البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات د يحيى مصري

 99  100  101  102  103 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الخير قادم (3).    كن أول من يقيّم

الحالة الثالثة: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لا لدليل أصلاً، وهذا يسمى في اصطلاح الأصوليين لعباً، كقول بعض الشيعة.
إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }
[البقرة: 67] يعني عائشة رضي الله عنها، وأشار في مراقي السعود إلى حد التأويل، وبيان الأقسام الثلاثة بقوله معرفاً للتاويل:
حمل لظاهر على المرجوح
   
واقسمه للفاسد والصحيح
صحيحه وهو القريب ما حمل
   
مع قوة الدليل عند المستدل
وغيره الفاسد والبعيد
   
وما خلا فلعبا يفيد
إلى أن قال:
فجعل مسكين بمعنى المد
   
عليه لائح سمات البعد
كحمل مرأة على الصغيره
   
وما ينافي الحرة الكبيره
وحمل ما ورد في الصيام
   
على القضاء مع الالتزام
أما التأويل في اصطلاح خليل بن إسحاق المالكي الخاص به في مختصره، فهو عبارة عن اختلاف شروح المدونة في المراد عند مالك - رحمه الله - وأشار له في المراقي بقوله:
والخلف في فهم الكتاب صير
   
إياه تأويلا لدى المختصر
والكتاب في اصطلاح فقهاء المالكية المدونة قوله تعالى: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } [آل عمران: 7] الآية. لا يخفى أن هذه الواو محتملة للاستئناف، فيكون قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } مبتدأ، وخبره يقولون، وعليه فالمتشابه لا يعلم تأويله إلا الله وحده، والوقف على هذا تام على لفظة الجلالة ومحتملة لأن تكون عاطفة، فيكون قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ } معطوفاً على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الراسخون في العلم أيضاً، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية لا عاطفة، قال ابن قدامة: في روضة الناظر ما نصه: ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه، متفرد بعلم المتشابه، وأن الوقف الصحيح عند
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ }
[آل عمران: 7] لفظاً ومعنى أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال: ويقولون آمنا به بالواو أما المعنى فلأنه ذم مبتغى التأويل، ولو كان ذلك للراسخين معلوماً لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموماً. ولأن قولهم آمنا به، يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه سيما إذا تبعوه بقولهم: كل من عند ربنا، فذكرهم ربهم ها هنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره، وأنه صدر من عنده، كما جاء من عنده المحكم. ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه وابتغاء تأويله يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة، وهم الراسخون. ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه اهـ من الروضة بلفظه.
ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة، دلالة الاستقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئاً وأثبته لنفسه، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله:

قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }[النمل: 65] وقوله:لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ }[الأعراف: 187]. وقوله:كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ }[القصص: 88]. فالمطابق لذلك أن يكون قوله: { ومَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ } [آل عمران: 7] معناه: أنه لا يعلمه إلا هو وحده كما قاله الخطابي وقال: لو كانت الواو في قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ } [آل عمران: 7] للنسق لم يكن لقوله:كُلٌّ مِّنْ عِنْدِ رَبِّنَا }[آل عمران: 7] فائدة والقول بأن الوقف تام على قوله: { إِلاَّ اللهُ } وأن قوله:
 { وَٱلرَّاسِخُونَ } ابتداء كلام هو قول جمهور العلماء للأدلة القرآنية التي ذكرنا.
وممن قال بذلك عمر، وابن عباس، وعائشة، و عروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وابن مسعود، وأبي بن كعب، نقله عنهم القرطبي وغيره ونقله ابن جرير عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس وهو مذهب الكسائي والأخفش والفراء وأبي عبيد. وقال أبو نهيك الأسدي: إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم آمنا به كل من عند ربنا، والقول بأن الواو عاطفة مروي أيضاً عن ابن عباس وبه قال مجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والقاسم بن محمد وغيرهم. وممن انتصر لهذا القول وأطال فيه ابن فورك ونظير الآية في احتمال الاستئناف والعطف قول الشاعر:
فيحتمل أن يكون البرق مبتدأ والخبر يلمع كالتأويل الأول، فيكون مقطوعاً مما قبله، ويحتمل أن يكون معطوفاً على الريح، ويلمع في موضع الحال على التأويل الثاني أي: لامعاً. قوله تعواحتج القائلون بأن الواو عاطفة بأن الله سبحانه وتعالى مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم بذلك وهم جهال.
قال القرطبي: قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمرو: هذا القول هو الصحيح فإن تسميتهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميع من يفهم كلام العرب، وفي أي شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلا ما يعلم الجميع. انتهى منه بلفظه.

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الخير قادم (4).    كن أول من يقيّم

قال مقيده - عفا الله عنه - يجاب عن كلام شيخ القرطبي المذكور بأن رسوخهم في العلم هو السبب الذي جعلهم ينتهون حيث انتهى علمهم ويقولون فيما لم يقفوا على علم حقيقته من كلام الله جل وعلا: { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا }
 [آل عمران: 7] بخلاف غير الراسخين فإنهم يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وهذا ظاهر.
وممن قال بأن الواو عاطفة الزمخشري في تفسيره الكشاف. والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم.
وقال بعض العلماء: والتحقيق في هذا المقام أن الذين قالوا هي عاطفة، جعلوا معنى التأويل التفسير وفهم المعنى كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم
" اللهم علمه التأويل " أي: التفسير وفهم معاني القرآن، والراسخون يفهمون ما خوطبوا به وإن لم يحيطوا علماً بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه. والذين قالوا هي استئنافية جعلوا معنى التأويل حقيقة ما يؤول إليه الأمر وذلك لا يعلمه إلا الله، وهو تفصيل جيد ولكنه يشكل عليه أمران: الأول قول ابن عباس رضي الله عنهما: " التفسير على أربعة أنحاء: تفسير: لا يعذر أحد في فهمه، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله ". فهذا تصريح من ابن عباس أن هذا الذي لا يعلمه إلا الله بمعنى التفسير لا ما تؤول إليه حقيقة الأمر.
وقوله هذا ينافي التفصيل المذكور. الثاني: أن الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من لغة العرب. فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل.
تنبيهان
الأول: اعلم أنه على القول بأن الواو عاطفة فإن إعراب جملة يقولون مستشكل من ثلاث جهات: الأولى أنها حال من المعطوف وهو الراسخون، دون المعطوف عليه وهو لفظ الجلالة. و المعروف إتيان الحال من المعطوف والمعطوف عليه معاً كقولك: جاء زيد وعمرو راكبين. وقوله تعالى:
وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ }[إبراهيم: 33].
وهذا الإشكال ساقط. لجواز إتيان الحال من المعطوف فقط دون المعطوف عليه، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى:

وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }[الفجر: 22] فقوله صفاً حال من المعطوف وهو الملك، دون المعطوف عليه وهو لفظة ربك وقوله تعالى:وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا }[الحشر: 10] الآية. فجملة يقولون حال من واو الفاعل في قوله الذين جاءوا، وهو معطوف على قوله:لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ }[الحشر: 8] وقوله:وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ }
[الحشر: 9] فهو حال من المعطوف دون المعطوف عليه كما بينه ابن كثير وغيره.
الجهة الثانية: من جهات الإشكال المذكور هي ما ذكره القرطبي عن الخطابي قال عنه: واحتج له بعض أهل اللغة، فقال معناه والراسخون في العلم يعلمونه قائلين: آمنا، وزعم أن موضع يقولون نصب على الحال، وعامة أهل اللغة ينكرونه ويستبعدونه. لأن العرب لا تضمر الفعل والمفعول معاً ولا تذكر حالاً إلا مع ظهور الفعل فإذا لم يظهر فعل فلا يكون حال. ولو جاز ذلك لجاز أن يقال عبد الله راكباً يعني: أقبل عبد الله راكباً، وإنما يجوز ذلك مع ذكر الفعل كقوله عبد الله يتكلم يصلح بين الناس، فكان يصلح حالاً له كقول الشاعر أنشدنيه أبو عمر قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب:
أرسلت فيها قطماً لكالكا
   
يقصر يمشي ويطول باركاً
أي يقصر ماشياً، وهذا الإشكال أيضاً ساقط. لأن الفعل العامل في الحال المذكورة غير مضمر. لأنه مذكور في قوله يعلم ولكن الحال من المعطوف دون المعطوف عليه، كما بينه العلامة الشوكاني في تفسيره وهو واضح.
الجهة الثالثة: من جهات الإشكال المذكورة هي: أن المعروف في اللغة العربية أن الحال قيد لعاملها ووصف لصاحبها، فيشكل تقييد هذا العامل الذي هو يعلم بهذه الحال التي هي يقولون آمنا. إذ لا وجه لتقييد علم الراسخين بتأويله بقولهم آمنا به. لأن مفهومه أنهم في حال عدم قولهم آمنا به لا يعلمون تأويله وهو باطل، وهذا الإشكال قوي وفيه الدلالة على منع الحالية في جملة يقولون على القول بالعطف.

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
الخير قادم (5).    كن أول من يقيّم

التنبيه الثاني: إذا كانت جملة يقولون: لا يصح أن تكون حالاً لما ذكرنا فما وجه إعرابها على القول بأن الواو عاطفة؟ الجواب والله تعالى أعلم أنها معطوفة بحرف محذوف والعطف بالحرف المحذوف، أجازه ابن مالك وجماعة من علماء العربية. والتحقيق جوازه، وأنه ليس مختصاً بضرورة الشعر كما زعمه بعض علماء العربية، والدليل على جوازه وقوعه في القرآن، وفي كلام العرب. فمن أمثلته في القرآن قوله تعالى:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ }[الغاشية: 8] الآية. فإنه معطوف بلا شك على قوله تعالى:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ }[الغاشية: 2] بالحرف المحذوف الذي هو الواو ويدل له إثبات الواو في نظيره في قوله تعالى في سورة القيامة:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ }[القيامة: 22-24] الآية. وقوله تعالى في عبس:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ }[عبس: 38-40] الآية.
وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى:

وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ التوبة: 92] الآية. قال يعني وقلت: بالعطف بواو محذوفة وهو أحد احتمالات ذكرها ابن هشام في المغني، وجعل بعضهم منهإِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ }[آل عمران: 19] على قراءة فتح همزة إن قال: هو معطوف بحرف محذوف على قوله:شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }[آل عمران: 18] أي: وشهد أن الدين عند الله الإسلام وهو أحد احتمالات ذكرها صاحب المغني أيضاً ومنه حديث " تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره " يعني ومن درهمه ومن صاع إلخ.
حكاه الأشموني وغيره، والحديث المذكور أخرجه مسلم والإمام أحمد وأصحاب السنن ومن شواهد حذف حرف العطف قول الشاعر:
كيف أصبحت كيف أمسيت
   
مما يغرس الود في فؤاد الكريم
يعني وكيف أمسيت وقول الحطيئة:
إن امرأ رهطه بالشام منزله
   
برمل يبرين جار شد ما اغتربا
أي: ومنزله برمل يبرين. وقيل: الجملة الثانية صفة ثانية لا معطوفة وعليه فلا شاهد في البيت، وممن أجاز العطف بالحرف المحذوف الفارسي وابن عصفور خلافاً لابن جني والسهيلي.
ولا شك أن في القرآن أشياء لا يعلمها إلا الله كحقيقة الروح. لأن الله تعالى يقول:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }[الإسراء: 85] الآية وكمفاتح الغيب التي نص على أنها لا يعلمها إلا هو بقوله:وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ }[الأنعام: 59] وقد ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنها الخمس المذكورة في قوله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ }
[لقمان: 34] الآية. وكالحروف المقطعة في أوائل السور وكنعيم الجنة لقوله تعالى:فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ }[السجدة: 17] الآية. وفيه أشياء يعلمها الراسخون في العلم دون غيرهم كقوله تعالى:فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الحجر: 92-93] وقوله:فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ }[الأعراف: 6] مع قوله:فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ }[الرحمن: 39] وقوله:وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }[القصص: 78] وكقوله:وَرُوحٌ مِّنْهُ }[النساء: 171] والرسوخ الثبوت. ومنه قول الشاعر:
لقد رسخت في القلب مني مودة
   
لليلى أبت آياتها أن تغيرا

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
جل من لا يسهو    كن أول من يقيّم

 " إذا كان للتأويل في القرءان معنى واحدا،...." : أخي العزيز الأستاذ ياسين  : والسهو بالسهو يذكر. ( المؤمن مرآة أخيه).
* أنا أوافقك الرأي.....ويبدو أنّ شيئأ كان في نفس العلامة الشنقيطي ، فجنح لتسمية عنوان موسوعته ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن).
**لعل أخانا المؤدب المهذب الدكتور ( محمد) يسترعي انتباهنا إلى أمور لم نفطن إليها ؛ امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: " فاسألوا أهل الذكر...".

15 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
يا ربّ فرّج همه.    كن أول من يقيّم

هذا يعني وجوب البحث عن ( جهينة) الحقيقي عندما نقول المثل السائر : " وعند جهينة الخبر اليقين " ، وسأوجه المربين قائلاً لهم بعد نصحهم مريديهم : إياكم أن أن تقولوا : " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "..... فيه موضوعات معلونة بالأمثال في القرآن يا أخي ياسين .....
*" فمعرفة أن كفتي الميزان متقابلتين ، أو ان الوزنين متساويين تماما غير ممكن أبدا ) : هذه عبارتك : جل من لا يسهو !!! أنا الفقير لله أرى أن يُنعَم النظر في الكتابة غيرَ مرة أفضل....فخبر ( أنّ).....!!
أما العلم اللدني فقد أعطاه ربنا الفتاح بعض خلقه ،وهوسبحانه ، معطيه ، وسيعطيه لمن رق قلبه ، وصدقت نيته..."رب أشعث أغبرذي طمرين يمشي في الأسواق لا يُلقَى له بال لو أقسم على الله لأبره".
أما دعاء سيدنا الحبيب ،صلوات ربي وسلامه عليه، لابن عباس ،رضي الله عنهما ،: " ...وعلّمه التأويل" فأل هاهنا للعهد الذهني الذي استأثر بعلمه رب الأرباب ، ... إن الله تبارك وتعالى هو الأعلم بأسرار كتابه ، وإذا شاء ربنا أن يلهم من يريد إلهامه ، فإنه يفتح عليه ، وذلك يعد كرامة . إن الغيب المطلق لله عز وجل ، وثمة غيب نسبي -حفنة من رمل في صحراء- لمن يرتضيه ربنا من رسل ، ولذلك نرى( تأويلاً) لرسول الله ،صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى : "كلَّ يوم هو في شأن" في صحيح سنن ابن ماجه.....
أخي الأستاذ ياسين : إنّ استعمالك النظارة ما كان عبثاً ، وأنت ترى ما بعد حاجز النظارة ، وهكذا يفسّر الكشف ... وإنني أدعو الله لك أن يكشف عنك غمتك ، ويفرّج عنك كربتك ، سائلاً الله بأسمائه وصفاته أن تشعر بالأمان والطمأنينة كما عهدناك حين تعرفنا عليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

16 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
مع الشيخ الشعراوي ، يرحمه الله .    كن أول من يقيّم

تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
 
" هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ "وآية أخرى يقول فيها الحق:
وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ " [التوبة: 127].
إنهم الذين بدأوا؛ انصرفوا عن الله فصرف الله قلوبهم بعيداً عن الإيمان. وكذلك الذين يتبعون المتشابه يبتغون به الفتنة؛ أي يطلبون الفتنة، ويريدون بذلك فتنة عقول الذين لا يفهمون، وما داموا يريدون فتنة عقول من لا يفهمون فهم ضد المنهج، وما داموا ضد المنهج فهم ليسوا مؤمنين إذن، وماداموا غير مؤمنين فلن يهديهم الله إلى الخير؛ لأن الإيمان يطلب من الإنسان أن يتجه فقط إلى الإيمان بالرب الإله الحكيم، ثم تأتي المعونة بعد ذلك من الله. لكن عندما لا يكون مؤمناً، فكيف يطلب المعونة من الله، إنه سبحانه يقول في الحديث القدسي:
(أنا أغنى الشركاء عن الشرك).
إنهم يبتغون الفتنة بالمتشابه، ويبتغون تأويله، ومعنى التأويل هو الرجوع؛ لأننا نقول: " آل الشيء إلى كذا " ؛ أي رجع الشيء إلى كذا، فكأن شيئاً يرجِع إلى شيء، فمن لهم عقل لا زيغ فيه يحاولون جاهدين أن يؤولوا المُتشَابه ويردوه إلى المُحكم، أو يؤمنوا به كما هو. يقول الحق بعد ذلك: " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ " إن الله لو أراد للمتشابه أن يكون محكماً، لجاء به من المُحكَم، إذن فإرادة الله أن تكون هناك آيات المتشابه ومهمتها أن تحرك العقول، وذلك حتى لا تأتي الأمور بمنتهى الرتابة التي يجمد بها عقل الإنسان عن التفكير والإبداع، والله يريد للعقل أن يتحرك وأن يفكر ويستنبط. وعندما يتحرك العقل في الاستنباط تتكون عند الإنسان الرياضة على الابتكار، والرياضة على البحث، وليجرب كل واحد منا أن يستنبط
المتشابه إلى المحكم، ولسوف يمتلك بالرياضة ناصية الابتكار والبحث، والحاجة هي التي تفتق الحيلة.
إن الحق يريد أن يعطي الإنسان دربة حتى لا يأخذ المسألة برتابة بليدة ، ويتناولها تناول الخامل ويأخذها من الطريق الأسهل، بل عليه أن يستقبلها باستقبالٍ واع وبفكر وتدبر.
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ "[محمد: 24].

16 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
مع الشيخ الشعراوي ، يرحمه الله (.02)    كن أول من يقيّم

كل ذلك حتى يأخذ العقل القدر الكافي من النشاط ليستقبل العقل العقائد بما يريده الله، ويستقبل الأحكام بما يريده الله، فيريد منك في العقائد أن تؤمن، وفي الأحكام أن تفعل " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ ". والذين في قلوبهم زيغ يحاولون التأويل وتحكمهم أهواؤهم، فلا يصلون إلى الحقيقة. والتأويل الحقيقي لا يعلمه إلا الله.
قد رأينا من يريد أن يعيب على واحد بعض تصرفاته فقال له:
 يا أخي أتَدّعي أنك أحطت بكل علم الله؟ فقال له: لا. قال له: أنا من الذي لا تعلم. وكأنه يرجوه أن ينصرف عنه.
والعلماء لهم وقفات عند قوله الحق: " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ ": بعضهم يقف عندها ويعتبر ما جاء من بعد ذلك وهو قوله الحق:
" وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ " كلاماً مستأنفاً، إنهم يقولون: إن الله وحده الذي يعلم تأويل المتشابه، والمعنى: " وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ " ؛أي الثابتون في العلم، الذين لا تغويهم الأهواء، إنهم: " يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا " وهو ما قاله الرسول، صلى الله عليه وسلم، إن الراسخين في العلم يقولون: إن المحكم من الآيات سيعلمون به، والمتشابه يؤمنون به، وكل من المتشابه والمحكم من عند الله.
أمّا مَن عطف وقرأ القول الحكيم ووقف عند قوله: " وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ " نقول له: إن الراسخين في العلم علموا تأويل المتشابه، وكان نتيجة علمهم قولهم: " آمَنَّا بِهِ ".
إن الأمرين متساويان، سواء أوقفت عند حد علم الله للتأويل أم لم تقف. فالمعنى ينتهي إلى شيء واحد. وحيثية الحكم الإيماني للراسخين في العلم هي قوله الحق على لسانهم: " يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا " فالمحكم من عند ربنا، والمتشابه من عند ربنا، وله حكمة في ذلك؛ لأنه ساعة أن يأمر الأعلى الأدنى بأمر ويبين له علته فيفهم الأدنى ويعمل، وبعد ذلك يلقي الأعلى الأمر آخر ولا يبين علته، فواحد ينفذ الأمر وإن لم يعرف العلة، وواحد آخر يقول: لا، عليك أن توضح لي العلة. فهل الذي آمن آمن بالأمر أو بالعلة؟
إن الحق يريد أن نؤمن به وهو الآمر، ولو أن كل شيء صار مفهوماً، لما صارت هناك قيمةٌ للإيمان. إنما عظمة الإيمان في تنفيذ بعض الأحكام وحكمتُها غائبة عنك؛ لأنك إن قمت بكل شيء وأنت تفهم حكمته فأنت مؤمن بالحكمة، ولست مؤمناً بمن أصدرالأمر.
وعندما نأتي إلى لحم الخنزير الذي حرمه الله من أربعةَ عشرَ قرناً، ويظهر في العصر الحديث أن في أكل لحم الخنزير أضراراً، ويمتنع الناس عن أكله لأن فيه أضراراً، فهل امتناع هؤلاء أمر يثابون عليه؟ طبعاً لا، لكن الثواب يكون لمن امتنع عن أكل لحم الخنزير؛ لأن الله قد حرمه؛ ولأن الأمر قد صدر من الله، حتى دون أن يَعْرِّفنا الحكمة، إن المؤمن بالله يقول: إن الله قد خلقني ولا يمكن ـ وهو الخالق ـ أن يخدعني وأنا العبد الخاضع لمشيئته.
إن العبد الممتنع عن أكل لحم الخنزير وشُرب الخمر؛ امتثالاً لأمر الله، هو الذي ينال الثواب، أما الذي يمتنع خوفاً من اهتراء الكبد أو الإصابة بالمرض فلا ثواب له. وهناك فرق بين الذهاب إلى الحكم بالعلة. وبين الذهاب إلى الحكم بالطاعة للآمر بالحكم.
إذن فالمتشابه من الآيات نزل للإيمان به، والراسخون في العلم يقابلهم من تلويهم الأهواء، والأهواء تلوي إلى مرادات النفس وإلى ابتغاءات غير الحق. ومادامت ابتغاءات غير الحق، فغير الحق هو الباطل، فكل واحد من أهل الباطل يحاول أن يأتي بشيء يتفق مع هواه.

16 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
مع الشيخ الشعراوي ، يرحمه الله .(3)    كن أول من يقيّم

ولذلك جاء التشريع من الله ليعصم الناس من الأهواء؛ لأن هوى إنسان ما قد يناقض هوى إنسان آخر، والباقون من الناس قد يكون لهم هوى يناقض بقية الأهواء. والحق سبحانه يقول:
وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ " [المؤمنون: 71].
إذن فلا بد أن نتبع في حركتنا ما لا هوى له إلا الحق، والدين إنما جاء ليعصمنا من الأهواء؛ فالأهواء هي التي تميلنا، والذي يدل على أن الأهواء هي التي تميل إلى غير الحق أن صاحب الهوى يهوى حكماً في شيء، ثم تأتي ظروف أخرى تجعله يهوى حكماً مقابلاً، إنه يلوي المسألة على حسب هواه، وإلا فما الذي ألجأ دنيا الناس إلى أن يخرجوا من قانون السماء الأول الذي حكم الأرض عند آدم عليه السلام؟
لقد خرجوا من قانون السماء حينما قام قوم بأمر الدين فأخذوا لهم من هذا سلطة زمنية، وأصبحوا يُخضعون المسائل إلى أهوائهم. ونحن لو نظرنا إلى تاريخ القانون في العالم لوجدنا أن أصل الحكم في القضايا إنما هو لرجال الدين والكهنة والقائمين على أمر المعابد. كان الحكم كله لهم، لأن هؤلاء كانوا هم المتكلمين بمنهج الله.
ولماذا لم يستمر هذا الأمر، وجاءت القوانين الرومانية والإنجليزية والفرنسية وغيرها؟ لأنهم جربوا على القائمين بأمر الدين أنهم خرجوا عن نطاق التوجيه السماوي إلى خدمة أهوائهم، فلاحظ الناس أن هؤلاء الكهنة يحكمون في قضية بحكم ما يختلف عن حكم آخر في قضية متشابهة. إنهم القضاة أنفسهم والقضايا متشابهة متماثلة، لكن حكم الهوى يختلف من قضية إلى أخرى، بل وقد يتناقض مع الحكم الأول، فقال الناس عن هؤلاء الكهنة:
لقد خرجوا عن منطق الدين واتبعوا أهواءهم، ليثبتوا لهم سلطة زمنية، فنحن لم نعد نأمنهم على ذلك. وخرج التقنين والحكم من يد الكهنة ورجال الدين إلى غيرهم من رجال التقنين. لقد كان أمر القضاء بين الكهنة ورجال الدين؛ لأن الناس افترضت فيهم أنهم يأخذون الأحكام من منهج الله، فلما تبين للناس أن الكهنة ورجال الدين لا يأخذون الحكم من منهج الله، ولكن من الهوى البشري، عند ذلك أخذ الناس زمام التقنين لأنفسهم بما يضمن لهم عدالة ما حتى لو كانت قاصرة.

وبمناسبة كلمة الهوى نجد أن هناك ثلاثة ألفاظ:

أولاً: الهواء هو ما بين السماء والأرض، ويراد به الريح ويحرك الأشياء ويميلها وجمعه: الأهوية وهذا أمر حسي.
 ثانياً: الهوَى: وهو ميل النفس، وجمعه: الأهواء، وهو مأخوذ من هَوِي يَهْوَى بمعنى مال.
ثالثاً: الهَوي: بفتح الهاء وضمها وتشديد الياء وهو السقوط مأخوذ من هَوَى يَهْوي: بمعنى سقط. وهذا يدل على أن الذي يتبع هواه لابد أن يسقط، والاشتقاقات اللغوية تعطي هذه المعاني.
إنها متلاقية. إذن الراسخون في العلم يقفون ثابتين عند منهج الله. وأما الذين يتبعون أهواءهم فهم يميلون على حسب ميل الريح. فإن الريح مالت، مالوا حيث تميل.

16 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
مع الشيخ الشعراوي ، يرحمه الله .(4)    كن أول من يقيّم

 
ويقول الراسخون في العلم في نهاية علمهم: آمنا " وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ". وهنا تلتقي المسألة، فنحن نعرف أن المحكم نزل للعمل به، والمشابه نزل للإيمان به لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى، وهي أن نأخذ الأمر من الآمر لا لحكمة الأمر. وعندما نأخذ الأوامر من الحق فلا نسأل عن علتها؛ لأننا نأخذها من خالق محب حكيم عادل. والإنسان إن لم ينفذ الأمر القادم من الله إلا إذا علم علته وحكمته فإننا نقول لهذا الإنسان: أنت لا تؤمن بالله ولكنك تؤمن بالعلة والحكمة، والمؤمن الحق هو من يؤمن بالأمر وإن لم يفهم.
والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند الله، المحكم من عند ربنا والمتشابه من عند ربنا:
ويضيف سبحانه:
" وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ " و " أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ " أي أصحاب العقول المحفوظة من الهوى؛ لأن آفة الرأي الهوى، والهوى يتمايل به. " وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ " و " اللب " هو: العقل، يخبرنا الله أن العقل يحكم لُبّ الأشياء لا ظواهر الأشياء وعوارضها، فهناك أحكام تأتي للأمر الظاهر، وأحكام للُبّ.
الحق يأمر بقطع يد السارق. وبعد ذلك يأتي من يمثل دور حامي الإنسانية والرحمة ويقول: " هذه وحشية وقسوة "!

هذا ظاهر الفهم، إنما لُبّ الفهم أني أردت أن تُقطع يد السارق حتى أمنعه أن يسرق؛ لأن كل واحد يخاف على ذاته، فيمنعه ذلك أن يسرق. وقد قلنا من قبل إن حادثة سيارة قد ينتج عنها مشوهون قدر من قطعت أيديهم بسبب السرقة في تاريخ الإسلام كله، فلا تفتعل وتدعي أنك رحيم ولا تنظر إلى العقاب حين ينزل بالمذنب، ولكن انظر إلى الجريمة حين تقع منه، فإن الله يريد أن يحمي حركة الحياة للناس بحيث إذا علمت وكددت واجتهدت وعرقت يضمن الله لك حصيلة هذا العمل، فلا يأتي متسلط يتسلط عليك ليأخذ دمه من عرقك أنت.

إذن فهو يحمي حركة الحياة وتحرك كل واحد وهو آمن، هذا " لُبّ " الفهم، ولذلك يقول تعالى:
" وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ "، إياكم أن تقولوا: إن هذا القصاص اعتداء على حياة فرد. لا، لأن " وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ " إنّ من علم إنه إن قَتل فسيقتل، سيمتنع عن القتل، إذن فقد حمينا نفسه وحمينا الناس منه، وهكذا يكون في القصاص حياة، وذلك هو لُبّ الفهم في الأشياء؛ فالله سبحانه وتعالى يلفتنا وينبهنا ألا نأخذ الأمور بظواهرها، بل نأخذها بلبها، وندع القشور التي يحتكم إليها أناس يريدون أن ينفلتوا من حكم الله. و
 " وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ " حينما فَصلوا في أمر المتشابه دعوا الله بالقول الذي أنزله ـ سبحانه ـ: " رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ ".

16 - ديسمبر - 2008
الفرق بين التفسير والتأويل
ما أعظم كلام الله ! .    كن أول من يقيّم

                           حذف الحال
أكثر ما يَرِدُ ذلك إذا كان قولاً أغنى عنه المقول ، نحو قوله تعالى :
" وإذ يرفع إبراهيمُ القواعدَ من البيت وإسماعيلُ ربَّنا تقَبَّلْ منا إنك أنت السميع العليم " ( البقرة2/127).
( وإذ) : الواو عاطفة ، إذ : ظرف للماضي معطوف  على ( إذ) قبله. ( من البيت) : متعلقان بحال محذوفة من (القواعد)، فيكون معنى ( مِن) : التبعيض . أو : متعلقان بِ ( يرفع)، ومعنى ( مِن): ابتداء الغاية.
*( وإسماعيل) : الواو عاطفة . ( إسماعيل) : اسم معطوف على ( إبراهيم).
جملة ( ربَّنا تقبَّلْ مِنّا ...) : معمولة لقولٍ محذوف في محل نصب حال ؛ أي : قائلَيْنِ . ويؤيّد هذا قراءةُ عبد الله بن مسعود بإظهار فِعل القول ، قرأ : " يقولان ربَّنا تَقَبَّلْ..." ؛ أي : قائلَيْنِ ذلك . ( الدر المصون للسمين الحلبي 2/114).
*( وإسماعيل) : الواو حالية . ( إسماعيل) : مبتدأ . والقول المحذوف : خبر، تقديره : وإسماعيل يقول : ربَّنا ، فيكون " إبراهيم" هو الرافع ، و" إسماعيل" هو الدّاعي فقط ؛ورفعُه معنوي؛ لأنه كان – حينئذٍ – طفلاً ( البحر1/388 ، والمغني ص830،
 والدر 2/114).
     فائدة (1) : معنى الرفع في الآية : البناءُ عليها ؛ لأنه إذا بُني عليها نُقلت من هيئة الانخفاض إلى الارتفاع.
  و( يرفع) : في معنى ( رَفَعَ ) ماضياً ؛ لأنّ ( إذْ ) من الأدوات المخلّصة المضارع للمُضِيّ . ( الدر2/113).
و ( القواعد) : جمع ( قاعدة)، وهي الأساس ، والأصل لِما فوق . وأما القواعد من النساء ، فمفردها : ( قاعد )، من غير تاء ؛ لأن المذكَّر لا حظَّ له فيها ؛ إذ هي من :
 " قَعَدَتْ عن الزوج" .
فائدة (2) : لم يقل الحق تبارك وتعالى : " قواعدَ البيتِ"  بالإضافة ؛ لِما في البيان بعد الإبهام من تفخيم شأن المُبَيَّن . ( الدر المصون 2/113).

17 - ديسمبر - 2008
استراحات
 99  100  101  102  103