وتحية طيبة لأمير العروض وجميع المشاركين كن أول من يقيّم
ما نقرؤه لا بن الجوزي وغيره من طرائف عن أحوال البسطاء لا يبعد أن يكون صحيحا خلافا لما كنت أظنه فيها سابقا من المبالغة أو الاختلاق . وهذه واحدة من تلك الطرائف : يخلط بين الشعر والقرآن الكريم وعن أبي عبيدة قال : كنا نجلس إلى أبي عمرو بن العلاء فنخوض في فنون من العلم ورجل يجلس إلينا لا يتكلم حتى نقوم ، فقلنا : إما أن يكون مجنوناً أو أعلم الناس! فقال يونس : أوخائف ، سأظهر لكم أمره . فقال له : كيف علمك بكتاب الله تعالى؟ قال : عالم به ، قال : ففي أي سورة هذه الآية : | الحمد الله لا شريك iiله | | من لم يقلها فنفسه ظلما | فأطرق ساعة ثم قال: في حم الدخان. وهذه طرفة مشابهة ولكنها معاصرة : أقوال ترسخ في أذهان بعض الناس فتستحيل عندهم قرءاناً : من الأقوال السائرة عند العامة القول : " وجعلنا لكل شيء سببا " ، والذي يظنه بعض الناس آية في كتاب الله . وقد حاولت مرة أن أبين لأحدهم أن هذا القول ليس من القرءان ، فاستغرب بياني ولم يعره اهتماما وأصر على ما في ذهنه ، وأن الآية على حد قوله من سورة الكهف . ولما أحضرت له المصحف ولم يجدها في سورة الكهف قال : إنها يمكن أن تكون في سورة أخرى ، فذاكرته لا تخونه . ومرة أخرى : كنا نتحادث حول السحر ومعناه وأنه لا يجوز تعلمه ، ولماذا هو من الموبقات السبع ، فإذا بأحدهم يقول : الله تعالى قال : تعلموا السحر ولا تعملوا به . ولما قلنا له إن هذا القول ليس من كتاب الله ، قال : هو حديث نبوي إذن . وعبثا حاولنا أن نثنيه عن اعتقاده ، فقد أبى أن يصدقنا . وهذه طرفة أخرى : يتخلص من الإجابة بالضرب : حكا لي صديق عن نفسه وهو طالب في المرحلة الثانوية أنه سأل معلم مادة التربية الإسلامية في المدرسة عن معنى " ومن شر غاسق إذا وقب " ، فما كان من ذلك المعلم إلا أن هجم عليه وأخذ يضربه ضربا مبرحا وهو يقول لطلبة الصف : سمعتم! يسألني عن آية يعرف معناها تلاميذ الإبتدائية! ، ثم يكف عن الضرب لحظة ويعاوده مرة أخرى مظهرا الانفعال والغضب الشديد . قال لي صديقي : كل التلاميذ وقتها كانوا يعرفون أن تصرف المعلم سببه جهله معنى الآية ، وأنه لو لم يكن جاهلا معناها لفسرها ؛ ولكنهم لم يجرؤ منهم أحد على مفاتحة المعلم بما يساور نفوسهم خشية أن يقعوا فريسة غضبه ومحلا لصفعات يده وضربات عصاه . |