البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 128  129  130  131  132 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (21)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم

ذكر الآية الثالثة عشرة:

اختلف المفسرون في هذه الوصية، هل كانت واجبة أم لا على قولين:
أحدهما: أنها كانت ندبا لا واجبة، وهذا مذهب جماعة منهم [ الشعبي ] والنخعي واستدلوا بقوله بِالْمَعْرُوفِ قالوا: المعروف لا يقتضي الإيجاب وبقوله: عَلَى الْمُتَّقِينَ والواجب لا يختص به المتقون.
والثاني: (أنها كانت فرضا ثم نسخت، وهو قول جمهور المفسرين، واستدلوا بقوله: كُتِبَ وهو بمعنى فرض كقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وقد نص أحمد في رواية الفضل بن زياد، على نسخ هذه الآية، فقال: الوصية للوالدين، منسوخة وأجاب أرباب هذا القول أهل القول الأول، فقالوا: ذكر المعروف لا يمنع الوجوب، لأن المعروف بمعنى العدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير كقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولا خلاف في وجوب هذا  الرزق والكسوة، فذكر المعروف في الوصية لا يمنع وجوبها بل يؤكده، وكذلك تخصيص الأمر بالمتقين دليل على توكيده لأنها إذا وجبت على المتقين كان وجوبها على غيرهم أولى، وإنما خصهم بالذكر، لأن فعل ذلك من تقوى الله تعالى، والتقوى لازمة لجميع الخلق.
فصل: ثم اختلف القائلون، بإيجاب الوصية ونسخها بعد ذلك، في المنسوخ من الآية على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن جميع ما في الآية من إيجاب الوصية منسوخ، قاله ابن عباس =رضي الله عنهما= أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا أخبرنا ابن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: أبنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية قال: حدثني أبي عن جدي عن عبد الله بن عباس =رضي الله عنهما= إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسخت الفريضة التي للوالدين والأقربين "الوصية".
أخبرنا بن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا الحسن بن محمد. وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله البقال، قال: أبنا علي بن محمد بن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي "قال" بنا حجاج قال: بنا ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس =رضي الله عنهما= كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ نسختها لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ الآية أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أبنا محمد بن مرزوق، قال: أبنا أبو بكر الخطيب، قال: أبنا ابن رزق، قال: أبنا أحمد بن سلمان، قال: بنا أبو داود، قال: بنا أحمد بن محمد، هو المروزي، قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي بن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا ابن حموية، قال: بنا إبراهيم بن حريم، قال: بنا عبد الحميد، قال: أبنا النضر بن شميل، قال: أبنا ابن عون عن ابن سيرين، قال: كان ابن عباس يخطب، فقرأ هذه الآية إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ فقال: هذه نسخت قال عبد الحميد: وحدثنا يحيى بن آدم عن ابن حماد الحنفي عن جهضم عن عبد الله بن بدر الحنفي، قال: سمعت ابن عمر يسأل عن هذه الآية الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسختها آية المواريث.
قال عبد الحميد: وحدثنا يحيى بن آدم عن محمد بن الفضيل، عن أشعث عن الحسن إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسختها آية الفرائض. قال عبد الحميد وأخبرني شبابة عن ورقاء عن "ابن أبي نجيح" عن مجاهد قال: كان الميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربين، فهي منسوخة وكذلك قال: سعيد بن جبير: (إن ترك خيرا الوصية قال: نسخت).
القول الثاني: أنه نسخ منها الوصية للوالدين: أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو ظاهر الباقلاوي، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن ابن الحسن، قال: بنا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم عن الورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ قال: كان الميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربين ثم نسخ منه الوالدين أخبرنا إسماعيل، قال: أبنا أبو الفضل البقال قال: أبنا بن بشران، قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: بنا أسود بن عامر، قال: بنا إسرائيل، عن مغيرة عن إبراهيم، قال: كانت الوصية للوالدين فنسختها آية الميراث، وصارت الوصية للأقربين.
قال أحمد: وحدثنا أبو داود عن زمعة عن ابن طاؤس عن أبيه قال: نسخت الوصية عن الوالدين، وجعلت للأقربين.
قال أبو داود: وحدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن أبي ميمونة، قال: سألت العلاء بن زياد ومسلم بن يسار عن الوصية، فقالا هي للقرابة.
القول الثالث: إن الذي نسخ من الآية الوصية "لمن" يرث ولم ينسخ الأقربون الذين لا يرثون، رواه عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما=، وهو قول الحسن والضحاك وأبي العالية.
أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي ابن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد، قال: أبنا إبراهيم بن حريم، قال: بنا عبد الحميد، قال بنا مسلم بن إبراهيم عن همام بن يحيى، عن قتادة قال: أمر أن يوصي لوالديه، وأقربيه ثم نسخ الوالدين والحق لكل ذي ميراث نصيبه منها، وليست لهم منه وصية فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل البقال، قال: بنا أبو الحسن بن بشران قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، قال: أبنا يونس عن الحسن، قال: كانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ ذلك، وأثبتت لهما نصيبهما في سورة النساء وصارت الوصية للأقربين الذين لا يرثون، ونسخ من الأقربين كل وارث قال أحمد: وحدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ قال: أمر الله أن يوصي لوالديه وأقربائه ثم نسخ ذلك في سورة النساء فألحق لهم نصيبا معلوما، والحق لكل ذي ميراث نصيبه منه وليست لهم وصية، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو بعيد أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي بن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد قال: أبنا ابن حموية، قال: أبنا إبراهيم، قال: بنا عبد الحميد، قال: بنا يحيى بن آدم، قال: بنا إسماعيل بن عياش، قال: بنا شرحبيل بن مسلم، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث).

26 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
تبع    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

البحث في لسان العرب


البحث عن جذر تبع في لسان العرب

تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً في الأَفعال وتَبِعْتُ الشيءَتُبوعاً: سِرْت في إِثْرِه؛ واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه مُتَّبعاً له وكذلك تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً؛ قال القُطامي:
وخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ منه وليس بأَن تتَبَّعَه اتِّبـاعـا
وضَع الاتِّباعَ موضع التتبُّعِ مجازاً. قال سيبويه: تتَبَّعَه اتِّباعاً لأَن تتَبَّعْت في معنى اتَّبَعْت. وتَبِعْت القوم تَبَعاً وتَباعةً، بالفتح، إذا مشيت خلفهم أَو مَرُّوا بك فمضَيْتَ معهم. وفي حديث الدعاء: تابِعْ بيننا وبينهم على الخيْراتِ أَي اجْعَلْنا نَتَّبِعُهم على ما هم عليه.
والتِّباعةُ: مثل التَّبعةِ والتِّبعةِ؛ قال الشاعر:
أَكَلَت حَنِـيفةُ رَبَّـهـا زَمَنَ التقَحُّمِ والمَجاعهْ
لم يَحْذَرُوا، من ربِّهـم سُوء العَواقِبِ والتِّباعهْ
لأَنهم كانوا قد اتخذوا إِلهاً من حَيْسٍ فعَبَدُوه زَماناً ثم أَصابتهم مَجاعة فأَكلوه.
وأَتْبَعه الشيءَ: جعله له تابعاً، وقيل: أَتبَعَ الرجلَ سبقه فلَحِقَه.
وتَبِعَه تَبَعاً واتَّبَعه: مرَّ به فمضَى معه. وفي التنزيل في صفة ذي القَرْنَيْنِ: ثم اتَّبَع سبَباً، بتشديد التاء، ومعناها تَبِعَ، وكان أَبو عمرو بن العلاء يقرؤُها بتشديد التاء وهي قراءة أَهل المدينة، وكان الكسائي يقرؤُها ثم أَتبع سبباً، بقطع الأَلف، أَي لَحِقَ وأَدْرك؛ قال ابن عبيد: وقراءة أَبي عمرو أَحبُّ إِليَّ من قول الكسائي.
واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه. وفي خبر الطَّسْمِيِّ النافِر من طَسمٍ إِلى حَسَّان الملك الذي غَزا جَدِيساً: أَنه اسْتَتْبَع كلبة له أَي جعلها تَتبعه.
والتابِعُ: التَّالي، والجمع تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة. والتَّبَعُ: اسم للجمع ونظيره خادِمٌ وخَدَم وطالبٌ وطلَبٌ وغائبٌ وغَيَبٌ وسالِفٌ وسَلَفٌ وراصِدٌ ورَصَدٌ ورائحٌ ورَوَحٌ وفارِطٌ وفرَطٌ وحارِسٌ وحَرَسٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ وقافِلٌ من سفَره وقَفَلٌ وخائلٌ وخَوَلٌ وخابِلٌ وخَبَلٌ، وهو الشيطان، وبعير هامِلٌ وهَمَلٌ، وهو الضالُّ المهمل؛ قال كراع: كل هذا جمع والصحيح ما بدأْنا به، وهو قول سيبويه فيما ذَكر من هذا وقياس قوله فيما لم يَذكره منه: والتَّبَعُ يكون واحداً وجماعة. وقوله عز وجل: إِنَّا كُنا لكم تَبَعاً، يكون اسماً لجمع تابِع ويكون مصدراً أَي ذَوِي تَبَعٍ، ويجمع على أَتْباع.
وتَبِعْتُ الشيءَ وأَتْبَعْتُه: مثل رَدِفْتُه وأَرْدَفْتِه؛ ومنه قوله تعالى: إِلاَّ مَن خَطِفَ الخَطْفةَ فأَتْبعه شِهاب ثاقِب؛ قال أَبو عبيد: أَتْبَعْت القوم مثل أَفْعلت إذا كانوا قد سبقوك فَلَحِقْتَهم، قال: واتَّبَعْتُهم مثل افْتَعَلْت إذا مرُّوا بك فمضيتَ؛ وتَبِعْتُهم تَبَعاً مثله. ويقال: ما زِلْتُ أَتَّبِعُهم حتى أَتْبَعْتُهم أَي حتى أَدركْتُهم. وقال الفراء: أَتْبَعَ أَحسن من اتَّبَع لأَن الاتِّباع أَن يَسِير الرجل وأَنت تسير وراءَه، فإِذا قلت أَتْبَعْتُه فكأَنك قَفَوْته. وقال الليث: تَبِعْت فلاناً واتَّبَعْته وأَتْبعْته سواء. وأَتْبَعَ فلان فلاناً إذا تَبِعَه يريد به شرّاً كما أَتْبَعَ الشيطانُ الذي انسلَخَ من آيات الله فكان من الغاوِين، وكما أَتْبَع فرعونُ موسى. وأَمَّا التتَبُّع: فأَن تتتَبَّعَ في مُهْلةٍ شيئاً بعد شيء؛ وفلان يتَتبَّعُ مَساوِيَ فلان وأَثرَه ويَتتبَّع مَداقَّ الأُمور ونحو ذلك. وفي حديث زيد بن ثابت حين أَمره أَبو بكر الصديقُ بجمع القرآن قال: فَعَلِقْتُ أَتَتَبَّعه من اللِّخافِ والعُسُبِ، وذلك أَنه استَقْصَى جميعَ القرآن من المواضع التي كُتِب فيها حتى ما كُتِب في اللِّخاف، وهي الحجارة، و واتَّبَعَ القرآنَ: ائْتَمَّ به وعَمِلَ بما فيه. وفي حديث أَبي موسى الأَشعري، رضي الله عنه: إِنَّ هذا القرآن كائنٌ لكم أَجراً وكائن عليكم وِزْراً فاتَّبِعوا القرآن ولا يَتَّبِعنَّكُم القرآنُ، فإِنه من يَتَّبِعِ القرآن يَهْبِطْ به على رِياضِ الجنة، ومَن يَتَّبِعْه القرآنُ يَزُخّ في قَفاه حتى يَقْذِفَ به في نار جهنم؛ يقول: اجعلوه أَمامكم ثم اتلوه كما قال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يَتْلُونه حقَّ تِلاوته أَي يَتَّبِعونه حقَّ اتِّباعه، وأَراد لا تَدَعُوا تِلاوته والعملَ به فتكونوا قد جعلتموه وراءَكم كما فَعل اليهود حين نَبَذُوا ما أُمروا به وراء ظهورهم، لأَنه إذا اتَّبَعَه كان بين يديه، وإِذا خالفه كان خَلْفَه، وقيل: معنى قوله لا يتبعنكم القرآن أَي لا يَطْلُبَنَّكُم القرآنُ بتضييعكم إِياه كما يطلُب الرجلُ صاحبَه بالتَّبِعة؛ قال أَبو عبيد: وهذا معنى حسن يُصَدِّقه الحديث الآخر: إِن القرآن شافِع مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، فجعله يَمْحَل صاحبَه إذا لم يَتَّبِعْ ما فيه. وقوله عز وجل: أَو التابعينَ غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ فسره ثعلب فقال: هم أَتباع الزوج ممن يَخْدِمُه مثل الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة.
وفي حديث الحُدَيْبية: وكنت تَبِيعاً لطَلْحةَ بن عُبيدِ الله أَي خادماً. والتَّبَعُ كالتابِعُ كأَنه سمي بالمصدر. وتَبَعُ كلِّ شيءٍ: ما كان على آخِره. والتَّبَعُ: القوائم؛ قال أَبو دُواد في وصف الظَّبَّية:
وقَوائم تَـبَـع لـهـا مِن خَلْفِها زَمَعٌ زَوائدْ
وقال الأَزهري: التَّبَعُ ما تَبِعَ أَثَرَ شيء فهو تَبَعةٌ؛ وأَنشد بيت أَبي دواد الإيادي في صفة ظبية:
وقوائم تَـبَـع لـهـا من خلفها زمع مُعَلَّقْ
وتابَع بين الأُمور مُتابَعةً وتِباعاً: واتَرَ ووالَى؛ وتابعْتُه على كذا مُتابعةً وتِباعاً. والتِّباعُ: الوِلاءُ. يقال: تابَعَ فلان بين الصلاة وبين القراءة إذا والَى بينهما ففعل هذا على إِثْر هذا بلا مُهلة بينهما، وكذلك رميته فأَصبته بثلاثة أَسهم تِباعاً أَي وِلاء. وتَتابَعَتِ الأَشياءُ: تَبِعَ بعضُها بعضاً. وتابَعه على الأَمر: أَسْعدَه عليه.
والتابِعةُ: الرَّئِيُّ من الجنّ، أَلحقوه الهاء للمبالغة أَو لتَشْنِيع الأَمْرِ أَو على إِرادة الداهِيةِ. والتابعةُ: جِنِّيَّة تَتْبع الإِنسان. وفي الحديث: أَوَّلُ خَبرٍ قَدِمَ المدينةَ يعني من هجرة النبي، صلى الله عليه وسلم، امرأَة كان لها تابِعٌ من الجن؛ التابِعُ ههنا: جِنِّيٌّ يَتْبَع المرأَة يُحِبُّها. والتابعةُ: جِنية تتْبع الرجلَ تحبه.
وقولهم: معه تابعة أَي من الجن.
والتَّبِيعُ: الفَحل من ولد البقر لأَنه يَتْبع أُمه، وقيل: هو تَبيع أَولَ سنة، والجمع أَتْبِعة، وأَتابِعُ وأَتابِيعُ كلاهما جمعُ الجمعِ، والأَخيرة نادرة، وهو التِّبْعُ والجمع أَتباع، والأُنثى تَبِيعة. وفي الحديث عن معاذ بن جبل: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعثه إِلى اليمين فأَمرَه في صدَقةِ البقر أَن يأْخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً، ومن كل أَربعين مُسِنَّةً؛ قال أَبو فَقْعَس الأَسَدي: ولد البقَر أَول سنة تَبِيع ثم جزَع ثم ثنيّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم صالِغٌ. قال الليث: التَّبِيعُ العِجْل المُدْرِك إِلا أَنه يَتْبَع أُمه بعدُ؛ قال الأَزهري: قول الليث التَّبِيع المدرك وهَم لأَنه يُدْرِكُ إذا أَثنى أَي صار ثَنِيّاً.
والتبيع من البقر يسمى تبيعاً حين يستكمل الحَوْل، ولا يسمى تَبِيعاً قبل ذلك، فإِذا استكمل عامين فهو جَذَع، فإِذا استوفى ثلاثة أَعوام فهو ثَنِيٌّ، وحينئذ مُسِنٌّ، والأُنثى مُسِنَّة وهي التي تؤخذ في أَربعين من البقر.وبقرة مُتْبِعٌ: ذاتُ تَبِيع. وحكى ابن بري فيها: مُتْبِعة أَيضاً.
وخادم مُتْبِع: يَتْبَعُها ولدها حيثما أَقبلت وأَدبرت، وعمَّ به اللحياني فقال: المُتْبِعُ التي معها أَولاد. وفي الحديث: أَن فلاناً اشترى مَعْدِناً بمائة شاة مُتْبِع أَي يَتْبَعها أَولادها. وتَبِيعُ المرأَةِ: صَدِيقُها، والجمع تُبَعاء، وهي تَبِيعته.
وهو تِبْعُ نِساء، والجمع أَتباع، وتُبَّع نساء؛ عن كراع حكاها في المُنَجَّذ، وحكاها أَيضاً في المُجَرَّد إذا جدَّ في طَلَبِهِنّ؛ وحكى اللحياني: هو تِبْعُها وهي تِبْعَتُه؛ قال الأَزهري: تِبْعُ نساء أَي يَتْبَعُهُنَّ، وحِدْثُ نساء يُحادِثُهنَّ، وزِيرُ نساء أَي يَزُورُهُنَّ، وخِلْب نساء إذا كان يُخالِبهنَّ. وفلان تِبْعُ ضِلَّةٍ: يَتْبَع النساءَ، وتِبْعٌ ضِلَّةٌ أَي لا خَيْرَ فيه ولا خير عنده؛ عن ابن الأَعرابي. وقال ثعلب: إِنما هو تِبْعُ ضِلَّةٍ مضاف.
والتَّبِيعُ: النَّصِير. والتَّبِيعُ: الذي لك عليه مال. يقال: أُتْبِعَ فلان بفلان أَي أُحِيلَ عليه، وأَتْبَعَه عليه: أَحالَه.
وفي الحديث: الظُّلْم لَيُّ الواجِدِ، وإِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ؛ معناه إذا أُحِيلَ أَحدكم على مَلِيءٍ قادِرٍ فلْيَحْتَلْ من الحَوالةِ؛ قال الخطابي: أَصحاب الحديث يروونه اتَّبع، بتشديد التاء، وصوابه بسكون التاء بوزن أُكْرِمَ، قال: وليس هذا أَمراً على الوجوب وإِنما هو على الرِّفْق والأَدب والإِياحةِ. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: بَيْنا أَنا أَقرأُ آية في سِكَّة من سَكَكِ المدية إِذ سمعت صوتاً من خَلفي: أَتْبِعْ يا ابن عباس، فالتَفَتُّ فإِذا عُمر، فقلت: أُتْبِعُك على أُبَيّ بن كعب أَي أَسْنِدْ قراءتك ممن أَخذتها وأَحِلْ على من سَمِعْتها منه. قال الليث: يقال للذي له عليك مال يُتابِعُك به أَي يُطالبك به: تَبِيع. وفي حديث قيس بن عاصم، رضي الله عنه، قال: يا رسول الله ما المالُ الذي ليس فيه تَبِعةٌ من طالب ولا ضَيْفٍ? قال: نِعْم المال أَربعون والكثير ستون؛ يريد بالتَّبِعةِ ما يَتْبَع المالَ من نوائب الحُقوق وهو من تَبِعْت الرجل بحقّي. والتَّبِيعُ: الغَرِيمُ؛ قال الشماخ:
تَلُوذُ ثَعالِبُ الشَّرَفَيْن منها كما لاذَ الغَرِيمُ من التَّبِيعِ
وتابَعَه بمال أَي طَلَبه. والتَّبِعُ: الذي يَتْبَعُكَ بحق يُطالبك به وهو الذي يَتْبع الغريم بما أُحيل عليه. والتبيع: التابع. وقوله تعالى: فيُغْرِقَكم بما كفرتم ثم لا تَجِدُوا لكم علينا به تَبِيعاً؛ قال الفراء: أَي ثائراً ولا طالباً بالثَّأْرِ لإِغْراقِنا إِيّاكم، وقال الزجاج: معناه لا تجدوا من يَتْبَعُنا بإِنكار ما نزل بكم ولا يتبعنا بأَن يصرفه عنكم، وقيل: تَبِيعاً مُطالِباً؛ ومنه قوله تعالى: فاتِّباعٌ بالمَعْروف وأَداء إِليه بإِحْسان؛ يقول: على صاحب الدَّمِ اتِّباع بالمعروف أَي المُطالَبَةُ بالدِّية، وعلى القاتِل أَداء إِليه بإِحسان، ورفع قوله تعالى فاتباع على معنى قوله فعليه اتِّباع بالمعروف، وسيُذْكَرُ ذلك مُستوفى في فصل عفا، في قوله تعالى: فَمن عُفِيَ له من أَخِيه شيء.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما اتَّبَعْتَ به صاحبَك من ظُلامة ونحوها.
والتَّبِعةُ والتِّباعةُ: ما فيه إِثم يُتَّبَع به. يقال: ما عليه من الله في هذا تَبِعة ولا تِباعة؛ قال وَدّاك بن ثُمَيل:
هِيمٌ إِلى الموتِ إذا خُيِّرُوا بينَ تِباعاتٍ وتَـقْـتـالِ
قال الأَزهري: التِّبِعة والتَّباعة اسم الشيء الذي لك فيه بُغْية شِبه ظُلامة ونحو ذلك. وفي أَمثال العرب السائرة: أَتْبِعِ الفَرَس لِجامَها، يُضرب مثلاً للرجل يؤْمر بردِّ الصَّنِيعةِ وإِتْمامِ الحاجة.
والتُّبَّعُ والتُّبُّع جميعاً: الظل لأَنه يَتْبَع الشمس؛ قالت سُعْدَى الجُهَنِيَّةُ تَرْثي أَخاها أَسْعَدَ:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً وِرْدَ القَطاةِ إذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
التُّبَّعُ: الظل، واسْمِئْلاله: بُلوغه نصف النهار وضُمورُه. وقال أَبو سعيد الضرير: التُّبَّع هو الدَّبَرانُ في هذا البيت سُمي تُبَّعاً لاتِّباعِه الثُّرَيّا؛ قال الأَزهري: سمعت بعض العرب يسمي الدبران التابع والتُّوَيْبِع، قال: وما أَشبه ما قال الضرير بالصواب لأَن القَطا تَرِدُ المياه ليلاً وقلما تردها نهاراً، ولذلك يقال: أَدَلُّ من قَطاة؛ ويدل على ذلك قول لبيد:
فَوَرَدْنا قبلَ فُرَّاطِ القَـطـا إِنَّ مِن وَرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ
قال ابن بري: ويقال له التابِعُ والتُّبَّعُ والحادِي والتالي؛ قال مُهَلْهل:
كأَنَّ التابِعَ المَسْكِينَ فيها أَجِيرٌ في حُداياتِ الوَقِير
والتَّبابِعةُ: ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، سموا بذلك لأَنه يَتْبَع بعضُهم بعضاً كلما هَلك واحد قام مَقامه آخر تابعاً له على مثل سِيرته، وزادوا الهاء في التبابعة لإِرادة النسب؛ وقول أَبي ذؤيب:
وعليهِما ماذِيَّتانِ قَضاهُمـا داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
سَمِعَ أَن داودَ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان سُخِّر له الحديدُ فكان يَصْنع منه ما أَراد، وسَمِعَ أَنَّ تُبَّعاً عَمِلَها وكان تُبع أَمَر بعملها ولم يَصْنعها بيده لأَنه كان أَعظمَ شأْناً من أَن يصنع بيده. وقوله تعالى: أَهم خَيْر أَم قومٌ تُبَّعٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَن تُبَّعاً كان مَلِكاً من الملوك وكان مؤْمناً وأَن قومه كانوا كافرين وكان فيهم تَبابِعةٌ، وجاء أَيْضاً أَنه نُظِر إِلى كتاب على قَبْرَين بناحية. حِمْيَر: هذا قبر رَضْوى وقبر حُبَّى، ابنتي تُبَّع، لا تُشركان بالله شيئاً، قال الأَزهري: وأَمّا تبع الملِك الذي ذكره الله عز وجل في كتابه فقال:وقومُ تبع كلٌّ كذَّب الرسُلَ، فقد روي عن النبيي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَدري تُبَّعٌ كان لعِيناً أَم لا؛ قال: ويقال إِن تُبَّتَ اشْتُقَّ لهم هذا الاسمُ من اسم تُبَّع ولكن فيه عُجْمة. ويقال: هم اليوم من وَضائِع تُبَّع بتلك البلاد. وفي الحديث: لا تَسُبُّوا تُبَّعاً فإِنه أَول من كَسا الكعبة؛ قيل: هو ملك في الزمان الأَول اسْمه أَسْعَدُ أَبو كَرِب، وقيل: كان مَلِكُ اليمنِ لا يسمى تُبَّعاً حتى يَمْلِكَ حَضْرَمَوْتَ وسَبأ وحِمْيَرَ.
والتُّبَّعُ: ضرب من الطير، وقيل: التُّبَّع ضرب من اليَعاسِيب وهو أَعظمها وأحسنها، والجمع التبابِعُ تشبيهاً بأُولئك الملوكُ، وكذلك الباء هنا ليشعروا بالهاء هنالك. والتُّبَّعُ: سيِّد النحل: وتابَعَ عَمَلَه وكلامَه: أَتْقَنَه وأَحكمه؛ قال كراع: ومنه حديث أَبي واقد الليثي: تابَعْنا الأَعمال فلم نَجِد شيئاً أَبلغ في طلَب الآخرة من الزُّهْد في الدنيا أَي أَحْكَمْناها وعَرَفْناها. ويقال: تابَعَ فلان كلامَه وهو تبيع للكلام إذا أَحكمه. ويقال: هو يُتابِعُ الحديث إذا كان يَسْرُدُه، وقيل: فلان مُتتابِعُ العِلم إذا كان عِلْمه يُشاكل بعضُه بعضاً لا تَفاوُتَ فيه. وغصن مُتتابعٌ إذا كان مستوياً لا أُبَن فيه. ويقال: تابَعَ المَرْتَعُ المالَ فَتتابَعَت أي سَمَّن خَلْقَها فسَمِنَت وحَسُنت؛ قال أَبو وجْزةَ السعْدي:
حَرْفٌ مُلَيْكِيةٌ كالفَحْلِ تابَـعَـهـا في خِصْبِ عامَينِ، إِفْراقٌ وتَهْمِيلُ
وناقة مُفْرِقٌ: تَمْكُث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَحُ؛ وأَما قول سَلامان الطائي:
أَخِفْنَ اطِّنانِي إِن شُكِينَ، وإِنَّني لفي شُغُلٍ عن ذَحْليَ اليتَتَبَّـعُ
فإِنه أَرادَ ذَحْليَ يتَتَبَّع فطرح الذي وأَقام الأَلف واللام مُقامه، وهي لغة لبعض العرب؛ وقال ابن الأَنباري: وِإِنما أَقحم الأَلف واللام على الفعل المضارع لمضارعة الأَسماء.
قال ابن عون: قلت للشعبي: إِنَّ رُفَيْعاً أَبا العاليةِ أَعتقَ سائبةً فأَوصَى بماله كله، فقال: ليس ذلك له إِنما ذلك للتابعة، قال النضر: التابعةُ أَن يتبع الرجلُ الرجلَ فيقول: أَنا مولاك؛ قال الأَزهري: أَراد أَن المُعْتَقَ سائبةً مالُه لمُعْتِقِه.
والإِتْباعُ في الكلام: مثل حَسَن بَسَن وقَبِيح شَقِيح.

27 - مارس - 2009
الترادف اللغوي بين النفي والإثبات
نور على نور    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

جزى الله خيراً إخوتي الأعزاء : أولي الحِجى : ياسين ، وبياع الورد ( أحمد عزو) ، وأبا هشام ، وكل من يعمل في هذا الموقع العامر ......
وهاهي ذي وردتي :
*تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
الظاهر أن الخطاب لبني آدم. أي فإن يأتكم مني هُدَى أي رسول أرسله إليكم، وكتاب يأتي به رسول، فمن اتبع منكم هداي أي من آمن برسلي وصدق بكتبي، وامتثل ما أمرت به، واجتنب ما نهيت عنه على ألسنة رسلي. فإنه لا يضل في الدنيا، أي لا يزيغ عن طريق الحق لاستمساكه بالعُروة الوثقى، ولا يشقى في الآخرة لأنه كان في الدنيا عاملاً بما يستوجب السعادة من طاعة الله تعالى وطاعة رسله. وهذا المعنى المذكور هنا ذُكر في غير هذا الموضع. كقوله في" البقرة"
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }[البقرة: 38] ونحو ذلك من الآيات. وفي هذه الآيات دليل على أن الله بعد أن أخرج أبوينا من الجنة لا يرد إليها أحداً منا إلا بعد الابتلاء والامتحان بالتكاليف من الأوامر والنواهي، ثم يطيع الله فيما ابتلاه به.
* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يقول الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية: { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً } وفي سورة طه يقول جل جلاله { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } عندما خاطب الله سبحانه وتعالى بصورة الجمع. كان الخطاب لكل ذرية آدم المطمورة في ظهره. أمراً لهم جميعا بالهبوط. آدم وحواء والذرية. لأن كل واحد منا. إلى أن تقوم الساعة فيه جزيء من آدم. ولذلك لابد أن نلتفت إلى قول الحق تبارك وتعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ }[الأعراف: 11]
نلاحظ هنا أن الخطاب بصيغة الجمع، فلم يقل الحق سبحانه وتعالى. لقد خلقتك ثم صورتك ثم قلت للملائكة اسجدوا لآدم، فكأن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنه ساعة الخلق كان كل ذرية آدم مطمورين في ظهره. خلقهم جميعا ثم صورهم جميعا. ثم طلب من الملائكة السجود لآدم. فهل نحن كنا موجودين؟ نعم كنا موجودين في آدم. ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول: " اهبطوا " لنعرف أن هذا الخطاب موجه إلى آدم وذريته جميعا إلى يوم القيامة.
ومرة يقول { ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } لأن هنا بداية تحمل المسئولية بالنسبة لآدم. في هذه اللحظة وهي لحظة الهبوط في الأرض. سيبدأ منهج الله مهمته في الحياة. ومادام هناك منهج وتطبيق فردي. تكون المسؤولية فردية. ولا يأتي الجمع هنا.
فالحق سبحانه وتعالى يقول: { ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } نلاحظ أن أمر الهبوط هنا بالمثنى. ثم يقول تبارك وتعالى جميعا.. جمع.. نقول أنه مادامت بداية التكليف. فهناك طرفان سيواجه بعضهما البعض. الطرف الأول. هو آدم وزوجه. والطرف الثاني هو إبليس. فهم ثلاثة ولكنهم في معركة الإيمان. فريقان فقط. آدم وحواء وذريتهما فريق. والشيطان فريق آخر. فكأن الله تعالى يريد أن يلفتنا إلى أن هذا الهبوط يتعلق بالمنهج وتطبيقه في الأرض. وفي المنهج آدم وحواء حريصان على الطاعة. وإبليس حريص على أن يقودهما إلى المعصية.
وفي قوله تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى بعد أن مر آدم بالتجربة ووقع في المعصية، علمه الله تعالى كلمات التوبة. ونصحه أنه إذا غفل يتوب. والله سبحانه وتعالى.. سيقبل توبته..
إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد من آدم وحواء أن يسكنا الأرض. ويبدآ مهمتهما في الحياة. والله يدلهما على الخير. مصداقا لقوله تعالى: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى }.. وهدى لها معنيان.. هي بمعنى الدلالة على الخير. أو الدلالة على الطريق الموصلة للخير. وهناك هدى وهو الإعانة على الإيمان والزيادة فيه. واقرأ قوله
تعالى:وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ }[محمد: 17]. الهدى هنا في الآية الكريمة.. بمعنى الدلالة على طريق الخير. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }.
*ما الخوف وما هو الحزن؟ الخوف أن تتوقع شرا مقبلا لا قدرة لك على دفعه فتخاف منه.. والحزن أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه.
والحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية: من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه. وأنزلته في منهجي. فلا خوف عليهم. أي أنه لا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه. لأن كل الخير في منهج الله. فالذي يتبع المنهج لا يخاف حدوث شيء أبدا.
وهذه تعطينا قضية مهمة في المجتمع. الذي لم يرتكب أية مخالفة.. هل يناله خوف؟ أبدا.. ولكن من يرتكب مخالفة تجده دائما خائفا خشية أن ينكشف أمره.. ويفاجأ بشر لا قدرة له على دفعه.
إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران. إما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه. وإما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها. فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن. والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم.. وقوله تعالى: { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله.. ليس هناك شيء يجعله يحزن. ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه. فكل ما يحدث له من الله هو خير. حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك. ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه. والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة والصلاة. وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.
إن المجتمع دائما يسعد بالإنسان المؤمن الذي لا يفسد في الأرض. بل يفعل كل خير. فالمؤمن نفحة جمال تشع في الكون. ونعمة حسن ورضا مع كل الناس ومادام الإنسان كذلك. فلن يفقد ما يسره أبدا. فإن أصابته أحداث.. أجراها الله عليه.. لا يقابلها إلا بالشكر. وإن كان لا يعرف حكمتها.. وإياك أن تعترض على الله في حكم.
ولذلك يقول: أحمدك ربي على كل قضائك وجميع قدرك. حمد الرضا بحكمك واليقين بحكمتك..
والإنسان ينفعل للأحداث. ولكن هناك فرق بين الانفعال للأحداث وحدها وبين الانفعال للأحداث مع حكمة مجريها. ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الدقة حينما قال:
" إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "
انظر إلى الإيمان وهو يستقبل الأحداث.. العين تدمع. ولا يكون القلب قاسيا مثل الحجر، لكن فيه حنان. والقلب يخشع لله. مقدرا حكمته وإرادته..
والله سبحانه وتعالى لا يريدنا أن نستقبل الأحداث بالحزن وحده. ولكن بالحزن مع الإيمان. فالله لا يمنعك أن تحزن. ولكن عليك ألا تفصل الحدث عن مجريه وحكمته فيه.. ولذلك حين تذهب إلى طبيب العظام.. فيكسر لك عظامك لكي يصلحها. هل يفعل لك خيرا أو شرا؟ طبعا يفعل لك خيرا. وإن كان ذلك يؤلمك.
 
 
 

27 - مارس - 2009
الترادف اللغوي بين النفي والإثبات
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ(22)    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم

ذكر الآية الرابعة عشرة:

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أما قوله كتب، فمعناه فرض والذين من قبلنا، هم أهل الكتاب وفي كاف التشبيه في قوله: "كما" ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى حكم الصوم وصفته لا إلى عدده.
أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، قال: أبنا محمد بن مرزوق، قال: أبنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أبنا عبد الله بن يحيى السكري، قال: أبنا جعفر الخلدي، وقال: أبنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد، قال: بنا أبي قال: بنا يونس بن راشد، عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، وقال: بنا أبو الفضل البقال، قال: أبنا أبو الحسين بن بشران قال: بنا إسحاق الكاذي قال: بنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال: بنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس =رضي الله عنهما= ولم يذكر عكرمة - قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعني بذلك: أهل الكتاب، وكان كتابه على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أن الرجل كان يأكل ويشرب، وينكح، ما بينه وبين أن يصلي العتمة، أو يرقد وإذا صلى العتمة أو رقد منع ذلك إلى مثلها، فنسختها هذه الآية أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ أخبرنا محمد بن أبي منصور قال: أبنا علي بن أبي أيوب، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: أبنا نصر بن علي، قال: بنا أبو أحمد، قال: بنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها من القابلة، وأن قيس بن صرمة أتى امرأته، وكان صائما فقال: عندك شيء قالت: لعلي أذهب فأطلب لك، فذهبت وغلبته عينه فجاءت فقالت: خيبة لك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنـزلت أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ إلى قوله مِنَ الْفَجْرِ وقال سعيد بن جبير: كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام، وهو عليهم ثابت وقد أرخص لكم فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ الآية، وقد روى أن قيس بن صرمة أكل بعدما نام، وأن عمر بن الخطاب جامع زوجته بعد أن نامت، فنـزل فيهما قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ الآية.
القول الثاني: أنها ترجع إلى عدد الصوم لا إلى صفته، ولأرباب هذا القول في ذلك ثلاثة أقوال:
أما الأول: فأخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: أبنا علي بن الفضل العامري قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا ابن حموية، قال: أبنا إبراهيم بن حريم قال: حدثنا عبد الحميد، قال: بنا هاشم بن القاسم، قال: بنا محمد بن طلحة عن الأعمش، قال: قال ابن عباس =رضي الله عنهما= كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم، فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما قالوا: حتى لا نخطئ، قال: ثم آخر أمرهم صار إلى أن قالوا: نقدمه عشرا ونؤخر عشرا حتى لا نخطئ، فضلوا، وقال "دغفل" بن حنظلة كان على النصارى صوم رمضان فمرض ملكهم "فقالوا" إن شفاه الله تعالى لنـزيدن عشرة، ثم كان بعده ملك آخر فأكل اللحم فوجع فوه فقال: إن شفاه ليزيدن سبعة أيام ثم ملك بعده ملك، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام أن نتمها، ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوما وروى السدي عن أشياخه، قال: اشتد على النصاري صيام رمضان، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا نـزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا فجعلوا صيامهم خمسين يوما فعلى هذا البيان الآية محكمة غير منسوخة.
وأما الثاني: فأخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: أبنا محمد بن سعد، قال: حدثنا أبي قال حدثني عمي الحسين بن الحسن ابن عطية، قال: حدثني أبي عن جدي عن ابن عباس =رضي الله عنهما= كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ فكان ثلاثة أيام في كل شهر، ثم نسخ ذلك ما أنـزل من صيام رمضان وقال قتادة: كتب الله عز وجل على الناس قبل نـزول شهر رمضان ثلاثة أيام من كل شهر.
وأما الثالث: فقد روى "النـزال" بن سبرة عن ابن مسعود، أنه قال: ثلاثة أيام من كل شهر، ويوم "عاشوراء" وقد زعم أرباب هذا القول، أن الآية منسوخة بقوله: شَهْرُ رَمَضَانَ وفي هذا بعد كثير، لأن قوله شَهْرُ رَمَضَانَ جاء عقيب قوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ فهو كالتفسير للصيام والبيان له.
القول الثالث: أن التشبيه راجع إلى نفس الصوم لا إلى صفته ولا إلى عدده، وبيان ذلك، أن قوله تعالى كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لا يدل على عدد ولا صفة، ولا وقت، وإنما يشير إلى نفس الصيام كيف وقد عقبه الله بقوله تعالى أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فتلك يقع على يسير الأيام وكثيرها، فلما قال تعالى: في نسق التلاوة شهر رمضان، بين عدد الأيام المعدودات ووقتها، وأمر بصومها فكان التشبيه الواقع في نفس الصوم. والمعنى كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم، وأما صفة الصوم وعدده فمعلوم من وجوه أخر لا من نفس الآية، وهذا المعنى مروي عن ابن أبي ليلى وقد أشار إليه السدي والزجاج، والقاضي أبو يعلى وما رأيت مفسرا يميل إلى التحقيق إلا وقد أومى إليه، وهو الصحيح وما ذكره المفسرون فإنه شرح حال صوم المتقدمين، وكيف كتب عليهم لا أنه تفسير للآية وعلى هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلا.
 

28 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
باقة ورد مهداة إلى أساتذتنا لحسن بنلفقيه والسعدي والنويهي    كن أول من يقيّم

 
 
إلهي لك الحمدُ الذي أنت أهله            على نِعَمٍ ما كنتُ قَطُّ لها أهلا
متى ازددتُ تقصيراً تَزِدْني تَفَضُّلاً      كأنيَ بالتقصير أستوجبُ الفضلا
(ديوان محمود الوراق ، 108 و109).
                                 
لبِستُ ثوبَ الدُّجى والناسُ قد رقدوا       وقمتُ أشكو إلى مولايَ ما أجِدُ
وقلتُ يا أملي في كل نائبةٍ                  ومَنْ عليه لكشْفِ الضرّ أعتمدُ
أشكو إليك أموراً أنت تعلمها               مالي على حملها صبرٌ ولا جَلَدُ
وقد مَددتُ يدي بالذُّلّ مبتهلاً               إليكَ يا خيرَ مَنْ مُدّتْ إليه يدُ
فلا تَرُدّنّها ياربّ خائبةً                     وبحرُ جُودِكَ يَروي كلَّ مَنْ يَرِدُ
(أبو إسحاق الشيرازي، ذكرها السُّبْكي في طبقات الشافعية الكبرى4/225).
 
قال ابن فارس : " كان الناس قديماً يَجتنبون اللحنَ فيما يكتبونه ، أو يقرؤونه اجتنابَهم
بعضَ الذنوبِ ، فأمّا الآن فقد تجوّزوا حتى إنّ المحدّث يُحدّثُ فيَلحَنُ ، والفقيه يؤلّف فيلحن، فإذا نُبِّها قالا : ماندري ما الإعرابُ ؟ وإنما نحن محدِّثون وفقهاء ، فهما يُسَرّان بما يُساءُ به اللبيبُ". ( الصاحبي ، ص 56).
 
" كان كلام آدمَ – عليه السلام- بالعربية ، فلما أكل الشجرةَ أُنسِيَ العربية ، وتكلّمَ بالسُّريانية ، فلما تاب اللهُ عليه رُدَّتْ عليه العربيةُ " . ( المُزهِر للسيوطي 1/30).
 
قال الأصمعي : " الحُسن في العينين ، والجمال في الأنف ، والملاحة في الفم ".
 ( عيون الأخبار4/27).
قال ذو الرمة :
...وعينٌ كعين الرئم فيها ملاحة        هي السحرُ أو أدهى التباساً وأعلقُ
( الديوان 1/465).
وقال ابن ميّادة :
يا أطيبَ الناسِ رِيقاً بعد هجعتها          وأملَحَ الناسِ عيناً حين تَنتقِبُ
( شِعره ، ص 58).
والمسك ختام : في قوله تعالى " أمسِكْ عليكَ زوجك " ( الأحزاب/37)
قال الفرّاء : " وأهل الحجاز يقولون للمرأة ( زوج) ، وسائر العرب يقولون (زوجة)
( المذكر والمؤنث ،ص 108).
قال الأخطل :
على زوجها الماضي تنوح وإنني       على زوجتي الأخرى كذاك أنوحُ
( ليس في ديوانه ، ولكنه معزو إليه في أدب الكاتب 1/327 ، والأغاني 8/309).
 
 

28 - مارس - 2009
ديوان زهير
الصلاة الوسطى : ما هي ؟ (1)    ( من قبل 10 أعضاء )    قيّم

* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن زر، قال: قلت لعبيدة السلماني: سَلْ علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى؟ فسأله فقال: كنا نراها الصبح أو الفجر، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: " شغلواعن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً".
* تفسير الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ):
 "...والوُسْطَىٰ تأنيث الأوْسَط. وَوَسَط الشيء خَيْره وأعْدَله؛ ومنه قوله تعالىٰ:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً }. وقال أعرابيّ يمدح النبيّ صلى الله عليه وسلم:
يا أوْسَطَ النّاس طُرّاً في مَفاخرهم
   
وأكرَم الناسِ أُمّاً بَرَّةً وأبا
وَوَسَط فلانٌ القوم يَسِطهم أي صار في وسطهم. وأفرد الصَّلاة الوسطى بالذكر وقد دخلت قبلُ في عموم الصلوات تشريفاً لها؛ كقوله تعالىٰ:{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ }[الأحزاب: 7]، وقوله:{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ }[الرّحمٰن: 68]. وقرأ أبو جعفر الواسطيّ «وَالصَّلاَةَ الوُسْطَىٰ» بالنصب على الإغراء، أي والزموا الصَّلاةَ الوُسْطَى: وكذلك قرأ الحلوانيّ. وقرأ قَالُونُ عن نافع «الوصطى» بالصاد لمجاورة الطّاء لها؛ لأنهما من حَيِّز واحد، وهما لغتان كالصراط ونحوه.
وقداختلف الناس في تعيين الصَّلاة الوسطىٰ على عشَرة أقوال:

29 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
الصلاة الوسطى : ماهي ؟(2)    ( من قبل 12 أعضاء )    قيّم

الأوّل ـ أنها الظهر؛ لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوّله من طلوع الفجر كما تقدّم، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أوّل صلاة صُلِّيت في الإسلام. وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدريّ وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أمْلَتَا: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر» بالواو. وروي أنها كانت أشق على المسلمين؛ لأنها كانت تجيء في الهاجرة وهم قد نفّهَتْهُمْ أعمالهم في أموالهم. وروى أبو داود عن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي الظهر بالهاجرة ولم تكن تُصلَّى صلاةٌ أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين. وروى مالك في موطئه وأبو داود الطيالسي في مسنده عن زيد ابن ثابت قال: الصَّلاة الوسطىٰ صلاة الظهر؛ زاد الطيالسي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّيها بالهَجِير.
الثاني ـ أنها العصر
؛ لأن قبلها صلاتْي نهارٍ وبعدها صلاتْي ليلٍ. قال النحاس: وأجود من هذا الاحتجاجُ أن يكون إنما قيل لها وُسْطَىٰ لأنها بين صلاتين إحداهما أوّل ما فرض والأُخرىٰ الثانية مما فُرض. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وٱبن عباس وٱبن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدريّ، وهو ٱختيار أبي حنيفة وأصحابه، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب وٱختاره ٱبن العربي في قَبَسِه وٱبن عطية في تفسيره وقال: وعلى هذا القول الجمهورُ من الناس وبه أقول.
 وٱحتجوا بالأحاديث الواردة في هذا الباب خرّجها مسلم وغيره، وأنَصُّها حديث ٱبن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصَّلاة الوسطى صلاة العصر " خرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وقد أتينا زيادة على هذا في القبس في شرح موطأ مالك ابن أنس.
الثالث ـ أنها المغرب؛ قاله قُبَيْصة بن أبي ذؤيب في جماعة. والحجَّة لهم أنها متوسطة في عدد الركعات ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تُقْصَر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخِّرها عن وقتها ولم يعجِّلها، وبعدها صلاتا جَهْرٍ وقبلها صلاتا سِرٍ. ورُوي من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يُحّطها عن مسافر ولا مقيم فتح الله بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلّى المغرب وصلّى بعدها ركعتين بنى الله له قصراً في الجنّة ومن صلّىٰ بعدها أربع ركعات غفر الله له ذنوب عشرين سنة ـ أو قال ـ أربعين سنة ".
 الرابع ـ صلاة العشاء الآخرة؛ لأنها بين صلاتين لا تقْصُران، وتجيء في وقت نوم ويستحب تأخيرها وذلك شاقٌّ فوقع التأكيد في المحافظة عليها.
الخامس ـ أنها الصبح؛ لأن قبلها صلاتي ليل يُجهَر فيهما وبعدها صلاتي نهار يُسرّ فيهما؛ ولأن وقتها يدخل والناس نيام، والقيام إليها شاقّ في زمن البرد لشدّة البرد وفي زمن الصيف لقصر الليل. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وعبد الله ابن عباس، أخرجه الموطأ بلاغاً، وأخرجه الترمذي عن ٱبن عمر وٱبن عباس تعليقاً، ورُوي عن جابر بن عبد الله، وهو قول مالك وأصحابه، وإليه مَيْل الشافعي فيما ذكر عنه القُشيري. والصحيح عن علي أنها العصر، ورُوي عنه ذلك من وجه معروف صحيح. وقد ٱستدل من قال إنها الصبح بقوله تعالىٰ: { وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } يعني فيها، ولا صلاة مكتوبة فيها قنوت إلاَّ الصبح. قال أبو رَجَاء: صلّى بنا ٱبن عباس صلاة الغداة بالبصرة فقنت فيها قبل الركوع ورفع يديه فلما فرغ قال: هذه الصَّلاة الوسطى التي أمرنا الله تعالىٰ أن نقوم فيها قانتين. وقال أنس: قَنَتَ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح بعد الركوع؛ وسيأتي حكم القُنُوت وما للعلماء فيه في «آل عمران» عند قوله تعالىٰ:{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ }[آل عمران: 128].
السادس ـ صلاة الجمعة
؛ لأنها خُصّت بالجمع لها والخطبة فيها وجُعِلَت عيداً؛ ذكره ٱبن حبيب ومكي. وروى مسلم عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلَّفون عن الجمعة: " لقد هممت أن آمر رجلاً يصلّي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلّفون عن الجمعة بيوتهم ".
السابع ـ أنها الصبح والعصر معاً. قاله الشيخ أبو بكر الأبهرِيّ؛ وٱحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث، رواه أبو هريرة. وروى جرير بن عبد الله قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: " أما أنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن ٱستطعتم ألا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها " يعني العصر والفجر: ثم قرأ جرير:{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }[طه: 130]. وروى عُمارة بن رُؤَيْبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لن يلِج النار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يعني الفجر والعصر. وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صلّى البَرْدَيْن دخل الجنة " كلُّه ثابت في صحيح مسلم وغيره، وسميتا البَرْدَيْن لأنهما يُفعلان في وقتي البرد.
الثامن ـ أنها العتمة والصبح. قال أبو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه: ٱسمعوا وبلِّغوا من خلفكم حافظوا على هاتين الصَّلاتين ـ يعني في جماعة ـ العشاء والصبح، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حَبْواً على مرافقكم ورُكَبِكم؛ قاله عمر وعثمان. وروى الأئمّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ولو يعلمون ما في العَتَمة والصبح لأتوهما ولوحَبْواً ـ وقال ـ إنهما أشدّ الصَّلاة على المنافقين "
وجعل لمصلّي الصبح في جماعة قيام ليلة والعَتَمة نصف ليلة؛ ذكره مالك موقوفاً على عثمان ورفعه مسلم، وخرّجه أبو داود والترمذي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شهد العِشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة ومن صلّىٰ العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة "
وهذا خلاف ما رواه مالك ومسلم.
التاسع ـ أنها الصَّلوات الخمس بجملتها
؛ قاله معاذ بن جبل؛ لأن قوله تعالىٰ: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ } يعمْ الفرض والنفل، ثم خصّ الفرض بالذكر.
العاشر ـ أنها غير معيَّنة
؛ قاله نافع عن ٱبن عمر، وقاله الربيع بن خَيْثَم؛ فخبأها الله تعالىٰ في الصَّلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان، وكما خبأ ساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء؛ ليقوموا بالليل في الظلمات لمناجاة عالم الخفيات. ومما يدل على صحة أنها مُبْهَمَة غير معيّنة مارواه مسلم في صحيحه في آخر الباب عن البَراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية «حَافِظُوا عَلَىٰ الصَّلَوَاتِ وصلاة العصر» فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله فنزلت:
{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } فقال رجل: هي إذن صلاة العصر؟ قال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله تعالىٰ، والله أعلم.

29 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
الصلاة الوسطى : ماهي ؟ (3)    ( من قبل 12 أعضاء )    قيّم

 * تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ)
" سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: " طول القنوت؛ أي طول القيام " ،
 وقال زيد بن أرقم رضي الله عنه: القنوت السكوت، لأنا كنا نتكلم في الصلاة، فأنزل الله تعالى:
{ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ } فأمسكنا عن الكلام. وكان محمد بن سوار يقول: القنوت الوتر، سمي قنوتاً لقيام الرجل فيه بالدعاء من غير قراءته القرآن، بل هو التعظيم بالدعاء.
 
*تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ)
يقول الحقّ جلّ جلاله: { حافظوا } أيضاً على أداء { الصلوات } الخمس في أوقاتها؛ بإتقان شروطها وأركانها وخشوعها وآدابها، ولا تشتغلوا عنها بشهوات النساء وتشغيب أحكامهن، ولا بغير ذلك، وحافظوا أيضاً على { الصلاة الوسطى } وهي العصرعند الشافعي، وهو ظاهر الحديث، أو الصبح عند مالك؛ لفضلها، أو لتوسطها بين صلاتي الليل والنهار. وما من صلاة إلا وقيل فيها الوسطى. وقيل: أخفيت كساعة الجمعة وليلة القدر.
{ وقوموا لله } في الصلاة { قانتين } أي: ساكتين، وكان، قبل نزول الآية، الكلام في الصلاة جائزاً، أو قيل: مطيعين: إذ القنوت في القرآن كله بمعنى الطاعة. { فإن خفتم } من عدو، أو سَبع، أو سَيْل، فصلُّوا قياماً على أرجلكم بالإيماء للسجود، { أو ركباناً } على خيولكم بالإيماء للركوع والسجود، { فإذا أمنتم } في الصلاة، أو بعدها، فصلوا صلاة أَمْن، و { اذكروا الله } في الصلاة، وصلوا { كما علَّمكم } من الكيفية { ما لم تكونوا تعلمون } قبل ذلك.
الإشارة: حافظوا على الصلوات الحسية قياماً بوظائف العبودية، وعلى الصلاة القلبية قياماً بشهود عظمة الربوبية؛ وهي الصلاة الوسطى لدوامها في كل ساعة، قيل لبعضهم: هل للقلوب صلاة؟ قال: نعم، إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً؛ أي: إذا خضع لهيبة العظمة لم يرفع أبداً، وفي ذلك يقول الشاعر:
فاسجُدْ لهيبةِ الجَلالِ
   
عنْد التَّدَانِي
وَلْتَقْرَأ آيةَ الكَمالِ
   
سَبْعَ المَثَانِي
وأشار بقوله: " آية الكمال " لقوله تعالى:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }[الفَاتِحَة: 5]؛ ليجمع بين الشريعة والحقيقة، فسجود القلب حقيقة، وسجود الجوارح شريعة، وقوموا لله بآداب العبودية قانيت خاشعين، فإن خفتم ألا تصلوا إلى ربكم، قبل انقضاء أجلكم، فسيروا إليه رجالاً أو ركباناً، خفافاً أو ثقالاً، فإذا أمنتم من القطيعة - وذلك بعد التمكين - فاذكروا الله شكراً لأجل ما أطلعكم عليه، وعلَّمكم ما لم تكونوا تعلمون؛ من عظمة الربوبية، وكمال آداب العبودية.

29 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
الصلاة الوسطى : ماهي ؟(4)    ( من قبل 16 أعضاء )    قيّم

الأمة الوسط خيرُ أمةٍ ، والحبيب الأوسط أكرمُ الخَلْقِ ، والصلاة الوسطى هي الصلاة  والسلام عليه ، صلوات ربي وسلامه عليه من الأزل إلى الأبد مستمرة لا تُرَدُّ ولا تُعَدُّ ولا تُحَدُّ ، ...اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على سيدنا
وحبيبنا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.والله أعلم. 

29 - مارس - 2009
علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم
هدية إلى محبي اللهجة الحلبية ولاسيما....................!    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

 
                                            إلى أخي محمد هشام
 
أهل حلب يقولون : سدّاجة: وأصلها سجادة. - معْلقة: وأصلها ملعقة - جوز: أصلها زوج - أهبل: أبله ، زلغط: زغرد ، جنزبيل: زنجبيل( وهذا قلب مكاني في الفصحى). ويقولون: تلكع: تلكأ ، عَنين: أنين، انقمط: انمقت ، صنط: نصت ، سجر: شجر - ظغير: صغير - خسيل: غسيل (وهذا إبدال) ويقولون: فسط: وأصلها في وسط - مشان: وأصلها من شأن - منين: من أين - لسع: لـ الساعة - اشّو: أي شيء هو - بعدين: بعد أن( وهذا نحت) . ويقولون: خوخ، حمص، فريكة، تبن، فجل، سفرجل، كبش، حردون، ساطور(وهذه الكلمات آرامية) . ويقولون: إبريق، بابوج، تازة، تخت، سنبوسك، جاكوجة( وهذه فارسية) ويقولون: دمجانة، سوكره، صوج، أرمغان، ضشمان، قاظان، جادر، كمر، ناظيك، بقجة، بلطجي، راجيته، دكمة( وهذه تركية) . ويقولون: طاولة، جمنتو، كبود، موضة( وهذه إيطالية). ويقولون: جاروخ، قن، حنشل، تمقلس(وهذه عبرية) ويقولون: شنص، مازورة، مانطو، موبيليا، دركسيون(وهذه فرنسية).
 

29 - مارس - 2009
الثقافة .
 128  129  130  131  132