمس الدين ابن الجزري (ت 738هـ) في كتابه (تاريخ حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه) في ترجمة عماد الدين محمد بن رمضان (ج2 ص 84) وفي النص، وفي الأبيات أخطاء طفيفة تركتها على علتها.
 قال: (مررت في أشهر ذي الحجة سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمقابر باب الصغير وباب الجابية عند مسجد الذبان فرأيت القبر الذي مكتوب على نصيبته هذه الأبيات الآتي ذكرها، وقد خرب بعض خشخاشته الفوقانية فقلت لبعض الحفارين ولطيان اسمه الحاج محمد المغربي أن يبنوه وأعطيهم أجرته فقالوا: إن صاحب هذا القبر ما دفن فيه وإنه لما بناه ملأه مرة خبز ومرة ثياب  ومرة فواكه خمسة، وقيل: سبعة أصناف، وبقي يتصدق بما يملأه وأنه بعد ذلك سافر إلى بغداد وتوفي بها.
والنصيبة مكتوب عليها: (هذا قبر عماد الدين محمد بن رمضان المصنف لهذه الأبيات:

أيـا  رب قـد أنزلتني خير iiمنزل أقـيـم بـه حـتـى تقوم iiقيامتي
أضـفت  بك الآن أرتجي منك iiأن يكن قراي بأن يمحو جميع إساءاتي
وحـاشـا كـريم أن يكون iiمضيفه مـهـانٌ وحسنُ الظن فيك iiوسيلتي
وأحـسـنتُ  فيك الظن حياً iiوميتاً وحـاشـا  وكلا أن تخيب فراستي
أنـا شـاعـر ما زلت فيك iiممدّحا فـاجـعل حسن العفو منك إجازتي
أيـا واقـفـا يـقرا قريضاً نظمته عـلـى  صـحة مني قبيل iiمنيتي
سـألـتـك  إلا اتعظت iiبمصرعي وأن  لم تعي نصحي ندمت iiندامتي

4 - نوفمبر - 2007
نشر البشام فيما هو مكتوب على قبور أهل الشام من رقائق الشعر ولطائف الكلام
إنجيل برنابا شهادة زور على القرآن    كن أول من يقيّم

تحية طيبة أستاذنا الدكتور أحمد إيبش:
بداية أتوجه إليكم بعميق الشكر والامتنان على تلبيتكم رجائي في نشر هذا الموضوع، والمعذرة من أنني رأيت أن يكون عنوان مشاركتي هو رأي رجالات الدين المسيحي في إنجيل برنابا والذي يتلخص في قولهم: (إنجيل برنابا شهادة زور على القرآن) ويكفي أن نبحث عن هذه الجملة التي أصبحت بمثابة الشعار والخاتم الكنسي لإنجيل برنابا، لنرى سيلا من المقالات والردود، وكلها تحمل هذا العنوان. فكيف تنظرون إلى ما تضمنته كل هذه المقالات من شبه ومؤاخذات. وهل يمكن أن تفردوا لنا فصلا تذكرون فيه الفوارق بين ترجمتكم والترجمة المشهورة، سيما في المسائل التي أثيرت حولها الشبهات، كهذا النص مثلا: (الحق اقول لكم انه لو لم يمح الحق من كتاب موسى لما اعطى الله داود ابانا الكتاب الثاني . ولو لم يفسد كتاب داود لم يعهد الله بانجيله الي لان الرب الهنا غير متغير ولقد نطق رسالة واحدة لكل البشر .. فمتى جاء رسول الله يجيء ليطهر كل ما افسد الفجار من كتابي) أو كهذا النص: (الحق اقول لكم اني لست مسيا فقالوا انت ايليا او ارميا او احد الانبياء القدماء ؟ فأجاب يسوع كلا . حينئذ قالوا من انت قل لنشهد للذين ارسلونا ؟ فقال يسوع انا صوت صارخ في اليهودية اعدوا طريق رسول الرب) وقوله: ("... أجاب يسوع: إن اسم المسيح (ماسيّا) عجيب... إن اسمه المبارَك: محمد. حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك. يا محمد، تعال سريعاً لخلاص العالم" ) أو قوله لبرنابا: (: فاعلم يا برنابا انه لاجل هذا يجب علي التحفظ وسيبيعني احد تلاميذي بثلاثين قطعة نقود . وعليه فاني على يقين ما ان من يبيعني يقتل باسمي . لان الله سيصعدني من الارض ، وسيغير منظر الخائن حتى يظنه كل واحد اياي . ومع ذلك فانه لما يموت شر ميتة ، امكث في ذلك العار زماناً طويلاً في العالم . ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة) أو قوله: (لما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس، نصها: "لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله"، وكذلك كتب الله على ظفر إبهام يد آدم اليمنى: "لا إله إلاّ الله"، وعلى ظفر إبهام اليد اليسرى: "محمد رسول الله". وعند خروج آدم من الجنّة رأى فوق بابها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله")
هل يمكن يا أستاذنا أن تذكروا لنا كيف وردت هذه النصوص في ترجمتكم
  . أكرر شكري وامتناني وإكباري لما بذلتموه من جهود ثمينة في إعادة ترجمة هذا الأثر المحير كما قالت الأستاذة ضياء خانم

5 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
ذكرى برنابا وأحمد    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

كـتـابٌ لـلـخلود به مثولُ وأوراقٌ  بـأسـطرها iiخيولُ
ولـيـس  أداء محترف قدير فـحسبُ  وإنما الهدف iiالنبيل
وصرح من صروح العلم سام تـجـسـد فيه تاريخٌ iiطويل
وأمضى  ما رأى وجها iiلوجه بـأحـمد إيبش القلم iiالأصيل
بـحوث  هنّ من ذهبٍ غديرٌ يـصـفق فيه برنابا iiالرسول
وأحـسب كان جدك من iiقديم فـشـاء  الله فـي يده iiتؤول
تـهـنئه  الملائكُ في iiعلاها بـسفرك  ما كتبت وما iiتقول
ومـا تخلو السماء يكون iiفيها بـطـارقـة  وأحبار iiعدول
شـهود  ما نظرت إلى iiشهود بـصـائرهم بكتب الله iiحول
وقـيـمة  ما كتب أجل iiقدرا وأرفـع أن يـقـيمها iiجهول

6 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
بل أنت    كن أول من يقيّم

بـل أنت باللجج iiالثلا ث بـعثت في أرجائه
الـمـر والبخور وال ذهـب احتراق iiدمائه
إن  كـان فيروزا فلح نـك لازورد iiسـمائه
أو كان نجما في النجو م  فـأنت لون iiضيائه
قـسـمـا ببرنابا وما تـركـوه  من أشلائه
الـديـن أظهر أن يقا ل وأن يـشـار iiلدائه
وأشـد مـن iiأعـدائه مـا  نـال من iiأبنائه
لـغـز  الحياةِ iiقطيعةٌ حـرمته  من iiحكمائه

6 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
بكاء الياسمين    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم


لـمن  الدموع ذرفتَها iiمسجونا إن لـم تـكن ألما فليس جنونا
أحـزان  لمياء الجراح iiصبية ردتْ  إلـيكَ صبيكَ iiالمحزونا
لـمـياء يا ألمي الجديد iiتأملي تحت  التراب الجوهر iiالمدفونا
مـا بـال عقد الياسمين iiلبستِهِ بالأمس  يعتصرُ الدماء iiالجونا
عوذتُ شرنقة الحرير iiبصبحها أن  تحسب العهد الجديد iiظنونا
ذكـرتـنـي شفق الفتوة iiغابة كم ذا قفزت وكم لويت غصونا
كـان اغـتـرابـا قاسيا iiلكنه أغلى  وأثمن ما حملت iiشجونا
الـخمس  عشرة للنبوغ iiمطية مـيعاد  مبلغها العلا iiالعشرونا
لم أستطع وجع القصيدة iiناظرا فـيها صباك ودمعك iiالمشحونا
وسهرت كل الليل أنزع iiشوكها وألـم  دمـعـك لؤلؤا iiمكنونا
يـا سـورة الرحمن رابع iiآية نـزلـتْ جهاتك أنهرا iiوعيونا
الـمرء  في الدنيا يضيع iiلياليا وتـضيع أقدار الشعوب iiقرونا

7 - نوفمبر - 2007
إن جازت تسميته شعرا
محمد أسد في دمشق عام 1923    كن أول من يقيّم

بين يدي كتاب في "الطريق إلى مكة" للمرحوم محمد أسد، ترجمة د رفعت السيد علي، منشورات مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض، 1424هـ  تفاجأت جدا بالمعلومات التي يزخر بها الكتاب، وودت لو أنه منشور في أحد المواقع ليطلع عليه أصدقاؤنا ، ويشتمل أيضا على صور طريفة ونادرة لأهم الشخصيات التي التقاها أو اتصلت به، ومنها طبعا صورة زوجته العربية منيرة وابنه (طلال) (ص  94) ولا أدري هل تصرف المترجم بحذف أسماء من التقاهم المؤلف  في دمشق، أم أن المؤلف أعفى نفسه من ذكر أسماء أصدقائه في دمشق التي تكبد أصعب المشاق لزيارتها عام 1923م بجواز سفر مزور، ثم زارها أيضا بعد عام مبعوثا من قبل جريدة (فرانكفوتر ذيتونج) التي كان يعمل مراسلا لها وأصدرت الجريدة في غيابه نص رحلته بعنوان (رحلة غير حالمة إلى أرض الأحلام).
ولم يكن قد اعتنق الإسلام في ذلك التاريخ،.. وقد اخترت هذه المقتطفات من كلامه عن زيارته الأولى لدمشق، ولا أدري هل الأستاذ أحمد إيبش يعرف البيت الذي سيرد ذكره في النص  قال ص191 (ذهبت مع صديقي ومضيفي إلى الجامع الأموي يوم الجمعة... الأعمدة الرخامية التي تعلوها قبة عظيمة كانت تلمع تحت ضوء الشمس الساقط من النوافذ ... اصطف مئات المصلين في صفوف طويلة منتظمة خلف الإمام، ركعوا سجدوا، مسوا الأرض بجباههم ثم نهضوا من جديد، كلهم في توحد مثل الجنود ... أدركت في تلك اللحظة مدى قرب الله منهم وقربهم منه ،بدا لي أن صلاتهم لا تنفصل عن حياتهم اليومية بل كانت جزءا منها، ولا تعينهم على نسيان الحياة بل تعمقها أكثر  ...
(ص194: دعاني صديقي ذات مساء لمصاحبته إلى الاحتفال في منزل أحد أصدقائه الأثرياء من أهل دمشق بمناسبة مولد ابن له.. سرنا عبر شوارع متعرجة في المدينة القديمة، كانت حارات ضيقة، حتى إن الشرفات توشك أن تتلامس توقف صديقي في النهاية أمام باب لا يتميز من غيره من الأبواب، كان الباب في منتصف سور من الطين المكسو بالجص، ودق بقبضته الباب المغلق، فتح الباب وأصدر صريرا، وجدنا أمامنا رجلا طاعنا في السن يرحب بنا بفم خلا من الأسنان (أهلا أهلا وسهلا) مضينا عبر ردهة قصية دارت بنا مرتين بزاوية قائمة أفضت بنا في النهاية إلى فناء ذلك المنزل الذي لا يشي مظهره الخارجي بأكثر من سور طيني مدهون بالجص.. كان الفناء واسعا ومكشوفا، أرضه مصممة وكانها رقعة شطرنج، هائلة الاتساع بمربعات من الرخام الأبيض والأسود، وفي المنطقة المنخفضة كان هناك حوض نافورة (بحرة) من الحجر ثماني الأضلاع، من منتصفها يخرج ماء النافورة موسوسا رقراقا. وفي مربعات بين رخام الأرضية نمت أشجار الليمون والدفلى تنشر أريج أزهارها عبر الفناء بأجمعه إلى داخل المنزل. أما جدران المنزل التي تحيط بالفناء فقد غطتها من الأرض حتى قمتها نقوش من الرخام دقيقة الصنعة رقيقة الجمال، في أشكال هندسية عربية متداخلة لا يقطعها إلا نوافذ الغرف التي تطل على الفناء ويؤطرها رخام عريض محزم بأشكال بديعة الصنعة.. وعلى أحد جوانب الفناء كان هناك فراغ على ارتفاع ثلاث أقدام من الأرض ترتقي إليه بدرج عريض من الرخام، وعلى جوانب هذا الفراغ (ويسمى ليوان) صنعت أرائك مقصبة، بينما فرشت أرضه بأبسطة ثمينة. كانت جدران الليوان مغطاة بمرايا ضخمة، يصل ارتفاعها إلى خمس عشرة قدما.. وكان الفناء بأشجاره ورخامه وازياء ضيوفه المجتمعين حول النافورة تضاعف كله خلال مرايا الليوان، وحين تنظر إلى المرايا التي تقابلها ينعكس المشهد مئات المرات بلا نهاية ... مساء يشبه الحلم يتألق تحت سماء المساء ... ص 195 أجلسني صاحب الدار إلى يمينه على الأريكة ودار خادم حافي القدمين بأقداح صغيرة من القهوة مصفوفة على صينية من نحاس ...واختلط الدخان المتصاعد من النراجيل برائحة ماء الورد بالليوان، وارتفع في موجات تجاه الفوانيس الزجاجية التي كانت تضاء واحدا بعد الآخر على امتداد الجدران وبين الخضرة الدكناء للأشجار .. كان جمع الضيوف وكلهم رجال في أزياء متنباينة... رجال في قفاطين من الحرير الدمشقي أو الصيني الخالص بلون العاج، عليها جبة من الصوف بألوان خفيفة متداخلة، وعمامات ذات حواف مذهبة، تحكم وضع الطربوش على الرأس، وبعضهم بملابس أوربية إلا أنهم كانوا يجلسون متربعين على الأرائك، وبعض زعماء البدو بشكله المعتاد: عيون سوداء تلمع ببريق يشي بالعظمة، ولحى صغيرة جول وجوه نحيلة دكناء... ملابسهم الجديدة تصدر حفيفا مع كل حركة، ويحملون جميعا سيوفا في أغماد فضية. كان جميع الضيوف مسترخين في دعة واطمئنان عميق. أرستقراطية حقيقية. كان يحيط بالجميع جو طيب، طقس جاف وصاف يحيط بهم ببساطة ولا يقتحمهم، بدوا مثل أصدقاء متباعدين، مثل مارين بمكان: حياتهم الحرة الخالية تنتظرهم في مكان آخر غير هذا. 
ودخلت فتاة راقصة من أحد الأبواب، صعدت الدرج حتى الليوان، كانت في مقتبل شبابها، ولا تتجاوز العشرين من عمرها، ذات جمال طاغ، ترتدي سروالا فضفاضا من الحرير الشفاف، وله ثنيات، وزوج من الأخفاف الذهبية بقدميها، وصدرية موشاة بما يشبه اللؤلؤ، ولا تستر جسمها، كانت تتحرك بإحساس من العظمة يحسه من اعتاد أن يكون موضع إعجاب، سرت همسات الاستحسان والسرور بين الرجال عند رؤيتهم فتاة تنبض بالحيوية والشباب، وبشرتها المشدودة في لون العاج. رقصت بمصاحبة ضابط إيقاع دخل في إثرها رقصة تقليدية تموج بالإيماءات البدنية الموحية، وهو رقص يلقى إقبالا في الشرق، رقص يثير كوامن الرغبات، همس صديقي وهو ينظر باتجاهها "ما أجملك، ما أروعك" ثم ضرب بكفه على ركبتي بخفة وقال: "أليست كالكف الحانية على الجرح" وكما ظهرت بسرعة اختفت بسرعة، لم يتبق منها إلا بريق خافت في أعين الرجال، واحتل مكانها على البساط في الليوان أربعة موسيقيين، بعضهم من أفضل العازفين في سورية كما أخبرني أحد الضيوف. كان يحمل واحد منهم عودا طويل العنق، وآخر كان يحمل طبلة، والثالث يحمل آلة القانون الوترية، وكان الرابع يحمل طبلة نحاسية مصرية.
بدأوا في شد الأوتار ونقر الطبول برقة، كل واحد منهم على آلته دون توافق،
كل منهم يضبط آلته وإيقاعها قبل أن يبدأ العزف في إيقاع متناغم...جر صاحب القانون أصابعه على الأوتار؛ أما حامل الطبلة النحاسية فقد كان ينقر عليها بأصابعه ويتوقف برهة ثم يعاود النقر؛ وعازف العود راح يجرب أوتاره كأنه شارد الذهن في تتابع سريع. نغمات أوتار بدت كأنها تتوافق بالمصادفة مع إيقاع الطبلة ثم نغمات القانون.. وقبل أن تعي تماما ما يحدث يبدأ اللحن الجماعي يربط العازفين الأربعة معا في لحن متناغم واحد ؛ لحن ! لا أستطيع أن أقول لحن ؟ فقد بدا لي أنني أستمع إلى أداء موسيقي بقدر ما أشاهد حدثا مثيرا... فعدا النغمات الصادرة عن الآلات الوترية نما إيقاع جديد يرتفع في دوامات حادة، ثم فجأة يهبط ويتخافت مثل إيقاع ارتفاع أداة معدنية وانخفاضها... أسرع ثم أبطأ ، أرق ثم أشد ؛ ثم في هدوء ودوام تنويعات لا نهائية... نغم يشي بالدوام ... صوت يرتجف في خمول ينمو ، ثم ينتشر بقوة، فيقتحم العقل، ثم فجأة وبعد أن يصل إلى قمة عالية من التناغم ينتهي ويسود صمت... أحسست أني وقعت في هوى تلك الموسيقى... شدتني النغمات التي كانت أحادية؛ وإيقاعها يستدعي إلى ذهني رتابة وقوع الظواهر الأبدية وتكرارها في هذا الوجود، وتدق أبواب المشاعر الدفينة، وتستل منها خطوة بعد خطوة كل ما يموج داخلها دون أن نعيه ... تعري أمامنا أشياء كانت داخلنا على الدوام، وتجعلها واضحة حميمة، وحارة صادقة تدفع قلبك إلى الخفقان.
لقد اعتدت بالطبع الموسيقى الغربية التي تتدفق فيها كل انفعالات المؤدي في أداء فردي يعكس على المستمع حالته المزاجية، إلا أن تلك الموسيقى العربية تبدو كأنها تتدفق من مستوى ما في اللاوعي، من توتر واحد إلا أنه ليس إلا توتر يمثل مشاعر شخصية لدى كل مستمع على حدة...
بعد ثوان من الصمت تدفقت إيقاعات الطبلة النحاسية من جديد، ثم تبعتها كل الآلات معا ... نغمات راقصة رقيقة، لحن أنثوي أرق من سابقه.. وراح المغنون يضبطون أصواتهم في إيقاع واحد، يحتضن كل صوت الآخر بدفء ونعومة، ثم كأنها اتحدت معا في دفقة واحدة، زادت بهجة وابتهاجا... كانت الأصوات يلاحق بعضها بعضا، ويتدفق بعضها حول بعض، في موجات ناعمة، تتصادم في البداية مرة بعد أخرى مع إيقاع الطبلة النحاسية الذي يبدو كحاجز تتصادم عنده الأصوات... تصاعدت فغلبت ذلك الحاجز وقهرته وسيرته طبقا لإيقاعها وجرته إلى إيقاع عام حلزوني متصاعد. أما الطبلة النحاسية التي قاومت في البداية فسرعان ما سقطت فريسة للطرب العام المتصاعد من الأصوات المنشدة التي اتحدت في نشوة بعضها مع بعض، وفقد لحن البداية المتماوج رقته النسائية وراح يعدو بعنف متزايد، أسرع، وأعلى وأكثر حدة، إلى غضب بارد من عاطفة واعية تخلصت من كل الكوابح، وتحولت إلى تصاعد متسق إلى قمم غير مرئية من القوة والامتلاك.... ومن تدفق النغمات الدائرة بعضها حول بعض انبثق تناوب عظيم من اتساق النغمات... اندفاع عجلات مندفعة من ديمومة إلى ديمومة، دون قياس ولا حدود ولا هدف، مبهورة النفس، كالسير مقيد على حد سكين، عبر حاضر المرء الأبدي إلى وعي بالحرية والقوة فوق كل فكر. وفجأة في منتصف تدفق حميم توقف مباغت وصمت مطلق، قاس ، أمين، ونقي... استعاد المستمعون أنفاسهم مثل خشخشة أوراق الشجر وهمسات تسري: (الله الله) كانوا مثل أطفال حكماء عقلاء، يلعبون ألعابا طالما حفظوها عن ظهر قلب إلا انها ما زالت تغريهم بلعبها، كان كل من بالفناء يبتسم في سرور وبهجة.

11 - نوفمبر - 2007
محمد أسد: يهوديا ومسلما
 222  223  224  225  226