البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 191  192  193  194  195 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
أكبرعريس صعيدي ، وأحدث عريس في العالم.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

يمارس واجباته من دون أدوية

أكبر وأحدث عريس في العالم.. صعيدي وعمره 103 أعوام

العريس الحاج أحمد عابدين
العريس الحاج أحمد عابدين
 
القاهرة - عنتر السيد
رجل صعيدي من الزمن الجميل، عاش حياته بالفطرة، له من الأبناء والأحفاد 80 شخصاً، وبعد عام من حياة العزوبية قرر الحاج أحمد عابدين الزواج مرة أخرى وعمره 103 أعوام الآن، وذلك من أجل أن يمارس حياته بشكل طبيعي مع زوجة أحبته ووافقت على الزواج منه دون ضغط عليها من أهلها.
العريس الصعيدي الجديد، والذي يحق له دخول موسوعة "غينس" للأرقام القياسية، أكد في حوار تلفزيوني لبرنامج "90 دقيقة" على قناة المحور الفضائية المصرية، أنه يقوم بواجباته كزوج نحو زوجته من دون منشطات، لافتاً إلى انه يتمتع بصحة جيدة طوال عمره، رغم أنه كان مدخناً للنرجيلة وأقلع عنها فقط منذ عدة أشهر عندما قرر الزواج مجدداً.

وأوضح العريس أنه من قرية "عنيبس" بمركز جهينة محافظة سوهاج جنوب القاهرة بـ466 كيلومتراً، وقال إنه تعوّد على تناول اللبن البقري والسمن البلدي مع السكر وعسل النحل في طعام الإفطار سنوات طويلة.

وشدد على أنه مازال يقوم بعمله في الأرض التي يمتلكها، فيحرص على زراعتها وريّها وحصدها والاهتمام بها إلى الآن، مشيراً إلى أنه مازال يباشر العمل في أرضه وهو بكامل صحته حاملاً فأسه كل صباح.

ونوّه عابدين إلى انه فكّر في الارتباط بزوجته الجديدة "نعمة" التي يراها مناسبة تماماً لسنّه، لأن عمرها الآن 57 عاماً، وأنها لا تفكر في الإنجاب بالطبع ما يجعل هناك تفاهم بين العريسين، حيث أشار إلى انه تزوّج أكثر من مرة من قبل، وأنجب عدداً من الأبناء والبنات الذين بدورهم تزوجوا وأنجبوا عدداً كبيراً من الأحفاد أذكرهم اسماً اسماً، وأعرفهم جيداً كلما زارني أحد من هؤلاء الأحفاد لأنني مازالت أتمتع بذاكرة حديدية وقوية.

وشدّد الحاج أحمد عابدين على أن المأذون في القرية لابد أن يستمع إلى الزوجة بنفسه حول موافقتها على الزوج الذي تقدم لها، وهي بدورها رحبت بذلك عندما تقدمت لخطبتها، لأنني أعي جيداً ما يجب أن أقوم به تجاه زوجتي، ولأن المرأة تريد زوجاً يكافح معها في الحياة.

وقال عابدين: كان من الممكن أن أتزوج فتاة شابة وأصغر منها سناً، ولكن اخترت ما يناسبني في هذه السن، لأن الزواج من وجهة نظري واحد وتكاليفه واحدة سواء كانت الزوجة صغيرة أم كبيرة في السن.

وتابع: فكرت في الزواج لأنني كنت بحاجة إلى إنسانة تقف إلى جانبي أيضاً بعد عام من العزوبية عقب وفاة زوجتي الأخيرة، لأنني كنت أعيش بمفردي بعد أن يذهب أولادي وبناتي إلى منازلهم الخاصة.

وأظهر العريس في حواره التلفزيوني قوة شخصيته إلى الآن، مؤكداً أنه كان من الممكن أن يتزوج شابة اصغر من زوجته، وأنه كان متردداً بعض الشيء في البداية، وأكد انه إذا لم تعجبه كزوجة سيقوم بطردها والزواج من أخرى مجدداً، مشيراً إلى انه "لولا انه أحبها ويعيش معها الآن شهر العسل بروح مرحة وخفة دم كبيرة ما كان تزوجها".

وأكد عابدين انه أدى مناسك الحج في عام 1959 أي قبل أكثر من 50 عاماً وعندما طلبت الزوجة أن تذهب إلى الحج الموسم القادم كطلب شخصي من زوجها أبدى رئيس قناة المحور د. حسن راتب موافقة فورية على ذهاب الحاج أحمد عابدين وزوجته نعمة إلى الحج في الموسم المقبل على حساب القناة، ورحّب راتب بتعيين حفيد وابن من أولاد الحاج أحمد عابدين نظراً لحاجتهما الشديدة للعمل، ووصفه رئيس القناة بأنه رجل من الزمن الجميل، وأنه رجل مُسلٍّ ويتحدث بالفطرة

14 - مارس - 2010
هنا أرض الكنانة
البكاء على الميت ليس فيه شيء.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

 
" وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى"  {53/43}
" قوله تعالى: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } ذهبت الوسائط وبقيت الحقائق لله سبحانه وتعالى فلا فاعل إلا هو؛ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا والله ما قال رسول الله قطٌّ إنّ الميِّت يعذَّب ببكاء أحدٍ، ولكنه قال: " إنّ الكافرَ يزيدهُ الله ببكاء أهله عذاباً وإنّ الله لهو أضحك وأبْكَى وما تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " وعنها قالت: " مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على قوم من أصحابه وهم يضحكون، فقال: « لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» فنزل عليه جبريل فقال: يا محمد! إن الله يقول لك: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ }. فرجع إليهم فقال:
 «ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال ٱيِت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول:
{ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } " أي قضى أسباب الضحك والبكاء. وقال عطاء بن أبي مسلم: يعني أفرح وأحزن؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء. وقيل لعمر: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم! والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي. وقد تقدّم هذا المعنى في «النمل» و «براءة». قال الحسن: أضحك الله أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار. وقيل: أضحك من شاء في الدنيا بأن سَرَّه وأبكى من شاء بأن غَمَّه. الضحاك: أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر. وقيل: أضحك الأشجار بالنَّوَّار، وأبكى السحاب بالأمطار. وقال ذو النون: أضحك قلوب المؤمنين والعارفين بشمس معرفته، وأبكى قلوب الكافرين والعاصين بظلمة نكرته ومعصيته. وقال سهل بن عبد الله: أضحك الله المطيعين بالرحمة وأبكى العاصين بالسخط. وقال محمد بن علي الترمذي: أضحك المؤمن في الآخرة وأبكاه في الدنيا. وقال بسام بن عبد الله: أضحك الله أسنانهم وأبكى قلوبهم. وأنشد:
السِّنُّ تَضحَكُ والأحشاءُ تَحْتَرِقُ
   
وإنما ضِحْكُها زُورٌ ومُخْتَلَقُ
يا رُبَّ باكٍ بِعَيْنٍ لا دموعَ لها
   
ورُبَّ ضاحِكِ سنٍّ ما بِهِ رَمَقُ
وقيل: إن الله تعالى خصّ الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان، وليس في سائر الحيوان من يضحك ويبكي غير الإنسان. وقد قيل: إن القرد وحده يضحك ولا يبكي، وإن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك. وقال يوسف بن الحسين: سئل طاهر المقدسي أتضحك الملائكة؟ فقال: ما ضحكوا ولا كلّ من دون العرش منذ خلقت جهنم." ( القرطبي).

15 - مارس - 2010
تفاسير القرآن وإعراب أشباه الجمل.
لا فض فوك ، ولا عاش حاسدوك ، وترحّم معي مع المتولي الشعراوي.    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

تحياتي لك يا أستاذي زهير
 
" مصدر الشرف للإنسان أن يحس ويشعر بتجلي الله عليه بعبوديته له، وسبحانه عندما أراد أن يتجلى على نبينا الخاتم صلى الله عليه وسلم ويسري به إلى المسجد الأقصى؛ قال:
سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }[الإسراء: 1]
ولم يقل: " سبحان الذي أسرى برسوله " ولكنه قال: { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ }؛ لأن " العبودية " عطاء علوي من الله، فكأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عندما تناهى في العبودية لله نال تناهي الخير، فمن إذن يستنكف أن يكون عبداً لله؟ لا يستنكف المسيح ذلك، وكذلك الملائكة لا تستنكف أن تكون عبيداً لله. { وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } ويسمون ذلك ارتقاء في النفي، مثلما يقول فلاح: لا يستطيع شيخ الخفر أن يقف أمامي ولا العمدة.
إذن فالملائكة في الخلق أحسن من البشر. ولذلك قال الحق: { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } وقال بعض العلماء: إن خواص البشر أفضل من خواص الملائكة، وعوام الملائكة أفضل من عوام البشر والأصل في اللغات أن توضع الألفاظ أولأً لمحسّات، ثم تنتقل من المحسّات إلى المعنويات؛ لأن إلف الإنسان في أول تكوين المدركات له إنما يكون بالحسّ، كما قال الحق:

وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }[النحل: 78]
إذن مادام سبحانه قد قال: { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً } فالذي يأتي من بعدها إنما يأتي كوسيلة للعلم، وهي حواس السمع والإبصار والقدرة على تكوين الخبرة. ومثال ذلك عندما ندرس في الفقه موضوع الغصب. والغصب هو أن يأخذ أحد حق غيره قهراً وعلانية، وهو غير السرقة التي يأخذها السارق خفية. وغير الخطف؛ لأن الخطف هو أن تمتد يد لتشد شيئاً من أمام صاحبه ويجري الخاطف بعيداً، أما الغصب فهو الأخذ عنوة.
وكلها - الغصب، والسرقة، والخطف - هي أخذ لغير الحق، والغصب مأخوذ من امر حسيّ هو سلخ الجلد عن الشاة. وسُمِّيَ أخذ الحق من صاحبه غصباً، كأنه أخذ للجلد. ونُقل المعنى من المُحسّات إلى المعنويات. وفي الآية التي نحن بصددها يقول الحق: { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ }. و " يستنكف " مثلها مثل " يستفهم " ، ومثل " يستخرج ".
إذن فهناك مادة اسمها " نكف " ، و " النَّكْف " عملية حسّية تتمثل في أن يزيل الإنسان دمعة العين بأصبعه. ولنفرض أن إنساناً يعلم أن له كرامة في البيت وجاء له ظرف نفسي جعله يبكي، فدخل عليه ابنه أو زوجته، فهو يحاول إزالة الدمع بأصبعه. " واستنكف " معناها أزال " النَّكْف ".
لنكف معناه أن يزيل الدمع بأصبعه. وإزالة الدمع بالأصبع تعني أن صاحب الدمع يستكبر أن يراه أحد باكياً لأنه مقهور على أمر قد كان، وهذه العملية لا تحدث إلا عندما يريد الإنسان أن يستر بكاءه عن أحد.
وانتقلت هذه الكلمة من المعنى الحسيّ إلى أي مجال فيه استعلاء، مثلما يستنكف إنسان أن يسير في طريق إنسان آخر، أو أن يجلس مع آخر، أو يجلس في مقعد أقل من مقعد آخر.
ويشرح ذلك المعنى الدارج بأن المسيح لا يجد غضاضة أن كان عبداً لله، ولا يستكبر على ذلك بل هو يُشرف به. والملائكة المقربون أيضاً تشرف بهذا الأمر، والملائكة المقربون هم الذين لا يعلمون شيئاً عن هذا العالم وليس لهم عمل إلا التسبيح لله؛ لأنهم عرفوا العبودية لله. وهي عبودية ليست لمن يَسْتَذِل، لكنها لمن يُعزّ، وليست عبودية للذي يأخذ ولكنها للذي يعطي. والذي يستنكف من ذلك لا يعرف قيمة العبودية لله؛ لذلك لا يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله، ولا الملائكة المقربون.
ويضيف الحق: { وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } المستنكفون؛ أو الذين على طريقة الاستنكاف، ومن يشجعهم على ذلك، كل هؤلاء يصيرون إلى جهنم.
ويقول الحق بعد ذلك: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ... }
 

16 - مارس - 2010
يوميات المرحوم خليل السكاكيني
بين الفصحى والعامية    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

http://www.aljazeera.net/Channel/archive/archive?ArchiveId=1094372

16 - مارس - 2010
كتاب "أعداء اللغة العربية"/ سليم إسحق الحشيم
مستقبل اللغة العربية للعالم يوسف القرْضاوي ، حفظه الله تعالى،....    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 

16 - مارس - 2010
كتاب "أعداء اللغة العربية"/ سليم إسحق الحشيم
أستاذي زهير، أستاذتي ضياء ...... لكما مودتي.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أخي زهير: لقد جاءت كلماتك ماء زمزم في عيد ميلادي . أسعدك الله يا أصيل ، وسلامي وتحياتي لأختي الغالية الست ضياء خانم ....

18 - مارس - 2010
يوميات المرحوم خليل السكاكيني
نِعمتْ الحسنة ، وأكثر الله أمثالك.    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

أخي الحبيب الأستاذ هاشم .... حفظك ربي ورعاك، وسدد خطاك ،وبلّغك مقصودك ودعاءك.....
إن هذا لثواب عظيم ، وصدقة جارية لك ولغيرك..... تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

20 - مارس - 2010
تفسير القرآن الكريم لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله وهدية جميلة لكم أحبائي
العربية لغة العلم (2)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

و إن تعجب فعجب أن يزعُم هؤلاء المبهورون أن حضارتنا العلمية إنما قامت على أكتاف غير العرب. وأنّ علماءنا المسلمين كانوا غالباً من الفرس والروم والموالي الذين دخلوا في دين الله أفواجاً وهم ينتمون إلى أصول مختلفة وألسنة شتى ! بل إن سيبويه شيخ النحو والنحاة كان فارسياً ! .
وأقول:  وما يَضيرهم ذلك ؟ بل ما يَضيرنا أو يَضير العربية ؟ ألم يصنف هؤلاء جمعياً كتبهم بالعربية ؟! أولم يفكروا بالعربية ؟‍‍! أولم يشعروا ويتحسسوا بالعربية ؟!أولم يبكوا ويضحكوا بالعربية؟! أولم تظلهم جميعاً راية العربية وهي لغة قرآنهم ومنبع إلهامهم ومصدر قوتهم ؟! أخبرني بربك عن واحد من هؤلاء الأعلام بدءاً من سيبويه والبخاري ومروراً بالبيروني والفارابي وانتهاء بالزمخشري والخفاجي ألّف بغير العربية ! أو أبدع بغير العربية !أو قامت له قائمة بغير العربية !أو دان لغير العربية .
بل استمع معي إلى سيد من سادتهم وعلم من أعلامهم وهو الإمام الزمخشري يقول في مستهل كتابه المفصل : " أحمد الله على أن جعلني من علماء العربيةوجبلني على الغضب للعرب والعصيبة ‘ وأبى لي أن أنفرد عن صميم  أنصارهم وأمتاز، وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وأنحاز ... ولعل الذين يغضّون من العربية ويضعون من مقدارها ويريدون أن يخفضوا ما رفع الله من منارها ،حيث لم يجعل خيرة رسله وخير كتبه في عجم خلقه ،لكن في عربه ،لا يبعدون عن الشعوبية منابذة للحق الأبلج و زيغاً عن سواء المنهج".
  ثم يقول موضحاً أهمية العربية ودورها في كتابة كل العلوم :"والذي يُقضى منه العجب حال هؤلاء في قلة إنصافهم ، وفرط جورهم واعتسافهم ، وذلك أنهم لا يجدون علماً من العلوم الإسلامية فقهها وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها إلا وافتقاره إلى العربية بيّن لا يدفع ، ومكشوف لا يتقنع . ويرون الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنياً على علم الإعراب،والتفاسير مشحونة بالروايات عن سيبويه ، والأخفش ، والكسائي ، والفراء ، وغيرهم من النحْويين ، البصريين  والكوفيين،  والاستظهار في مآخذ النصوص بأقاويلهم ، والتشبث بأهداب تفسيرهم وتأويلهم . وبهذا اللسان منا قلتهم في العلم ومحاورتهم ، وتدريسهم ومناظرتهم . وبه تقطُر في القراطيس أقلامُهم ، وبه تسطُر الصكوكَ والسجلات حكامُهم . ".
ثم يُفحم هؤلاء الكارهين للعربية المدعين أنهم يستطيعون الاستغناء عنها بقوله : " فهم ملتبسون بالعربية أيةً سلكوا ، غير منفكين منها أينما وجهوا ، كَلٌّ عليها حيثما سيَّروا ، ثم إنهم في تضاعيف ذلك يجحدون فضلها ويدفعون خَصْلَها ، ويذهبون عن توقيرها وتعظيمها ، وينهون عن تعلّمها وتعليمها ، و يمزقون أديمها ، ويمضغون لحمها ، فهم في ذلك على المثل السائر :( الشعير يُـؤدَمُ ويـُذمٌّ ).".(2)
والمصيبة الأعظم بل العظمى أن يتعامى هؤلاء، وهم أبناء ديننا وجلدتنا،عن أن الله جلت حكمته شرف العربية بأن جعل كلامه المنزل على نبيه المرسل صلى الله عليه وآله وسلم بها فقال جل شأنه : "بلسان عربي مبين" [الشعراء/195]، وقال عز وجل : "  إنا أنزلناه  قرآناً عربياً لعلكم تعقلون "[يوسف/2 [ .
ثم تحدى الخلائق من إنس ومن جن بأن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال سبحانه : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ".[الإسراء/88[.
فإذا كان الله سبحانه قد اصطفى هذه اللغة من بين سائر اللغات ، وتخير هذا اللسان من بين سائر الألسنة ، فكيف غاب عن هؤلاء أن في هذا اللسان سراً ؟ وأن في هذه اللغة مزيّة. وإن كان فهمهم قاصراً عن إدراك ذلك السر وهذه المزيّة أفلا يكلون ذلك إلى خالقهم الذي جعل اختلاف اللغات آية من آياته : " ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالـِمين "[الروم /22] . و إذا كانوا عاجزين عن استبانة أوجه الجمال في العربية ، وأسرار البلاغة في هذا اللسان ، ودلائل الإعجاز في هذا البيان ! أفلا ردوا ذلك إلى العالمين به ، المدركين لأبعاده ، المبصرين ما يشتمل عليه من خصائص وما ينطوي عليه من مزايا ؟!! " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [ النساء/83].  
وإذا قعد بهم إدراكهم عن كل ذلك ,وارتد إليهم طرفهم مكابرة وعناداً ،  فليس لي إلا أن أقول لهم : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟"[  محمد24
[
والأنكى من ذلك كله أن يجرد هؤلاء المتعالمون العرب من كل مكرمة، و أن ينظروا إلى ما صارت إليه الأمة من هوان وتشتت وتقهقر فيزعموا أن هذا شأنها أبداً ، وأنها لم تعرف العزَّ في يوم من الأيام ، وأنها لولا الإسلام لم تكن شيئاً مذكوراً ، ناسين أو متناسين أن العرب هم ظئر الإسلام ولبّه، وأن الإسلام ما قرن بأمة من الأمم كاقترانه بأمة العرب ، وغافلين أو متغافلين عن أن محبة العرب من محبة هذا الدين ، والعناية بلغتهم من العناية بشعائر هذا الدين ، ولله درُّ الإمام الثعالبي النيسابوري حين قدم لكتابه الرائع فقه اللغة وسر العربية بقوله : " أما بعد حمد الله على آلائه ، والصلاة والسلام على محمد وآله ، فإنّ مَن أحب الله أحب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب النبي العربي أحب العرب ، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ، ومن أحب العربية عُني بها وثابر عليها وصرف هِمته إليها . ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه ، اعتقد أن محمداً خير الرسل ، والإسلام خير الملل ، والعرب خير الأمم ، والعربية خير اللغات والألسنة "(3).
وثمة حقيقة لغوية يؤيدها الواقع ويؤكدها التاريخ ، وهي ارتباط اللغة _ أي لغة _ بحضارة أصحابها . فاللغة والحضارة يتناسبان طرداً وهذا يعني أن اللغة ظاهرة اجتماعية تعيش مع الإنسان جنباً إلى جنب تضعُف بضعفه ، وتنمو وتزدهر بنموه وازدهاره .
وبهذا المعنى جاء قولهم " لسانك أنت " وعبّر عن ذلك شاعرنا العربي القديم بقوله :
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه ** فلم يبق إلا صورةُ اللحمِ والدمِ
والمعنى العميق لهذا الكلام أن لسان الفتى هو كل الفتى لأن اللسان لا ينزع من فراغ ، وإنما يستمد مادته من العقل المعبر عنه في البيت بالفؤاد . فاللغة لا تعيش وحدَها بحال ، بل لا بد لها من مجتمع . ولا حياة لمجتمع بدون لغة بينها وبين أصحابها رباط قوي دائم وتفاعل مستمر .وبقدْر ما يكون هذا التفاعل كيفاً وكماً وقوة وضعفاً يكون حال القبيلين معاً(4).
ومن تأمل في تاريخ العربية وقف على حقيقة ذلك ، إذ لم تكن هذه اللغة في غابر أيامها تصلح إلا للشعر والأدب، وكانت مزويّة في بداوتها وجزيرتها ، فلما جاء الإسلام ، وقامت حضارته ، أصبحت العربية لغة العلم والمعرفة ، وخرجت من حدودها الضيقة لتعمّ الدنيا بأسرها ، وأصبح العلم لا ينال إلا بها ، وغدت المعرفة لا تحصل إلا بإتقانها، بل غدا تعلمها في نظر الشرع واجباً من واجبات المسلم؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وتعلم القرآن وحفظه وفهمه ، وفهم  كثير من أبواب هذا الدين مرهون بإتقان هذه اللغة، فلا مندوحة إذن عن إتقانها . و هذا عمر الفاروق ،رضي الله عنه، يكتب إلى أبي موسى الأشعري :"تعلموا العربية فإنها من دينكم، وأعربوا القرآن فإنه عربي"(5)

21 - مارس - 2010
كتاب "أعداء اللغة العربية"/ سليم إسحق الحشيم
العربية لغة العلم(3)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

وقد يقول قائل ما لنا وللتاريخ دعونا من التغني بالماضي الغابر وتعالوا معنا إلى الواقع الحاضر ، نحن في عصر التطور فأين العربية من التطور؟ ونحن في عصر الحاسوب فأين العربية من الحاسوب ؟
و الجواب عن هذا ذو شعبتين :
الأولى تلك التجربة الناجحة التي خاضتها و ما تزال  الجامعات السورية تخوضها بتعريب التعليم فيها على اختلاف الاختصاصات؛ إذ يعلم الطب و الهندسة و الفيزياء و الكيمياء.. و غيرها من العلوم والفنون بالعربية، و يتـلقى الطلبة علومـهم بلغـتهم الأم فلا ينشغلون عن تحصيل العـلم بـفك رموز اللغة ، و يوفرون مشقة فهم اللغة ليبذلوها في فهم المادة العلمية و إدراكها إدراكاً حقيقياً يؤهلهم للإبداع فـيها، والتـجديد والابـتكار في حقـولها المختلفة .
و قد كـتب الكثير عن هذه الـتـجربة العـظـيمة و حفلت مجلة المجمع ببحوث قيّمة تناولت بعضاً من جوانبها، أذكر منها مقالات الأستاذ الدكتور عبد الله واثق شهيد أمين المجمع  في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، و مقالات الأستاذ الدكتور محمد هيثم الخياط عضو المجمع الذي جمعها في كتابه الماتع : ( في سبيل العربية) ، وختمها بمقولة رائعة لأديب العربية الكبير الأستاذ أحمد حسن الزيات يقول فيها :
"
هذا العلم الذي يسخّر السموات والأرض لهذا الإنسان الضعيف ، ويذلّل القطعان الملايين للراعي الفرد ، سيبقى غريباً عنا ما لم ننقله إلى مِلْكنا بالتعريب ، ونعمّمه في شعبنا بالنشر، و لا يمكن أن يصلنا به أو يدنينا منه كثرة المدارس ولاوفرة الطلاب، فإن من المُحال أن ننقل الأمة كلها إلى العلم عن طريق المدرسة، ولكن من الممكن أن ننقل العلم كله إلى الأمة عن طريق الترجمة "(6(
والثانية تجربة متواضعة و لكنها غنية ثرية خضتها بنفسي على امتداد عشرين عاماً في مركز الدراسات والبحوث العلمية بدمشق حيث سنى الله لي أن أنخرط في فريق عمل متكامل ضم أناسأً من اختصاصاتٍ شتى في العربية والرياضيات و الحاسوب و الإلكترونيات . كان من أولى مهامه  معالجة اللغة العربية بالحاسوب، وقد آتى العمل أكله على خير وجه بحمد الله إذ أنجزنا  عدة مشاريع علمية في هذا المجال، أهمها: النظام الصرفي العربي بالحاسوب، و نظام تحويل الكلام  المكتوب إلى مقروء، و قواعد تعليم العربية بالحاسوب ، وهي ترمي إلى أهداف عظيمة وغايات بعيدة، على رأسها الترجمة الآلية من العربية وإليها، واكتشاف الأخطاء اللغوية في النصوص وتصحيحها، وتعرف الكلام وتركيبه، والقراءة الآلية للنصوص المكتوبة، والكتابة الآلية للنصوص المنطوقة، والتحاور مع الآلة باللغة الطبيعية، والفهرسة الآلية للنصوص، وضغط النصوص واسترجاعها، وشكل النصوص غير المشكولة أو المشكولة جزئيا ...وغير ذلك(7).
ولابد لي هنا أن أشير إلى ظاهرتين في العربية تبدّتا لي واضحتين جليّتين من خلال عملي هذا ، وأنا أزعُم أنهما مِيزتان للعربية لا تكادان توجدان في لغة من لغات العالم.
أما المِيزة الأولى فهي الاشتقاق القياسي في العربية ، وأعني بالاشتقاق القياسي قابلية العربية لتوليد عشرات الآلاف من المشتقات القياسية اعتماداً على عدد محدود من الجذور، وقد بلوت ذلك بنفسي إذ اعتمد النظام الصرفي الحاسوبي الذي شاركت فيه على نحو سبعة آلاف جذر عربي أدخِلت إلى الحاسوب، ووَضع المبرمجون القواعد الثابتة التي تشتق بها المشتقات وتتصرف بها الأفعال وتتولد بها الكلمات، فإذا بالحاسوب يولد آلاف الكلمات بل مئات الآلاف اعتماداً على هذا العدد المحدود من الجذور، ويتم التوليد آلياً فما هو إلاّ أن يدخل المستثمر الجذر الذي يريد توليده حتى يتولى الحاسوب أمر التوليد والاشتقاق والتصريف ويحصل المرء على مبتغاه، فأيّ قياسية هذه وأي مزيّة ؟!‍‍‍‍‍‍‍.
ولكي أوضح ذلك سأكتفي بعرض جدولين مقبوسين من بحثنا "أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية(الكلمة- الجملة) " يمثل الأول جذور المعجم الحاسوبي المعتمد في نظامنا الصرفي الاشتقاقي وما يتفرع عنها من مواد ثلاثية ورباعية وما يتولد عن كل منهما من أفعال مجردة ومزيدة. ويمثل الثاني مراحل اشتقاق الكلمة العربية انطلاقاً من مادتها المعجية أو جذرها.
وأما الميزة الأخرى فهي موافقة المنطوق للمكتوب في العربية ، وبعبارة أخرى فالعربية تكتب كما تلفظ وتلفظ كما تكتب وَفق قواعدَ صوتيةٍ معروفةٍ لا يستثنى من ذلك سوى ألفاظٍ محدودة يخالف فيها اللفظ الكتابة؛ من مثل:
( لكن، وأولئك، وعمرو، وهذا.... ) ولذلك لم نَحتج في نظام تحويل الكلام المكتوب إلى منطوق إلّا إلى قائمة واحدة شذت فيها الألفاظ من قواعدِ النطق العربية , وأما قوام النظام فكان تلك القواعد الصوتية لنطق ألفاظ العربية ؛من مثل ( اللام القمرية ، واللام الشمسية، والتفخيم، والألف الفارقة ..... إلخ ) على حين احتاج الأمر في نظام مماثل للغة الإنجليزية إلى مئات القوائم التي تخالف  فيها الكتابة عن النطق ، ويخالف فيها النطق عن الكتابة، وكأن الأصل في النطق الشذوذ‍‍‍. آية ذلك أنك تحتاج إلى معرفة تهجئة الكلمة في كثير من كلمات الإنجليزية، فإما أن تتلقاها من أستاذ خبير، وإما أن تعود إلى المعجم الذي يرسم لك رموز التهجئة قبل أن يشرع ببيان معنى الكلمة،على حين لا يحتاج الأمر في العربية إلا إلى كتابة الكلمة مضبوطة بالشكل.
ليست اللغة إذن قاصرة ،ولكننا نحن المقصرون، وليست اللغة ضعيفة ، ولكننا نحن الضعاف، وليست اللغة إذن ميتة، ولكننا نحن النيام ، فمتى متى نستفيق ؟!.
رموني بعُقم في الشباب وليتني ** عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وسِعت كتاب الله لفظاً وغاية ** وما ضقت عن آي به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة ** وتــنــسيق أســــماء لمــخترعـــاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن ** فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني ** ومنكم وإن عز الدواء أساتي
فــلا تــكلـــوني للـزمان فإنـني ** أخاف عليكم أن تحين وفاتي
****************
 (1)من كلمة الدكتور محمد حسان الطيان التي ألقاها بمناسبة حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية. مجلة تراثيات،العدد الخامس، ذو الحجة= 1425 يناير2005.
 (2)المفصّل في صنعة الإعراب للزمخشري ص 30
 (3) فقه اللغة وسِر العربية للثعالبي ص5 .
(4) القول القوام في ما يثار حول اللغة العربية من كلام للدكتور كمال بشر.الأهرام 6 /12 /2005
(5) إعراب القراءات لابن خالويه 1 /27
(6) في سبيل العربية ، د/ محمد هيثم الخياط  ص 184
(7)بسطت الكلام على هذا في فصل كامل كتبته بمشاركة الأستاذ مروان البواب بعنوان "أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية ( الكلمة- الجملة) " نشر في كتاب : "استخدام اللغة العربية في المعلوماتية" من منشورات المنظمة

21 - مارس - 2010
كتاب "أعداء اللغة العربية"/ سليم إسحق الحشيم
عُصارة الوصايا (1)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

الوصايا العشر:
" قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" {6/151}
" وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" {6/152}
" وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" {6/153}
" فيه أربع عشرة مسألة:
الأُولى ـ قوله تعالى: { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ } أي تقدّموا وٱقرؤوا حَقّاً يقيناً كما أوحى إليّ ربِّي، لا ظنّاً ولا كذباً كما زعمتم. ثم بيّن ذلك فقال: «أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً» يقال للرجل: تعالَ، أي تقدّم، وللمرأة تعالَيْ، وللإثنين والاثنتين تعاليا، ولجماعة الرجال تعالَوْا، ولجماعة النساء تعالَيْن؛ قال الله تعالى:
فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ }[الأحزاب: 28]. وجعلوا التقدّم ضرباً من التعالي والارتفاع؛ لأن المأمور بالتقدّم في أصل وضع هذا الفعل كأنه كان قاعداً فقيل له تعال، أي ٱرفع شخصك بالقيام وتقدّم؛ وٱتسعوا فيه حتى جعلوه للواقف والماشي؛ قاله ابن الشَّجَرِيّ.
الثانية ـ قوله تعالى: { مَا حَرَّمَ } الوجه في «ما» أن تكون خبرية في موضع نصب بـ «أَتْلُ» والمعنى: تعالوا أتل الذي حرّم ربكم عليكم؛ فإن علّقت «عليكم» بـ «حرّم» فهو الوجه؛ لأنه الأقرب وهو اختيار البصريين. وإن علقته بـ «أتل» فجيّد لأنه الأسبق؛ وهو اختيار الكوفيين؛ فالتقدير في هذا القول أتل عليكم الذي حرم ربكم. { أَلاَّ تُشْرِكُواْ } في موضع نصب بتقدير فعل من لفظ الأوّل، أي أتل عليكم ألا تشركوا؛ أي أتل عليكم تحريم الإشراك، ويحتمل أن يكون منصوباً بما في «عليكم» من الإغراء، وتكون «عليكم» منقطعة مما قبلها؛ أي عليكم ترك الإشراك، وعليكم إحساناً بالوالدين، وألاّ تقتلوا أولادكم وألا تَقْرَبوا الفواحش. كما تقول: عليك شأنكَ؛ أي ٱلزم شأنك. وكما قال:
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ }
[المائدة: 105] قال جميعَه ابن الشَّجَرِيّ. وقال النحاس: يجوز أن تكون «أن» في موضع نصب بدلاً من «ما»؛ أي أتل عليكم تحريم الإشراك. واختار الفرّاء أن تكون «لا» للنهي؛ لأن بعده «ولا».
الثالثة ـ هذه الآية أمر من الله تعالى لنبيّه عليه السلام بأن يَدْعُوَ جميع الخلق إلى سماع تلاوة ما حرّم الله. وهكذا يجب على مَن بعده من العلماء أن يبلّغوا الناس ويبيّنوا لهم ما حرّم الله عليهم مما حلّ. قال الله تعالى:
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ }
[آل عمران: 187]. وذكر ابن المبارك: أخبرنا عيسى بن عمر عن عمرو بن مُرة أنه حدّثهم قال: قال ربيع بن خَيْثم لجليس له: أيسرّك أن تؤتى بصحيفة من النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يُفَكَّ خاتمها؟ قال نعم. قال فٱقرأ { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } فقرأ إلى آخر الثلاث الآيات. وقال كعب الأحبار: هذه الآية مفتتح التوراة: { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } الآية. وقال ابن عباس: هذه الآيات المحكمات التي ذكرها الله في سورة «آل عمران» أجمعت عليها شرائع الخلق، ولم تنسخ قط في مِلّة. وقد قيل: إنها العشر كلمات المنزّلة على موسى.
الرابعة ـ قوله تعالى: { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } الإحسان إلى الوالدين بِرُّهما وحِفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما وإزالة الرِّق عنهما وترك السّلطنة عليهما. و «إحساناً» نصب على المصدر، وناصبه فعل مضمر من لفظه؛ تقديره وأحسنوا بالوالدين إحساناً.
الخامسة ـ قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ } الإملاق الفقر: أي لا تَئِدوا ـ من الموءودة ـ بناتِكم خشية العَيْلة، فإني رازقكم وإيّاهم. وقد كان منهم من يفعل ذلك بالإناث والذكور خشية الفقر، كما هو ظاهر الآية. أملق أي افتقر. وأملقه أي أفقره؛ فهو لازم ومتعد. وحكى النقاش عن مُؤَرِّج أنه قال: الإملاق الجوع بلغة لَخْم. وذكر منذر بن سعيد أن الإملاق الإنفاق؛ يقال: أملق ماله بمعنى أنفقه. وذُكر أن عليّاً رضي الله عنه قال لامرأته: أمْلقي من مالك ما شئت. ورجل مَلِق يُعطِي بلسانه ما ليس في قلبه. فالمَلَق لفظ مشترك يأتي بيانه في موضعه.
السادسة ـ وقد يستدلّ بهذا من يمنع العَزْل؛ لأن الوَأْد يرفع الموجود والنَّسْل؛ والعزل منع أصل النسل فتشابها؛ إلا أن قتل النفس أعظم وِزراً وأقبح فعلاً؛ ولذلك قال بعض علمائنا؛ إنه يفهم من
" قوله عليه السلام في العزل: «ذلك الوأد الخفي» " الكراهة لا التحريم. وقال به جماعة من الصحابة وغيرهم. وقال بإباحته أيضاً جماعةٌ من الصحابة والتابعين والفقهاء؛ لقوله عليه السلام: " لا عليكم ألاّ تفعلوا فإنما هو القَدَر " أي ليس عليكم جناح في ألاّ تفعلوا. وقد فَهِم منه الحسن ومحمد بن المُثنَّى النَّهْيَ والزّجْرَ عن العزل. والتأويل الأوّل أوْلى؛ لقوله عليه السلام: " وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء "
قال مالك والشافعي: لا يجوز العزل عن الحرّة إلا بإذنها. وكأنهم رأُوا الإنزال من تمام لذتها، ومن حقها في الولد، ولم يروا ذلك في الموطوءة بملك اليمين، إذ له أن يعزل عنها بغير إذنها، إذ لا حق لها في شيء مما ذُكر.
السابعة ـ قوله تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } نظيره
وَذَرُواْ ظَاهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ }
[الأنعام: 120]. فقوله: «مَا ظَهَرَ» نهي عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي. «وَمَا بَطَنَ» ما عقد عليه القلب من المخالفة. وظَهر وبطَن حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء. و «ما ظهر» نصب على البدل من «الفواحش». «وما بطن» عطف عليه.
الثامنة ـ قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } الألف واللام في «النفس» لتعريف الجنس؛ كقولهم: أهلك الناسَ حُبُّ الدرهم والدينار. ومثله
إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً }
[المعارج: 19] ألا ترى قوله سبحانه: { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ }؟ وكذلك قوله:وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ }[العصر: 1 ـ 2] لأنه قال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }. وهذه الآية نهيٌ عن قتل النفس المحرّمةِ، مؤمنةً كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُمِرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عَصَمَ مالَه ونفْسَه إلا بحقّه وحسابُهم على الله " وهذا الحق أُمور: منها منع الزكاة وترك الصلاة؛ وقد قاتل الصدّيق مانِعي الزكاة. وفي التنزيل
فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ }[التوبة: 5] وهذا بيّن. وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يَحلّ دَمُ ٱمرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة " وقال عليه السلام: " إذا بُويع لخليفتين فٱقتلوا الآخِرَ منهما " أخرجه مسلم. وروى أبو داود عن ٱبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " وسيأتي بيان هذا في «الأعراف». وفي التنزيل:إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ }[المائدة: 33] الآية. وقال:وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ }
[الحجرات: 9] الآية. وكذلك من شقَّ عصا المسلمين وخالف إمامَ جماعتهم وفَرّق كلمتهم وسعى في الأرض فساداً بانتهاب الأهل والمال والبَغي على السلطان والامتناع من حكمه يُقْتَلُ. فهذا معنى قوله: «إلاَّ بِالْحَقِّ».
وقال عليه السلام:
" المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعىٰ بذمتهم أدناهم لا يُقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملّتين " وروىٰ أبو داود والنَّسائي عن أبي بَكْرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قتل مُعاهداً في غير كُنِههِ حَرّم الله عليه الجنة " وفي رواية أُخرىٰ لأبي داود قال: " من قتل رجلاً من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً " في البخاري في هذا الحديث: " وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً "
خرّجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
التاسعة ـ قوله تعالىٰ: { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى هذه المحرّمات. والكاف والميم للخطاب، ولاحظّ لهما من الإعراب. { وَصَّاكُمْ بِهِ } الوصيّة الأمر المؤكَّد المقدور. والكاف والميم محله النصب؛ لأنه ضمير موضوع للمخاطبة. وفي وَصّى ضمير فاعل يعود على الله. وروىٰ مطر الوَرّاق عن نافع عن ٱبن عمر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أشرف على أصحابه فقال: عَلاَم تقتلوني! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يحل دَمُ ٱمرىء مسلم إلا بإحدىٰ ثلاث رجل زنىٰ بعد حصانة فعليه الرجم أو قتل عمداً فعليه القود أو ٱرتدّ بعد إسلامه فعليه القتل "
فوالله ما زنيتُ في جاهلية ولا إسلام، ولا قتلتُ أحداً فأقيد نفسي به، ولا ٱرتددت منذ أسلمت، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ذلكم الذي ذكرت لكم وصّاكم به لعلكم تعقلون!
العاشرة ـ قوله تعالىٰ: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه.
وهذا أحسن الأقوال في هذا؛ فإنه جامع. قال مجاهد: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } بالتجارة فيه، ولا تشتري منه ولا تستقرض.
الحادية عشرة ـ قوله تعالىٰ: { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } يعني قوته، وقد تكون في البدن وقد تكون في المعرفة بالتجربة، ولا بُدّ من حصول الوجهين، فإن الأشُدّ وقعت هنا مطلقة. وقد جاء بيان حال اليتيم في سورة «النساء» مقيدة، فقال:وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً }[النساء: 6] فجمع بين قوة البدن وهو بلوغ النكاح، وبين قوة المعرفة وهو إيناس الرشد؛ فلو مُكِّن اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة وبعد حصول القوة لأذهبه في شهواته وبَقَى صُعْلوكاً لا مال له. وخصّ اليتيم بهذا الشرط لغفلة الناس عنه وٱفتقاد الآباء لأبنائهم فكان الاهتبال بفقيد الأب أوْلى. وليس بلوغ الأشُد يبيح قُرْب ماله بغير الأحسن؛ لأن الحرمة في حق البالغ ثابتة. وخصّ اليتيم بالذكر لأن خصمه الله. والمعنى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد حتى يبلغ أشده. وفي الكلام حذف؛ فإذا بلغ أشدّه وأُونس منه الرشد فادفعوا إليه ماله. وٱختلف العلماء في أشُدّ اليتيم؛ فقال ابن زيد: بلوغه وقال أهل المدينة. بلوغه وإيناس رشده. وعند أبي حنيفة: خمس وعشرون سنة. قال ابن العربيّ: وعجباً من أبي حنيفة، فإنه يرى أن المقدرات لا تثبت قياساً ولا نظراً وإنما تثبت نقلاً، وهو يثبتها بالأحاديث الضعيفة، ولكنه سكن دار الضَّرْب فكثر عنده المُدَلَّسْ، ولو سكن المعدن كما قيض الله لمالك لما صدر عنه إلا إبريز الدِّين. وقد قيل: إن انتهاء الكهولة فيها مُجْتَمع الأشُدّ؛ كما قال سُحيم بن وَثيل:
أخُو خمسين مُجْتَمِعٌ أشُدِّي
   
ونَجَّذَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤونِ
يروي «نجدني» بالدال والذال. والأشُدّ واحد لا جمع له؛ بمنزلة الآنُك وهو الرَّصاص. وقد قيل: واحده شدّ؛ كفَلْس وأفْلُس. وأصله من شدّ النهار أي ٱرتفع؛ يقال: أتيته شدّ النهار ومدَّ النهار. وكان محمد بن محمد الضَّبيّ ينشدُ بيت عنترة:
عَهْدِي به شدّ النهار كأنما
   
خُضِبَ اللبَّانُ ورأسُه بالعَظْلِمِ
وقـال آخـر:
تُطيف به شَدّ النهار ظَعينةٌ
   
طويلةُ أنقاء اليدَيْن سَحُوق
 

21 - مارس - 2010
تفاسير القرآن وإعراب أشباه الجمل.
 191  192  193  194  195