البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات ضياء العلي

 10  11  12  13  14 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
حكاية الخروف والذئب    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 

 أِشكر الأستاذ زهير على مساهمته الأولى في هذا الملف ، وقد قدم بهذا نموذجاً لما يمكن كتابته من صفحات التاريخ . هي صفحة ربما تتكرر مثيلات لها كثيرات على مسامعنا هنا لأنها ـ للأسف ـ تعكس حالة شبه معممة على أرجاء وطننا العربي من محيطه إلى الخليج . وبغض النظر عن أسباب الإغتيال أو الإعتقال ، وبغض النظر عن هوية الجلاد أو الضحية ، لأن الضحية نفسها يمكن أن تتحول إلى جلاد أحياناً ، بل غالباً ، والعكس صحيح . الصراع على السلطة هو مجرد تبادل للأدوار ودون أن يغير ذلك من طبيعة العلاقة القائمة كثيراً أو قليلاً . هي علاقة التسلط والإستبداد القائمة على بنية إجتماعية قوامها الجهل ، وبنية إقتصادية سمتها الأساسية الظلم وعدم التكافؤ ، هي علاقة القوي بالضعيف ودون إية روادع دينية أو أخلاقية رغم كل الشعارات البراقة .

  ما أريد تقديمه اليوم ، هو نموذج آخر لما يمكننا كتابته في هذا الملف ، لأن الظلم الأول الذي يقع ـ برأيي ـ يأتي من النفس . ويمكن لهذه النماذج بأن تتعدد بتعدد الكتابات ودون أن نخرج عن المضمون المحدد لها . أرجو أن ينال إعجابكم وان يساهم بشيء من الإضاءة في تحليلنا للتاريخ من وجهة نظر مغايرة .

 
حكاية الخروف والذئب
 
 كان ذلك في شتاء العام 1968 على الأرجح ، وكنت قد استيقظت مبكرة في صبيحة ذلك النهار البارد رغم أننا كنا في عطلة مدرسية ، فذلك اليوم كان يفترض له أن يكون اليوم الأخير من رمضان . كانت الإستعدادات جارية في المطبخ على قدم وساق لتحضير معمول العيد والأقراص بالحليب التي لم تكن تصنع إلا لهذه هذه المناسبة ، فكنت أسمع أصوات دق الهاون مختلطة ببكاء أخي الصغير الذي التهت عنه أمي بسبب إنشغالها بالعيد .........
 
 تسللت من سريري متضجرة من تلك القرقعة ، ومن عبق ذلك الجو الذي كان مشحوناً بالروائح النفاذة ، رائحة السميد والسمن والبهارات القوية ...... تجاوزت باب المطبخ الذي لم يستهويني الدخول إليه وانا أعلم سلفاً بأن أمي مشغولة ، ولن تلتفت إلي إطلاقاً . مشيت في الممر حتى غرفة أخي الكبير التي تقع في آخره ، وكان بوقتها في الثالثة أو الرابعة عشرة من عمره . وجدت الباب مردوداً فوقفت فيه :
 
 كان هو وأختي الكبيرة ( التي تصغره بسنتين ) في جدال كبير:  يحاول أن يقنعها بصحة ما يقرأه في مجلة سوبرمان وبأنها ( إي فكرة سوبرمان ) تعتمد على نظرية علمية ثابتة تقول بأنه إذا انطلقنا بسرعة تتجاوز سرعة الضوء فسيكون بإمكاننا الإنتقال عبر الزمن .......... عبثاً كان يشرح لها ويفند في آرائه مستخدماً كل وسائل الإقناع التي كان يعرفها ، لأنها وفي الوقت الذي كان يعلو فيه صوته ، وتتحرك يداه بالإشارات الدالة على اتجاه الصاروخ ، كانت هي تهز برأسها وتبتسم له بتهكم مؤكدة بأن كل هذا : " تجليط  بتجليط " 
 
 أتعبني حديثهم الذي لم أفهم منه بوقتها شيئاً فتركتهم وقلت في نفسي أذهب لأرتاح قليلاً في فراش أبي وأمي ، هذا ما كنا نفعله غالباً أيام الأعطال ، وكلما وجدنا المكان شاغراً إندسسنا فيه وهو لا يزال يعبق بدفئهما . وجدت أختي ندى التي تصغرني بسنتين قد سبقتني إلى هناك . تسللت بقربها تحت اللحاف وصرنا نتحادث حول أخبار العيد :
 
 ـ هذا المساء سوف يثبتونه ، أكدت لي بكل تفاؤل ، هذا المساء سوف يضربون مدافع العيد . 
 
 ندى كانت وديعة وهادئة الطباع ومسالمة في لعبها وحركاتها ، وكانت موفورة الصحة والجمال ، وكان أبي يحبها كثيراً لشكلها الوديع ويشبهها بالمسيح (عليه السلام ) . وأذكر أنه وجد ذات مرة فى أحد استوديوهات التصوير لدى مصور أرمني ، صورة للطفل يسوع المسيح مستلقياً على جلد خروف ، فأعجب بها واشتراها منه ثم علقها فوق باب البيت . ولما كان هناك من الناس من كان يستغرب وجود هذه الصورة في بيتنا ، ويسأل عن سبب وجودها ، فإن أبي كان يجيب :
 
ـ اشتريتها لأنه يشبه " بنتي ندى" !
 
 هكذا ببساطة ودون تعقيد . بينما كانت جدتي تحاول بأن تعطي لمن يسألها عن الموضوع طابعاً إيديولوجياً عن ضرورة التعايش الإسلامي _ المسيحي .
 
 كنا نحن الأولاد ، في ذلك الزمان ، لا نزال نعيش في عالم خيالي يغلفه الحلم بمعطفه الوديع فيعزلنا عن فجاجة الواقع المحيط ، ويترك لنا الحرية لنتخيل ونحلم ونكبر رويداً وريداً بعيداً عن الأزمات وصدمات الواقع المخيب . وفي كل مرة كان الواقع يأتي فيها ليقتحم عالمنا ويغير عليه ، كنا نتألم ونشعر بالإحباط ، لكن هذا الألم كان ضرورياً ، وكان مؤسساً ، لأنه كان يجبرنا على التخلي عن أوهامنا ويجبرنا على أن نكبر رويداً رويداً مع الحقيقة المؤلمة ، ومع كل صدمة ، كنا نروض القلب ، ونوسع جنباته لتعوديه على تلقي واحتضان أوجاع أخرى سوف تتوالى عليه إضطراداً . وكثيراً ما كنا نساهم نحن بعيوبنا وأخطائنا وبنزعة الحسد والغيرة التي هي من طبيعة البشر فينا في الإستعجال بمهمة الزمان ، وربما جعل هذا العالم المحيط أسوأ حالاً مما هو عليه .
 
 وأعود لأختي الوادعة التي كانت تحلم لا تزال في دفء الفراش الوثير :
 
 ـ ندى ، ماذا تتمنين لو يشتري لك أبوك على العيد هذه السنة ? سألتها .
 
 كنت أتوقع بأن تقول لي لعبة مثلاً ، وهو ما يشتريه لنا عادة ، فأفقد أنا لعبتي ، أو أنتزع لها رأسها أو رجلها بعد فترة قليلة من الزمن ، بينما تبقى لعبتها هي جديدة لمدة طويلة ، قبل أن نعود لنسطو عليها . لكنها بوقتها فاجأتني بالقول :
 
 ـ أتمنى لو يشتري خروفاً صغيراً حديث الولادة ... سأربيه وأدللُه ويكون لي وحدي لألعب معه وليس كمثل الخراف التي يذبحونها على العيد الكبير ... سآخذه لنتفسح في الجبل ونلعب على الحشائش وأعمل له رضاعة من الحليب ........ كانت تحلم ...
 
 ـ وأنت ، ماذا تحبين لو يشتري لك أبوك ? سألتني .
 
 ووجدت نفسي أقول ، وأنا أتخيلها تتفسح مع خروفها بين الحشائش والغيرة تملأ قلبي :
 
 ـ أنا ، أريده أن يشتري لي ذئباً ! أجبت .
 
 ـ لماذا ? قالتها شبه مصعوقة .
 
 ـ ليأكل لك خروفك ! قلت ذلك بتصميم ، ودون أدنى شفقة .
 
 وعندما علا بكاؤها ، وجاءت أمي لتستطلع ما الخبر ، وجدتني أشعر بإرتياح كبير بعدما أكل الذئب الخروف وأراحني منه . 
 

11 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
هذه للمزح أيضاً وخاصة بالأستاذ زهير    كن أول من يقيّم

 

يحكى ان رجلاً دخل قرية اهلها بسطاء وادعى فيهم النبوة . ولما رأى السماء مكفهرة بالغيوم قال لهم : " يا أيها القوم ، إذا السماء أبرقت ثم أرعدت فاعلموا أنها شاتية ...."

ولما هطلت بالمطر ، خروا له ساجدين !

لم يكن أهل هذه القرية يعرفون شيئاً في علم المناخ . 

15 - يونيو - 2006
أجز هذا البيت
العقل ، الجنون ، المراهقة ..... (1)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

،

كنت قد قرأت ذات مرة في مجلة فرنسية تدعى le nouvel Observateur مقالاً عن عقل المراهق غير كثيراً من نظرتي وطريقتي في التعامل مع أولادي المراهقين .

يعتمد هذا المقال ( نشر في السنة الماضية ) على دراسة حديثة أجريت العام 1996 على أدمغة مراهقين وذلك بوضعها تحت المراقبة بواسطة الأشعة الكهرومغناطيسية لمعرفة كيفية تطورها ، وما هي مراحل التبدل التي تطرأ عليها .وهي دراسة فيزيولوجية وعصبية وليست نفسية . الغاية منها كانت التمكن من تحديد العوامل أو المنطقة الدماغية المسؤولة عن الإدمان على المخدرات ومحاولة التحكم بها .

إلا أن نتائج هذه الدراسة تجاوزت بكثير الهدف المقصود منها وتوصلت إلى أمور مذهلة أظنها جديرة بالتأمل العميق لأنها ربما تفسر لنا الكثير من الأسرار المتعلقة بالأنسان وحياته الوجدانية ، وتفسر لنا معنى الذكاء ، وتفسر لنا العبقرية وربما الجنون ......

ـ المفاجأة الأولى : تتعلق بتحديد عمر المراهقة ، فلقد تبين بأن الدماغ الإنساني لا يأخذ شكله النهائي ويظل يخضع لتغيرات حتى عمر السادسة والعشرين ، يعني بأن عمر المراهقة يمتد من الثانية عشرة وحتى السادسة والعشرين .

ـ المفاجأة الثانية : وهي أن الدماغ يكون في حالة استعداده القصوى من الناحية الكمية في عمر الثانية عشرة لأن خلايا الذكاء تكون في أقصى نموها العددي . إلا أن هذه الخلايا تكون في فوضى عارمة ( كحقل نبت فيه العشب من كل جانب ) وفي حركة دائمة سريعة وغير منتظمة . وتمتد هذه المرحلة من الفوضى التي تبدأ منذ ذلك السن بالإنتظام رويداً رويداً وحتى عمر السادسة والعشرين .

ـ المفاجأة الثالثة : وكلنا يعلم بأن الدماغ مقسم إلى مناطق كل منها مسؤولة عن نوع معين من النشاطات والمعارف . لاحظوا بأن المنطقة الوسطى ، الواقعة في قلب الدماغ ، وفيها مثلث صغير ذو لون أحمر داكن ، وهي منطقة النزعة العاطفية ، أو الإحساس الوجداني الإنفعالي لدى الإنسان ، هي أكبر حجماً لدى المراهق ، بل هي ضعف حجمها لدى دماغ الإنسان التاضج ، وأنها عادة ما يتناقص حجمها مع الوقت لحساب مناطق أخرى .

هذه النتائج تؤدي إلى استنتاجات هامة أولها أن الإستعداد للذكاء ، يعني وجود المادة الأساسية القابلة للإنفعال والتأثر ، وهي خلايا الذكاء العصبية ، والتي تكون في فوضى عارمة في بداية عمر المراهقة ، لا تتوزع على مناطق الدماغ بشكل متساو إلا بقدر ما يجري استدعاؤها إلى هذا الجانب أو ذاك ، أو بمقتضى استعدادات فطرية .

مع مرور الوقت ، وتراكم المعارف والتجارب الحسية ، تبدأ هذه الخلايا بالإنتظام في أماكن محددة ، إلا أن هذه المناطق عادة ما تكون معزولة عن بعضها البعض في عمر المراهقة . وأنه بمرور الوقت ، فإنا خلايا أخرى تبدأ بتكوين نوع من شبكة الإتصال بين هذه المناطق ، وبالتالي بين هذه المعارف وهذه التجارب ، وتعبد الطريق فيما بينها فتكون في البداية كأنها نوع من الطرق الترابية الوعرة ، لتصبح مع الوقت قنوات إتصال سهلة الإستعمال . النضوج هو هذا ! هو ليس السن وليس التراكم المعرفي الكمي ، بل هو التمكن من استخدام جميع المعارف المكتسبة وإيجاد الصلة بينها .

النضوج أيضاً ، هو التمكن من السيطرة على الإنفعالات القوية وعدم الخضوع لها . فدماغ المراهق هو أكثر استعداداً للخضوع للإنفعالات العاطفية القوية لأنها تأخذ حيزاً هاماً من تفكيره وهو غالباً لا ينجح بالسيطرة عليها ، ويمكن لهذه العاطفة بأن تتخذ أشكالاً مختلفة ، دينية ، سياسية ، ميل موسيقي أو أدبي ، أو حتى الأبسط وهو عاطفة الحب والميل الجنسي . المراهق هو غير قادر غالباً على التحكم بهذه المنطقة من دماغه وكل الأمور تأخذ في هذا العمر طابعاً مطلقاً ومبالغاً فيه . هذا الشعور هو خارج عن إرادته لأن من  يتحكم به هو الطبيعة الفيزيزلوجية ، ويمكن له أن يتمظهر على شكل فورات غضب عصبية وعدوانية ظاهرة ، كما يمكن له بأن يتمظهر على شكل عزلة وانطواء على الذات ، في كلتا الحالتين ، هو تعبير عن العجز ، وإخفاء الشعور بعدم القدرة على التحكم بالأمور .

 

15 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
خاص إلى فداء    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

هنيئاً لك فداء أن تكون ابن شاعر المعنى . هنيئاً لك أن تحمل ما تحمل من إرث عظيم . هنيئاً لك أن يجللك كل هذا الحب الكبير الذي لا يعرف أبعاده إلا من افتقده دهراً ، وسعى إليه عمراً ، وأراق من أجله دموعاً ودماء . لا ندرك من الأشياء عمقها إلا بالتجارب القاسية ، ولا نكبر مع الحياة ، إلا بهذا الثمن الباهظ . اليوم أراك في قلعة شاهقة يحرسها أسد مهيب .

أعرف أيضاً بأن حنان وردة جميلة بقرب جدول ماء يشرب منه الشاعر في كل يوم .  

16 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
إلى الأستاذ عبد الرؤوف    كن أول من يقيّم

 

أنت والله رائع يا نويهي الخير وبكل الألوان ، وأنت لم تشعل أي حرب فالحروب مشتعلة معنا ومن دوننا منذ الأزل ولا بد أن نلتقيها وأن نصطلي بنارها أحياناً . لا أحد يسميني أم آريان غيركم وغير أهل حارتنا القديمة . أعدتموني إلى هناك . شكراً !

17 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
العقل ، الجنون ، المراهقة ..... (2)    كن أول من يقيّم

 

نستنتج من المقالة السابقة بأن عقل الإنسان يخضع في فترة المراهقة ، لعملية تنظيم من الناحية المعرفية ، وتوسيع من الناحية الكمية ، وضبط وتأطير من الناحية الإنفعالية ، لقدراته الكثيرة ، ويتم الربط فيما بينها تدريجياً لتتوحد في الشخصية الواحدة . يمكننا أن نسمي هذا تكيفاً اجتماعياً وبدون أدنى تحفظ .

وبما أن البشر الذين يعيشون في مجتمع واحد ، وفي بيئات متشابهة ، يتلقون عادة ثقافة معينة تؤثر في تكوينهم الفكري والعقلي . هذه الثقافات ما هي إلا منظومات معرفية تهدف في غايتها  إلى ضبط وتأطير عمل الدماغ ، وإجراء نوع من التسوية بين قدراته الذهنية الفاعلة والموجهة عادة نحو غايات نفعية ، وبين طاقته الإنفعالية التي لا بد للنفعي والمنظم من السيطرة عليها وتوجيهها لمصلحته . كل ثقافة برأيي ، هي تسوية هدفها إحلال نوع من التوازن في الشخصية أولاً ، ثم على حسابها ، ولحساب المجتمع ثانياً ، بين الواعي النفعي والمنظم ، وبين الوجداني والإنفعالي . على كل البشر الذين يعيشون ضمن إطار مجتمعات معينة التكيف مع هذه التسويات . لا يشذ على هذه القاعدة عادة ، إلا العباقرة أو المجانين .

العبقري ، نسبة إلى عبقر ، وهو موضع في البادية كثير الجنّ . وبالفرنسية هو Genie ، لاحظوا تشابه اللفظ مع أن القاموس petit Robert  يقول بأن أصل الكلمة لاتيني من genius الذي لا يختلف كثيراً في تعريفه عن تعريف الجني أو القرين أو الملاك الحارس ( القاموس اللاتيني Gaffiot ) . والعبقرية التي هي : إستعداد طبيعي ، فطري ، بأصلها اللاتيني ، تطور مدلول إستخدامها بالفرنسية إبتداء من القرن السابع عشر وصارت تستخدم بمعنى أنها : ما يرتفع بالإنسان عن مستوى البشر العاديين ويجعله قادراً على الخلق والإبداع والتجديد .

وأما ما جُنَّ ، بحسب لسان العرب ، فهو ما ستر عنك . وفي الحديث : جُنَّ عليه الليل أي ستره وبه سمي الجن لإستتارهم واختفائهم عن الأبصار . وفي حديث الحسن : " لو أصاب ابن آدم في كل شيء جُنَّ " أي أعجب بنفسه حتى يصير كالمجنون . وجُنَّ الشباب ، أوله أي جدته ونشاطه . وقيل : جُنَّ النبت جنوناً ، أي غلظ واكتهل . وقال أبو حنيفة : نبته مجنونة ، إذا طالت . ويقال : مررت على أرض هادرة متجننة ، هي التي تهال من عشبها وقد ذهب عشبها كل مذهب .

ويقال جُنَّت الأرض جنوناً ، إذا أعتم نبتها !

مجنون (1) : زهير " أبو الزهور"

كنا نراه دائماً نظيفاً ، حليقاً ، متأنقاً في لباسه . كان يرتدي عادة البدلة والطربوش ويزين نفسه بأنواع من الزهور مختلفة ، يضعها في جيب سترته ، فوق صدره ، ويضع منها خلف أذنيه ، ويشكل أخرى على طربوشه . وفي موسم الفل والياسمين ، كان يضع منها عقوداً حول رقبته ولا يفرق بين الفل البلدي أو الإنطلكلي أو الإسكندراني .

كان مزهرية متنقلة في الحي ، تعرفه كل المناسبات الإجتماعية ، المآتم ، الأعراس ، الطهور ، يساعد بما يستطيعه لقاء ما يجنيه . لكن الزهور ، كان يشحذها من كل الناس فلا يمر أمام سور جنينة عليه ياسمينة ، أو زهر ليلك ، أو وردة نسرينية ، دون أن يقطف لنفسه منها باقة ، يشكل منها سترته وطربوشه وعروة قميصه ، ولم أره يوماً يعطي منها أحد .

 

مجنون (2) : بلال

كنا نخاف المرور في الشارع الذي كان يسكن فيه لأنه وإن كان وديعاً في الغالب ، إلا أن ردات فعله تكون أحياناً غير متوقعة . فجأة كان يتحول إلى إنسان آخر ، كأنه عاد إلى التوحش البدائي ، فيثور ويغضب ويبدأ بالركض خلف أول من تسول له نفسه بالركض أمامه .

كان الأولاد والشبان في الحي يستفزونه أحياناً لإثارة غضبه . فيتحلقون من حوله ويبدأون بإطلاق الكلمات المؤذية ، وهذا نوع من المقامرة يجرونه فيما بينهم ودون أن يعرفوا على من سوف تقع الطامة في هذه المرة ، ومن هو الذي سوف يحصد اللطمات . فبلال كان يافعاً وقوياً ، وكان يطلق في ساعات غضبه صيحات مجنونة تهتز لها القلوب ، لأن غريزة النمر التي تعتريه ، كانت تستيقظ تحت وقع كلماتهم وحركاتهم ، إلا انهم كانوا يشتتون قوته وذلك بأن يدفعونه للركض وراءهم بكل الإتجاهات . 

مجنون (3) : خاطب البنات

كان يشبه الصوفي برداءه الطويل المتسخ ، ولحيته التي تدلت ، وشعره الذي استطال حتى كتفيه . كان ربما في الثلاثين من عمره ، وكان يأتي في عصر كل يوم ليحل محل الكندرجي ، في زاوية هي ممر ضيق يفصل بين بنايتين ، كان الكندرجي يشغلها في النهار ، وهو في الليل .

كان يفرش من حوله كمية هائلة من أكياس الورق القديمة الفارغة التي كان الناس قد أحضروا فيها أحذيتهم لتصليحها . يجلس عليها هناك ويراقب الآتي والذاهب بإبتسامة دائمة لا تفتر على شفتيه . وإذا مر به رف بنات ، استوقفهن وصنع لكل واحدة منهم خاتماً من الورق .

أذكر أنني كنت ذاهبة مرة لبيت عمتي ، ولما رأيته خفت منه وأردت الإنتقال للرصيف الثاني ، إلا أنه رمقني بإبتسامة مطمئنة جعلتني أغير رأيي وأقترب منه . ويومها ، مدَّ لي يده بخاتم من ورق صنعه من كيس كان فيه حذاءاً عتيقاً كان بجانبه . كنت بوقتها ربما في الثامنة من عمري . من يومها وأنا أشعر أنني في حلف مع المجانين .

 

18 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
بياعة بطاطا    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 صباح الخير : لا أعرف من أين أبدأ . هذه المرة أشعر بأنني مشوشة .

المجنون بأصلها اللاتيني : fou  تعني البالون الفارغ أو الكيس المنفوخ .

عندما كنت صغيرة ، كانوا يلقبونني بالصحافية . كنت كلما ذهبت إلى الدكان أو إلى أي مكان آخر  عدت بكومة من الأخبار أرويها دائماً بكل حماس . وكان أبي هو أول من دعاني بالصحافية ، ثم فهمت من خلال تعليقه على نشرة الأخبار بأن الصحافي برأيه هو : " من يكتر حكي بلا طعمة " . فقررت أن أختصر بالكلام ، وقلت لأخوتي ( الذين هم أصغر مني ) بأننا سنخترع لغة نختصر بها طول الجملة . صرنا نقول للشجرة : شج ، وللشباك : شب ، وللمرجوحة : مر ، حتى تبلبلنا ولم نعد نفهم على بعضنا . خلاصة هذا المجهود أنهم صاروا يدعونني ب : التي تختصر بالكلام .

أتذكر فيروز في مسرحية " الشخص " ، كانت بياعة بندورة . أنا بياعة بطاطا لكن حظي حلو .

 

20 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
همزة وصل    كن أول من يقيّم

 

عبد الحفيظ ، همزة وصل ، وسكرتين ونصف في فنجان قهوة مرة ، ومقاله يشبه قرن البوظة المشكلة من كل الألوان ......  أنا شخصياً لو كنت أعرف معنى للوطن يفسر لي بعضاً من تاريخي ، لما فتحت هذا الملف ، وليتها اقتصرت على الوطن وحده .

أسمع نشرة الأخبار فأستعيد الفاجعة ، صور من العراق وفلسطين تختلط بذاكرتي مع مشاهد الحرب الأهلية التي عشناها رعباً ، ولا يزال شبحها يخيم فوق رؤسنا في كل لحظة . لا أرى من حولي إلا الدمار ، ولا أرى من الوطن إلا ومضات سريعة تشبه فلاش آلة التصوير ، فأصور ...... هذا ما أحاول إنتشاله من هاوية خيالي قبل أن يستقر في العدم ويجرفني معه مرة أخيرة ، وإلى الأبد .

 

23 - يونيو - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
رسبنا في الإمتحان    كن أول من يقيّم

 

إلى عاشق أميركا الوسطى والجنوبية :

لما لا تفتح القاموس ، ولكن ليس اللاتيني ، بل الإسباني أو البرتغالي مثلاً ، وتبحث عن هذه المصطلحات ??? نحن رسبنا في الإمتحان .

24 - يونيو - 2006
سؤال
لا يوجد    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 

 لا يوجد . أخطأت بالموقع . إذهب إلى موقع القصة العالمية ستجدها هناك . حظاً موفقاً !

24 - يونيو - 2006
طلب مهم جدا جدا جدا!!!
 10  11  12  13  14