البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات إدريس القري

 1  2  3 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الفلسفة تفكير متجدد.    كن أول من يقيّم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، إلى الإخوة المتدخلون، وإلى الأخ السائل.
بعيدا عن الطابع المدرسي الذي له قيمته، والذي تكلف بعض الإخوة متطوعين بالمساهمة فيه، يمكن القول بأن الفلسفة كنمط من التفكير له قواعده الكونية - محاربة "الدوغمائية" بالتشكيك والأشكلة والتساءل الدائم حول كل اليقيتيات...- متجدد باستورار وغير قابل للتجزيء، بمعنى أن خصائص التفكير الفلسفي تظل هي ذاتها سواء لدى العرب والمسلمين أولدى الفرس والمسيحيين، أما الأنساق الفلسفية التي ينتجها هذا الفيلسوف أوذاك، فتظل في خلاصاتها ومواقفها من القضايا المبحوثة متأثرة بالسياقات الاجتماعية والسياسية العامة التي أنتجت ضمنها. هكذا أعتقد أن الفلسفة كتفكير منتج لنظريات شمولية وتركيبية الطابع، من الأفضل "تقطيع" مراحل تطورها انطلاقا من تطور تكيفها مع تطور اهتمامات الخضارة والفكر الانسانيين على وجه العموم. وبتعبير آخر نقول بان الفلسفة تتميز مراخل تطورها انطلاقا من التخولات الكبرى التي مست مواضيعها اساسا: فالفلسفة الكلاسيكية تميزت بطابعها الميتافيزيقي، بينما تميزت الفلسفة الحديثة بانخراطها في البحث في نظرية المعرفة اساسا، اما الفلسفة المعاصرة - وهذه ذاتها تعرف اليوم تطورا ينقلها من الانسانيات إلى تكنولوجيا التواصل والاستنساخ، مثلا - فهي أكثر التصاقا بالعلم وارتداداته المتعددة والمعقدة والشاملة على الإنسان وبيئته. وعلى كل فللحديث بقية إنشاء الله.

28 - سبتمبر - 2008
ما الفرق بين الفلسفة الكلاسيكية والحديثة ثم المعاصرة؟
عن خطر التقل غير المكيف للمعرفة     كن أول من يقيّم

الأخوات والإخوة المشتركون في مجلس التربية والتعليم،
أود في بداية دخولي مجلسكم تحية الجميع على الحيوية والحماس الذي لاحظته في التبادل بينكم.
اسمحوا لي بمشاركتكم مجلسكم المحترم وسأقتصر في البداية على لفت الإنتباه، وخاصة بالنسبة للأخت المحترمة خولة، فهي فيما يبدو الأكثر مبادرة وإنتاجا  (وبالتالي الأكثر حيازة لشرف التعرض للمتابعة والملاحظة والنقد، على الرغم من أن ثقافتنا بل عقليتنا للأسف، لا تقبل النقد بمعناه الصارم والمنتج،) الترجمة شيء جميل وحضاري، وقد ارتبط الازدهار المعرفي والعلمي لدينا تاريخيا بمبادرة بيت الحكمة التي شكلت علامة مضيئة في تاريخنا الحضاري. إلا أن الترجمة تنطوي على أخطار كبيرة إذا لم يتم "تطويع" وتكييف مضامينها النظرية والمنهجية مع طبيعة المجتمع الذي تنقل إليه آليات التفكير والتدبير المترجمة. وحتى لا أطيل أريد القول للإخوة عن مشكلة التنمر، كالكثير من المشاكل التربوية والسلوكية، بأننا لم ننجزدراسات علمية عن هذه الظواهر في مجتمعاتنا، ولن يكون من السليم انجاز تحليلات عنها انطلاقا من دراسات أنجزت حول مجتمعات تختلف عنا ثقافة وقيما وأساليب في التفكير والتدبير اليومي للحياة والموت، للحب والكراهية، وللأخلاق ولاختراقها ... فخطر استيلاب الوعي واقع حقيقي لدينا، والمطلوب الحد منه ما أمكن. وتحية تقدير للجميع.

_______________________

تحية طيبة أستاذ إدريس: يطيب لي ونحن نودع هذا الشهر الفضيل أن أرحب بإطلالتكم اللطيفة في مجالسنا هذه متمنيا مزيدا من المشاركة والحضور، كما يسرني أن تتقبل دعوتي للانضمام إلى قافلة سراة الوراق، وهي ميزة تمكنكم من النشر الفوري في هذه المجالس، كما اتمنى أن تعرّفوا القراء في موضوع مستقل على موسوعة القرن العشرين التي كانت لكم إسهامات جليلة في إنجازها،وتقبلوا فائق الشكر والاحترام، وكل عام وأنتم بخير ..... وعيد مبارك للأستاذة خولة،التي رافقتنا بأدعيتها العطرة طوال شهر رمضان ...  زهير 

29 - سبتمبر - 2008
التنمر المدرسي: كيف نتعامل معه
الأصالة المنفتحة والمتفتحة...    كن أول من يقيّم

عيد مبارك سعيد للأخوات وللإخوة على هذا الموقع الجميل، وكل عام وأنتم بألف تصالح مع الذات ومع الآخر،
مما لا شك فيه يا أستاذة -  خولة وأشكرك على اهتمامك - أن الترجمة غيرية وتضحية لأنها عمل ملؤه الجحود، أقول هذا عن تجربة ومعاناة، لذلك أثمن عملك وأشكرك عليه، فقط أردت الإشارة إلى أن الترجمة المفيدة - وهذا ما وجدتكم بصدده - تتطلب نقاشات ونقاشات للمضامين التي "تستوردها"، والاستيراد هنا بالمعنى الايجابي، فاليابان على سبيل المثال من أكثر الدول ترجمة للكتب العلمية بالمعنى الواسع للكلمة، وليس ذلك سوى دليل على تقدم هذه الدولة الذي لا يحتاج لدليل، أما سيادة الانتاج السمعي البصري الاجنبي والأمريكي خاصة وتأثيره القوي علينا وعلى صغارنا بصفة خاصة، فذلك ما أتفق معك فيه إذ يرجع سبب هذا التاثير السلبي في الغالب، إلى بعدنا عن دائرة الانتاج في هذا المضمار، وإلى الطابع الاستهلاكي الذي يغلب على تعاملنا مع هذا النوع من التقتية الجديدة في التواصل التي هي في العمق إحدى أخطر وسائل، ليس التربية والتعليم والتوجيه فقط، بل إحدى أخطر وسائل الصراع الثقافي والحضاري اللصيق بالتنافس بل الحرب من أجل السيطرة والريادة في عالم اليوم، وليس بخاف عليك أستاذة، أن السيطرة على أسلوب العيش واختياراته في اليومي هي أقوى وسائل السيطرة المعاصرة...من هنا أهمية العقل النقدي، ومن مظاهره اليوم القدرة على "قراءة" والوعي بخصوصية لغة الصورة وثقافتها، وهو ما فتحت - والله المستعان - موضوعا فيه على مستوى مجلس "السينما والتلفزيون والمسرح" بحثا عن الاستفادة والله الموفق.

1 - أكتوبر - 2008
التنمر المدرسي: كيف نتعامل معه
على استعداد تام للانخراط في العمل الجماعي.    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :

شكري واحتراماتي الصادقة للأخ زهير على تحيته وترحيبه، وسأكون سعيدا بالحديث عن العمل المضني والكبير الذي ساهمت في ترجمته من الفرنسية إلى العربية وهو موسوعة القرن العشرين القيمة التي تتحدث عن أبعاد وحدود المعرفة العلمية والأنظمة الإنسانية لذلك القرن العظيم والغني من تاريخ الإنسانية.
أما الأخت خولة فأقول لها: لا تعطيني أكثر من قيمتي فأنا مجرد عربي معتز بأصله يحاول المساهمة ببعض من الجهد في التفكير الجماعي في أحوالنا، المؤسف هو قلة الممرات المؤدية إلى تحقيق المشاريع والأفكار، وشبه انعدام أطر الاستقبال والتشجيع والتمويل ببلداننا على وجه العموم، وفي هذا أنا ممتن للساهرين على هذا الموقع وأمثاله، بقدر ما أننا آسف للأجيال الحالية وإن كنت أثق في قذراتهم على التكيف مع سياقاتهم، لحسن الحظ أن هنالك بعض تكتلات المثقفين والفنانين التي توفر على الأقل بعضا من الأوكسجين المنقذ من الاختناق باليأس والركون في النهاية إلى التشاءم والانزواء، كلٌّ في ما يعوض به. في هذا الاطار سأكون متشرفا بالانخراط معك - سيدتي - في أي عمل جماعي تقترحينه، أو في تقديم كل ما أستطيع من مساندة أو مساعدة أواقتراحات عند الاشارة منك وبكل أخوة وتقدير.
 تحياتي مجددا ومتمنياتي للأخ زهير والأخت خولة، ولكل الأخوات والإخوة في مجالس الوراق، والسلام عليكم.

4 - أكتوبر - 2008
التنمر المدرسي: كيف نتعامل معه
نحن بين عصر النهضة وعصر الأنوار.    كن أول من يقيّم

الأستاذة ضياء،  تحية طيبة وتقدير على مجهودك المعرفي الكبير وحرصك على الانخراط في حركة تنويرية رائعة أرجو لها النفس الطويل والباع التواصلي الملائم حتى تعم الفائدة ما أمكن.
اقتراحي هو مرافقة هذا المجهود المعرفي القيم بتحليل مقارن لهذا العصر، مضاف إليه عصر الأنوار، على الخصوص، بمسار تاريخنا الحديث والمعاصر. صحيح أن مفكرين كثيرين عرب ومسلمين تناولوا بالتحليل والدرس عصر النهصة وعصر الأنوار، منذ صدمتنا خلال القرن التاسع عشر،(عبده الأفغاني الطهطاوي...) متسائلين عن نهضتنا المجُهضة -إن كانت قد رأت النور - وعن عصر انوارنا الذي طال انتظاره كما يطول انتظار "غودو" في المسرح.
إن مبرر اقتراحي هذا من الناحية البيداغوجية هو - بغض النظر عن التحاور فيما بيننا - أخْذُ دلالِ وكسلِ المتعودين على الطابع اللعبي ludique للأنترنت - ولوسائل التواصل الإلكترونية المعاصرة عموما - وتلقيح هذا العرض القيم للأستاذة بنقاش يربط القاريء والمتدخل، لم لا، بالواقع الذي نعيشه يوميا، وهو الواقع الذي لم يرقى من جوانب متعددة في تطوره الاجتماعي، إلى وجود البورجوازي العربي العقلاني، الباحث والمنافس والمستعمل للعلم وللمعرفة ولقيمة القانون والحرية...وكل قيم ذلك العصر، في عمله وتعامله مع العامل والمواطن بل وحتى ابناءه وزوجته، فما بالك  في توظيف سلطته وتحالفاته مع  المقررين المباشرين في شؤون التدبير السياسي والاقتصادي للدولة وللمجتمع، فلماذا نحن على مانحن عليه؟ سؤال تبسيطي بدون شك؟
أستاذتي المحترمة، هذا هو اقتراحي، وأنا أعتقد أن استيعاب دروس التاريخ والجغرافيا - الجغرافيا بالمعنى الجيوسياسي - يمر عبر الانطلاق من الذات والرجوع إليها مرتبطة بالآخر وبالعالم، وأرجو المعذرة على التطويل ربما، والله المستعان.

5 - أكتوبر - 2008
عصر النهضة الأوروبية : النظرة الجديدة إلى العالم
العمل البيداغوجي حلقة اساسية في مسلسل منتهاه وتتويجه الابداع    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :

الاستاذة المحترمة والفاضلة ضياء،
أضاء الله طريقك وبارك فيك وكثر من أمثالك عطاء وتفاؤلا وإيمانا بالفكر ووظيفته الشريفة والنبيلة.
أما من جهة أخرى، فأنا لا أوافقك على ذلك النزر اليسير من التشاؤم التي اكتنف ردك القيم والعميق، فأنا أعتقد بأن الفكر على وجه العموم والإبداع الإنساني بمعناه الطليعي المنير لمسارات التطور البشري، الذي يُحوِّل ويغير أُسس العقليات والأنظمة السوسيواقتصادية العامة للمجتمعات، نادر ومتحول الأشكال والحدة حسب العصور وحسب مسارات المجتمعات ومؤهلات تاريخها ... إلخ. تعرفين، سيدتي، بأن قدرة الشعوب على الإبداع غير قابلة للمُفاضلة، (فالعنصرية ونظرياتها ذرائع تبرر الغزو والاستعمار واختراق القوانين والمواثبق بالأساس) لكن هذه القدرة على الإبداع تختلف في توقيت تدفقها وفي مجالات تصريفها وفي كثافتها وتواصلها، حسب نضج وتفتح ومسؤولية وكفاءة وخبرة وديموقراطية....القائمين على تدبير وتسيير الشأن العام لهذه الشعوب، كما أعتقد،
كما تعرفين الأستاذة ضياء، بأن الموقع من السلطة والنفوذ والتحكم في وسائل الإعلام العالمية اليوم يلعب دورا أساسيا في تبريز أو طمس وفي تبخيس وتهميش وتهجير وترحيل...الإبداع وعقوله من الشعوب المغلوبة على أمرها.
أقول كل ماقلته وأنا أستحضر الإبداعات الفنية والفكرية والعلمية - بالمعنى الأدبي أكثر ربما وهذه حطاية أخرى لها تفسيرها الموضوعي ربما - التي أنتجها العرب منذ "الصدمة الحضارية" التي عاشوها في القرن التاسع عشر. أما اليوم فهجرة الأدمغة المبدعة التي تعد بالآلاف، ومحاصرة ما تبقى منها على الأراضي العربية بقلة: الوسائل والتشريعات الملائمة والتحفيز ومؤسسات الاستقبال والتكوين المتجدد والمستمر ودعم مصادر البحث العلمي وتسخيرها على مستويات واسعة ومنظمة وفاعلة...ذلك ما يفسر وضعنا الحالي العقيم إبداعيا. ومع ذلك فلا يمكن للإبداع أن يزدهر إلا في ظل حاجة له، وذلك ما يعبر عنه البعض  بالمعاناة والتأزم بل وحتى الجنون كعامل في الإبداع، لكن التعليم والتربية وتعميمهما ما أمكن يمضامين رصينة ومهارات متحررة من التقليد والاستظهار والتقديس والتكرار، حلقة أساسية منتهاها الإبداع.
أعتذر الأستاذة ضياء على الإطالة من جهة وعلى بعض الإطناب والانتقال بين مستويات الحديث، وأرجو تقبل شكري على متعة النقاش التي تتاح لي على هذا المنبر المحترم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى.

9 - أكتوبر - 2008
عصر النهضة الأوروبية : النظرة الجديدة إلى العالم
في تأسيس لخصوصية اللغة السمعية البصرية    كن أول من يقيّم

في خصوصية التعبير السمعي البصري:       
إن الاختلاف بين اللغتين الأبجدية من جهة، والسمعية البصرية من جهة ثانية أمر سيقت فيه شواهد علمية وأدبية متعددة. فقد أكدت اختبارات نفسية وفيزيولوجية أجريت على مشاهدين للتلفزة وللسينما من جهة، كما أجريت لقراء الأبجدي المكتوب من جهة ثانية، وذلك بواسطة ربطهم بجهاز قياس الإشارات الدالة على نشاط الدماغ عند تلقي اللغتين الأبجدية والسمعية البصرية، دلت على اختلاف درجة تشغيل فصي الدماغ عند استعمال أو تلقي اللغتين. فقد تبين أن الفص الأيمن المسؤول عن الانفعال والعواطف والفهم الكلي للأشياء، يشتغل أكثر مع السمعي البصري من تلفزة وسينما ... في حين أن الفص الأيسر المشرف على وظائف التحليل والتجريد وإدراك التفاصيل والربط المنطقي الاستدلالي يشتغل أكثر كما يحدث منذ قرون، مع اللغة الأبجدية.  [ بيير بابان، مذكور سابقا، ص، 25... ] ولا يجب أن يُفهم من هذا الفصل بين اللغتين المقارنتين هنا، وجود انفصال بينهما على غرار الفصل بين المتحضر والمتوحش لدى الأنثروبولوجيين الكولونياليي النزعة، بل ينبغي القول بأن الأمر يتعلق بطريقتين في الفهم، تختلف أولوياتهما الترتيبية مع حدة تميز أكبر كلما تعلق الأمر بفن مسبوك بإبداعية عالية. ومن المؤكد أن هذا الاختلاف في ترتيب الأولويات بين اللغتين له انعكاسات على ما يثيره ويطوره كل منهما أكثر لدى المتلقي من قدرات ذهنية أو أنماط سلوكية من خلال التجارب الانفعالية.     
يستلزم إنتاج واستهلاك السمعي البصري من جهة أخرى، امتلاك القدرة على الانغماس في مناخ "سحري" ينبغي على صانعي هذا المنتوج حيازة الحساسية الكافية لإنتاجه. ويتم إنتاج هذا "السحر" الأخًّاذ في السمعي البصري عند النجاح في خلق "خيمياء" تنسجم فيها كل مكونات الصورة والصوت، مسبوكة في مناخ يكاد يجعلك تلمس الأجساد وتشم الروائح وأنت ترى الصور على الشاشة، عندها تشكل الخطوط والألوان، والظلال والملامح، والحركات المرئية والإيقاعات الصوتية، والحوارات الدالة والأضواء المعبرة أو المانحة للخصوصية التواصلية للأشكال...ويشكل كل ذلك لمقدمة الصورة أو موضوعها هالة روحية هي عبارة عن إطار مُرصَّص، قادر على تحريك الدواخل وجعل المتفرج، حتى اليقظ منه، يسترجع الانفعالات الإنسانية العميقة والكونية في صورها الأكثر استنفارا لكيان الإنسان المعاصر. في هذا السياق أيضا تصبح الجمالية الدالة جمالية المسموع والمرئي في نفس الآن. وخلافا لما يمكن أن يفهم اختزاليا، فإن هذه الجمالية هي نتيجة لانصهار كلا العنصرين أي، الصوت والصورة في بنية لا تمايز بينهما وليست مجرد حصيلة لتجميعهما تعسفا. أفكر في الهالة الروحية التي تغزو المتفرج وهو أمام الحصيلة التأثيرية الساحرة بعمقها الفكري والوجداني لفيلم: "Eyes wide shut" لستانلي كوبريك، على سبيل المثال لا الحصر. والمثال من السينما الأمريكية لأننا نعتقد بأن اكتساحها لشاشات العالم ليس نتيجة فقط لقوة الدولارات التي تدعمها وتصنعها، بل هو نتيجة أيضا لذكائها ولإبداعية عباقرتها الكبار، خاصة عندما يصبحون رموزا لهوليوود نفسها، تتعيش على أسطورتهم بعدما ساهمت في خلقها.
إن المنتوج السمعي البصري السينمائي خاصة والتلفزيوني بدرجة ثانية ومغايرة كما سنبين ذلك في مكان آخر من هذا البحث، يفرض من خلال الانغماس فيه أولا تلقيه جسديا وحواسيا والعيش فيه وضمنه وتحت تأثيره. لذلك يقال عن عمل فكري ما ملائم بأنه مقنع بدقته ووضوحه وتماسك استدلالاته وانسجام عناصرها، بينما يقال عن عمل سمعي بصري سينمائيا كان أو تلفزيونيا، بل حتى مسرحيا ولم لا، بأنه مؤثر يمسك بتلابيب الوجدان ويسافر بالمتفرج بعيدا في عالم خاص بمناخاته وشخصياته الواقعية والذاتية في نفس الوقت. إنه منطق الجذب والانجذاب في الأدرمة la ‘dramatisation’، منطق المفاجئة والإثارة، مقابل الإقناع العقلي والإفحام المنطقي المرتب تجريدا وبرهنة.        يتبع.

9 - أكتوبر - 2008
وسائل الإعلام الالكترونية: لغتها وتميزها عن اللغة الأبجدية. ثقافتها وتميزها عن الثقافة التجريدية.
لنلاحظ القطيعة بين الأفكار الحرة وأساليب التدبير والتسيير ببلداننا    كن أول من يقيّم

الأستاذة المحترمة، النقاش معك ممتع ومفيد: أشكرك على ذلك
في غمرة محاولتي تقديم ترشيح للمشاركة في مهرجان دبي العالمي للسينما، قرأت باستمتاع تعيبك الأخير، لا أخفيك أننا بالفعل على اتفاق يكاد يكون كاملا حول العديد من الأبعاد المتعلقة بالاشكال المطروح، فقط أشير إلى أن هناك نوع من الاستقلالية التي يتمتع بها حقلا الفكر والفنون عن التطور العام لأي مجتمع، من هذا الجانب أشير بعجالة إلى أن الحالة غير المرضية والجامدة التي تعرفها أساليب التدبير والتسيير في المجتمعات العربية عموما قد لا تنطبق تماما على الإبداع والفكر في عالمنا هذا، في هذا السياق لابد من الانتباه إلى القطيعة شبه الكاملة بين الفكر والابداع الرصين والحر ببلداننا من جهة وبين الأفكار الحاكمة فيها...
مع خالص ودي سيدتي.

13 - أكتوبر - 2008
عصر النهضة الأوروبية : النظرة الجديدة إلى العالم
لقد كان الفن وكانت الفلسفة دائما سباقين لإنارة الطريق    كن أول من يقيّم

مساؤك سعيد أستاذتي الكريمة، الواقع أن تجربتي تظل بسيطة على كل حال لأنها لاتتعدى بضعة أعمال قصيرة سينمائية، وكذا بضعة من الدراسات المتخصصة في المجال السمعي البصري عموما، سيسرني كثيرا عرضها للنقاش بكل تلقائية عليك ومن خلال ذلك على هذا المنبر، وعلى كل فقد نشرت أخيرا كتابا متواضعا حول الفنون السمعية البصرية منها: فن السينما وفن التلفزيون والصورة الفوتوغرافية...لا أعتقد أن التوزيع سيكون أوصله إلى أطراف البلاد العربية وهذه مشكلة أخرى من مشاكل تطوير فكرنا العربي.
الكتاب عبارة عن دراسة لوسائل التعبير هذه - التي أعتبرها أكثر وأخطر من مجرد وسائل للتعبير البريء عن الرأي، رأي الأشخاص أو الجماعات أو الدول - بالمغرب على امتداد أكثر من 20 سنة، وهي كذلك دراسة مقارنة - ومعيارية من جهة أخرى -  ببعض أهم وأشهر التجارب التلفزية والسينمائية والفوتوغرافية الفنية العربية والعالمية. في هذا السياق أشير على سبيل المثال لا الحصر، بالنسبة للاستقلالية النسبية التي للحقول الابداعية على البنى الاقتصادية والاجتماعية بل والنفسية للمجتمعات، اشير إلى فترة الازدهار الكبير كمَّا على الخصوص، الذي تمتعت به السينما المصرية خلال العشاريات: 30  40  50  60  70  ، دون أن يرتبط ذلك بتقدم تنموي حقيي لكل من الدولة والمجتمع، ولمزيد من الأستفادة والإفادة يشرفني سيدتي الكريمة، أن أعرض عليك جزءا من هذه الدراسة، تعريفا ببعض من رأيي المتواضع في قضية ظلت تسيطر على اهتماماتي الفكرية والنقدية لأمد تجاوز الربع قرن، سيهمني معرفة رأيك وسأكون سعيدا بملاحظاتك، يتعلق الأمر بفصل من الجزء الأول من الكتاب في شِقِّه النظري، أحاول فيه تحديد مفاهيم أساسية كالفن والإبداع والاختلاف بين اللغة والثقافة الابجدية من جهة، والسمعية البصرية من جهة ثانية وإمكانية الانتقال بينهما،وقد انجزت هذه الدراسة للاجابة على سؤال "مقروئية الصورة من جهة، ومشاكل الانتقال من السيناريو إلى التصوير في إطار انشغال: لماذا تكون بعض السيناريوهات قوية وجيدة لتعطي فيلما رديئا بعد تصويرها؟" أما عن علاقة الكل بالفلسفة، مؤسسة الجمال والحكم الجمالي، فللحديث بقية وستكون تلك فرصة للعودة إلى عملك الرائع المتعلق بعصري النهضة والأنوار...:
تفاجئت بمحدودية الكم المكتوب المسموح بتمريره عبر صفحات المجلس لذلك أدعوك سيدتي للإطلاع عليه بمجلس السينما والتلفزة الذي وضعت به موضوعا حول وسائل الاعلام اللكترونية الجديدة...



 








16 - أكتوبر - 2008
عصر النهضة الأوروبية : النظرة الجديدة إلى العالم
إليك الأستاذة ضياء    كن أول من يقيّم

الصورة والترجمة والتأويل: ضد المعرفة العامية.

 
 
 
توطئة.
           تبئير تركيبي معجمي:
 
ما الترجمة؟
              سؤال تتضاعف أهميته وتتعدد مستويات طرحه عندما ننتقل من ميدان اللغة الأبجدية على اختلاف ألسنها، إلى الترجمة من وإلى اللغتين: الأبجدية العقلانية، لغة غتبرغ Goteberg من جهة، واللغة السمعية البصرية سينمائية كانت أو تلفزيونية، في ارتباطهما باللغتين البصرية مفردة والسمعية منفردة من جهة ثانية. وإذا كان هذا الموضوع من المواضيع العلمية المعاصرة التي استقطبت اهتمامات الباحثين، وخاصة في علم النفس وعلم الاجتماع والسيميائيات وعلوم التربية عامة، فإن ذلك راجع بالأساس إلى تعاظم التأثير الذي لهذه اللغة الجديدة على السير العام للأنظمة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات المعاصرة بصفة عامة. وعلى التواصل بين الأفراد والجماعات والمجتمعات في المجتمعات المعاصرة خاصة.
الترجمة "تفسير الكلام بلسان آخر" [ "المنجد في اللغة"، دار المشرق، الطبعة الثالثة والثلاثون، بيروت لبنان 1986، ص، 60. ]. و هي كذلك: " نقل الكلام من لسان إلى آخر مع استهداف المعادلة بين المقول الأصلي والمقول المحصل عليه." [Dictionnaire HACHETTE 1994. Edition HACHETTE. Paris.  ]. أما القاموس / القرص المضغوط الفرنسي [H.F.H. Hachette multimédia H. livre 1998] فيعرف الترجمة باعتبارها: "التعبير بشكل غير مباشر عن فكرة أو مشاعر بواسطة الفن بصفة خاصة".
وقبل الانتقال لفحص مفهوم التأويل، نتوقف عند دلالة الترجمة في السبرنطيقا حيث تعني: "نقل ضخامة وفخامة وصفاء إشارة فيزيائية ـ صوتية أو بصرية أو سمعية بصرية ـ إلى مستوى ضخامة وتفخيم وصفاء فيزيائي أهم عند خروجها من جهاز قراءة القرص أو الشريط. هكذا يكون المترجم le traducteur ، هو العنصر المترجم للإشارات المستَقبلة إلى تفخيم وصفاء ملائم أكثر للجودة المطلوبة عند خروجها من الجهاز البث والعرض. [ D.F.H. 1994. P, 1892] 
هكذا وبناء على ما سبق نخلص إلى التعريف الإجرائي التالي للترجمة: الترجمة في نظرنا نقل للمعاني من لغة إلى لغة أخرى، ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى. يتعلق الأمر "بقراءة" نص مكتوب في سياق ثقافي واجتماعي وتاريخي محدد، قصد "إعادة كتابته" في سياق ثقافي واجتماعي وتاريخي آخر مغاير ومختلف. اللغتان هنا وسياقهما منقولان عبر ذاتين مختلفتين هما: ذات الكاتب الأصلي للنص، وذات المترجم لهذا النص. وتتوقف ملائمة الترجمة هنا على التأهيل اللغوي و المعرفي للمترجم، كما أن هذه الترجمة تتأثر بالمهارة وبالحذق والتخصص المعرفي للمترجم. هكذا تكون هذه الترجمة: إما تشويها للنص الأصلي ولأفكاره ومعانيه إذا نقصت شروط التأهيل السابق ذكرها، أو أنها تكون إبداعا إذا توفر الحد الأدنى من تلك الشروط. و تشكل هذه الشروط في نهاية المطاف حساسية ذاتية وتجربة مستوعبة ومتذوقة للنص المترجَم، وقدرة على قراءته والتعبير عن معانيه بيسر وبتدفق.
تنطبق هذه الحالة في رأينا على الترجمة من وإلى لغات من نفس الصنف. ونحن نقصد في هذا السياق اللغات الأبجدية مهما اختلفت مرجعياتها الثقافية والحضارية وبنياتها التركيبية وجذورها التاريخية. فهل ينطبق نفس الأمر على الترجمة بين لغتين مختلفتي الطبيعة؟
ما التأويل؟ التأويل هو تفسير الغامض "تفسير الأحلام" مثلا. ومن الناحية القانونية هو: "تفسير حكم القاضي غير القابل للاستئناف". وهو أيضا من منظور التحليل النفسي: "تفسير وإضاءة المحلل النفسي للدلالات الكامنة وراء كلمات وسلوكيات الشخصية موضوع التحليل". [ ibid.]. وقد عرفه الجرجاني بأنه في الشرع "صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله إذا كان المحتمل الذي يراه موافقا للكتاب والسنة مثل قوله تعالى يخرج الحي من الميت، وإن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرا، وإن أراد به إخراج المؤمن من الكافر أو العالم من الجاهل كان تأويلا."   ( التعريفات ) أما "التأويل عند ليبنتز فمرادف للاستقراء، وهو البحث عن علل الأشياء للارتقاء منها إلى العلة الأولى، وهي الله. و ما يسميه الفيلسوف استقراء يسميه اللاهوتي تأويلا، والغرض من الطريقتين معرفة بواطن الأشياء"[ أورده الدكتور جميل صليبا في "المعجم الفلسفي" بالألفاظ العربية والفرنسية والإنجليزية واللاتينية، الجزء الأول، دار الكتاب اللبناني، بدون تاريخ، ص، 234. ] وقال ابن رشد الفيلسوف الذي مارس التأويل باعتباره فن وعلم لتجاوز إعادة إنتاج آراء ومواقف الفقهاء وعقليتهم المحافظة بأن التأويل هو: "إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل في ذلك بعادة لسان العرب في التجوز من تسمية الشيء بشبيهه أو بسببه، أو لاحقه، أو مقارنه، أو غير ذلك من الأشياء التي عودت في تعريف أصناف الكلام المجازي." [ أبو الوليد بن رشد "فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، القاهرة 1910، ص، 8. ]. أما عن الفرق بين التأويل والتفسير وهو النقطة الأساسية في ما سنركز عليه من ضرورة العلاقة بين التأويل من جهة والترجمة من وإلى السمعي البصري من جهة ثانية، فيقول عنه الدكتور جميل صليبا: "والفرق بين التأويل والتفسير أن أكثر استعمال التفسير في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني للتوفيق بين ظاهر النص وباطنه، أو لصرف النظر عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله..." [ مرجع سبق ذكره، ص، 314 ].   
نخلص إذن إلى الآتي: التأويل مرحلة تالية للتفسير الذي ينبغي له أن يظل واقفا عند حدود القواعد الصارمة للمعاني اللغوية اصطلاحا في أقصى الحالات. يتعلق الأمر بسلطة اللغة التي تتجلى في قواعدها وقوانين تنظيم تركيب فونيماتها وعلاماتها ورموزها ودلالاتها كما تتحكم فيها البنية الاجتماعية والتاريخية للمجتمع، بمحرماته وبمكبوتاته ومقدساته في ارتباط أساسي بنظامه الثقافي والسياسي العام. في هذا السياق يكون لازما الوقوف عند الحدود التي تمنع الإخلال بالمعاني اللغوية المباشرة للكلمات، أو معانيها المجازية المسموح بتداولها لعدم تعارضها والخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها في كل ثقافة. يكون التأويل والحالة هذه تحررا من قواعد وشروط التفسير والتزاما بها في نفس الوقت ولكن، على أساس أنه يتيح حرية أوسع للذات الفردية. تُمارس هذه الحرية تحت شروط عدم الإخلال بقواعد اللغة في استعمالاتها المجازية والكنائية والاستعارية حسب الفيلسوف المغربي الأندلسي أبو الوليد ابن رشد. فخلافا للتفسير إذن يفْتِرضُ التأويل من مُمارِسِهِ امتلاك ذاتية فكرية وفنية:
الذاتية الفكرية: وتدل على امتلاك الرأي المستقل والمتميز المالك لقوة الإقناع بإسناداته وتبريراته.
الذاتية الفنية: وتمثل القدرة على صياغة هذا الرأي المتميز بانسجام وتناغم يمنحانه التماسك والجمالية في بنيته المعمارية.
لكن عندما نكون أمام لغتين مختلفتين نظاما وتركيبا، أدوات وتقنيات وأساليب تعبير مثل اللغة الأبجدية مقابل اللغة السمعية البصرية، فهل يمكن الحديث عن ترجمة من وإلى بعضهما؟ انطلاقا من التحديدات المعجمية والفلسفية السابقة هل يمكن الحديث عن تفسير وتأويل للدلالات قصد ترجمتها وما حدود الملائمة في حالة الإمكان؟

16 - أكتوبر - 2008
وسائل الإعلام الالكترونية: لغتها وتميزها عن اللغة الأبجدية. ثقافتها وتميزها عن الثقافة التجريدية.
 1  2  3