البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 15  16  17  18  19 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
لا بد من وضع النقط على الحروف    كن أول من يقيّم

 
الأخت الكريمة الأستاذة يمامة : كلامك هذا الذي تقولينه بكل الصدق والعفوية ينزل برداً وسلاماً على قلوبنا جميعاً لأنه ناصع بوضوحه  ، وأخص بالذكر قولك :
 
 توجد في اعماق النفس  الانسانية , بصيرة داخلية تميز بين  الحق والباطل , والخير والشر
رغم أنني أشاركك الرأي في كل الباقي .
وهذا الظلم اليوم واقع ، وهو واضح وصريح ، ولا يختلف فيه عدو ولا صديق .
وموقفنا من المقاومة ونصرتها ضد هذا الظلم هو أيضاً واضح وصريح وليس فيه لبس ولا تشكيك .
لكني نشرت تلك الرسالة كما قلت أعلاه بهدف الشفافية التامة وللأسباب التي أشرت إليها ، وبهدف القول أيضاً بأن من كان مع نفسه بصدق وأخلاق فلسوف تمشي معه الناس ، ولسوف تؤيده وتتعاطف معه ، وسوف يحترمه حتى أولئك الذين يجدون أنفسهم ، بحسب موقعهم الطبيعي ، في الجهة المقابلة .
لكني أظن بأن الأستاذ زهير أراد أن يذهب أبعد من ذلك عندما فتح هذا الملف ، وأنه أراد أن يقول بأنه يمكن للإنسان بأن يخرج من حصار بيئته ومحيطه وظروفه القسرية ليلتقي مع الآخر ـ المختلف إذا عرف كيف يحرر نفسه من وطأة عملية تعليب الدماغ التي نخضع لها كل في مجتمعه . وهذه الفكرة تتخطى الظرف الراهن الضاغط على أعصابنا جميعاً ، إلا أنه ـ حسب شعوري ـ لم يشأ تفويت هذه الفرصة .
 

6 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
أبيات مهداة إلى اليمامة وعبد الحفيظ    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
سأقول هنا أبيات شعر ، ستكون حتماً مكسورة الوزن كسابقاتها ، فليعذرني الأستاذ زهير وليصحح لي مشكوراً سلفاً :
 
 
سماء البلابل
 
سلام عليك ، سلام الورود
سلام الربيع بفيض الزهِر
حمام يطوف بكل الحدود
ويلقي السلام بقلب عطر
 
دنا واستهان بكل القيود
يهيم اشتياقاً لسحر ندر
فيرتاب حيناً ، وحيناً يعود
ليغشاه رجفٌ ، كجذب الوتر
 
وتمضي الليالي ، بقلب العنود
وتأتي النهارات بعد السحر
بودي يعود ، لسكنى يعود
يظل يرفرف تحت القمر
 
سماء البلابل ، أوتار عود
ورجع الموسيقى ، وصوت الحذر
وطير الحمام ، حليف العهود
عليك السلام ، عليك النظر .
 

7 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
وهذه الهدية للنويهي المرابط    كن أول من يقيّم

 
بناء على ردود فعلكم الطيبة ، وعلى تشجيع الأستاذ زهير الذي لم أتوقعه أبداً وبهذا الحجم ـ لأنني أعرف بأنه من الممكن أن يمزح في كل شيء إلا الشعر ـ وبعد الشكر الكبير لكم ولكل ما يعج فيه هذا الملف من فيض العاطفة المشرقة ، سأتجرأ على كتابة قصيدة ثانية ، أدعي بأنها من ضمن الموضوع ، وليسمح لي الأستاذ زهير مرة أخرى ببعض التجاوزات ، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها
 
 
 
 أنا إنسان !
 
ليل طويل مظلم ، حتى العماء
يجتازني في صمت صيحات الضياء
يمتد
حتى مسام الخوف مني ، قارعاً
أبواب صدري ، ضاقه طول البقاء
 
كم بت في تغريبة ، قفر البطاح
وتمنعت عني تدابير الرياح
متأبطاً ترنيمة الحظ التي
باتت ، لعمري ، شكوتي ، ليل النواح
 
أمشي وامشي ، مئزري نبض الهوى
أمشي ولا ألوي ، يتعتعني النوى
متلفحاً بخميلة الحلم التي
عبقت بأنفاس الضحى ، دفء المساء
 
ينتابني صيفٌ ، تقاسيم الرعود
تتفتح الوردات ، تختال الوعود
يتلفت الصبح الأغر وينثني
يخشى اقتراب الشمس من كبد السماء
 
يتمنع الضوء النحيل مزمجراً
أين اتساع الكون ? أطراف الفضاء ?
متلفت حولي ، ولا أدري معي
صارت فضائي شكوتي ، صرت النداء
 
من منا أهرق دمعة يوم الرحيل ?
من منا أطبق للنوى شفة ? ومن أرخى الغطاء ?
من منا أولم للحبيب فؤاده
ومن استطال
يرمي نجوماً في العلاء ?
 
يتململ الضوء النحيل وينطوي
مترنحاً ، متثاقلاً : عز العطاء
أتنفس الصبح الخجول وأدعي
صبحاً بهياً ، مشرقاً ، حلو الرجاء
 

8 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
دعد    كن أول من يقيّم

 
كنت في صغري ، شديدة النحافة ، وكان أبي يقول تعليقاً على هذا بأن : " ضياء تأكل ، والكلاب تسمن ! " . ثم صار يتهم والدتي بأنها لا تهتم بتغذيتي ، فصارت تجبرني في كل صباح ، على لفة زبدة ومربى ، أو جبنة قشقوان ، أو حلاوة طحينية ، آخذها معي في محفظتي إلى المدرسة ، بدلاً من لفة الزيت والزعتر التي كنت أصر عليها يومياً حتى ذلك الحين . 
أسعدني أنها صارت تهتم بي بشكل خاص ، فلم أحتج . لكن شهيتي ظلت مفتوحة للزعتر فقط ودون غيره ، فلجأت إلى حيلة بسيطة ، وهي أن أبدل لفتي بلفة إحدى صديقاتي في المدرسة ممن أحضرت معها زعتراً . في البداية ، كان الأمر سهلاً ، ثم صرت ألاقي صعوبة بعض الأحيان ، وبدأت بعضهن تتدللن وتطالبن بأكثر من السندويشة ، كأن تسألني مثلاً : " أليس معك علكة ? أو حبة شوكولا ? " كنوع من الإبتزاز ، حتى اهتديت إلى بنت عاقلة جداً ، كانت تجلس دائماً في آخر الصف لأنها كانت أكبر سناً منا بقليل ، ولم يكن لديها صديقات ، ولا تحضر معها إلا الزعتر، وكانت مستعدة لمقايضته بكل سرور .
كان اسمها " دعد " ، وكانت في الصف حاضرة ـ غائبة لا يسمع لها حس ولا حسيس ، ولولا الزعتر وأشواقه لما كنت عرفت عنها شيئاً أبداً . لكن هذا التبادل ـ المصلحي ـ بيننا صار يجمعنا ، فصرنا نجلس معاً على حافة شباك أحد الصفوف ، عند الفرصة ، لنأكل ترويقتنا ........ وكانت فترة الفرصة الصباحية صاخبة إلى حد كبير لأن مدرستنا كانت مختلطة ، إنما ليس داخل الصفوف ، بل خارجها فقط . وعندما كان الصبيان يخرجون من " معاقلهم " ويبدأون بالتدافع والصراخ ، كان الملعب يتحول إلى ساحة حرب جهنمية لألعابهم الشرسة والعنيفة ، وكان احتمال تلقي الدفعات واللكمات الطائشة وارد في كل حين ، حتى وجدنا ذلك الشباك المحايد ، فجعلناه ملجأنا ومطعمنا .........
وفي تلك الجلسات ، وسط ذلك الضجيج العارم ، اكتشفت موهبة " دعد " الغنائية ، واكتشفت معها حبي لفيروز . ففي البيت ، كان لدى أبي " بيك ـ أب " صغير يضع فيه اسطوانات لأم كلثوم ، وفريد الأطرش وناظم الغزالي . من فيروز ، لم يكن لدينا سوى " زهرة المدائن " ....... وفي الراديو ، كانت الموضة الرائجة بوقتها هي : فهد بلان ، وسميرة توفيق وصباح .....
كان لدعد صوتٌ ساحرٌ ، صوتُ ملاك ! وكانت تحفظ فيروز عن ظهر قلب ، وكانت ترتلها كالصلاة في كل يوم ونحن جالستين على حافة ذلك الشباك ، ومن حولنا شياطين تقفز وتتناطح كأنها خرجت للتو من علبة الباندور ......... لم أكن أسمع في تلك المعمعة سوى صوتها الدافىء ينقلني إلى عالم مجنح ، لا لغو فيه ولا عراك :
 "هيهات يا بو الزلف "، كان يكفي أن تقول ، لنتدحرج على درب الضيعة ، ولأمشي معها على درب العين المسيج بالورد وتوت العليق ، وشجرات الزيتون تصطف من حولنا ونكاد نسمع خرير ذلك الحنين ......
 "يا قمر أنا وياك " ، فيهبط علينا الليل ويخفينا عن العيون ، تتراقص بنا الألوان والألحان وأراها تخرج من بين عواميد القلعة ، كالملاك يخرج من الكهف المسحور ، يرتعش الصوت بداخلي كشمعة قرب شباك مفتوح ، وأشم فيه عبق زهر الليمون ..........
كانت " دعد " تفتح فمها لترسل منه أحلاماً سكنت مخيلتي واستقرت فيها إلى الأبد . تفتح فمها ، ليزغرد العرس ، وتصهل خيول عليها فرسان ودروع من فضة . يأتي فجأة تشرين بقوافل ، وتجار حرير ، وينزل " فخر الدين " إلى الوادي ليسلم على العسكر : تتقدم منه صبية فتهدي إليه " سيف التواضع " .
امتداد الصوت ، كان يحفر في جدران ذاكرتي حكايات " كرم اللولو " ، وقصة  " الإسوارة " ، و" راجح الكذبة " ، وحبقة الجيران العطشانة .
جميلة ، جميلة ، تلك الأرض ، وتلك السهول ، وعميقة بئر الأسرار وتلك البنت الفزعة ، كقطة المساء .
ولما يكون البحر دافئاً ، كانت حورية الشاطىء تخرج من بين الأمواج ، لتحرس مراكب الصيادين ، ويخرج القمر ليتفرج على الحورية وهي تسرح شعرها ، فيتساقط منه الصدف ، ويخشخش على حصى الشاطىء :
يا مارية ، يا مسوسحة القبطان والبحرية ، يا طالعة من البحر
غني يا "دعد " غني ، حتى مطلع الفجر .
 

8 - أغسطس - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
إلى الأستاذة تسنيم :    كن أول من يقيّم

 
لا تهتمي لرأيي عزيزتي ، بل دعك منه فأنا أبدله في اليوم الواحد عشر مرات ، أما أصدقائي ، فلا أبدلهم أبداً .
أضم صوتي إلى صوت الأستاذ زهير في المدح بشاعريتك ، وفي المطالبة ببعض القصائد ، وأزيد ـ وهذا لكي أبقى وفية لطبعي المشاكس ـ في  أن أطلب منك قصة جميلة تضيفينها إلى ملف هذا الزمن المتحول فهو يتسع لنا جميعاً .
عذراً لو كنت فعلاً قد أقلقت نومك .

9 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
أستاذي ومعلمي وأمير البلابل في سماء الوراق    كن أول من يقيّم

 
صدقني يا أستاذ زهير بأنني لا أعرف عن العروض أكثر مما أعرف عن لغة أهل الصين . زد على جهلي هذا جهلاً بضروب البيان والبديع وتسمياتها ،  زد عليها علوم اللغة العربية كلها فأنا منذ المرحلة التكميلية لم أتعلم شيئاً في قواعد اللغة ، بل نسيت ما كنا قد تعلمناه . أنا أشبه في ذلك الموسيقي الذي يتعلم الموسيقى سماعاً دون دراسة النوتة .
 
رأيت ذات مرة ريبورتاجاً على التلفزيون ، عن نوع من الغجر يعيشون على سطح الماء . حياتهم كلها تجري على مراكب تسبح في عرض البحر وينتقلون فيها من مكان إلى آخر طلباً للرزق . ومن عاداتهم الغريبة هو أنهم كلما ولد لديهم طفل جديد ، ألقوه في الماء ، فإذا سبح وعام ، عادوا فانتشلوه من البحر وأصبح واحداً منهم ، وإذا غرق ، تركوه لمصيره وتخلوا عنه معتبرين بأنه لا يستحق الحياة .
الفرق بيني وبينهم  ، هو أنني ألقيت بنفسي إلى البحر طواعية أملاً في أن أعوم . والعروض هو المركب الذي سأعود إليه لو أجدت السباحة ، أما الشعر ، فهو البحر الواسع الذي يمكنني أن أتعلم فيه العوم لو كان شعري حقيقياً  وجديراً بالحياة ، وأنا أشكر يدك الرؤوفة التي تمدها لمساعدتي عندما يعلو الموج وتتعذر على عيوني الرؤية .
 
أما شعرك الخالد ، فهو الموسيقى الوحيدة التي أسمعها منذ شهور طويلة وتطربني ، والأبيات التي ذكرتها :
 
وطـنـي أقـلـني من وقو
 
فـي طال يا وطني iiالوقوف
لـمـا  رأيـتـك في iiالهوا
 
ن خرجتُ من كل iiالصفوف
 
هي ـ بدون شك ـ من أجمل ما سمعت من الشعر لأنها حقيقة أقولها في داخلي منذ عقود ولا أعرف كيف أعبر عنها .
وأما ابن الأكوح ، فهو حكاية أخرى سيحيكها لنا سجادة من حرير ، ألم تسمع موسيقاه الأخيرة وهو يغني ?
 

9 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
للرد على الأستاذ يوسف أحمد    كن أول من يقيّم

 
أتقدم قبلاً بالتحية للأستاذة الفاضلة " أم الرضا " صاحبة القلم ـ الشراع ،والمواقف الناصعة التي تعبر عن ضمير وعمق ما فطرنا عليه من أخلاق ، وهي يمامة أخرى تنضم لفئة المحاربين في هذا الزمن العاق الذي ينتزع منا كل شعور بالأمان ويعري كلماتنا لتصيح بأعلى ما يمتد بها الصوت في برية هذا العالم المجنون .
 
وجواباً على السؤال الذي طرحه الأستاذ يوسف أحمد ، لا بد من التذكير بأن لبنان الذي يبدو اليوم موحداً أمام هذه الهجمة البربرية التي يتعرض لها حالياً ، لا زال خارجاً للتو من حرب اهلية استطالت ثلاثة عقود ، مزقت أوصاله ، وعمقت الإنقسامات التي كانت موجودة فيه وهي ليست طائفية فحسب ، بل هي أيضاً طبقية وعقائدية ـ سياسية . الأحلاف تغيرت ، لكن بذور الصراع كامنة ومرتقبة لأن هناك قوى خارجية تغذيها وتتحكم بها .
 
الجيش اللبناني ، الضعيف حالياً من ناحية المعدات والعتاد والتدريبات ، غير قادرعلى مواجهة الجيش الإسرائيلي عملياً ، ولا يمكنه الدخول معه في حالة حرب . نشر الجيش اللبناني سوف يتم ـ إذا حصل ـ بناء على ضمانات دولية تلتزم فيها إسرائيل بعدم العدوان ، والغاية منه هو تفريغ الجنوب من مقاتلي حزب الله كضمانة لأمن لإسرائيل وجبهتها الشمالية . يعني بأن المطلوب منه هو القيام بدور محايد في الصراع العربي ـ الإسرائيلي وليس بدور الجيش الذي يزود عن حياض الوطن . ومن المهم التذكير بأن الجيش اللبناني كان قد انقسم على نفسه في بداية الحرب الأهلية في العام 1974 وذهب كل فريق إلى طائفته .
 
لا يوجد في لبنان ، حتى الآن ، حكومة ودولة قوية موحدة قادرة على اتخاذ قرارات سياسية والبت فيها كنوعية القرار والموقف من الصراع العربي ـ الإسرائيلي . يوجد في لبنان ـ على الأقل ـ وجهتا نظر متناقضتان كلياً حول هذا الموضوع ، الأولى تقول بالمواجهة ، والثانية تنصح بالسلام مع إسرائيل . وقد اتخذ هذا التناقض وجوهاً متعددة حتى اليوم ، فكان مرة صراعاً بين المقاومة الفلسطينية والجيش اللبناني قبل الحرب ، وكان على شكل حرب أهلية بين اليمين واليسار ، الإسلام والمسيحيين ، العروبي والمستغرب ، الفلسطيني واللبناني ........ وهو اليوم يتخذ شكلاً آخراً من موضوع المقاومة والمواجهة مع العدو ، إلا أنه لم يستقر على برنامج واضح بعد لأن التدخلات الخارجية لا تريد له بأن يتجاوز انقساماته ويعلو عليها . فهل سينجح اللبنانيون بهذه المهمة ? أتمنى من كل قلبي حصول هذه الأعجوبة . 

11 - أغسطس - 2006
أوقفوا الحرب على لبنان...
من أين أبدأ ?    كن أول من يقيّم

 
لا أدري من أين أبدأ ?
من الآخر ، سوف أبداً من سلوى التي تحيرني في كل يوم أكثر وأكثر ولا أستطيع أن أقول رأيي فيها لأن شهادتي بها مجروحة ?
 
أم من عبد الحفيظ وورداته الحانيات ? هل تظن بأنك لو أهديتنا الورد سنعفيك من الباقي ? نريد " ألخ " وأخواتها ... إبداً من عند ألخ الموجعة هذه فهي حبلى بالكلام ( أنظر إلى حرف الخاء الذي يندفع أمامها كالبطن المنفوخ ) ......... الظلم واقع يا عزيزي ، عليك وعلى سندريلا وأسمهان وعبد الرؤوف وزهير والذين يعانون من الحروب ، والفقر ، والمرض ، والقابعون في السجون لمجرد أنهم قد أبدوا رأيهم ، وعلي أنا وعلى جدودي وجداتي وربما أحفاد أحفادي ........ لكننا نريد أن نتعلم ونعرف كيف فعلت ، أنت ، عبد الحفيظ . كيف غزلت شرنقتك وسكنت بداخلها قبل أن تخرج فراشة تهيم في الحقول ? شكراً لك الورد ، وكل الباقي .
 
أَمْ تسنيم التي ترسم لنا دوائر ومكعبات لمنمنمات رائعة ، زادها الخيال وهذا الكلام الرقيق المشغول بحنكة صائغ وتمرد رسام سوريالي ? اكتبي يا تسنيم ودعينا نرى هذا الإنسان القابع فيك وراء أستار النص ، فمن يمتلك كل هذه الطاقة الشعرية لا يمكن إلا أن يكون جميلاً كائناً ما كان .
 
أم الأستاذ بنلفقيه الذي بكى وأبكانا معه ? أم الأستاذ عبد الرؤوف الذي لا يرضى الإستكانة ولا يترك لقلبه فرصة تشبه فرصتي تلك التي كنت آكل فيها الزعتر وأنا أسرح مع دعد وراء القطعان في البرية ? سلامتك يا أستاذ عبد الرؤوف ، ألف سلامة .
 
أم الأستاذ أحمد الشقفة ، ملك البراغي ، وحارس حروف القصيدة ?
والله يا أستاذ أحمد أنت لم تفاجئنا بحديثك عن الأستاذ زهير ، بقدر ما أضفت إلى الأسطورة من معنى . إن شعر الأستاذ زهير ، ونثره أحياناً ، يحكي قصة هذا العذاب في معركة الحياة ، وهذه الطفولة المهانة التي هي الإستعمار الحقيقي بشكله البدائي الأول الذي يبدأ بتدمير الإنسان من الداخل وقبل أن يصل في سطوته وجبروته إلى تدمير الوطن والتاريخ . والإنسان المقاوم الذي يستطيع تحدي هذا النوع من الإستعمار وأن يخرج منه إنساناً لا زال ، هو دليل على أننا " شموس تستعصي على الزوال " ( وهذه الكلمة للأستاذ يحي الرفاعي أستعيرها منه ) .
أهلاً بك في هذه الحلقة من الأصدقاء صديقاً وجامعاً ربما لما تناثر على حوافي الطريق من شعر الأستاذ زهير الذي يحكي الضمير وما ضمر من عذابات هذه الأمة وإنسانها المهان والمقموع . وشكري ، كل الشكر لك لما أبديته من تجاوب مع كتابتي الشعرية .
 
 

11 - أغسطس - 2006
رسالة بريجيت
نقلاً عن السفير اللبنانية هذا الصباح    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم


كم هي قوية
لبنانيتي

فاطمة خليفة
1
سأتحدث عن انتماءاتي.
لم أشعر يوماً بانتماء إلى أي شيء مادي محدد. انتميتُ دائماً إلى الإنسانية بأبعد حدودها وهي أصلاً كانت بالنسبة لي بلا أية حدود. هذه العلاقة بالإنسان الآخر الذي أعرفه وحتى الذي لا أعرفه، هذه العلاقة جعلتني دوماً عاجزة عن الفرح كفاية ما دمتُ على يقين بأنّ هناك إنساناً ما في هذا الكون هو عاجز عن الفرح.
لم أنتمِ قبل اليوم إلى لبنان وحده بل إلى كل البلاد وإلى كل إنسان. أما اليوم فها اني أكتشف كم هي قوية لبنانيتي.
اليوم تتغير في بالي معادلات جمّة. هل يمكن أن نكتشف يوماً أنّ معادلةً على شكل واحد زائد واحد لا تساوي اثنين? أنا ولبنان صرنا واحداً لا اثنين.
لبنان اليوم، هو طفلي الذي يناديني وأنا بعيدة في غربتي لا أستطيع الوصول إليه.
لبنان اليوم، أنا والدته المفجوعة، استدركتُ فجأة أنّه أفضل أبنائي وأنه النبض الرئيسي في شرايين قلبي.
2
سأتحدث أيضاً عن العرب.
فلسطين المنتفضة صارت اسرائيل على معظم خرائط العالم.
عراق الذي حكمه طاغية سابق تحول إلى عراق يحكمه طغاة آخرون.
لبنان الصغير صار مسألة شرق أوسط كبيرة.
والعرب لا يزالون يتفرجون.
3
سأتحدث عن الذنب الذي اقترفه.
أخجل، أخجل لأنني أقيم في دولة تقدم الأسلحة هبات لقتلنا. مع كل مشهد عنيف أمامي على شاشات الأخبار، أنزوي في مكاني.
أريد أن أرجع إلى لبنان والكل قادمون.
أريد أن أذهب إلى لبنان والكل هاربون.
افسحوا لي مكاناً أصلُ من خلاله إلى جروح طفلي لأضمدها. المستشفيات هناك لم تعد تتسع.
لبنان ليس أناساً وأمكنة.
لبنان إلهٌ يحاولون قتله بحجة أكاذيب أخرى.
4
سأتحدث عن المجنون الذي يقود هذا العالم.
إنها جوقة مجانين يقودها مجنون متكلم. أطلقَ علينا أسماء وصفات ونعوتاً. أعلنَ الحرب واقترح علينا أيضاً أن نخسر في المعركة التي أجْبَرنا على خوضها. ولمّا لم نخسر هدّد برجمنا بواسطة صواريخه الذكية.
مجنون يقتلنا ويسير بعدها في جنازاتنا.
يأكل أيضاً في مآتمنا.
ومن بعدها يعِدنا بمعونات إنسانية هائلة!
5
يريدوننا أن نموت بقذائفهم وصواريخهم? لكننا نموت أيضاً غماً.
(كاتبة لبنانية الولايات المتحدة)

12 - أغسطس - 2006
أوقفوا الحرب على لبنان...
بائع الصبار عندما يكون شاعراً    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
شكراً للأستاذ أحمد لإغنائه هذا الملف بهذه القصيدة الرائعة " بائع الصبار " التي تختصر عالماً بكامله .
يوجد في الأدب العالمي أمثلة كثيرة على حكايا الطفولة المعذبة التي تضعها قسوة الظروف أمام تحديات الواقع وتسرق منها براءتها . يحضرني منها حكاية " بائعة الكبريت " للكاتب الدانماركي " Hans Christian Andersen " الذي عاش في القرن التاسع عشر ، وقصة " ريمي " الولد المتشرد في " sans Famille " للفرنسي "Malet  Hector " وقصص أخرى كثيرة مبثوثة بكثرة في الأدب الغربي هدفها الإشارة إلى واقع إجتماعي متردي كانت تعيشه أوروبا في القرن التاسع عشر وبداية العشرين والذي يعبر عن حالة البؤس هذه التي كانت تطال شريحة واسعة من الناس ، وكان الأطفال الفقراء هم أول ضحاياها . 
ولا أريد الكلام عن الواقع الذي يزداد سوءاً في عالمنا العربي ويدفع في كل يوم بأعداد هائلة من أبنائنا إلى الشوارع أو لإحتراف مهنة صغيرة يعتاشون منها ، وما أكثرهم اليوم في بيروت بالمقارنة على ما كنا عليه قبل الحرب ، يمسحون زجاج السيارات ويبيعون " السمسمية ". وما أكثرهم اليوم في بغداد يتشردون في مجاهلها ودروبها العابقة بالموت ، في حين كان لهم ـ على الأقل ـ قبل الحرب بيوتٌ ومدارسُ يؤون إليها ....... والطفولة عالم قائم بذاته وهي البرعم الذي يجب أن نعتني به لكي يتفتح إنساناً سوياً ، هي المستقبل الذي نعده لأنفسنا ، فأي مستقبل ينتظرنا ?
كنت أريد الكلام عن الأدب فقط وعلاقته بالحياة ! وقد كان الأستاذ معتصم قد أشارإلى هذا في حديثه مرة ، في ملف :  " في سبيل النهضة " فقال :
 
إذا كان المقصود بالأدب هو مجرد النصوص ذات الألفاظ الرفيعة و الصور الرائعة و المعاني المثيرة أو ما يسمى صناعة الأدب , ففعلاً سيكون غياب النقد الأدبي و "أحاديث الأربعاء" و الصالونات و المجلات الأدبية السبب وراء ضعف الأدب العربي بدءاً من الربع الأخير من القرن العشرين .
أما إذا كنا نتكلم عن الأدب من حيث كونه مرآة الحياة التي تعكس الواقع و الأمراض و المشاكل فيجب إذا أن نفتش عن أسباب أخرى لضعف الأدب .
 
 فهذه القصيدة هي مما ندر ، وهي الأدب الرفيع ، الذي يعكس صورة من الحياة تضيء عالماً بكامله ، وتقدمه لنا بكامل حرقته ، وقسوته ، والشوك الذي في يديه . مع ذلك ، هو عالم ينضح بالجمال ، وينتزع الرحمة من قلب الشقاء ، هو وإن كان قد أعلن تمرده على هذا الواقع في البداية :
 
ميسون  يا وجعي ودمعي iiالجاري مـازالـت أكـتم جرحه iiوأداري
أنـا  بـائع الصبار في iiسحارتي قـمـر  الحواكير الشريد iiالعاري
كـسّـرتـه  لـما كبرت قصائدا وأكـلـت  مـنه خلاصة iiالأقدار
 
 
إلا أنه يحمي نفسه من القبح والتعاسة  داخل تفاصيل الحياة التي لا تخلو أبداً من الجمال الذي لا تراه إلا عيون الشعراء :
 
فـي الـمزة العذراء كم من iiدمية ركـض  الجمال بها أمام iiغباري
وأنـا  عـلى كتفي ثياب طفولتي واهـي الإزار مـقـطع iiالأزرار
مـيسون: ما زالت خدودك iiقِبلتي فـي  قُبلتي، وعلى يديك iiسواري
إنـي لـمـشـتاق لأنسل iiشوكها يـومـا  بـكل سعادتي iiووقاري
لـم ألـق أطـيب لذة من iiريحها
عـبق  الزمان ومصحف الأسمار
 
هذه قصيدة عملاقة بمعانيها ، صداحة بشعرها وموسيقاها وما ترتله من أشواق ، وهي غنية بالصور التي تتحف الخيال بألوان تلك الصبيحات الشاردة ، فتخلدها في نص كامل التكوين .
شكراً للأستاذ أحمد هديته الرائعة ، وأما شكرنا للأستاذ زهير فلم يعد إلا من باب المجاملة لأن ما ندين له به هو أبعد من الشكر بكثير .
 

13 - أغسطس - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
 15  16  17  18  19