البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 206  207  208  209  210 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
لينا لاندر والأدب الفنلندي    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم


لينا لاندر
لينا لاندر في «بيت الفراشات السوداء»:
أكتب عن اليتم والأيتام كي أقاوم الألم والقسوة
شهد الأدب الفنلندي في السنين العشرين الأخيرة ازدهارا وانتشارا واسعا تخطى الحدود القومية, وانتقل إلى الكثير من لغات العالم, ومع ذلك فإن معرفة القارئ العربي برموز هذا الأدب وأسمائه اللامعة ماتزال محدودة جدا, وهي ربما لا تتعدى في أحسن الأحوال الإطلال على بعض ملامح تجربة الشاعر بوكاربلان والقاص ايسا ساريولا, وفرانز إيميل سيلانيا الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1939, وهو الأمر الذي جعل من صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» للكاتبة لينا لاندر باللغة العربية سابقة من نوعها, أولا لأنها الرواية الأولى التي تُرجمت عن الفنلندية مباشرة وليس عن لغات أخرى, وثانيا لأنها نص أدبي مميز يدخلنا إلى تجربة هامة من تجارب الكتابة النسوية على المستوى العالمي.

لينا لاندر كاتبة فنلندية من مواليد العام 1955, درست العلوم الإنسانية, والتحقت للعمل بجريدة «أخبار توركو» منذ العام 1989, وما زالت تعمل هناك وروايتها «بيت الفراشات السوداء» التي صدرت أخيراً عن دار قدمس بدمشق ضمن سلسلة ولادة وبالتعاون مع برنامج التبادل الأدبي الفنلندي, كانت الرواية قد ظهرت في فنلندة العام 1991, وهي الرواية السابعة للمؤلفة في قائمة رواياتها العشر, وقد تُرجمت إلى عشر لغات مختلفة, ورُشحت لنيل جائزة فنلنديا للآداب.
أما مترجمة هذه الرواية مارية الهلالي فهي مغربية الأصل من مواليد 1977, درست الأدب الإنكليزي في جامعة محمد الأول, وترجمت كتابين عن الإنكليزية قبل أن تختار العاصمة الفنلندية مقرا لإقامتها وعملها, وقد قامت بإنجاز أول قاموس عربي فنلندي تم صدوره اخيرا.
في روايتها تأخذنا الكاتبة لاندر إلى مجاهل عالم مليء بالوحشة والبؤس, تُدخلنا إلى جزيرة نائية ومعزولة عن العالم, وإلى مأوى لإصلاح الأطفال والأحداث الجانحين والمشردين, تجول بنا ما بين مدير قاس ومتسلط وبين حيوات ومعاناة هؤلاء المحرومين من الحب والحنان, تفعل ذلك عبر شخصية يوهاني يوهانسن حين تبدأ ذاكرته باستعادة تفاصيل دخوله إلى ذلك المأوى وتفاصيل حياته فيه بعد أن تخلى عنه والداه الفاسدان, وعبر تداخل الماضي بالحاضر واختلاط الذكريات بالوقائع والأخيلة وتقنية الرسائل والوثائق تتخلّق الشخصيات الأخرى, ترسم صورا متشابكة للرذيلة والحب والأخلاق والرغبة في مقاومة الشر.
وحين تكتب لينا وترسم ملامح شخوصها فهي تفعل ذلك أصلا كي تثير الأسئلة الشائكة على قارئها, فمن خلال شخصية الطفل يوهاني اليتيم تثير العديد من الأسئلة التي تتعلق بقيمة وجودنا وأفعالنا كبشر في ظل غياب العدالة وتكافؤ الفرص من الحياة؟ ومن خلال شخصية المدير الصارم تطرح سؤالها إن كانت الرغبة في الإصلاح والنوايا الطيبة تبرر الاستبداد والتسلط؟ وعبر شخصية زوجة المدير التي تقع في حب أحد فتيان المأوى تفتح الكاتبة صفحاتها على الشهوة الجامحة التي تعيد صياغة مفاهيم الخطيئة والإثم والرغبة الجارحة, وحين تكتب لينا تتكشف خصوصيات لغتها الماثلة بالإيجاز والصور البليغة القادرة على الوصول إلى الجوهري والحقيقي في الحياة.
أُعلن عن صدور رواية «بيت الفراشات السوداء» باللغة العربية في حفل استقبال نظمته السفارة الفنلندية بدمشق يوم الخامس والعشرين من تشرين الأول بحضور مؤلفة الرواية والمترجمة, وعلى هامش هذه المناسبة التقينا الأديبة لينا لاندر, وسألناها بداية عن المؤثرات التي دفعتها لخوض تجربة الكتابة الروائية عموما, وولوج عالم الأطفال الجانحين بشكل خاص؟ فقالت:
­ بشكل عام نحن الفنلنديين شعب يقرأ ويكتب كثيرا, وقد نكون من أكثر البلدان اهتماما بهذا المجال, وبشكل خاص فقد عشت طفولتي في مركز تربوي للأطفال الجانحين, ولم يكن هناك ما أفعله غير القراءة, وكان ذلك المركز مخصصا للأطفال الذكور فقط, وقد سكنت فيه لان أبي كان يعمل هناك, والمركز كان مغلقا على هؤلاء الجانحين, ولم يكن لدي ما أفعله سوى أن أخترع قصصا وأحكيها لأخوتي, ومن خلال ذلك تعلمت أن أرتب العالم في حكايا وقصص, وكانت تلك طريقتي التي ابتكرتها للعيش في ذلك المكان ومقاومة القسوة.
واستطردت لاندر بعد زفرة حزينة: إن متابعة المصير المحتوم لأولئك الأطفال الذين كانوا يعاملون بقسوة مبالغ فيها, ويفتقدون للحب والحنان, جعلني منذ طفولتي أفكر في ما إذا كان هذا العالم المملوء بالقسوة مكاناً جديراً لأن يعيش الإنسان فيه؟ وهل هناك إمكانية فعلية لتغيير شروط الحياة غير العادلة, هل هناك من أمل؟
€ وهل توصلت إلى إجابة عن هذه الأسئلة المريرة؟
­ حتى الآن مازلت أبحث في هذه الأسئلة, وأتقصى فيها, وهذا ما يجعلني أكتب روايات جديدة, وفي الحالات التي أكون فيها متشائمة أرى أشياء غير عادلة في المحيط الذي أعيش فيه وأشعر باليأس, ولكن الهدف من الأدب في نهاية المطاف, هو أن نعطي الأمل للقارئ, والحياة بكل وجوهها المختلفة تستحق أن تعاش, وكل الروايات التي كتبتها تحكي عن الشقاء والبؤس الإنساني والظروف الصعبة التي يعيشها الإنسان, ولكن في الوقت نفسه كنت دائما أحاول في نهاية النفق المظلم أن أجد بصيص ضوء, أن أختلق أمل ما.
€ وماذا تقولين في تجربتك الروائية؟
­ حتى اليوم كتبت عشر روايات, ورواياتي الأولى كانت تاريخية, لكني أعترف أنها لم تكن بالقدر الكافي من العمق, وكان الهدف منها الترويح عن الآخر, فقط كتبتها في ظروف معيشية قاسية, وتحت ضغط الحاجات المادية اليومية, ولكن مع روايتي «بيت الفراشات السوداء» وهي الرواية السابعة لي, وهي أول رواية استندت فيها إلى تجربتي الشخصية, وغيّرت مصيري بشكل هائل, فقد حولتني إلى روائية تناضل من أجل فكرة معينة, ورواياتي التي كتبتها بعد هذه الرواية تتابع القصة ذاتها في نفس المدرسة التي هي بمثابة سجن, تتابع وجوهاً أخرى من حيوات هؤلاء الأطفال الجانحين, من خلال أجيال ومراحل مختلفة, تغوص أكثر في حياة هريولا التي استلهمتها أصلا من شخصية والدي.
عموما أنا أكتب كثيرا عن اليتم, وعن أناس أيتام يبحثون عن ملجأ آمن, ويصرخون أعطونا حبا وحنانا, أكتب عن مواضع الألم في سيرة هؤلاء, وحين أكتب عن الألم أشعر أنني أقاومه.
€ وما هي الحدود الفاصلة ما بين الواقع والخيال في تركيب شخوص الرواية؟
­ الأدب عموما يقوم على الخيال مع أنه يستلهم الواقع في جزء منه, وكذلك الأمر بالنسبة لشخوصي, ففي كل شخصية منها ثمة جانب حقيقي, لكن الخيال بلوره وصقله, وكما ذكرت فإن شخصية هاريولا تشبه إلى حد كبير شخصية والدي, لكن شخصية زوجته تختلف تماما عن شخصية والدتي, لأنها كانت امرأة متدينة, ولا يمكن أبدا ان تختلط مع أولئك الأولاد, وان تأتي بالآثام التي صورتها الرواية, أما بالنسبة ليوهاني فهي شخصية تتراكب فيها الكثير من الخصال المشتركة, كما تجمع إليها شخصية أخ زوجي, الذي قُتل في سن مبكرة, وقد اهديت هذه الرواية لروحه.
€ ما هو سبب استخدامك لصيغة الرسائل والوثائق في بداية الرواية ونهايتها؟
­ على الكاتب دوما أن يبحث ويتقصى عن الحقائق, وصيغة الوثيقة التي اعتمدتها في الرواية هي بالأصل وثائق حقيقية استخرجتها من الدوائر الرسمية, وقمت بتغيير الأسماء والتواريخ فقط بما ينسجم مع العمل الروائي, وهي وثائق تخص جنحاً قام بها أطفال وفتيان, منهم من ينتمي إلى أسر فقيرة, وبعضهم ينتمي إلى أسر غنية, وهناك بعض الأطفال الذين لم يفعلوا أي جنحة أو إثم غير أنهم كانوا ينتمون إلى أسر مفككة وأبوين فاسدين.
€ كيف تشعرين إزاء صدور إحدى رواياتك بالعربية؟
­ ما كنت سوف أكون في سوريا وأشعر بهذه الغبطة, لولا هذه المترجمة الرائعة €مارية الهلالي€ التي أتاحت للقارئ العربي أن يتعرف على جزء من نتاجي الأدبي, وأعتقد أنها خطوة هامة لبداية مد جسور حوار بين الثقافتين العربية والفنلندية, ومن جهتي فأنا أهتم بالمنطقة العربية وبالثقافة العربية وبمدى إسهام المرأة في الحياة العامة.
€ وماذا عن المرأة الفنلندية, وهل تطرقّت لواقعها في إحدى رواياتك؟
­ حصلت المرأة الفنلندية على حق الانتخاب منذ العام 1906 وكانت بذلك الأولى من بين النساء الأوروبيات التي تحصل على هذا الحق, وفي روايتي «الأمر» التي صدرت بعد «بيت الفراشات السوداء» تناولت واقع المرأة المناضلة من خلال تناول أحداث الحرب الأهلية الفنلندية بين الحمر والبيض التي جرت في العام 1918 وامتدت لعدة شهور.
€ عفوا للمقاطعة, هل تقصدين بالحمر اليساريين؟
­ كان الحمر من الطبقات الكادحة والفقيرة, ومن أولئك الذين يحملون ميولا يسارية من دون أن يكونوا منخرطين في أحزاب سياسية, وكان البيض من الطبقات الأخرى, لكن المهم في هذه الأحداث التي انتصر فيها البيض هو إسهام النساء في صفوف الحمر, وأن البيض المنتصرين في نهاية المعركة, لقنوا الحمر درسا قاسيا للغاية, فقتلوا أربعين ألف شخصا, وهو رقم خيالي بالنسبة الى تعداد سكان فنلندة €حاليا خمسة ملايين نسمة€ وأكبر نصيب من تلك المذابح كانت من نصيب المقاتلات الحمر, فكن ضحايا مرتين, مرة حين قٌتلن, ومرة أخرى لأنهن أنجبن الرجال الذين قضوا في تلك الأحداث.
€ ما هو أثر تجربتك الصحفية الطويلة في نتاجك الصحفي؟
­ العمل الصحفي علمني الكثير, ففي عدد محدود جدا من الصفحات على الصحفي أن يقول الكثير, ويقدم كما كبيرا من المعلومات, وكانت التجربة الصحفية بالنسبة إلي بمثابة مدرسة للكتابة جعلتني أكتب بطريقة مختزلة, تصل مباشرة إلى صميم الموضوع.
€ هل حدث وقرأت شيئا من الأدب العربي, وما هو انطباعك؟
­ قرأت من الأدب العربي الشعر, قرأت مجموعات كاملة مترجمة إلى الإنكليزية, ومجموعة شعرية كانت مترجمة إلى الفنلندية, وقد لا أستطيع الآن أن أتذكر أسماء الشعراء والأعمال الشعرية التي قرأتها, لكنني أذكر جيدا أنني قرأت في هذا الشعر تعابير عن الحب كانت من أجمل وأرق التعابير التي قرأتها في حياتي, وأعتقد أن التعبير عن الحب من أكثر الأحاسيس البشرية سمواً, وهو القوة الأولى المحرّكة في هذه الحياة.
 
حاورتها: تهامة الجندي

8 - مايو - 2010
عيد الأم
الشاعرة اليابانية تادا تشيماكو    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

تادا تشيماكو
Tada Chimako
(1930-2003)

الشاعرة اليابانية تادا تشيماكو تحوز على أفضل الترجمات
بعد أن أضحك.. تضحك المرآة قليلاً
تعد تادا تشيماكو الراحلة من سنوات قليلة واحدة من أهم الشعراء الحديثين، نساء ورجالاً، في اليابان. يزخر شعرها بثروة من الصور المدهشة المقطوفة من الميثولوجيا والفكر الياباني القديم. وهي توصف بأنها شاعرة العقل وسعة الإطلاع، كما الحسية والعاطفة اللتين تكتشفان عن جانب غير تقليدي للثقافة اليابانية المعاصرة.
يتحدث الشاعر والناقد الياباني ماكوتو بإعجاب عن ميزة العقل المحرك في شعر تادا تشيماكو. ولا بد من الإشاة الى أنه كان هناك اعتقاد قوي دعمته الرومانطيقية الغربية يقول أن أفضل الشعر ينبع من أعماق الإنسان من دون ألم التردد المفروض من قبل العقل. تادا تشيماكو استثناء لهذا الاعتقاد. نحن هنا أمام صوت مميز وعميق ينبض بالمعضلة الإنسانية وبقوة مصدرها: العقل.
قطعت تشيماكو مع التقليد الحديث الذي يوجب أن يكون شعر النساء متميزاً بالصراحة، الإخلاص ووضوح النيّة، بمعنى ألا تكون العاطفة مقيّدة بالعقل. لم تنف تشيماكو عن نفسها صفة «شاعرة العقل» وهي شرحت في مقالة لها بعنوان «مرآة فيلا سكويز» أنها تحاول الجمع بين الفكر والشعور العاطفي لخلق لذة سامية. تقول تشيماكو في المقالة: «كل عناصر الشعر تعمل سوية، كل كلمة تتميز بقيمة أشبه بالرقمية تنتقل أو تنحرف مع تغيرات تراكيب الكلام. وحتى في قصيدة قصيرة يفترض بالقارئ استعمال عقله ليسجل الإمكانات المتوفرة لتعقيداتها اللامتناهية. كيف يمكن لكتابة معقدة كهذه أن تخلق متعة؟ واقعاً، إن الصور والمواقف والتراكيب الخاصة بالقصيدة تُرضي ليس فقط العواطف والحواس، بل أيضاً تقاطعات الفكر الحساسة أو الدقيقة. يمكن للمتعة المتأتية من ذلك بلوغ الهناء الخالص الذي يعتبر من أسمى التجارب السامية للكائن البشري».
كتبت تشيماكو مختلف أنواع الشعر أسلوباً وتركيباً. فهي استخدمت الشعر الحرّ غير التقليدي («ألعاب نارية»، حلبة المصارع» و«عالم الوردة») كما استعملت لقصائدها أشكالاً يابانية تقليدية من مثل قصيدتي التانكا والهايكو («راذاذ ماء» و«لدى نزع الختم»)، كما كتبت قصيدة النثر «سجل خاطئ للعصور» و«الدرب ذو الأربعة وجوه».
مع أواخر عام 2009 نالت مجموعة مختارة من قصائد تادا تشيماكو جائزة الكتاب المترجم الى الإنكليزية من جامعة كولومبيا الأميركية.
[إلتقاء
يشطف المطر بقايا الصيف،
داخل الحديقة يجثم الخريف مقطراً ماء.

لساني، البارد يحتبس
كلمات هادئة ناعمة
داخل صدفتها المعتادة على موج المد والجزر.

فوق راحة يدي المفتوحة
أضع حبة حص لتتأملها عيناي،

وتؤوب في النهاية تطليعتي الطويلة الى نفسها،
هاجرة ذاكرة.
تجنح ثم تغرق مثل سفينة محطمة في البعيد.

[ ألعاب نارية صباحية
صباح وردي،
علكة بايتة،
تمشيت قرب البحر

فوق الرمال تمثال صخري مشوّه سدّ دربي.
وليد سرطان بحر
منهمك بخدش كعبه المتشقق.

من بين أصابع قبضتي
رشح الرمل أحلاماً رملية لم تلبث أن ضاعت.
فاغرة فاهها، ثابرت مزهرية مرمية
على شرب الريح الجافة جداً.

في عرض البحر بدت الجزر مجرد نقاط
لا علاقة للواحدة منها بالأخرى.
من وقت لآخر، ولما أوشك أن أنساها
كانت ألعاب نارية بلون الثلج تنطلق ثم تنفجر في السماء.
[أسطورة الثلج
وأخيراً بدأ الثلج بالتساقط
بعد إنهمار المطر، وهبوب الريح، وتطاير الرمال

مُوقفاً عقارب كل الساعات
تابع الثلج التراكم بهدوء
فوق أبراج المعابد الشريرة النية
فوق جدران قلاع الريبة الكريهة
فوق الحزوز التي تركتها العربات في الوحل الأسود.

ملفوفة داخل شرنقة الثلج
غدت المدينة أسطورة
غدت شاهد قبر خفاني
يحوي عدداً لا يحصى من الثقوب حفرتها فيه الأرواح
(مهما كانوا مرضى وسقيمين، يغدو
المتقدمون في العمر جميلين قبل الممات).

أين كان الوفاق؟
نسيت مدينة البشر أثقال وزنها
وممعنة في الإرتجاف كزهرة يتيمة
فوق ساق نحيلة
لم تتوقف عن فتح بتلة بيضاء إثر بتلة
(مثل جرح عميق نبيل
تحول الى مسرح مقدس)

أين كانت الصلاة؟
الثلج الذي بدأ بالتساقط أخيراً
بعد الريح والمطر والرمل
ألبس الليلة البيضاء نهاراً أبيض
[ المرآة
المرآة دائماً أطول مني بقليل
وتضحك قليلاً بعد أن أضحك أنا.
تحمرّ وجنتاي كما الزعرور
وأتخلّص بالمقص من أجزائي الناتئة خارج الإطار.

أُقرّب شفتيّ من المرآة فيصيبها الغمام
وأختفي بدوري خلف تنهيدتي
تماماً مثلما يختفي الأرستقراطي خلف شعار نبالته
مثلما يختفي الوغد خلف وشمه.

هذه المرآة، مقبرة الابتسامات، يا المسافر،
إذهب الى لاكاديمون وأخبر التالي:
من خلال مرآة ذاك القبر المدهون بالأبيض
والمبنيّ بحجارة ثقيلة، وحدها الريح تهبّ.
[ الحقل الذابل
الرياح التي تلفح الشجر تكتب وتضرب،
العقل الذي لا يقطنه أحد
ليس له أفق.
ببساطة، إنه واسع بشكل لا يمكن تخيّله.
داخل الأحذية ثمة الأقدام.
يالبعد تلك الأقدام!
دافعة الشمس عني ومكتوية بالجوع
اليوم أيضاً، بسبب السن المعرض للهواء، أهيم
في حقل الشتاء.
[ إعدام
رويداً، على مهل يستنشق الرجل الهواء،
ينتفخ صدره العريض،
ترتفع ذراعاه الغليظتان
يرتفع فأسه المتلألئ،
صوب السماء الزرقاء،
نحو السماء الزرقاء حيث تطير العصافير،
يرتفع فأسه اللامع.

تحت قدمه ثمة رأس ضئيل،
رقبة التفكير، جذع جسد، وسيقان
مصوباً نحو هدف، يبقى الفأس ساكناً،
في السماء الزرقاء حيث تطير العصافير، يبقى ساكناً؛
يخيم الصمت على أرجاء العالم، في تلك اللحظة،
أُنظر، الرقبة البيضاء تشرع بالتمدد، منزلقة
تحت الفأس المرفوع،
هاربة بعيداً عن الجذع المقيّد،
تتمطى الرقبة البيضاء، منزلقة، بلا توقف.
[رزنامة شعر
أنا التي أنتظر لنفسي
أنا التي لا تظهر
اليوم، أيضاً، قلبت صفحة من المحيط
ورميت سمكة البطلينوس الصدفية وقد ماتت فاغرة فاهها

النهار الذي لا يمكنه أن يفضّ شاطئاً أبيض
مثابة رحم أم لا يلد مجذافاً مكسوراً

أنا التي أنتظر لنفسي
أنا التي لا تُظهر
اليوم، أيضاً، قلبتُ صفحة أفق
ورميتُ جلد حية خفيفاً جداً

اليوم الذي لا يمكنني فيه كسر مظلة شمس مهترئة
تنقلي ضحكة مريبة على البارد

أنا التي أنتظر لنفسي
أنا التي لا تظهر
اليوم، أيضاً، قلبتُ ورقة سماء
كنست غبار النجوم السخامي ورميته بعيداً

في اليوم الذي لا أستطيع فيه تهشيم عشب دامع
أقلبُ وأقلبُ،
لكن دون أن أظهر

أنا التي تنتظر لنفسها
عالم الحب الأعزل الخيالي الأعداد
[ تبرّج
واقفة بمواجهة المرآة أتبرّج بشكل خفيف.
هذا ما أفعله دائماً، عادةٌ أمارسها كل ليلة.
أما الذي هو غير عادة يومية:
الليلة سأغدو صبياً!

قميص وسترة فضفاضة لصبي في الخامسة عشرة
بنطلون واسع أيضاً لصبي في الخامسة عشرة
هذه جميعها تناسبني بشكل لا يصدق
وأغدو صبياً حتى قبل أن تبدأ اللحية بالظهور

هذه المقامرة لا تكلّف الكثير
ولا هي خطرة كمقامرة
قد أستبدل الشاب في ورق اللعب بالملكة
لكن لا بأس: لا أحد سيلاحظ ذلك
(أُعيد دهن جسد السفينة الصدئ
فيما مقدمتها محملة بالعيون
وقد وُضعت في الخدمة منذ الزمن الأرثوذكسي القديم)

من الآن فصاعداً لن أحسد أي رجل أو إمرأة
لن أحتاج الى العطور أو الى مسدسين
إذا شئت، يمكنني أن أصبح
إمرأة من لحم ودم
صبي من عالم التجريد

أرخى الليل سدوله وأوغل
أُنجزت التحضيرات وسأغادر الآن
الى شخص ليس بالزوج أو الحبيب
وداعاً، أيها الصبي الغريب في المرآة
الذي يوشك أن يصبح رجلاً حال إمتلاك بزوغ الفجر رائحة
حليب الأم
[ الى المحطة الأخيرة
كل مرة أستيقظ أجد المنظر قد تغيّر
في أي اتجاه ينساب الوقت
الى الأمام وإلى الوراء، تومض قضبان سكة الزئبق
- أين ستنزلين
- إني قاصدة المحطة الأخيرة
فيما الحشائش تنمو كثيفة وجامحة أستسلم للنوم
ملفوفة بخيطان أشعة الشمس الناعمة
وذنب الحلم داخل الفم
(ربما الرأس ليس البداية
ولا الذنب النهاية)
يبدو وكأنني لم أولد بعد
والعالم هو النور خلف قشرة البيضة
ساعة منبه ترنّ في البعيد
صباح من ذاك؟
حبات البيض تفقس في نفس الوقت
ألعاب مدرسية بين فرق فرحة
حالما تطلق رصاصة الإنطلاق
ثمة مدفأة عند بوابة المدرسة
إنجرفت بعيداً داخل الحلم
كلما استيقظت يتغير المشهد
الهواء مكتنز بالفراشات
مع وقوعها تغدو أوراقاً ميتة
وتتبعثر تاركة وراءها
نفق مزمجر من الفراغ الأجوف
- أين المحطة الأخيرة
- ألا تعرفين هذه أيضاً.
 
ترجمة وإعداد: فوزي محيدلي -

8 - مايو - 2010
عيد الأم
الشاعر العالمي المعاصر أريك بانكي    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

حوار مع الشاعر العالمي المعاصر
أريك بانكي
لا أعتقد أننا نعيش عصراً رديئاً للشعر، بل إننا نعيش عصراً غنياً ومفعماً بالحيوية
* انا اتلقى الموسيقا في جميع الاوقات (...) انها طريقة لصرف نفسي عن الوعي بذاتي باني امارس كتابة قصيدة.
عندما قررت تحديد عنوان كتابك الجديد (النصب) ("القبر الفارغ" في اللغه الأغريقية) هل كنت تفكر تحديدا في النصب التذكاري الذي صممه السير ادوين لوتينز تكريما للجنود الذين فقدوا في الحرب العالمية الأولى، ام انك ببساطه افتتنت بفكرة النصب التذكاري؟
- لقد كنت منجذبا لفكرة القبر الأجوف، الشيء الذي عليه ان يحوي شيئا ما لكنه ليس كذلك، أي انه فارغ. في الديوانين الأول والثاني من هذه السلسلة: (كتابات مشكوك في مؤلفها) و(قصص الحب الأخيرة) هناك تضارب روحي في الأيمان بمعجزة القبر الفارغ ارتباطا بموت السيد المسيح ثم قيامه يحصل لدى المتكلم في (كتابات مشكوك في مؤلفها). فهذا المتكلم لا يرى الآن غير الفراغ. إن فكرة النصب لهذا السبب تفرض نفسها علي بالقوة. عندما كنت اكتب القصيدة الحقيقية (النصب) كان مصير الشاعر هارت كرين (1899 - 1932) مؤلف السلسلة المعروفة بعنوان "الجسر" الذي مات في البحر يشغل بالي. لقد انتحر ولم يسترد جسده ابدا. فعندما كنت اكتب القصيدة الأصلية تملكتني فكرة قصيدة تكون بمثابة "نصبا تذكاريا" لهارت كرين بكل الجوانب التي تم حذفها منها. لقد كانت القصيدة اطول من ذلك. انا دائما اعتقد بأني سوف اقوم بكتابة قصيدة بطول كتاب كامل لكنها تنتهي دائما بأثنى عشر بيتا فقط.
* أشرت إلى إن (النصب) هو الجزء الثالث من سلسلة. هل تتصور نهاية لهذه السلسلة ام إنها مشروع مستمر في التطور؟
- إن “النصب” توشك ان تضع نهاية لهذا المشروع بشكل خاص. لقد أطلقت عليه اسم "لوح ثلاثي" وليس "ثلاثية" لأني لا اريد ان تكون العلاقة بين الكتب ذات طابع تسلسلي بالضرورة، بل اريدها مصممه بطريقه يمكن من خلالها تقديم هموم وقضايا محدده مثلما يقدمه اللوح الثلاثي في الفن المرئي. في اللوح المركزي يسود الوضع النفسي والحكاية بينما يروي اللوحان على الجانبين قصص اخرى تتحدث عن أمور ذات علاقة بما يجري في المركز. وانا ارى حقا إن (قصص الحب الاخيرة) تكون في المركز، فهو افضل ما يمثل الوضع النفسي الراهن لدي، من الجانب الآخر يكون اللوحان الآخران بمثابة النهايتين.
 * كما جاء في نموذج المحراب في أوربا القرون الوسطى التي من المحتمل انك رأيت فيها الفردوس على اللوح الأيسر ورأيت الدينونة  النهائية او الجحيم على اللوح الأيمن؟
* اجل،  تلك الأنواع من الحدود هي فضاءات بين الفردوس والدنيا، بين الدنيا والجحيم او بين الروح والمادة، إنها قضايا تثار في الكتب الثلاثه.
* هناك شخصية "بروسبيرو" تظهر في العديد من قصائد (قصص الحب الأخيرة) وبعض قصائد (النصب) المتأخرة. أثناء قراءتي كنت أتساءل أي بروسبيرو يدور في ذهنك. أكثرهم وضوحا هو ذلك القادم من "عاصفة" شكسبير، لكن فيما يبدو وكأنك ترى في ذهنك في نفس الوقت (بوب بينيدكت الرابع عشر) و بروسبيرو لامبرتيني (1675-1758،بوب 1740-1758) المعروف بثقافته الواسعه وشفقته.
* بروسبيرو قصائدي يشبه الى حد بعيد شخصية بروسبيرو شكسبير في "العاصفة". فقد كان في جزيرة، وعاد الآن الى ايطاليا،المكان الذي تدور فيه قصائدي. يمكن ان يكون من رموز النهضة، او قد يكون على قيد الحياة الآن. انه لا يمكث في ميلان لأنها مليئة بفساد المدينة، لذا فهو يسافر الى مكان آخر، يذهب إلى سيناء. انها لحماقة في الواقع أن نتقبل شخصيه مثل بروسبيرو الذي يتكلم بعضا" من اجود الشعر في لغته. فأنا افضّل فكرة أن يكون بروسبيرو قوه خلاقة، انه والشاعر في موقع واحد. أي انهما يستطيعان أن يتحكما بجزائرهما بقوة السحر، لكن ذلك لا يمنحهما سلطه كبيرة على امتداد العالم. انه شديد الوعي بذاته فيما يتعلق بعملية الخلق وبكل براعة اليد والخدع والمهارات المرتبطة بذلك. هناك مسألة الفن والأفتتان والحرفه ودراسة اصل الكلمة مثل "الحرفة" وكل ما ينبغي ان تعمله في عملية خلق القصائد.
* إن غلاف "النصب" هو صورة (لغز الوصول) و(المساء) لجورجيو دي جيريكو، هل جرى ذلك باختيارك الشخصي؟  
- أنا اخترت ذلك فعلا. وكان الأمر في غاية التعقيد في الحقيقة، لأن الصورة كائنه في مجموعة شعرية، ونحن حتى في آخر دقيقة كنا نتدافع من أجل الحصول على حق إعادة إنتاجها. وقد واصلت الكفاح من اجل تلك الصورة الاستثنائية، حيث حالفني الحظ مع مجموعة (نوبف). لقد اخترت أغلفة الكتب الثلاثة التي احتوتها وكان ذلك مدهشا. لقد عكست الأغلفة بحق أجواء القصائد داخلها. وإذا قدر لك أن تصدر حكما على الكتاب على ضوء الأغلفة، فلابد أن تتوصل إلى انه كتاب رائع (يضحك). إن العديد من تلك القصائد كانت قد كتبت أثناء قراءتي لكتابات (جيريكو)، وكنت أفكر بالرسم الإيطالي  الميتافيزيقي؛ حيث كانت فكرة السحر والغموض والغرابة هي الطاغية. في أعماله يمتلك جيريكو احساسا بالعيش في العالم المتمدن، العالم الذي يعيش فيه الفنان، وفي ذات الوقت ترى هذه الأعمال عتيقة وأثرية. وكنت أتمنى أن القصائد قد استطاعت الإمساك بذلك، إنها تتحرك جيئة وذهابا بصوره فردية مميزه، بين الأسلوب العالي والأداء الشعبي المتصاعد مع الأغاني الحزينة  واغاني بوب ديلان.
 * لقد نشرت (الأرق الميتافيزيقي) اولا في جريدة والاس ستيفنس. هل كان ثمة تأثير لستيفنس على فكرك عندما كنت تكتب ذلك؟
- آه، أجل. الغريب ان يثار موضوع (وولس ستيفنس ) في كل مره جرى تقديم كتابيّ الأخيرين فيها في العديد من الأماكن. لذا قررت الإفصاح عن نواياي واكتب قصيده تتضمن اعترافا مباشرا بقصائده. في (الأرق الميتافيزيقي) ذكرت قصيدته "نجوم تالابوسا" ،فانا اتخيل صورة مشابهة لحال ستيفنس وهو يعيش لياليه الأخيرة دون زواج سعيد. انه الشاعر الذي احتل الموقع المركزي طيلة العقد الأخير على الأقل وبشكل قاطع في مجال موسيقى الشعر التي اسمعها. إنني مأخوذ بشكل خاص بالأسلوب التأملي الذي اتبعه. إحدى عباراته الأثيرة لدي هي تلك التي يصف فيها (البهرجة الجوهرية للشعر). إن أحد الأشياء التي تثير إعجابي بأسلوبه هو إن الشك لا يتسرب إليك مطلقا في انك تعيش أجواء قصيدة. لكن هناك كمّ هائل من الشعر يفعل كل ما يستطيع من اجل إنكار براعته وليس جلب الاهتمام إليه والى الخطاب الواضح البسيط الذي يشبه الصوت.إن محاولة إدخال "لغو الكلام" في القصيدة هي إحدى روافد الحداثة في الماضي. بالنسبة لي ككاتب إن فكرة فرض الحديث – مثلما نفعل الآن -  ضمن قصائدي  ترعبني وهي آخر شىء يمكن أن أرغبه. لكن لابد من القول ان الشعراء الذين أثاروا إعجابي مثل ستيفنس  وهوبكن واليوت في اعماله المتأخرة يميلون إلى خلق مظاهر خارجية مكثفة ومتقنة.
 * أشرت إلى (جدول الربيع البارد) في (النصب) هل نستطيع الافتراض إن ذلك مكان حقيقي؟
- أجل، لقد قضينا أنا وزوجتي الاربعة عشر أو الخمسة عشر صيفا الأخيره في (كونيكتكت) وهو المكان الذي كتبنا فيه معظم قصائدنا. يقع المنزل في ( لونغ اتلاند ساوند)، لذا عندما تنظر عبر النافذة الخلفية ترى على جهة اليسار هناك المضيق والشاطىء، ويوجد على جهة اليمين المستنقع الملحي. وهناك جدول يتأثر بالمد والجزر يجري في المستنقع الملحي، وهذا هو (جدول الربيع البارد). كان شيئا جميلا يستهوي النظر اكثر من الخليج الذي لم يكن اكثر من بحيرة هادئة بحق. أنا في الاصل من الغرب الاوسط الامريكي، لذا فقد قاومت في البدء كلمة "جدول"، فنحن لم نكن لنستعمل تلك المفرده في المكان الذي أتيت منه، حيث أنها قد تعني نهرا أو قد تعني جدولا.
* من ترى من بين الشعراء الشباب يثير الأعجاب؟
- هناك شاعر من شعراء الديوان الأول يدعى (جان فايسميلر)، ديوانه الأول (النور المتفرق) يضم قصائد هجينة من كل من ديكنسون ودونالد جستس ان استطعت تصور ذلك. أما شاعر الديوانين الذي أفضله كثيرا فهي الشاعرة بربارة جوردن في ديوانيها (كل هذا الطريق من اجل رحله قصيرة) و(مجرى النهر)، أنا أتكلم عن الشاعرة وليست السيناتور (ضحك).
* وماذا عن الشعراء المعروفين؟
- سيموس هيني وسيزلو ميلوز هم افضل شاعرين من الأحياء، وجارلس رايت هو الأثير الشخصي. ومؤكد أنى احب انتوني هيخت ودونالد جستس، واحب لوسي كلوك كثيرا، واعتقد إنها متفاوتة في عدد من المرات، إلا إنها فيما عدا ذلك تكون في حالاتها الأفضل. وهناك شاعر رائع رغم أني افهم قصائده بشق النفس هو جيوفري هيل. إن قصائده متراصه بكثافة.
* أحد الأبيات المفضلة من بين جميع الأشعار مأخوذة من (انكماش المجد)، الجزء التاسع من (دفاعا عن نهضة العمارة المسيحية في إنكلترا) هي:
"غرف السيدات المهيبة حيث يلمس البلور برفق
في خزانات الجمشيت الأرجواني والزجاج البلوري".
- اجل، أجل. لقد تعلمت الكثير من هذه السلسلة حقا. وتعلمت اشياء حول قدرات البيت الشعري وكم يستطيع البقاء، ومقدار التعقيد.
* وماذا عن "حال" الشعر اليوم؟
- لا أعتقد إننا نعيش عصرا رديئا للشعر، بل إننا نعيش عصرا غنيا ومفعما بالحيوية حقا. بوسعي أن اذكر أسماء لا حصر لها لشعراء غنائيين تأمليين. غير ان هناك آخرين مثل سوزان هاو ومايكل بالمر وجوري غراهام ممن يواصلون توسيع حدود الشعر. إنني أجد جميع هؤلاء شعراء مثيرين. حالة الفزع الوحيدة بالنسبة لي حول قضية الشعر هي إلى أي مدى يتحول الشعر إلى حال يشبه حال الممثل السينمائي الثانوي في بعض الأحيان. إن جانب الشهرة فيه يعكر الأمور كثيرا تماما. فمن العسير التحدث عن قصائد "س" من الشعراء مثلا دون إرهاقها بسيرتها الذاتية.
* غالبا ما تتخذ من الرسومات كمواضيع جزئية، او كلية لقصائدك. وقد لا يتيسر جواب شاف على هذه المسألة، لكن السؤال هو هل هناك عصر ما بعينه يشكل مصدر جذب اليك؟
- لقد أردت ان أكون فنانا متخصصا بالصور المرئية في مطلع حياتي. لكني اكتشفت أنى اكثر قدرة على الشعر،مع ذلك واصلت اشغال نفسي كفنان هاو في الصور المرئية. لقد انجذبت في المقام الأول الى الفنانين الإيطاليين، فهناك يسكن قلبي. ورغم قولي ذاك، سأقول  ايضا بأني أحب (اغنز مارتن) الرسام الايطالي المعتدل المعاصر. واحب (السوورث كيلي). اعطني ايقونة دينيه وستجدني سعيدا لساعات. اعتقد اني منجذب لأي شىء باستثناء ذلك الوضوح الذي تقدمه ما نسميها الآن ما بعد الحداثه حيث يكون التظاهر بالجهل هو الأمكانية العاطفية الوحيدة. وحتى في ذلك أنا اعثر على عنصر دعابة اكثر مما يقصد الفنان. إن ابرز فنان انجذب اليه هو جوزيف كورنيل في الوقت الحالي. إن صناديق الصور المنعكسة العائدة له تماثل قصائدي بشكل ما، فأنا أتناول تراكم من الشظايا، مجموعة من الأبيات ثم ابحث عن وعاء أستطيع ان اضعها في داخله.
* هل حدث وان ألهمتك الموسيقى عند الكتابة؟
- أجل، لقد كتبت ديوان (كتابات مشكوك في مؤلفها) بمصاحبة معزوفة باخ "فن موسيقى الفيوكََـ" وكانت "المزمار السحري" تغطي الخلفية عند كتابة (قصص الحب الأخيرة) وربما كان ذلك وراء الطبيعة الأوبرالية للكثير من القصائد. انا أتلقى الموسيقى في جميع الأوقات. إنها تدحرج زوجتي إلى أعلى الجدار. فهي كاتبة ايضا ولا تستطيع الكتابة دون ان تكون هناك موسيقى متواصلة. إنها طريقه لصرف نفسي عن الوعي بذاتي بأني أمارس كتابة قصيدة. كذلك أقوم بمعاينة أشكال فنية أخرى حول الطرق الممكنة لتشكيل القصيدة. ان فكرة (الفيوكَـ) هي فكره مشوقه للغاية. لقد حاولت ايجاد وسائل لمحاكاة حبكة (الفيوكَـ) المعقدة تلك بواسطة الصوت المفرد للقصيدة. أمضيت الوقت الطويل في تنظيم الدواوين لكي تقرأ باعتبارها كتبا نقيضه لقصائد التشكيلة المتنوعة. افترض  أشكال سمفونية اكبر. لقد سبق وان ذكرت إن فكرة الألواح الثلاثية هي اكثر أهميه بالنسبة لي من الثلاثية، وآمل في إقناع (نوبف)  لنشر الكتب الثلاثة في مجلد واحد وهي (كتابات مشكوك في مؤلفها) و(قصص الحب الأخيرة) و(النصب).  
* ماذا لديك هذه الأيام؟
- أعمل على قصائد جديدة هي بمثابة ابتعاد نغمي عن القصائد المبكرة. فقد كانت أعمالي الأقدم كئيبة ووقورة ورثائية، اما القصائد الجديدة فهي قصائد عابثة واكثر شهوانية، الجانب الحسي فيها يتجه نحو المتعة الجسدية اكثر منه نحو الاتهام المضاد للنفس (يضحكان). أنا اعرف أنى لا زلت أواصل اكتشاف طريقي. فحتى وان توفر لدي عدد من القصائد المكتوبة يغطي نصف ديوان فأني أواصل عندها إيجاد العناوين الفعالة لقصائد جديدة مخصصه لتلك المجموعة. وهذا مؤشر لي يوضح أنى قد أفلحت في وضع القصائد القديمة ورائي.
 
أجرى الحوار ارني هيلبرت
ترجمة: عبدالعزيز لازم

8 - مايو - 2010
عيد الأم
شعراء روساريو    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم


مختارات من شعراء روساريو
عمر أغيار
OMAR AGUIAR
موسيقا مصحوبة Karaoke
كرمى لتفاعلات الهدم والبناء في الترجمة
تتنازل القصيدة
عن سيادة ذاتية.
كتابة في تسابق مع عقارب الساعة
إذا كانت الورود نفسها
والمدعوون للطعام على الطريق..
عندما تفقد البراءة عذريتها
يحدّد الزمن خفّها
وإنها لمسألة إيمان
أن تصاب بالجنون دون أن تعرف
التجسيد الغامض للكون
في دعايات السينما.
فندق فيكتوريا
النار ترتقي بالعتمة
إلى سماء ترقص على إيقاع الجي جي
وامتثالاً لمعاهدة وخز بالإبر
استشعر الرحلة في نقاط الجسد.
الأثر كإسم استعارة
عدد بخس من النصوص
هو صرخة الضحية
التي تتابع على الشاشة
كشهد حبات الزيتون، وصلصة الجمبري.
الليل عملية احتيال
أستيقظ فإذا بي أبي
يشتري هدايا "بلاي بوي".
ما يبعث على السخرية يخفف من حدة الإشفاق
للمقدس الذي دفن
حقول قصب السكّر
ولعن العالم.
كطوطم لطرد الحسد
أتجوّل في المتاجر
مقدّس بالأدب
منقوش في أحلام حتى الموت..
ثور ملبّس بالسكّر
ثمرة " الشات" المنتهكة
التي تغذي الجمجمة
ثروة للحزين
الذي ينهك لحم
النجمة المختزلة.
مخمور يعصر جبهته
محبة " بالإميل" المقفر
الذي يلاحقه بعينين
وجه مبتذل وشريف
ينتظر أن يصبح
البربري الأبوي الباحث عن عمل.
الأزرق العميق
تحت المسلة المصرية
تتبرعم الأقوال المأثروة
كاشفة أسرار المضاجع
وثمة نيزك يتهاوى
ويطلق دبقاً بهلونياً
يذوب في الجسد ببطء
في الليل.. منحوتتان
تعكسان ضجر الجسد
 
في العين المتعددة الوسائل
التي " تقمّر" الأمثال
بعشرين سنتاً ثمناً للدير.
ورغم الوحوش المستلقية
تنتظر الورود دورها
طائعة الإدارة الإجرامية
للكوميديا الرومانطيقية
ومسجِّلة الانصهار المبهم
الذي يفرضه تصنيف النجاح
وطن
طهر جسد المكانة من طيورها
جمع الجري والعِصامية
محتفلاً بالوعد الشمولي
لم يعرف مبعث الصوت الممنوع
لكراهية النساء
من أجل تذبيل الناس المرحين.
إنه الوهم ، أليس كذلك؟!
السرطان هو الحب الضائق ذرعاً
سخيّ حين يشاء بتفجير الكون المضياف
وبممارسة لعبة القول بالإيماءات.
حقيقة واقعة هو ماك دونالد الخيالي
الذي يحكي حلمه بصوت مرتفع
حتى ينال الطيف الذي يحذّر
شظايا ثقافة جزّرة.
سكّرين أخلاقي وضحية
ليبقى على قيد الحياة ويسمّن
الوعد بالبقاء على الحال
أو أن يلتهمه أبناؤه.
نوربيرتو أنطونيو
- من مواليد مدينة روساريو!! الأرجنتين عام 1951.
- صدرت له عدة دواوين شعر،
- من أشهرها " نفس الصوت وكل العورات" عام 1984،
- و "مياه تعكّر الحدقة" عام 1996،
- و "الماء بلهفة" عام 2000.
- نال الجائزة الأولى لكلية الفلسفة والآداب في جامعة بوينس أيرس عام 1985.
- نال الجائزة الأولى لوزارة الثقافة الأرجنتينية عام 1986.
- نال الجائزة الأولى من مؤسسة نيرودا في تشيلي عام 1990
أرحموا المخطئين
والذين تسرّعوا في الخطى، وحمقى البطء"
ف. أوروندو
لو لم ينسكب الكأس على شرشف الطاولة
لو لم ينساح الخمر
أو بالأصح، لو لم ينزف الشرشف /
ولو لم يتضمخ بياضه الطاهر
بل ولو كانت هذه الجرعة قد بلغت الفم
ونطق هذا بعدها بحقائق
وحتى بأشنع السخريات /
لكنا اليوم– وعلى هذه المائدة!!
نواصل التهامس بأمور خفيفة
غير ملموسة كما الحياة نفسها.
***
من لم يزحف كسلحفاة / لم ينتج صبغياً أزرق / حذاء منفعلاً / من لم يقبّل امرأة تحت المطر وينتزع ثيابها بأسنانه ليضاجعها كطير حباري.
من لم تعركه الحياة، وتضرّسه أنياب الزمن /
ولم يقطف وردة خزامى / ولم يهتف لثورة / ولم يركع أمام امرأة ذات ردفين معتوهين/ من لم يستلق في مقاطعة الموسيقى البريئة
لم يقفز / لم يداعب كتاباً لبيسوا/ لم يملك مدينة في حلقه، من لم يروّج للصيف / لم يكن من جمهور المساء / لم يناد بالحرية
على أبواب القامعين
من لم يتسلّق الافق!
***
الوقت لا يشبه القاعة– التي ما أن ننتظم فيها حتى يولّي العمر– ومع ذلك فهو هكذا!!
تقولها اللوحيات حيث ضحكنا مرة، والأيام المشنوقة بالساعات، وخواء الخزائن العتيقة، والقنديل الذي أشعلناه بنفس اليد التي أطفأنا فيها بطاقة المغادرة من النفس/ للهرب من كل الشبهات/ لكي لا نرى شمسنا تأفل غدراً.
***
أخرجت القمامة إلى الباب / السيدة أخرجت القمامة / كيس قمامة أخذته يدها إلى الرصيف / أخرجت القمامة دوماً/ كل يوم/ طيلة العمر / لم يزيحها أمر عن هذه الرتابة الباهتة والمقيتة / عن هذا التصرف الأرعن/ عن هذا الضجر المدمّر/
لهذه الذاكرة الإيمائية لأصابعها.
سافرت من قعر بيتها إلى شاطئ العالم /
لم تسمح لنفسها بمعرفة أي شئ آخرحتى ولو لم تكن لتستطيع ذلك ابداً/
لم تشأ التساؤل عن شئ/ لم تجازف إطلاقاً
اليوم السيدة غائبة / لن تُخرج القمامة إلى الباب/ أخذت تخرجها سيدة أخرى تصغرها عمراً..
***
تحت الطاولة تحدث أشياء/ أسراراً محصّنة /
فتات خبز مسترخية في الظل /
تطلعات قاتمة كالتمرين على الدهس.
تحت الجسور كما تحت الطاولات هناك
بقايا / بؤس / تفاهات / بقايا حزن / تعبر قططاً تركّز على أحلام غير نبيلة /
يمر الدم الملوّث بالماء.
فوق الطاولات هناك نظرة يمكن أن تعمي العالم بالهلع
ولكن فوق الجسور
العراء
هو الحقيقة الوحيدة.
 
ترجمة: عصام الخشن / مترجم وصحفي لبناني يقيم في الأرجنتين

9 - مايو - 2010
عيد الأم
لؤيز أولني الشاعرة الأسترالية    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

لويز أولني
Lois Olney
(....-....)
لويز أولني
شاعرة من 'بلاد الملوك الصغار'
إذا كانت لويز أولني Lois Olney، الشاعرة الأسترالية من السكان الأصليّين، قد اختـُطفت من حُضن أمها وهي بعد رضيعة في شهرها الثامن، فإن كاتب هذه السطور يعترف للقارئ الكريم، بأنه هو الآخر قد اختطفَ من الشاعرة قصيدة، قصيدة كانت قد انتهت للتو من كتابتها وقراءتها، في تلك الأمسية الشعرية من عام 2006م، في مدينة بيرث - Perth بغرب أستراليا، ضمن مهرجان الشعر الذي يقام هناك سنويا في فصل الربيع.
أصل الحكاية:
في تلك السنوات البغيضة بالنسبة للسكان الأصليين (1869 - 1969) طبق المستعمِر 'الأبيض المتحضّر' سياسة تقضي باختطاف الأطفال الأبوريجينال Aboriginal، ووضعهم تحت 'الرعاية' الجبرية من قبل عائلات بيض، والتي استمرت حتى عقد السبعينات من القرن الماضي في بعض المناطق من استراليا، وكانت الشاعرة واحدة من ضحايا تلك المرحلة حيث اختـُطفت من وسط عائلتها في العام 1963م.
أصبح هؤلاء الأطفال يعرفون في الثقافة الأسترالية بـ 'الأطفال المسروقين Stolen Children' أو بـ'الأجيال الضائعة Stolen Generation' والتي تحولت ذكراها فيما بعد إلى: 'Sorry Day' حيث يُوقدُ الجلاد والضحية الشموع معا في هذا اليوم، كنوع من الاعتذار الرمزي عن تلك السنوات، وهي 'مشكلة نفسية' اعتاد عليها 'السيد الأنيق' عند إحساسه بالذنب بعد فوات الأوان!
تروي خالة لويز وتُدعى سيو بوببيSue Bobby ، ذكرى ميلاد الشاعرة، ورحلة البحث المضنية عنها إلى أن التقيا:
'كانت أمها صغيرة في سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة حين ولدتها، لم تحظ َ برعايتها حينما أخذوها منها، بحثتُ عنها كثيرا في كل مكان، بحثتُ عنها بعد أن ماتت أمها، أخذتُ زمنا طويلا حتى عثرتُ عليها'.
وتواصل الخالة حكايتها وهي تحتضنها:
'أخذتها إلى قبر أمها، لقد حاولت بشتى الطرق أن أعتني بها، كان الأمر قاسيا عليّ'.
وأخذت الخالة تبكي.
وتروي لويز من جهتها- ولويز هو اسمها المعُطى من قبل العائلة التي تبنتها، والتي تعترف لويز بأنها لقيت معاملة حسنة من قبلها، رغم إحساسها بالفقد- حكايتها حين عادت إلى أهلها بعد سنوات طويلة، وبدأت في تعلم لغتها الأصلية:
'كانوا جميعهم هناك، وكنت أبحث عن أمي، وأمي لم تكن هناك، وفي المقبرة أشاروا إلى قبر، وقالوا لي: هذه أمك، حينها شعرت بالانتماء، لقد عرفت أين أمي وأين عائلتي، وأحاط بي الأهل الذين لم أعرف بعضهم، وأخذوا يغنّون أغنية من أغانينا'.
تصف لويز التي تحظى باحترام واسع بين السكان الأصليين، طبيعة ناس بلادها الذين يعيشون في تناغم كُلي مع الكون: 'لدينا وحدة مع الوجود تعود إلى طريقة عيشنا مع النبات والحيوان والإنسان، لذلك فإن آثار أقدامنا جد صغيرة على الأرض'!
شِعر لويز شِعر غنائي، يتسم بالبساطة والعفوية، مثل معظم شِعر السكان الأصليين، ويذهب مباشرة إلى موضــــع الألم، كلماتها جارحة وتفيض باللوعة والمرارة، وهـــي ترثي البلد الذي كان، والذي تطـــالب باسمه الجميع، بمن فيهم أهلها، بأن يحترموا ثقافته ويحافظوا على جماله، فثمة فردوس مفقود تحلم الشاعرة بإقامته على أرض أجدادها، رغم أنه يتلاشى يوما إثر يوم.
يحمل شِعر لويز آلام وآمال شعبها، وحنينا 'لتلك الأيام التي كنا فيها أحرارا وبلادنا حرة ولم نكن بحاجة إلى حماية من أحد'، على حد تعبير شاعرة أسترالية أخرى.
نهاية الحكاية:
أعود إلى الأمسية التي أدت فيها لويز قصيدتها ولا أقول قرأتها، إذ لم تصعد إلى المنصة، وفضلت أن تؤديها حافية على أرضية القاعة - مثلما هي عادة المشي الحافي عند السكان الأصليين- دون تأخذ معها القصيدة المكتوبة، فما يُكتب من القلب يُحفظ عن ظهر قلب، كانت تروح وتأتي بطريقة خُيـّل فيها إليّ، أنها بصحبة كائنات أخرى غير مرئية، كان صوتها جهوريا وبه نغمة أسى، وحين دوّت القاعة بالتصفيق بعد انتهائها من (الرقص)، عادت لويز إلى مقعدها صامتة!
فيما يلي (خيانة متواضعة) للقصيدة- مع الشكر لمراجع (الترجمة)، كنوع من الاعتذار من قبل كاتب هذه السطور ، على خطفه منها القصيدة التي بلا عنوان، لذلك سيسميها 'القصيدة المخطوفة' مثل شاعرتها، متأسفا في الوقت ذاته على تفويته فرصة اللقاء بها ثانية بعد عام من هذه الحكاية، في أمسية شعرية- كان سيحظى بشرف المشاركة معها-، جمعت شعراء من السكان الأصليين مع شعراء من الكاتبين بغير الانكليزية في حانة مموسقة، وكان من الممكن مفاجأتها بالقصيدة، كما فاجأها أهلها بقبر أمها، ولا بأس من التقاط صورة تذكارية أيضا. 'القصيدة المخطوفة': قصيدة لويز أولني Lois Olney بخط يدها وتوقيعها
'القصيدة المخطوفة'
سُرِقنُا، أُخذنا
شُرِّدْنا، ضعنا.
هذا ما أخبرونا إياه
وما من سؤال سُئل
سُرقنُا، أُخذنا
شُردنا، ضعنا.
أخذ الأمر مني زمنا طويلاً
لأجد مكاني
سُرقتُ، أُخذتُ
شُردتُ، ضعتُ.
كيف يمكنني أن أحدثكم
عن الجرح الغائر
في صدري
سُرقتُ، أُخذتُ
تهتُ، ضعتُ.
هذا هو مكاننا
من الممكن أن نتشارك فيه
سُرقنُا، أُخذنا
شُردنا، ضعنا.
سُرقتُ، أُخذتُ
تهتُ، ضعتُ
لكنني لم أضع أبدا.
 
عبد يغوث / عمان

9 - مايو - 2010
عيد الأم
إلى الأستاذ عبد الحفيظ    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

أنت الذوق لم يغب


9 - مايو - 2010
العين مرآة النفس
ما معنى :( المذيل)؟    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

مذل (لسان العرب)
المَذَل: الضجَر والقَلَق، مَذِل مَذَلاً فهو مَذِل، والأُنثى مَذِلة.
والمَذِل الباذل لما عنده من مال أَو سِرٍّ، وكذلك إِذا لم يقدر على ضبط نفسه.

ومَذِل
بسِّره (* قوله «ومذل بسره إلخ» عبارة القاموس: ومذل بسره كنصر وعلم وكرم) ، بالكسر، مَذَلاً ومِذالاً، فهو مَذِل ومَذِيلٌ، ومَذَل يَمْذُل، كلاهما: قَلِقَ بسرِّه فأَفشاه.
وروي في الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: المِذالُ من النفاق؛ هو أَن يَقْلَق الرجلُ عن فِراشه الذي يُضاجِع عليه حليلته ويتحوَّل عنه ليَفْتَرِشَه غيرُه، ورواه بعضهم: المِذاء، ممدود، فأَما المِذال، باللام، فإِن أَبا عبيد قال: أَصله أَن يَمْذَل الرجل بسرِّه أَي يَقْلَق، وفيه لغتان: مَذِل يَمْذَل مَذَلاً، ومَذَل يَمْذُل، بالضم، مَذْلاً أَي قلقْت به وضَجِرْت حتى أَفْشَيته، وكذلك المَذَل، بالتحريك.

ومَذِلْت
من كلامه: قَلِقْت.
وكلُّ مَنْ قَلِقَ بسرِّه حتى يُذيعه أَو بِمَضْجَعه حتى يتحَّل عنه أَو بمَالِه حتى يُنْفِقه، فقد مَذِل؛ وقال الأسود بن يعفر: ولقد أَرُوحُ على التِّجَارِ مُرَجَّلاً مَذِلاً بِمالي، لَيِّناً أَجْيادِي وقال قيس بن الخَطِيم: فلا تَمْذُلْ بسِرِّك، كُلُّ سرٍّ، إِذا ما جاوَز الاثنين، فاشِي قال أَبو منصور: فالمِذال في الحديث أَن يَقْلق بفِراشه كما قدَّمنا، وأَما المِذاء، بالمدّ، فهو مذكور في موضعه. ابن الأَعرابي: المِمْذِل الكثيرُ خَدَرِ الرِّجْل.

والمِمْذَل
القَوَّاد على أَهله.
والمِمْذلُ
الذي يَقْلَق بسرِّه.
ومَذِلَت
نفسه بالشيء مَذَلاً ومَذُلَت مَذالة: طابتْ وسمحتْ.
ورجل مَذِلُ النفسِ والكفِّ واليدِ: سمحٌ.

ومَذَل
بماله ومَذِلَ: سَمَحَ، وكذلك مَذِلَ بنفسِه وعِرْضه؛ قال: مَذِلٌ بِمُهْجَتِه إِذا ما كذَّبَتْ، خَوْفَ المَنِيَّة، أَنْفُسُ الأَنْجادِ وقالت امرأَة من بني عبد القيس تَعِظ ابنها: وعِرْضكَ لا تَمْذُلْ بعِرْضِك، إِنما وجَدْت مُضِيعَ العِرْضِ تُلْحَى طَبائِعهُ ومَذِلَ على فِراشه مَذَلاً، فهو مَذِل، ومَذُل مَذالةً، فهو مَذِيلٌ، كِلاهما: لم يستقرَّ عليه من ضعف وغَرَض.
ورجال مَذْلى: لا يطمئنون، جاؤوا به على فَعْلى لأَنه قَلَق، ويدل على عامة ما ذهب إِليه سيبويه في هذا الضرب من الجمع (* قوله «من الجمع» هكذا في الأصل) .
والمَذِيلُ: المريض الذي لا يَتَقارُّ وهو ضعيف؛ قال الراعي: ما بال دَفِّك بالفِراشِ مَذِيلا؟ أَقَذىً بِعَيْنِك أَم أَرَدْتَ رَحِيلا؟ والمَذِلُ والماذِلُ: الذي تَطِيب نفسُه عن الشيء يتركه ويسترجي غيرَه.

والمُذْلةُ
النكتة في الصخرة ونواة التمر.
ومَذِلَتْ
رجلُه مَذَلاً ومَذْلاً وأَمْذَلَتْ: خَدِرَتْ، وامْذالَّتِ امْذِلالاً.
وكلُّ خَدَرً أَو فَتْرةٍ مَذَلٌ وامْذِلالٌ؛ وقوله: وإِنْ مَذِلَتْ رِجْلي، دعَوتُكِ أَشْتَفِي بِذِكْراكِ من مَذْلٍ بها، فَتَهُونُ إِما أَن يكون أَراد مَذَل فسكن للضرورة، وإِما أَن تكون لغة.
وقال الكسائي: مَذِلْت من كلامك ومضضت بمعنى واحد.
ورجل مِذْل أَي صغير الجثة مثل مِدْل.
وحكى ابن بري عن سيبويه: رجل مَذْل ومَذِيل وفَرْج وفَرِيج وطَبّ وطبيب (* قوله «وطب وطبيب» هكذا في الأصل) .

والامْذِلالُ
الاسترخاء والفُتور، والمَذَل مثله.
ورجل مِذْل: خفيُّ الجسم والشخص قليل اللحم، والدال لغة، وقد تقدم.
والمَذِيلُ: الحديدُ الذي يسمى بالفارسية نَرمْ آهَنْ.

مذل (الصّحّاح في اللغة)
رجلٌ مِذْلٌ، أي صغير الجثّةِ، مثل مِدْلٍ.
والمِذْلُ
الباذِلُ لما عنده من مال أو سِرٍّ، وكذلك إذا لم يقدر على ضبط نفسه. قال الأسود ابن يَعْفُر:  

مَذِلاً بمالي لَـيِّنـاً أجـيادي    ولقد أروحُ إلى التِجارِ مُرَجَّلاً

يقال: مَذَلْتُ بِسِرِّي، أمْذُلُ بالضم، مَذْلاً، أي قَلِقْتُ به وضَجِرْتُ حتَّى أفشيتُه.
وكذلك المَذَلُ بالتحريك.
وقد مَذِلَتُ بسرِّي بالكسر.

ومَذِلْتُ
من كلامه: قلقتُ.
ومَذِلَتْ
رِجلي أيضاً مَذَلاً، أي خَدِرَتْ.
وأنشد أبو زيد:

بدعواكِ من مَذِلٍ بها فيهـونُ    وإن مَذِلَتْ رجْلي دَعَوْتُك أشْتَفي

والامْذِلالُ:
الاسترخاءُ والفتورُ.
والمَذَل
مثله.
والمَذيلُ: المريض الذي لا يَتَقارُّ وهو ضعيفٌ. قال الراعي:

أقذًى بعينِكَ أم أردتَ رحيلا    ما بالُ دَفِّكَ بالفِراشِ مَـذيلا
قلت ( أنا يحيى مصري) :رواية بيت الراعي بأن يكون عَجُز البيت هو صدره، والعَجُز هو الصدر.
(انظر الديوان، ص24). 
،
ذلل (لسان العرب)
الذُّلُّ: نقيض العِزِّ، ذلَّ يذِلُّ ذُلاًّ وذِلَّة وذَلالة ومَذَلَّة، فهو ذلِيل بَيِّن الذُّلِّ والمَذَلَّة من قوم أَذِلاّء وأَذِلَّة وذِلال؛ قال عمرو بن قَمِيئة: وشاعر قومٍ أُولي بِغْضة قَمَعْتُ، فصاروا لثاماً ذِلالا وأَذَلَّه هو وأَذَلَّ الرجلُ: صار أَصحابه أَذِلاَّءَ.
وأَذَلَّه: وجده ذَلِيلاً.
واسْتَذَلُّوه: رأَوه ذَلِيلاً، ويُجْمَع الذَّلِيل من الناس أَذِلَّة وذُلاَّناً.
والذُّلُّ: الخِسَّة.
وأَذَلَّه واسْتَذَلَّه كله بمعنى واحد.
وتَذَلَّل له أَي خَضَعَ.
وفي أَسماء الله تعالى: المُذِلُّ؛ هو الذي يُلْحِق الذُّلَّ بمن يشاء من عباده وينفي عنه أَنواع العز جميعها.
واسْتَذَلَّ البعيرَ الصَّعْبَ: نَزع القُراد عنه ليستلذَّ فيأْنس به ويَذِلّ؛ وإِياه عَنى الحُطَيئة بقوله: لَعَمْرُك ما قُراد بني قُرَيْع، إِذا نُزِع القُرادُ، بمستطاع وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: ليَهْنِئْ تُرَاثي لامرئٍ غير ذِلَّةٍ، صَنَابِرُ أُحْدانٌ لهُنَّ حَفِيف أَراد غير ذَلِيل أَو غير ذي ذِلَّة، ورفع صَنَابر على البدل من تُرَاث.
وفي التنزيل العزيز: سَيَنالهم غَضَبٌ من ربهم وذِلَّة في الحياة الدنيا؛ قيل: الذِّلَّة ما أُمِروا به من قتل أَنفسهم، وقيل: الذِّلَّة أَخذ الجزية؛ قال الزجاج: الجزية لم تقع في الذين عبدوا العِجْل لأَن الله تعالى تاب عليهم بقتل أَنفسهم.
وذُلٌّ ذَلِيل: إِما أَن يكون على المبالغة، وإِما أَن يكون في معنى مُذِلّ؛ أَنشد سيبويه لكعب بن مالك: لقد لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ ما سآها، وحَلَّ بدارهم ذُلٌّ ذَلِيل والذِّلُّ، بالكسر: اللِّين وهو ضد الصعوبة.
والذُّلُّ والذِّلُّ: ضد الصعوبة. ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاًّ وذِلاًّ، فهو ذَلُولٌ، يكون في الإِنسان والدابة؛ وأَنشد ثعلب: وما يَكُ من عُسْرى ويُسْرى، فإِنَّني ذَلولٌ بحاجِ المُعْتَفِينَ، أَرِيبُ عَلَّق ذَلُولاً بالباء لأَنه في معنى رَفِيق ورؤُوف، والجمع ذُلُلٌ وأَذِلَّة.
ودابة ذَلُولٌ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، وقد ذَلَّله. الكسائي. فرس ذَلُول بيِّن الذِّلِّ، ورجل ذَلِيلٌ بيِّنُ الذِّلَّةِ والذُّلِّ، ودابة ذَلولٌ بيِّنة الذُّلِّ من دواب ذُلُل.
وفي حديث ابن الزبير: بعض الذُّلِّ أَبْقَى للأَهل والمال؛ معناه أَن الرجل إِذا أَصابته خُطَّة ضَيْم يناله فيها ذُلٌّ فصبَر عليها كان أَبْقَى له ولأَهله وماله، فإِذا لم يصبر ومَرَّ فيها طالباً للعز غَرَّر بنفسه وأَهله وماله، وربما كان ذلك سبباً لهلاكه.
وعَيْرُ المَذَلَّة: الوتِدُ لأَنه يُشَجُّ رأْسه؛ وقوله: ساقَيْتُهُ كأْسَ الرَّدَى بأَسِنَّة ذُلُلٍ، مُؤَلَّلة الشِّفار، حِدَاد إِنما أَراد مُذَلّلة بالإِحداد أَي قد أُدِقَّت وأُرِقَّت؛ وقوله أَنشده ثعلب: وذَلَّ أَعْلى الحَوْض من لِطَامها أَراد أَن أَعلاه تَثَلَّم وتهدَّم فكأَنه ذَلَّ وقَلَّ.
وفي الحديث: اللهم اسْقِنا ذُلُل السحاب؛ هو الذي لا رعد فيه ولا بَرْق، وهو جمع ذَلُول من الذِّلّ، بالكسر، ضد الصعب؛ ومنه حديث ذي القرنين: أَنه خُيِّر في ركوبه بين ذُلُل السحاب وصِعابه فاختار ذُلُله.
والذُّلُّ والذِّلُّ: الرِّفْقُ والرحمة.
وفي التنزيل العزيز: واخْفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرحمة.
وفي التنزيل العزيز في صفة المؤمنين: أَذِلَّة على المؤْمنين أَعِزَّة على الكافرين؛ قال ابن الأَعرابي فيما روى عنه أَبو العباس: معنى قوله أَذِلَّة على المؤمنين رُحَماء رُفَقاء على المؤمنين، أَعِزَّة على الكافرين غِلاظ شِداد على الكافرين؛ وقال الزجاج: معنى أَذِلَّة على المؤمنين أَي جانبهم لَيِّنٌ على المؤمنين ليس أَنهم أَذِلاَّء مُهانون، وقوله أَعِزَّة على الكافرين أَي جانبهم غليظ على الكافرين.
وقوله عز وجل: وذُلِّلَت قُطوفُها تَذْليلاً، أَي سُوَّيت عناقيدها وذُلِّيَت، وقيل: هذا كقوله: قطوفها دانية، كلما أَرادوا أَن يَقْطِفُوا شيئاً منها ذُلِّل ذلك لهم فدَنا منهم، قُعوداً كانوا أَو مضطجعين أَو قياماً، قال أَبو منصور: وتذليل العُذُوق في الدنيا أَنها إِذا انشقَّت عنها كَوَافيرها التي تُغَطِّيها يَعْمِد الآبِر إِليها فيُسَمِّحُها ويُيَسِّرها حتى يُذلِّلها خارجة من بين ظُهْران الجريد والسُّلاَّء، فيسهل قِطافها عند يَنْعها؛ وقال الأَصمعي في قول امرئ القيس: وكَشْحٍ لَطِيف كالجَدِيل مُخَصَّرٍ، وساقٍ كأُنْبوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّل قال: أَراد ساقاً كأُنبوب بَرْديٍّ بين هذا النخل المُذَلَّل، قال: وإِذا كان أَيام الثمرة أَلَحَّ الناس على النخل بالسَّقْي فهو حينئذ سَقِيٌّ، قال: وذلك أَنعم للنخيل وأَجْوَد للثمرة.
وقال أَبو عبيدة: السَّقِيُّ الذي يسقيه الماء من غير أَن يُتَكلَّف له السقي. قال شمر: وسأَلت ابن الأَعرابي عن المُذلَّل فقال: ذُلِّلَ طريقُ الماء إِليه، قال أَبو منصور: وقيل أَراد بالسَّقِيِّ العُنْقُر، وهو أَصل البَرْدِيِّ الرَّخْص الأَبيض، وهو كأَصل القَصَب؛ وقال العَجّاج: على خَبَنْدَى قَصَب ممكور، كعُنْقُرات الحائر المسكور وطريق مُذَلَّل إِذا كان مَوْطُوءاً سَهْلاً.
وذِلُّ الطريق: ما وُطْئَ منه وسُهِّل.
وطريق ذَلِيلٌ من طُرُق ذُلُل، وقوله تعالى: فاسْلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً؛ فسره ثعلب فقال: يكون الطريق ذَليلاً وتكون هي ذَلِيلة؛ وقال الفراء: ذُلُلاً نعت السُّبُل، يقال: سبيل ذَلُولٌ وسُبُل ذُلُلٌ، ويقال: إِن الذُّلُل من صفات النحل أَي ذُلِّلت ليخرج الشراب من بطونها.
وذُلِّل الكَرْمُ: دُلِّيت عناقيده. قال أَبو حنيفة: التدْليل تسوية عناقيد الكرْم وتَدْلِيتها، والتذْليل أَيضاً أَن يوضع العِذْق على الجريدة لتحمله؛ قال امرؤ القيس: وساق كأُنبوب السَّقِيِّ المُذَلَّل وفي الحديث: كم من عِذْق مُذَلَّل لأَبي الدَّحْداح؛ تذليل العُذوق تقدم شرحه، وإِن كانت العين (* قوله «وإن كانت العين» أي من واحد العذوق وهو عذق) مفتوحة فهي النخلة، وتذليلها تسهيل اجتناء ثمرتها وإِدْناؤها من قاطفها.
وفي الحديث: تتركون المدينة على خير ما كانت عليه مُذَلَّلة لا يغشاها إِلاَّ العوافي، أَي ثمارها دانية سهلة التناول مُخَلاَّة غير مَحْمِيَّة ولا ممنوعة على أَحسن أَحوالها، وقيل أَراد أَن المدينة تكون مُخَلاَّة أَي خالية من السكان لا يغشاها إِلاَّ الوحوش.
وأُمور الله جارية على أَذلالها، وجارية أَذلالَها أَي مَجاريها وطرقها، واحدها ذِلٌّ؛ قالت الخنساء: لتَجْرِ المَنِيَّةُ بعد الفتى الـ ـمُغادَر بالمَحْو أَذْلالَها أَي لتَجْر على أَذلالها فلست آسى على شيءٍ بعده. قال ابن بري: الأَذلال المَسالك.
ودَعْه على أَذْلاله أَي على حاله، لا واحد له.
ويقال: أَجْرِ الأُمور على أَذلالها أَي على أَحوالها التي تَصْلُح عليها وتَسْهُل وتَتَيسر. الجوهري: وقولهم جاءَ على أَذلاله أَي على وجهه.
وفي حديث عبدالله: ما من شيءٍ من كتاب الله إِلاَّ وقد جاءَ على أَذلاله أَي على وجوهه وطرُقه؛ قال ابن الأَثير: هو جمع ذِلٍّ، بالكسر. يقال: ركبوا ذِلَّ الطريق وهو ما مُهِّد منه وذُلِّل.
وفي خُطبة زياد: إِذا رأَيتموني أُنْفِذ فيكم الأَمرَ فأَنْفِذُوه على أَذلالِه.
ويقال: حائط ذَلِيل أَي قصير.
وبيت ذَلِيلٌ إِذا كان قريب السَّمْك من الأَرض.
ورمح ذَلِيل أَي قصير.
وذَلَّت القوافي للشاعر إِذا سَهُلت.
وذَلاذِلُ القميص: ما يَلي الأَرض من أَسافله، الواحد ذُلذُلٌ مثل قُمْقُم وقَماقِم؛ قال الزَّفَيانُ يَنْعَت ضِرْغامة: إِنَّ لنا ضِرْغامةً جُنادِلا، مُشَمِّراً قد رَفَع الذَّلاذِلا، وكان يَوْماً قَمْطَرِيراً باسِلا وفي حديث أَبي ذرّ: يَخرج من ثَدْيِهِ يَتَذَلْذَل أَي يَضْطرِب مِن ذَلاذِل الثوب وهي أَسافله، وأَكثر الروايات يتزلزل، بالزاي.
والذُّلْذُلُ والذِّلْذِل والذِّلْذِلةُ والذُّلَذِلُ والذُّلَذِلةُ، كله: أَسافل القميص الطويل إِذا ناسَ فأَخْلَق.
والذَّلَذِلُ: مقصور عن الذَّلاذِل الذي هو جمع ذلك كله، وهي الذّناذِنُ، واحدها ذُنْذُنٌ.

مَذِلَ (القاموس المحيط)
مَذِلَ، كفرِحَ: ضَجِرَ وقَلِقَ،
فهو مَذِلٌ.
ومَذَلَ بِسِرِّهِ، كنَصَرَ وعَلِمَ وكَرُمَ، مَذْلاً ومَذالاً،
فهوَ مَذِلٌ ومَذيلٌ: أفْشاهُ،
و~ نفسُه بالشيءِ: سَمَحَتْ،
و~ رِجْلُهُ: خَدِرَتْ،
كأَمْذَلَتْ.
وكُلُّ فَتْرَةٍ وخَدَرٍ: مَذْلٌ وامْذِلالٌ.
ورجُلٌ مَذْلُ النَّفْسِ واليَدِ: سَمْحٌ.
وكأميرٍ: المَريضُ لا يَتَقارُّ، وحَديدٌ يُسَمَّى بالفارِسِيَّةِ نَرْم آهَنْ.
والمِذْلُ، بالكسرِ، لُغَةٌ في المِدْلِ، بالدالِ: للصَّغيرِ الجُثَّةِ.
ورِجالٌ مَذْلَى: لا يَطْمَئِنُّونَ.
والمِمْذَلُ، كمِنبرٍ: القَوَّادُ على أهْلِهِ.
والمُمْذَئِلُّ، كمُشْمَعِلٍّ: الخاثِرُ النفسِ.
والمِذَالُ: المِذَاءُ، وأنْ يَقْلَقَ الرجُلُ بِفراشِهِ الذي يُضاجِعُ فيه حَليلَتَه، ويَتَحَّول عنه حتى يَفْتَرِشَها غيرُه.

مذل (مقاييس اللغة)

الميم والذال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاءٍ وقلّةِ تشدُّدٍ في الشَّيء. منه الامذِلال: الفَتْرة في النَّفس. قال ذُو الرُّمَّة:
    ويُعقِبُ في مفاصِلِيَ] امذِلالا

والمَذِيلُ: المريضُ الذي لا يتَقَارُّ.
وقد يكون من هذا القياسِ المَذِلُ لما عِندَه من مالٍ وسِرٍّ، إذا لم يَقدِرْ على ضبطِ نَفْسِه.

ومَذِل
من كلامه: قَلِق.

9 - مايو - 2010
من كنوز المعجمات
إنما السحر عند زُرْق العيون.    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

قال عمر بن أبي ربيعة :
سحرتني الزرقاء من مارون ** إنما السّحر عند زُرْق العيون
 
نزار القباني :
قالت : ألا تكتب في محجري
انهض لأقلامك...لا تعتذر
مَنْ يعصِ قلب امرأةٍ يكفر
يلَذُّ لي...يلذ لي...أن أرى
خُضرة عينيَّ....على دفتري
 
أنشد الفرّاء :
ولاعيبَ فيها غيرشُهلةِ عينها
عناق الطير شُهلٌ عيونُها
·      والشهلة في العينين أن يشوب سَوادَها زُرقة ( اللسان/شهل)
·      والبيت ذَمٌّ يُراد منه المدح.

9 - مايو - 2010
العين مرآة النفس
منصور الرحباني جلجامش الفن    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

منصور
يا جلجامش الفن
منذ أربعينات القرن الفائت.. ونحن في العالم العربي نمتلئ بسحر الرحابنة. موسيقى وشعراً وجمالاً واشراقات ملتهبة. فبهم ازدادت الحواس تألقاً بالألحان ومعهم طارت الأرواح الى الفضاءات البعيدة مع خيوط الحرير الهاربة من حنجرة فيروز الاستثنائية.
هل أسس عاصي ومنصور وفيروز مدرسة تختص بفتنة الصوت؟
هل استخلصوا آلام الكائنات وأفراحهم وآمالهم وغرامهم فكانوا نقطة أولى على سطر الموسيقى الحديثة؟
هل كان نجاحهم، بأنهم قد أسسوا للغناء العربي قواعد في الداخل الإنساني. أشبعوا التربة بثمر الفن، ليكونوا غابة رومانسية تحط فيها ركاب كل الطيور الهاربة من المواجع.وكل الحواس الملتهبة بالعاشقين وأسرارهم.
كان عاصي الفذ.
وكان منصور المختبر.
وكانت فيروز النبع.
نكتب ذلك اليوم ونحن نودع النصف الثاني من الأخوين. كان عاصي قد مضي قبل سنوات،تاركاً نصفه على الأرض.
واليوم يلتحق منصور ليكتمل مع نصفه المُغيب، ليعود الاثنان أخوين مرة أخرى في برزخ الخلود.
كان منصور شاعراً ورائداً للأغنية العربية وللمسرح الغنائي
تاريخه تاريخ لا يمكن اختزاله في كتاب.
فمنصور الذي أفعم الناس بمختلف مجتمعاتها بنتاجه ثم مضى كنسمة رقيقة
كان يستنهض فينا النائم الغافي متنزها في ممرات أرواحنا نجمع من تغاريده ألوان القزح
كان يمدنا بحواس مشحوذة  نصغي بها إلى ما يسكننا من طوفان
مخترعا لنا ممالك خارج هذه الأرض لا تزول. تاركا لنا أرق ما في الفن والحب والجمال
لقد سعى الأخوين رحباني - في الواقع - على أن لا تبقى الأغنية العربية هدفاً سهلاً لسهام طائشة لا وراء ولا أمام. أو كطيور غريبة قادمة من أرض منعزلة. فكانت الأغنية الهاربة من السجن إلى عالم لا يعرف الطمأنينة ولا الحياد الثلجي، عالم يستوعب قلق الشعراء وحلم الفقراء عالم يؤسس لحب الإنسان للإنسان.
لقد أغرقنا اللحن الرحباني في الواقع بنشوات حميمية عارمة، حتى أننا كنا نمتصه صباحا كما الرحيق.
لحن ملائكي يشفعنا بفائض من سحر عوالمهم فإذا بالعالم ضيعة لأغانيهم وإذا بالأغاني ورودا يحملها المتلقون في صدورهم.
اليوم منصور الفنان الإنسان الرائد...
ومع استمرار الدمار في غزة فلسطين التي بكاها منصور مراراً، مغنياً لأجراس القدس زهرة المدائن،معلناً عدم موت صوت أجراس العودة.. يرحل هذا العملاقُ من شدة الألم وكأنه لم يحتمل فصول هذه المحرقة، لأن جسده فائض بالجماليات والسحر والفتنة الذي يرفض هذا الموت وهذا الدمار المرعب.فهو لا يريد أن يرى الذبائح تنتشرُ تحت ضباب قنابل الفسفور الأبيض في أشرس مجزرة أو محرقة هذا العصر.
منصور الرحباني  الفنان الكثير. الموسوعي. المتميز. الطافح برؤى موسيقية فنية عصرية بصياغة فكرية نبيلة مستمد من الواقع الاجتماعي تارة والواقع التاريخي تارة أخرى، قدم لنا عبر مسيرته الفنية الطويلة ألحانا خفيفة الظل ترقى إلى مستوى دوره الريادي وملكته التأليفية وقدرته على خلق المتعة الموسيقة  الخالصة التي تنهض بذائقة السامع وتحفز أحاسيسه، مثيرة أشجانه وشجونه مرممة هزائمه مستحضرة انتصاراته عبر أساليب لحنية عصرية متعددة، حيث كل أغنية أو مسرحيه غنائية أنجزها، كانت تفتح مدار توقها لخطف المتلقي من وثنية أيامه ووظيفية لحظاته محفزة بسحرها الغافل من المشاعر مبشرة بشروق الشمس.
فمنصور الرحباني الذي أفرد لفنه مكانا داخل اللحن وداخل الكلمة والمسرح الغنائي على حد سواء بالتضافر مع أخيه الفنان عاصي الرحباني هذا الثنائي الخلاق المكتمل برافد عظيم هو صوت السيدة فيروز
فيروز التي لم تكن ذلك البرج الذي يغص بالتناغم الصوتي واللحني فحسب وإنما كانت قاموسا من حرير أبيض وأحمر وأزرق  يعيد للروح هيبتها  وينفض عن النفس تعب الأيام ويوقد للإنسان شموع البهجة سواء من خلال الانتظار في المفارق والمحطات أو عبر ترك القلب طفلا لاهيا على دروب الثلج او دروب النحل أو درب القمر.
فمع هذا الثالوث الخلاق أنجز أعمالاً غنائية ومسرحية وموسيقية غاية بالرقة والتكامل والبساطة من خلال المختبر الرحابني المميز خصائص وأساليب.
حشد من الذكريات يتدفق في ذاكرتي الآن وأنا استرجع كيفيه تشرفي بمعرفة الأخوين رحباني وكيف تسنى لي الالتقاء بهما وللمرة الأولى وعن كثب هنا..
استعيد أول لقاء لي بهذا الفنان العملاق في منزل الأديب المحامي الشهير الشاعر نجاة قصاب حسن الذي كان  صديق عائلة الرحابنة الواقع في دمشق الصالحية فوق مطعم القنديل الشهير باللاتيرنا مطعم ومقهى الكتاب والمثقفين العرب في دمشق.
سأدرج للقاريء بعض ما دار في حوارين اثنين كنت قد أجريتهما مع الفنان منصور الرحباني.
هنا مختارات من الحوار مع الفنان الكبير منصور حينما كنت أعمل في الصحافة السورية. نشر الأول في جريدة تشرين.ونشر الآخر في مجلة هنا دمشق مجلة الإذاعة والتلفزيون:
س - ما أن يحظى مطرب بشهرة ما حتى يباشر التلحين فمتى يستطيع الفنان أن يلحن؟
وهل من المحتم على الملحن أن يجيد العزف على آلة موسيقية.؟
أم باستطاعته أن يستعيض عنها بالممارسة النظرية العميقة؟
ج - إن التلحين بالواقع لا قاعدة له ليس بالتلحين مدرسة عمارة موسيقية
ففي اللحظة التي يحس الفنان  انه قادر على الخلق  والإبداع فليحاول
فالمحاولة دائما هي البداية فالميلو ديت لا قاعدة له.
س - هل يوحي لك الحزن بلحن حزين؟
ج - العطاء عندي هو ابن الهدوء الداخلي الذي يكفل للمؤلف وضوح الصورة فالانفعال يشوه صفاء الرؤية ومع هذا فالتلحين والخلق لا قياس لهما.
لحظة الخلق هي أجمل اللحظات تبث السعادة في النفس فالسعادة تنتابنا ونحن نبدع العمل وحين ينتهي ويأخذ طريقه لمواجهة الناس يبهت الفرح الذي أحاطه
س - لمن تكتب أستاذ منصور. وأي القصائد هي الأجمل؟
ج - الفنان بالواقع يعيش غبطة الأشياء إلى أن يجسدها على الورق فالقصيدة التي تكذب هي الأجمل وأجمل الشعر. الشعر الذي لا يثبت فما يثبت منه هو الأضعف وإن هذا ليذكرنا بقول نزار قباني
كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال
س - يقولون ليست السعادة أن نتوهمها فهل أنت سعيد في حياتك؟
ج - لم أرفع رأسي لأفكر حتى الآن بهذا
س - هناك قصة تقول: إن مواطناً منغولياً كان يطرب لسماع صوت الانفجارات المتقطعة المنبعثة من المحركات فلربما لأن أذنه قد تكيفت تكيفا ممتازا فما رأي منصور الرحباني بعملية التكيف وما تأثيرها على الحس الموسيقي المرهف؟
ج - هذا صحيح يمكن أن يطرب ذواق موسيقي لسماع انفجارات وغيره
لقد كنت في طفولتي أطرب وأنام لدى سماع هدير البحر
واستفيق بسعادة على صوت بابور الكاز لان أمي كانت تستيقظ لتصنع القهوة  لوالدي

كنت اطرب لصوت هدير البابور وما زال يسعدني ان أستفيق على صوت قطرات المطر الساقطة على سقف التوتياء في الشتاء هذه الأمور التي ترافق الإنسان الى أن تدخل معه في عالم الألفة وترتبط بذكرياته وتنخرط ضمن حالاته النفسية فإن الاستمرار يجعلها محببة وربما بدت لسواه مزعجة
س - قال الموسيقار عبد الوهاب (تبلغ موسيقانا  الدرجة التي نطمح لها عندما نستطيع ان نعزف الأغنية دون كلمات دون ان تفقد شيئا من قيمتها  الجمالية)
هذا يذكرنا يمقولة صاحب نظرية الأدب إن أرفع الشعر لا يميل إلى التلحين وان الموسيقا العظيمة لا تحتاج إلى الكلمات  فما رايك؟
ج - إن الموسيقا التي يقال بانها ليست بحاجة الى كلمات هي الموسيقى السيميائية وهي ذروة الموسيقا ولكن باستطاعة اللحن ان يتضافر مع الكلمة ويبلغ القمة مثل الأوبرا مثلا
بالواقع أنا ضد التحديدات فالتحديد يقيد الجمال لان الجمال هو الهارب الأبدي.
س - هناك من قال بأننا نفتقد إلى الحدوثة في الأغنية مار أيك؟
ج - مبارح التقينا وقعدنا على حجر
وبرد وحوالينا عريانة الشجر
مزقنا الصور و امحينا القمر
ورديت له مكاتيبه
وردلي مكاتيبي
س - قال  بيتهوفن بإحدى رسائله (لو تمكنت من أن اعبّر للطبيب عن ألمي كما اعبر عنه بالموسيقا لشفيت من جميع  الأمراض).
فما رأيك بالتعبير بالموسيقا.؟
ج - نحاول بالواقع أن نعبر بالموسيقا واللحن عن شيء ما ونجهد بان يصل للآخرين.
وبتهوفن ربما استطاع ان يجسد ألمه بهذه الدقة فالموسيقا عالم تجريدي وعندما ينحدر يصبح وصفيا ولا سيما أن أنقى الموسيقا هي الموسيقا الكلاسيكية ثم الموسيقا الرومانتيكية  من ثم الوصفية
س - أستاذ منصور بم تفكر الآن
ج - أفكر....! بالكسل الكسل
قالها بصوت هاديء وبنبرته المتميزة الخاصة وقد انبرى يفسر لي ذلك استجابة لسؤال ارتسم بعيني نعم الكسل هو الأهم انه حالة الدخول بالذات. والاستغراق في عوالمها الخاصة والشاسعة حيث التأمل. التأمل يخلق الإبداع.
س - يقال إنكم تحجمّون أدوار البطولة عن المطربين. قال المطرب وديع صافي لجريدة تشرين الأخوة رحباني يحترماني ولكنهما يخافا مني.
فما رأيك بقوله هذا؟؟
ج - وديع الصافي أخونا وهو دائما محل احترام وشهرته ليست ملك أيدينا إنها عطاء الجمهور وحده نحن لا نقف في وجه من يود الانفصال عنا
لتحقيق ذاته الفنية ووديع لم نغمطه حقه أبدا لقد كانت ادوار البطولة الرجالية دائما من نصيبه
س - هل وصلتم الى ما تصبو إليه أنفسكم؟
هل حققتم مطامحكم الفنية؟
ج - الكمال  لا يصل إليه إنسان
لكن يمكن لي من متابعة مسيرة الأخوين رحباني الطويلة والشاقة ان أقول نعم نعم نحن في عصر الموسيقا العربية الراقية.
2
أما الحوار الثاني الذي كنت قد أجريته مع الفنان منصور الرحباني.. فقد نشر في مجلة الإذاعة والتلفزيون في دمشق.
ومنه نختار الأسئلة والإجابات التالية:
س - في الزمن الرحباني هناك تحولات وانعطافات تركت بصماتها على صعيدي الكلمة واللحن فما هذه التطورات الجديدة الطارئة على مدرستكم
ج - نحن لا نسمي النوع الرحباني مدرسة نحن نعتبره أسلوبنا الشخصي
ثم أن التطور الجديد الذي تتكلمين عنه لا يأتي قصدا نحن لانضع له خطة يجري تنفيذها على مراحل هذا الجديد إنما يتبع تحولات الإنسان المتطور دائما والمسافر في هذا الوجود.
س - أخذ الرحابنة من الموروث روعته البسيطة وأخذوا من الطبيعة لب جمالها وكان النتاج أغنيات على مد المخيلة وهنا نريد إيضاحا حول علاقة الأخوين رحباني بالموسيقا الغربية مالها وماعليها؟
ج - لو استطاعت فاديا أن تجيبيني على سؤالي ما هي علاقة المثقف العربي بالثقافة الغربية أجيبك أنا واستطرد  قائلا إن كل ما في الأمر أن عصرنا الحاضر هو عصر ينفتح على ثقافات الدنيا فالطالب لا يصل إلى الثانوية إلا بعد أن يصل إلى الفلسفة اليونانية والثقافة الرومانية ويقرأ وشوبنهور وشكسبير و شعر رامبو وبودلير  وفلسفة كانت ووو... حتى يصل إلى مرتبة عالية من الثقافة بعد أن يختصر في مخزونه حضارات عدة بعدها يأتي عطاؤه الشخصي لذلك لا يمكننا القول أن مثقفي العالم العربي هم غربيون لقد أصبح الآن في العالم ثقافة يضطلع عليها الجميع ومن هذا القبيل كانت  دراستنا للموسيقا الغربية.
لقد أخذنا عنهم علم الهرموني والكونتربوار والفيج وزاوجنا ذلك مع موسيقانا الشرقية فنتج ما يجب ان يكون وهو موسيقا شرقية تتمتع بخصائص عالمية والمهم عندي أن ينتدب الفنان نفسه لعطاء فني متميز وأن يزيد على حضارته مدماكا  فالحضارة يبنيها الجميع.
س - الرحابنة وفيروز طرفا معادلة هكذا يردد الناس لا يمكن لأي طرف منهما أن يعيش بمعزل عن الآخر فإلى أي مدى أصبحت علاقة فيروز بالعائلة كثراث موسيقي وكقيمة جمالية للغناء؟
ج - هذه المعادلة في نظر المحبين لنا صحيحة نوعا ما إنما في حقيقة الأمر يستطيع كل إنسان أن يقوم بأعمال منفردة ناجحة فالسيدة فيروز  قامت برحلات منفردة موفقة  إلى امريكا وأوستراليا والهند كذلك نحن قمنا برحلات وأعمال منفردة ناجحة فلكل منا حضوره وخصائصه ثم أن التأليف لاعلاقة له بتادية اللحن غنائيا إنما يبقى حضور الشخص المؤدي وملكته والكاريزما الخاصة به. ترى هل تستطيع أن توصل الفنان إلى المسافة الثالثة التي هي المستمع؟ وهنا تكمن قوة وعظمة السيدة فيروز حيث لا ينبغي أن ننسى حضورها البهي وفرادة صوتها.
س - ألا توجد فيروز جديدة في عالم الرحابنة الحالي؟؟
ج - لا يوجد إلا فيروز واحدة ولا ينبغي أن يكون وهذا لا يعني أن نقطع الطريق على الآخرين فالمواهب تتوالد... والحياة تفاجئ الناس والمثل الصيني يقول دعوا كل الأزاهير تتفتح.
س - حول الرحابنة الموسيقى إلى روح تتحدث في جسد الأغنية العربية فإلى أي مدى استطاعت هذه المسألة أن تكون حقيقية..؟
ج - نحن كتبنا ما نشعر به استمدينا موسيقانا وصورنا من آلام الناس وأفراحهم بوعي ودون وعي بقصد أو دون قصد هذا ما حدث  فإن تجاوب شعبنا مع موسيقانا نكون قد نجحنا وإلا كنا غرباء في محيطنا.
س - ثمة اعتقاد يقول أن مسرح الرحابنة قد واجه في السنوات الأخيرة اختناقات صعبة ما مرد ذلك؟
ج - كل مسرح بل كل ما في لبنان قد واجه اختناقات قاتلة بسبب الحالة الأمنية المتردية والتي لا تسمح بالواقع بقيام عمل فني
واسمحي لي أن أتحدث بقضية خضوع العمل الفني لرأس المال. فالمسرحية حتى تقف على الخشبة وتصل إلى ليلة الافتتاح يلزمها موسيقا ملابس تسجيل وتمارين ومعدات قد تصل مصاريفها مئات الألوف من الليرات وهذا بالطبع يضعه المنتج فالفن المسرحي والمسرح الغنائي مرتبطان إلى حد كبير بالإنتاج وهذا ما يواجهه كل المسرح اللبناني في الفترة الأخيرة.
س - ما دورا لكلمة بل ما دور الشعر في نجاح الأغنية؟
ج - تبقى الكلمة العنصر الأهم حتى في الغناء الغربي لهذا وجب علينا ان نعرف كيف نختار شعر الأغنية ثم أنني لا افرق بين الزجل والشعر فانا لا أسمي على سبيل المثال شعر ميشيل طراد وطلال حيدر وغيرهما زجلا إنه شعر حقيقي باللغة المحكية وهنا لا فرق لدي بين الشعر الفصيح وغيره المهم وجود الكهربة الشعرية المهم الحضور الشعري
س - ما الذي يؤرق منصور الرحباني؟
ج - أعتقد ان القلق هو سمة هذا العصر فالسعادة قلقة اما الحزن فساكن ووجودنا الهارب تأملنا في التحولات في الليل والنهار بين الظل والشمس جميعها تودي بنا إلى سؤال واحد هو إلى اين؟ وهذا هو القلق الأقوى.
س - ماهو دور الحب في نتاج منصور رحباني؟
ج - أنا أحب الحب ولكن المحبة أمدى... وأبقى فهي لا تحدد بحب رجل لامرأة بل هي محبة لكل الإنسانية.
نعم نعم لقد أخذنا الفن الرحباني شعرا وتلحينا عكس الزوال عكس المعادن والخراب إلى جبل صنين تارة والى درب القمر تارة أخرى إلى بساتين السعادة إلى زهرة المدائن القدس شاحذا سمعنا إلى سحر هذا الفن الذي يجوهر الدم بالعشق والصبا والجمال موقفنا على درجاته تدفقا دائما وولها وحيرة و عشقا في رحلة عذبة تاركا شغفنا ينمو على طريق الحياة.
إنه الفن الذي مضى بنا على جسر اللوزية تارة وعلى طريق البوسطة تارة أخرى
حيث أضاف الأخوين رحباني من كنوز فنهما للصوت الفيروزي الدربة الواعية  ومنحاه عبر اللحن العذب والكلمة الساحرة التدفق والحيوية والانتعاش مكتشفين تلك القوة القادرة فيه على اللعب بأمزجتنا محدثة انقلابات عاطفية تمضي بنا عبر لذائد الحب الأول وعذاباته ونشوته المطرزة على قماش الحلم الذي يمطرنا  حبا وشغفا أمام المرايا التي يملؤها النبع والطاحون والقمر وذهب تشرين.
اليوم..
يرحل منصور صوب ضفاف الغيم ليستريح،بعدما ترك في عهد الأحفاد من سلالة الرحابنة صولجان هذا الفن السحري الخلاق.
كم كنت مدهشاً ورائعاً يا سيد الكلمات والألحان. ووداعاً حيث لن تنقطع الطبيعة والبشر عن إنشاد ما أسست في الأرواح من فتنة وما أعطيت لتربة الأرض من عطر الفن الصافي.
 
فاديا الخشن / شاعرة من لبنان تقيم في الدنمرك -

10 - مايو - 2010
عيد الأم
هل الشعر حمّال قضايا ؟ الجواب بالنفي عند زينب عساف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

لا تسعى إلى استعراض العضلات الشعرية بل إلى العاطفة والبوح
زينب عساف: لا يمكن للشعر أن يكون حمّال قضايا
«بواب الذاكرة الفظ» عن «دار النهضة العربية» الإصدار الشعري الثاني للشاعرة زينب عساف، بعد باكورتها «صلاة الغائب». في كتابها تظهر عساف أكثر هدوءا، وأقل مباشرة، بلغة بالغة الدلالات المستوحشة، وحزينة على الرغم من النبرة الساخرة في قصائد قصيرة، فردت لها الشاعرة ملحقا خاصا في إصدارها. عن كتابها كان هذا الحوار:
في معظم قصائدك نجد أن ثمة «أمومة» ما، هل لذلك علاقة بكونك أنثى تكتب؟
?مصطلح الأمومة فضفاض وخاضع للتحوّل بشكل دائم. لكن، لعلك تقصدين بالأمومة النظرة الحانية والمتسامحة نحو الكائنات والعالم، هذه النظرة «الأنثوية» موجودة إلى حدّ ما في نصوصي، وهي تسير جنباً إلى جنب وبطريقة لا أستوعبها مع الرفض والسخط. هل لذلك علاقة بكوني أنثى؟ علينا أولاً أن نتفق على مفهوم الأنوثة أو الذكورة اليوم. تلاحظ عزّة شرارة بيضون في كتابها المهم «الرجولة وتغيّر أحوال النساء» أن الرجل أسبغ على المرأة كل ما هو بدائي في داخله، أي كل ما هو طفلي، نزوي، لاعقلاني، ناقص. وفي هذا المعنى «الذكوري» فإن الشعر نفسه، من حيث كونه الأكثر التصاقاً بالبدائي فينا، هو أنثى أيضاً. هكذا يكون استخدامك للفظة «أمومة» في مكانه، لأن حب المرأة الأصلي والوحيد كما تلاحظ ألفريده يلينيك هو حبّها لولدها، أي أن الأمومة هي التجسيد الأقصى للحب عند المرأة. وبما أن «اللغة هي الذاكرة المجبرة على الحب» بحسب الشاعر الفرنسي جان ميشال مولبوا، واعذريني على كثرة الاستشهادات، فإن هذه اللغة تصبح لدى المرأة «الذاكرة المجبرة على الأمومة».
حارس الذاكرة
بالحديث عن الذاكرة، ثمة تكرار لهذه اللفظة وكذا لصورة الأبواب في شعرك، لمَ تربطين بين هاتين التيمتين؟ هل تحاولين الإقفال على ماضٍ ما أو تواجهين مشكلة في استعادته؟
?صحيح. ثمة تكرار وربط بين الكلمتين اللتين تبدوان كنقاط اتكاء للقصيدة في كل مرة، ربما لكونهما تختصران فكرة الزمن بالنسبة إليّ. فما الحاضر سوى باب أُقفل، أو هو في طور الإقفال على الذاكرة، أي الماضي. وهذا الإقفال يتمّ في المعنيين: الانقضاء وعدم إمكان الاستعادة (من هنا جاء عنوان الديوان «بوّاب الذاكرة الفظّ»، لأن حارس الذاكرة القاسي هو من يمنع استعادة الماضي، أو يعيق أي محاولة لعرقلة مرور الوقت). كما أن الباب هو الحيّز الفاصل بين داخل وخارج، واقرني ما شئتِ من الكلمات بهذا الفصل: داخل الأنا وخارجها، داخل الانتماء وخارجه... إلخ، أي ان الباب هو الحدّ بين المفاهيم المختلفة، إنه محيط الأشياء الذي يخرجها من الاندماج والذوبان. تعجبني فكرة الباب لأنه خط تماس يسمح بالاستقلالية والتواصل في آن واحد.
بين «صلاة الغائب» و«بوّاب الذاكرة الفظّ» غابت زينب وحضرت أخرى، ما الفرق بين الاثنتين؟
* أظنني أكثر هدوءاً وأقلّ مباشرة في الكتاب الثاني، من دون أن يعني ذلك التخلّي عن «المشاكسة». لم يكن ممكناً لصوتي أن يكون خفيضاً في الكتاب الأول لأنه جاء بمثابة صرخة ولادة. أما الآن، بعدما ظهّرتُ ملامحي الخاصة، فقد «استكنت» قليلاً وصار الفصل بين حنجرتي وصراخ الأخريات اللواتي يلبسنني طويلاً ضرورياً. «صلاة الغائب» جعلني أُفهَم أحياناً بطريقة خاطئة، فأنا لم أكن «نسوية» بالمعنى الصدامي للكلمة فيه (رغم أنه يحق لأي امرأة أن تكون كذلك)، بل أردت فحسب التخلّص من الأخريات والخروج على العباءة السوداء الهائلة التي تجمعهن. المشكلة أن تكرار كلمة «حقوق المرأة»، وهذا «الطحن» اللغوي الفارغ والرهيب للمصطلحات، جعلا الحديث عن الموضوع يقع دائماً في إطار «الكليشيه». في الأحوال كلها، لا يمكن للشعر أن يكون أيديولوجياً وحمّال قضايا. لا يمكن للشعر أن يكون «عتّالاً».
«القمر أول النفق» قصيدة طويلة كُتبت أثناء الحرب الأخيرة، لكنها من دون أسماء، ولولا عبارة «يا ضاحيتنا» لما أمكننا أن نعرف ذلك؟
* الحرب الأخيرة غيّرت معالم الأمكنة وأسقطت أسماء الشوارع والأحياء. لقد مزجت هذه الأسماء جميعها تحت اسم عام واحد هو ساحة القتال. وقصيدة «القمر أول النفق» الطويلة هي استجابة شعرية بالضرورة لهذا الواقع، لذا غابت عنها شواهد الأمكنة، وحضر نداء «يا ضاحيتنا» المرّ والعقيم، المتكرر عند كل مفصل. بدأتُ هذه القصيدة تحت القصف الإسرائيلي، في ليلة لم يكن النوم فيها وارداً، ثم رحت أضيف إليها تدريجاً في محاولة مني لإعادة تشكيل الخريطة من جديد واستيعاب الكمّ الهائل من الدمار. الدمار النفسي بالدرجة الأولى الذي عبّرت عنه بالقول: «سنحتاج مصحّات كثيرة/ لرفع هذا الركام كله». وتلاحظين ألا حدود بين الأنا والآخر، بين الداخل والخارج، في هذه القصيدة، لأن الحرب تقيم بين الأفراد روابط غريبة وغير مفهومة عرّابها الخوف، كما تفتح الفيزياء على البيولوجيا، الرصاص على اللحم الحيّ. هكذا تتداعى القصيدة وتتداعى حتى تصل إلى لحظة خواء مطلقة: «لقد رحل السكّان/ وتركوا عينيّ مضاءتين». اللحظة التي يعبّر فيها الشعر عن عجزه الكامل.
قصائد ذات سلالة واحدة
فصلت القصائد القصيرة ذات النبرة الساخرة في ملحق، لماذا؟
* وجدت أن هذه القصائد تنتمي إلى سلالة واحدة، وأن نشرها متفرّقة داخل الديوان سيشتتها. لكن هذا الفصل ليس تصنيفياً بالكامل، فالقصائد الأخرى لا تخلو من السخرية أيضاً، لكنها سخرية بنيوية، من كبد النص.
ثمة تخلٍّ ما نلمسه تحت كلماتك. تكتبين كأنك على عجلة للذهاب، إلى أين؟ هل ثمة مكان ما بالمعنى الشعري تطمحين إلى أن تصلي إليه؟
* لنقل ثمة هرب دائم نحو الأمام، أو تجاوز للذات وقفز على حدودها السابقة، لأنه لا يمكن لشاعر أن يحسّ بالراحة ويركن إلى يقين ما، ثم يحتفظ بعد ذلك بصفة «شاعر». هذا الحراك المستمرّ هو السطح الذي يغلي للقلق الوجودي، لزئبقية الشعر الذي يشبه جحيماً بلا قعر أو جنة من دون سلالم. لا أعلم، قد أكون طامحة فعلاً للوصول إلى المكان الذي تحدّثتِ عنه، لكن ما هو هذا المكان وأين يوجد؟ على الأرجح أن هذا المكان هو حالة قصوى لا يمكن للمرء أن يصل إليها من دون أن يُهلك نفسه. وبما أن الوصول متعذّر، فنحن نواصل خداع أنفسنا ونطلي عجزنا بالكلمات، أو نوزّع بيوتنا في زوايا العالم الأربع، كما يقول أونغاريتي.
لا أبحث في الدواوين عن استعراض العضلات الشعرية، بل عن القصيدة التي تدفعني إلى الإيمان ببرّيّتها، إلى التقاط تيّار من العاطفة الصادقة والعنيفة يجري تحت كلماتها، رغم كونها منخفضة اللهجة وبسيطة. غالباً ما أبحث عن بوح لا يبتعد كثيراً عن الشفتين.
بعد تجربة مجلة «نقد» أعلنتم عن تأسيس جريدة أسبوعية للشعر تحمل اسم «الغاوون»... سؤالي هنا: لمَ الجريدة؟
* «نقد» مستمرّة طبعاً، لكن مشروع «نقد» مشروع منهجي يقوم على إعادة قراءة التجربة الشعرية العربية من خلال تخصيص عدد لتجربة كلّ شاعر، إضافة إلى قيام هذا المشروع على مراكمة نقدية ربما تساهم، مستقبلاً، في تشكيل تصوّر عن المكان الذي وصلت إليه التجربة الشعرية العربية، خصوصاً أن «نقد» تولي الشعراء الشباب المساحة الأكبر للاضطلاع بهذه المهمة الوعرة. مشروع الجريدة هو مشروع مكمّل للمجلة، لكن أكثر دينامية. المجلة تحمل مشروعاً كما قلت، أما الجريدة فليس لديها مشروع سوى الشعر بحدّ ذاته. لـ«الغاوون» فكرة بالتأكيد، قوامها المجاورة بين حياة الشاعر ونصّه، في وصف هذه الحياة نص آخر. إنها جريدة للشعراء في وصفهم بشراً لديهم أفراحهم وأحزانهم ومشاكلهم وعالمهم الاستثنائي.
ومتى ستنطلق «الغاوون»؟
* مطلع كانون الأول المقبل كما نتمنى. إنها مسألة غاية في التعقيد، خصوصــاً أنها جريدة للشعر، أي لن يكون من حقها أن تشبه أحداً سواء في الماكيت أو في الإخراج أو في الرؤيـة... لكن الحماسة لا تنقصنا، والجميع يعمل ويضيف أفكاراً، وأرجو أن تسمحي لي هنا بتوجيه التحية إلى فريق الجريدة المكوّن من الشعراء الأصدقاء: غسان جواد، فيديل سبيتي، رامي الأمين، محمد بركات، علي زراقط.
 
عناية جابر / عن السفير

10 - مايو - 2010
عيد الأم
 206  207  208  209  210