البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 183  184  185  186  187 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
زوال إسرائيل (21).    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

السّبوت في التاريخ:
  في كل سُبوت تكون قد مضت 7 سنوات. فكم تزيد الشمسيّة فيها عن القمريّة ؟ اللافت للانتباه أنها تزيد 76 يوماً. وهذا يُذكّرنا بالرقم 76 في سورة الإسراء، وعلى وجه الخصوص الآية 76 التي تتحدث عن الإخراج. أما الآية 77 فهي تنص على أنّ ما ذكر في الآية 76 هو سُنَّة في الماضي والمستقبل. واللافت أنّ عدد كلماتها هو 11 كلمة. وعليه: (77÷11) = 7. ويلحظ أنّ عدد الكلمات من الآية (124) من سورة النحل، والتي هي آخر آية في ترتيب المصحف يذكر فيها السبت، وحتى قوله تعالى من سورة الإسراء: " وآتينا موسى الكتاب..." هوأيضاً (77) كلمة.
         لقد رأينا أن نتخذ من الرقم 7 وحدة رياضيّة، فوجدنا أنّ لهذا العدد علاقة بتاريخ الأرض المقدّسة. والمدهش أن نجد لهذا كله علاقة بجُمَّل الكلمات والعبارات الآتية: (المسجد الحرام، المسجد الأقصى، بنوا إسرءيل، بني إسرءيل، بني إسراءيل، إسرءيل، السّبت، الإسراء). وبعض هذه الكلمات يختلف لفظها عن كتابتها، وفق رسم المصحف العثماني. فكلمة (إسرائيل) تكتب في المصحف (إسرءيل) والاختلاف هذا يؤدّي إلى الاختلاف في القيمة العدديّة للكلمة. ويجدر أخيراً ملاحظة أنّ عدد السّبوت في 13 سنة مثلاً، هو سبوت واحد، كما هو في الـ 7 سنوات، حتى تكتمل 14 سنة وهكذا...
         القيمة العدديّة لعبارة: (بني إسراءيل) وفق حساب الجُمّل هي 365، وهذا هو عدد أيام السّنة الشمسيّة. ولكن وفق الرّسم العثماني للمصحف تنقص (ألفاً)، هكذا: (بني إسرءيل) فتصبح القيمة العدديّة (364). أمّا عبارة (بنو إسراءيل) فقيمتها العدديّة (361). ولا تختلف هذه القيمة في الرّسم القرآني، لأنّ الألف التي حُذفت من كلمة (إسرءيل) أًضيفت إلى كلمة (بنوا)، فتكتب هكذا: (بنوا إسرءيل)، وعليه يكون المجموع أيضاً (361) وهذا هو (19×19). واللافت هنا أنّ القيمة العدديّة لعبارة: (المسجد الاقصا) وفق الرسم العثماني، هي أيضاً (361) مع ملاحظة أنّ المسجد الأقصىلم يذكر في القرآن الكريم إلا في سورة الإسراء، والتي تسمى أيضاً سورة (بني إسرائيل)، ومن غير إضافة (بنوا إسراءيل)!! والقيمة العدديّة لكلمة (إسرءيل) وفق الرسم العثماني هي (302). في حين أنّ القيمة العدديّة لكلمة (السبت) هي (493)، أمّا القيمة العددية لعبارة (المسجد الحرام) فهي (418) وهذا هو (19×22). وعليه يكون مجموع جُمُّل: (المسجد الأقصا + المسجد الحرام) هو (779) أي (19×41).
         كان فناء المرّة الأولى بالكامل سنة 586 ق.م[1][5] ،إذ تمّ دخول القدس وتدمير الهيكل، كما سبق وأسلفنا. أمّا حصول المرة الثانية فكان، كما تقدّم، على مرحلتين؛ المرحلة الأولى سنة 1948م، والمرحلة الثانية بدخول القدس سنة 1967م. وسبق أن أشرنا إلى أنّ قيام إسرائيل الجُزئي كان في 10/6/1948م وهو تاريخ الهدنة الأولى. وكانت هدنة 1967م بتاريخ 10/6 أيضاً[1][6] . فإذا عرفنا أنّ تدمير الهيكل الأول والهيكل والثاني كان في 8 آب عام 586 ق.م أدركنا أنّ تاريخ (10/6) في العامين (1948م ، 1967م) يجعل أي جمع للسنين من (586 ق. م - 1948م) ومن (586 ق.م - 1967م) ينقص عن الاكتمال شهرين. وعليه نجد أنّ عدد السّبوت بين (586 ق. - 1948م) هو 361 سبوتاً، وهذا هو جُمَّل (بنوا إسرءيل) وجُمَّل (المسجد الأقصا) وفق رسم المصحف. وأنّ عدد السّبوت بين (586 ق.م - 1967 م) هو (364) وهذا هو جُمَّل (بني إسرءيل) وفق رسم المصحف. وبعد دخول اليهود القدس كان السّبوت رقم (365) وهذا هو جُمَّل (بني إسراءيل) وفق اللفظ، وبذلك اكتملت دورة فلكية[1][7] .
         دمّر الأشوريون مملكة إسرائيل سنة (722 ق.م)، ودمّر الكلدانيون مملكة يهوذا سنة (586 ق.م)، أي أنّ عُمر مملكة (يهوذا) امتدّ أكثر بما يقارب الـ (136) سنة، وفي هذه المدّة هناك (19) سبوتاً.
         اللغة اصطلاح بشري،[1][8] وقد نزلت الرّسالات بلغات الأقوام المختلفة. ونرى أنّ التأريخ بالهجري، أو بالميلادي، هو أيضاً من قبيل الاصطلاح؛ فإذا قيل مثلاّ إنّ هذا العام هو 1993 بعد ميلاد المسيح، فإنّ ذلك لا يعني أننا نجزم بأن المسيح عليه السلام قد ولد قبل 1993سنة، ولكننا تواطأنا على هذا الاصطلاح، الذي قد يكون واقعياً، وقد لا يكون. وعلى الرُّغم من ذلك فإنّ اجتماعنا على هذا التأريخ يجعله معتمداً وصحيحاً،كما هي اللغة.
        جاء في كتاب (الله والإنبياء في التّوراة والعهد القديم): "... وينتهي الدكتور (موريس بوكاي) إلى تأييد فرضه بأنّ فرعون الخروج هو (منبتاح) ابن رمسيس الثاني. وبما أنّ منبتاح تسنّم عرش مصر سنة 1224 ق. م، وحكم مصر لمدة عشر سنوات في أحد الأقوال، وعشرين عاماً في قولٍ ثانٍ، فإن سنة الخروج إمّا أن تكون سنة (1214 ق.م) أو (1204 ق. م) "[1][9] وعلى ضوء ما سلف إليك هذه الملاحظات:


[1][5]راجع الفصل الأول وكذلك الفصل الثاني.
[2][6] (1967- 1948) = 19
[3][7]لأن (365) هو عدد المرات التي تدورها الأرض حول نفسها في الوقت الذي تكون فيه قد دارت حول الشمس مرةً واحدة.
[4][8]هناك من العلماء من يرى أنّ اللغة العربيّة توقيفيّة، ونحن هنا لا نقصد أن نرجّح قولا على آخر.
[5][9]الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم - د. محمد علي البار - ط1 - 1990م - الدار الشامية – بيروت، ودار القلم - دمشق  ص229.

24 - يناير - 2010
سلام الله عليكم احبتي
زوال إسرائيل (22).    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

1204 ق.م كان الخروج من مصر[1][10] .
953 ق.م كانت وفاة سليمان عليه السلام.
722 ق.م كان تدمير دولة إسرائيل الشّمالية.
586 ق.م كان تدمير دولة يهوذا الجنوبية.
1948م و 1967م و 2022م هي سنوات: قيام إسرائيل، ثمّ دخول القدس، ثمّ الزوال المتوقّع توقّعاً راجحاً. واللافت للانتباه فيما سلف أنّ:
أ) عدد السّنين العبريّة قبل عام 1204ق.م يساوي365 سبوتاً، وهذا يساوي دورة فلكيّة واحدة للأرض حول الشمس.
ب) من العام 1204 ق.م إلى العام 935 ق.م هناك 38 سبوتاً، أي (19×2).
ج) من زوال الدّولة الأولى عام 722 ق.م إلى زوال الدولة الثانية عام  586 ق.م هناك (19) سبوتا.
د) من زوال المرّة الأولى 586 ق.م إلى قيام المرة الثانية 1948م هناك 361 سبوتاً. أي (19×19)[1][11] .
 هـ) من الخروج عام 586 ق.م إلى العودة عام 1967م هناك 364 سبوتاً. وهذا كما أسلفنا جُمَّل (بني إسرءيل)، وفق رسم المصحف.
و) السّبوت رقم (365) يكون بعد دخول القدس، وبذلك تكتمل دورة فلكيّة واحدة من السّبوت. وهو العدد نفسه للسّبوت قبل تاريخ الخروج من مصر، كما ورد في البند أ. وهو جُمَّل (بني إسراءيل)، وفق اللفظ.
ز) عدد السّبوت من وفاة سليمان عليه السلام 935ق.م إلى الزوال المتوقع عام 2022م هو (422). وعدد السّبوت من بداية التأريخ (العبري) حتى تاريخ وفاة سليمان عليه السلام هو (403) سبوتاً، وعليه يكون الفرق 19سبوتاً.                                                                          
ح) عدد السّبوت من وفاة سليمان عليه السّلام 935 ق.م إلى 2022م هو 422، فما هو هذا العدد ؟!
إذا جمعنا ترتيب سورة الإسراء، إلى عدد آياتها، إلى جُمّل اسمها، يكون الناتج: ( 17 + الإسراء 294 + 111) = 422 . 
 ط) العام 2022م يوافق العام العبري 5782. وقد وجدنا أنّ عدد السّبوت حتى هذا العام هو: (5782 ÷ 7) = 826 ومعلوم أنّ السبوت فيه معنى الانقطاع. والمفاجئ هنا أنّ جُمّل (سبت بني إسرءيل) هو أيضاً 826.
ي) في العام 1969م اكتملت دورة فلكية من السبوت، أي (365) سبوتاً، ابتداءً من زوال الدّولة الأولى والخروج من القدس. وفي هذا العام يصادف العام العبري (5730) واللافت هنا أنّ هذا العدد من السّنين يمثل فترة نصف العمر للكربون 14[1][12] ،والذي يُستخدم من قِبل علماء الآثار لتحديد عمر الإنسانيّة، والحضارات البشريّة. ويقع هذا العام في الدّورة 302 للعدد 19.[1][13]  والعدد (302) هو جُمَّل كلمة (إسرءيل) وفق الرسم العثماني. أي أنّ دولة إسرائيل احتلت القدس في الدّورة إسرءيل للعدد 19
ك) قيمة كلمة (ميلادي) في الجُمَّل هي (95)، وعليه:
(2022 + ميلادي 95 ) = 2117 وفي هذا العدد (302) سبوت. فهل يدل ذلك على سبوت إسرائيل، أي انقطاعها ؟! ولا ننسى أنّ آخر ورود لكلمة (السبت) جاءت في خواتيم سورة النحل، والتي يأتي بعدها في ترتيب المصحف سورة الإسراء.
ل) سبق أن قلنا إنّ هناك سبوتاً واحدا ًفي كل سبع سنين، وقد لفت انتباهنا أنّ جُمَّل عبارة (سبع سنين) هو 302، أي جُمَّل إسرءيل.  فتأمَّل!!


[1][10]مع ملاحظة أنه أحد احتمالين.
[2][11]راجع الصفحات القليلة السابقة.
[3][12]ص 497 Physics - Principles and Problems - James T. Murphy Charles E. Merril Publishing Co.
[4][13]كل 19 سنة هناك دورة فلكيّة تسمّى الدّورة الخسوفيّة، والدورة رقم 302 تبدأ 5719 وتنتهي 5738 وبؤرة الدورة هي العام 5729. وهذا يوافق عام 1969م، الذي يوافق أيضاً 5730

24 - يناير - 2010
سلام الله عليكم احبتي
زوال إسرائيل (23).    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

عدد السّنين من 935ق.م إلى 621م هو 1556 سنة شمسيّة. وعدد السنين الشمسيّة من 621م إلى 2022م، كما سبق وأن بيّننا، هو: 1400.4 سنة شمسيّة. وعليه يكون الفرق: 155.6 سنة شمسيّة. وسبق أن بيّننا أنّ هذا هو 1على 19 من مجموع الفترتين. فإذا قمنا بطرح 155.6 سنة من العام 935ق.م فسنكون عندها في العام 779ق.م. ويتميّز هذا العام بالأمور الآتية:
  أ) 779 هو (19×41). 
ب) بعد 57 سنة من العام 779ق.م زالت دولة إسرائيل الأولى، أي في عام 722ق.م. وبعد 57 سنة من العام 1967م[1][14] يتوقّع أن تزول إسرائيل الثانية [1][15] وإذا ضربنا العدد 722 في 2 يكون الناتج: (722×2) = 1444 واللافت هنا أنّ هذا العدد هو المضاعف 19 لعمر إسرائيل المتوقّع، أي 76 وهو أيضاً عدد السنين القمريّة من 621م إلى 2022م.           
ج) جُمَّل (المسجد الأقصا) هو 361. وجُمَّل (المسجد الحرام) هو 418. والفرق بين الجُمَّلين هو (57). والمجموع هو: (361+418) = 779. وهذا (19×41). واللافت هنا أنّ (41) هو جُمَّل (إلى). وانظر معي إلى موقع كلمة (إلى) من قوله تعالى في فاتحة سورة الإسراء: (سُبْحانَ الذي أَسْرى بِعَبْدهِ ليْلاً منَ المسْجِدِ الحَرامِ إلى المسْجِدِ الأَقْصَا...). 
 
ماذا عن مجموع السّبوت:
         وفق حساب الجُمّل فان القيمة العدديّة لكلمة (السبت) هي (493). وكما رأينا فإن السّبوت هو السنة السابعة التي يسبقها (6) سنوات من العمل، ثمّ يكون الانقطاع في السّابعة. فما هي السّنوات السّت التي تسبق الانقطاع؟! إذا قمنا بضرب جُمَّل كلمة (السبت) في العدد (6) يكون الناتج: (493×6 ) = 2958 وهذا هو عدد السّنين من بداية العام الذي بدأ فيه الإفساد الأوّل، أي 935 ق.م، إلى نهاية العام الذي يزول فيه الإفساد الثاني، 2022م.
         الأمر المدهش أنّ العدد 2958 هو مجموع جُمَّل العبارات والكلمات التي تمّ الحديث عنها قبل قليل، مُضافاً إليها جُمَّل (الإسراء)، وهي:(المسجد الحرام، المسجد الأقصا، بنوا إسرءيل، السبت، الإسراء). وهذه لا يختلف جُمَّلها كتابة أو لفظاً. أمّا التي يختلف جُمَّلها كتابةً ولفظاً فهي: (بني إسرءيل، بني إسراءيل، إسرءيل). والاختلاف كما هو ملحوظ في كلمة إسرءيل. ولم يرد في ملاحظاتنا التاريخيّة العدد 303 بل العدد 302 والذي هو جُمَّل كلمة إسرءيل، وفق الرسم العثماني. وفيما يأتي جدول توضيحيّ: 
 

24 - يناير - 2010
سلام الله عليكم احبتي
زوال إسرائيل (24)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

المسجد الحرام 
418
كتابة ولا يختلف لفظاً
المسجد الأقصا
361
كتابة ولا يختلف لفظاً
بنوا إسرائيل
361
كتابة ولا يختلف لفظاً
بني إسرءيل
364
كتابة
بني إسراءيل
365
لفظاً
إسرءيل
302
كتابة ولم يرد لفظاً
السبت
493
كتابة ولا يختلف لفظاً
الإسراء
294
كتابة ولا يختلف لفظاً
المجموع
2958
 

24 - يناير - 2010
سلام الله عليكم احبتي
زوال إسرائيل (25).    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم

 
:: أربــــع دورات::
  الفرق بين عدد أيام السنة الشمسيّة والسنة القمريّة هو (11) يوماً، وعلى وجه الدّقة (10.8752). وهذا يعني أنّ أيّ يوم من أيّام السّنة القمريّة يعود إلى العلاقة نفسها مع السنة الشمسيّة كل (33.58487) سنة شمسيّة مرّة. وقد وجدنا أنّ عدد السّنين من زوال الإفساد الأول والخروج من القدس سنة 586 ق. م، إلى دخول القدس في المرة الثانية 1967م يشكل 76 دورة، والأمر من الدقّة بحيث تكتمل أيّام هذه الدّورة في العام 1967م. وعليه يكون هناك اكتمال لأربع دورات بعد دخول القدس:
أ) دورة فلكية من السّبوت، أي (365)، وذلك من الخروج عام 586ق.م إلى ما بعد دخول عام 1967م بقليل، أي عام 1969م. فلم تكتمل هذه الدّورة إلاّ بعد دخول القدس.
ب) دورة الكربون 14 والتي هي 5730 سنة، وهذا يوافق السّنة العبريّة بعد دخول القدس بقليل، أي عام 1969م. فلم تكتمل هذه الدّورة إلاّ بعد دخول القدس.
ج) الدّورة 302 للعدد 19 أي الدّورة إسرءيل للعدد 19 وفق التأريخ العبري. وتبدأ هذه الدّورة من سنة 5719، وتنتهي سنة 5738. وعليه يقع العام 1969م، في بؤرة هذه الدّورة، كما أشرنا سابقاً.
د) 76 دورة كل واحدة منها (33.6) سنة شمسية. وتبدأ من خروج 586ق.م واكتملت في العام 1967م.
        قلنا إنّ هناك دورة تمثل العلاقة بين السنة الشمسية والقمرية، ومقدارها (33,6) سنة شمسية. وهذا يعني أنّ الدّورة (19) بعد الميلاد تقع تقريباً بين (604م - 638م). ويُلحظ أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، بُعِث بعد بداية الدّورة بما يقارب (6) سنوات، أي (610 م). وتوفي صلى الله عليه وسلم قبل نهاية الدّورة بما يقارب (6) سنوات أيضا، أي (632م). كما ويُلحظ أنّ بؤرة الدّورة (19) هو عام  (622 م)، والذي هو عام الهجرة. وعليه تكون سنة بداية التقويم الهجري موافقة لبداية الدّورة 19 للعلاقة بين الشّمسيّ والقمريّ، أي بين الهجريّ والميلاديّ.
 
:: قبــل أن نختــم ::
 لاحظنا أنّ القيمة العدديّة وفق حساب الجُمَّل لـِ: (بنو إسرءيل)، (المسجد الاقصا)، (المسجد الحرام)، (بني إسراءيل)، (بني إسرءيل)، (السّبت)، (إسرءيل)، (الإسراء)، جاءت كلها موافقة للمعادلة الرّياضيّة لتاريخ بني إسرائيل، وجاءت مُنسجمة مع المسار التاريخيّ الذي تم الحديث عنه في هذا الكتاب.
         تلك ملاحظات جاءت تؤكّد صحة مسلكنا في البحث عن قانونٍ جامع يحكم التاريخ، ويضبط حركته. لا شك أنّه أمرٌ عجيب؛ أن يسير التاريخ وفق قانون رياضيّ كما في عالم المادة. وهذا يجعلنا بحاجة إلى إعادة النظر في بعض مُسلّماتٍ التاريخ وقوانينه. فهل يمكن أن تكون هذه القوانين قد ادّخِرت في صورة كلماتٍ وجُملٍ قرآنيّة هي رموز و(شيفرات)، وهل يجوز لنا بعد هذا أن نضرب صفحاً عن متابعة مثل هذه الملاحظات الاستقرائيّة ؟!
          حتى لا يظنّ البعض أننا نتعامل في هذه الملاحظات من منطلق التّسليم بصحة العهد القديم وصدق نبوءاته. وحتى لا يتوهم أنّ صدق بعض هذه النبوءات يشكل دليلاً على صِدقِيّته. ولكي لا توحي دراستنا لبعض التشريعات التوراتية أنّها إقرارٌ وإيمان؛ فإننا نُؤكد على الآتي:
1- كان كلُّ رسولٍ يُبعث إلى قومه خاصة، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافّة. ومن هنا جاءت الشريعة الإسلامية ناسخة للشرائع السابقة.
2- جاء في آخر آية من سورة البقرة: ".... رَبّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصرَاً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذينَ مِنْ قَبْلِنَا..". ومن هنا قد تبدو بعض التشريعات السابقة غريبة مقارنةً بالشريعة الإسلاميّة السّمحة؛ فما يكون مناسباً لعصرٍ من العصور وأُمّة من الأمم، قد لا يكون مناسباً لجميع الأمم والعصور.
3- حُكْمُ المسلمين بصحّة جزءٍ من العهد القديم لا يعني صحّة الكل. لأننا نعتقد وجود جزء من الحقيقة في التوراة المحرّفة، ونعتقد حصول التحريف وليس التبديل الكامل.
4- بعث الله تعالى الرسل وأنزل الرسالات، ويحفظ منها ما يشاء لحكمةٍ يريدها، ويُنسي منها ما يشاء لحكمة أيضاً. انظر قوله تعالى:
(.. الرسُولَ النبيّ الأُميّ الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبَاً عِنْدَهُم فِي التورَاةِ وَالإنْجِيلِ)[1][1] .
5- الأصل أنْ تتفق الأديان السماوية في الجانب العقائدي، لأنّ العقيدة أخبار، والخبر الصادق لا يختلف من رسول إلى آخر. أمّا الجانب التّشريعيّ فالأصل أن نجد فيه اختلافاً؛ لتباين العصور والأمم، حتى نزلت الشريعة الإسلامية الكاملة والشّاملة.
 
__________________________
[1][1]سورة الأعراف: 157.
 
الخــــاتمــة ::
  وبعد، فهذه ملاحظات استقرائية، نرجو أن تثير لدى القارئ الدافعية للبحث، كما نرجو أن تكون قد حَصَّلَت القناعة بوجود العدد في بنية القرآن الكريم. فلعل القناعة أن تثمر الجهود، فتشرق أنوار الحقيقة في عقول وقلوب الكثيرين ممن يتوقون إلى اليقين.
 والمركز[ مركز نون للدراسات القرآنية] على استعداد دائم لاستقبال الملاحظات، والانتقادات، والتصويبات، والنصائح. فالمهمة أكبر من جهود مركز واحد، والحصاد المتوقع أوفر وأعظم بركة بإذن الله تعالى.
                           " ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك المصير"


 
 جزى الله الكريم الوهاب أخانا بسام خير الجزاء........ " ومن يقنَط من رحمة ربه إلا الضالون" : الحمد لله رب العالمين على هذا الحال وعلى كل حال......ليس العلم كل قراءة وكتابة ، إنماللإلهام فيه نصيب.... ديننا دين العلم والعقل والفقه والفهم والمنطق.... الظلم والجهل دمر الحضارات السابقة ، فأيّ ظلم أكثر من هذا الظلم الذي يتجرعه العرب المسلمون عامة ، وإخواننا الفلسطينيون الشرفاء خاصة ؟ وأين ستذهب دعوات الأرامل واليتامى ؟ بالعلم عرف العلماء ولادة القمر ( الأرصاد الجوية) : " علّم الإنسان مالم يعلم" . كيف عرَف ابن عمر أنّ الحسين سيقتل ؟ وكيف عرف ابن عباس أن محمداً ، صلى الله عليه وآله وسلم ، سينتقل إلى الرفيق الأعلى جراء ربطه بين آخر سورة ( المنافقون) ، وسورة ( التغابن) ، وابحث عن رقم ( المنافقون) تر رقمها 63..... " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون"..... الله غار على بيته ، فأرسل طيراً أبابيل..... وسيغار بإذن الله تعالى على القبلة الأولى ، وسيدمر المغضوب عليهم ، وهذا ما يقوله أهل الكشف الصادقون ، رضي الله عنهم وأرضاهم وأكثر من أمثالهم .

24 - يناير - 2010
سلام الله عليكم احبتي
المآذن (1)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

ظهرت أولاً ببساطة لتكون مكاناً مرتفعاً يقف عليه المؤذِّن ويساعد على إيصال صوته إلى أبعد مسافة ممكنة. ومن ثم راحت تتطوَّر هندسياً وجمالياً حتى استقرت كرمز يتجاوز في ديمومته ودلالته الوظيفة الأولية.
وكما هو الحال عندما نرى مئذنة شامخة في سماء مدينة ما فنعرف فوراً أننا في مدينة إسلامية أو في مكان يقطنه مسلمون، فإننا عندما نرى صورتها في اللوحات التشكيلية نعرف فوراً هوية العمل الفني، وأكثر من ذلك، الموقع الذي يمثِّله هذا العمل في معظم الأحيان.ولفهم هذا الحضور الطاغي للمآذن في فن اللوحة الشرقية أو الاستشراقية، ووضوح دلالاتها الجمالية، لا بد من استطلاع أبرز مراحل التطور الهندسي والجمالي التي عرفها فن بناء المآذن على مر الأزمنة وفي مختلف أصقاع العالم الإسلامي.
تاريخ المئذنة من الوظيفة إلى الرمز
على خلاف غيرها من المعالم المعمارية في التاريخ الإسلامي، تقف المئذنة واضحة الانتماء والوظيفة. فهي رمز الإسلام كما هو عنوان كتاب البروفيسور جوناثان بلوم عن تاريخ المئذنة. لكن هذا الرمز ليس ذا شكل واحد موحِّد. فعبر التاريخ الإسلامي وامتداداته الجغرافية تحوَّل الشكل المعماري للمئذنة وتغيَّر وتنوَّع.
هناك خلاف حول بداية الشكل المعماري للمئذنة، ففي بدايات الإسلام، كما هو معروف، كان بلال مؤذِّن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، يصعد إلى سطح المسجد الجامع ليؤذِّن، ولم يكن هناك أي شكل معماري محدَّد للقيام بهذا الواجب.
وبحسب المقريزي المؤرِّخ القاهري الذي عاش في القرن الثامن والتاسع الهجريين، فإن معاوية بن أبي سفيان أمر عمرو بن العاص أن يشيِّد أربع صوامع على سطح جامع في الفسطاط حتى يؤدي المؤذنون واجبهم. فإذا صح هذا الخبر، فيكون ذلك باكورة فكرة تشييد أربع مآذن على زوايا الجامع كما ظهر لاحقاً في العمارة الإسلامية.
أما في جامع دمشق، فيخبرنا الرحَّالة ابن الفقيه أن المئذنة هناك كانت في البدء برجاً رومياً، أبقاه الوليد حين بُني الجامع. ولكن لا صوامع جامع عمرو في الفسطاط ولا برج جامع دمشق وصلت إلينا. وهكذا فإن أقدم المآذن التي بقيت من العمارة الإسلامية المبكرة هي مآذن شيدت خلال الفترة العباسية، وبخاصة خلال القرن التاسع الميلادي (الثالث الهجري).

27 - يناير - 2010
هلال المنارة
المآذن (2)    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

المآذن العباسية
حين شيَّد الخليفة العباسي المتوكل جامعه الواسع في سامراء بين عامي 848، و 852م (234-237هـ) بنى خارجه مئذنة شاهقة ترتفع ثلاثة وخمسين متراً, وذات شكل مميَّز يتكون من جسد صلب مبني من الطوب بشكل شبه مخروطي ويلتف حوله سلم بدرجات توصل إلى أعلى المئذنة التي تعرف الآن في العراق بـ
Ťالملويةť. وهي الآن تقف خارج الجامع، وليس من المعروف ما إذا كانت أساساً خارج الجامع أم إن بعض الصلات المعمارية وصلتها بمحيط الجامع. ورغم بساطة شكلها الهندسي فهي أثر معماري فريد في تصميمه لبساطة تصميمها وأناقتها. وليس بعيداً عن جامع المتوكل، بنى أبو دلاف جامعاً مشابهاً ومئذنة مشابهة ولكن كليهما أصغر مساحة وحجماً.
ولا تنتهي قصة الملوية في سامراء. إذ إن أحمد بن طولون، الوالي العباسي على فسطاط مصر، بنى جامعاً في سنوات 876 - 879م (263-265هـ)، وألحق به مئذنة متواضعة الارتفاع مقارنة مع الملوية. لكنها تحفظ نفس الشكل المخروطي والسلم الحلزوني حولها. وربما كان ذلك بقرار واعٍ ليربط جامعه بالمثال الخليفي في العراق.
والمئذنة الثالثة في الفترة العباسية المبكرة هي مئذنة جامع Ťسيدي عقبةť في القيروان، التي يشكِّل تصميمها أساساً لتطور المئذنة في المغرب والأندلس. تقع مئذنة جامع قيروان إلى الجهة المقابلة لجدار القبلة، ولكنها جزء من جدار محيط برواق الجامع وصحنه. وهي ترتفع فوق المدخل الرئيس للجامع. أما شكل قاعدتها فهو مربَّع وكذلك جوانب بدنها. وهكذا فهي تختلف عن النموذج العباسي. ولذلك أسباب عدة منها ما يعود إلى مادة بنائها وهي الحجر. وتتكوَّن هذه المئذنة من طبقات ثلاث أعلاها وأوسعها هي الطبقة السفلى وتعلو الطبقة العليا قبة صغيرة مضلَّعة البدن.
المآذن الأولى شرقاً
أما شرقاً وخلال الانتشار المبكر للإسلام، فإن مئذنة نايين في إيران تشكِّل نموذجاً آخر على طريق تصميم المآذن. فهذه تبدأ بقاعة مربعة ثم تأتي مرحلة أعلى مثمنة الأضلع وتنتهي بمرحلة ثالثة أسطوانية الشكل. وكلا المئذنتين في القيروان ونايين من أوائل المآذن التي تحتوي على سلم داخل البناء بخلاف الملوية ومئذنة ابن طولون.
أدت هذه التجارب في شرق العالم الإسلامي إلى بناء أُولى المآذن ذات البدن شبه المخروطي من قاعدته إلى أعلاه. وتشكِّل مئذنتا دمغان في إيران وبخارى في آسيا الوسطى مثلين بارزين على هذا التصميم الجديد. فكلاهما مبني من الطوب، ولكن ظاهر البدن مزيَّن بأشكال هندسية مستقيمة الأضلاع ومتعددة الأشكال. وفي أماكن مختارة، تتوسط التكرار الهندسي نصوص قرآنية كتبت بالخط الكوفي. وتجدر الملاحظة هنا أن هذه التكوينات الهندسية هي نتيجة طريقة وضع وحدات الطوب. فيمكن مثلاً تقديم الطوب إلى الخارج أو سحبه إلى الداخل وبهذا التنويع يحصل الشكل التزييني. وهذا أسلوب عرفت به مناطق إيران الشمالية وبلاد ما وراء نهر جيحون في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين.
وفي النصف الثاني من القرن الثاني عشر بنيت إحدى روائع العمارة الإسلامية في منطقة جام في أفغانستان وهي تسمى أيضاً Ťمنار غياث الدينť. وهذه المئذنة هي من محميات منظمة الأونيسكو التراثية، وتقف الآن وحيدة في وادٍ على ضفة نهر Ťهاري ردť. لكن الحفريات الأثرية أفادت بأن هذه المئذنة كانت جزءاً من مبنى أوسع يتوسطه صحن.
يتكون بدن المئذنة من مرحلتين بشكل شبه مخروطي وتعلوه قبة. وقد بني بدن المئذنة من الطوب المطبوخ، مما أسهم في بقائها رغم عوامل الطقس على مدى القرون الماضية. ولكن إحدى مميزات هذه المئذنة هي في استعمال الألوان في تزيينها. فالكتابة الكوفية هي بلون الفيروز، وهذا الاستعمال هو من بدايات استعمال الطوب المطبوخ بغلاف فيروزي في العمارة الإسلامية الشرقية.

27 - يناير - 2010
هلال المنارة
المآذن (3).    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

مآذن مستقلة عن الجوامع
والواقع أن هذه المئذنة هي واحدة من حوالي ستين مئذنة وبرجاً بنيت بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين في آسيا الوسطى وإيران وأفغانستان. وعدد من هذه المآذن والأبراج لا يرتبط ببناء محاذٍ. ويعتقد الباحثون المعاصرون أن هذه المآذن إنما هي تعبير عن انتصار واتساع الإسلام في تلك المناطق، وليست ذات وظيفة أخرى كما هي المآذن التى تتصل بمسجد جامع. وبصرف النظر عن وظيفتها، فإن مئذنة جام تعد من روائع الهندسة العالمية حيث إن صورها تنشر في معظم دوريات الجمعيات المعمارية الأكاديمية لتناسق تصميمها والتهذيب البالغ في انتقال بدنها من القاعدة المثمنة الأضلع إلى الأسطوانة وثم المخروط، وكذلك لبلاغة العناصر الهندسية المستعملة وتقنية التقديم والتأخير في وضع وحدات الطوب المتماثلة والتي تنتج غنى زخرفياً، وأيضاً لاستعمال الطوب الملوَّن المطبوخ في شريط الكتابة.
ومن هذه المجموعة أيضاً مئذنة Ťقطب منارť في دلهي في الهند، والتي شيِّدت على الأرجح في بداية القرن الثالث عشر الميلادي وهي ترتفع إلى علو ثلاثة وسبعين متراً. وقد سميت كذلك على اسم بانيها قطب الدين، أحد ملوك الغوريين الذين غزوا الهند بعد أفغانستان. تتألف المئذنة من خمس مراحل، وقد بنيت بالحجر. وشكل كل مرحلة هو ما بين الأسطوانة والمخروط، وتقصر كل مرحلة عن التي تحتها.
مآذن الفاطميين تمهَّد للمآذن المملوكية
ونعود الآن إلى الجزء الأوسط من العالم الإسلامي وإلى مدينة القاهرة. فبعد أن بنى الفاطميون مدينة القاهرة، كان أول مسجد جامع هو جامع الأزهر الذي بني بين عامي 969 و974 ميلادية. وكان لهذا الجامع مئذنة فوق مدخله الغربي. لكن هذه المئذنة أزيلت، ومن المستحيل تحديد شكلها. ولكن من الفترة الفاطمية نفسها يمكن تكوين فكرة عن مآذن الفاطميين بالنظر إلى مئذنتي جامع الحاكم الذي بُني في نهاية القرن العاشر الميلادي.
تتميَّز مئذنتا الحاكم بقاعدة مربعة ضخمة تشبه البرج، ثم ترتفع فوقها مئذنة بقطر أقصر بكثير من عرض القاعدة، وترتفع المئذنة بشكل متعدد الأضلاع وتتكون من قاعدة ثانية، ثم وصلة عالية وثلاث مراحل قصيرة جداً ثم Ťمبخرةť. وإذا ما استبعد المشاهد النظر إلى القاعدة الكبرى فإن المئذنة بحد ذاتها تبدو متواضعة إذا ما قورنت بمآذن المناطق الإسلامية الشرقية. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مآذن الفاطميين كانت للأذان في مدينة صغيرة تنحصر ضمن السور الدفاعي ما بين باب النصر وباب زويلة جنوباً.
Ťسوق الغازيť وظهور المقرنصات
ونعود إلى العراق وبغداد تحديداً لمعاينة مئذنة ذات تجديد مصيري في تاريخ تصميم المآذن الإسلامية. إنها مئذنة
Ťسوق الغازيť التي يعتقد أنها بنيت في القرن الثاني عشر الميلادي. فالمرحلة الثانية من هذه المئذنة تتكون من مقرنصات تشكل مرحلة انتقالية من المرحلة السفلى إلى المرحلة الأعلى والأصغر.
إن وحدات المقرنص هي كالمئذنة، عنصر من عناصر العمارة الإسلامية. وهما عنصران معماريان يميزان هذه العمارة عن غيرها من فنون العمارة العالمية. وتتعدَّد النظريات حول زمان ومكان نشأة هذا التكوين الهندسي الفريد. لكنه من الثابت أنه استخدم بشكل واسع في أرجاء الدولة الإسلامية بدءاً من القرن الثاني عشر الميلادي. وفي مئذنة Ťسوق الغازيť نرى إحدى أبكر الأمثلة على استعماله ليس فقط كعنصر تزييني، بل ذا دور بنائي. إذ تشكل المقرنصات أساساً لاتساع الشكل المستدير للمرحلة الانتقالية في هذه المئذنة بحيث تنتهي إلى مكان متسع لوقوف المؤذِّن.
فيما كان المعماريون في شرق وغرب الخلافات الإسلامية يطوِّرون المئذنة المفردة بتقنيات وتصاميم تزيد من أناقة ارتفاعها حسب المواد المتوافرة لهم، وفي حين توزَّعت التصاميم بين مستدير ومتعدد الأضلاع شرقاً ومربع القاعدة غرباً، برز تصميم جديد في بلاد الأناضول تحت سيطرة السلاجقة. وهو أن مدخل البناء إن كان جامعاً أم مدرسة ازدان بمئذنتين فوق جانبي المدخل كما يظهر في تجلياته الأولى في مدرسة أرضروم. ومدرسة غوك في سيواس. والشخصية المميزة لهاتين المئذنتين المتمثلة في الشكل المخروطي للجزء الأعلى من المئذنة ستصبح لاحقاً شكلاً مميزاً لمآذن بلاد الأناضول خلال فترتي السلاجقة ومن ثم العثمانيين.
الذروة.. مآذن المماليك
منذ منتصف القرن الرابع عشر شهد تصميم المآذن في العالم الإسلامي تغيرات مهمة. ففي هذا القرن تطوَّر تصميم المئذنة القاهرية، وازداد عدد المآذن بازدياد عدد

27 - يناير - 2010
هلال المنارة
المآذن (4).    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

المنشآت الدينية.
فقد شهدت هذه الفترة كثافة عمرانية، وتبارى الأمراء المماليك ببناء الجوامع والمدارس والخانقوات التي ازدان كل منها بمئذنة أو أكثر. في مطلع القرن استفاد مصممو المآذن من النمط الفاطمي المربع القاعدة. واستفادوا من النمط المغربي المزيَّن البدن. وهكذا فإن مئذنة مدرسة السلطان الناصر محمد التي ارتفعت فوق مدخل المدرسة هي ذات قاعدة مربعة وتتشكل من مراحل زُيِّن بدنها بالجص المحفور بزخارف نباتية وهندسية ومقرنصات.
وفي ثلاثينيات القرن نفسه ظهر نموذج آخر من المآذن في القاهرة وهي مآذن بنيت بالحجر. وإحدى أولى هذه المآذن مئذنة جامع المارديني، التي اشتهرت أيضاً لأنها من المآذن القليلة التي شيدت في القاهرة ونعرف اسم المعمار الذي بناها. فأفادنا المقريزي أن المعمار ابن السيوفي هو باني هذه المئذنة بالإضافة إلى مئذنة مدرسة الأمير آقبغا عبدالواحد الملاصقة للمدخل الغربي لجامع الأزهر.
يتجه تصميم هذه المئذنة نحو الأناقة أكثر من تصاميم المآذن القاهرية السابقة. فقاعدتها مربعة، لكنها قصيرة جداً بحيث تكاد لا ترى، وتنتظم فوقها مباشرة مساحات مثلثة متعاكسة لتشكِّل منطقة انتقالية إلى قاعدة مثمنة الأضلاع. وتليها ثلاث مراحل تتناقص ارتفاعاتها بنسب بسيطة مما يعطي المئذنة رونقاً مرتفعاً ومتجانس الجوانب. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة فيها ثمانية أعمدة أسطوانية مفتوحة الوسط، وتعلوها قبة حجرية ذات خصر مضمور. ومما يزيد هذه الأناقة والتجانس هو استعمال تشكيلات المقرنصات في المناطق الانتقالية بين مراحل بدن المئذنة بطريقة تقود عين المشاهد إلى أعلى.
كان لهذه المئذنة تأثير واضح على تصاميم المآذن القاهرية في المراحل المعمارية اللاحقة. وصولاً إلى العصر العثماني، وحتى ما بعد الفترة العثمانية. وفي كثير من الأحيان نراها في المآذن المعاصرة.
لم يكتف المعماريون المماليك بالتصميم الحجمي المتناسق للمآذن،فقد أضافوا الزخارف إلى بدن المئذنة. وتنوَّعت هذه الزخارف من استعمال الأبلق، وهو نظام لوني لتواتر صفوف الحجارة الحمراء والسوداء، انتشر استعماله خلال الفترة المملوكية وما بعدها في مصر وبلاد الشام. وفي تزيين إبدان المآذن، نوَّع المعمار المملوكي أشكال ترتيب الأبلق. فنراها على شكل مثلثات متوازية كما هي الحال في مئذنة مدرسة صرغتمش، إلى استعمال الحجر المنقوش بأوراق نباتية مؤسلبة كما هو الحال في مئذنتي شيخون في شارع الصليبة تحت قلعة القاهرة.
وفي مرحلة المماليك الشراكسة أضاف المعماريون المصريون إلى هذا النموذج من المآذن، المآذن ذات الرأسين كما هي الحال في مئذنة قايتباي، ومئذنة مدرسة السلطان الغوري. لكن رأسي هذه الأخيرة اندثرا.
وتتميِّز المآذن المملوكية في فترة الشراكسة بالتزيينات المبالغ فيها لبدن المئذنة. حتى أن العناصر الزخرفية الهندسية أصبحت أكثر نتوءاً وأكبر حجماً كما هي الحال في مئذنتي السلطان المؤيد شيخ اللتين ترتفعان فوق برجي باب زويلة، أو ما لحقهما من مآذن مملوكية كمآذن السلطان إينال وجامع الأمير حسين وجامع البهلوان.
العثمانيون يجمعون التجارب
إن تجارب تشييد المآذن في إيران وأفغانستان وبلاد الأناضول خلال فترة حكم السلاجقة لهذه المناطق أدخل نوعاً من التقارب الأسلوبي. حيث إن البدن الأسطواني أو شبه المخروطي طغى على تصميمات هذه المآذن. ومع تقدم العثمانيين في بلاد الأناضول غرباً توضَّح أسلوب جديد في تصميم المئذنة انتهى إلى ما نعرفه عن مآذن العثمانيين في بلاد الأناضول ومدينة أسطنبول خاصة، كذلك انتشر هذا الشكل في معظم الأماكن التي حكمها العثمانيون.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما غزا العثمانييون مدينة القسطنطينية، كان من أوائل نشاطهم المعماري زيادة أربع مآذن على محيط كاتدرائية الآيا صوفيا. وعمل المعماريون الأتراك لاحقاً على تطوير أساليب معمارية لرفع القباب بطريقة تحفظ ثباتها، وتخفِّف في الوقت نفسه أحجام الدعامات الخارجية التي كانت كبيرة جداً في آيا صوفيا، مما أعطى الجوامع التي بنيت قببها على النسق البيزنطي أناقة في الداخل والخارج.
هذه الحلول الهندسية ربما دفعت المعماريين الأتراك إلى تصميم المآذن العثمانية التي تتسم بصغر قطر البدن الأسطواني وارتفاع المئذنة الشاهق حتى غالباً ما سميت بالمآذن الإبر، أو قلم الرصاص. والتشبيه الأخير يعود إلى أن رأس المأذنة العثمانية غالباً ما يزدان بمخروط.
ورغم أن الغالبية من المساجد العثمانية الجامعة ازدانت بمئذنة واحدة، إلا أن مساجد المدن الكبرى، وخاصة مدينة أسطنبول، شملت أربع مآذن على زوايا محيط الجامع. كما هو الحال في جامع السليمانية وجامع السلطان أحمد المشهور باسم الجامع الأزرق. وهذه المآذن قليلة القطر ومرتفعة. وهي تعطي للمدينة شخصيتها المميِّزة كما أعطت المآذن المملوكية المثمنة الأضلاع شخصية مدينة القاهرة. ومعظم المآذن العثمانية تتألف من أربع مراحل تفصل بينها شرفات صغيرة مستديرة، وتركن كل شرفة فوق منطقة انتقالية من المقرنصات.
الجدير بالذكر أنه على الرغم من أن المآذن العثمانية تقف كل منها منفردة وغير متصلة ببناء الجامع بشكل مرئي، إلاَّ أن عناصر شخصيتها المميَّزة هي تجاورها مع القباب.
ولتأكيد العثمانيين على رمزية مآذنهم، فإنهم شيدوا أيضاً ست مآذن في محيط الكعبة في مكة المكرمة وهكذا زادوا في بهاء المكان. وقد انتشرت في الفترة العثمانية الرسوم التي تمثل الكعبة المشرفة ومآذنها الست. وهي موزعة على زوايا المحيط الأربع، إضافة إلى اثنتين عند جانبي مدخل الحرم.
من أقاصي الشرق إلى المغرب
وبموازاة التجديد العثماني، ظلَّت المناطق الإسلامية المختلفة تشيِّد أنماطاً من المآذن المستمدة من تراثها المحلي حيناً، والمطورة حيناً آخر.
فخلال حكم التيموريين لإيران وأفغانستان شهدت العمارة الإسلامية تطورين بارزين: الأول تشييد المداخل الضخمة وعلى جانبيها مئذنتان، في استيحاء واضح للنموذج الذي ظهر أيام السلاجقة، أما التطور الثاني فهو في استعمال الطوب الملوَّن بشكل كثيف لتزيين المآذن.

27 - يناير - 2010
هلال المنارة
المآذن (5).    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

أما مآذن المغول في الهند فقد تأثرت في تصميمها بالمآذن التيمورية، غير أنها بنيت من الحجر وليس من الطوب. ومن أبلغ أمثلة المآذن الهندية هي المآذن الأربع على زوايا Ťتاج محلť.. وهنا تجدر الإشارة إلى أن دور هذه المآذن هو رمزي وجمالي، لأن مبنى Ťتاج محلť هوضريح وليس مكاناً للصلاة ، ومن ثم إذا ما نودي إلى الصلاة من مآذنه، فإن الناس سيتوجهون إلى مسجد جامع للصلاة، وليس إليه.
أما في المغرب فقد ظلَّت المآذن تستعيد مقاييسها الفنية المعروفة في تلك المنطقة وهي مربعة القاعدة والبدن ومزخرفة بأشكال هندسية تستعيد الأقواس المعروفة منذ أيام المرينيين في المغرب والناصريين في الأندلس.
وفي الشرق الأقصى، تأثرت المآذن الإندونيسية بعمارة جنوب شرق آسيا التقليدية لجهة حلول المسائل الهندسية خلال التشييد، ولجهة الزخرفة الجمالية أيضاً.
المآذن المعاصرة واستيحاء القديم
أما كيف تشيَّد المآذن المعاصرة فذلك أمر يناسق العصر. إذ إن هناك تعددية في التصاميم المنقولة والمستنبطة. فالكثير من المآذن المعاصرة هي نسخ عن مآذن تاريخية. وأكثر المآذن شعبية في هذا المجال هي المآذن الملوكية والعثمانية.
ولكن هناك محاولات جدية لتشييد مآذن بأسلوب حديث ودون أن تفقد المئذنة خصوصيتها الرمزية.والواقع أن الوظيفة الأساسية للمئذنة في أيامنا هي في رمزيتها وجماليتها ضمن البناء الديني، ذلك أنه بتطور التقنيات الإلكترونية التي تكبِّر الصوت، لم تعد هناك حاجة إلى المكان المرتفع ليقف عليه المؤذِّن ليؤدي واجبه. ولكن يبقى من الصعب تخيل جامع الآن بدون مئذنة.
المئذنة في الفن التشكيلي
شكَّلت العمارة الإسلامية موضوعاً تشكيلياً على جانب واضح من الأهمية. فهذا الموضوع، إضافة إلى مدلولاته الفنية، يحمل في طياته إشارات توثيقية، هذا إذا أخذنا في الاعتبار ما تم إنجازه من أعمال فنية خلال القرون الماضية، في زمن لم تكن آلة التصوير الفوتوغرافي قد ظهرت بعد، أو كانت في مراحل تطورها الأولى.
ورغم أن الهندسة الداخلية للمسجد كانت تتضمَّن الكثير من الأجزاء والتفاصيل ذات البعد الجمالي، المرتكز في حيز واسع منه على النواحي الزخرفية، التي تطورت في الفن الإسلامي نحو ما يشبه التجريد الهندسي على حساب التمثيل التشخيصي، نقول إنه رغم كل ما ذكر، فإن المظهر الخارجي للمسجد استحوذ أيضاً، وربما في درجة أكبر، اهتمام الرسامين. وغني عن القول إن المئذنة أو المآذن التي يترافق حضورها حكماً مع حضور المسجد، كانت تفصيلاً معمارياً ذا أهمية وحضور في اللوحة لا يمكن إغفالهما.
طبعاً، كانت هناك المنمنمات الإسلامية أولاً التي ازدهرت في الهند وبلاد فارس خاصة. إذ حوى الكثير من هذه المنمنمات مشاهد مآذن مختلفة في خلفية الموضوع للدلالة على موقع المشهد المرسوم، أو على هوية الشخصية التي تمثِّلها. فمعظم المنمنمات التي تمثِّل حاكم دلهي شاه جاهان، على سبيل المثال، حوت خلف صورة وجهه، مشهد مآذن Ťتاج محلť، الضريح الذي بناه لزوجته.
ولكن صورة المئذنة في الفن التشكيلي الحديث والمعاصر تعود بجذورها إلى القرن التاسع عشر، ولا يمكن في هذا المجال إغفال دور المستشرقين، ليس فقط لأنهم شكَّلوا جيل الروَّاد في هذا المجال، بل أيضاً لأن أعمالهم لا تزال تمثِّل ذروة حضور المئذنة في الفن التشكيلي.
المستشرقون المأخوذون بالمآذن
كان الشرق، ولا يزال، نقطة جذب للأوروبيين وغيرهم على مختلف جنسياتهم، وذلك لأهداف قد لا تمت إلى السياسة بصلة، إذ ترسخ في أذهان شعوبنا أن نيات الأوروبيين قد تكون استعمارية بالدرجة الأولى. هذا الاقتناع، على صحته النسبية، لا يخفي أن فئة أخرى منهم كانت تقف وراء اهتمامها ببلادنا دوافع أنتروبولوجية وتاريخية وثقافية، وفنية أيضاً. لقد قُدِّر للأوروبيين دخول عصر الآلة منذ العقود الأولى للقرن الثامن عشر، مما أدى إلى أن تتخذ أنظمتهم الاجتماعية وأيديولوجيـــــاتهم الفكــــرية منحى مادياً بدأ بالظهور في تلك الفترة وما زال يتطوَّر حتى يومنا هذا. وعليه فقد تولدّت لدى جماعات كبيرة من المثقفين الأوروبيين، ومن ضمنهم الرسامون، رغبة في زيارة أماكن أخرى من العالم، والشرق في مقدمتها، كانت لا تزال تحتفظ بروحانية معينة أُطلقت عليها تسمية
Ťروحانية الشرقť.
قدِم الرسامون من كل صوب، وتنقلوا بين الأماكن التي تضمَّنت بقايا ومخلفات حضارية، ناقصة أو كاملة، قياساً إلى حالتها الأصلية. تركت جولاتُ هؤلاء في نفوسهم انطباعات شتى، انعكس معظمها رسوماً على الورق أو على القماش، يفيض عدد كبير منها بذلك المناخ الروحي، الذي كان سبباً في قدومهم كرحَّالة يسعون وراء الاكتشاف وأنماط العيش البعيدة وقتئذ عن النمط المادي.
رسم امابل - لويس كرابليه شوارع القاهرة وأسواقها. وكانت المئذنة حاضرة في الكثير من تلك الرسوم، وتموضعت، في أغلب الأحيان، على خلفية اللوحة. والناظر إلى تلك الرسوم سيلاحظ مكانة هذا التفصيل المعماري، ونعني المئذنة، تأليفياً ولونياً، رغم وقوعه في الأفق البعيد تارة، أو أقرب إلى مقدمة اللوحة تارة أخرى. فهيكل المئذنة المنتصب عمودياً يقفل اللوحة، وشكل هذا يتعاكس مع بقية أجزاء اللوحة ومحتوياتها المنبسطة على نحو أفقي، فيصير هذا الهيكل تفصيلاً بديهياً لا يستقيم بناء العمل التشكيلي دونه.
أما إميل هنري فقد وجد في مدينة إسطنبول مادة خصبة لجملة من الأعمال المائية التي نفذها هناك، والتي نرى فيها مجموعات من المآذن تشق الفضاء الذي طغى عليه اللون الأصفر. وكأن الفنان شاء اختيار وقت مغيب الشمس، أو شروقها، لما يوّفره هذا الوقت من صفاء يعطي ألواناً خفيفة.
ولابد من ملاحظة أن أعمال عدد كبير من الرسامين قد نفِّذت بتقنية Ťالأكواريلť (الألوان المائية). هذه التقنية تتناسب تماماً مع تلك الفئة من الفن، أو من الرسوم التي تسمى Ťرسوم الرحلاتť، ولا يحتاج الفنان هنا للكثير من التجهيزات من أجل تنفيذ رسومه، إذ يكفيه دفتر خاص بالأكواريل من الحجم المتوسط أو الصغير مع علبة الألوان الصغيرة أيضاً. لكن أعمالاً أخرى لأوغست ماير مثلاً أو لفنانين آخرين جرى تنفيذها بالألوان الزيتية، تطلبت جهداً أكبر ووقتاً أوفر، لكنها جاءت على مستوى عالٍ من الدقة والأمانة في تبيان تفاصيل عمارة المساجد، ومن ضمنها ما يتبع لها من مآذن في طبيعة الحال.
أما الفنان الذي ترك أشهر مجموعة أعمال في هذا المجال، والتي تُزين نسخها جدران المنازل والفنادق والمكاتب في بلادنا، فهو بلا شك دافيد روبرتس، الفنان والرحّالة الإنجليزي المعروف الذي زار بلاد شرق المتوسط عام 1839م وجال فيها مجتازاً لبنان وفلسطين والأردن ومصر، متوقفاً في مدن ومناطق عدة ذات مكانة تاريخية وحضارية.
نفّذ روبرتس الكثير من الرسوم، ولم يكتفِ برسم المكان نفسه من زاوية واحدة، بل تعمَّد الإحاطة به من زوايا مختلفة سعياً لإعطاء الصرح التاريخي حقه. ثم قام الفنان بعدها بطباعة هذه الرسوم، بعد إعادة صياغتها، بطريقة الليتوغرافيا لتخرج بقيمة فنية رفيعة المستوى. وقد برزت المآذن في عدد كبير من أعماله، وكان وجودها يضفي على اللوحة نكهة خاصة، خصوصاً تلك التي نراها في الأعمال المكرّسة لمدينتي القدس والقاهرة.
وبخلاف المشاهد الداخلية المختلفة الحقيقية أو المتخيلة التي رسمها المستشرقون، حيث لعب المزاج الشخصي (وأحياناً الخيال الأدبي) دوراً في الانحراف عن الحقيقة، فإن مشاهد المدن الخارجية المزدانة بالمآذن، جاءت في معظمها على قدر مدهش من الواقعية والأمانة للأصل. وكأن الفنان يعترف بعجز في خياله عن تجاوز الجمال المتمثل في هذه المآذن أو Ťتجميلť أي شيء فيها.
إن الباحث في أعمال المستشرقين، ممن وردت أسماؤهم أو الذين لم تسنح الفرصة لذكرهم نظراً لضيق المجال، سيرى أن رحلاتهم والرسوم التي نتجت عنها، تعود في معظمها إلى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. ولكن الاتجاهات الحديثة في الفن التشكيلي ألغت من ضمن ما ألغت في معظم الأحيان مشابهة الواقع، وتراجع المشهد المديني الخارجي كموضوع مهم في اللوحة. ومع ذلك ظلت المئذنة تبرز في بعض الأعمال العالمية كبصمة حضارية واضحة الخطاب.
ففي السبعينيات من القرن الماضي، رسم الفنان الفرنسي ماثيو لوحة تجريدية بعنوان Ťأسطنبولť. ووفق أسلوب هذا الفنان، اقتصرت اللوحة على بعض الخطوط العفوية ومن ضمنها بعض أنصاف الدوائر، تعلوها بعض الخطوط العمودية.. إنها القباب والمآذن التي تشكِّل أبرز معالم هذه المدينة. ورغم تجريدية اللوحة، كان خطابها واضحاً حتى إن إحدى شركات الطيران استخدمتها ملصقاً دعائياً للسياحة في تركيا.
أما اللوحة التشكيلية في بلادنا، وإن تأخرت قليلاً عن اللوحة الأوروبية لبعض الوقت في هذا المجال، فذلك لأن الفن التشكيلي كان في القرن التاسع عشر يخطو خطواته الأولى. وما أن حل القرن العشرون، ونشط هذا الفن في بلادنا، حتى أصبحت للعمارة الإسلامية أصداءٌ واسعة في أعمال فنانينا، لكنها جاءت مختلفة عن أعمال المستشرقين، ليس من حيث النوعيةُ والمستوى الفنيُّ، بل من حيث التقنياتُ والعلاقات اللونية، إذ إن تلك الأعمال عكست علاقة خاصة مع الأمكنة، لعب فيها الانتماء والهوية دوراً لا يمكن تجاهله. فلم يعد معمار المئذنة هو الأساس كما كان الحال في معظم لوحات المستشرقين، بل أصبح مجرد ظهورها ولو بشكل متخيَّل، خطاباً بحد ذاته يوضِّح حقيقة الانتماء ببساطة وبلاغة أكثر من أي خطاب آخر.

27 - يناير - 2010
هلال المنارة
 183  184  185  186  187