البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 212  213  214  215  216 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
التركيب الجسدي بين الأنثى والذكر    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

 

           اختلاف الذكر عن الأنثى في تركيبها الجسدي
العودة إلى الصفحة الرئيسة                                                                                             الدكتور محمد علي البار
 
أثبتت الدراسات الطبية المتعددة أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله تعالى على هيئة تخالف تكوين الرجل ، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة الأمومة ملاءمة كاملة ، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة وسيدة البيت ، وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها نتائج فادحة في كل مجال .. ويقول تقرير هيئة الصحة العالمية الذي نشر في العام الماضي أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل .  وإن فقدان هذه الرعاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف الذي انتشر بصورة مريعة في المجتمعات الغربية . وقد أثبتت الدراسات الطبية والنفسية أن المحاضن وروضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به .
الاختلاف على مستوى النطفة :
وإذا سرنا في سلم الفروق ، وارتفعنا إلى مستوى الخلايا التناسلية فسنجد الفرق شاسعا والبون هائلا بين الحيوانات المنوية وبين البويضة .
تفرز الخصية مئات الملايين من الحيوانات المنوية في كل قذفة مني بينما يفرز المبيض بويضة واحدة في الشهر . ونظرة فاحصة لخصائص الحيوان المنوي الذي يقاس بالميكرون تجعلنا نوقن بأنه يجسد خصائص الرجولة . بينما نرى البويضة تجسد خصائص الأنوثة فالحيوان المنوي له رأس مدبب ، وعليه قلنسوة مصفحة وله ذيل طويل وهو سريع الحركة قوي الشكيمة لا يقر له قرار حتى يصل إلى هدفه أو يموت . بينما البويضة كبيرة الحجم ( 0.5 مليمتر ) وتعتبر أكبر خلية في جسم الإنسان الذي يحتوي على ستين مليون مليون خلية . وهي هادئة ساكنة تسير بدلال وتتهادى باختيال وعليها تاج مشع يدعو الراغبين إليها ، وهي في مكانها لا تبرحه ولا تفارقه ، فإن أتاها زوجها وإلا ماتت في مكانها ثم قذفها الرحم مع دم الطمث .
وإذا دققنا النظر في قطرة صغيرة من مني الرجل تحت المجهر لهالنا ما نرى .. مئات الملايين من الحيوانات المنوية تمخر عباب بحر المني المتلاطم وهي تضرب بأذيالها لتجري في طريقها الشاق الطويل الوعر المحفوف بالمخاطر حتى تصل إلى البويضة ، وفي أثناء هذه الرحلة الشاقة الهادرة تموت ملايين الحيوانات المنوية ولا يصل إلى البويضة إلا بضع مئات .
وهناك على ذلك الجدار تقف هذه الحيوانات تنتظر أن يؤذن لها بالدخول وتتحرك يد القدرة الإلهية ليلقح تلك الدرة المكنونة .. ويلج الحيوان المنوي سريعا إلى هذه الكوة والفرجة ليقف وجها لوجه أمام البويضة .. وهناك يفضي لها بمكنون سره ويعطيها أسرار الوراثة وتعطيه ، ويتحدان ليكونا النطفة الأمشاج التي يخلق الله سبحانه وتعالى منها الإنسان كاملا ...
وظائف المرأة الفيسيولوجية تعوقها عن العمل خارج المنزل
العودة إلى الصفحة الرئيسة                                                                                             الدكتور محمد علي البار
 
وإذا نظرنا فقط إلى ما يعتري المرأة في الحيض والحمل والولادة ، لعرفنا أن خروجها إلى مجال العمل إنما هو تعطيل للعمل ذاته .. كما أنه مصادم لفطرتها وتكوينها البيولوجي الذي لا مندوحة عنه ..
أ ) المـحيض :
إن أنثى الإنسان .. والثدييات العليا مثل القردة والشمبانـزي هي التي تحيض ولها دورة رحمية كاملة .. أما بقية الحيوانات فلا تحيض إناثها رغم ما يشاع عن حيض الأرنب والضبع والخفاش .. فهذه جميعا لا تحيض وإن كانت تنـزل دوما من أرحامها عند اهتياجها الجنسي الشديد
وللحيوانات جميعها فترة محدودة للنشاط الجنسي وعادة ما يكون في فصل الربيع بينما النشاط الجنسي للإنسان متصل على مدار العام .. ولا تفرز الإناث من هذه الحيوانات بويضاتها إلا في فترة محدودة من العام ، بينما تفرز المرأة بويضة مرة في كل شهر منذ البلوغ إلى سن اليأس. أي خلال ما يزيد عن ثلاثين عاما كاملة .. وهي طوال هذه المدة معرضة للحيض في كل شهر إذا وقع الحمل وتتعرض المرأة أثناء الحيض لآلام ومعاناة نلخصها كما يلي :
1.    تصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية الحيض .. وتكون الآلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء
2.    تصاب أكثر النساء بآلام وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن .. وتكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يستعدي استدعاء الطبيب واستعمال الأدوية المسكنة للألم .
3.    تصاب الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض فتقل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض .
ب ) آلام الـولادة :
إن آلام الطلق تفوق أي ألم آخر .. ومع هذا فلا تكاد المرأة تنتهي من ولادة حتى تستعد لولادة أخرى .. ولا يكاد الطفل يخرج إلى الدنيا ويلامس جسمه جسمها حتى يفتر ثغرها عن ابتسامة متعبة وهي تعطيه أول رضعة من ثديها . وفي الماضي كانت الولادة عملية شديدة الخطورة وتنتهي كثير من حالاتها بوفاة الأم أو وفاة الجنين أو وفاتهما معا ..
كما كانت حمى النفاس منتشرة بين الوالدات .. والحمد لله فقد أمكن في العصور الحديثة خفض مضاعفات الولادة على الأم والجنين ولكن الطب لم يتمكن ولن يتمكن من إزالة جميع مخاطر الولادة .. ولا تزال مجموعة من النساء يلدن بالعملية القيصرية .. ومجموعة أخرى يلدن بالجفت .. كما أن مجموعة قليلة تفقد حياتها أثناء الولادة أو بسبب حمى النفاس أو تمزق الرحم .. أما الأمراض المزمنة الناتجة عن الحمل والولادة فلا تزال رغم التقدم الطبي الهائل ليست بالقليلة . وأهمها أمراض الكلى وضغط الدم وأمراض القلب وأمراض الجهاز التناسلي وأمراض الكبد .. كما أن الأمراض النفسية وحالات الكآبة تكثر أثناء الحمل وفي فترة النفاس ....

16 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
معنى الأثر الوارد عن ابن مسعود    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

بسم الله الرحمن الرحيم


معنى ما ورد في الأثر عن ابن مسعود : " ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح " .
السؤال: ما معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه: ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح.



الجواب :
الحمد لله
هذا الأثر رواه ابن سمعون في "أماليه" (رقم 162/ الشاملة ) عن أبي عبيدة عن عبد الله – يعني ابن مسعود رضي الله عنه - قال : " ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح " .
وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود ، واسمه عامر ، مشهور بكنيته ، وهو ثقة من رجال الجماعة ، لكنه لم يسمع من أبيه كما قال الإمام أحمد وابن معين والترمذي وابن سعد وابن حبان والعجلي وغيرهم .
راجع : "التهذيب" (5/65-66) – "تاريخ ابن معين" (3/354) – "الثقات" لابن حبان (5/561) – "الثقات" للعجلي (2/414) .
وجزم ابن القيم رحمه الله في "الجواب الكافي" (ص 7) بنسبته إلى ابن مسعود رضي الله عنه.
ومعنى هذا الكلام – على فرض صحته عن ابن مسعود – أن التسبيح كان استغاثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عند الشدائد والكروب ، فإذا ألمّ بأحدهم كرب ، أو نزلت به نازلة ، فزع إلى ربه بالتسبيح ، وهو من التوسل المشروع بالعمل الصالح .
فمعنى قوله : " إلا استغاث بالتسبيح " : أي استغاث بالثناء على الله بتسبيحه وتنزيهه عن النقائص والعيوب ، وقد يقوم الثناء على الله تعالى مقام الدعاء ، أو يتضمنه ، كما سيأتي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وقال ابن القيم رحمه الله :
" نفس الحمد والثناء متضمن لأعظم الطلب وهو طلب المحب ، فهو دعاء حقيقة بل أحق أن يسمى دعاء من غيره من أنواع الطلب الذي هو دونه . والمقصود أن كل واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر ويدخل فيه " انتهى .
"بدائع الفوائد" (3 / 521)

وهو يشبه – من وجه - قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) رواه الترمذي (3524) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال في "النهاية" (4 / 500) :
" أي الْزَمُوه واثْبُتُوا عليه وأكْثِرُوا من قوله والتَّلَفُّظِ به في دُعائِكم . يقال : أَلَظَّ بالشيء يُلِظُّ إلْظَاظاً إذا لَزِمَه وثابرَ عليه " انتهى .
ويشهد لذلك – في الجملة – قول الله عز وجل : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) الأنبياء / 87 – 88
وقال تعالى : ( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )
الصافات / 143 - 144
وروى البخاري (3396) ومسلم (2377) عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ) .
وروى علي بن الجعد في "مسنده" (67) عن علي رضي الله عنه قال : " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ، سبح الله عز وجل في الظلمات " .
قال الحافظ رحمه الله :
" وفي رواية للطحاوي : " إنه سبح الله في الظلمات " فأشار إلى جهة الخيرية المذكورة "
انتهى .
فيتبين بما تقدم أن التسبيح هو الذي أنجى الله به نبيه يونس عليه السلام ، ولولا أنه كان من المسبحين لما نجا ، وأن هذه سنة الله تعالى في خلقه ، كما قال تعالى : ( وكذلك ننجي المؤمنين ) ، وأولى الناس بالعمل بهذه السنة هم الأنبياء .

- ويحتمل أن يكون المعنى : أنهم كانوا يجعلون بين يدي الدعاء في الكروب : الثناء على الله تعالى بتسبيحه وتقديسه ، كما روى أبو داود (1481) عن فَضَالَةَ بْن عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال : سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجِلَ هَذَا ) ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ ) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وقد روى الحاكم (1864) عن سعد رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ألا أخبركم بشيء إذا نزل رجل منكم كرب أو بلاء من بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه ؟ ) فقيل له : بلى فقال : ( دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .
صححه الألباني في "الصحيحة" (1744)

وهو في البخاري (6346) ومسلم (2730) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ولفظه :
( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورب الأرض وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) .
فهذا ونحوه يدل بقوة على أن التسبيح يكشف الله به الكرب عن عبده المؤمن ، نبيا كان أو غيره.
والله تعالى أعلم

16 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
ضوء الصباح يغني عن المصباح    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم


** شهادة علي رضي الله عنه: "إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر".
 ["كتاب الشافي" ج2 ص428].

** قال علي رضي الله عنه على منبر الكوفة: لا أوتى برجل يفضّلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري [الكشي: ترجمة رقم: (257)، ومعجم الخوئي: (8/153، 326)، والفصول المختارة127].
 
** يصرح علي رضي الله عنه بحبه لأبي بكر وعمر فيقول : إنّ أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر" ["عيون أخبار الرضا" لابن بابويه القمي ج1 ص313، أيضاً "معاني الأخبار" للقمي ص110، أيضاً "تفسير الحسن العسكري"].

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
لا تغضب ، وأحياناً اغضب....    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

نعمة الغضب !!
قديما قالوا : إن الغضب جمرة في جوف الإنسان تحمر منها عيناه ، وتنتفخ أوداجه ، وتحمل صاحبها عل الإضرار بالآخرين والانتقام منهم والعدوان عليهم .
وهذا الغضب ذمته الشرائع ،وقبّحته التعاليم ،ونبذته الفطر السليمة ...ولكن هناك نوع من الغضب واجب تحققه ، وفرض وجوده، ولزاما على الناس أفرادا وجماعات أن يتحلوا به ..إنه الغضب لله إذا انتهكت الحرمات ، و الغضب للوطن إذا سرقت الثوابت ، والغضب للمقدسات إذا دنست الساحات ..والغضب للمظلوم إذا لم يجد ناصرا ولا معينا ..
في هذه الأيام يعلن الكيان الصهيوني قراره العنصري لإبعاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين عن الضفة الغربية المحتلة .! وسوف يسري العمل بهذا القرار قريبا، والأمور كلها جاهزة، وكأن الصهاينة في سباق مع الزمن ..
كل ذلك وسط صمت فلسطيني رسمي مريب ، وصمت عربي غريب ..ولم يحرك أحد ساكنا ، ولم يغضب أحد ، والتزم الجميع الأدب ! لأن الغضب جريمة عقوبتها النفي والإبعاد والإسقاط من هذا العرش أو ذاك ...
ويأتي هذا القرار وفق دراسة إسرائيلية وصلت إلى حد المشاورات ، وأخذت موافقة من بعض الجهات في الإدارة الأمريكية وسكوت ورضا دول عربية مجاورة عُرف عنها أنها " لا تغضب!!" حول خطط لنسف مشروع دولة فلسطينية في أراضي 67 ، والقيام بخطة الترحيل إلى سيناء لإنشاء دولة فلسطينية هناك في مقابل استرضاء مصر والأردن على أن تبقى الضفة الغربية كاملة تحت السيادة الإسرائيلية !!.
إن رؤساء العرب سوف يجتمعون في قمة عربية طارئة ، ولكنها لن تكون قمة غاضبة ، بل قمة لحسن السيرة والسلوك لن تزيد بياناتها عن الشجب والتنديد والاستنكار ، ولكن دون احمرار العينين أو انتفاخ الأوداج ..فصحة زعمائنا أغلى عندنا من مثل هذا الصنيع الذي يقعدهم عن أداء الواجب ، أو يصيبهم بعطب مزمن في أجهزتهم النشطة ..!!.
وليس بعيدا عن أرض الرباط تتحرك بعض النخب المتنورة التي رزقت نعمة الغضب في شوارع قاهرة المعز ، لتعبّر عن رفضها لقوانين الطوارئ ، وتطالب بإعادة النظر في الدستور ، وترفض التوريث ، وتختار مرشحا للرئاسة ...ولكن الغضب الذي يغير الأوضاع ، ويؤدب الظَلَمة ، ويدافع عن الحريات ، ويثور على الذين يبيعون الغاز والحديد لإسرائيل ، والذين يريدون قانونا لنهب آثار مصر ، والذين يُطعمون الشعب الخبز المسرطن ، والذين يحتفلون بأعياد ميلادهم في نوادي الماسونية ...
إن هؤلاء جميعا لن يغضبوا أبدا مادام الغضب يحجب عنهم المنافع ، ويحرمهم الضّرع الذي يدرُّ عليهم لبنا خالصا سائغا للشاربين !!!.
وأتوقع أن صيف هذا العام سوف يكون صيف الغضب في مصر  المحروسة ..لأن أوهام ثورة يوليو1952 اقتربت من نهايتها ، ولا يصح إلا الصحيح ، ومهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر ، والقادمون من الشباب الجدد لم يستمرئوا الهراء بتمجيد الثورات التي لم تجن منها الشعوب إلا استقلالا مزيفا خرجت به من ظلم الأجنبي إلى ظلم ذوي القربى !!.
إنهم يعبرون عن عمق الأزمة السياسية والاجتماعية في مصر ، وبهم سوف يبزغ فجر مصر الجديد ،ولن يستطيع النظام المتهاوي مهما أوتي من وسائل القمع أن يُسكت الغضب المتفجر ...فقد انكسرت الحواجز ، وانكشف المستور ، ولم يعد هناك شيء يُخاف عليه !.
وبعيدا عن هذا التهريج هناك في أرض الشهداء ، في أرض الجزائر الثائرة ، تطلع علينا وزارة الداخلية بقرار منع الخمار واللحية في بطاقات الهوية وجواز السفر البيومترية ظنا منها أنها تواكب العبقرية في ميدان السلامة والأمن البيومتري ، ولم يعلم هذا المسئول أو ذاك أن هذه التكنولوجيا والتقنية المعلوماتية سبقتنا إليها دول في الشرق والغرب ، ونحن لا ننكر فوائدها في حفظ الأمن ، ومنع التزوير ، ورصد تحركات المشبوهين ..
وقد كانت البداية من أمريكا التي أنتجتها وصدرتها ثم فرضتها على العالم ، وبالرغم من أن كثيرا من الدول جلبت لمواطنيها المتاعب كسويسرا وبلجيكا وألمانيا وآخرهم فرنسا إلا أن واحدة منهم لم تطرح مسألة الخمار واللحية كشرط لاستخراج البطاقات والجوازات ، واحترمت خصوصيات الأقليات المسلمة التي تعيش في ديارها إلا في فرنسا التي تشكل الاستثناء ، وثبت أن هناك 60 علامة في الوجه يعتمدها التفكيك الضوئي للوجه ، تمثل خصوصيات مدللة على صاحبها بعيدا عن اللحية الكثيفة ، والأذنين اللتين تريد الداخلية أن تبعث بالخمار وراءهما !!.
إن هذا الاستفزاز لمشاعر الناس لن يقابله إلا الغضب الجزائري المدمّر ، الذي لا يعرف الحوار ولا التفاهم ، بل يمضي إلى ساحات العنف والصدام ..وقد أمضينا سنوات العنف بما فيه الكفاية ، وليس للمسئول الجزائري إلا أن يكفكف من غلواء التحدي لمشاعر شعب لم يبق له إلا بعض من ثوابته التي يفاخر بها .
وعندما تصاب مشاعر الأمة بالتكلس ، وأحاسيسها بالتأسن ، ولا تغضب حيث يجب الغضب فعلى الأمة السلام ، وليس على حكامها من ملام
وقديما كانت برودة الأعصاب ، وتصلب المشاعر ، وعدم الغضب سببا في سقوط دولة من أعظم دول الإسلام ، وهي دولة بني أمية ..
حيث كان واليها البطل على خراسان (نصر بن سيار) يطلق صيحاته المدوية إلى العرب في خراسان حتى يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضب ، ويصحوا من غفلتهم ، وينتبهوا إلى ما يحاك لهم من مؤامرات تطيح بدولتهم وتُذهب ريحهم ..ولكن صيحاته ذهبت في واد سحيق ليس له قرار ..فالآذان صمٌّت عن السماع ، ولم يكن من الهزيمة بدٌّ.
ومما قاله نصر بن سيار :
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتهم      أن اغضبوا قبل أن لا ينفع الغضب
ولكن العرب في خراسان لم يغضبوا ، وبنو أمية في بلاد الشام لم يغضبوا ، فلم تغن عنهم النّذر ، واستطاع بنو العباس أن يجهزوا على الجسد المتهالك ، ويُسقطوا دولة الأمويين إلى الأبد ..!.

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
ترويحة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

كافـر يحفظ القرآن
كان إبراهيم بن هلال الصابئ الحراني المشرك - الذي مات سنة 384هـ – يأبى الدخول في الإسلام .
وكان مع كفره
يصوم رمضان ، ويحفظ القرآن .
فانظر كيف عرف هذاالحق وأعماه
الحقد على الإسلام عن اتباعه .
المصدر : نزهة الفضلاء 3/1196
 
 
كلما هم بالزواج رأى زوجته !
كلما هم بالزواج رأى زوجته !
كان رجل من أصدقاء إبراهيم بن محمد بن عبد المحسن الحنفي المتوفى سنة 803 للهجرة ماتت امرأته،فطالت عزبته.
فسئل عن ذلك فقال : لم أهم بالتزويج إلا رأيتها فأواقعها فأصبح وهمتي
باردة عن ذلك .
قال : فاتفق أنه تزوج أختها بعد ثلاث سنين
فلم يرها بعد ذلك في المنام.
المختار المصون من أعلام القرون 1/333
 
حيلة ودهاء
من الغريب أن ابن خطيب داريا كان يشهد في قيمة الأملاك بدمشق .
فكتب كتاب قيمة دار وصفها وحددها ، وقدمه للبرهان بن جماعة القاضي
ليأذن في عمله فبان له تلاعبه وأن هذه الدار هي الزاوية المعروفة بالغزالية من جامع بني أمية وأنه سلك في صنيعه طريقته في التصرف في الكلام وسماها الغزانية ليتمكن بعد من إصلاحها الغزالية ويبلغ مراده من التشنيع على القاضي في كونه أذن في بيع قطعة من الجامع الأموي ففطن القاضي لصنيعه ورام الإيقاع به إلى القاهرة .
المرجع
: المختار المصون من أعلام القرون للدكتور محمد موسى الشريف (1/491).
 
 
جزرة يداوي بها المرضى
حدث سهل بن شاذويه ، أنه سمع الأمير خالد بن أحمد يسأل أبا علي [ أي : الإمام الحافظ صالح بن محمد ، الملقب جزرة ]: لم لقبت جزرة ؟
قال : قدم علينا عمر بن زرارة ، فحدثهم بحديث عبدالله بن بسر : أنه كان له خرزة
للمريض ، فجئت وقد تقدم هذا الحديث ، فرأيت في كتاب بعضهم وصحت بالشيخ : يا أبا حفص ، يا أبا حفص ، كيف حديث عبد الله بن بسر: أنه كان له جزرة يداوي بها المرضى ، فصاح المحدثون المجان ، فبقي علي حتى الساعة .
نزهة الفضلاء 2/1011
 
 
خرج من لثغته خلاف بغيته
كان عبد الوهاب بن عبد الوهاب السيد تاج الدين الصلتي
المتوفى عام اثنين وثمانين وتسع مئة يلثغ بالراء ، ووقعت لولده محنة اتهم فيما بقتل ، فشكا حاله وبث حزنه للشيخ الوالد فكان يقول : ظلموا ولدي واتهموه و والله إنه لبغيء مما اتهموه، يريد إنه بريء،فقال الوالد وتلطف :
             قد جاءني التاج يوماً               يقــول أنت غضي 
             وإن نَجْـــــــــلي ندْب               مثل السحاب غوي 
             قد اتهمـــــــــوه بقتل               وإنه لبغـــــــــــي
يريد رضي ، وروي ، وبري ، فخرج من لثغته خلاف بغيته.
المختار المصون من أعلام القرون ، للدكتور محمد موسى الشريف
(831/2)
 
المصدر: موقع د/ محمد موسى الشريف.
 
 
 
 
 
 

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
لقب ( خادم الحرمين الشريفين).    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

 
 
 : 280
لقب خادم الحرمين الشريفين في النقوش والكتابات التاريخية
 د / محمد عقل
 
كان صلاح الدين الأيوبي المكنى أبا المظفر يوسف بن أيوب أول من اتخذ لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، ويبدو أنه فعل ذلك بعد تحريره لبيت المقدس عام 583ھ/1187م إذ لم نجد في المصادر قبل هذا التاريخ ذكراً لهذا اللقب، في سنة 587ھ/1191م قام صلاح الدين ببناء سور(عمارة) وحفر خندقاً حول مدينة القدس، وقد خلد ذلك في كتابة تذكارية موجودة حالياً في قبة يوسف الواقعة في الجهة الجنوبية لصحن قبة الصخرة المشرفة بين القبة النحوية ومنبر برهان الدين، ولأهمية هذه الكتابة التذكارية في بحثنا نوردها كاملة:
كتابة تذكارية من عهد صلاح الدين الأيوبي في قبة يوسف في القدس الشريف
{بسم الله الرحمن الرحيم وصلواته على محمد النبي وآله. أمر بعمارته وحفر الخندق مولانا صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين خادم الحرمين الشريفين وهذا البيت المقدس أبو المظفر يوسف بن أيوب محي دولة أمير المؤمنين أدام الله أيامه ونصر أعلامه في أيام الأمير الاسفهسلار الكبير سيف الدين علي بن أحمد أعزه الله في سنة سبع وثمانين وخمسماية للهجرة النبوية}(1 ).
واضح من الكتابة الواردة أعلاه أن صلاح الدين الأيوبي سَمَّى نفسه خادم الحرمين الشريفين وهذا البيت المقدس، أي خادم المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي في المدينة والمسجد الأقصى في مدينة القدس، معتبراً الأقصى في المرتبة الأولى بعد الحرمين الشريفين، وقد أكد من أرخّوا للدولة الأيوبية على كون صلاح الدين منقذ القدس وخادم الحرمين الشريفين كما فعل ابن شداد في مقدمة كتابه النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية حيث يقول عنه: {مولانا السلطان، الملك الناصر، جامع كلمة الإيمان...صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، منقذ بيت المقدس من أيدي المشركين، خادم الحرمين الشريفين}(2).
دأب سلاطين المماليك على إظهار تمسكهم بالإسلام والذب عنه ، واعتنوا كثيراً بالأماكن المقدسة في الحجاز والقدس، ولقب كل واحد منهم نفسه بخادم الحرمين الشريفين، فقد ذكر ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار أنه زار مصر سنة 725ھ/1324م وهو في طريقه للحج وأشاد بالسلطان المملوكي بقوله :{وكان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ...وللملك الناصر السيرة الكريمة والفضائل العظيمة، وكفاه شرفاً انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين، وما كان يفعله كل سنة من أفعال البر التي تعين الحجاج من الجمال التي تحمل الزاد والماء للمنقطعين والضعفاء، وتحمل من تأخر أو ضعف عن المشي في الدربين المصري والشامي}(3).
وفي كتابة تذكارية على مدخل قبة مدرسة قايتباي بالقرافة في القاهرة مؤرخة في سنة 879ھ/1474م ورد: {ملك البرين والبحرين، خادم الحرمين الشريفين، سيد ملوك العرب والعجم، السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي أعَزَّ الله تعالى أنصاره وختم بالصالحات أعمالنا وأعماله...}(4).
 يبدو أن الحكم في الحجاز قد آل لفترة معينة إلى ملوك اليمن ، ولكن أحداً منهم لم يلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين ، وإنما بلقب سلطان الحرمين كما يتبين ذلك من نقش الملك الأفضل العباس بن علي الرسولي الذي ترك على مدخل قلعة الدملؤة (المنصورة) باليمن حجراً عليه كتابة تذكارية مؤرخة في 24 رجب سنة 768ھ/26 آذار 1367م هذا نصها:{بسم الله الرحمن الرحيم إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً، أمر بعمارته مولانا ومالك عصرنا السلطان بن السلطان العالم العادل ضرغام الإسلام غياث الأنام سلطان الحرمين والهند واليمن مولانا السلطان الأفضل من الأنام والملك المجاهد أمير المؤمنين العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي رسول- خلد الله ملكه ونصره- رفعت العتبة المباركة بتاريخ الرابع والعشرين من رجب سنة ( ثمان وستين وسبعمائة) مؤيداً بالنصر والتوفيق ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم }5.
يبدو أن المماليك انشغلوا في أمورهم الداخلية، ولكنهم سرعان ما استعادوا السيطرة على بلاد الحجاز محتفظين بلقب خادم الحرمين الشريفين ، وما يترتب على ذلك من رعاية للأماكن المقدسة سواء في مكة أو المدينة أو القدس، حيث كان سلطان مصر يشرف بنفسه على صناعة كسوة الكعبة وتسفيرها مع ركب المحمل (6 ).
في عهد السلطان المملوكي قانصوه الغوري أتى البريد بأن السلطان العثماني سليم الأول يحشد حشوده لغزو الشام ومصر فوجه رسالة إلى السلطان سليم الأول جاء فيها: {علمنا أنك جمعت عساكرك ، وأنك عزمت على تسييرهم علينا فتعجبت نفسنا غاية التعجب لأن كلنا والحمد لله من سلاطين أهل الإسلام ، وتحت حكمنا مسلمون موحدون} فرد السلطان سليم بما يلي :{ يعلم الله وكفى به شهيداً أنه لم يخطر ببالنا طمع في أحد سلاطين المسلمين أو في مملكته ، أو رغبة في إلحاق الضرر به ، فالشرع الشريف ينهى عن ذلك}(7 ).
تفاقمت الأمور بين الاثنين فجرد العثمانيون جيشاً وأرسلوه إلى الشام حيث التقى الجمعان في معركة مرج دابق، فقُتِلَ قانصوه وهُزِمَ المماليك ، ودخل السلطان سليم خان الأول مدينة حلب ، وصلى في مسجدها ، وعن ذلك يقول قطب الدين النهروالي في كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: {وحضر صلاة الجمعة ، وخطب الخطيب باسمه الشريف، ودعا له ولآبائه ، وأسلافه وبالغ في المدح ... وعندما سمع السلطان سليم الخطيب يقول في تعريفه خادم الحرمين الشريفين سجد لله تعالى شكراً ، وقال: الحمد لله الذي يَسَّر لي أن صِرْتُ خادم الحرمين الشريفين، وأضمر خيراً وإحساناً جزيلاً لأهل الحرمين الشريفين، وأظهر الفرح والسرور بتلقبه بخادم الحرمين الشريفين وخلع على الخطيب خلعاً متعددة وهو على المنبر وأحسن إليه إحساناً كثيراً بعد ذلك، وأقام بحلب أياماً يسيرة وهو يمهّد الملك ويجري أحكام المعدلة والسياسة ويحسن إلى العرب} (8).
كان ذلك في يوم الجمعة 15 شعبان 922ھ/14 أيلول 1516م، ويقول ابن طولون : إنه في يوم الجمعة 7 رمضان حدث شيء مشابه في الجامع الأموي :{وكان الخطيب القاضي الشافعي الولوي بن الفرفور أجاد في خطبته ، واستطرد في الخطبة الأولى إلى ذكر السبعة، الذين يُظّلهم الله (يوم لا ظل) إلا ظله، ومنهم الإمام العادل، وطَبَّقَ ذلك على ملك الروم الحاضر مُسجّعاً ؛  وذكر في الثانية نسبه باختصار عند الدعاء له، ولقبه بالملك المظفر ، وصَرَّحَ بأنه سلطان الحرمين الشريفين }...
ولما فرغت الصلاة أرسل للخطيب خلعاً متعددة ، ومثلها للمؤذنين ، ومثلها لأئمة الجامع المذكور، وألفاً لبواب المقصورة، ومع ذلك مائة رأس من الغنم اقتسموها ثم ذهب إلى المصطبة (9).
بناء على ورد أعلاه يمكننا أن نستنتج أن خطباء المساجد في الشام هم الذين أطلقوا على السلطان العثماني لقب خادم الحرمين الشريفين، ولا بد أن هؤلاء فعلوا ذلك لاعتقادهم بأن سليم الأول ليس أقل شرفاً من السلطان المملوكي، أو أن سليماً أوحى إلى بطانته برغبته في أن يرث لقب خادم الحرمين الشريفين، وهؤلاء أوحوا إلى خطباء المساجد ففعلوا ما فعلوا..!. 
دأب الخلفاء العثمانيون على رعاية المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة والمسجد الأقصى في بيت المقدس باعتبار الأخير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين متأسين بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:{لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى}-رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، فهذا السلطان سليمان القانوني بن سليم الأول يبني سبيلاً للشرب في المسجد الأقصى ، ويخلد عمله هذا بكتابة تذكارية مؤرخة في 22 رجب 943ھ/6 كانون الثاني 1537م وفيما يلي نصها:{أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك مولانا السلطان الملك الأعظم الخاقان المُكبَّر ، ومالك رقاب الأمم سلطان الروم والعرب والعجم ، عز الإسلام والمسلمين ، ظل الله في العالمين ، حامي الحرمين الشريفين ، السلطان سليمان بن السلطان سليم خان خَلَّدَ الله ملكه وسلطانه ، وأدام الله عدله وإحسانه بتاريخ ثاني وعشرين شهر رجب المرجّب من شهور سنة ثلاث وأربعين وتسعماية}(10).
كتابة تذكارية على السبيل الموجود قبالة باب السلسلة فيالحرم القدسي الشريف
كان مصطلح حامي الحرمين الشريفين أقل تواضعاً من خادم الحرمين الشريفين، ولذلك نرى أن من جاء بعدسليمان من السلاطين يؤكد على تواضعه، ففي عهد السلطان العثماني مراد الثالث جدد جدار القبلة والروضة في المسجد النبوي الشريف عام 999ھ/1590م وقد نقش على الجدار ما نصه:{اللهم خَلِّدْ من جدد هذا الجدار المحترم وهو مولانا السلطان الأعظم والخاقان الأكرم سلطان القبلتين وخادم الحرمين الشريفين السلطان مراد خان...}، وفي عهد السلطان أحمد الأول جرى عام 1133 ھ/1720م إصلاح الحجرة النبوية الشريفة كما يفصح النقش التالي:{ اللهم أيد وانصر دولة من جدد هذه المنامتين الشريفتين ملك البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين السلطان بن السلطان الغازي أحمد خان بن الغازي محمد خان خَلَّدَ الله ملكه وذلك بمباشرة العبد الضعيف الحاج موسى ووافق بتجديد تاريخ المنامتين بالمسجد سنة ألف ومائة وثلاثة وثلاثين}، وفي عهد السلطان محمود الأول أُضيف في المسجد النبوي الشريف رواق من جهة القبلة وذلك في عام 1149ھ/1736م وعليه هذا النقش:{أمر بعمارة هذا الرواق الشريف ملك البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين مولانا السلطان الغازي محمود خان بن المرحوم سلطان مصطفى خان عَزَّ نصره وذلك بمعرفة الحاج أحمد باشا محافظ بندر الجدة المعمورة وبمباشرة تابعه الحاج محمد آغا في 1149}(11). كان السلطان العثماني يعين مسئولاً عن رعاية شؤون المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي في المدينة اسمه "ناظر الحرمين الشريفين (12).
يُروى أن أول من لَقَّبَ نفسه بخادم الحرمين الشريفين في العصر الحديث كان الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ولكنه لم يُعلن ذلك رسمياً ، في عام 1407ھ/1986م قام الملك السعودي بتغيير لقب صاحب الجلالة ليصبح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وليكون بذلك أول ملك للمملكة العربية السعودية يلقب بهذا اللقب رسمياً ، كان الملك فهد يلقب بخادم الحرمين الشريفين قبل ذلك بقليل ، إذ في عام 1405ھ/ 1984م قام بوضع حجر الأساس لمشروع التوسعة السعودية الثانية لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكُتِبَ عليه: { بسم الله الرحمن الرحيم: "في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال " صدق الله العظيم. بفضل الله تعالى تشرف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله تعالى بوضع حجر الأساس لمشروع توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف في يوم الجمعة 9/2/1405ھ الموافق 2/11/1984م}.
ولما اكتمل العمل وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد آخر لبنة في هذا المشروع المبارك، وهي مثبتة بجانب المدخل رقم 38 المجاور لباب النساء، كُتِبَ عليها:{بسم الله وعلى بركة الله وتأسياً برسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بوضع آخر لبنة يوم الجمعة 4/11/1414ھ الموافق 15/4/1994 في توسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمة للإسلام والمسلمين. والحمد لله رب العالمين}(13).
بعد وفاة الملك فهد في الأول من شهر آب سنة 2005 م ومبايعة أخيه ولي العهد الأمير عبد الله ملكاً للمملكة العربية تمسك الملك عبد الله بلقب خادم الحرمين الشريفين وهو لا يزال يفعل ذلك حتى يومنا هذا.
 وتتلخص خدمة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة أولاً بالعمارة، حيث يقوم خادم الحرمين الشريفين بأعمال الترميم والصيانة والتحديث للمبنيين مانعاً عوامل الزمن من أن تعمل يدها فيهما، كما يقوم بتوسيع المبنيين من فترة لأخرى حتى يتمكنا من استيعاب الأعداد المتزايدة للمعتمرين والحجاج الوافدة إليهما.
أما الخدمة الثانية التي يؤديها خادم الحرمين فهي تقديم الخدمة للحجاج حيث يؤمن لهم الطعام والشراب وأماكن للمبيت، ويعرف ذلك بالسقاية والرفادة، ناهيك عن الخدمات المقدمة في مشاعر الحج، وكسوة الكعبة المشرفة.
في نهاية هذا المقال نود أن نُشير إلى أن جميع من تلقبوا بخادم الحرمين الشريفين احتفظوا بألقاب أخرى مثل الملك والسلطان وغيرهما، وكانوا يضعون المسجد الأقصى في سُلَّم أولوياتهم باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
______
الهوامش:
1)        انظر الصورة المرفقة المنقولة عن كتاب أُستاذي البروفيسور موسى شارون، أبيجرافيا عربية- مجموعة كتابات عربية، الجامعة العبرية، القدس، 1969، ص 12. وقد قرأ عارف العارف (كيانه) بدلاً من (أيامه)، وحذف كلمة (الاسفهسلار) وكأنه لم يعرف معناها فلم يكتبها. عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، ط2، مكتبة الأندلس، 1406ھ/   1986م، ص 181. وكلمة الأسْفَهْسَلار أعجمية بمعنى مقدم العسكر وهي وظيفة من وظائف أرباب السيوف وعامة الجند وصاحبها زمام كل زمام وإليه أمر الأجناد، انظر: القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ج3، 479. الأسفهسلار: قائد الفرسان.
2)        ابن شداد بهاء الدين، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (سيرة صلاح الدين الأيوبي)، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1964، ص:3-4.
3)        ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المسمى برحلة ابن بطوطة، دار التراث، بيروت، 1388ھ/1968م، ص:38-39.
4)        أحمد الصاوي، "مآذن لها تاريخ- مئذنة مدرسة قايتباي في القاهرة"، جريدة الجريدة ، الكويت، العدد 407 بتاريخ 11/9/2008م.
5)    
11)   
 

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
لقب خادم الحرمين (2).    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

انظر: توفيق السامعي، "حصن وقلعة الدملؤة(المنصورة)... خزانة اليمن" على الرابط التالي:
6)        راجع كتاب: أخبار مكة المشرفة، سلسلة روائع التراث العربي، مدينة غُتّنغة، 1274-1275ھ/ 1857-1858م. في العهد المملوكي كانت هناك في فلسطين وظيفة ناظر الحرمين: الحرم القدسي والحرم الإبراهيمي في الخليل، انظر:عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، ص 219-220.
7)        ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور، ج2، 124.
8)        قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، ص 278-279.
9)        شمس الدين بن طولون، مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1384ھ/1964م: ج2، 32-33:
10)    انظر الصورة المرفقة المنقولة عن كتاب أُستاذي البروفيسور موسى شارون، أبيجرافيا عربية- مجموعة كتابات عربية، الجامعة العبرية، القدس، 1969، ص 20. يقع هذا السبيل قبالة باب السلسلة في حرم المسجد الأقصى في القدس الشريف.
11)    انظر مقالة بعنوان "النقوش الكتابية والخطوط في المسجد النبوي الشريف" على الرابط التالي:
كان السلطان مراد الثالث يلقب نفسه خادم الحرمين الشريفين انظر: قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، ص399 حيث يصفه بقوله:{ سلطان العصر والزمان، خاقان خواقين العهد والدوران، مالك ملوك المشرقين والمغربين، سلطان سلاطين الخافقين، خادم الحرمين الشريفين، عامر البلدين المحترمين المنيفين... المنصوب له على أوج سرير السلطنة سُرادق الخلافة العظمى...السلطان مراد خان بن سليم خان بن سليمان خان بن سليم خان}.
12)    قطب الدين النهروالي، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام، أخبار مكة المشرفة، ج3، 412، 417.
13)    انظر مقالة بعنوان "النقوش الكتابية والخطوط في المسجد النبوي الشريف" على الرابط التالي:
يروى أن الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود كان يلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين والدليل على ذلك كتابة تذكارية فوق باب الكعبة المشرفة جاء فيها:{صُبَّ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك خالد بن عبد العزيز...}.

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
" يا علي لأنْ يهديَ الله بك رجلاً خير من حُمْر النَّعَم ".    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

                              مالكوم إكس 
زعيم من الملوّنين الأمريكيين
هو الداعية الإسلامي المشهور "مالكوم إكس" أو "مالك شباز" الأمريكي الأصل والجنسية، الذي صحَّح مسيرة الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوَّة عن الحق في أمريكا، ودعا للعقيدة الصحيحة، وصبر على ذلك حتى راح شهيدًا لدعوته ودفاعه عن الحق.
 مولده ونشأته
وُلِد مالكوم إكس بمدينة ديترويت في 6 من ذي القعدة 1343هـ/ 29 من مايو 1925م في أسرة فقيرة قُتِلَ عائلُها في حادث عنصري، وكانت هذه الفترة في أمريكا شديدة الاضطراب بالتمييز العنصري البغيض بين البِيض والسُّود، فنشأ مالكوم مشحونًا بالكراهية والبغض ضد البيض، وطرد من المدرسة رغم حِدَّة ذكائه، فانتقل إلى مدينة نيويورك حيث عاش حياة اللهو والعبث، والتي انتهت به إلى السجن وهو في العشرين، وبالسجن تغيرت حياته؛ إذ اعتنق الإسلام وأقبل على قراءة الكتب الإسلامية، واستفاد من فترة سجنه استفادة كبيرة؛ حيث أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها، كما تعلم فن المحاورة والمناظرة مع قساوسة السجن.
 
الخروج من السجن:
بعد أن خرج من السجن سنة 1952م قرَّر "مالكوم إكس" أن يُعمِّق معرفته بتعاليم إليجا محمد[1]، فذهب إلى أخيه في ديترويت، وهناك تعلم الفاتحة وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين. وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: "إسلام: حرية، عدالة، مساواة"، والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي، وهي: "عبودية: ألم، موت".
قابل "مالكوم إكس" إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام[2] التي انضم إليها بعد ذلك، والتي حفِلت بالانحرافات العقائدية التي انتهت بإعلان إليجا محمد النبوة.
عمل "مالكوم إكس" في شركة "فورد" للسيارات فترة ثم تركها، وأصبح رجل دين، وامتاز بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها؛ فاهتدى على يديه كثير من السود، وزار عددًا من المدن الكبرى، وكان همُّه الأول هو "أمة الإسلام"، فكان لا يقوم بعمل حتى يقدِّر عواقبه على هذه الحركة.
وقد تزوج في عام 1958م ورُزق بثلاث بنات، سمَّى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما، وفي نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: "الكراهية التي ولدتها الكراهية"، وأصبح نجمًا إعلاميًّا انهالت عليه المكالمات التليفونية، وكتبت عنه الصحافة، وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية؛ فبدأت السلطات الأمنية تراقبه، خاصةً بعد عام 1961م، وبدأت في تلك الفترة موجة تعلُّم اللغة العربية بين أمة الإسلام؛ لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود.
توسَّم إليجا محمد في مالكوم إكس النباهة والثورية والقدرة الإقناعية؛ فضمَّه لمجلس إدارة الحركة، وجعله إمامًا لمعبد رقم 7 بنيويورك. أبدى مالكوم كفاءة دعوية فائقة وزار الجامعات والحدائق والسجون وأماكن تجمُّع الناس، وأسلم على يديه الكثيرون، منهم الملاكم العالمي "كلاي"، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها، وعقد المناظرات على الهواء، وذاع صيته بقوَّة.
نقطة التحول في حياته:
ثمَّ حدث تحول جذري في حياة مالكوم إكس، عندما ذهب إلى لحج سنة 1960م/ 1379هـ، وهناك التقى مع العلماء والمشايخ، وقابل الملك فيصل الذي قال له: "إن حركة أمة الإسلام خارجة عن الإسلام بما تعتقده من ضلالات". فطاف مالكوم بلاد الإسلام للاستزادة من العلم، فزار مصر والسودان والحجاز، والتقى مع شيخ الأزهر ومع الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر، ثم عاد إلى أمريكا وأعلن إسلامه من جديد، وبدأ مرحلة جديدة وخطيرة وأخيرة من حياته.
 
عاد "مالك شباز" إلى أمريكا سنة 1961م/ 1380هـ، وأخذ في الدعوة للعقيدة الصحيحة، وحاول إقناع إليجا محمد بالحق والذهاب للحج، ولكن إليجا رفض بشدة وطرده من الحركة، فشكَّل "مالك" جماعة جديدة سماها "جماعة أهل السنة"، وأخذ في الدعوة للدين الصحيح، فانضم إليه الكثيرون، وأوَّلهم: والاس بن إليجا محمد نفسه، وأخذ إليجا محمد في تهديد "مالك" بالقتل، لكنه لم يخف أو يتوقف؛ فشنَّ عليه إليجا حملة دعائية إعلامية شرسة لصرف الناس عنه، فلم تزد هذه التهديدات مالكًا إلا إصرارًا، واشتركت الصحف الأمريكية في التضييق على مالك، مع أنها كانت من قبل تفتح له أبوابها عندما كان يدعو للدين الباطل والعقيدة الفاسدة.
من أقواله:
- "على الوطنية أن لا تعمي أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغضِّ النظر عمّن صنعه أو فعله".
 "لا أحد يمكن أن يعطيك الحرية، ولا أحد يمكن أن يعطيك المساواة والعدل، إذا كنت رجلاً فقم بتحقيق ذلك لنفسك".
 - "لا تستطيع فصل السلام عن الحرية، فلا يمكن لأحدٍ أن ينعم بالسلام ما لم يكن حرًّا".
 اغتياله:
ظل مالك شباز يدعو للعقيدة الصحيحة غير عابئٍ بتهديدات إليجا محمد، حتى كان يوم 18 من شوال سنة 1381هـ/ 21 من فبراير 1965م، وهو اليوم الذي أطلق فيه ثلاثة من الشبان السود النار على مالك شباز أثناء إلقائه محاضرة في جامعة نيويورك، فمات على الفور، وكان في الأربعين من عمره، وكانت عملية اغتياله نقطة تحوُّل فاصلة في سير حركة أمة الإسلام، حيث تركها الكثير من أتباعها والتحقوا بجماعة أهل السنة، وعرفوا الدين الحق. وبعد وفاة إليجا محمد تغيرت أفكار الحركة، وتولى والاس بن إليجا محمد رياسة الحركة، وتسمى بوارث الدين محمد، وقام بتصحيح أفكار الحركة، وغيَّر اسمها إلى "البلاليين" نسبة إلى بلال بن رباح .

[1] زعيم حركة أمة الإسلام.
[2] حركة ظهرت بين السود في أمريكا، وقد تبنّت الإسلام بمفاهيم خاطئة غلبت عليها الروح العنصرية.
 

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
كتاب الله محفوظ ، ومن قال غير ذلك فهو دجال كذاب.....    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

القرآن الكريم:
 
" بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ" {البروج85/21}
" فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ "{85/22}
" أي متناهٍ في الشرف والكرم والبركة، وهو بيان ما بالناس الحاجة إليه من أحكام الدين والدنيا، لا كما زعم المشركون. وقيل «مجيد»: أي غير مخلوق. { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } أي مكتوب في لوح. وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين إليه. وقيل: هو أمّ الكتاب؛ ومنه انتُسخ القرآن والكتب. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: اللوح من ياقوته حمراء، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر مَلَك يقال له ما طِرْيون، كتابه نور، وقلمه نور، ينظر الله عزّ وجلّ فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظرة؛ ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء؛ يرفع وضيعا، ويضع رفيعاً، ويغنى فقيراً، ويفقر غنياً؛ يحيى ويميت، ويفعل ما يشاء؛ لا إله إلا هو. وقال أنس بن مالك ومجاهد: إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل. وقال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش. وقيل: اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وذكر آجالهم وأرزاقهم وأعمالهم، والأقضية النافذة فيهم، ومآل عواقب أمورهم؛ وهو أم الكتاب. وقال ابن عباس: " أوّل شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ «إني أنا الله لا إله إلا أنا، محمد رسولي، مِن استسلم لقضائي، وصبر على بلائي، وشكر نعمائي، كتبته صدِّيقاً وبعثته مع الصدّيقين، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبِر على بلائي، ولم يشكر نعمائي، فليتخذ إلهاً سواي» " وكتب الحجاج إلى محمد ابن الحنفية رضي الله عنه يتوعده؛ فكتب إليه ابن الحنفية: «بلغني أن لله تعالى في كل يوم ثلثمائة وستين نظرة في اللوح المحفوظ، يُعِز ويذلّ، ويبتلي ويُفْرح، ويفعل ما يريد؛ فلعل نظرة منها تشغلك بنفسك، فتشتغل بها ولا تتفرغ». وقال بعض المفسرين: اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرأونه. وقرأ ابن السَّمَيْقع وأبو حَيْوة «قرآن مجيد» على الإضافة؛ أي قرآن ربٍّ مجيد. وقرأ نافع «في لوحٍ محفوظ» بالرفع نعتاً للقرآن؛ أي بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح. الباقون (بالجر) نعتاً للوح. والقرّاء متفقون على فتح اللام من «لوح» إلا ما روي عن يحيى بن يعمَر؛ فإنه قرآن «لُوحٍ» بضم اللام؛ أي إنه يلوح، وهو ذو نور وعلو وشرف. قال الزمخشريّ: واللُّوح الهواء؛ يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح. وفي الصحاح: لاح الشيء يلوح لَوْحاً أي لَمَحَ. ولاحهُ السفر: غيره. ولاح لوحاً ولواحاً: عطِش، والتاح مثله. واللَّوح: الكتِف، وكل عظم عريض. واللوح: الذي يكتب فيه. واللُّوح (بالضم): الهواء بين السماء والأرض. والحمد لله" . (القرطبي).
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر15/9}
"القرآن قد جاء بعد كُتب متعددة، وكان كل كتاب منها يحمل منهج الله؛ إلا أن أيَّ كتاب منها لم يَكُنْ معجزة؛ بل كانت المُعْجزة تنزل مع أيِّ رسول سبق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادة ما تكون المعجزة من صنف ما نبغ فيه القوم الذين نزل فيهم.
وما دام المنهج مفصولاً عن المعجزة؛ فقد طلب الحق سبحانه من الحاملين لكتب المنهج تلك أنْ يحافظوا عليها، وكان هذا تكليفاً من الحق سبحانه لهم. والتكليف ـ كما نعلم ـ عُرْضة أنْ يُطَاع، وعُرْضة أنْ يُعصى، ولم يلتزم أحد من الأقوام السابقة بحفظ الكُتب المنزّلة إليهم.
ونجد الحق ـ سبحانه وتعالى ـ يقول:

إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ... }[المائدة: 44]
أي: أن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد كلّفهم وطلب منهم أنْ يحفظوا كتبهم التي تحمل منهجه؛ وهذا التكليف عُرْضة أنْ يطاع، وعُرْضة أنْ يُعصى؛ وهم قد عَصَوا أمر الحق سبحانه وتكليفه بالحفظ؛ ذلك أنهم حرّفوا وبدلوا وحذفوا من تلك الكتب الكثير.
وقال الحق سبحانه عنهم:
...وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[البقرة: 146]
بل أضافوا من عندهم كلاماً وقالوا: هو من عند الله؛ لذلك قال فيهم الحق سبحانه:

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }[البقرة: 79]
وهكذا ارتكبوا ذنوب الكذب وعدم الأمانة، ولم يحفظوا الكتب الحاملة لمنهج الله كما أنزلها الله على أنبيائه ورُسله السابقين على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك لم يَشَأ الحق سبحانه أن يترك مهمة حفظ القرآن كتكليف منه للبشر؛ لأن التكليف عُرْضة أن يطاع وعُرْضة أنْ يُعصى، فضلاً عن أن القرآن يتميز عن الكتب السابقة في أنه يحمل المنهج، وهو المعجزة الدالة على صِدْق بلاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس الوقت.
ولذلك قال الحق سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9]
والذِّكْر إذا أُطلِق انصرف المعنى إلى القرآن؛ وهو الكتاب الذي يحمل المنهج؛ وسبحانه قد شاء حِفْظه؛ لأنه المعجزة الدائمة الدالة على صدق بلاغ رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكان الصحابة يكتبون القرآن فَوْرَ أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجدنا
في عصرنا من هم غير مؤمنين بالقرآن؛ ولكنهم يتفنّنون في وسائل حفْظه؛ فهناك مَنْ طبع المصحف في صفحة واحدة؛ وسخَّر لذلك مواهب أُناسٍ غير مؤمنين بالقرآن.
وحدث مثل ذلك حين تَمّ تسجيل المصحف بوسائل التسجيل المعاصرة. وفي ألمانيا ـ على سبيل المثال ـ توجد مكتبة يتم حِفْظ كل ما يتعلق بكل آية من القرآن في مكان مُعيّن مُحدّد."
( متولي الشعراوي).
"  قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }؛ الذي جعلنَاهُ مُعجِزاً لا يقدرُ على الإتيان بمثلهِ، فهو محفوظٌ من الزِّيادة والنقصان، ويقال: هو محفوظٌ من كَيْدِ المشركين بالإبطال." . (الطبراني)
" أي: نزلنا القرآن وإنا له لحافظون أن يزاد فيه باطل وما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه. قال مجاهد وقتادة. وقد قيل: أن الهاء [التي] في " له " لمحمد صلى الله عليه وسلم" ( مكي القيسي).
" حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّا نَـحْنُ نَزَّلْنا الذّكْرَ وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } قال فـي آية أخرى:لا يَأْتِـيهِ البـاطِلُ }.والبـاطل: إبلـيس،
مِنْ بـينِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَـلْفِهِ }
فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبلـيس أن يزيد فـيه بـاطلاً ولا ينتقص منه حقًّا، حفظه الله من ذلك.
حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } قال: حفظه الله من أن يزيد فـيه الشيطان بـاطلاً أو ينقص منه حقًّا.
وقيل: الهاء فـي قوله: { وإنَّا لَهُ لـحَافِظُونَ } من ذكر مـحمد صلى الله عليه وسلم بـمعنى: وإنا لـمـحمد حافظون مـمن أراده بسوء من أعدائه." ( الطبري).

17 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
لك الله العزيز المنتقم الجبار يا أقصى !    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

هدم الأقصى
لطف الله بن ملا عبدالعظيم خوجه
الصهاينة يمضون خطوات واثقة نحو بناء الهيكل، مما يعني ضرورةً: هدم المسجد الأقصى؛ أولى القبلتين، وثالث المسجدين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي بارك الله حوله، حيث سيبنى مكانه ذلك الهيكل.
ومنذ مدة، هم ينخرون - كالسوس - تحت المسجد الأقصى؛ لتهوي أساساته مع أدنى زلزال، فيبدو وكأنه سقط من ذاته، وهم يفعلون ذلك بشكل مكشوف ومعلن، لا يخافون !!!.
ولم لا، وقد ضمنوا وأمنوا ألا معترض إلا أصوات خجولة، ضعيفة، متفرقة..
وما يفعل الصوت - وحده - مع المدفع والدبابة والنووي ؟!!.
الحقيقة كل المؤشرات تذهب إلى قرب هدم المسجد المعظم، ليس آخرها بناؤهم كنيس الخراب – خرب الله بيوتهم بأيديهم – بالقرب من الحائط للمسجد.
هذا البناء الذي ظهر فجأة، وهو يبنى من سنوات، لكن وسائل إعلامنا – إلا القليل - مشغولة عن تهويد القدس بأمور أهم؛ مشغولة بالرقص، والأغاني، والتمثيل، وبأخبار السوق وطرائق الترفيه..
هي أمور أهم من تحرير الأوطان، ونفي الظلم والجور على العباد ؟!!!!.
نعيش أزمة مستحكمة، لا يبدو حلها في الزمن القريب، هي بلايا تدع الحليم حيران ؟!.
نرى مقدسات معظمات - عظمها الله تعالى - في خطر، لا نملك حيالها أي فعل يمكن أن يقال عنه: مفيد، مانع، رادع.
فنرجع إلى الحوقلة، والحسبلة، والتهليل، والتكبير.. وأنعم بذكر الله تعالى.
الأيام دول، وهذه دولة الصهاينة هي المتربعة على العرش، ودولة الإسلام متأخرة، هي من تأخر، ولا مكان للضعفاء والمتأخرين.
نعم هناك مقاومة، وإن شئنا مصطلحا أكثر نعومة، فهي ممانعة، من فئة مغلوب على أمرها، تحارب بكل ما تملك، وأول من يقاومها ليس الصهاينة، بل إخوتها وبنو جلدتها، وهي مقاوَمة مباركة في كل حال، حالت دون تقدم المشاريع الاستعمارية، أو عَرْقَلَتْها وأَخَّرَتْها.
نعم هناك فئات، تفعل وتقدما ما بطاقتها، والله يرعاها ويثبتها، ولولا ذلك، لكانت جميع بلاد المسلمين تحت تحكم بني صهيون المباشر.. لكن مع كل ذلك، فالألم والخسارة في تزايد كل يوم.
الله ربنا جل شأنه يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد.
ونحن لم ننتصر إلى اليوم منذ قرن وزيادة، فمن المقطوع به إذن: أننا لم ننصر الله تعالى، فنستحق النصر. وفقا لقاعدة: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
في أنفسنا لم ننصر الله تعالى، ولا في مجتمعاتنا، ولا في دولنا.. ولا يصح أن نسمي محاولات خجولة، مترددة، خائفة: نصرة.
إن ربنا جل في علاه يريد أكثر من ذلك، يريد أموالا تنفق، وأنفسا تزهق في سبيل الإسلام:
 {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (111) سورة التوبة.
فضلا عن ذلك: يريد من عباده: الزهد في الدنيا. وليس المعنى ألا تملك منها شيئا، لكن المعنى: أن تكون في يدك لا في قلبك. فلو دعاك الحق: أن تبذل منه كثيرا وفيرا، ما ترددت ..حبا للمال.
وهذا عامل رئيس من عوامل النصر، لكن قوما أحبوا المال، حتى يصيروا عبيدا للدرهم والدينار، حقيقون بالتعاسة والانتكاسة: (تعس عبد الدرهم... تعكس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
بهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من تعبد للمال، حتى شح به وبخل، قال تعالى:
{هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (38) سورة محمد
ومن عوامل النصر الرئيسة: الصدق مع الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة .
وليس بصادق من طلب الحيل والمخارج، يتبع هواه؛ إذا لم يألف حكم الشريعة، أو لم يجده يحقق شهوته ولذاته: تيمم نحو المقاصد يلتمس مخرجا، أو نحو المسهلين يتسهل بفتواهم، أو بحث عن متشابه ينقض به المحكم.
كلا، ليس ذاك بصادق، إنما الصادق الذي يأخذ الكتاب بقوة: {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
هو الذي يدع هواه وشهوته من أجل الله تعالى، ويستغفر الله من ألاعيب المحتالين، وتخريج الشياطين، فإن الله تعالى لا يخدعه أحد، هو خادع كل مخادع: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } (142) سورة النساء.
من أهم عوامل النصر: الالتفاف حول الكتاب والسنة، والعمل بهما كعمل الصحابة والتابعين وتابع التابعين. ونبذ كل خلاف بعد ذلك، نبذ وترك كل مذهب أو فرقة لا تعمل بهذا الأصل الكبير.
مع خلط ذلك بإحسان الظن، والصبر على من خالف، وتعريفه المنهج النبوي بالحسنى والمجادلة الحسنة، وترك تصنيف الناس، والحكم عليهم بالضلالة بمجرد خطأ أو زلة، أو حتى ركوب بدعة.
أن تتسع القلوب للخير، والاختلاف، فما كان منه سائغا مقبولا، فلا وجه للإنكار فيه، وما كان ضلالة، فإنكار برفق، وصبر، وحلم، وتعليم..
فعامة المسلمين محبون للدين والخير، وإنما يدخلهم الخطأ في الدين، من جهة التكوين والتنشئة، والبيئة والمصر.. وهي أمور لا يملكها الإنسان، فمن نشأ في بيئة صوفية سيكون كذلك، ومن نشأ في مجتمع متشيع، في نشئته وتكوينه، لن يكون إلا شيعيا.
فمن أراد بيان حق لأحد، وإيقافا على خطأ، ليس له من سبيل، إلا الرفق والبلاغ المبين، وعدم التسرع بالطرح والاستعداء، بداعي مخالفة الحق، والخروج عن السبيل.
واتفاق الأمة أهم سبب لحصول النصر على الصهاينة، وتخريب خرابهم وهيكلهم، والعكس بالعكس، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}.
لن نوقف الزحف الخرابي الهيكلي بمجرد المقاومة السياسية، كما يصفون. ولا بالعمل الحربي وحده. بل قبل ذلك لا بد أن نكون: عباد الله إخوانا. وعباد الله صدقا، واتباعا، وعباد الله زهدا، وإنفاقا.
ومن وعد الله تعالى – ووعيده أيضا – أنه قال:   {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (11) سورة الرعد.
يعني لا يغير ما بهم من ذل إلى عز، إلا إذا غيروا ما بأنفسهم من ذل المعصية، إلى عز الطاعة.
كذلك لا يغير ما بهم من عز إلى ذل، إلا غيروا من الطاعة إلى الآثام.
ونحن نحيا، لكن ليس بالعز نحيا، وبالقطع أننا لسنا على ما يريد الله تعالى، وإلا لغير ما بنا.
من الأساليب التي اعتدنا أن نواجه بها الأزمات التي تصيبنا: أن نفر إلى التاريخ والتراث، نطلب سلوة، أو مخرجا. وتاريخنا مليء بكل ما يسلي ويكشف الهم والغم، وفيه أيضا المخارج. لكن:
هل يستحسن: أن ننظر خلفنا كلما ألمت بنا فاجعة، كالطفل يعود إلى ورائه يلتمس سندا من أبويه؟.
ألم تشب الأمة، لتقف على قدميها، وتنظر أمامها، فتطلب حلولها مما تستقبل، لا مما تستدبر، فتعمل على إعداد القوة العسكرية، والصناعية، والتقنية، والمالية، لتقارع قوة الغرب، الداعم والمنشيء لهذه الدولة الصهيونية المقيتة ؟.
هو سؤال واستنكار في محله، على من اكتفى بالنظر إلى الوراء، ومنع من النظر إلى الأمام، ليس شرط النصر: أن نستعيد أدواته من التراث القديم فحسب.
بل نأخذ من القديم ما ننطلق به، ونعتمد عليه في التأسيس؛ لأن القديم فيه ذكرنا:
{لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون}.
وفيه هدايتنا: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..}.
وفيه الشفاء: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء..}.
قال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله،وسنتي).
نحن نرجع، لنقف على خطئنا، ونتعرف على الصواب.. نرجع لنستمد اليقين والإيمان، ثم ننطلق مستصحبين هذا الميراث؛ ليهدينا من ضلالة، ويخرجنا من غواية، ولا نمنع من النظر إلى الأمام؛ بمعنى تحصيل كافة وسائل القوة الحديثة، من سياسية، ومال، وسلاح، وصناعة، وثقافة.. إلخ.
إنما الممنوع تحصيلها بعيدا عن ضابط يضبط - والضابط موجود في التراث - وإلا استوينا نحن وأمة الكفر في الأخذ بها، بكل تفاصيلها، حلها وحرامها، فكيف نستوي نحن وهم، وقد فرق الله بيننا ؟.
ومما نرجع إليه من التراث؛ نبتغي الاستدلال على الطريق؛ طريق الفتح: قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فتحه بيت المقدس.
فقد قدم رضي الله عنه الشام لتسلم مفاتيح بيت المقدس، على جمل أورق، يلبس قميصا قد رَسِمَ وتَخَرّق.. عرضت له مخاضة فنزل عن بعيره ونزع موقيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره، فقال أبو عبيدة: "قد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض"، فصك في صدره وقال: "أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة ؟!، إنكم كنتم أذل الناس، وأحقر الناس، وأقل الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله". ابن كثير
بهذه الروح العزيزة القوية فتح بيت المقدس.
وفي رواية أخرى تاريخية: أقبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام فاستقبله الأمراء في الجابية، إلا أبا عبيدة، فقال: أين أخي أبو عبيدة؟، قالوا: يأتيك الآن، فجاء على ناقة مخطومة بحبل، فسلم عليه، ثم قال للناس: انصرفوا عنا، فسار حتى أتى منزله، فنـزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: لو اتخذت متاعا. أو قال: شيئا. فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا سيبلغنا المقيل. سير أعلام النبلاء 1/17
قائد جيوش الإسلام، ليس في بيته شيء، إلا عدة الحرب، وخليفة المسلمين يأتي إلى الشام على جمل يتناوبه هو وغلامه، ولباسه رَسِمٌ مُخَرّقٌ، بمثل هذا الزهد الصادق انتصروا على: فارس، والروم.
ومما روي: أن عمر أتي ببرذون فركبه، فلما سار جعل يتخلّج به، فنـزل عنه وضربه في وجهه، وقال: " لا علم الله من علمك، هذا من الخيلاء"، ولم يركب برذونا قبله ولا بعده.ابن جرير 2/250
هذا عامل آخر من عوامل النصر، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (47) سورة الأنفال، فالخيلاء والكفر صفة الكفار، أما المؤمنون فسيماهم التواضع والسكون وخفض الجناح.
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسجد الأقصى فصلى بالمسلمين صلاة الفجر، فقرأ في الأولى بسورة ص~ وسجدة فيها بسجدة داود عليه السلام، وفي الثانية بسورة الإسراء، ثم أتى الصخرة فاستدل على مكانها من كعب الأحبار، وكان الروم قد جعلوها مزبلة؛ لأنها قبلة اليهود، مكافأة لما عاملت به اليهود القمامة، وهي المكان الذي صلبوا فيه المصلوب، فشرع عمر في تطهير الصخرة من الأوساخ والمسلمون معه. ابن كثير 7/55/56
قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
 
المصدر: صيد الفوائد

18 - مايو - 2010
اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.
 212  213  214  215  216