البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 11  12  13  14  15 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
عربي في البرازيل    كن أول من يقيّم

 

أعرف واحد عربي سافر السنة الماضية إلى البرازيل مع أنها لم تكن قريبة من بيته .

 هل تريد اسمه ?

24 - يونيو - 2006
حرام عليكم ياعرب
مئة عام من العزلة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

أنا قرأت " مئة عام من العزلة " لغارسيا ماركيز ، فهل ستغفر لي ?

24 - يونيو - 2006
من أجل أن نكون مثقفون حقيقيون
شكراً لك يا نويهي الخير    كن أول من يقيّم

 

أنا اليوم تقمصت شخصية يحي الرفاعي دون أن أدري ، وقمت بمجموعة من الردود لا تليق إلا بقلم الرفاعي عادة ،ربما وفاء مني حدث في عقلي اللاواعي ، لأنني شعرت بأنه هناك من يستهبلنا ويطرح علينا أسئلة  " تعجيزية " من نوع : هل تفضل المنقوشة بالجبنة أم بالزعتر ولماذا ? حدد إجابتك . كان ذلك قبل أن أعرف بأنه عائد ولولا هذا ، لكنت تركت الموضوع لأصحاب الشأن . نحن بالإنتطار ! 

24 - يونيو - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
الأخ الدمنهوري : سائل ومجيب ( 1 )    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم

 

ثمة مواضيع هامة نتهيب من الدخول فيها ، لأنها ورغم أهميتها وإلحاحها ، تنطوي على أسئلة أخرى لا بد من الإجابة عنها ، أو إبداء الرأي فيها ، لتقييم الموضوع . هي مواضيع دقيقة يلزمها دراسة ودراية ، لذلك نتهيب من الدخول فيها خوفاً من الوقوع في السطحية ، أو في إعادة ما كان قد قيل .

فالسؤال عن الأدب ، هو سؤال في الثقافة . والسؤال عن الثقافة ، ينطوي على سؤال آخر له بعد سياسي ـ اجتماعي ، لأن الثقافة لا تصبح حركة فاعلة ، إلا إذا انضوت تحت لواء مشروع سياسي ـ اجتماعي له أهداف محددة وتوجه وإطار معينان . المجهود الفردي لا يستنهض أمة ولا يأتي إلا بثمار فردية ، على أحسن تقدير .

السؤال الذي يطرحه الأخ الدمنهوري بأسلوبه الجميل الراقي ، ولغته البديعة المشغولة باحتراف وإتقان من له باع طويل بالأدب والثقافة ، رغم سنه المبكرة ، وهذا ما كررناه كثيراً بداعي التقدير والإعجاب ، ولكن أيضاً بداعي الوعي لما يمثله من طاقات ممكنة حقيقية وأكيدة ، لا تطلب سوى إتاحة الفرصة لها في الظهور إلى النور . هي طاقات الأجيال المتعاقبة منذ حوالي المئة سنة ، المسكونة بهاجس النهضة والتنمية والخروج من نفق هذا " العبث التاريخي " الذي نعيشه ، ودون أن تتمكن من صياغة مشروع مشترك يؤطر هذه الطاقات والمجهودات ويصيغها في وجهة موحدة .

إن ما نسميه ب " عصر النهضة " ، هو حقبة تاريخية مفصلية في حياة الأمة العربية والإسلامية ، لأن التاريخي فيه والسياسي ، يتقاطع مع الاجتماعي الثقافي بدون ادنى شك . فالخلافة الإسلامية الممثلة بالسلطة العثمانية آنذاك ، كانت قد خسرت حربها ضد الاستعمار الأوروبي الآتي بقوة ، يحمل معه ترسانة من السلاح والعتاد والبوارج والطائرات ، وهذا كله حديث ومبتكر ، ولكن أيضاً ترسانة مماثلة من الأفكار والتصورات والمعتقدات فيما يتعلق بالمجتمع والإنسان وتنظيم حياة الجماعات على الأرض . هذه الحداثة الفكرية ، وهذا الوعي الجديد ، هو مكمل لعناصر قوته الأساسية والمادية التي حققت تفوقه . هي الخطوة التالية في عملية الإخضاع والسيطرة ، وأؤكد على عبارة ، مكملة وتالية ، لأنها ليست الأساس ، على الأقل بالنسبة لنا ، إلا أن ما يبلبل المشهد ويجعله غير واضح المعالم ، هو كون تلك القوى " الداعية للحداثة " ، كانت في نفس الوقت في صراع فيما بينها .

 وبينما كان هذا الصراع في بداياته على أرضنا ، ولم يستكمل  كل عناصر قوته بعد ، في الثلث الأول من القرن العشرين ( أعني هنا الصراع على النفوذ في أوروبا بين الولايات المتحدة ، والقوى الاستعمارية القديمة ممثلة بفرنسا وانجلترا ) ، فإنه قد نحا منحى آخر بعد الحرب العالمية الثانية ( الثلث الثاني من القرن العشرين ) وظهور كتلة المعسكر الشرقي التي طرحت أفكاراً جديدة ، من نوع جديد ، وكان لها تصورها الخاص عن الدين والمجتمع والإنسان ، وكان قد أصبح لديها ، بانتصار ستالين ، مادة مقنعة ، عقائدياً وفكرياً ومادياً و" علمياً " ..........

وبينما كانت "الأنسية " الغربية ، " L'humanisme" هي ما يميز التيارات الأدبية التي نشأت في الثلث الأول من القرن العشرين ، ممثلة من جهة بتيار إسلامي حداثي ( محمد عبده ومن حوله ) ، وبتيار ليبرالي ( رائده طه حسين ) من جهة اخرى ، فإن الثلث الثاني قد عرف تلونات كثيرة طغى عليها اللون السياسي والعقائدي لأن هذه التيارات كانت قد تجذرت وانضوت تحت ألوية مشاريع سياسية وعقائدية أشد وضوحاً ، وأكثر انشغالاً بموضوع السلطة .  

 

 

26 - يونيو - 2006
في سبيل النهضة
خاص بالأستاذة تسنيم أو سلوان ولا فرق بين الإثنتين    كن أول من يقيّم

 

عزيزتي الباحثة والناقدة والشاعرة والقاصة :

تأخرتِ قليلاً ، بالكسرة وبالعربي الفصيح ، بالرد على حكاية الخروف والذئب اللذان تحابا حتى الموت . وأما الفرق بين الكلب والذئب فهو بالشجاعة وليس بطول الناب . 

لا أعرف للخراف استخداماً أفضل من طبق رؤوس الغنم بالحصرم القارص ، وعليك مراجعة موضوع الأستاذ السعدي بهذا الخصوص في مجلس الأدب العربي بعنوان : أخبار وأشعار (4) خبر رؤوس الباجة .

وعلى سيرة الشعر فإن صديقكم اللاتيني قد كتب اليوم قصيدة أو اثنتان بعنوان : بكاء الصراصير ، من لهجة قبائل فنزويلا .

وبالمناسبة ، كنت أنتظر منكِ بأن تشاركي في هذا الملف بقصة ممتعة . 

 

28 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
إلى شاعر المعنى الذي لا تنضب جعبته أبداً    كن أول من يقيّم

 

شكراً لك أستاذي الكبير ، عبق هذه القصيدة الرائعة ، أتنسمه في صبح يومي هذا ، المفتون بالأحاجي ، فيعيدني إلى مهامي اليومية بقوة جديدة وعزم متجدد .

زهرة الكرز ، رمز شعب الساموراي المسكون بالنبالة .

28 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
شكراً للوراق ....    كن أول من يقيّم

 

دهشتي أكبر من هذا الوجع الذي يلفني في هذه اللحظة ، وسعادتي أعظم من أن يتسع لها صدري الذي تتزاحم فيه مشاعر هي كالأعاصير ، وبي لهفة وخشية وانبهار ..... سلوى التي اعرفها منذ كانت ضفائرنا زيتاً وزعتراً ، أعذرني يا أستاذ زهير ، سأستعير من قاموسك عندما تلح علي كلمات كهذه ، نعم ، زيتاً وزعتراً كانت ضفائرنا ، وفي جيوبنا حبات " قضامة " مالحة . سلوى التي لم أرها منذ ثلاثين عاماً ولم أسمع عنها إلا صدفة منذ سنتين ، أكتشفها اليوم مثلكم تماماً ، إلا أن دهشتي تزيد .....

شكراً يا سلوى ، شكراً لك حبيبتي ، شكراً للوراق !

 

29 - يونيو - 2006
الحرية
تموز كان دائماً هو البداية    كن أول من يقيّم

 

كيف لا تخونني الحروف ? ومن يستطيع أية إضافة على هذا ?

لا أدري كيف كان شعور كريستوف كولمبوس عندما اكتشف العالم الجديد ! يجب أن يكون كمثل شعوري الآن ولن أعرف كيف أصفه .

جئت إليكم أبحث عن عزاء لوحدتي وانتظاري ولم يكن بحسباني أن أكتشف مغارة الكنز ، فهل أنا علي بابا ?

عقد تموز سأحمله فوق صدري بأسماء كل الشموس التي فيه ، وسألمع كمثله في وحشة العدم والخوف من المجهول .

زهير اليوم قد أطلق من جعبته نبلة الساموراي المسكونة بالدهشة ، وأسكرنا بعطر الساكورا ........ فهل من مزيد ?

 

1 - يوليو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
درس محمد أركون    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
  قرأت اليوم موضوع الأستاذة الكريمة صبيحة بعنوان : لماذا يبتعد مثقفونا عن العربية ? والذي تحدثت خلاله عن تدني المستوى العلمي وعدم الرغبة في التحصيل وأن أغلب الطلاب يسعون للحصول على الشهادة فقط وليس إلى تحصيل العلوم إلى جانب مواضيع أخرى ساقتها في عرضها الوافي للمشكلة من كل جوانبها . أتمنى أن تتاح لي الفرصة لاحقاً للمشاركة في موضوعها الهام ، لكن الكلمات التي ذكرتها منها كانت قد استوقفتني بشكل خاص ، وأثارت في ذاكرتي هذه الحكاية :
 
  حدث هذا في العام 1986 عندما حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة من السوربون الأولى ، وصرت أبحث عن أستاذ مشرف للتسجيل للدكتوراه ، لأن أستاذي السابق كان قد أحيل إلى التقاعد .

  كان أسم الأستاذ محمد أركون من ضمن الأسماء التي وضعتها على لائحتي وسعيت لمقابلتها  للحصول على القبول بموضوعي والإشراف عليه . كل الطلاب الذين أعرفهم ولهم خبرة في الموضوع كانوا قد حذروني من عدم جدوى تلك المقابلة . وبما أنه ليس من عادتي الإصغاء لنصائح الآخرين ، فلقد تقدمت إلى تلك المقابلة بقلب من حديد . 

  أنتظرت دوري ، مع الكثيرين غيري ، أمام باب المكتب في السوربون الرابعة ، حيث كان يدرس أركون ، حتى حل مساء ذلك النهار ، وتعب الجميع ، ورأيت بيومها الطلبة يخرجون تباعاً من عنده مطأطئي الرؤوس لينصرفوا على استعجال ، ودون إخبارنا عن نتائج الموضوع الذي أتوا من أجله .

  كنت في آخر الدور ( وهذا يحصل معي كثيراُ أن أكون في الآخر ، بل غالباُ ما أكون في الآخر ، دون أن أدري لهذا تفسيراً معيناً ، لكنه ليس موضوعنا اليوم ) . المهم ، أن السكرتير الذي اتخذ من ركن تحت الدرج مكتباً له ، هو عبارة عن طاولة صغيرة لا يمكن لك أن ترى منها شيئاً ، لما يتراكم فوقها وتحتها ومن حولها من أكوام هائلة من الكتب والملفات ، يحشر نفسه بينها ، تتخيله كأنه ولد هناك ثم كبر جسمه وامتلأ ، لأنك لن تجد تفسيراً آخر غير هذا لكيفية تمكنه من الدخول فيما بينها ، ولا لدرجة الشبه الكبيرة التي تجمعه بها . المهم أنه ، المسكين ، كان قد ضاق نفسه يومها ، وتأخر به الوقت ، فودع آخر من خرجوا من المهزومين ، ثم نظر إلى آخر الجمع المتبقي ، فلم ير في الميدان ( الميدان هنا هو الرواق الذي كنا نتواجد فيه ) ، غيري وغير طالب آخر ، فخطرت له فكرة  بمنتهى الإنتهازية ، وهي أن يدخلنا سوياً ليتمكن هو من الإنصراف في الحال .

  تقدم ذلك الشاب قبلي ليسبقني ، وبقيت أنا خلفه على بعد خطوات قليلة أنتظر بقرب الباب .... اقترب هو من أركون الذي كانت تبدو عليه سيماء الضيق والضجر ، والذي كان يتشاغل بأوراق على مكتبه ، المثقل هو الآخر بكتب وملفات لا يعلم حجمها  ووزنها إلا الله وحده ، ومصباح نور خافت يضيء به ما أمامه فقط من أوراق ، ويترك كل ما عداه لمصيره المظلم .

  انحنى ذلك الشاب ( لأنه كان طويل القامة ) فوق المكتب ، ليسر لأركون ببضعة كلمات ، أظنه قالها باللهجة البربرية لقبائل الجزائر ، لأنني لم أفهم منها شيئاً ( مع أنني كنت مصغية بانتباه ) ، قالها وهو يقدم له بحثه الذي نال عليه شهادة الدراسات المعمقة من السوربون الأولى ، هو أيضاً .....

  تناول أركون منه الكتاب ، وتصفحه على عجالة  ، ثم نظر إليه نظرة قاتلة ، فهمت للتو بأنه لن يشفى منها قبل وقت طويل ، و قال له :

  ـ من أعطاك هذه الشهادة ? .... السوربون الأولى ? لم اكن أعلم بأنهم يوزعون الهدايا المجانية هناك ! هذه هدية وليست شهادة ، هذا عمل لا يستحق أية شهادات ، خذه وافعل به ما شئت لكنه بنظري لا يستحق أية شهادة ، هذا ضحك على الذقون .....( هذه الترجمة للمقطع الأخير من الجملة تصرفت بها من عندي للضرورة الجمالية ، ولأنكم تعلمون بأنه لا يوجد للفرنسيين ذقون يضحكون عليها ) .

  كان يتكلم بغضب وانفعال ويزأر بوجهه كالأسد الجامح ، ولا أدري كيف ، ولا بأية أعجوبة ،  استطاع هذا الشاب المسكين بأن يظل واقفاً على رجليه أمامه ، حتى استعاد أوراقه ، ولا كيف جمع أطرافه الطويلة ولفها من حوله ، قبل أن يتوجه بها إلى الباب لينصرف ، متعثراُ بخطواته ، ومن دون وداع .

  بقيت وحدي واقفة أمامه ، في ذلك المساء الحزين الماطر ، أضرب أخماساً بأسداس ، وأندب حظي العاثر الذي أتى بي إلى هنا . وصار الندم يأكلني لأنني لم أستمع إلى نصح الناصحين وأصريت على الحضور لمقابلته : أنا أيضاًُ عندي الشهادة عينها من السوربون الأولى ، وجئت لنفس الطلب ، ولا أظن بأن بحثي سيعجبه ، فكيف أخرج من هذه الورطة ? من سينقذني من لسانه اللاذع ? سيقول لي حتماً ما قاله له ، سيؤذيني بكلامه وربما أبكي من الخجل ، فكيف  أفعل ? ......... ولما صارت فكرة الهروب المفاجئ تراودني ، صرت أنظر إلى الخلف ، أعد الخطوات التي تفصل بيني وبين الباب .

 لكن نفسي أبت علي الهروب ... هي تنصب لي الفخاخ  دائماً وأنا أتبعها لا مبالية ... لكن لا ، لقد حزمت أمري ، وتذرعت بالشجاعة وعدم الاكتراث ، ثم تقدمت نحو المكتب بخطى واثقة وأنا أبتسم ، ( لكن هذه الخطى الواثقة والابتسامات الملونة المستجدية للعطف ذهبت كلها أدراج الرياح  لأن أركون لم يكن قد تنازل بالنظر إلي حتى حينها ، بل كان قد عاد إلى أوراقه التي شغلناه عنها يحدق فيها مقطباً ما بين حاجبيه ) .......

  ـ مساء الخير أستاذ أركون .... قلت وأنا أدعي المرح

  ـ نعم ? إني أسمعك ! قال متضجراً ودون أن يرفع رأسه عن أوراقه .

  ـ أنا أيضاً معي هدية ، أعطوني أياها من السوربون الأولى فماذا أفعل بها ، أرميها ??? قلت دائماً بلهجة المزاح .

  عندها فقط رفع رأسه عن أوراقه ونظر إلي ، فرسمت على وجهي ابتسامة بلهاء كانت كل ما تبقى في جعبتي من محاولات يائسة قبل الإستعداد للرحيل . ورأيته ينفجر بالضحك ، يترك قلمه أوراقه ليستلقي بمقعده إلى الخلف ويضحك .... كان يضحك كالطفل الصغير حتى تساقطت دموعه الغزيرة تحت نظارتيه ، فعاد بكرسيه إلى المكتب من جديد ، ونزعها عن عينيه ليمسحها طويلاً ثم ليمسح عينيه مرات ومرات ، وهو يقهقه لا يزال ، وظل يفعل حتى تمالك نفسه من جديد ، فأعادها إلى عينيه ، ونظر إلي نظرة مختلفة هذه المرة وقال :

  ـ إسمعي ، أنتم بمثابة أولادي ، وأنا لا أحب أن أغشكم كما يفعل الآخرون . هذه الشهادات التي يوزعونها مجاناً عليكم ليست في مصلحتكم . انظري ! هل يتعاملون بنفس الطريقة مع طلابهم ? قطعاً لا ! يتعاملون معنا على أننا عالم ثالث ويمنحوننا شهادات لا قيمة علمية لها سوى أنها ستكون أداة للتوظيف لأن من سيحملها سيعلم في جامعاتنا وليس في جامعاتهم ، بل وربما سيصبح وزيراً ومديراً عاماً بل وربما رئيساً للجمهورية وهو لا يعرف شيئاً . لماذا سيضيرهم هذا ? قولي لي ها ! لا شيء ، لا شيء . هذا سينفعهم ويضرنا نحن ، ونحن سعداء بالحصول على الشهادة بل إن هناك من يظن نفسه قد أصبح فعلاً عالماً ومفكراً لمجرد حصوله على اللقب ...... أنا أريدكم أن تتعلموا فعلاً ، أن تجتهدوا وأن تبحثوا وأن تعملوا عقولكم ، أن تستفيدوا من الفرصة المتاحة لكم هنا لتثقفوا أنفسكم ولتصبحوا بمستوى لائق فعلاً وليس فقط للحصول على الشهادات .

  كان هذا أول درس تعلمته من محمد أركون ، لأنني ورغم أنه لم يقبل الإشراف على أطروحتي ، إلا أنني ثابرت على متابعة محاضراته في السوربون الرابعة لمدة سنتين متتاليتين ، وكانت محاضراته كنزاً ثميناً جعلني أكتشف طريقة أخرى في التفكير والبحث النظري فتحت عيوني على جملة من الحقائق ما كنت لأتمكن يوماً من ملاحظتها والإنتباه إليها لولاه .

  شهادتي له اليوم بالنزاهة والرغبة الصادقة في تعليمنا مما اكتسبه من المعارف التي توصل  إليها بجهده الدؤوب ، وواجبنا نحوه هو كل الإحترام سواء إتفقنا معه أم لم نتفق .

 

   

1 - يوليو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
الأخ الدمنهوري : سائل ومجيب ( 2 )    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

بالعودة إلى فحوى السؤال ، يمكننا القول تلخيصاً لما سبق بأن بداية النهضة عرفت رجالات فكر وأدب درس معظمهم في الجامعات الأوروبية وتشبعوا بأفكار عصر الأنوار ، فدخلت الحداثة الأوروبية عبرهم من الباب الواسع . لكنهم لم يأتوا من الفراغ ، بل كانوا خلاصة عملية تاريخية طويلة إمتدت قبلها بقرون أسست لها المدارس والإرساليات الأجنبية الكثيرة المنتشرة في البلدان العربية ، منذ أيام السلطنة العثمانية ، التي أنجبت ورعت النخبة السياسية والثقافية ، أو قسماً كبيراً منها على الأقل ( بالأخص في مصر ولبنان ) ، وعلى يد هؤلاء قام عصر النهضة .

لا يمكننا فهم تطور الحركة الأدبية دون الرجوع إلى التاريخ والسياسة كمعطيات رئيسة . فحركات الاستقلال والتحرر القومي التي اشتدت وتيرتها بعد الحرب العالمية الثانية ، مهدت لقدوم ثقافة من نوع جديد ترتكز في غالبيتها على أدبيات محاربة الإستعمار وإحياء الروح القومية ، وتتصف بنفس اشتراكي حددته طبيعة التحالفات الجديدة لعدد من هذه الأنظمة مع المعسكر الشرقي .

هذا النفس الجديد الذي لا يعبأ كثيراً بالحرية الفردية والحداثة التي جعلت من الإنسان غايتها ، بل كانت تشغله المهام النضالية المتعلقة بالصراع القومي وبناء الدولة العسكرية القوية ......... في هذه الفترة الثانية عرفنا غزارة الفلسفات والتنظيرات الإيديولوجية ذات الطابع السياسي والتاريخي ، وتميز هذا النموذج الثقافي أيضاً بتغليبه جزءا من التراث على حساب الجزء الآخر ، فكان التمجيد للتاريخ واللغة ( وهو تمجيد إنتقائي ومصطنع ) على حساب الدين .

حالياً ، أظن بأن تراجع دور الثقافة  والأدب المرتبط بتراجع عام على مستوى القدرة والتأثير للمجتمعات العربية ، يتميز بهيمنة المؤسسات الإعلامية التي تروج للأدب ، وتركيز دور النشر بيد هذه المجموعات الإعلامية الخاضعة أحياناً للحكومات المحلية وأحياناً أخرى للمؤسسات العالمية صاحبة الهيمنة والنفوذ المرتبطة بمصالح خارجية ، وهي غالباً من ينظم المؤتمرات ويوزع الجوائز . ولقد أشار الأستاذ معتصم إلى هذا الموضوع وعبر عنه بمثال حي وواقعي غني عن التعليق .

ليس هناك سياسات لرفع المستوى التعليمي ، وليس هناك سياسات لرفع المستوى اللغوي ، وليس هناك سياسات لرفع مستوى الوعي العام المرتبط بالواقع ولا بالذاكرة ولا بالتالي النظرة إلى المستقبل . إن ما يجري الترويج له هو عملية إستهلاك وإستغراق للغة والثقافة بالكلام المحكي في الإذاعات والتلفزيونات ، كلام مبسط ممجوج وأقرب إلى السذاجة وأحياناً إلى الابتذال ...... واللغة أصبحت فلوكلوراً شعبياً بفضل الترويج العام للآداب المحلية التي يستسهلها الناس ويشعرون بالقرب منها لكنها لا ترفع من مستوى الوعي لديهم ، ولا تعمق من عملية فهمهم لذواتهم ولا لواقعهم ، ولا تقدم لهم من القيم الجمالية إلا كل ما هو سطحي ومستهلك .

لا يمكن التأسيس لأية نهضة دون وعي بالذات ، والوعي بالذات يعني الذات الفردية ، ويعني أيضاً الوعي بالتراث والماضي الذي جئنا منه ، تاريخاً وأدباً وديناً ولغة ........ واللغة هي صورة الماضي المكثفة التي تلخص كل هذه التجارب وتحملها في متنها ، وهي استمرارية تاريخية نستشعرها بمرور الوقت ، وكلما تعمقنا في الدراسة ، وتتزايد أهميتها إضطراداً بنظرنا بتزايد الشعور بهيمنة هذا السخف العام المفروض علينا ، وهذا الشعور بالتردي والإحباط .

لماذا قلت في بداية حديثي بأن الأخ الدمنهوري سائل ومجيب ?

لأنه كان قد نوه للعمل الذي قام به المستشرقون ، وهو عمل هائل في فائدته العلمية ، ووصفه بأنه مجرد تحقيق ودراسة ! هذا صحيح رغم قيمته وتقنيته العالية التي لا يرقى إليها الشك ، فما المطلوب إذاً ???

المطلوب هو الشعور بالولاء ! المطلوب هو ان نشعر بأن من يكتب ، يكتب لنا ، وان من يفكر ، يفكر من أجلنا ، لا يهم من أي اتجاه أتى ، ولا يهم لو اخطأ أو أصاب ، المهم أن يحصل هذا التواصل السحري بيننا وبينه الذي يجعلنا نشعر بأننا لسنا أمام مستشرقين .

    

7 - يوليو - 2006
في سبيل النهضة
 11  12  13  14  15