البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات وحيد الفقيهي

 1  2  3  4 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
معنى العقل...وإمكانيات التفلسف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

خارج الموضوع:

أولا: ليس من عادتي أن أخطب...فزمن الخطابة ولى. لكن الخطابة ـ كإسهال لفظي حاد ـ يمكن أن تكون في كثير من الأحيان آلية دفاعية للتستر على أعطاب في التفكير. وما أكثر الأعطاب الفكرية اليوم...

ثانيا: في لحظة ما ساهمت في محاربة الأمية الأبجدية؛ وليس لدي اليوم أي استعداد لمحاربة أمية معرفية لدى من يدعي امتلاك الحقيقة ...إن الحقيقة بناء جماعي. وعلى من يدعي عكس ذلك عليه أن يلازم المغارات أو يسيح في الفيافي بحثا عن وهم الحقيقة الفردية.

ثالثا: كان سقراط متواضعا؛ حين كان يعترف بجهله: (أعرف شيئا واحدا هو أني لا أعرف شيئا)...وكان سلفنا من العلماء الأفذاذ أكثر تواضعا حين كانوا يختمون أسفارهم وكتبهم بقولهم:( والله أعلم).

في الموضوع:

سأقتصر على نقطة واحدة : العقل والذكاء ?.مع طرح تصور لمفهوم العقل في مرجعيتنا الدينية

في الحقل المعرفي اليوم يعتبر الذكاء مفهوما سيكولوجيا. أما العقل فمفهوم فلسفي بامتياز. لقد فكر الفلاسفة في الذكاء بمفاهيم أخرى : "الفهم" و"العقل" و"الذهن". فما نقصده اليوم من كلمة ذكاء, التي وضعت حديثا كمفهوم علمي, هو ما كان يفهم سابقا بكلمات فهم وعقل أو فكر.لذلك فكل حديث عن الذكاء ـ في السياق الديني والفلسفي ـ هو حديث عن العقل في نهاية المطاف.

الدلالة الأصلية لمفهوم العقل تحمل شحنة منطقية رياضية ولغوية قوية, أي تعكس صنف الذكاء التصوري المجرد. إن اللفظ اللاتيني Ratio الذي اشتقت منه كلمة Raison يعني في الأصل الحساب, وملكة العد, والتنظيم والتنسيق؛ والكلمة ترجمة لاتينية للفظ الإغريقي Logos الذي يعني الكلام, أو الخطاب المتماسك, والمنطوق المفهوم والمقبول كونيا. وهكذا فالحساب والخطاب, أو العد والكلام, أو الرياضيات واللغة, هما العنصران المحددان للدلالة الأصلية للفظ العقل.   

إذا استقرأنا النص الديني ، نواجه بدءا بغياب كلمة "ذكاء" كإسم وحضورها كفعل يحيل على معنى مغاير يفيد الذبح كما في الآية ?وما أكل السبع إلا ما ذكيتم? (المائدة :3). لكن غياب الكلمة من فضاء النص ليس كافيا لإصدار أي حكم مسبق؛ إذ مقابل هذا الغياب اللفظي للكلمة هناك حضور قوي لفعل الذكاء باعتباره نشاطا عقليا، أي باعتباره مجموعة من العمليات أو الأفعال والتي يكثفها القرآن في فعل أساسي هو فعل "العقل".التصور الديني للذكاء الإنساني(أي للنشاط العقلي) يتأسس على نظرته إلى الإنسان كشخص يحظى بتكريم إلهي مؤسس على معيار التقوى، وهو معيار يتمثل في بعد مادي هو قوام الجسد الإنساني، وبعد روحي ميتافيزيقي يعتبر سرا إلهيا، وبين البعدين هناك بعد نفسي عقلي يميز الإنسان ويجعله يسمو به عن الحيوان. ووجود الإنسان في أبعاده الثلاثة يقابله، داخل التصور القرآني، وجود ثلاثة مستويات متدرجة من المعرفة: أولها المعرفة الحسية، إذ بتقديمه السمع والأبصار على الأفئدة يعتبر القرآن الحواس أساس كل معرفة عقلية لاحقة. وثانيها المعرفة العقلية، ومصدرها القلب أو الفؤاد. وتستمد هذه الموضعة البيولوجية لفعل العقل في القلب دليلها من القرآن نفسه؛ فكما أنه يرجع أفعال الإحساس إلى المناطق الحسية المرتبطة بها، السمع للأذن والبصر للعين، فإنه يرجع كذلك فعل العقل إلى القلب كمنطقة في الجسم محددة. فالقرآن إذن، بالرغم من أنه لا يستعمل كلمة ذكاء مباشرة إلا أنه يتحدث عن نشاط  معرفي  يسميه "عقلا"، خاصة وأنه يستعمل مادة (ع. ق. ل) 49 مرة، دون أن ترد قط في الصيغة الإسمية؛ مما يدل على اعتباره العقل فعالية أكثر من كونه ملكة. أما المستوى الثالث للمعرفة فيتعلق بالإلهام والوحي كطرق خاصة بفئة معينة من الناس، وبهذه الوسيلة يتحقق الإدراك في أرقى مستوياته. وتدل هذه المستويات على أن المعرفة العقلية توجد وسطا بين دونية المعرفة الحسية ذات المصدر الطبيعي المادي من جهة، وسمو وخصوصية المعرفة الإلهامية ذات المصدر الإلهي الميتافيزيقي من جهة أخرى: الأولى دونية لأن للحيوان فيها نصيب، والثانية خاصة ليس لكل الناس فيها نصيب. أما العقل فهو الفعل الخاص الذي يميز الإنسان عموما عن غيره من الحيوان.

العقل فعالية أو فعل وليس جوهر أو كيان أو أداة( بل جوهره وأداته القلب). وبرغم تعدد معاني العقل كفعل فمن الممكن حصرها  في ثلاثة أفعال عقلية: الكف والضبط والربط، والتي نعتبرها الأنشطة العقلية الأساسية في المرجعية الدينية. يحيل فعل الكف، أي المنع، على بعد أخلاقي لوظيفة القلب باعتباره وازعا أخلاقيا يعقل ويحبس ويكف صاحبه عن التورط في المهالك. وهو معنى يعطي للعقل بعدا معياريا قيميا يخص الممارسة العملية الأخلاقية. أما فعل الضبط، أي إمساك الشيء حتى لا ينفلت، فيحيل على بعد معرفي لوظيفة القلب باعتباره ملكة حفظ، وقوة تذكر واستظهار وبهذا المعنى وردت الآية ( يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون).. وواضح أن الضبط  هنا يشير إلى نوع نشاط ذهني يتمثل في مهارات إسماع الخطاب وفهمه وحفظه واستظهاره. أما فعل الربط، أي إدراك العلاقة بين قضيتين، فيحيل أيضا على بعد معرفي لوظيفة القلب باعتباره قوة إدراك وتأمل وفهم ونظر وتدبر في الكون(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها... )، وفي التاريخ وماضي الأمم)وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد(، وفي النص الديني)أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها( .ومن الواضح أن فعل الربط هنا يشير إلى نشاط ذهني يتمثل في مهارات الاستدلال والقياس. ويبدو أن العلاقة بين هذه الأفعال العقلية الثلاث ( الكف والضبط والربط) علاقة تفاعل وتكامل؛ ذلك أن اللغة العربية تضفي على فعلي الضبط والربط معاني وجدانية كالحزم وشد النفس ورباطة الجأش ووثوق القلب.والمبدأ الذي يحدد وحدة التفاعل بين الفكر والوجدان، بين العلم والعمل ـ في الحقل التداولي العربي الإسلامي ـ  مبدأ ديني بالدرجة الأولى. فإذا كانت معاني العقل دنيوية في دلالاتها اللغوية فإن القرآن أضفى على تلك المعاني غائية الدين متمثلة في:  

ـ  الإيمان قبل العلم: على الإنسان الباحث عن الحقيقة أن يؤمن أولا، ثم يستخدم العقل لتقوية وتعميق هذا الإيمان. وهذا الارتباط يدل على تبعية المعرفة للدين، وانبثاقها عنه. وبذلك يبقى المطلوب من العقل الإنساني هو التعامل مع ظواهر الكون ووقائع التاريخ وآيات القرآن لا كموضوعات طبيعية وإنسانية ولغوية من أجل معرفة محضة، بل كعلامات وأمارات وشهادات وآيات تدل على قدرة وإعجاز الله في خلق الكون وصنع التاريخ ودقة البيان مقابل عجز الإنسان عن ذلك.

ـ  العلم يُعطى ولا يُبنى: إذا كان الضبط والربط فعلين عقليين يؤديان إلى حصول العلم في القلب، فإن إمساك هذا العلم وتثبيته لا يتم إلا بعد حدوثه واستقباله من مصدر خارج الذات العارفة، ذلك أن هذه الذات ـ في المنظور الديني ـ تتلقى العلم ولا تنتجه، وكأن العلم يعطى ولا يبنى، أي يُتلقى جاهزا من أجل تطبيقه والعمل به: [[[ الله ـ في البدء ـ هو الذي (خلق الإنسان. علَّمه البيان) ،(وعلَّم آدم الأسماء كلها)، وفي الحاضر، هو الذي (علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم) . كما أن استعمال القرآن لعدد كثيف وبصيغ كثيرة لفعل "علم" المسند إلى الله (بنسبة أكثر مما هو مسند إلى الإنسان)  يؤكد أن الله ـ وهو العليم والعالم والعلام ـ هو واهب العلم للإنسان، ويعتبر القرآن كوحي إحدى تجليات هذا العلم الإلهي المطلق:)ولن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم، ما لك من الله من ولي و لا نصير()]]...إن القلب لا يجب أن يمارس عقله (=نشاطه العقلي) من أجل بناء المعرفة، بل عليه فقط أن يتلقى هذه المعرفة في شكلها الأصلي، ويتعامل معها كعلم قبلي جاهز ـ ضبطا وربطا، أي حفظا وفهما ـ ليوظفها من أجل تقوية الإيمان، أي الانتقال من مستوى الإيمان إلى مستوى الاطمئنان.

8 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
تابع ...    كن أول من يقيّم

(تابع ... للسابق...)

ـ  العلم طريق إلى العمل:  تشكل منطوقات القرآن، كعلم حق، المعيار الذي يوجه كل فعل عقلي وسلوك اجتماعي، ذلك، أن مختلف مظاهر السلوك( لدى الفرد المسلم)، وكذا العلاقات الاجتماعية ( بين المسلمين) ينبغي أن يخرج كل ذلك من صلب الكتاب الذي يتضمن معاني آمرة، حاكمة، تترتب عنها أحكام.وهو اعتبار يجعل وظيفة العقل غير محددة في فهم النص من أجل إبراز المعنى، أو في "القراءة" من أجل اكتشاف الدلالة، بل من أجل ترسيخ عقيدة في القلب وتطبيق أحكامها في الممارسة، أي من أجل تجسيد النص في الشعور والسلوك....

.....يكفي.....وبالتالي.....

كيف يمكن رصد روح الفلسفة في المرجعية الدينية ....????????

8 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
الفلسفة والوحي....    كن أول من يقيّم

تحية مفعمة بروح المعنى.....

قبل البدء..... يبدو لي أن """دوافع""" الكتابة في هذا المنبر متباينة إلى الحد الذي يلتبس فيه الأمر على المتصفح الغريب...هناك أسماء تراجعت لأن هناك أسماء أخرى لم تتفاعل مع إيحاءات منطوق ما كتبت...

وهناك أسماء توهمت نفسها في قاعة المحكمة فأخرجت من غمدها سيوف الطعن لإرغام البعض علىالانسحاب...وهناك أسماء خاضعة لنوع من الوعي الشقي في استعادة ما لا يمكن استعادته أو القفز على ما لا يمكن القفز عليه....هناك استثناءات تستحق كل التقدير والاحترام...

الفلسفة والوحي: 

أشكر الأستاذة الفاضلة ضياء...أقدر فيك سيدتي هذا الأفق الممتد الذي تكشف عنه كتاباتك...وكذا عمقه الراسخ. سعيد بدوري بهذا التفاعل...

مسألة تعريف الفلسفة لا يمكن الحسم فيها، خاصة في جانبها الأكاديمي. نعرف جميعا أن تعاريف الفلسفة تتعدد بتعدد أصحابها. إلا أن أي تعريف نقبله يعتبر مقدمة مؤسسة للاستنتاجات المتأسسة عليه. الأمر أشبه ـ في تقديري ـ بطريقة عمل الرياضيين. إلا أن التعريف الذي بسطته حول الفلسفةـ أستاذة ضياء ـ لا يستغرق كل انشغالات الفلسفة على الأقل المنظور الكلاسيكي. الفلسفة بقدر ما هي نظرية في أصل المعرفة( وكذا طرق وقيمة وحدود المعرفة) هي تقدِّم كذلك تصورات حول الوجود والقيم؛ ( ولعلك أدرى مني بهذا). المشكل ليس هنا. المشكل في هذا الشرط الذي تضعينه حتى تكون الفلسفة إسلامية: أن تعترف بأن أصل المعرفة هو الوحي الإلهيلو كان هذا الشرط ينتمي إلى الواقع والتاريخ لما بذل فلاسفة الإسلام كل تلك الجهود في التوفيق بين الفلسفة والدين. كان هناك وعي عميق لديهم بأن كلا من الدين والفلسفة منظومتان مستقلتانأن نؤسس شرعية الفلسفة الإسلامية على الاعتراف بالوحي ينطوي في نظري على صعوبات...: نزع الطابع العقلي الإنساني الحر المتمرد المنفتح عن الفلسفة ـ وحشرها داخل قالب مسبق من اليقينيات والتصورات تنتمي إلى مجال الإيمان ـ لا إلى مجال المعرفة. سأستعين بكانط عندما ميز بين العقل النظري والعقل العملي...

في تقديري أن المعادلة السليمة هي أن يكون النص الديني نفسه موضوعا للتفكير الفلسفي ـ في تعدد إجراءاته وأدواته ـ حتى يتم تخليصه مما علق به. كيف يمكن فهم وتأويل النص الديني في أفق ربطه بانشغالات وهموم وقضايا الإنسان اليوم: قضايا التحرر والتنمية والديموقراطية...إلخ. لا شيء أصبح ممنوعا أو محرما أو بعيدا عن اهتمام الفلسفة.

لماذا لا يطرح الأصدقاء مثل هذا السؤال: لماذا لم تجد الفلسفة تربتها الخصبة في الفضاء الثقافي العربي الإسلامي? لماذا كان تاريخ الفلسفة هو تاريخ محن الفلاسفة? الفلسفة مشاكسة بطبيعتها ـ مسائلة ـ شاكة ـ ناقدة....لا تؤمن منذ الوهلة الأولى ـ تحطم الاعتقادات البديهية الأولى ـ تنزع عن البداهات بداهتها ـ تضع أحكامنا موضوع سؤال...

هذه المعالم لا يمكن أن تتجاور مع الدعوة إلى تأسيس الفلسفة على الاعتراف بالوحي كشرط لوجودها....

التاريخ والحداثة : 

ارتباطا مع ما سبق أقول: العالم العربي اليوم يعيش صراعا ثقافيا بين الاتجاهات العقلانية والاتجاهات اللاعقلانية.( ليس بالضرورة أن تكون الأولى علمانية والثانية دينية).

الأخت ضياء عنونت مداخلتها ب " مفهوم التاريخ"....وهو عنوان يذكرني بكتاب المفكر المغربي الكبير عبدالله العروي "مفهوم التاريخ"....وكنت قد أشرت ـ تعقيبا على مداخلتها ـ إلى الحس التاريخي الذي يجب التسلح به في قراءتنا لتراثنا....وهو نفس الحس الذي يجب التسلح به في قراءة الواقع....

مضطر للتوقف عند هذا الحد ....وسأتابع بعد حين... 

  

13 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
التاريخ والحداثة ( استئناف...)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

أعتذر عن التأخر في استئناف حديثي حول إشكالية التاريخ والحداثة التي أثارتها بشكل واضح مداخلة الأخت ضياء...

بديهي أن التاريخ مفهوم أو رؤية تشكلت لدينا انطلاقا مما وصلنا عن الماضي ـ بالرواية والوثائق. نحن نعيش التاريخ في وعينا بالضرورة ـ مثلما نعيش المستقبل. وعلة ذلك بقدر ما هو امتدادات هو كذلك اسشرافات. إن الإنسان تاريخي بطبعه رغم أن وعيه بالتاريخ لم يتحقق إلا مؤخرا. وعندما تحقق وعي الإنسان هذا بتاريخيته شرع في نفيها من خلال كتابتها والكتابة عنها. نحن نمحو الزمان عندما نكتب عنه. أن يكون لدينا وعي تاريخي معناه أن نتعامل مع الماضي بمنطق التجاوز الكيفي الذي يتحقق من خلال التراكم المتحقق في الوعي والممارسة. التجاوز هو الذي يمكننا من الانتقال من "كائنات تراثية" إلى "كائنات لها تراث". غياب الوعي التاريخي هو الذي يجعل أفرادا وجماعات ـ اليوم ـ مندمجة ومنغمسة في تراث الماضي حتى أخمصها. التراث يحتويها دون أن تتمكن من احتوائه وتمثله كموضوع مستقل نسبيا عن الذات. عندما يغيب الوعي التاريخي تحضر الأسطورة. والأسطورة لا تهتم ـ كما نعرف ـ بتوالي الأحداث. بل تسعى الكشف عن الثابت وراء المتغير العابر، والسعي للإمساك به. يتمثل هذا السعي في مجتمعاتنا من خلال الاتجاهات التي "تحلم" باستعادة النموذي الأصلي السابق، كي يصبح هو الحاضر. وهو وهم يؤدي إلى بروز أوهام أخرى، وبالتالي يؤدي إلى التضحية بالذات والحاضر والخيال والإبداع، من أجل السلف والماضي والأب والذاكرة...إلخ. يعلمنا التحليل النفسي أن الذات المهددة والمنكوبة عادة ما تلجأ إلى آلية دفاعية هي النكوص إلى الوراء، للاحتماء بذكر الأب، والذاكرة،..إلخ. عندما تصاب الذات الجماعية بنكسة أو جرح في جسدها/كيانها الحاضر، عندما تفتقد هذه الذات وسائل مواجهة الخصم/الاآخر...ترتد نحو ماضيها، نحو الأولين ارتداد المهزوم المجبر على الاستنجاد.  

غياب الوعي التاريخي هو العائق الأكبر أمام مشروع الحداثة.والحداثة مستويات، فيها النفسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتقني(=التحديث) والديني...إلخ. من ثم يجوز لي القول بأن غياب الوعي التاريخي عائق كذلك أمام الحداثة الدينية نفسها. لا يمكن أن يتحقق الانخراط العقلاني في مشروع الحداثة ما لم نحل هذه المعادلة: هل النموذج الإنساني يوجد أمامنا أم خلفنا? هل التقدم يقتضي استعادة أشباح الماضي وشرح أقوالهم والحفاظ على ما كان أم أن التقدم يتحقق بإبداع ما لم يكن???? الحداثة موقف روحي. هي إيمان بصيرورة الواقع ونسبية الحقيقة وإبداع التاريخ...إلخ. هي مظاهر/معالم يتردد الكثيرون في قبولها ويتخوفون من النتائج المترتبة عنها. هي معالم لا تقبلها مؤسسات المجتمع الذي مازال يعيش وضعا ملتبسا/هجينا يجعله يترنح بين قيم ومسلكيات تقليدية تلقي بظلالها فقط، وبين قيم حديثة/جديدة لم تترسخ بعد. هذا الترنح الاجتماعي يتجسد في سلوك المثقفين أنفسهم؛ في ترددهم، وفي انسياقهم وراء الاجترار، وفي عشقهم للذاكرة والتلفيق.

.....................

خاص: عزيزي زهير اعذرني إن أجبتك متأخرا. أشكرك على جميل عباراتك. لكنك فاجأتني سيدي وأنت تعتذر مني عن أمر أجهله. أنا مطلع على بعض مما تكتب. وكتابتك تعكس رقتك ونبل مشاعرك وعظيم قلبك. لك مني كل الاحترام والتقدير سيدي.   

20 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
الفلسفة ...بصيغة أخرى...    كن أول من يقيّم

شذرات من اليومي الفلسفي....

1 ـ حين أطرح السؤال تنفلت الإجابة من كينونة الوعي لترتسم على جغرافية الجسد المنهك بعنف المفاجأة...فيقرأها غيري موشومة في حيرة العين أو تيه الأعضاء، أو معلومة في قارة الصمت أو منزوية بين ثنايا التصريح....

كيف أنوجد وعنف السؤال يلازمني...ولن أتسلل إلا حين تداهمني لحظة الإحساس المطلق بجسدي الممتد في هذا الفراغ الذي يخترق بصري ـ فأجدني في لحظة الانغلاق على حدود المادة الممتدة....هي لحظة تسمح باختراق مرايا الانفصال لاستحضار انتفاءات الذات وهوامش الاختلاف...

2 ـ حين الكتابة تعاش اللذة كممارسة...واختراق البياض بالمداد هو افتضاض...وجاذبية الاسترسال لا تنتهي إلا بالموت...العار لمن انكس قلمه..وجف حبره أو تخيل ذلك...لن يخصب...ينتفي الإنسان أمام شبقيته كما الكاتب إزاء مادته التي امتلكت منذ اللحظة زمام المبادرة....الكتابة نفي. والكتابة التي ترنو مطابقة ذاتها لا تنفلت من كونها شكلا من "العهارة". حتى لا تكون كذلك عليها أن تنفتح على ذاتها....على هامشها المسكوت عنه. عليها أن ترجع إلى "درجة صفرها"...أن تفكك هويتها المسكونة بهاجس الثبات...كل كتابة يجب أن تحمل فوبيا نفيها...

3 ـ كتب ـ كبت ـ بكت...للكتابة ثلاثة أزمنة...

(يتبع)

23 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
شذرات من اليومي الفلسفي (2)    كن أول من يقيّم

في زمن/فعل الكتابة:

ـ التركيبة الأولى: كتب ـ كتب الكتاب: خطه ـ صور فيه لفظا بحروف هجائية. كتب عليه كذا: (كتب عليكم الصيام)، (كتب الله على عباده الطاعة).

ـ التركيبة الثانية: كبت ـ كبت غيظه: خزنه وواراه ولم يخرجه ـ شخص مكبوت ( غالبا على المستوى الجنسي) ـ وأيضا: كبت: هزم ـ صرع، أخزى...

ـ التركيبة الثالثة: بكت ـ بكته حتى أفحمه: انتصر عليه(ماديا بالسيف ـ أو معنويا بالحجة). بكت تبكيتا: قرع ( تقريعا)، عنف( تعنيفا).

تنطق الكلمات فتشهد لنفسها تدل عليه: الفعل ـ الإلزام ـ القضاء ـ القوة ـ العنف ـ السيطرة ـ الغلبة ـ الانتصار ـ الصراع ـ الخزي ـ الانفجار ـ الضغط ـ التقريع ـ الوخز ـ اللوم...هكذا تصبح الكتابة تعبيرا عن كبت(أو مكبوت) متفجر يروم الفعل والانجاز ـ وتصبح الكتابة بكتا لأنها تهدف إلى إسكات الآخر بالحجة العقلية أو العنف الرمزي. وتغدو الكتابة تبكيتا (أو ملامة) لأنها فقدت مصدرها، وانتفت لحظة التحقيق؛ إنها فعل يبحث عن نفسه...

ـ للكتابة زمن وجودي بالقوة تكون فيه سجينة لحظتها الخاصة، لحظة المخاض والمعاناة التي تعيشها الذات في صراع مع امتداداتها الوجودية ورهاناتها الحتمية...إن رغبة الذات في إنجاز فعل الكتابة مسكونة بلذة الستر والانزواء، وبإصرار شبقي بالتعلق بنرجسيتها...زمن الكتابة هذا هو نفسه زمن الذات..كل منهما متماه في الآخر...

ـ للكتابة أيضا زمن وجودي بالفعل. فيه تنجز الذات فعلها. تتخلص من ألم المخاض. تدرك أن امامها كينونة أخرى تفجر نفسها بنفسها بواسطة المكتوب...تلتحق بزمن الفعل والتاريخ.

بين الزمنين تنتقل الذات ـ والكتابة معها ـ من لحظة استعباد إلى لحظة تملك وسيطرة، من السلب إلى الفعل. من المكبوت إلى المكتوب، لأنها بدءا ممارسة تتجه نحو آخر يرغب ويحاول نسف استراتيجيتها وتشريح وتفكيك وحدتها وتماسكها. ذلك هو مكمن سلطتها. أن نكتب يعني أن نرغم الآخر على الحضور...

ـ في الزمن الثالث يموت الكاتب ما دام يبحث عن خلوده في الكتابة...ينتقل من المكبوت ـ إلى المكتوب ـ إلى المبكوت...ينسحق بين السطور...يتلاشى كلمات...لا يتكلم اللغة بقدر ما أن اللغة هي التي تتكلم من خلاله. اللغة هي التي تنكتب من خلاله. كل كاتب يسعى إلى كتابة ما لم يكتب...وعندما ينجز...يعانق عاشقا دورة العود الأبدي...تلك مأساته...

إذن:

عد أيها الكاتب وباءاتك...

لا تخف أسئلتك بين حقب الأقدار...

ارتحل في جغرافية جسدك...

لا تنتظر بزوغ فجر نجمتك ورعب الكنايات....

احفر في أصقاع نفاياتك...واسأل

اسأل سقوط الأبراج وانهيار الأرواح المستعارة...

اشته ذاتك عنفا قاتلا بصلاتك، أو حتى بهمسك الفاعل فيك انشطارا...

خذ منك ثأرك فيك...

فجر حولك فجورك...

احمل صخرة السؤال الحزين...ثم

غب شريدا في تضاريس هذا الزمن الأسود...

كن يتيما...مهووسا بنار النفي...عابرا شظايا الموت...لحظة للاختلاف...

اسرق النار ياسارق وهمك...ارفع عنك غبار جوادك...

ارفع الصخرة مرة أخرى...

أخوك يتوفى...عدوك يتشفى...وأنت خلف خطابك الأبيض تتخفى...

ويل لك من عقاب الثار...ياسارق النار من أهل الدار...

(يتبع)

 

24 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
هامش في الجوهر...    كن أول من يقيّم

عندما يتكرم الأخ يحيى بدعوتي لحضور حفل زفافه أول عمل سأقوم به : دعوته للمساهمة في حملة ضد الطلاق "العشوائي" الناتج عن قسم بعدم الفهم...قبل ذلك وبالمناسبة أدعوك إلى الاطلاع على المدونة الجديدة للأسرة ( أو مدونة الأحوال الشخصية) التي يعمل بها المغرب حاليا...خاصة في بنود الطلاق...

أن تفهم أو لا تفهم...ليست تلك هي المشكلة...

المشكلة في معنى الفهم.... المقصود بالفهم...أدعوك للعودة إلى ما كتبت حول علاقة الفهم بالذاكرة في ماضينا وحاضرنا...

الذاكرة تسترجع النص...والفهم يخترق النص...

الذاكرة تقتصر على استحضار ظاهر النص...والفهم انتقال من الظاهر إلى الباطن...

عندما يتحقق هذا المستوى من المعرفة ( الفهم كتأويل)...ستقوم الزوجة نفسها بطلب الطلاق...

25 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
لا يقرأه إلا يحيى...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

تحية بكل الانتماءات: السلام عليكم....مرحبا...أهلا بك...

سأنتقل من الرمز إلى التأويل لأستئذنك ـ عزيزي ـ بأن أقرأ (أفهم) عنوان "الأخيرة" كآخر صفحة في كتاب خطته أناملك، لتشرع ونشرع معك في تدوين سفر جديد..."الأخيرة" في وعي المثقف تدشين وحفر وكتابة ما لم يكتب بعد...

لن أرجع إلى البداية...للتبرير: ...من البادئ ومن المتهجم...ومن الغيور...ومن المنافح...ومن ...ومن ...هناك شيء ما يجمعنا...وإلا ما وجدتنا نمطط خلاليا أدمغتنا...لنشعر بهذه المتعة المستمرة في الكتابة على هذا المنبر...هناك شيء ما يجمعنا: أننا نشخص وضعا ونبحث عن أفق...الوضع أمامنا(هو نفسه)، لكننا لا نجلس في نفس المكان، ولا نراه من نفس الزاوية. بالضرورة ستختلف رؤانا ( أنت ـ مثلما أنا ـ لا ترى الشيء نفسه من كل جهاته وفي نفس اللحظة)...الواقع ـ مثلما الحقيقة ـ غير قابلة للاختزال في البعد الواحد. منظومة التعقيد تتطلب منا جميعا التعامل مع فعل البحث عن الحقيقة كبناء جماعي: ( أبو حيان التوحيدي وحكاية العميان مع الفيل).

عندما نطرح قضايا الدين...والتخلف...والحداثة...وووو في مجتمعاتنا من هذا المنظور تتلاشى الحدود بين المغرب والمشرق...(بيننا وبينكم/بينكم وبيننا)...نحن في الهم سواء رغم أنفنا.

هل (كان عدم فهمك لي حيلة تستدرجني بها...) ?...أقسم لك بأنك أضحكتني مقهقها مرتين: في هذه وفي "عزمك" الحلف بالطلاق...أنا متأكد أنك تبتسم الآن...(أخبرني بالحقيقة من فضلك لاحقا)...هل فهمت ما قصدته من النص الذي ماثلت وقارنت فيه الكتابة بالفعل الجنسي? هل صحيح أن هدفي هو ( تهيئة القارئ بالإيحاء _ أثناء انشغاله بتخيل العلاقة بين العملية الجنسية و الكتابة _لقبول مشروعية فقدان الهوية الحضارية في الكتابة...)...لا أعتقد. حيثيات إدراج ذلك النص تمثلت في إحساسي ـ الخاطئ ربما ـ بفتور المشاركات في لحظة ما في هذا المنبر، وهو ما جعلني "أقحم" جزءا من تأملاتي اليومية الخاصة والتي سميتها (تأملات في اليومي الفلسفي). والجزء الذي نشرته لا ينتمي إلى القرن الواحد والعشرين، بل كتبته في أواخر الثمانينيات في إحدى الجرائد الوطنية المغربية. وبالتالي لا علاقة له بالهوية الحضارية التي تشكل موضوع النقاش الآن. ولم أجد مانعا ـ ما دمنا نتحدث عن الإبداع الفلسفي ـ من أن "أتفلسف" ( لا تقبلوا الكلمة في منطوقها) مع أعزاء تفاعلت بدوري مع كتاباتهم. هذا كل ما في الأمر....

أما الأمر الأهم؛ الأهم من ذلك...هو أننا نقتطع من وقتنا وقتا لنلتقي هاهنا ـ دون موعد مسبق ـ كي نقول جراحنا الفردية والجماعية...وكي نفكر في أفق ـ نستشرفه جميعا...

.......

كم أفزع من قلمي الآن...

الحلم بالعودة في امتزج كغير عادته...

الوردة داخلي لا تطيق بؤس المكان...

وأنت...أنت...

أيها الممكن فينا...

فيك تحتمي الشطآن بما تبقى من صمت السماء...

فيك يرسم البحر قطرته الأولى...

وفيك الطريق لبدء الزمان...  

(فبراير 1993)

........إلى اللقاء..................................................................................... 

27 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
إعلان...    كن أول من يقيّم

--- سقط القناع عن القناع...

سقط القناع...(محمود درويش)...

--- للحقيقة وجهان، والثلج أسود فوق مدينتنا

لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا...

والنهاية تمشي إلى السور واثقة من خطاها

...(محمود درويش).

--- آن للكلام أن يفر من عذابه

آن للكلام أن يستقر في مكانه

آن للكلام أن يتدحرج حافيا حتى يلامس القرار

آن للكلام  أن يخالط النهار...(محمد بنيس)

ياأيها المنتسبون

إلى السماء

رأيتكم ذات مساء

تمتشقون السيف

في وجه النسري

عند باب النهر

ومرة أخرى

رأيتكم ذات صباح

تسلمون قلب الياسمين

وتسحلون الزنبقات

قرب باب البحر...(عبدالكريم الطبال).

اهجرني أيها ( ...)

أنا مثقل بأوجاعي..

...اهجرني

أيها ( ...)

احمل رأسك. وله نحو الغروب/لا يفتأ ليكون..

وله واهجرني أيها االهواء الثقيل..واسكن البحر في نوادر الصباح اللقيط.

أنا مشدود باصطلاحي.

أنا مفعم أيها اليكون عندي في الإعراب نكرة

اهجرني في الوعي...قبل الخروج..

و.....ا....ه....ج.....ر......ن......ي  ( وحيد)

انتهى الإعلان.

تتبعه دعوة بالإنقاذ...

28 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
دعوة...    كن أول من يقيّم

مساء النور...

على هامش الانسحاب....أدعو:

ـ  شاعر السليقة الأخ العزيز زهير إلى معانقة كثير من الحكمة المفعمة بجميل الشعر...

ـ القانوني الفذ الأخ العزيز النويهي بالتدخل من أجل التوفيق أو الحسم أو المصالحة أو النصيحة ...(وأنت أدرى مني بذلك)...ذلك شرطي لاستقبالك في المغرب...

ـ الحكيمة وقت الحرج الأخت العزيزة ضياء من أجل تسليط بعض الضوء على خلفيات المشكل والكثير من الأشعة على معالم الطريق ...

ـ العصامي الذي كاد أن يكون رسولا الأخ العزيز عبدالحفيظ من أجل الاستمرار في تصليب عود شجرة الوصل بين الأزمنة...

ـ أدعو نفسي من أجل زواج بين ومضات الشعراء ونبضات الحكماء...بين برزخين بينهما هذا الماء الزلال...

إلى اللقاء....

29 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
 1  2  3  4