وهذه الهدية للنويهي المرابط كن أول من يقيّم
بناء على ردود فعلكم الطيبة ، وعلى تشجيع الأستاذ زهير الذي لم أتوقعه أبداً وبهذا الحجم ـ لأنني أعرف بأنه من الممكن أن يمزح في كل شيء إلا الشعر ـ وبعد الشكر الكبير لكم ولكل ما يعج فيه هذا الملف من فيض العاطفة المشرقة ، سأتجرأ على كتابة قصيدة ثانية ، أدعي بأنها من ضمن الموضوع ، وليسمح لي الأستاذ زهير مرة أخرى ببعض التجاوزات ، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها :
أنا إنسان !
ليل طويل مظلم ، حتى العماء
يجتازني في صمت صيحات الضياء
يمتد
حتى مسام الخوف مني ، قارعاً
أبواب صدري ، ضاقه طول البقاء
كم بت في تغريبة ، قفر البطاح
وتمنعت عني تدابير الرياح
متأبطاً ترنيمة الحظ التي
باتت ، لعمري ، شكوتي ، ليل النواح
أمشي وامشي ، مئزري نبض الهوى
أمشي ولا ألوي ، يتعتعني النوى
متلفحاً بخميلة الحلم التي
عبقت بأنفاس الضحى ، دفء المساء
ينتابني صيفٌ ، تقاسيم الرعود
تتفتح الوردات ، تختال الوعود
يتلفت الصبح الأغر وينثني
يخشى اقتراب الشمس من كبد السماء
يتمنع الضوء النحيل مزمجراً
أين اتساع الكون ? أطراف الفضاء ?
متلفت حولي ، ولا أدري معي
صارت فضائي شكوتي ، صرت النداء
من منا أهرق دمعة يوم الرحيل ?
من منا أطبق للنوى شفة ? ومن أرخى الغطاء ?
من منا أولم للحبيب فؤاده
ومن استطال
يرمي نجوماً في العلاء ?
يتململ الضوء النحيل وينطوي
مترنحاً ، متثاقلاً : عز العطاء
أتنفس الصبح الخجول وأدعي
صبحاً بهياً ، مشرقاً ، حلو الرجاء
|