البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات زهير ظاظا

 99  100  101  102  103 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
فاتح القصائد    كن أول من يقيّم

 والله يا أستاذتنا ضياء أنت تبيعين القطايف بالشمندور، وليس الكعك بالسماق، وقد تمنيت إليك أن يكون هذا الملف بالاشتراك بيني وبينك، ثم إذا أردت أن تنشريه فيما بعد في كتاب بعنوان (البنت التي تبلبلت) فسوف تجدين الكثير من دور النشر جاهزة لنشره، ولكن لا أكتفي منك بالتعليق على قصيدة أنشرها، فأنا وغيري من مراقبي هذه الحلبة على أحر من الجمر لقراءة عذابات ضياء في هذا العالم المجنون =كما وصفته=
هذه قصيدة (فاتح القصائد) التي وعدتك بها، والمعذرة من طول المقدمة.
وقصتها أنني في عام (1996م) وفي إحدى زياراتي إلى بلدتي دمشق، عائدا من العمل في مطبعة المستقبل في بيروت =حيث كنت أعمل فيها لصالح دار الخير = زارني واحد من وجهاء حينا، وسألني عن أخباري وأحوالي. فلما حدثته عن مشقة عملنا في (تصحيح المصاحف) أثناء الطبع، أصر علي أن أترك العمل، وأن أعمل معه في مكتبه (السياسي) في تحرير مجلة هو في صدد إصدارها، ولما سألته عن طبيعة عملي، وأوقات الدوام، وما إلى ذلك رد علي بعبارات ملؤها الإغراء والإطراء، وأنه غير مطلوب مني داوم بعينه، وما إلى ذلك من الود والتحبب. ولم يكن الرجل كاذبا في كل ما قال، بل رأيت منه من الاحترام والتبجيل ما فاق تصوري، وخصص لي مكتبا في شركته، وخادما، وهاتفا، وكل وسائل الراحة، وزاد فلم يشع اسمي بين الموظفين، وغير اسمى فجعله (مولانا) وكان معظم الأذنة والحجاب قد استوردهم من جمعية الصم والبكم = ?= فجعل اسمي عندهم أن يشير الواحد منهم إلى عينه.
وكان بين الفينة والأخرى يطلب مني أن أكتب له قصيدة لبعض أصدقائه في إحدى دول الخليج، فكنت أفعل ذلك من باب رد الجميل، وهكذا بقيت في العمل معه زهاء سنتين، هما كل ما أملك من حياتي في عالم السياسة ورجالاتها. ولو قضيت ما تبقى من عمري أكتب عن مفاجآتي في هاتين السنتين لكتبت كل يوم ما يحبس الأنفاس من أخبار مشاهير في عالم الصحافة والفكر والسياسة، كنت ألتقيهم في مكتب هذه المجلة الفخم جدا، في أرقى شوارع دمشق. ومنهم العشرات الذين أصبحوا =أو كانوا= أعضاء في مجلس الشعب، وآخرون أصبحوا وزراء، بل رؤساء وزارة، بل فيهم من أصبح السيد الرئيس.. وهذا عدا (الفراطة) أمثال من يعمل اليوم مجرد مراسل لإحدى القنوات الأشهر في العالم العربي، أو ترقت به الأحوال فأصبح معد برامج، أو صاحب قناة مستقلة. أضف إلى ما سبق: أمراء الحرب وتجار الأسلحة، وعصابات المافيا، والحسناوات بكل فروعهن، وكل ما يمت لهن بصلة...وأذكر ممن التقيتهم في مكتب هذه المجلة ثلاثة تركوا في نفسي جراحا لا تندمل، وهم المرحوم عبد الوهاب البياتي، والمرحوم هادي العلوي، والرجل اللغز: عبد الله أوجلان.
وكانت لي سابقة مهترئة في العمل فيما يسمى بالصحافة السوداء... حيث عملت في العام (1986) أشهرا معدودات في مجلة =ولا مشاحة في الاصطلاح= كنت أحسب أنها يتيمة عصرها في اللصوصية والابتزاز و(الكذب المسعّر) ثم عرفت فيما بعد أنها واحدة من مئات الصحف التي تعج بها دول العالم =المتحضر أيضا= ولم يكن مكتب هذه المجلة =الصغير جدا= يتسع لغير كرسي واحد، وهو كرسي الرجل الوحيد الذي يقوم بتحريرها وإعداد كل أبوابها بالسطو على أكوام المجلات المختلفة والمكدسة بجانب مكتبه حتى السقف... بينما تجد في الصفحة الأولى قائمة أسماء المحررين والسكرتارية.. وكلها أسماء موظفين يعملون مع صاحب المجلة في مشاريع أخرى.. وأندر أخبار هذه المجلة أن أكثر أعدادها ليس فيه شيء جديد سوى موضوع الغلاف، ويعمد هذا المحرر الدرويش إلى عدد قديم من أعداد مجلته، فيعيد نشره بالكامل، باستثناء الغلاف وموضوعه، والذي غالبا ما يكون عن فنانة أو شاعر من شعراء الخليج.
وهكذا كان الفرق في عملي في المجلتين كالفرق بين من ينال شهادة الدكتوراه من إحدى جامعات الباكستان المغمورة وبين من ينال الدكتوراه من السوربون.
ومن طرائف أخباري في المجلة الثانية، أنني دخلت مرة إلى صالون الضيوف الفخم، وكنا على موعد لمؤدبة عمل، فرأيت المنبر في غير موضعه المناسب، فسألت صديقي متعجبا، فأجابني بالهمس خشية أن يسمعنا أحد الضيوف: هذا ليس منبرا يا أستاذ، ولكن فيه (باء وراء) فلم تخطئ كثيرا. بعد قليل سوف تعرف ما هذا.
ونعود إلى ما كنا بصدد الحديث عنه في عملي في المجلة الجديدة..فذات مساء وبينما أنا أغط في النوم، إذ بزوجتي توقظني وتقول لي فلان على الباب =سائق المعلم= فقمت مندهشا، وكانت أحداث هذه القصيدة. وخلاصتها أن أحد أصدقاء المعلم =من إحدى دول الخليج= جاءه يزوره في دمشق، وأول ما رآه طلب منه أن يرى الشاعر الذي كتب له تلك القصيدة الرنانة. فلما دخلت إلى جناحه في فندق المرديان، رأيت المعلم شخصا آخر، وفي صدر الجناح مائدة عليها من أنواع المشروب ما ربما يصل إلى خمسين نوعا، وفي المقابل فتيات في عمر الزهور، وأجملهن (ريما) جالسة في حضن الضيف، وعلى مائدته حزمة دولارات، تقدر بحوالي عشرة آلاف دولار، تأتي الفتاة تلو الفتاة فترقص أمام الضيف دقيقة أو دقيقتين، فيعطيها مائة دولار... فلما حمي الوطيس، وسكر الضيف، وبدت على وجهي أمارات الاستهجان من دعوتي لليلة كهذه، اقترب مني المعلم وهمس في أذني: أنت حر، إذا رأيت أن الوضع لا يناسبك يمكنك أن تتسلل، والسائق ينتظرك تحت.. فتركتهم مع ريما وأخواتها، وكان مساء قاتلا، أحسست فيه بكل مرارة بأنه يجب أن أبحث عما تبقى من قيمتي بعد هذا المساء في هذا العالم. وبعد ستة أعوام من المشاعر الحزينة التي كانت تعود بي إلى ذلك المساء كلما وقعت عيني على حسناء... بعد ست سنوات من هذه الفاجعة كتبت هذه القصيدة:

ريـمـا جمالك قد أودى به الكدرُ يـومٌ مـن الدهر مذمومٌ iiومحتقرُ
كم  في دمشقك من ريما iiستعذلني يقضُّ مضجعها من نحسك iiالسهر
اليوم أسحب ذاك السهم من iiكبدي ولا  تـخافي فإني سوف iiأختصر
قـد تـفـخرين أمام الغيد iiتاركةً رنـيـن سهمك في الآفاق iiينتشر
فـقـبـلي نصله المسموم معجبةً يـصـول سـتة أعوامٍ iiوينتصر
جاء المكلَّفُ نصف الليل iiيخبرني فقلت هل بعد نصف الليل iiمؤتمر
فـقـال لابد أن تأتي على iiعجلٍ إن  الـمـعلم في البستان iiينتظر
وقال لي بعد وقت وهو iiيصحبني إلـى  الـمـعـلم: يوم كلُّه iiحير
قـالـوا  اتنا بزهير، لم يكن iiأبداً في خاطري أنك المعني بما أمروا
فـجـئـتهم بزهير من iiفصيلتهم فـودعـوه  أمام الباب iiواعتذروا
هل  أنت تشرب يا أستاذ? iiمعذرةً على السؤال، فما في اليوم iiمؤتمر
اليوم  أشياء أخرى لست iiتعرفها: الكاس والطاس والتمجيق iiوالسمر
فـي ذلك اليوم يا ريما رأيتك iiفي أحـضان  فسلٍ، وإني منه أعتذر
في  مجلس ما عددت الغانيات iiبه لـكـل غـانـية من صحبه نفر
الـذنب  ذنبك يا ريما، iiويؤسفني أنـي لـرتـبة ذاك الوغد iiأنحدر
سحبتُ  منه اعتذاراً كنت محتفظاً بـه  قـلـيـلاً لـيدري أنه بقر
ومـا  هجوت حياتي غيره iiبشراً كـي لا تـلوث من أمثاله iiالبشر
وليس  في باطلٍ من مهد iiصبوته رمـى  بـه لمآسي شعري iiالقدر
يـعض  نهديك لا شوقاً ولا iiشبقاً والسخف  يلمع في عينيه iiوالبطر
وأنـت  فـي شـاربيه iiتنتفينهما كـما يشاء الهوى والغنج iiوالحور
كـأنـك الـقطة البيضاء iiهائجة والـفرو منك كمثل الريش iiينتثر
وغبتما  عن عيوني خلف iiغيمتها فـلـيـس  إلا حذاءٌ أحمرٌ وفرو
وقـام إذ قـام مثل القرد من iiثمل لـمـا  رآني ووجهي منه iiممتقر
وقـال  لـللاعبات الساخرات به سنسكر  اليوم من شعر هو iiالدرر
صف  لي بربك ريما فهي iiتقتلني بـنـهدها،  نهدها أحلى أم iiالقمر
وقـال:  بل نهدها أحلى فقلت iiله لـولا خـيـالـك فيه أيها iiالقذر

13 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
خارج السرب    كن أول من يقيّم

أنت نموذج غريب من النبل والشفافية والاتزان يا أستاذ وحيد، اسمح لي بكل تواضع أن أنحني لكتاباتك التي تتدفق روعتها كالجدول الفتي بين حقول الليلك والأقحوان، وانا مضطر أن أقول لك اسمح لي أيضا أن أتقدم لك بما شئت أن تسميه، ولكني على حياء مني أسميه (الاعتذار) اعتذار متأخر، فلم يكن من عادتي أن أتدخل في حوار الزوار، وكان هذا الملف هو الملف الأول الذي تدخلت فيه، ولست نادما على ذلك، فقد تعرفت فيه على هموم النخبة في عالم الفلسفة، واكتسبت أصدقاء يشرفني أني ألتقيهم يوما من الأيام، وأريد أن أسمي منهم هنا الأستاذ عبد الحفيظ الذي أكبر فيه روحه السمحه وقلمه المحافظ والأستاذ العياشي المحاور الصلب، وعبد الرؤوف النويهي (النائب العام) ومحمد فادي مراسلنا في أوكرانيا، والأستاذ يحيى الرفاعي وقلمه الساحر، ونجمة الوراق أستاذتنا ضياء سليم العلي، واسمحوا لي أن أنسحب بهدوء من رواقكم هذا، ربما مكسور الجناح، أردد بيني وبين نفسي قطعة كتبتها منذ عشرين عاما، فكيف يكون الحال لو كتبتها اليوم:

لـقـد كثرتْ صحبي وطالت شجونُهم وأصـبـحتُ  ما بين العدوين iiصاحبا
ومن عاش في الدنيا كما عشت لم يزل مـع الـصـحب معتوبا عليه iiوعاتبا

13 - مارس - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
هديتي لضياء    كن أول من يقيّم

لا أرى يا أستاذتنا ضياء خانم شيئا أعبر به عن تقديري لأدبك هذا الذي يفيض عذوبة وجمالا وروعة، إلا أن أتقدم إليك بهذا الطوق هدية مني، وهي قصيدة في عرف الشعراء ثمينة جدا، لأن قافيتها لم تطرق على هذا النحو في الشعر العربي، وبحرها من أصعب البحور، وهو المقتضب، الذي تجب فيه المراقبة، حسب قواعد العروض. 

طائري الذي iiنشزا لا يـزال iiمحتجزا
فـي شـباك iiفتنته شـفه  الصبا iiفنزا
كـلـما مددتِ iiيداً نـحو جرحه iiنقزا
فـيـلسوفة iiلبست كـل دهرها iiبززا
فـي ضيائها iiنمطٌ من حريرها iiطُرزا
ويـحهم إذا iiنبشوا في  الحياة ما iiكنزا
تـذكرين  أول iiما فـوق  خيله iiبرزا
يـوم  قـلبه iiولعاً مـن ضلوعه iiقفزا
مـا رأيتِ في iiدمه كيف  رمحُه iiرُكِزا
شاعر  عصفت iiبه صار  شعره خرزا
ما رجاك من شرَكٍ فـي  فؤداه iiغُرزا
لـو  يـعود iiثانية تـطـعمينه iiكرزا
   
 
  

   
 
  

   
 
  
 
  

 

 

14 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
شكرا وعذرا    كن أول من يقيّم

شكرا على هذه الثقة يا أستاذ حسين، وعذرا على التقصير في جوابك فأنا مشغول للغاية، ولكن لابد هنا من كلمة موجزة، فأنت تعلم أن ابن خلدون أقدر من تناول هذه المسألة بالبحث والدراسة في الفصلين (51) و(52) من المقدمة (نشرة الوراق: ص 362 ـ 365) وأحسب أنه هو الذي ابتكر مصطلح (الملكة اللسانية) ولا أريد هنا أن أطول عليك بذكر ما قاله وهو منشور على الوراق، ولكن أزيدك هنا فائدة بما ألف حول نظرية ابن خلدون في بحثه هذا، فمن ذلك:

الملكة اللسانية في مقدمة ابن خلدون (ميشال زكريا: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت 1986)

والملكة اللسانية في نظر ابن خلدون (محمد عيد: عالم الكتب، القاهرة 1979م)

والملكة اللغوية في الفكر اللغوي العربي (السيد الشرقاوي: مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة 2001).

 

أما السليقة لغة فقد ذكرها سيبويه في الكتاب وعدها في الأنساب النادرة، قال: وقالوا سليقيٌّ للرجل يكون من أهل السّليقة.

وتطرق لها ابن جني في الخصائص، في باب تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني، قال:  (ومنها السليقة وهي من قولهم: فلان يقرأ بالسليقية أي بالطبيعة. وتلخيص ذلك أنها كالنحيتة. وذلك أن السليق ما تحات من صغار الشحر؛ قال:

تسمع منها في السليق الأشهب مـعـمعة  مثل الأباء iiالملهب

وذلك أنه إذا تحات لان وزالت شدته. والحت كالنحت، وهما في غاية القرب. ومنه قول الله سبحانه سلقوكم بألسنة حداد أي نالوا منكم. وهذا هو نفس المعنى في الشيء المنحوت المحتوت؛ ألا تراهم يقولون: فلان كريم النجار والنجر؛ أي الأصل. والنجر، والنحت، والحت، والضرب، والدق، والنحز، والطبع، والخلق، والغرز، والسلق، وكله التمرين على الشيء، وتلييين القوى ليصحب وينجذب.
فأعجب للطف صنع الباري سبحانه في أن طبع الناس على هذا، وأمكنهم من ترتيبه وتنزيله، وهداهم للتواضع عليه وتقريره).

14 - مارس - 2006
السليقة اللغوية
شكرا أستاذنا الفاضل    كن أول من يقيّم

كل الشكر لأستاذنا الأكرم سليمان أبو ستة صاحب الموقع المتميز في العروض: موقع (العروض العربي)  www.arabic-prosody.150m.com وقد زرته مرات، وأفدت منه، ورأيت في الأستاذ سليمان شيخا جليلا، لا أبالغ إذا قلت: إنني لم أقرأ في العروض وقضاياه كمباحثه وتحقيقاته، وقد تبادلنا الرسائل في هذا الشأن، ونشرت جانبا منها في هذا الملف. وكنا قد نشرنا سابقا كتابا له في العروض على موقعنا (الوراق) ثم حجبناه مؤقتا لأسباب تتعلق بتحديث الموقع، وسوف نعيد نشره إن شاء الله، شاكرين للأستاذ سليمان المفضال أياديه البيضاء وخدماته السنية، راجين أن يتكرم علينا دائما بمثل هذه التعليقات الغالية. والسلام

16 - مارس - 2006
سؤال موجه إلى الشاعرة مروة حول البحر المنسرح
بياعة الورد    كن أول من يقيّم

وبـيـاعـةٍ  للورد يُحييكَ iiوجهُها بـمـا  فـيه من وردٍ عليكَ iiمسلّم
تـرى الـفن كل الفن في iiحركاتها إذا  شرعت في ضم غصن iiلبرعم
على عينها إذ ترصف الورد iiغبطةٌ ورعـشـةُ  فـنـانٍ ورجفةُ iiملهَم
ومـا  كـنت منها عارفا غير iiأنها إلـى  الورد من كل الخليقة iiتنتمي
دعـانـي  إلـيـهـا خلها iiفأتيتها أجـادلـهـا  فـي ديـنها iiالمتهدم
ومـا  هـو في الإسلام شيخٌ وإنما يـريـد  يـزيـد المسلمين iiبمسلم
رويـتُ  لـها في البدء قصة iiإيليا ولـيـس بـإيـلـيا النبي iiالمكرم
ولـكـنـه  في جلق الشام iiراهبٌ سـمـعـنا  له فيها أحاديث iiمفحم
يـنـصّـر بالقرآن غمراً iiوجاهلاً مـدلاً  بـبـرهان من الآي iiمحكم
فـلـمـا  أتاني أمره قمت مسرعاً بـصـحـبـة خدن بالأوابد مغرم
دعـانـا إلـى عيسى بهدي iiمحمدٍ فـقـلـت لـه: لا فُضّ فوك iiتكلَّم
فـهـا  هـو إنجيل المسيح وإنني لأتـلـوه فـي جنح الظلام iiالمخيم
فـقـال:  ولكن ربما كنت iiمخطئاً بـفـهـم  تـعاليم المسيح iiالمعظم
حـلال  لـه يـتلو كما شاء iiديننا حـرام عـلـيـنا: يا له من iiمعلم
وقـال:  وهل  أدخلته القلب iiأولاً فقلت: مسيحي في فؤادي وفي دمي
فـقـال:  إذا أخرجت منه iiمحمداً يـصـح  وإلا أنـت في فك iiأرقم
فـلـيس  يجوز الجمع بينهما iiمعاً فـقـلـت له: لا، بل يجوز iiلمسلم
لـقـد  كـنتَ محتجاً بهدي iiمحمدٍ فـمـا  لك فيه طاعناً طعنَ iiمجرم
وبـتـنا  طوال الليل يرمي iiبأسهمٍ عـلـى  وجه آبائي وأرمي iiبأسهم
كـلانـا تـولـته الشيوخ فأحدثوا بـه وكـلانـا ظـفـرُهُ لـم iiيقلَّم
وحـيـن  فـرغنا من حكاية iiإيليا رجـعـنا  إلى ذات البنان iiالمعندم
وكـان ضـيـاعاً أن أخاطبها iiبما تـقـصّـر  عـنـه قدرة iiالمتعلم
إذا  رُمـتُ أدعـوها تذكرتُ iiفنها وحسناً  كمثل النمر يمسك معصمي
وكـم فـي لماها من خيال iiوقصة وفـي  شفتيها من زبيب iiوحصرم
ولابـد مـن أن الـحـكيمة تلتقي جـراحـاً  من الدنيا ولكن iiبمرهم
فـقـلـت لـهـا أن آمني iiبمحمد ولا تـتركي الإنجيل كفراً iiفتظلمي
وإن تحملي الإنجيل في صدق قوله بـعـيداً عن الرأي المفسر iiتسلمي
ولا تـحـسبي القرآن قصة iiكاتب فـمـا  لك في عرفانه من iiمترجم
فـقـالـت:  ولكن لستُ بالله iiكله مـصـدقـةً، ما قلته غيرُ iiملزمي
فـقـلتُ  لخلي: قد أضعنا مساءها فـدعها على دين المسيح بن iiمريم

16 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
الحل    كن أول من يقيّم

الحل أن تبعثي لنا بكل الأبيات التي تريدين معرفة بحرها، وسوف نجيبك على ذلك إن شاء الله، لأن العروض  عسير جدا على من لم يلم بمبادئه، وإن شاعت فيه الكلمة السائرة (تعلُّم شهر وندامة دهر) فهذه كلمة تقال من قبيل الحث على تعلمه، وإلا فإن علم العروض في حقيقته لا يفي الشهر والشهران بتعلم كل أسراره وقواعده، وهو فنٌّ لا ينحصر في تقطيع البيت ومعرفة وزنه، وإن كانت هذه ثمرته.

 وإذا أردت أن تكتسبي الخبرة في تقطيع الأبيات فأنا أنصحك بالرجوع إلى موقع (أوزان) http://www.awzan.com/ الذي تديره الأستاذة لينة ملكاوي، وفي هذا الموقع ستجدين بحور الشعر العربية بألحانها، ولكن المشكلة أنك لن تتمكني في محاولاتك الأولى من مباشرة التمييز، فإذا صبرت قليلا فسوف تجدين نفسك فيما بعد تقرأين محفوظاتك الشعرية حسب إيقاعاتها.

وأما إذا أردت تعلم العروض ومعرفة قواعده وأسراره فأنصحك بالرجوع إلى موقع الأستاذ سليمان أبو ستة www.arabic-prosody.150m.com وسوف تجدين فيه ما يشفي الغليل.

18 - مارس - 2006
أريد المساعدة
سقوط بغداد    كن أول من يقيّم

لـليانُ  وَجْهُكِ ضاع من iiإهمالي كـابـدتُ  أذكـرُهُ فخاب iiخيالي
كـم  ذا اتصلتِ فما رَدَدتُ تهرّباً مـن  أن أهينك في صفاقة حالي
كـتب  الزمان عليك أن iiلاقيتني والـمـبـكـياتُ جميعهنَّ iiقِبالي
والـدهـر  يـفتك بالأحبة iiكلهم ويـحـطِّـمُ  البؤساءَ غيرَ iiمُبال
مـا  كـان يوجد للصبابة iiفسحةٌ وأنـا  أشـيِّـعُ آخـرَ iiالآمـال
لا  تـحـسبي أني نسيتك iiمطلقاً فـبـريق صدرك ما يزال iiببالي
مـا  زال في رأسي دوارُ iiسعادةٍ مـن  خمس شامات هناك iiوخال
أتـعـيـنني  الدنيا فأغسل iiمرةً قـدميك  من كفري ومن iiأوحالي
قـال الـعذول هدمت مجدك iiكله كـذب الـجبانُ فليس من iiعذالي
خـلّـيتُ عرشَ المجد آخرَ iiمرةٍ لـمـا رمـيـتُ بوجهه iiأسمالي
وأنـا أقـدّر كـيف أبقى iiشامخاً وأذودُ  عـن شرفي وعن iiتمثالي
وأنـا عـلى علمٍ متى أضع iiالقنا ومـتـى أعـدُّ أظـافرَ iiالأبطال
عـشـرون  عاما ليلها iiونهارها وأنـا  أجـرجـر بينكم iiأغلالي
عـشـرون عاما هنَّ كلُّ iiفتوتي وشـبـيـبتي ووسامتي iiوجمالي
عشرون عاما في الرماد ولم iiأزل فـي  الـدين معدودا من iiالجهال
حـتـى  متى أجتر دمع iiشبيبتي ومـرارة  الأيـام فـي iiأوصالي
وأرى  الفضيلة تستباح ولا iiأرى غـيـر  الـدموع بأعينِ الأقيال
وأمـامَ  عـيـني يهتكون iiثيابها وبـأم  عـيني أشهد iiاضمحلالي
ويـلاه يـا تـلـك القلاع سليبةً كـم فـيـك من قذرٍ ومن iiسلال
لـن  أترك الأقطابَ في iiكرسيها حـتى  تجيب على جميع سؤالي
لـمَ  تكتمون على العباد جراحهم وتـتـاجـرون  بسوقة iiوموالي
لـمَ  تـقـمعون الواثقين iiبحبهم وتـدمـرون  بـراءة iiالأطـفال
لـم  تـخنقون طموحها في مهده وتـمـارسـون  سياسة iiالإذلال
ليست  أساطير الشعوب iiرخيصة حـتـى  تـبـيع خيالها iiبخيال
والله  لا أخشى على ولدي الردى مـقـدار ما أخشى عليه iiضلالي
يـا خـيـبة المسعى إذا iiجرعته فـي الدهر ما كابدتُ من iiأهوالي
عـن  أي إخـلاص وأي iiكرامة تـتـحـدثـون  لـهذه الأطلال
يـا  ناسُ يا هُوْ يا عوالمُ يا iiسما يـا  أرضُ يا دنيا اسمعي iiلمقالي
هـذا  الـسؤال النذلُ فرّقَ iiبيننا ورمـى  بـعـالـمنا إلى iiأنذال
لـن  يـنتهي هذا السؤال iiمدمراً فـيـنـا،  وتـلك مغبة الإهمال
بغداد بعدك ضاع وجهي iiوانطفى لـوني  وأصبح كالرجيع نضالي
ورخصتُ حتى إن أرخص ساقط يـحنو  علي، وليس بعدك iiغالي

19 - مارس - 2006
البنت التي تبلبلت
تعليق حول ما ألف عن الحافظ ابن حجر    كن أول من يقيّم

نشكر الأستاذ الأريحي المفضال عبد الله على استجاباته الطيبة للكثير من أسئلة الزوار، وأضيف هنا على جوابه الكريم ذكر طائفة من الكتب المؤلفة عن ابن حجر، وهي كثيرة جدا، سيما إذا عددنا فيها ما ألف من دراسات وبحوث في كتبه وأعماله. وأول من أفرد سيرته بالتصنيف تلميذه السخاوي في كتاب:

الجواهر والدرر فى ترجمة شيخ الاسلام ابن حجر العسقلانى

وقد نشر الكتاب مرات كثيرة، منها نشرة المجلس الاعلى للشئون الاسلامية: القاهرة: 1986   

والعجر والبجر في ترجمة ابن حجر للبلقيني

ذكره شيخنا الحبشي في (معجم الموضوعات المطروقة) وسمى من ذلك أيضا (الاستعداد قبل الفوت ونصرة ملك الموت) ليونس اللواحي. وترجمان الدرر للبصروي، والقول المختصر في ترجمة الحافظ ابن حجر للبرزنجي.

ومنها:

جمان الدرر من ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر: لعبد الله بن خليل. لا يزال مخطوطا بخط المؤلف في دار الكتب المصرية، ومنه صورة بمعهد المخطوطات.

مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر. لعبد الرحمن البوصيري، وهو مطبوع في مصر سنة 4001هـ  بتحقيق رائد صبري أبي علفة

ومما ألف عنه حديثا:

التاريخ والمنهج التاريخى لابن حجر العسقلانى: لمحمد كمال الدين عزالدين: الناشر: دار اقرأ، بيروت 1984م

 

وابن حجر العسقلانى مؤرخا: لمحمد كمال الدين عزالدين سنة النشر 1987م

وابن حجر العسقلانى : مصنفاته ودراسته فى منهجه وموارده فى كتابه الاصابة: لشاكر محمود عبدالمنعم

الناشر: مؤسسة الرسالة : بيروت 1997


ومعجم مؤلفات ابن حجر العسقلانى المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية: لناصر بن سعود بن عبدالله السلامة،الناشر: عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع: بيروت سنة النشر: 2002

وديوان ابن حجر العسقلانى: المقدمة، ولها طبعات عدة، منها: في حيدر أباد: سنة النشر: 1963     

  

19 - مارس - 2006
طلب ترجمة لابن حجر العسقلاني
البحث عن حل لهذه المشكلة العويصة    كن أول من يقيّم

ما نزل به القرآن حول مسألة السحر ينقسم إلى شقين:
أولا: لا شك حسب ما ورد في سورة البقرة من وجود السحر قبل الإسلام، وأن ناسا من اليهود خاصة كانت لهم علاقة بالسحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. وأنهم كانوا يفرقون بعملهم بين المرء وزوجه، وهذا النوع من السحر مع من يتخبطه الشيطان من المس، أشهر أنواع السحر الذي نسمع عنه اليوم.
ثانيا: ورد الجزم في سورة الجن، بأنه بعد نزول القرآن بطلت كل علاقة كانت للأنس مع الجن، كما صار من المحال على الجن أن يسترقوا السمع، وأن تكون لهم علاقة مع الإنس، ولكن لا أعلم من استنبط من سورة الجن ما ارتأيته هنا، وأرجو أن لا يكون كلامي باطلا.
مع كل ما تقدم فسوف أكون صريحا مع الأخوة زوار الوراق فأقول لهم:
التقيت بصديق لي، =من خريجي كلية الشريعة بدمشق= لا أشك في إيمانه وإخلاصه، وصدق طويته، فرأيته يقضي معظم أوقاته في معالجة الملبوسين بالجن والمسحورين، والمكتوب لهم، والمتبوعين وكل ما يتصل بذلك. وأخبرني =بكل براءة= أن له أصدقاء من الجن يستخدمهم في التعرف على هوية الجني المعتدي على مريضه. قال: ومن أصدقائه الجن من سكناهم دمشق، يتحدث معهم على الهاتف، عن طريق وسيط له في دمشق. فوالله عندما قال لي ذلك صرت أخاف منه، ونظرت إلى وجهه فرأيته أقرب إلى الجن منه إلى الإنس، وأحسست برعشة بين كتفي. وراح يقص علي الكثير والكثير جدا من أخباره، فكان مما قال: إن أكثر ما استوقفه من أحوال الجن طول أعمارهم، فمنهم من هو في الألف الثانية من العمر، ومنهم من كان في عصر سليمان، ومنهم من كان في عصر النبي (ص) وهو صحابي ... قال: ومنهم شوافع وأحناف ومالكية وحنابلة، ووهابية و(إخوان مسلمون) وشيعة ويهود، وعرب وعجم، وإنكليز وألمان، وكل شعوب الأرض وطوائفها ومللها ونحلها.
فقلت له: وكيف يكون منهم صحابة ? كيف تقول ذلك وأنت متخرج من كلية الشريعة ? فإذا كان كما تقول فلماذا لا تروي عنهم أحاديث فتكون من التابعين ? قال: والله ما خطرت ببالي. سوف أطلب منهم ذلك في أول لقاء ?.
فقلت له: أستغرب كيف تعالج الناس وأنت أولى الناس بالمعالجة، ما زلت أحترمك حتى اليوم، وأريد أن أقدم لك النصيحة: هذا الذي أنت فيه هو المرض بعينه، ولو ذهبت إلى طبيب أعصاب فسوف يجد لك الدواء المناسب? فإن لم يجد، فهذا تقصير من الطب. ألم يكن رسول الله (ص) أولى الناس بأن يخاطب الجن وهم المكلفون باتباعه والإيمان به، فلماذا قال الله: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) وقال: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ  29 قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ  30 يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ  31  (الأحقاف).
فتبسم ضاحكا من سخفي وراح يسمي لي أسماء شيوخ كبار من أكابر شيوخ دمشق تلقى عليهم هذه الطريقة فقلت له: كل هؤلاء الذين ذكرتهم دون ابن تيمية في القدر والمنزلة والشهرة. ومع ذلك فلو أردت أن أجمع لك ما حكي عنه من الأخبار في ذلك لكان مجلدا ضخما، وكذا تلميذه ابن القيم وقد ذهب في كتابه (الطب النبي) (ص 51) إلى أن إنكار صرع الجن للأنس زندقة وخروج عن الدين فقال: (أمـا جهلة الأطباء و سقطهم و سفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة، فأولئك ينكرون صـرع الأرواح ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع . وليس معهم الا الجهل)
فقال لي: أنت ترد على نفسك وليس علي.
فقلت له لا يا أخي، فهذا من ابن القيم ومن شيخه أيضا لا يعدو أن يكون اجتهادا في نصوص مروية، لم تبلغ درجة التواتر، ولا يصح اعتمادها في شيء من العقائد، وأي شيء في العقائد أكبر من حقيقة الإنسان التي هي مناط التكليف، أن تكون عرضة لما يزلزلها وينقض عراها. فقال: انا الآن مشغول، وسوف آتيك مساء بما أبين لك ما أشكل عليك من هذه المسألة، فأنا لا أشك في إسلامك.
وجاءني في المساء وبيده أوراق استخرجها كما قال من مواقع على الأنترنيت، وفي بعضها تعليق لشيخ الإسلام ابن تيمية على الآية: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مّنَ الإِنْسِ رَبّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الّذِيَ أَجّلْتَ لَنَا قَالَ النّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ) ونصه: وَصَرْعُهُمْ لِلْإِنْسِ قَدْ يَكُونُ عَنْ شَهْوَةٍ وَهَوًى وَعِشْقٍ كَمَا يَتَّفِقُ لِلْإِنْسِ مَعَ الْإِنْسِ وَقَدْ يَتَنَاكَحُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَيُولَدُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ وَهَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ وَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ وَكَرِهَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مُنَاكَحَةَ الْجِنِّ . وَقَدْ يَكُونُ وَهُوَ كَثِيرٌ أَوْ الْأَكْثَرُ عَنْ بُغْضٍ وَمُجَازَاةٍ مِثْلَ أَنْ يُؤْذِيَهُمْ بَعْضُ الْإِنْسِ أَوْ يَظُنُّوا أَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُوا أَذَاهُمْ إمَّا بِبَوْلٍ عَلَى بَعْضِهِمْ وَإِمَّا بِصَبِّ مَاءٍ حَارٍّ وَإِمَّا بِقَتْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْإِنْسِيُّ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ - وَفِي الْجِنِّ جَهْلٌ وَظُلْمٌ - فَيُعَاقِبُونَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ وَقَدْ يَكُونُ عَنْ عَبَثٍ مِنْهُمْ وَشَرٍّ بِمِثْلِ سُفَهَاءِ الْإِنْسِ.
وفي بعض هذه الأوراق ما نصه:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَلْ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ يُنْكِرُ مَا تَفْعَلُهُ الشَّيَاطِينُ الجانة مِنْ مَسِّهَا وتخبيطها وَجَوَلَانِ بَوَارِقِهَا عَلَى بَنِي آدَمَ وَاعْتِرَاضِهَا ? فَهَلْ لِذَلِكَ مُعَالَجَةٌ بِالْمُخَرَّقَاتِ وَالْأَحْرَازِ وَالْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ وَالرُّقَى وَالتَّعَوُّذَاتِ وَالتَّمَائِمِ ? وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ : لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْجِنَّ يَرْجِعُونَ إلَى الْحَقَائِقِ عِنْدَ عَامِرَةِ الْأَجْسَادِ بِالْبَوَارِ وَأَنَّ هَذِهِ الْخَوَاتِمَ الْمُتَّخَذَةَ مَعَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ سُرْيَانِيٍّ وَعِبْرَانِيٍّ وَعَجَمِيٍّ وَعَرَبِيٍّ لَيْسَ لَهَا بُرْهَانٌ وَأَنَّهَا مِنْ مُخْتَلَقِ الْأَقَاوِيلِ وَخُرَافَاتِ الْأَبَاطِيلِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ الْقُوَّةِ وَلَا مِنْ الْقَبْضِ بِحَيْثُ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُتَوَلِّي هَذَا الشَّأْنِ عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ وَالْأَوْقَاتِ ? .

فأجاب: : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وُجُودُ الْجِنِّ ثَابِتٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا . وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ } . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ قُلْت لِأَبِي : إنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ : إنَّ الْجِنِّيَّ لَا يَدْخُلُ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ يَكْذِبُونَ هَذَا يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فَإِنَّهُ يَصْرَعُ الرَّجُلَ فَيَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لَا يَعْرِف مَعْنَاهُ وَيُضْرَبُ عَلَى بَدَنِهِ ضَرْبًا عَظِيمًا لَوْ ضُرِبَ بِهِ جَمَلٌ لَأَثَّرَ بِهِ أَثَرًا عَظِيمًا . وَالْمَصْرُوعُ مَعَ هَذَا لَا يُحِسُّ بِالضَّرْبِ وَلَا بِالْكَلَامِ الَّذِي يَقُولُهُ وَقَدْ يَجُرُّ الْمَصْرُوعَ وَغَيْرَ الْمَصْرُوعِ وَيَجُرُّ الْبِسَاطَ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيُحَوِّلُ آلَاتٍ وَيَنْقُلُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَيُجْرِي غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ مَنْ شَاهَدَهَا أَفَادَتْهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ النَّاطِقَ عَلَى لِسَانِ الْإِنْسِيِّ وَالْمُحَرِّكَ لِهَذِهِ الْأَجْسَامِ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الْإِنْسَانِ . وَلَيْسَ فِي أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُنْكِرُ دُخُولَ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الشَّرْعَ يُكَذِّبُ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الشَّرْعِ وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ .

سُئِلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَائِلٍ يَقُولُ : إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي حَقِيقَةُ مَاهِيَّةِ الْجِنِّ وَكُنْهِ صِفَاتِهِمْ ؛ وَإِلَّا فَلَا أَتَّبِعُ الْعُلَمَاءَ فِي شَيْءٍ .
فَأَجَابَ : أَمَّا كَوْنُهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ كَيْفِيَّةُ الْجِنِّ وَمَاهِيَّاتُهُمْ ؛ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا إخْبَارُهُ بِعَدَمِ عِلْمِهِ لَمْ يُنْكِرْ وُجُودَهُمْ ؛ إذْ وُجُودُهُمْ ثَابِتٌ بِطُرُقِ كَثِيرَةٍ غَيْرِ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ رَآهُمْ وَفِيهِمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَآهُمْ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِالْخَبَرِ وَالْيَقِينِ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَلَّمَهُمْ وَكَلَّمُوهُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِمْ : وَهَذَا يَكُونُ لِلصَّالِحِينَ وَغَيْرِ الصَّالِحِينَ وَلَوْ ذَكَرْت مَا جَرَى لِي وَلِأَصْحَابِي مَعَهُمْ : لَطَالَ الْخِطَابُ . وَكَذَلِكَ مَا جَرَى لِغَيْرِنَا ؛ لَكِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْأَجْوِبَةِ الْعِلْمِيَّةِ يَكُونُ عَلَى مَا يَشْتَرِكُ النَّاسُ فِي عِلْمِهِ لَا يَكُونُ بِمَا يَخْتَصُّ بِعِلْمِهِ الْمُجِيبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ لِمَنْ يُصَدِّقُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ .
وسئل رحمه الله - عن قوله تعالى : ( 000 إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ 000 ) (1) وهل ذلك عام ولا يراهم أحد أم يراهم بعض الناس دون بعض ? وهل الجن والشياطين جنس واحد ولد إبليس أم جنسين : ولد إبليس وغير ولده ??
فأجاب: الحمد لله ، الذي في القرآن أنهم يرون الإنس من حيث لا يراهم الإنس ، وهذا حق يقتضي أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الإنس فيها ، وليس فيه أنهم لا يراهم من الإنس بحال ؛ بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضاً ، لكن لا يرونهم في كل حال ، والشياطين هم مردة الإنس والجن ، وجميع الجن ولد إبليس ، والله أعلم )
(انظر مجموع فتاوى ابن تيمية: ج4/ ص 232 و ج11/ ص 574 وج 19/ص 39 ـ 52 وج15/ص 7 وج24/ ص277.) و(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ج2 ص 46) وقال:  (ولهذا قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب فيضرب ضربا كثيرا جدا ، والضرب إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق المصروع ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك ، ولا يؤثر في بدنه ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل ، بحيث لو كان على الإنسي لقتله ، وإنما هو على الجني والجني يصيح ويصرخ ، ويحدث الحاضرين بأمور متعددة كما قد فعلنا نحن هذا وجربنا مرات كثيرة يطول وصفها بحضرة خلق كثيرين ) (ج19/ ص 60)..
وفي هذه الأوراق نقول عن كتب لابن القيم ، منها قوله في " زاد المعاد الجزء الثالث": (لو كشف الغطاء لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الارواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ولا يمكن الامتناع عنها ولا مخالفتها ومنها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة فهناك يتحقق أنه مصروع حقيقة )
وقوله: (اعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقها إلى الفكر فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر ، فيأخذها الذكر فيؤديها إلى الإرادة فتأخذها الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل فتستحكم فتصير عادة ، فردها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها ? فإذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما بعده ، وإن قبلته صار فكرا جوالا فاستخدم الإرادة فتساعدت هي والفكر على استخدام الجوارح فإن تعذر استخدامها رجعا إلى القلب بالتمني والشهوة وتوجهه إلى جهة المراد . ومن المعلوم أن إصلاح الخواطر أسهل من إصلاح الأفكار ، وإصلاح الأفكار أسهل من إصلاح الإرادات ، وإصلاح الإرادات أسهل من تدارك فساد العمل ، وتداركه أسهل من قطع العوائد ، فأنفع الدواء أن تشغل نفسك في ما يعنيك دون ما لا يعنيك ? وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإيراداتك فإنه يفسدها عليك فسادا يصعب تداركه ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة ، ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك ، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك).
وقوله في الطب النبوي : (الطبيب الحاذق يراعي في علاجه عشرين أمرا منها :
 قوة المريض وهل هي مقاومة للمرض ، أم أضعف  منه ? فان كانت مقاومة للمرض ، مستظهرة عليه  ، تركها والمرض ، ولم يحرك بالدواء ساكنا .
 
ومنها ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط ، بل  إزالتها على وجه يأمن معه حدوث علة أصعب منها  ، فمتى كانت إزالتها لا يأمن معها حدوث علة  اخرى أصعب منها ، ابقاها على حالها ،  وتلطيفها هو الواجب.
 
ومنها أن ينظر في العلة ، هل هي مما يمكن علاجها أم  لا ? فان لم يمكن علاجها ، حفظ صناعته وحرمته ،  ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئا ، وإن أمكن علاجها ، نظر هل يمكن زوالها أم لا ? فان  علم أنه لا يمكن زوالها ، نظر هل يمكن تخفيفها  وتقليلها أم لا ? فان لم يمكن تقليلها ، ورأى  أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها ، قصد  بالعلاج ذلك
 
و ملاك أمر الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره  دائرا على ستة أركان : حفظ الصحة الموجودة ،  ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان ، وإزالة  العلة أو تقليلها بحسب الإمكان ، واحتمال ادنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما ، فعلى هذه الأصول  الستة مدار العلاج).
وقد استفاد معظم هذه النقول كما قال من كتاب (هداية الأنام إلى فتاوى الرقى للأئمة الأعلام) وتجده على هذا الرابط http://ruqya.net/smag/index.php?op=articulos&task=verart&aid=265

وبناء على كل ما تقدم أقول: أقام علي الحجة والله صديقي هذا، وأقررت له بالفضل، واعتذرت منه على ما بدر مني في حقه، ولكنني مع ذلك مازلت مؤمنا بأن المسألة تفتقر إلى تحقيق مطول، تشارك فيه كل الفئات الإسلامية، كما لم أستطع أن أتخلص من أن المسألة تتعلق بتقصير الطب، وربما كان إيماني هذا ينبع من كوني لم أتعرض إلى مثل هذه الأمراض، بل لم أر في حياتي كلها واحدا ممن ابتلوا بها، وهو في حالة الصرع، وإن كنت أعرف الكثير منهم.
وقد طلب إلي صديقي أن يصطحبني إلى بعض مرضاه فاعتذرت وقلت له: قل أعوذ برب الفلق، وتذكرت قصة جرت معي أنا شخصيا، حيث دخلت في حياتي فتاة في ظروف لا داعي لذكرها، وكنت في الحادية والعشرين من عمري
، وكان دخولها في حياتي بطريقة حزينة جدا، إلى درجة أنني رضيت بالذهاب مع أهلها إلى شيخ لإخراج الجني الذي يأمرها بالتدخل في حياتي =ويشهد الله على ما أقول= فلما ذهبنا إلى الشيخ أدخلني في غرفة وحدي، وأخذ الفتاة بمفردها إلى غرفة أخرى، يفصل بينها وبين غرفتي غرفتان، وبقيت وحدي، وتملكني الذعر، ثم صرت أسمع من الغرفة التي تعالج فيها أصواتا كثيرة، كأن خمسين شخصا يتكلمون في وقت واحد، ثم سمعت ما لا أنساه طيلة عمري، حيث صرخت هذه الفتاة صرخة خشيت أن يكون حلقها قد تمزق على إثرها، وسمعت الأصوات الكثيرة في صوت واحد وهي تقول: طلع طلع طلع طلع.

 

19 - مارس - 2006
هل لازال قارئ الطالع أو العراف أو المشعوذ يؤثر في نفسية الفرد?
 99  100  101  102  103