البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 214  215  216  217  218 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
شجرة الغزة    كن أول من يقيّم

افتتح مشاركتي هذه بالسؤال عن مولانا لحسن بنلفقيه، أرجو ألا يكون انقطاعه عن المجالس بسبب مرض (لا سمح الله) وأتمنى لو قرأ مشاركتي هذه فيجيبنا عما نسأل عنه. وذلك أني رأيت موسى الرويلي يكرر في كتابه (في الصحراء العربية: ترجمة عبد الإله الملاح) ذكر شجرة الغزة، وقد نشر صورة لها (ص 100) ولكنها غير واضحة بما يكفي لنقلها إلى هذا الملف. وأنا لا أعرف شجرة الغزة، ولم يطرق اسمها سمعي حتى اليوم، وأذكر هذا ليعلم مولانا وجه السؤال: هل ورد الحديث عنها باسم آخر في كتب النباتات العربية. وأنقل لكم وصف موسى الرويلي للشجرة أثناء حديثه عن صحراء النفود (ص 110) قال: (ولجنا نتوء "النفود" الذي يرتفع تدريجيا عن مستوى السهل وعلى سفحه الجنوبي تنبت عشبة الغزة بكثرة وهي إحدى أجمل النباتات في الصحراء. وكثيرا ما تنمو لتصبح أشجارا سامقة، وقد تبلغ من الطول خمسة وعشرين قدما، ومقطعها ثماني بوصات، وإنما تنمو وتغدو في الأغلب دغلا. وأغصان الغزة طويلة مرنة، واللحاء أبيض ناصع بلا شوائب، وأما الأشواك فخضراء نضرة. والجمال تاكل الأشواك والغصينات الطرية وتلتذ بها، وأما الخشب فقوي، وإذا جف صار حطبا ممتازا للوقود، يكاد لا يصدر دخانا عند الاحتراق سوى اللهب الأبيض، الذي يستمر فترة طويلة من الزمن ولا يترك إلا جذوات حمراء تحترق ببطء، وتومض بصيصا يظل على احتراقه فترة تزيد على عشر ساعات. وأي متعة تترك هذه الجذوات للمسافر الذي يرتعد من شدة البرد، ولا يجرؤ مع ذلك على أن يظهر لهيبا في عتمة الليل، مهما تاق إلى الدفء =خوفا من اللصوص وقطاع الطريق= وحينما تنمو شجيرات الغزة تتجمع الرمال وتمسك بها عند الجذور، فتنشئ بذلك نواة لتلال الرمال الصغيرة.
وإنه لمشهد بائس يدعو إلى الحزن ما يعترض المرء هناك من شجيرات اقتلعتها الرياح من جذورها. فتبرز من الرمال أغصانها البيضاء الجافة البراقة، وجذوعها ملتوية محطمة، وهي أشبه بعظام البشر أو الجمال البيضاء، والتي تغطي أرضا كانت ذات يوم ساحة معركة)
انتهى كلام الرويلي، وربما كانت (الغزة) ترجمة خاطئة للغضا، فالصورة المنشورة في الكتاب لشجرة الغزة لا تختلف أبدا عن صورة شجرة الغضا في مخيلتي فما رأيكم يا مولانا ??

29 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
شجرة الغضا    كن أول من يقيّم

عثرت على هذه الصورة للغضا في الموقع: http://www.mekshat.com/pix/gallary/data/images/ghada2.jpg
 

29 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
لكل جواد كبوة    كن أول من يقيّم

لم أجد بدا من الاتصال بالمترجم لاستشارته في ما أذهب إليه من أن الرويلي يريد شجرة الغضا، وأنه لا وجود لما سماه شجرة الغزة، فوافقني على ذلك، وحمدنا الله أنا انتبهنا إلى هذه العثرة قبل نشر الكتاب. والمترجم الأستاذ عبد الإله الملاح من خيرة المترجمين، وأسلوبه في الترجمة لا يكاد يضاهى، ولكن لكل جواد كبوة، وجل من لا يسهو.

30 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
وشكرا لمولانا    كن أول من يقيّم

كل الشكر لمولانا على هذه الفائدة، وحمدا لله على عودته بالسلامة. وقد تفاجأت جدا بجوابكم يا أستاذ، لم أكن اتوقع قصة (الغرة) هذه. وقد سألت المترجم كما سبق وذكرت فوافق على أنها (الغضا) وعبارة (شجرة الغزة) و(الغزة) تكررت في الكتاب أكثر من عشرين مرة. والصورة التي نشرها المؤلف للشجرة أكاد أجزم أنها نفس الصورة التي نشرتها أنا مع مراعاة فارق الزمن، وهو مائة عام تقريبا، وقد بدا لي وانا أنظر في الصورتين أن الشجرة نفسها بكل فروعها وأغصانها بعثت من جديد هي والشجرة التي بجوارها، ولابد ان يكون ملتقط الصورة الحديثة قد وقف في نفس المكان الذي وقف فيه موسى الرويلي لالتقاط صورة شجرة الغضا التي نشرها.
وأتمنى أن تتمكنوا من الوصول إلى صورة شجرة الغرة ونشرها في هذا الملف قبل طباعة الكتاب، فإذا صح رايكم فهذه وحدها كافية لكي تصبح القصة إحدى قصص التحقيق الأدبي المثيرة، وعندها سيكون لي كلام آخر، غير هذا الذي أقوله.

31 - يوليو - 2007
نباتات بلادي
عينية البارودي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

كانت بين أمير البيان شكيب أرسلان وشاعر السيف والقلم محمود سامي البارودي مطارحات ومراسلات شعرية جمة نجدها كاملة في مقدمة ديوان شكيب أرسلان الذي جمعه رشيد رضا واخترمته المنية قبل نشره فصدر بتقديم خليل مطران عن دار مجلة المنار بمصر في يونيو 1936م.

وأختار من هذه المراسلات هذه القصيدة هدية لبديع الزمان (طه أحمد المراكشي) وقد كتبها البارودي وهو في منفاه بسيلان جوابا على قصيدة شكيب الدالية التي أولها:

هل تعلم العيس إذ يحدو بها الحادي أن  الـسـرى فوق اضلاع iiوأكباد
وكان شكيب قد أجاب البارودي بهذه الدالية على قصيدة البارودي التي أولها:
أدي الرسالة يا عصفورة iiالوادي وباكري الحي من قولي بإنشادي
وأما عينية البارودي فتقع في (47) بيتا وهذه هي كاملة

رُدِّي  الـتَّـحِـيَّةَ يَا مَهَاةَ الأَجْرَعِ وَصِـلِي بِحَبْلِكِ حَبْلَ مَنْ لَمْ iiيَقْطَعِ
وَتَـرَفَّـقِـي  بِـمُـتَيَّمٍ عَلِقَتْ iiبِهِ نَـارُ الـصَّبَابَةِ فَهْوَ ذَاكِي iiالأَضْلُعِ
طَـرِبِ الْـفُؤَادِ يَكَادُ يَحْمِلُهُ الْهَوَى شَـوْقَـاً  إِلَـيْكِ مَعَ الْبُرُوقِ iiاللُّمَّعِ
لا يَـسْـتَنِيمُ إِلَى الْعَزاءِ وَلا iiيَرَى حَـقَّـاً  لِـصَـبْوَتِهِ إِذَا لَمْ iiيَجْزَعِ
ضَـمَّـتْ  جَـوَانِحُهُ إِلَيْكِ iiرِسَالَةً عُـنْـوَانُهَا  فِي الْخَدِّ حُمْرُ iiالأَدْمُعِ
فَـمَـتَـى يَبُوحُ بِمَا أَجَنَّ iiضَمِيرُهُ إِنْ كُـنْـتِ عَنْهُ بِنَجْوَةٍ لَمْ iiتَسْمَعِي
أَصْـبَحْتُ  بَعْدَكِ في دَيَاجِرِ iiغُرْبَةٍ مَـا  لِـلـصَّبَاحِ بِلَيْلِهَا مِنْ iiمَطْلَعِ
لا يَـهْـتَـدِي فِيهَا لِرَحْلِيَ iiطَارِقٌ إِلَّا  بِـأَنَّـةِ قَـلْـبِـيَ iiالْـمُتَوَجِّعِ
أَرْعَى الْكَوَاكِبَ فِي السَّمَاءِ كَأَنَّ iiلِي عِـنْـدَ الـنُّـجُومِ رَهِينَةً لَمْ iiتُدْفَعِ
زُهْـرٌ تَـأَلَّـقُ بِـالْـفَضَاءِ iiكَأَنَّهَا حَـبَـبٌ  تَـرَدَّدَ فِي غَدِيرٍ iiمُتْرَعِ
وَكَـأَنَّـهَـا  حَـوْلَ الْمَجَرِّ iiحَمَائِمٌ بِـيضٌ عَكَفْنَ عَلَى جَوَانِبِ iiمَشْرَعِ
وَتَـرَى  الـثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ iiكَأَنَّهَا حَـلَـقَـاتُ قُرْطٍ بِالْجُمَانِ iiمُرَصَّعِ
بَـيْـضَـاءُ نَاصِعَةٌ كَبَيْضِ iiنَعَامَةٍ فِـي جَـوْفِ أُدْحِـيٍّ بِأَرْضٍ iiبَلْقَعِ
وَكَـأَنَّـهَـا  أُكَـرٌ تَـوَقَّدَ iiنُورُهَا بِـالـكَـهْرَبَاءَةِ فِي سَمَاوَةِ iiمَصْنَعِ
وَالـلَّـيْـلُ  مَرْهُوبُ الْحَمِيَّةِ iiقَائِمٌ فِـي  مِـسْـحِهِ كَالرَّاهِبِ iiالْمُتَلَفِّعِ
مُـتَـوَشِّـحٌ بِـالـنَّيِّرَاتِ iiكَبَاسِلٍ مِـنْ  نَـسْـلِ حَامٍ بِاللُّجَيْنِ iiمُدَرَّعِ
حَـسِـبَ النُّجُومَ تَخَلَّفَتْ عَنْ iiأَمْرِهِ فَـوَحَـى  لَهُنَّ مِنَ الْهِلالِ iiبِإِصْبَعِ
مَـا زِلْتُ أَرْقُبُ فَجْرَهُ حَتَّى iiانْجَلَى عَـنْ مِـثْلِ شَادِخَةِ الْكُمَيْتِ iiالأَتْلَعِ
وَتَـرَنَّـمَـتْ فَوْقَ الأَرَاكِ iiحَمَامَةٌ تَـصِفُ الْهَوَى بِلِسانِ صَبٍّ iiمُولَعِ
تَـدْعُو  الْهَدِيلَ وَمَا رَأَتْهُ وَتِلْكَ iiمِنْ شِـيَـمِ الْـحَـمَائِمِ بِدْعَةٌ لَمْ iiتُسْمَعِ
رَيَّـا  الْمَسَالِكِ حَيْثُ أَمَّتْ صَادَفَتْ مَـا تَـشْـتَهِي مِنْ مَجْثَمٍ أَوْ iiمَرْتَعِ
فَـإِذَا  عَـلَـتْ سَكَنَتْ مَظَلَّةَ iiأَيْكَةٍ وَإِذَا  هَـوَتْ وَرَدَتْ قَـرَارَةَ iiمَنْبَعِ
أَمْـلَـتْ عَـلَـيَّ قَصِيدَةً iiفَجَعَلْتُهَا لِـشَـكِـيبَ  تُحْفَةَ صَادِقٍ لَمْ iiيَدَّعِ
هِـيَ مِـنْ أَهَـازِيجِ الْحَمَامِ iiوَإِنَّمَا ضَـمَّـنْـتُهَا  مَدْحَ الْهُمَامِ iiالأَرْوَعِ
هُـوَ ذَلِـكَ الـشَّهْمُ الَّذِي بَلَغَتْ بِهِ مَـسْـعَـاتُـهُ أَمَدَ السِّمَاكِ iiالأَرْفَعِ
نِـبْـرَاسُ دَاجِـيَـةٍ وَعُقْلَةُ iiشَارِدٍ وَخَـطِـيبُ  أَنْدِيَةٍ وَفَارِسُ iiمَجْمَعِ
صَدْقُ  الْبَيَانِ أَعَضَّ جَرْوَلَ iiبِاسْمِهِ وَثَـنَـى  جَرِيرَاً بِالْجَرِيرِ الأَطْوَعِ
لَـمْ يَـتَّـخِـذْ بَـدْرَ الْـمُقَنَّعِ آيةً بَـلْ جَـاءَ خَـاطِـرُهُ بِآيَةِ iiيُوشَعِ
أَحْـيَـا  رَمِـيمَ الشِّعْرِ بَعْدَ هُمُودِهِ وَأَعَـادَ  لِـلأَيَّامِ عَصْرَ iiالأَصْمَعِي
كَـلِـمٌ لَهَا فِي السَّمْعِ أَطْرَبُ iiنَغْمَةٍ وَبِـحُـجْرَةِ الأَسْرَارِ أَحْسَنُ iiمَوْقِعِ
كَـالـزَّهْرِ  خَامَرَهُ النَّدَى فَتَأَرَّجَتْ أَنْـفَـاسُـهُ بِـالْـعَنْبَرِ iiالْمُتَضَوِّعِ
يَـعْـنُو  لَهَا الْخَصْمُ الأَلَدُّ iiوَيَغْتَذِي بِـلِـبَانِهَا  ذِهْنُ الْخَطِيبِ iiالْمِصْقَعِ
هِـيَ نُـجْعَةُ الأَدَبِ الَّتِي مَنْ iiأَمَّهَا أَلْـقَـى مَـرَاسِـيَـهُ بِوَادٍ iiمُمْرِعِ
مَلَكَتْ هَوَى نَفْسِي وَأَحْيَتْ خَاطِرِي وَرَوَتْ  صَدَى قَلْبِي وَلَذَّتْ iiمسْمَعِي
فَـاسْـلَمْ ِشَكِيبُ وَلا بَرِحْتَ iiبِنِعْمَةٍ تَـحْـنُـو عَـلَيْكَ بِأَيْكِهَا iiالْمُتَفَرِّعِ
فَـلأَنْـتَ أَجْـدَرُ بِـالـثَّنَاءِ iiلِمِنَّةٍ أَوْلَـيْـتَـهَا وَالْبِرُّ أَفْضَلُ مَا رُعِي
أَرْهَـفْـتَ حَـدِّي فَهْوَ غَيْرُ iiمُفَلَّلٍ وَرَعَيْتَ  عَهْدِي فَهْوَم غَيْرُ iiمُضَيَّعِ
وَبَثَقْتَ لِي مِنْ فَيْضِ بَحْرِكَ iiجَدْوَلاً غَـمَـرَ الْـبِـحَارَ بِسَيْلِهِ iiالْمُتَدَفِّعِ
عَـذُبَـتْ مَـوَارِدُهُ فَـلَوْ أَلْقَتْ iiبِهِ هِـيـمُ  الـسَّحَابِ دِلاءَهَا لَمْ iiتُقْلِعِ
وَزَهَـتْ فَـرَائِـدُهُ فَصَارَتْ iiغُرَّةً لِـجَـبِـيـنِ  كُـلِّ مُتَوَّجٍ iiوَمُقَنَّعِ
هُـوَ  ذَلِـكَ النَّظْمُ الَّذِي شَهِدَتْ iiلَهُ أَهْـلُ  الْـبَـرَاعَةِ بِالْمَقَالِ iiالْمُبْدَعِ
أَبْـصَـرْتُ مِـنْهُ أَخَا إِيَادٍ iiخَاطِبَاً وَسَـمِعْتُ  عَنْتَرَةَ الْفَوَارِسِ iiيَدَّعِي
وَحَـلَـمْـتُ  أَنِّي فِي خَمَائِلِ جَنَّةٍ وَمِـنَ الْـعَـجَائِبِ حَالِمٌ لَمْ iiيَهْجَعِ
فَـضْـلٌ  رَفَـعْتَ بِهِ مَنَارَ كَرَامَةٍ صَـرَفَ الْـعُيُونَ عَنِ الْمَنَارِ iiلِتُبَّعِ
فَـمَـتَـى  أَقُومُ بِشُكْرِ مَا iiأَوْلَيْتَنِي وَالـنَّـجْمُ أَقْرَبُ غَايَةً مِنْ iiمَنْزِعِي
فَـاعْـذِرْ إِذَا قَـصَرَ الثَّنَاءُ iiفَإِنِّنِي رُزْتُ الْـمَـقَالَ فَلَمْ أَجِدْ مِنْ iiمَقْنَعِ
لا زِلْـتَ تَـرْفُلُ فِي وِشَاءِ iiسَعَادَةٍ وَحَـبِـيـرِ عَـافِيَةٍ وَعَيْشٍ أَمْرَعِ

5 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
الأسيرة كاد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

هذه القصيدة من نوادر الأمير، وقد تخلص بها لمدح أنور باشا قائد الجيوش العثمانية الشهير. وقدم لها بقوله:
بينما أنا ذاهب من سورية إلى الأستانة مبعوثا عن حوران في أيام الحرب العامة  نزلت ضيفا في طرسوس (وهي غير طرطوس) على سعادة الشهم الأمثل محمد بك راسم (من كبار أعيان مصر) المقيم هناك. وكانت حصلت حادثة على فتاة حسناء تشتغل في معمله القطني، وضويقت الفتاة لأجل جمالها، والمشار إليه لا يعلم بالواقع، فلما بلغه الخبر امتعض ومنع التعرض لها وجعلها في مأمن من سطوة العاشق، وصادف وجودي هناك، فقلت على سبيل المداعبة:
أَقـسَمتُ إِذ طَلَعَت عَلَيَّ iiشُموسُها وَزَهَت بِها الأَرجاءِ وَهيَ عَروسُها
أَعـلـى  مَحلٍ في الجَمالِ iiمَحلُها وَبِـهـا  فَـأَجمَلَ بَلدَةَ iiطَرسوسُها
لَـم أَحـسُـدِ الـعُشّاقَ إِلّا iiواحِداً أَحـظاهُ  رَبُّ العَرشِ فَهوَ iiجَليسُها
فـي  مَـجلِسٍ يَدَعُ الحَليمَ iiمُرَنِّحاً سِـيّـانَ  فـيهِ لِحاظُها iiوَكُؤوسُها
مـا إِن رَأَتـهـا مُـهجَةٌ إِلّا iiفَدَت ذاكَ الـمُـحَـيّـا نَفسُها iiوَنَفيسُها
وَمِـنَ  العَجائِبِ وَهيَ ريمَة iiرامَةٍ تَـعنو  لَها غُلبُ الرِجالِ iiوَشوسُها
هِـيَ جُؤذُرٌ وَلَكم سَبَت مِن iiضَيغَمِ لا  يَـستَبيهِ مِنَ الجُيوشِ iiخَميسُها
جـارَت عَـلَـيها وَهيَ بَعدَ ظُبَيَّةً نَـكباءُ  تَصطَلِمُ الأُسودَ iiضَروسُها
فَـعَـدا عَـلَيها مُذ نُعومَةِ iiظَفرِها خَـبَـبـاً  نَعيمُ الحادِثاتِ iiوَبُوسُها
بَـعـدَ الـقُصورِ العالِياتِ iiرَأَيتُها فـي  كَسرِ بَيتِ قَصرُها iiناموسُها
بَـعـدَ  الـثَراءِ الجَمِّ حلّة iiصانِعِ وَلِـكُـلِّ  حالٍ في الزَمانِ iiلَبوسُها
تَمضي  لَها في الغَزلِ بيضُ أَنامِلٍ ظَـلَـمَ  الَّذي هُوَ بِالحَريرِ iiيَقيسُها
الـقَـطـنُ يَـهزَاُ بِالدَمَقسِ iiبِكَفِّها وَالـخَـزُّ وَدَّ لَـو اَنَّـهُ iiمَلموسُها
فـي  الـغَـزلِ أَصـبَحَ شغلُها وَلَنا iiبِهِ مُـتَـحَرِّكاً  قَطَعٌ تضيقُ طُروسُها
يَـرجـو الـمُلوكُ نَظيرَها iiلِبَنيهِمُ فَـيَـعودُ رَبُّ المُلكِ وَهوَ يَئيسُها
أحَـبَبتُ  عيسى وَالصَليبَ iiلِأَجلِها حَـتّـى يَـكـادُ يَؤُمُّ بي iiقَسيسُها
وَأُخـالِـفُ الـشَيخَ التَميمي الَّذي مـا كـانَ يُطربُ سَمعَهُ ناiiقوسُها
لَـو كـانَ شـاهِدَ وَجهَها وَعَفافها مَـعَ  حُـسـنِـها ما آدهiiتَقديسُها
بَـطَشَت بِنا وَهيَ الضَعيفُ iiبِذاتِها بِـطَـشـاتِ أَنوَرُ بِالعِداةِ iiيَدوسُها
هُـوَ  ذَلِـكَ البَطَلُ الَّذي في ذِكرِهِ أَبَـداً  يُضيءُ مِنَ الوُجوهِ عَبوسُها

أبقى الإله سعوده موصولة

فـبها تَغيبُ عَنِ الدِيارِ iiنُحوسُها
وَأَراهُ كُـلَّ الـكـاشِـحـينَ iiأَذِلَّة مَـخـفوضَة بِذَرى عُلاهُ iiرُءوسُها
قال: وكانت صورة هذه القصيدة وصلت إلى الشام فبعث إلي الأديب الكبير خليل بك مردم بك من سراة دمشق بالأبيات التالية على سبيل المداعبة:
مـا  لـلصبابة منك هاج iiرسيسها ولـنـار  قـلبك عاد فيه حسيسها
عـهـدي بقلبك والأوانس iiوالدمى لا  تـسـتـبـيه سعادها ولميسها
شـمـست عن التهيام نفسك iiيافعا هـل ريض بعد الأربعين شَموسها
لـلـه فـاتـنـة تـملك قلب من تـحنى  لديه من الرجال iiرؤوسها
فـعـلـت به ألحاظها ما iiقصّرت عـن فـعـلـه أقداحها iiوكؤوسها
يـا من سُحرتُ بقوله هل ذاك iiمن تـأثـيـر عـينيها وأنت iiجليسها
إن  كـنت أحببت الصليب iiلأجلها وشـجـا  فـؤادك قارعا iiناقوسها
والـروحِ والإنـجيلِ حلفة iiصادق ويـمـيـن حـق لا يرد غموسها
إنـي  لـهـجت بذكر يوحنا ومر قس وازدهى في ناظري جرجيسها
وشـريت تكريس البتول iiويوسف وحـفـظـت مـا قد قاله iiقديسها
هـذا  ولـولا حـب ديـن iiمحمد مـن  دون كـاد لأم بـي iiقسيسها
هـامت  بها نفسي لوصفك iiحسنها حـتـى  كأنْ موهومها iiمحسوسها
فأجبته بما يلي وهو أيضا من باب المفاكهة:
وَالـلَـهِ  مُذ طَلَعَت عَلَيَّ iiشُموسُها ريـضَت لَها نَفسي وَزالَ iiشَموسُها
وَالـشَمسُ ما طَلَعَت عَلَت iiأَنوارُها وَعَـرا  الكَواكِبَ وَالبُدورَ iiخُنوسُها
أَلـقَـت عَـلى قَلبي المُتَيَّم iiلَحظَة خَضَعَت  لَها روحي وَلانَ iiشَريسُها
رَقَّ  الـفُـؤادُ لَـها فَصارَ iiرَقيقها وَحَـنـى  لَها رَأسَ العُلوِّ iiرَئيسُها
تُـدعـى الأَسيرَةَ غَيرَ أَنَّ iiغُزاتها عـادَت لَـها أَسرى تَذوبُ نُفوسُها
قَـد  غَيَبوها في السُجونِ فَلَم iiيَطل أَن صارَ رَبُّ الحَبسِ وَهوَ iiحَبيسُها
خَـلَـصَت تُجَرِّرُ مِنهُ ذَيلَ iiصِيانَةٍ هِـيَ مِـنـهُ في لَمَعانِهِ iiطاووسُها
وَكَـذا  الـجَمالَ إِذا سَرَت iiأَجنادُهُ سـالَـت بِـأَودِيَةِ القُلوبِ تَجوسُها
مُـذ  صَوَّبَت نَحوي سِهامَ iiلِحاظِها وَهَـنَت  دُروعُ مَفاصِلي iiوَتَروسُها
نَـفَـذَت لَـها بَينَ الجَوانِحِ iiنَظرَةٌ فـيـهـا  يضلُّ الطِبُّ iiجالينوسُها
بـاتَـت  تُقَلِّبُ في ضَعيفِ iiبَنانِها أَسَـداً تَـضيقُ بِهِ الأُسودُ iiوَخيسُها
هَـيـهـاتَ  أَطمَعَ بِالثَباتِ أَمامَها بَـل  يَـجذِبُ الصوّانَ مَغناطيسُها
مَـن  ذا يُـعارِضُها بِمَلِكِ iiعَبيدِها مَذ فوق عَرشِ الحُسنِ كانَ جُلوسُها
شـاهَـدتُ  مِـنها مَنظَراً تَحيا بِهِ روحٌ  وَلَـو بَـلَغَ الفِصالَ نَسيسُها
وَسَـرَقـتُ نَظماً مِن مَباسِمِ ثَغرها دُرَراً يَـعِـزُّ بِـمِـثـلِها قاموسُها
قُـل  لِـلـخَـليلِ يَتيهُ في فَيحائِهِ وَيَـروضُ  كُـلَّ كَريمَةٍ iiوَيَسوسُها
وَيَـرودُ  مَـرَجَـتها عَشِيَّة iiسبتِها وَلَـهُ بِـكُـلِّ مَـحَطَّةٍ جاسوسُها*
وَيَـصـيدُ  عَفرَ ظِبائِها في iiكِنسِها وَإِلَـيـهِ  تَجبي جوبَرٌ وَكَنيسُها ii*
أَظَنَنتَ  شَطرَ الحُبّ خَصَّكَ iiمُفرَداً وَسِـواكَ فـي إِقـسامِهِ iiمَبخوسُها
وَحَسِبتُ ما في الرَكبِ غَيرَ iiخَليلَها وَ(أَديـب)  ذلِـكَ وَحـدَهُ نَقريسُها
أَوَإِن قَـطَـعـتُ الأَربَعينَ أَيَنبَغي أَن تَـسـتَـوي غِزلانُها iiوَتِيوسُها
أَومـا عَـلِـمَت الأَربَعينَ iiرِجالُها نِـعـمَ  الفَوارِسُ إِذ يَفورُ وَطيسُها
وَهُـم  الـجَـهابِذَةُ الأَساتِذَةُ iiالأُلى لَـيـسـوا  أُصيبية تعادُ iiدُروسُها
وَهَـمّـو  إِذا ضَـمَّتهُمو أَعراسُها مِـثـلُ  الضَراغِمِ ضَمَّها iiعَريسُها
أَيَـكـونَ مِثلي شاعِراً وَأَكونُ iiمِن لَـم يَـجـتَذِبهُ مِنَ الوُجوهِ iiأَنيسُها
مـا  زالَ سُـلطانُ الجَمالِ iiمَحكّماً تَـأَتـيـهِ مِن كُلِّ القُلوبِ iiمُكوسُها
.       علق الأمير على البيت بقوله: في دمشق عادة هي خروج الناس إلى المرجة للنزهة عصر السبت. وجوبر قرية من قرى الغوطة، لخليل بك فيها بساتين كان يدعونا للنزهة فيها، وفي جوبر كنيس لليهود قديم جدا، و(أديب) خير من إخواننا.

6 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
شكر ومعذرة    كن أول من يقيّم

كل الشكر للأستاذين الكريمين جميل لحام وبديع الزمان على هذه الباقة العطرة من المحبة والوداد. والمعذرة على ما لحق القصيدة من أغلاط الطبع بسبب أني نسخت قصيدة الأمير من الموسوعة، فلما أردت تصحيحها دخل علي الأستاذ جميل يزورني في زيارة مفاجئة، فنسيت تصويب القصيدة بعد نشرها، ثم تفاجأت بما تعج به القصيدة من الأغلاط المطبعية التي لم تسلم منها كلمة.. وقد اختلط فيها البيت 21 بالبيت:
عادت به الآمال خضرا نُضّراً = من بعد ما عم البسيط يبيسها
وموضعه قبل البيت: (أبقى الإله سعوده موصولة)
وقد قمت بتصويب القصيدة الآن، وربما فاتتني حروف لم أنتبه إليها، فالأخطاء كثيرة جدا، تدعو للأسف. أكرر شكري وامتناني وإلى اللقاء

6 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
رسالة إلى جمال الدين الأفغاني: شعر الأمير شكيب أرسلان    كن أول من يقيّم

كتب الأمير هذه القصيدة قبل أن يبلغ السابعة عشرة من عمره، ونلمح فيها أفكار الأستاذ الإمام ومشاعره تجاه جمال الدين، مما يرجح أن يكون الأستاذ الإمام قد كتب كلمات القصيدة، وقام الأمير بصياغتها شعرا. والقصيدة منشورة في ديوانه الأول الذي أصدره عام 1887 بعنوان الباكورة، وأودع فيه شعره الذي كتبه ما بين 1884 إلى 1887م  وهو من مواليد عام 1869م وأهدى ديوانه هذا للأستاذ الإمام محمد عبده، وانظر في تعليق لاحق نص الإهداء نثرا ونظما. وإذا كان لي أن أجتهد فالقصيدة كما يفهم من البيت (37) كتبها الأمير في فبرايرعام 1886 يوم زار جمال الدين إيران، لأول مرة. قبل الزيارة الثانية التي صار فيها وزيرا للشاه ناصر الدين.
وعلق رشيد رضا على البيت بقوله: (كان هذا في أول ذهابه إلى إيران قبل أن ينكبه فيها الشاه ناصر الدين).
وقدم الأمير لهذه القصيدة بقوله: (وكتبت إلى السيد جمال الدين الأفغاني رحمه الله
)

يـا  جَـمـالَ الإِسلامِ وَالإِسلامُ صَـدَّهُ  عَن هَوى الجَمالِ iiالملامُ
مِـثـلـمـا أَنتَ في الحَياةِ وَإِلّا فَـحـيـاةُ  الـفتى عَلَيهِ iiحَرامُ
هَكَذا  أَن يَصِحَّ في الأَرضِ مَجدٌ دونَـهُ  كُـلّ مـا نَـرى iiأَوهامُ
هِـمَـمٌ دونَـها الكَواكِبُ iiمَثوى وَمَـضـاءٌ  مِـن دونِـهِ iiالأَيّامُ
قـاذِفاتٌ  عَلى المَصاعِبِ iiعَزماً لَـو  تَـبَـدّى تَـدَكدَكَ iiالأَعلامُ
مِـثلَ  هَذا حَوَيتَ يا رَجُلَ iiالأَر ضِ  فَـمـاذا عَسى يَدُلُّ iiالكَلامُ
لَـم  تَـزَل تُحرِزُ المَحامِدَ iiحَتّى كُـلُّ حَـمـدٍ لَـهُ عَـلَيكَ iiذِمامُ
أَنـتَ فَـردٌ فـيما شَمِلَت iiوَلَكِن فـي اِقـتِـدارِ الجَنانِ أَنتَ لَهامُ
لَكَ  نَفسُ الأَملاكِ في عِزَّةِ iiالأَف لاكِ  فـي جـودِ مَن يَداهُ الغَمامُ
لَـكَ  طَـبـعٌ سامٍ وَوَجهٌ iiوَسيمٌ أَدبَـرَ  الـظُـلمُ مِنهُما iiوَالظَلامُ
وَرُمـوزٌ مِـلءِ الـحَقائِقِ iiطَراً وَعُـلـومٌ فَـوقَ الـعُلى iiأَعلامُ
وَيَـراعٌ  كَـالغَيثِ مِنهُ iiاِنسِكابٌ وَذَكـاءٌ كَـالـنـارِ فيها iiضِرامُ
وَمَـعـانٍ لَـو أوحِـيَت iiلِجِمادٍ هَـزَّهُ  الـشَوقُ نَحوَها iiوَالغَرامُ
حـيرَت  كُلَّ ذي حَصاةٍ إِلى iiأَن قـيـلَ  لا شَـكَّ إِنَّـهـا iiإِلهامُ
كُـلُّ هَـذا حَوى الجَمالُ iiوَأَوفى يـا  جَـمالَ الدُنيا عَلَيكَ iiالسَلامُ
كُـلُّ حَـيٍّ لَم يَحذ فَضلكَ iiحَذواً كُـلّ سـاعـاتِ عُـمـرِهِ iiآثامُ
فَـلَـتَطاول بِكَ الكَواكِبُ iiوَليَف خَـر بِـعَـلـيـاكَ آدَمٌ لا iiسامُ
وَنـجـب مـا تَـدعو إِلَيهِ iiوَإِلّا فَـلـحَـقّ النُفوس مِنّا iiاِهتِضامُ
كُـلُّ  نَـفسٍ قَصد الفَلاح iiعَلَيها طـلـفـاً لَـيـسَ تَخلُقُ iiالآنامُ
وَقَـبـيـحٌ يـا نَفسُ قَولُك iiهَذا فَـوقَ هَـمّـي وَقُـوَّة لا تُضامُ
أَبـدَعَ  الـلَـهُ في العِبادِ iiأُموراً وَعَـلَـيـهـا عَـلَـيهِمِ iiالإقدامُ
حَـسـبُـنا اللَهُ مِن وَكيلٍ iiوَلَكِن لِـنَـقُـل  مِـثلَ ذا وَنَحنُ iiقِيامُ
دونَ  نَـيـلِ العُلى رُبىً iiوَوِهادٌ لا نَـنـالُ الـعُـلى وَنَحنُ iiنِيامُ
نَـطـلُبُ المَجدَ مَن سِوانا وَلَكِن لَـم يُـسَـوَّد عِصامَ إلا iiعصامُ
يـا  زَمـانـاً أَتى بِكُلِّ iiعَجيبٍ أَيُّ يَـومٍ كُـنّـا وَخَـسفاً iiنَسامُ
جِـئ  بِما شِئتَ يا زَمانُ iiغَريباً وَتَـحـكّـم  إِذ أَنتَ لَستَ iiتلامُ
إِنَّ  أَمـراً أَصـحـابُـهُ تَرَكوهُ بَـعدَ  ما أَفطروا عَلَيهِ iiوَصاموا
فَـغَـدوا  مِـثلَما جَعَلتُ وَما iiكا نَ  إِلَـهـي مُـغَـيِّراً لَو iiداموا
يـا  جَمالَ الإِسلامِ إَنّي اِمرُؤٌ مِم مَـن  عَلَيهِم وَاللَهُ ضاقَ iiالكَظامُ
عَـبَـثـاً يُـجهزُ الزَمانُ iiعَلَينا مـا  لِـجـرحٍ بِـمَـيتٍ iiإيلامُ
لَيسَ يَخلو الزَمان يَوماً مِنَ العِب رَةِ  لَـكِـن قَـد شـلتِ iiالأَفهامُ
حـالَـة عَن فِصالِ أمثالِها iiالأَي يـامُ  قَـد مَـسَّها لَعَمري iiالعُقامُ
مِنكَ يَرجى يا سَيِّدي يا جَمال ال ديـنِ  وَصلُ الحِبالِ وَهيَ iiرَمامُ
أَنـتَ لِـلمُسلِمينَ في دنيِهِم iiحج جَـة  حَـقَّ لِـغَـيـرِهِم iiإلزامُ
عَطفِ  النَفسَ ما اِستَطَعتَ عَلَينا نَـحـنُ  لَولاكَ في الوَرى iiأَيتامُ
مـا  شَكَكنا في أَن تَنالَ iiالأَماني سَـيِّـدٌ  أَنـتَ وَالـزَمانُ iiغُلامُ
مـا عَجِبنا لِلفرسِ إِذ بِصَنيعِ iiال دولـةِ الـيَـومَ حَـفكَ iiالإعظامُ
اظـهَـرْ الـيَومَ يا مُحَمَّدَ وابهَرْ أَنـتَ  فـي المَشرِقَينِ بَدرٌ iiتَمامُ
وَتَـغـلّبْ عَلى العَوائِقِ iiوَاِجعَل كُـلَّ  مـا لا يُـرامُ مِـمّا iiيُرامُ
قـاطِـعٌ رَأيُـكَ المُسَدَّدُ في الدَه رِ  الَّـذي لَيسَ يَقطَعُ iiالصَمصامُ
فيكَ  يَأتي القَريضُ مُنتَظِماً iiعَف واً وَتَـنـسـابُ وَحدَها iiالأَقلامُ
ذا مَـجـالٌ إن تَـجتَنِبهُ iiخَناذي ذُ  الـقَـوافـي فَإِنَّني الضِرغامُ
فَـاِمـهِرِ  اليَومَ ما زَفَفَت iiقُبولاً يـا جَـمـالاً أَنـا بِـهِ iiمُستَهامُ
خَـدَمَ الـدَهرُ بابَ عِزِّكَ iiبِالإِخ لاصِ مـا واصِـلَ اِفتِتاحا خِتامُ

7 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
إهداء الباكورة    كن أول من يقيّم

الباكورة هو ديوان شعر الأمير في صباه كما ذكرنا في التعليق السابق، أصدره عام 1887م وهو في السابعة عشرة من عمره، وأهداه للأستاذ الإمام محمد عبده، نثرا وشعرا، فقال: (إهداء الباكورة لحضرة العالم العامل الفيلسوف الكامل، واسطة عقد الحكماء ودرة تاج البلغاء، الأستاذ الأكبر الشيخ محمد عبده المصري، أيده الله تعالى)
لَـو هاجَ مِثلُ الفَضلِ خاطِرَ شاعِر أَلـقَـيتُ بَينَ يَدَي سِواكَ iiبَواكِري
أَو  لَـو وَجَدَتُ بِمِثلِ فَضلِكَ iiعاذِلاً كـانَ  الـكَمالُ إِذا سَلَوتُكَ iiعاذِري
لَـكِن سَطَوتَ عَلى القَريضِ بِأَسرِهِ وَغَـدَوتَ أَعـذَبَ مَـنهَلٍ iiلِلخاطِرِ
فَـزَهَـوتَ  بَـينَ مَدارِكٍ وَمَشاهِدٍ وَسَـمَـوتَ  بَينَ بَصائِرٍ iiوَبَواصِرِ
أَو  كَيفَ لا تَسمو وَمِثلُكَ مَن iiحَوى بِـأَعَـزِّ  نَـفـسٍ كُلَّ خَلقٍ iiباهِرِ
عَـلـمٌ  عَـلى عَمَلٍ عَلى قَلَمٍ iiغَدا فـي الـخَطبِ يَهزَأُ بِالحُسامِ الباتِرِ
وَفَـضـائِـلٌ تَستَنطِقُ الأَفواهَ iiمِن كُـلِّ الـبَـرِيَّـةِ بِـالثَناءِ iiالعاطِرِ
عَـلامَـةَ الـعُـلَماءِ وَالبَحرُ iiالَّذي لا  يَـنـتَـهـي مِثلَ البِحارِ لِآخِرِ
يـا  أَيُّـهـا الـعلَمُ الَّذي iiأَوصافُهُ أَضـحَت  رِياضَ قَرائِحٍ iiوَضَمائِرِ
شَـهِـدَ  الـزَمـانُ لَنا بِأَنَّكَ iiفَردُهُ مِـن  كُـلِّ بادٍ في الأَنامِ iiوَحاضِرِ
يـا أَوحَدَ العَصرِ الَّذي عَقَدَت iiعَلى تَـقـديمِهِ في الفَضلِ خَيرُ خَناصِرِ
لا  غَـروَ أَن أُهـدي إِلَيكَ iiرَقائِقي وَأَنـا رَقـيـقُ فَـضـائِلٍ iiوَمَآثِرِ
لَـيسَ  القَريضُ سِوى تَأَثُّرُ iiخاطِرٍ مِـمّـا بِـهِ لِـلـمَـرءِ قرَّةُ ناظِرِ
تُـمسي المَحاسِنُ وَهيَ فيهِ iiبِواعِثٌ لِـلـشِـعـرِ  بَينَ مُسَبِّبٍ iiوَمُباشِرِ
غُـرَرٌ عَـلـى الأَيّـامِ لَولاها iiلَما لاحَـت وُجـوهُ الدَهرِ غَيرَ iiبَواسِرِ
لَـم  تبرحِ الشُعَراءُ صَرعى iiنَشوَةٍ بِـرَحـيـقِها  مِن سالِفٍ وَمُعاصِرِ
فَـإِذا  اِنـجَلَت في مِثلِ ذاتِكَ iiمَرَّةً كُـنـتَ أُلأحـقّ بِكُلِّ مقول iiشاكِرِ
يـا مَـن غَـدا بِعَوارِفٍ iiوَمَعارِفٍ يُـزري  عَلى لَجَجِ العُبابِ iiالزاخِرِ
أُهـديكَ  بَعضاً مِن عَقيقِ iiقَريحَتي يـا  بَـحرُ لَكِن لا أَقولُ iiجَواهِري
أَبـيـاتُ  إِحـسانٍ وَلَيسَ iiجَميعُها مِـن كُـلِّ بَـيتٍ بِالمَحاسِنِ iiعامِرِ
قَـد جادَها صَوبُ الصِبا iiوَبِنَشرِها نَـمَّ الـصَـبا عَن كُلِّ عَرفٍ iiذافِرِ
دَرَجَـت  مَعي أَطوار عُمرٍ واصِلٍ مـا  جـاشَ مِـن يَومٍ بِلَيلٍ iiساهِرِ
قَـد بـاكَـرَتني قَبلَ صادِقِ iiفَجرِهِ مُـذ كُـنتُ مِن أَعوامِهِ في iiالعاشِرِ
أَو حَت إِلى قَلبي الهَوى فَشَعَرتُ إِذ غُـصـنُ الصَبابَةِ لا يَميلُ لِهاصِرِ
فَـمَـضَـيتُ  بَينَ كَمائِلٍ iiوَمَفاخِرٍ وَمَـشَـيـتُ  بَينَ خَمائِلٍ iiوَأَزاهِرِ
مـا  قُـلتُ ذا فَخراً وَلا عَجَباً iiوَما مِـن  مُـعجبٍ في نَظمِها أَو iiفاخِرِ
لَـكِـن لَـتَـرفَقَ غَيرَ مَأَمورٍ iiبِها فَـلَكم  خَطَت طوراً لِنَيلِ iiالحاضِرِ
مَـكَّـنـتها بَعدَ النِزاعِ وَكَم iiحَكَت قَـلَـقَ  الـقِداحِ بَدَت بِكَفَّي iiياسِرِ
حَـتّـى أَتَـت مِن بَعدِ تَربِيَتي iiلَها حَـسبي وَإن لَم تَغدُ مِلءَ iiمَحاجِري
عَـوَّضتُ ما خَسِرتُهُ مِن حُسنٍ iiبِما رُفِـعَـت إِلَـيكَ فَلَم أَكُن iiبِالخاسِرِ
فَـكُـنِ  الوَصِيَّ عَلى يَتامى iiناظِمٍ وَبَـنـاتِ  فِـكرٍ في ثَناكَ قَواصِرِ
أَهـدَيـتُـهـا لا كَي تَليقُ iiوَطالَما قَـبِـلَ  الـكَبيرُ هَدِيَّة مِن iiصاغِرِ
هِـيَ دونَ مـا يُـهدَى إِلَيكَ iiوَإِنَّما مِـثـلـي عَلى ما فاقَ لَيسَ iiبِقادِرِ

7 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
ذكرى الأندلس    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

هذه القصيدة من روائع شعر الأمير وعدد أبياتها كما في الديوان (105) أبيات، والمختار منها هذه القطعة، وقدم لها الأمير بقوله: (ذكرى الأندلس: نظمتها لما شاهدت مسجد قرطبة في سياحتي إلى الأندلس سنة 1930)
 
لَـكَ الـلَهُ إن شِئتَ الصَبوحَ iiفَبَكِّر بِـكَـأسٍ  دِهـاقٍ مِن حُمَيّا iiالتَذكُّرِ
وَغَنِّ عَلى ذِكرى اللَيالي الَّتي iiخَلَت قَـصائِدَ إن تُنشَد عَلى المَيتِ iiينشرِ
فَـقَـد  تَعجبُ الذِكرى وَلَو iiلِفَجيعَةٍ وَيَـشفي أُوارَ الصَدرِ فَرطُ iiالتَحَسُّرِ
لَـعَـمـرَكَ  لا يرجى لِنَشأَةِ iiمُقبِلٍ وَمُـسـتَـقـبَلٍ مَن لَم يُفَكِّر iiبِمُدبِرِ
أَدِرهـا  تَردّ الرُشدَ في عَقلِ iiذاهِبٍ وَتُـذهِـبُ عَـقلَ الراشِدِ iiالمُتَبَصِّرِ
كَـأَن  لَم تَكُن في أَرضِ أَندَلُسٍ iiلَنا جَحافِلُ  إِن تَحمِل عَلى الدَهرِ iiيذعرِ
فـماذا  الَّذي أَخنى عَلَيها وَما iiالَّذي رَمـاهـا بِهَذا الخَسف بَعدَ iiالتَصَدّرِ
خِـلافـانِ هَـذا بَينَ قَيسَ iiوَيَعرُبٍ مُـقـيـمٌ  وَهَذا بَينَ عُربٍ iiوَبَربَرِ
وَلا شَرٌّ يَحكي شَرَّ حَربٍ إِذا iiالتَقَت صَـناديدُ قَيسٍ مَعْ غَطاريف iiحِميَرِ
وَلَـمّـا رَأَيتُ المَسجِدَ الجامِعَ iiالَّذي بِـقُـرطُبَةَ  مِن فَوق فوقِ iiالتَصَوّرِ
عَـضُضَتُ عَلى كَفّي بِكُلِّ iiنَواجِذي وَقُـلتُ لِعَيني اليَومَ دَورُكَ iiفَاِهمُري
ظَـلَـلتَ  بِهِ بَينَ الأَساطينِ iiسائِحاً بِـفِكري حَتّى غابَ عَنّيَ iiمَحضَري
تَـأَمَّـل  خَـليلي كَم هُنا مِن iiمُهَلَّلِ إِلـى  رَبِّـهِ صَـلّى وَكَم مِن مُكَبِّرِ
وَكَـم أَزهَـرَت فيهِ أُلوفُ iiمَصابِحٍ وَكَـم أَوقَـدَت أَرطالُ عودٍ iiوَعَنبَرِ
وَكَـم  مَـلِكٍ ضَخمٍ وَكَم مِن iiخَليفَةٍ هُـنـا  كانَ يَجثو عَنِ جَبينِ iiمَعفَرِ
خَـلـيـلي تَأَمَّل كَالعَرائِسِ iiتَنجَلي أَسـاطـينُ قَد تُحصى بِأَلفٍ iiوَأَكثَرِ
تَـراهـا  صُـفـوفاً قائِماتٍ iiكَأَنَّها حَـدائِـق  نُصَّت مِن جَمادٍ iiمُشجّرِ
مِـنَ الـعَـمـدِ الأَسنى فَكُلُّ iiيَتيمَة لَـهـا  نـسَـبٌ مِن مَقطع iiمُتَخَيَّرِ
أَجـادَت تَـحَـرّيـهـا قُرومُ iiأُمَيَّة مَـعـادِنَ شَـتّـى مِن فَلَزٍّ iiوَمَرمَرِ
نَبَت دونَها زَرَقُ الفُؤوسِ وَأَصبَحَت لَـدى الفَرى تهزا بِالحَديدِ المُعَصفَرِ
وَلَـكِـن لِـفَضلِ الفَنِّ أَلقَت iiقِيادَها فَـصالَت  بِها الصُنّاعَ صَولَةَ iiعَنتَرِ
فَـبَيناً  هِيَ الصُمُّ الصَلادِ إِذ iiاِنثَنَت مَـقـاطِـعَ جُـبنٍ أَو قَوالِبَ iiسُكّرِ
عَـرائِـس  لِلتَخريمِ فَوقَ iiرُؤوسِها أَكـالـيـلُ  دُرٍّ فـي قَلائِدِ iiجَوهَرِ
وَوَجهٌ إِلى المِحرابِ طَرفُكَ iiيَنسَرِحُ مِنَ الصَخرِ في مِثلِ الطِرازِ iiالمُحَبَّرِ
وَحَـدَقٌ  بِـهاتيكَ النُقوش وَزَهوها كَـأَن  فـاتَـها صُنّاعُها مُنذُ iiأَشهُرِ
وَبِـالـقُـبَّـةِ العَلياءِ يَبدو iiشُعاعَها بِـأَلـمَـعِ مِن زَهرِ النُجومِ وَأَزهُرِ
لَـو  انَّ الثُرَيّا في سَماها iiتَعَرَّضَت لَـظَـلَّـت  تَحَدّى لِلثُرَيّا iiوَتَزدَري
أَقـولُ  لِخَصمٍ يَبخَسُ العرْبَ iiحَقَّهُم أَجـاحِـدَ نورِ الشَمسِ دونَكَ فَاِنظُرِ
قُـصـورٌ نَـبا عَنها قُصورُ iiمُشيدٍ وَعَـلـيـاء لَـم تَعلَم مَشيدَ iiمُقصِرِ

7 - أغسطس - 2007
تذكار الأمير
 214  215  216  217  218