 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |
 | 12 كن أول من يقيّم
أصحابها ؛ فينبهها إلى ما فاتها من صواب . وهذا النبي ، رسول الله إلى العالمين ، رحمة من لدنه وفضلا ، يعاتبه ربه في الأعمى ، فيقول جل من قائل : ( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى 4 عبس) . ولمّا كان الأعمى يفد بعدها على النبي الأكرم ، يرحب به النبي أجمل ترحيب وهو يقول : " أنت الذي عاتبني فيك ربي " . ومن أهداف الاستفهام في القرءان تنبيه المخاطب إلى ما غفل عنه من قدرة الله وعظمته : ( أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ 48 النحل) ، ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ 7 الشعراء) ، ومنها الرد على المبطلين المكذبين : ( ...وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا 98 أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا 99 الإسراء) . وأسلوب الاستفهام في القرءان فريد في نوعه وطريقته ؛ فهو يلقي السؤال على المخاطب الذي لا يجهل جواب السؤال ؛ فالجواب في نفسه متأصل من يوم ما أصّله الله فيها ، إثباتا أو نفيا ، ويقوم المخاطب بسؤال نفسه فتجيبه على الفور ؛ فالنفس تعلم ان الله سبحانه حديثه أصدق حديث ، فهي لمّا يُلقى عليها : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا 87 النساء) ، تجيب ، إن كانت مطيعة : " لا حديث أصدق من حديث الله ، فحديث الله لا يمكن إلا ان يكون أصدق حديث " ، وهي بذلك تُـثبت وتصدّق ما قاله الله ، وتنزاح عنها غفلتها إن كانت غافلة عن تلك الحقيقة ، وتروح بإيمانها من إيمان ، ربما ينتابه الشك ، إلى إيمان يبلغ قمة اليقين . وإن يُلقى عليها : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ 19 الزمر) ؛ فإنها تفهم المعنى ، وتنفي أن يكون الرسول ينقذ أهلَ النار ممن حق عليه كلمة العذاب ، وتسعى جاهدة بأن لا تكون من أولئك المُعذبين . إثبات أو نفي جاء بهما أسلوب الاستفهام في القرءان على أروع ما تكون الأساليب . تلك التي ذكرتُ من فوائد أسلوب الاستفهام في القرآن لا تعدل مقدار حبة رمل استقرت على شاطئ محيط فوائدها التي تجل عن الحصر ؛ وكيف لا ، ونعم الله لا تتناهى! والاستفهام ، إما حقيقي ، وإما مجازي حِواري . والنوع الثاني غالب مدار هذا البحث عليه بلا ريب ؛ فهو الذي يتعلق به فهم معاني أدوات الاستفهام بالأسلوب المجازي كما وردت في القرءان الكريم . وقد ورد أسلوب الاستفهام الحقيقي في القرءان في آيات عديدة ، غالبها مما يتعلق بالأخبار الواردة في القصص القرءاني مع ان القصص القرءاني نفسه تضمن ، أيضا ، الأسلوب المجازي للاستفهام ، كل ذلك وفقا لحال السائل إن كان جاهلا بما يسأل عنه أو كان عالما به . بعد انتهائنا من هذه التوطئة التي هدفنا من وراءها إيضاح أهمية أسلوب الاستفهام ، وأنه إنكاري أو تقريري إثباتي من جهة معناه ، وأنه حقيقي أو مجازي من جهة مبناه ، ندلف إلى بحثنا مستعينين عليه بالله ، ومصلين على النبي ، ومسلّمين له بكل ما جاء به من ربه تسليما . | 4 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 13 كن أول من يقيّم
الفصل الأول أدوات الاستفهام الواردة في القرءان الكريم تتألف أدوات الاستفهام في القرءان ، وفي لغة العرب عموما ، من حروف وأسماء : الحروف اثنان ، والأسماء تسعة ، كما ورد ذلك في كتاب " معجم القواعد العربية" للشيخ عبد الغني الدقر : حرفا الاستفهام هما : 1ـ الهمزة 2ـ هل 1ـ ما ، 2ـ مَن 3ـ كم 4ـ كيف 5ـ متى 6ـ أين 7ـ أنّى 8ـ أيّان 9ـ أيّ وهناك اسم الاستفهام " كأيّن " أو " كأيٍّ " وهو نادرا ما يفيد الاستفهام ، وفقا لما ذكره ابن هشام اللغوي : " والاستفهام وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك، واستدل عليه بقول أبي بن كعب معجم القواعد العربية، في النحو والتصريف. وذيل بالإملاء، صدرت طبعته الأولى عام 1404هـ-1984م عن دار القلم بدمشق، ثم طبعته الثالثة سنة 1423هـ - 2001م في 672 صفحة من القطع الكبير، ثم تتالت الطبعات . وقد اعتمد فيه مؤلفه على (الكتاب) لسيبويه ، (والمقتضب) للمبرد ، وعلى الكثير مما كتبه تلاميذ سيبويه وتلاميذ تلاميذه ، ورتبه على الطريقة المعجمية . ( وجدت الكتاب مصورا على الشبكة العنكبوتية دون أن يكون مرقم الصفحات ليسهل الرجوع إلى نصوصه وذكر صفحاتها في حواشي هذا البحث ؛ فاضطررت إلى الاكتفاء بذكر باب الحرف الذي أقتبس منه النص) . | 4 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 14 كن أول من يقيّم
لابن مسعود رضي الله عنهما : كأيٍّ تقرأ سُورةَ الأحزاب آيةً? فقال: ثلاثاً وسبعين. " . وهناك الأداة " أم " والتي هي ذات علاقة بالاستفهام ، كما سيتبين لنا من خلال البحث . وحروف وأسماء الاستفهام المذكورة للتو تستخدم في اللغة عموما ، إلا أن استخدامها في القرءان الكريم ينير سبيل الباحث في البحث عن الأسمى والأبلغ من الأغراض المستخدمة فيها هذه الأدوات ، ويهديه إلى أهداف استعمالها والاستخدامات التي جاءت عليها كما يجب ان تكون عليه ، وبذلك يتم له الخير في دينه ودنياه . معنى الاستفهام الحقيقي وهذا المعنى : طلب الفهم ، والذي يطلب الفهم يكون خالي الذهن من معرفة الإجابة جاهلا بها ، وهذا هو تعريف الاستفهام الحقيقي ، أو هو كما قال الجرجاني : "استعلام ما في ضمير المخاطَب، وقيل: هو طلب حصول صورة الشيء في الذهن كانت تلك الصورة وقوع نسبة بين الشيئين، أو لا وقوعها، فحصولها هو التصديق، وإلا فهو التصور." أو " هُو طَلبٌ الفَهم بالأدَواتِ المخصُوصةِ. ومن أمثلة ذلك في القرءان : (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ 59 الأنبياء) ، (...قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ... 19 ) الكهف . ومن أمثلته في اللغة العربية : " ما اسمك؟" ، " هل تحب المطالعة؟" ، " كم لديك من الكتب الأدبية؟ "... "وجميعُ أَسْماءِ الاستِفهام لِطَلَبْ التَّصَوُّر (التصور: طلب إدراك المفرد فقولك "كيف أنتَ" استفهام عن مفردٍ وهو "أنت"). لا غير. إلاّ "هل" فإنَّها لِطَلبِ التصديق (التصديق: طلب إدْراك النسبة فقولك: "هل زيدٌ قادم" تستفهم عن قدومِ زيد هذه هي النسبة، لا عن زيد وحدَه) لا غير، والهمزة مشترِكةٌ بينهما ". ، أي أن الهمزة تستخدم لطلب التصديق وطلب التصور . ولما كان القرءان كلام الله تعالى ، فلن يكون الاستفهام فيه ، مما صدر عن الذات العلية ، من النوع الحقيقي أبدا ، فهو ، جل وعلا ، لا يشوب علمه سابق جهل حتى يسأل ويستفسر ، وذلك لا يكون من الله عز وجل ، قال تعالى: ( قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ 148 الأنعام) . قال ابن هشام اللغوي في المغني : " إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته " . وقال الزركشي في "البرهان" : " فإن الرب تعالى لا يستفهم خلقه عن شيء، وإنما يستفهمهم ليقررهم اللغوي ، ابن هشام ، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، ص69 ، مكتبة " الوراق " التراثية . الجرجاني ( 740 - 816 ه = 1340 - 1413 م ) علي بن محمد بن علي ، المعروف بالشريف الجرجاني : فيلسوف ، من كبار العلماء بالعربية ، توفي في شيراز . له تصانيف كثيرة منها المخطوط ومنها المطبوع ، ومنها " التعريفات" ، وهو معجم للمصطلحات اللغوية والعلمية والفنية التي كانت سائدة حتى عصره ( ترجم له السخاوي في الضوء اللامع ، والزركلي في الأعلام ، وغيرهما.) | 4 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 15 كن أول من يقيّم
ويذكرهم أنهم قد علموا حق ذلك الشيء". وما أوردُ هذه الأقوال إلا لإيضاح أهمية النوع المجازي للاستفهام ، وأن البلاغة اللغوية تقتضي استخدامه ، وذلك بالخروج بأدوات الاستفهام من معناها الحقيقي إلى معناها المجازي . الاستفهام المجازي تعريف الاستفهام الحقيقي لا ينطبق على الاستفهام المجازي ، فالمجازي يخرج بأدوات الاستفهام عن معانيها الحقيقية المجردة إلى معانيها البلاغية . وهذا الاستفهام المجازي ، عند البلاغيين من دارسي الدراسات الأدبية القرءانية ، لا يتوقف عند المعاني الأصلية التي يتوقف عندها أسلوب الاستفهام الحقيقي الذي يتطلب إجابة محددة ومجهولة لدي السائل ؛ ولكنه يتجاوز ذلك إلى البحث عن تصور ما للسائل يبتغي من وراءه معنى غير المعنى الحقيقي الظاهر ، فيصبح أسلوب الاستفهام عندها أسلوبا مجازيا بمعنى الخبر لا بمعنى الإنشاء ، وبذلك يؤدي هذا الأسلوب إلى ظاهرة جمالية وبلاغية ترمي إلى إفهام السامع او القارئ ما يرمي إليه السائل الذي لا يجهل ، في الأصل ، جواب سؤاله . الخلاف في معاني وأغراض الأدوات اللغوية أغراض أدوات الاستفهام ، وغيرها من أدوات اللغة ، بعد خروج هذه الأدوات من معانيها الحقيقية إلى معانيها البلاغية ، هي أغراض متنوعة وكثيرة ، وبعضها محل خلاف بين علماء المعاني ، والنحويين ، والمفسرين . ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى أن استنباط المعاني المجازية لأدوات الاستفهام وغيرها من أدوات اللغة ، أمر له علاقة وثيقة بالذائقة الأدبية ، والتي ربما تكون متغايرة عند الأدباء ؛ وليس هناك من ضوابط قطعية الدلالة على الأغراض والأساليب البلاغية ، والتي وظفت لها أدوات وحروف اللغة ، تجبر كل باحث في معانيها أن بسير وفقا لها ، ويسير غيره نفس سيره حتى يخرج الجميع بفهم واحد حولها ، إلا أنه لا غنى لأحد عن بعض الضوابط المنطقية التي تدعم الذائقة الأدبية . ومن الممكن أن تكون أداة الاستفهام في الآية القرءانية الواحدة توحي بأكثر من غرض واحد أحيانا ، ويمكن عدّ هذا من نوع الإعجاز القرءاني ، وكذلك تعدد القراءات القرءانية يمكن أن يؤدي إلى استنباط أغراض متباينة . ومن الجدير بالذكر في هذا الموضوع وأمثاله ، هو أن القرءان أنزل على العرب ، واللغة ومعانيها ، وأجراس ألفاظها وتراكيبها متأصلة في أحاسيسهم ومشاعرهم ، وأن " مرجع تقدير الكلام في بلاغته وفصاحته إلى الإحساس وحده وخاصة في أولئك العرب الذين من أين تأملتهم رأيتهم كأنما خلقوا خَلقا لغويا " ، وبهذا يمكن القول إن من جاؤوا بعدهم وأبعدوا في الزمن عن زمنهم ، صارت لديهم الذائقة اللغوية صنعة أكثر مما هي سليقة ، وتقليدا ومحاكاة لذوق من سبقهم أكثر منها خلقا وإبداعا ، فلجؤوا إلى قوانين قواعد اللغة من نحو وصرف ، وإلى قواعد علم معانيها ، وعلم بيانها ، وعلم بديعها ، يتكؤون عليها في استنباطاتهم ، وهم ، في الأصل ، من وضعوا تلك القواعد والقوانين ، بعد أن استقرؤوا اللغة التي لم ينشئوا فيها كأهلها الأوائل استقراء ، فكثرت فيها أقوالهم ، وتعددت في فهمها آراؤهم ، فكان الخلاف والاختلاف ديدنهم ، وهم في | 4 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 16 كن أول من يقيّم
ذلك ، فيما أرى ، معذورون لأسباب كثيرة ، غير البعد في الزمن عن عصر النبوة ، وهذه الأسباب لا مجال لذكرها في بحثي هذا ، إلا أن من قصّر منهم في معايشة كتاب الله واستجلاء إعجازه ، وخاصة إعجازه اللغوي ، وجعل جل همه استجلاء معاني الشعر وحده ، واتخاذها حكما على اللغة ، هو الملوم أشد اللوم ، وهو الذي يستحق دون غيره التوبيخ والتقريع . وقد بلغ الأمر إلى أن من أولئك المقصّرين من منح الشعراء منزلة المتصرف في قواعد اللغة تحت اسم الضرورات الشعرية . ولكن الداهية الدهياء ، والمصيبة العمياء كانت في تطاول بعضهم على النظم القرءاني نفسه ، وظنهم أن ملكة العرب اللغوية يمكنها أن تأتي بمثله في الفصاحة والبلاغة ، حين زعموا أن الله منع العرب من ذلك الإتيان وصرفهم عنه ، قسرا وجبرا ، وسموا ذلك المنع بالصَّرفة ، وقد أعلن ذلك الزعم أبو إسحق إبراهيم النظام ، " شيطان المتكلمين " ، كما يصفه الرافعي ، فرأيناه يقصر إعجاز القرءان على الإخبار بالأمور الماضية والآتية .
والخلاصة هي : إن من أهم أسباب اختلاف العلماء في معاني أدوات اللغة يعود إلى اختلاف الذائقة الأدبية ، وأن ما زاد في اختلاف تلك الذائقة هو اتجاه البعض إلى استجلاء فنون القول أكثر من استجلاء لسان القرءان ، فكان ان انطبعت فنون الشعر ، مثلا، في أحاسيسهم أكثر من غيرها ، إلا من عصمه الله من مواطن الزلل ، وأبعده عن دوائر الختل .
والمطالع لعدة من المصادر التي عنيت بأدوات الاستفهام ومعانيها المجازية ، يجد أن منها من يقصر تلك المعاني على عدد أقل من غيره ، ومنها من زاد حتى بلغ بها اثنين وثلاثين معنى أو غرضا ، وقد ذكر ذلك السيوطي في "الإتقان" ، والذي نقلت عنه غالب أغراض الاستفهام العامة . ولا عجب في ذلك إذا علمنا أن أدوات الاستفهام قد ذكرت في القرءان الكريم ألفا وأربعاً وثلاثين مرة، وأن أغراضها يمكن أن تفوق في عددها ما ذكره السابقون تبعا لمعاني الآيات القرءانية العديدة . ويمكن إيجاز أغراض أدوات الاستفهام عموما كما وردت في العديد من المؤلفات المختصة ، كما يلي :
أغراض أدوات الاستفهام عموما 1 – غرض الأمر: وهو ان يأتي المعنى بصيغة الأمر . ومن الأَمر قوله تعالى:( …فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ " 91 المائدة) . أي انتهوا عن فعلكم . قال الراغب الأصفهاني " والانتهاء: الانزجار عما نهى
| 4 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 17 كن أول من يقيّم
عنه... أي: بلغ به نهايته " < وبهذا يمكن عد هذا الغرض بمعنى الزجر.> ( ...وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ...20 آل عمران) ، أي أسلموا ، ( ...وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا20 الفرقان) ، أي اصبروا .
2 - النهي، كقوله تعالى: ( ... أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ 13التوبة) .< أي لا تخشوهم> ، ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ...44 البقرة) .<أي لا تنسوا أنفسكم من حملها على البر> . < ويمكن أن يحمل معنى الآية ايضا تعجب العقلاء من مثل هذا الفعل ؛ فالعاقل لا ينصح الناس بشيء يحجم هو عن فعله > .
3 - التسوية، كقوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ 6 البقرة) ، (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ 6 المنافقون) .
4 - النفي، كقوله تعالى: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ..60 الرحمن) ، "ولذلكَ دَخَلَتْ عَلى الخبر بعدَها "إلاّ َ" ، < أي لا جزاء للإحسان إلا الإحسان > ، (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ..36 المطففين) ، < أي لم يثوب الكفار ما كانوا يفعلون على اعتبار أن الثواب لا يطال أفعال الكفار فيجازيهم بالخير > ، (...مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ...) ..255 البقرة) ، < أي لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه > .
5 - الإنكار، كقوله تعالى:( قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ..40 الأنعام) ، ومنه إنكار الإبطال ، والمعنى فيه على النفي ، وما بعده منفي ، ولذلك تصحبه إلاّ ، كقوله :( فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ..35 الأحقاف) ، (...ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور ..17 سبأ) ، وعطف عليه المنفي في قوله : (...فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ..29 الروم) . أي لا يهدي ؛ ومنه: ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ..111 الشعراء) ، ( فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ..47 المؤمنون) أي لا نؤمن ؛ ( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى ..21 النجم) ، أي لا يكون هذا ، ( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ..19 الزخرف) ، أي ما شهدوا ذلك .
وكثيراً ما يصحبه التكذيب ، وهو في الماضي بمعنى لم يكن ، وفي المستقبل بمعنى لا يكون ، نحو : ( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا.. 40 الإسراء) ، أي لم يفعل ذلك ، ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ..28 هود) ، أي لا يكون هذا الإلزام . ومن الإنكار إنكار التوبيخ : والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفى ؛ فالنفي هنا غير قصدي والإثبات قصدي عكس ما تقدم، ويمكن أن يعبر عن ذلك بالتقريع ، نحو: (... أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي..93 طه) ،
| 5 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 18 كن أول من يقيّم
( قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ 95 الصافات) ، ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ 125الصافات) ، وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله كما ذكر، ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع ، كقوله : ( ...أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ... 37 "فاطر) ، (... أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا... 97النساء) 6 - التشويق، أو الترغيب أو الإغراء ، كقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ 10) الصف) ، وقوله : ( مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ 11الحديد ) . < فالتشويق أو الترغيب ، غالب القصد منه في القرءان أن يجعل المخاطب في حالة من الشوق إلى تحقيق أمر حسن ، وأن يجعله على رغبة عارمة في السعي إلى ما فيه خيره العميم ؛ ولكن من باب الإغراء أيضا ، قوله تعالى على لسان إبليس اللعين > : ( ... فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى 120" طه) ، < وبذلك أوقع إبليس سيدنا آدم في ما هو محظور عليه بوساطة هذا الأسلوب ؛ فتأمل أهمية أساليب اللسان القرءاني . > 7 - الاستئناس، كقوله تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى 17 طه) . < والاستئناس يخفف من وقع المفاجأة على المُخاطب بأمر عجيب غير مألوف ، بل لا يخطر بالبال ويعد من المحال قبل أن يتحقق وقوعه ، وهو أن تستحيل العصا حية تسعى ، مما جعل سيدنا موسى ، عليه السلام ، لا يزيد على أن يولي مدبرا ولا يعقّب > . 8 – التقرير : وهو حمل المخاطب على الإقرار بما يعرف ، كقوله تعالى:( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ 1 الشرح) ، وقوله على لسان فرعون : ( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ 18الشعراء) ، حيث أراد فرعون من سيدنا موسى الإقرار بأن لفرعون فضلا عليه . 9 - التهويل، كقوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ 3 الحاقة) . < ولا يظنن ظان أن التهويل هنا يعني الزيادة على الحقيقة ؛ وإنما هو لبيان شيء منها يمكن ان تطيق أفهامنا استيعابه بقصد أن نحذر منه ونتقي خطره > . 10- الاستبعاد، كقوله تعالى: ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ 13 الدخان) . 11- التعظيم كقوله تعالى: (...مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ... 255 البقرة) . 12- التحقير، كقوله تعالى: (...أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ... 36الأنبياء) . 13ـ التعجب، كقوله تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ 7 الفرقان ) ، (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ 20)النمل) . < ولكن التعجب في الآية الأولى قد اصطنعه الكفار اصطناعا ، فهم يدركون في الحقيقة أن الرسول بشر> . " وما أنكر يا محمد هؤلاء القائلون ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، من أكلك الطعام ومشيك في الأسواق، وأنت لله رسول؛ فقد علموا أنا ما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق | 5 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 19 كن أول من يقيّم
كالذي تأكل أنت وتمشي، فليس لهم عليك بما قالوا من ذلك حجة." < أما الآية الثانية فالتعجب فيها يمكن أن يكون على حقيقته ، فسيدنا سليمان لم يعتدْ على غياب الهدهد عنه دون إذن منه ..>
14ـ التهكّم والاستهزاء ، كقوله تعالى: ( قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا.. 87 هود) .
15- الوعيد، كقوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ 6 الفجر).
16- الاستبطاء، كقوله تعالى:(... وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ 214 البقرة) .
17- التنبيه ، والتنبيه على الخطأ، والتنبيه على ضلال الطريق كقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ 1الفيل) ، (...قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ .. 16البقرة). وقوله تعالى : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ 26 التكوير) . وعند الزجاج في "إعراب القرءان "، الآية :(هَاأَنتُمْ...) للتنبيه ايضا . < وهاأنتم ، وردت في القرءان ثلاث مرات، في آل عمران ، والنساء ، ومحمد .>
18ـ التمني ، نحو قوله تعالى : ( فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا 53 الأعراف) . < ويمكن أن ينضم الاستجداء إلى التمني ، ولكن دون طائل.>
19 - التحسّر، كقوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ 41 غافر) . <وقد تحمل معنى التعجب من صدود قومه عن الحق مع التحسر > .
20 - التكثير، كقوله: ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ 11الأنبياء)
21ـ الافتخار ، كقوله تعالى على لسان فرعون : (... أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي...51 " الزخرف .
| 5 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 20 كن أول من يقيّم
22ـ التهويل والتخويف : ( الْحَاقَّةُ 1 مَا الْحَاقَّةُ 2 الحاقة) . < ولا يظنن ظانّ أن التهويل فيه زيادة عن الحقيقة ؛ وإنما يهدف إلى بيان شيء من خطرها تطيقه العقول وتستوعبه الأفهام > 23ـ التسهيل والتخفيف ، وهو عكس التهويل والتخويف كقوله تعالى : ( وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر 39 النساء) . < والتسهيل يجذب القلوب السليمة ، ويحملها باللين على الطاعة > . 24ـ الاكتفاء ، نحو قوله تعالى : ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ 60 الزمر) . 25ـ التجاهل ، نحو قوله تعالى :( أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ... 8 ص) . 26ـ التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله تعالى : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ 19 الزمر) . | 5 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |
 | 21 كن أول من يقيّم
الفصل الثاني أدوات الاستفهام وأغراضها وأحكامها كل واحدة منها على حده همزة الاستفهام همزة الاستفهام أصل أدوات الاستفهام كلها : وردت همزة الاستفهام في القرءان الكريم خمس مائة وتسع عشرة مرة فهي بذلك أكثر حروف وأسماء الاستفهام ورودا في القرءان ، ولعل ذلك يعود لوضعها على حرف واحد وسهولتها على اللسان ، وسرعتها في الحركة والدوران ؛ فليس في استعمالها كلفة ولا مشقة ، ولهذا جاءت على أساليب وأغراض لغوية كثيرة . وهمزة الاستفهام أصل أدوات الاستفهام كلها ، بل هي ، كما قال سيبويه في(الكتاب): "حرف الاستفهام الذي لا يزول "عنه" إلى غيره، وليس للاستفهام في الأصل غيره . وإنما تركوا الألف (يعني الهمزة) في من، ومتى، وهل، ونحوهن حيث أمنوا الالتباس " . ويتضح من قول سيبويه أن الأصل في َمن أن تكون أمَن ، وفي متى أن تكون أمَتى ، وفي هل أن تكون أهَلْ .إن دخول الهمزة على "هل " واقع في لغة العرب ، ويُستشهد على ذلك فيما يُستشهد بالبيت الأول من أبيات لزيد الخيل الطائي ، والبيت الثاني أثبته نقلا عن الموسوعة الشعرية : سائل فوارس يربوع بشدتنا = أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم أَهَل تَرَكتُ نَهيكاً فيهِ دامِيَةً = قَلّاسُهُ تَنعَتُ الصَلاءَ بِالغَذَمِ وعبد القادر البغدادي ذكرمع هذا الشاهد شاهدا آخر : أهل عرفت الدار بالغرييّنْ ، ولم أجد في كتب النحو التي طالعتها غير هذين الشاهدين على دخول همزة الاستفهام على هل . والملاحظ في "أهَل" التي وردت في البيت الأول أن موقعها من الاستفهام واضح جلي ، دون تكلف في صحة الوزن الشعري ، ولكنها في مطلع البيت الثاني أتت وكأنها متكلفة ، وكأن القصد منها زيادة التأكيد على صحة دخول الهمزة على " هَلْ " . وكان الأولى ، فيما أرى ، أن تكون " وهَلْ " بدلا من " أهَلْ " ، عطفا على معنى عجز البيت الأول . ولم يرد في القرءان أن الهمزة دخلت على "هل" بشكل واضح وصريح ؛ ولكن النحويين والمفسرين يحتملون دخولها تقديرا ، اعتمادا على شواهد اللغة ولو كانت الشواهد قليلة ، جاء في خزانة الأدب ، الوراق ، ص1673 ، " قال ابن هشام: ... أن الرواية الصحيحة: أم هل رأونا... " . ومما يسند قول ابن هشام هو أن زيد الخير يُستبعد أن ينفرد عن باقي الشعراء من معاصريه ومن سابقيه بإدخال الهمزة على هل . | 5 - أغسطس - 2008 | مسابقة دراسات قرآنية |