مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : يوميات دير العاقول    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 معتصم 
20 - مايو - 2007
يوميات دير العاقول هو عنوان لكتاب جديد يعيد الشاعر محمد السويدي عبره تركيب عصر الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي, من خلال نص خاص يستند في مرجعيته إلى كل ما توافرت عليه المكتبة العربية , و جهود بحثية للمؤلف على مدى العشرين عاماً الماضية , و سيكون العمل موسوعة كاملة عن القرن الرابع للهجرة , معتمدةً على سيرة المتنبي كإنسان أكثر من كونه شاعراً , و سيكون الراوي لأحداث زمانه .
و المؤلف يضع هذا العمل في أيدي رواد مجالس الوراق مؤكداً على أهمية آرائهم في إغناء هذا العمل و تطويره .

 1  2  3 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
محمد جبريل وروايته (من أوراق أبي الطيب المتنبي)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
في زيارتي الأخيرة لأستاذنا محمد السويدي مساء أمس فاجأني بهذه الطرفة النادرة: كتاب صدر عام 1988 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعنوان (من أوراق أبي الطيب: تقديم وتحقيق محمد جبريل) (154 صفحة من القطع الصغير) والكتاب يقدم قصة يوميات دير العاقول في حلة ثانية، باستثناء المقدمة التي تكاد تكون ذات الكلمات التي قدم بها أستاذنا السويدي ليوميات دير العاقول. وكان ذلك مفاجأة أشبه بالصاعقة، وكنت أقرأ في عيون السويدي وهو يحدثنا عن هذه المفاجاة لهفته لرؤية هذا الروائي القرين، والذي دخل حياته من أوسع الأبواب.
سوف أنقل إليكم هنا نبذة عن كتاب جبريل، لأن الوصول إليه ليس بالسهل بعد مضي عشرين عاما على نشره. وأقف أولا على مقدمة الكتاب لمقارنتها بمقدمة (يوميات دير العاقول) فتحتَ عنوان (حكاية هذه الأوراق) كتب جبريل يقول: (تباينت الروايات: في أي الأماكن ترك أبو الطيب المتنبي هذه الأوراق، ومن الذي عثر عليها للمرة الأولى . قال البعض: إن هذه الأوراق عثر عليها ضمن متعلقات أبي الطيب،  في الموضع نفسه الذي شهد معركته الأخيرة ومصرعه.
ورواية ثانية: أنها كانت ضمن ما حمله أحد اللصوص من متاع المتنبي، أودعها بيته القريب من بغداد، ولحقته الوفاة دون أن يدرك قيمتها.. فطن الأحفاد لخطورة ما تحتويه فأذاعوه.
ورواية ثالثة: أن أحد المارة وجد حقيبة صغيرة في الموضع نفسه الذي صرع فيه المتنبي، فحملها إلى بغداد، وفحصتها الأعين الخبيرة فأعطت المقابل الذي به استحوذت عليه، وظلت في موضعها حتى قيض الله لها كاتب هذه السطور فأخرجها إلى النور.
أما السؤال الذي طرح نفسه قبل أن أعد هذه الأوراق للنشر، وبعد إعدادها كذلك فهو: هل كتب أبو الطيب ما كتب في صورة مؤلف يروي أحداث رحلته في مصر، أم أن أوراقه مجرد ملاحظات أقرب إلى المذكرات اليومية التي يكتبها بعض المشتغلين بالحياة السياسية والفكرية في حياتنا المعاصرة ?
أيا كان الجواب فإن هذه الأوراق التي كتبها أبو الطيب إبان إقامته في مصر وبعدها إلى مصرعه كان ينبغي أن تحقق وتنشر، بحيث يتاح للأجيال الحالية أن تتعرف إلى جوانب لم يسبق كشفها من حياة المتنبي.
وقد حرصت في تحقيق الأوراق، " وأعتذر لضياع بعضها، وطمس كلمات، أو حروف بعضها الآخر" أن أسوّد ما كتبه أبو الطيب في زمانه، لا أغير كلمة ولا حرفا، ولا أحذف أو أضيف، إنما أشرح ما يتطلب الشرح، وأسلط الضوء على الأعلام والأماكن والأحداث بما يعين على فهم الأوراق واكتناه بواعثها ودلالاتها.
وأملي أن تجد هذه الأوراق اهتماما يساوي قيمتها التاريخية والأدبية، وما بذل فيها من جهد كي ترى النور) محمد جبريل: مصر الجديدة 1986م.
افتتح محمد جبريل أوراق المتنبي بالأوراق (من 6 إلى 8) مشعرا أن الأوراق (من 1 إلى 5) من القسم الضائع من المخطوطة، وعلق على هذه  بقوله: (لاحظنا أن المتنبي لم يشر إلى تاريخ كل حادثة بتوقيتها، ربما لأن كتابة المذكرات والسير الذاتية بصورتها الحالية لم تكن معروفة آنذاك. وقد فضلنا بديلا لذلك أن نشير إلى الأوراق بأرقامها المتسلسلة. وبداية الأوراق من الصفحة السادسة بما يعني أن المتنبي كتب تمهيدا أو مقدمة استغنى عنها فيما بعد، أو أنها فقدت مع أوراق أخرى سيأتي ذكرها في حينه)
وتبدأ الصفحة السادسة بقول المتنبي: (مصر .. وصلت إليها في مطلع الصباح، الشوارع تتثاءب، وغلالة رمادية تلف الناس والأشياء، والمشربيات لا تبين عما وراءها. قطعت وأتباعي الطريق دفعة واحدة من الرملة إلى بلبيس فالفسطاط. دخلت من باب هائل الارتفاع (علمت فيما بعد أن اسمه باب الصفا، منه تخرج العساكر وتعبر القوافل) لم يكن أحد في استقبالي، وإن كنت أعرف مقصدي. سألت عن قصر الأستاذ أبي المسك كافور، فأبدى الناس عجبهم، وإن أشاروا بعبور شوارع وأخطاط وأبواب كي أصل إلى القصر المنشود.
حرصت على ركوب الحصان. حرصت على الأمر نفسه لأتباعي: ولدي محسد، وتابعي مسعود، وقلة من الخدم والعبيد، حتى لا نبدو في الأعين كالآلاف من السابلة العامة ذوي المهن الحقيرة.
أمرت فأحسن الخدم اختيار جوادي وطهمته وكسوته، فبدا مليحا يسر الناظرين. مشاعر الاعتزاز تمور في داخلي للنظرات المتطلعة المشوبة بالإعجاب. تتقلص يداي على المقود، وأطمئن إلى الأتباع والأمتعة في جياد أخرى خلفي. لا يعرفون أبا الطيب وإن حسدوا عظمة هذا الوافد، تبين نظراته المتطلعة عن غربته.
كأنما العرب خلقوا للأحقاد: سيف الدولة يهبني لكافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه. خلفت في الشام أبا فراس وأبا الحسين الناشئ وأبا القاسم الزاهي وأبا العباس النامي وغيرهم عشرات بذلوا المداهنة والملق، والقصائد التي تخفض ولا ترفع. أحكموا المكائد والمؤامرات، فبات سيف الدولة غضبا خالصا. قررت أن أترك لهم الجمل بما حمل، فأهجر الشام إلى بلاد أخرى غيرها من بلاد العرب.
ناقشت أصحابي أي بلاد نتجه إليها ? اختاروا العراق واخترت مصر .... إلخ
)
تمتاز رواية جبريل عن يوميات السويدي بالفارق الأساسي الذي يميز الرواية عن اليوميات، بما يلزم الأولى من إبداع للمحافظة على سلاسة الحبكة الروائية، وما تتسم به الثانية من الندرة والطرافة، وبينما تنحصر وقائع أوراق جبريل في الفترة التي قضاها المتنبي في مصر، تمتد يوميات السويدي لتغطي الرقعة الجغرافية لحياة أبي الطيب منذ ولادته وحتى بعيد وفاته.
وقد قدم الناشر لرواية جبريل بقوله: (هذه هي الرواية الثالثة للقاص والروائي المبدع محمد جبريل، وكانت روايته الأولى "الأسوار" وروايته الثانية "إمام آخر الزمان" أما روايته "من أوراق أبي الطيب المتنبي" فهي أحدث أعمال الكاتب، حيث استخدم شكلا فنيا جديدا، استلهم فيه زيارة أبي الطيب لمصر في عهد كافور الإخشيدي لكي يعكس ما كانت عليه صورة الحياة المصرية في ذلك العهد، والرواية تسعى لتصوير هذه المرحلة، وتقدم انعكاساتها على الواقع المعاصر من خلال رؤية مكثفة للحياة والإنسان)
وكغيره من الروائيين لم يتورع جبريل أن يكسر قيد التاريخ ويتحرر من أغلاله لتمرير فكرة راقت له. ومثال ذلك ما ورد ( ص21 ): (ابتدرني شاب عقب صلاة الظهر قائلا: نحن نزكي في الشعراء ثلاثة هم أبو تمام والبحتري والشريف الرضي .. ) وجبريل لا يحتاج إلى من يذكره أن الشريف الرضي ولد بعد وفاة المتنبي بخمس سنوات.
ويمضي جبريل في رسم مصر أيام المتنبي بريشة روائي ساخر، يتصيد الفرص لإضفاء روح العمل التاريخي على روايته، وقد يكون في عمله تعريض بالمؤرخين المتزمتين الذين يفترض أنهم سيتناولون روايته بالنقد المرير. ولكن هذا الرأي مجرد تخمين (فالمعنى في قلب الروائي) كما هو في قلب الشاعر. وهي كلمة تنسحب بأحكامها على معظم فصول الرواية، من أمثل ما ورد (ص 44) (... أخلى الأستاذ مجلسه هذا المساء إلا من كبار معاونيه، شنت الجماعات الوافدة (37) هجمة مفاجئة على إحدى قرى الحدود، باغتوا الحامية المصرية فقتلوا أفرادها ونهبوا البيوت والدور، وسبوا النساء والأطفال) يعلق جبريل على الهامش (37) بقوله: (تخلو كل المصادر من ذكر الجماعات الوافدة وما سببت من مضايقات دفعت كافور إلى حربها والحد من شرورها ثم الدخول معها في معاهدة صلح، ولعل تلك الأحداث من صنع خيال أبي الطيب، أو لعلها كانت أحداثا هامشية مع بعض قبائل الرحل، جسمها المتنبي لتألمه من الإخشيدي على هذا النحو)  ويستمر جبريل في التهميش على الأوراق المزعومة مستخدما كل اصطلاحات التحقيق، كالهامش (27): (هكذا بياض في الأصل) والهامش (38) (هكذا في الأصل) ويعلق بالهامش (40) بقوله: (هل كتب المتنبي هذه الأوراق بحيث تجد سبيلها إلى النشر يوما. أم أنه كتب ما كتب لمجرد التنفيس عما يشغله ويضيق به ? هذه الفقرة ترجح الرأي الثاني)
 
*زهير
15 - أغسطس - 2007
المتنبى 000ملأ الدنيا وشغل الناس0    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 
                    المتنبى بين طه حسين ومحمود شاكر
 
 
شكرأ للأستاذ الكريم /خالد العطاف ،على كلمته الرقيقة العذبة وكل عام وجميعنا بخير
 
لكن المتنبى بين طه حسين ومحمود شاكر ،كان صراعاً متأججاً لم يهدأ أواره حتى اللحظة0ورغم حدة التناول وقسوة النقد من محمود شاكر للدكتور طه حسين ،فقد كانت الثمار لهذه المعركة على أرقى مستوى ،هذه الدراسة الفذة عن المتنبى ،وقامت دار الهلال المصرية فى سنوات سابقة بنشر مقدمته تحت عنوان الطريق إلى ثقافتنا،فى سلسلة كتاب الهلال الشهرى، إن لم تخنى الذاكرة الخؤون   0
 
ما المانع _أستاذنا العطاف_ من تقديم أجزاء من هذا الكتاب العمدة على صفحات جامعةالوراق??
 
بل أسوق رجاءاً حاراً أن تضمه جامعة  الوراق إلى مراجعها القيمة والنادرة0
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
14 - سبتمبر - 2007
المتنبي وعصره بين البحث والرواية    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
تفضل بعض الأصدقاء مشكورين بلفت انتباهي إلى تشابه حادث في الفكرة التي اختارها الروائي الأستاذ محمد جبريل مدخلاً لروايته المعنونة (من أوراق أبي الطيب المتنبي)، والمنشورة عام 1984، وبين قصة عثور أحدهم على مخطوطة اتضح أنها للشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي، والتي اخترتها مدخلاً لعملي المعنون "يوميات دير العاقول" وهو المكان الذي لقي فيه الشاعر مصرعه.
وحقيقة الأمر أنني لم أحظ بفرصة الإطلاع على رواية الأستاذ جبريل سوى منذ أيام قلائل حيث حالفني التوفيق في الحصول على نسخة منها.
ولست هنا بصدد الدفاع أو تقديم المبررات، وإنما دافعي للكتابة هو أولاً تقديري لهؤلاء الأصدقاء الذين تكرموا بلفت انتباهي إلى الأمر، ثم حرصي على التواصل مع النخبة من القراء من أصحاب الوعي والثقافة ممن كانوا أكثر حظاً مني في الإطلاع على رواية الأستاذ جبريل في أوقات مبكرة، والذين ربما لم تتح لهم الفرصة كاملة للإطلاع على عملي (يوميات دير العاقول) لأنه-من جهة- ما زال قيد الكتابة والتطور، كما أنه من جهة أخرى لم يصدر في نسخته الورقية بعد، وإنما تم تدشين نسخته التفاعلية على موقع الوراق، ونشرت الصحافة العربية مختارات ومقتطفات منه لا أظنها بأي حال قادرة على إيضاح الصورة الكلية للعمل؛ حيث يختفي في هذه المختارات الترابط العضوي بين اليوميات بينما أراه الرهان الحقيقي في هذا العمل الطويل.
ولا أظن أنني في حاجة إلى القول بأن اهتمامي بالمتنبي شاعراً وإنساناً لم يبدأ مع تاريخ إعلاني عن "يوميات دير العاقول"، وأن علاقتي البحثية بهذا الشاعر وبعصره قد بدأت قبل ذلك بزمان فلقد أنجزت موقعا على الشبكة لديوانه كاملا مضمنا عشرات من الشروح وكذلك التسجيل الصوتي للقصائد http://www.almotanabbi.com ، وكان شغلي الشاغل منذ خطفتني ربّة الشعر قراءة منجزه الشعري بعين الباحث قبل عين الأديب، كما كان همي الوقوف على جُلّ – إن لم يكن كل - ما حوته كتب التراث والتاريخ عن حياته وعن تفاصيل العصر الذي عاش وأبدع فيه، القرن الرابع الهجري، ذلك العصر الذي رسخ في أذهاننا باعتباره العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
لقد شغلني المتنبي وعصره فكنت أحرص على التقاط كل واردة وشاردة تخص هذا العصر، وقد دفعني الهاجس والرغبة إلى تحرّي صورة عصر المتنبي خلال يوميّات أسميتها (يوميات دير العاقول) التي أسرتني فكرتُها ، وتحت وطأة هذا الشعور بدأت في التدوين، وما زلت في منتصف الطريق، إذ دونت ما يربو عن 160 يومية، أتوقع أن تصل إلى أكثر من ثلاثمائة يومية وفقاً للتسلسل الذي رسمته للأحداث.
 
لست في حاجة إلى أن يبدو كلامي السابق وكأنه دفاع أو تبرير لما حدث من تشابه بين مدخلي العملين، لأنه "ثيمة" إقامة عمل ما على فكرة العثور على مخطوطة ثم الانطلاق منها هي بالأساس فكرة ليست بمبتكرة، ولا يمكن أن ننسبها إلى شخص بعينه، وإنما هي طريقة درامية – إذا صح التعبير- تكرر استغلالها وسوف يتكرر في العديد من أنواع الإبداع الفني.
وإذا كان الداعي الأساسي لتوهم وجود تشابه بين العملين هو ارتباط الأمر بالشخصية نفسها،  أي الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي،  ففي رأيي-  لا يجوز لمثقف مهتم أن يكتفي بهذا التصور المبدئي للحكم على عملين يختلفان كل الاختلاف من حيث النوع الفني ومن حيث منهج التناول.
فبينما ينسج الأستاذ محمد جبريل في  عمله روايةً يطلق فيها العنان لمخيلته المبدعة ويختار من التاريخ ما يمكنه أن يتحول إلى إسقاطات فنية على واقع يريد أن ينتقده، فإن الفكرة الرئيسة في (يوميات دير العاقول) إنما هي تفكيك الزمان وإعادة تركيبه في محاولة لتحقيق رغبة تنتابني تجاه تاريخنا بشكل عام، حيث أرغب في إعادة النظر في هذا الكم من المسلمات والأفكار الثابتة التي تثقلنا وتحول دون امتلاكنا نظرة موضوعية إلى ذواتنا وتاريخنا.
على هذا الأساس فإن منهجي في كتابة اليوميات اقتضي مني البحث في تفاصيل صورة العصر كما عاشه المتنبي في محاولة لإعادة قراءته، معتمداً آليات موضوعية للربط بين الروايات وتتبعها، مع محاولة تفهم دوافع الاختلافات الكبيرة بين الرواة والمؤرخين الذين كان بعضهم  محكوماً بانتماءاته أو بخوفه أو بطمعه أحياناً.
وإذا كان متنبي الأستاذ جبريل هو بطل متخيل في عمل روائي لا يُقاس على مسطرة التاريخ، (دون أن يتضمن ذلك حكم قيمة على العمل)، فإن المتنبي في (يوميات دير العاقول) هو نفسه المتنبي، الشاعر الذي عاش في الفترة بين (303 هجرية) إلى(354 هجرية) من القرن الرابع ، لأن اختياره نابع من كونه رجل غير اعتيادي عاش في هذا العصر الذي أردت تقديم قراءة أخرى له، ولأنه يمتلك كل المواصفات التي تؤهله لأن يكون (حاملاً) قوياً للرسالة التي أردت إيصالها من خلال إعادة تشكيل فسيفساء أحداث وتنظيم نبض الحياة في ذاك العصر. ومن هذه الزاوية فإن أبا العلاء المعري يصلح عندي أيضاً لأن يكون (حاملاً) جيداً أعيد من خلاله إعادة قراءة القرن التالي، وفي ظني ما كان هذا اللبس ليقع لو كان اختياري قد توجه إلى أبي العلاء.
من ناحية أخرى فإن المتنبي في (يوميات دير العاقول) ليس راويةً بالمعنى التقليدي للكلمة، فقد وضعت على لسانه كل هذه الحكايات التي حرصت على تتبعها في مصادرها وتحري الدقة إلى أقصى قدر ممكن، فالأساس في هذا العمل هو (التشكيل)، لأنني أهدف إلى إعادة فك وتركيب ذاك العصر ليصل إلى القارئ في مشهديّة تضجّ بالصخب والحياة والناس والأحلام وغير ذلك، واختيار مدخل العثور على مخطوطة واعتماد نسق اليوميات ما هو إلا (لباس فني) حاولت من خلاله كسر ما عرفته عملية كتابة التاريخ من نمطية.
إنني أعمل على اليوميات كما يعمل موسيقي على مقطوعته، ربما أعيد رواية القصة أكثر من مرة في أكثر من موضع بأكثر من شكل، كلحن يتردد في العمل الموسيقي بين آونة وأخرى، إلا أن كل هذه المقطوعات أصلية يمكن تتبعها في أصولها ومصادرها.
حتى تلك اليوميات التي قمت بنحتها بشكل خاص، فإنما هي نتيجة لاجتهادات بحثية توصلت خلالها إلى نتائج قمت بصياغتها في يوميات تكتسي الطابع الأدبي، مثل يومية العرَّافة التي بشرت بميلاد الشاعر، متنبئة بتفاصيل حياته، مشيرة إلى أنه سوف "ينتهي به المطاف وحيداً، محطّما كموجة على الصخور"، هذه اليومية لم تكن وليدة الخيال المحض، إنما هي نتيجة لاجتهاد دقيق لمعرفة إلى أي برج ينتمي المتنبي، وذلك من خلال ما ورد في الكتب عن مواصفاته الشخصية وكذلك من خلال أشعاره. وأنا أميل إلى كونه من أبناء الجوزاء لانطباق مواصفاته على مواليدها الذكور وأعترف بأن هذا ترجيح أملاه عليّ إهتمامي بلأبراج ومحاولة فكّها رياضيا وهذا موضوع يطول بحثه. ويتكرر الأمر في يوميات أخرى منها يومية (الخروج من مصر) مثلاً، والتي تضمنت خلاصة جهد بحثي توصلت من خلاله بالأدلة الموثقة إلى أن المتنبي لم يخرج من مصر مهزوماً وإن احتال للخروج، بل قامة شعريّة يعتد بها في زمانه إذ استقبلته قبائل العرب استقبال الأمراء، كما أنه لم يتخل بخروجه من مصر عن حلمه بالإمارة الذي ظل شاغله الأول خلال الجزء الأخير من حياته، بل توصلتُ إلى أن سعيه وراء هذا الحلم كان السبب المباشر والرئيس في خروجه من مصر وكذلك في مصرعه، وهو ما لم يأت على ذكره باحث من قبل (في ما طالعت من كتب وقعت عليها ولا أعلم فربّما هناك من سبقني إلى ذلك).
وخلاصة اجتهادي في هذه النقطة، كما صغتها في اليومية، تقول إن المتنبي بعد أن خرج من حلب مخلفاً سيف الدولة، متوجهاً إلى مصر -حيث لم ينل مراده من المكوث لدى كافور- قصد الكوفة فبغداد محاولاً الوصول إلى معز الدولة عبر وزيره المهلبي الذي خذله وألّب شعراء (سفهاء كما أسماهم المتنبي في يوميّاته)، فتوجه إلى عضد الدولة، بينما هو على علم بما بينه وبين ابن عمه معز الدولة وولده بختيار (صاحب فاتك وقاتل المتنبي) من عداوة، إلا أن نفس المتنبي الطامحة إلى الحكم أمرته بخوض اللعبة إلى آخرها وإن كان فيها مصرعه، وهو ما كان.
لا شك عندي في أن الحديث عن العمل ليس كقراءته، وأنه لا يمكن لمقالة مهما بلغ حجم جهدي في صياغتها أن يُلخّص ما أريد قوله في (يوميات دير العاقول) خاصة وأن النص مفتوح، ما زال، على احتمالات كثيرة بقدر ما يطرأ على معرفتي من تغيرات خلال البحث والقراءة، وهو أمر يتطلب من المهتمين التواصل مع العمل في موقعه التفاعلي : (www.alwaraq.com)، والتواصل معي بشأن ما يرونه من ملاحظات قد تفيد في تطوير العمل أو حتى تغيير مساره إذا استدعى الأمر ذلك، لأن إعادة قراءة التاريخ وفق هذه الطريقة التي أحاول التأسيس لها، إنما هو مشروع حياة بالنسبة لي/ لنا، بدأته وأتمنى أن أنجح في استكماله، ولا أخفي أنني بصدد الإعلان عن مشروع مواز لإعادة تقديم حقب تاريخة هامة من خلال إعادة ترتيب فسيفساء التاريخ المنثورة بين الكتب وتخليصها من شوائبها الكثيرة.
ما أردت قوله من خلال هذا البحث المرتدي لباس اليوميات هو خلوصي أن القوانين التي حكمت عصر المتنبي ما زالت تحكم عصرنا، رغم كل ما ندعيه من تطور وحضارة، لقد كانت الفتنة الطائفية والمذهبيّة في ذلك الزمان فتنة وقودها الناس، ولا زالت في عالمنا العربي تتغذى على الناس كل يوم، لم يجدّ جديد سوى أن وسائل التدمير أصبحت أشرس، وكأن القرن الحادي والعشرين مرآة للقرن العاشر إلا أنها مرآة مكبرة تعكس كل السلبيات، ما زال الخطاب الديني المتطرف يحكم مصير شعوب بأسرها، ولا زالت القيادات التي حكمت القرن العاشر فقمعت وقهرت وقتلت وعذبت وابتذلت موجودة في غير مكان من أرض العرب في القرنين العشرين والحادي والعشرين،  وكأن أحداً لم يسمع عن مفاهيم الديمقراطية منذ الإغريق وصولاً إلى عصر فولتير، وجان جاك روسو، وغيرهما من مفكري عصر التنوير.
لا زالت مجتمعاتنا  تعيش حالة المذهبيّة والطائفية والتفرق، وتخضع لأوهام السحر والشعوذة، والتشبث بماض وهميّ لم يكن له وجود لم يقرأ ويمّحص بعد وتشهد على ذلك فضائياتنا المكرسة لذلك والتي تزداد عدداً ويزداد مشاهدوها كل يوم، وهو أمر يؤسف له.
ما زال المبدع العربي إما موظفاً لدى السلطة، أو لدى المؤسسة الخاصة وهو امتداد للاستجداء الذي وصموا به الشاعر والأديب في زمان المتنبي ( وأنا لا أغفل عن الحاجة التى تدفعنا/تدفعهم لذلك، أو مصابيحا لا تمدّ بالزيت على حدّ قول الفيلسوف الأغريقي، ألم يكن الأمر كذلك في ذلك العصر?.
في النهاية، أشكر كل من اهتم بالأمر، وأشكر من لفت انتباهي إلى رواية (من أوراق أبي الطيب المتنبي) التي رأيت أنها بالفعل جديرة بالقراءة والتقدير.
 
*محمد
18 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (1)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
عندما كتبتُ عن( يوميات دير العاقول) للأستاذ /محمد السويدى وقلت أنها (من أوراق السويدى أو يوميات السويدى) ،كانت أمامى آنذاك رواية الأستاذ/محمد جبريل الروائى المصرى (من أوراق أبى الطيب المتنبى ) هذه الرواية الفارقة التى اتكأ فيها محمد جبريل على حياة المتنبى ورحلته إلى مصر ،فهى رواية عن( المتنبى فى مصر)  و شتان بين العملين الذين تم الربط بينهما دون توضيح ماهية كل عمل على حدة والأسس الإبداعية التى إتكأ كل منهما على فنيات عمله 0
 
 
رواية محمد جبريل ،تنهج منهجا سردياً فهى الرواية الثالثة له،بعد رواية الأسوار ،ورواية إمام آخر الزمان 0
كتبت هذه الرواية كما أورى مؤلفها سنة 1986 ونُشرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ،فى سلسلة الرواية العربية سنة 1988م،بلغ عدد صفحاتها 154صفحة ،وتبدأ وقائع الرواية من صفحة 11وتبدأ كالآتى :
 
الأوراق من 6إلى 8:    (1)
 
مصر 00
 
وصلت إليها فى مطلع الصباح 0الشوارع تتثاءب،وغلالة  رمادية تلف الناس واشياء ،والمشربيات لا تبين عما وراءها0
 
قطعت- واتباعى –الطريق دفعة واحدة ،من الرملة إلى بلبيس (2)فالفسطاط(3)0دخلت من باب هائل الارتفاع (علمت فيما بعد أن اسمه باب الصفا ،منه تخرج العساكر ،وتعبر الجنود)0
--------------------
(1)لاحظنا أن المتنبى لم يشر إلى تاريخ كل حادثة بتوقيتها ،ربما لأن كتابة المذكرات والسير الذاتية –بصورتها الحالية –لم تكن معروفةآنذاك،وقد فصلنا – بديلا لذلك- أن نشير إلى الوراق بارقامها المسلسلة 0
 وبداية الأوراق من الصفحة السادسة ،بما يعنى أن المتنبى كتب تمهيداً ، أو مقدمة،استغنى عنها فيما بعد ،أو أنهافقدت مع أوراق أخرى ،سيأتى ذكرها فى حينه0 
 
(2) بلبيس:هى مدينة بلبيس الحالية ،كان بينها وبين فسطاط مصر    عشرة فراسخ0وقد ذكرها المتنبى ،فقال :
 


جزى عربا أمست ببلبيس ربها بـمـسعاتها  تقر بذاك iiعيونها
كراكر  من قيس عيلان iiساهرا جـنون  ظباها للعلى iiوجنونها
 
(3)الفسطاط :هى أول مدينة بناها العرب فى مصر ،وقد بناها
             عمرو بن العاص(21هجرية) وكان موقعها بين القاهرة
            ومصر العتيقة0
*عبدالرؤوف النويهى
19 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (2)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
حاول محمد جبريل أن يوهم القارىء بما سيقدمه من أوراق المتنبى ،فأخذ يتحدث عن حكاية هذه الأوراق0000
فالحكاية كلها من أولها لأخرها  عن وجود أبى الطيب المتنبى فى مصر ، بل أزعم أن الأوراق تحكى عن واقع مصر خلال السنوات التى سبقت كتابة هذه الرواية ،فما من عمل إبداعى إلا وله خلفية سياسية تحيط بالوطن وظروف مجتمعه وما تموج فيه من صراعات0
ومن ثم فإن هذه المقدمة التى أطلق عليها محمد جبريل (حكاية هذه الأوراق) أعرضها على القارىء الكريم ،توطئة لعرض بعض صفحات من الرواية  معلقا عليها بما تيسر لى من سطور0
 
 
حكاية هذه الأوراق
 
تباينت الروايات؛فى أى الأماكن ترك أبو الطيب المتنبى (1)هذه الأوراق،ومن الذى عثر عليها للمرة الأولى 0قال البعض أن الأوراق عثر عليها ضمن متعلقات أبى الطيب ،فى الموضع نفسه الذى شهد معركته الأخيرة ،ومصرعه0ورواية ثانية ،أنها كانت ضمن ما حمله أحد اللصوص من متاع المتنبى ،أودعها بيته القريب من بغداد ولحقته الوفاة دون أن يدرك قيمتها 0ففطن الأحفاد لخطورة ما تحويه ،فاذاعوه0 ورواية ثالثة ،أن أحد المارة وجد حقيبة صغيرة فى الموضع نفسه الذى صرع فيه المتنبى ،فحملها إلى بغداد ،وفحصتها الأعين الخبيرة فأعطت المقابل الذى به استحوذت عليها ،وظلت فى موضعها من مكتبة خاصة ،حتى قيض الله لها كاتب هذه السطور ،فأخرجها إلى النور0
 
أما السؤال الذى طرح نفسه، قبل أن أعد هذه الأوراق للنشر ،وبعد إعدادها كذلك،فهو :هل كتب أبو الطيب ما كتب فى صورة مؤلف ،يروى أحداث رحلته فى مصر ،أم أن أوراقه مجرد ملاحظات أقرب إلى المذكرات اليومية التى يكتبها بعض المشتغلين بالحياة السياسية والفكرية فى حياتنا المعاصرة0
أيا كان الجواب ،فإن هذه الأوراق  التى كتبها أبو الطيب المتنبى إبان إقامته فى مصر ، وبعدها ، إلى مصرعه، كان ينبغى أن تحقق ، وتنشر ، بحيث يتاح للأجيال الحالية أن تتعرف إلى جوانب لم يسبق كشفها فى حياة المتنبى 0
وقد حرصت فى تحقيق الأوراق –وأعتذر لضياع بعضها ، وطمس كلمات، أو حروف ، بعضها الآخر – أن أسود ماكتبه بو الطيب فى زمانه ،لا أغير كلمة ولاحرفا ،ولا أحذف أو أضيف إنما أشرح ما يطلب الشرح ،وأسلط الضوء على الأعلام والأماكن والأحداث بما يعين على فهم الأوراق ،واكتناه بواعثها ودلالتها 0
وأملى أن هذه الأوراق اهتماما ،يساوى قيمتها التاريخية والأدبية ،وما بذل فيها من جهد كى ترى النور 0
والله ولى التوفيق،،
        محمد جبريل  - مصر الجديدة1986م
_____
(1)هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفى 0ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة هجرية0نشأ بالشام ،وأقام بالبادية ،وفيها تعلم اللغة والشعر 0وقد تفهم-فى نشأته-تعاليم اقرامطة ،ومارس طقوس الشيعة 0تؤكد غالبية الروايات أن المتبىعربى الأبوين ،وأن أباه كان سقاء فى الكوفة ،وإن ذهبت اجتهادات إلى أن غموض طفولة المتبى ،دفع الحتقدين عليه للإدعاء بأن أباه كان سقاء ، وأنه انتقل به من الكوفة إلى الشام 0ولما سئل المتنبى عن نسبه،لماذا يكتمه?أجاب:إنى أنزل دائما على قبائل العرب ،وأحب ألا يعرفونى ،خيفة أن يكون لهم فى قومى ثرة (ثأر) 0
 
 
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
19 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (3)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
لم يكن أحد في استقبالي، وإن كنت أعرف مقصدي. سألت عن قصر الأستاذ أبي المسك كافور(4)، فأبدى الناس عجبهم، وإن أشاروا بعبور شوارع وأخطاط (5)وأبواب كي أصل إلى القصر المنشود.

حرصت على ركوب الحصان. حرصت على الأمر نفسه لأتباعي : ولدي محسد، وتابعي مسعود، وقلة من الخدم والعبيد، حتى لا نبدو في الأعين كالآلاف من السابلة العامة ذوي المهن الحقيرة.

أمرت، فأحسن الخدم اختيار جوادي وطهمته وكسوته، فبدا مليحا يسر الناظرين. مشاعر الاعتزاز تمور في داخلي للنظرات المتطلعة المشوبة بالإعجاب. تتقلص يداي على المقود، وأطمئن إلى الأتباع والأمتعة في جياد أخرى خلفي. لا يعرفون أبا الطيب وإن حسدوا عظمة هذا الوافد، تبين نظراته المتطلعة عن غربته.
                                *****

كأنما العرب خلقوا للأحقاد: سيف الدولة(6) يهبني لكافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه.(7) خلفت في الشام أبا فراس(8) وأبا الحسين الناشئ(9) وأبا القاسم الزاهي (10)وأبا العباس النامي (11)وغيرهم عشرات ،بذلوا المداهنة والملق، والقصائد التي تخفض ولا ترفع. أحكموا المكائد والمؤامرات، فبات سيف الدولة غضبا خالصا. قررت أن أترك لهم الجمل بما حمل، فأهجر الشام إلى بلاد أخرى غيرها من بلاد العرب.

ناقشت أصحابي : أي بلاد نتجه إليها ? اختاروا العراق0 واخترت مصر 0لم يكن اختيارى وليد اللحظة  ولامصادفة 0أسرفت –فى قصائدى – فى النيل من معز الدولة ،والنيل من الخليفة نفسه0أهملت الحيطة والحذر ،فرميت ناس العراق بالجبن والخوف وغلبة الشهوات0باتت الطريق إلى بغداد- من يومها- غير ممهدة امأمونة 0زاد رسل الفسطاط0تعددت زياراتهم إلى حلب ضمنوا حماية الإخشيدى ،ولوحوا بالأمل الذى كنت أتوق00000(12)
 
 
____
 
(4) يقول صاحب الصبح المنبى عن حيثية المتنبى  ص110-111 (وكافور هذا عبد أسود خصي مثقوب الشفة السفلى بطين قبيح القدمين ثقيل البدن لا فرق بينه وبين الأمة، وقد سئل عنه بعض بني هلال فقال رأيت أمة سوداء تأمر وتنهي، وكان هذا الأسود لقوم من أهل مصر يعرفون ببني عياش يستخدمونه في مصالح السوق، وكان ابن عياش يربط في رأسه حبلا إذا أراد النوم فإذا أراد منه حاجة جذبه بالحبل لأنه لم يكن ينتبه بالصياح، وكان غلمان ابن طغج يصفعونه في الأسواق كلما رأوه فيضحك فقالوا هذا الأسود خفيف الروح، وكلموا صاحبه في بيعه فوهبه لهم، فأقاموه على وظيفة الخدمة، ومات سيده أبو بكر بن طغج وولده صغير، وتقيد الأسود بخدمته وأخذته البيعة لولد سيده، وتفرد الأسود بخدمته وخدمة والدته، فقرب من شاء وبعد من شاء فنظر الناس إليه من صغر هممهم، وخسة أنفسهم، فسابقوا إلى التقرب إليه، وسعى بعضهم ببعض حتى صار الرجل لا يأمن أهل داره على أسراره، وصار كل عبد بمصر يرى أنه خير من سيده، ثم ملك الأمر على ابن سيده وأمر ألا يكلمه أحد من مماليك أبيه، ومن كلمة أتلفه، فلما كبر ابن سيده وتبين ما هو فيه جعل يبوح بما هو في نفسه في بعض الأوقات على الشراب ففزع الأسود منه، وسقاه سما فقتله، وخلت مصر له    "
(5) أخطاط: مفردها "خط"،وهى الحارة 0وكانت هذه هى التسمية إلى انشاء القاهرة0
(6)سيف الدولة الحمدانى :صاحب حلب0خاض الكثير من الحروب والمعارك ،واشتهر برعايته للعديد من الأدباء والعلماء،كالمتنبى وأبى فراس والفارابى 0وقد قدم إليه الأصبهانى كتاب الأغانى 0
(7) تتفق غالبية الروايات فى أن سبب مفارقة المتنبى سيف الدولة ورحيله إلى مصر ،هو انصات سيف الدولة لمن يوغرون صدره ضد المتنبى ،حتى كان يسرف فى قسوته عليه أحيانا0
(8)أبو فراس :ابن عم سيف الدولة 0يعد من أشهر مشاهير عصره فى الشجاعة والكرم وجودة الشعر 0وقال الصاحب بن عباد:بدىء الشعر بملك يعنى إمرأ القيس)وختم بملك(يعنى أبا فراس)0مات قتيلا فى 257هجرية0
 
(9)أبو الحسين الناشىء :شاعر مجيد من أهل بغداد0له قصائد كثيرة فى أهل البيت0وكان من الشعراء المقربين إلى سيف الدولة 0
(10)أبو القاسم الزاهى :من أهل بغداد 0كان من أشهر شعراء عصره 0أكثر قصائده فى مدح آل البيت ،ون كتب مدائح فى سيف الدولة والوزير المهلبى وغيرهما 0
(11) أبو العباس النامى :هو أبو العباس أحمد بن محمد الدرامى المعروف بالنامى 0من أعظم شعراء عصره0كان قريبا من سيف الدولة 0وقيل أنه كان يلى المتنبى فى المنزلة 0توفى سنة 370هجرية0
(12)هكذا بياض فى الأصل0
**********************************
ويواصل محمد جبريل الرحلة مع المتنبى ، عارضا هذه الأوراق ، ومحاولا وبقدر الإمكان أن يستلهم مفردات الماضى البعيد ،وأن يوهم القارىء بصدق أوراقه 0
 
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - سبتمبر - 2007
من أيام السويدى المجبولة بعبير المتنبى (1)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
استغلال حكايات وقصص وأشعار المتنبى ،هى رؤية معاصرة لأحداث تتوالى أمام العين وينشغل بها الواقع ويتفكر فيها الإنسان ،فهو التماهى بين الماضى والحاضر وتداخل الوقائع وتشابك الأحداث،وكأن التاريخ يعيد نفسه ،فلم يكن الأستاذ /محمد السويدى إلا مٌبدعاًبنظرة نقدية لواقع مُعايش ،ولم يكن أبداً راوياً لسيرة أبى الطيب المتنبى ،وإن صدق القول ولم أفتئت على الحقائق فهى تُعد (((من أوراق السويدى أو يوميات السويدى))) الذى ارتكن على أُطر التاريخ ، موضحاً وشارحاً وناقداً بل أعتقد أن ارتكان الأستاذ السويدى على حياة وأشعار وقصص المتنبى هو أدب الرمز إن جاز لى التعبير 0
 
قرأت اثنتين وعشرين حكاية هى جملة ما تم نشره 0
أول حكاية  ( حديث عرّافة) فى 915ميلادية/302هجرية،وتدور الحكايات المنشورة بين تاريخين 915ميلادية  /302هجرية و964ميلادية/355هجرية0
 
كان المتنبى الشغل الشاغل لرجالات عصره ،بل يُحكى أنه وبظهور المتنبى أطفأ مواهب خمسين شاعرا ،وتحكى كتب التاريخ عن الموتة الغادرة التى مُنى بها المتنبى ،إذ تروى الوقائع أن المتنبى وقد شخص إلى شيراز حيث عضد الدولة بن بويه ،وفى هذا البلاط توثقت صلات الأدب بينه وبين أبى على الفارسى وابن جنى ،وأغدق عليه عضد الدولة إنعاما وتكريما ،لكن المتنبى القلوق بطبعه (على قلق كأن الريح تحتى ) استأذن فى العودة إلى بغداد ،وفى طريقه لقيه فاتك ابن أبى جهل الذى ينقم على المتنبى لهجائه ابن أخته ضبه ،وتقاتلا ومات أبو الطيب مثخنا بجراحه،لكنى أزعم أن ما حدث هو تصفية جسدية بالتعبير المعاصر لمن يثير القلاقل والفتن ويطلب العز من ملوك أرانب ،فالسياسةالملعونة والمكائد المرذولة والغيرة القاتلة ،من أوثق الأسباب للتخلص من المتنبى الذى ملأ الدنيا وشغل الناس ،ولايثبت فى يقينى أن هجائه لضبه  ،كان الذريعة لقتله ،وإلا مابقى شاعر على قيد الحياة لمجرد هجائه لبعض الناس0
 
شكر خاص لشاعرنا زهير واستعارتى عنوان هذه الفضفضات من مقالته الأولى ،وسنوالى تباعا الكتابة  عن ((حديث العرافة فى فضاء الحكى السردى عبر مسيرة الأدب0)))
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
7 - يونيو - 2007
من أيام السويدى المجبولةبعبير المتنبى (2)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
حديث العرّافة ليست إلا محاولة جادة لإلقاء الضوء على جوانب هامة فى حياة المتنبى بل تحاول تفسير ما سيكون من وجودوحياة مابين الميلاد والوفاة ،وظهور العرافة لم يأت من عدم ،فقضية السحر والسحرة قديمة  قدم الوجود الإنسانى  ،ومحاولة متكررة لتفسير ظواهر عصية الفهم على الإنسان ،بل كان وجود الساحر فى القصور الملكية ضمن ترتيب الحاشية التى لا استغناء عنه مهما كانت الأسباب 0
 
إذن00 أسلافنا فى مشارق الأرض ومغاربها ،اعتمدوا على السحر والسحرة والكهانة والكاهن  فى الإدلاء بما يجب وبما يكون ،فشيوع هذا النمط من التفكير كان سائدا ومنتشرا وله طقوسه الغامضة  وشعائره الصارمة 0
 
فالعرّافة تأتى بأمر خارق للعادة وتسرد ما يلقاه الشخص المقصود من مغامرات وأعاجيب وهزائم وانتصارات  بل تأتى بخلاصة موجزة وقاطعة  وحاسمة لصراعات الشخص المقصود من الميلاد وحتى الوفاة 0
ومن المشاهد التاريخية التى أذكرها مسرحية( ماكبث) لخالد الذكر وليم شكسبير  ،هذا المسرحية التى قامت على نمطية التنبؤ بما سيلاقيه ماكبث من أحداث ،فها هو ماكبث  وقد قابلته الساحرات 0
 
ساحرة ا: سلاما مكبث ! هنينا لك، يا أمير غلامس "!
ساحرة 2: سلاما مكبث: هنينا لك يا أمير "كودر"!
ساحرة 3: سلاما مكبث ! ستكون ملكا فيما بعد.
بانكو: لماذا يا سيدي الكريم تجفل، وتبدو خائفا من أشياء مقبولة ? باسم الحقيقة هل أنتن من دنيا الخيال، أم انتن في الحق كما تظهرن عليه  ? حبيتن زميلي الشهم بلقب يحمله الآن، وتنبأتن له بحظ رفيع مع أمل في الملوكية، يبدو أنه غارق فيما سمع. لا تكلمنني. إذا قدرتن على معرفة بذور ما تؤول اليه الأمور وأية بذرة ستنمو، وأية بذرة لا تنمو فتكلمن معي إذن، فأنا لا أتوسل ولا أخاف معروفكن ولا كراهيتكن.
ساحرة 1: حييت!
ساحرة 2: حييت!
ساحرة 3: حييت!
ساحرة 1: أقل من مكبث وأعظم!
ساحرة 2: ليس سعيدا جدا، مع ذلك أسعد بكثير.
ساحرة 3: ستنجب ملوكا، ولو أنك لست منهم. لذا سلاما مكبث وبانكو!
ساحرة 1: بانكو ومكبث سلاما!
مكبث: مكانكن، ايتها المتكلمات القاصرات اطلعنني على المزيد. فبوفاة والدي "ساينل"، أعرف أنني أمير "غلامس". ولكن كيف أكون أمير "كودر"? وأمير "كودر" مازال حيا، رجلا متنعما: وأن أكون ملكا لا يقع في نطاق آمال، أكثر من أكون أمير "كودر". أخبرنني من أين جئتن بهذه الأخبار الغريبة ? ولماذا وقفتن في طريقنا على هذه الموجة اللعينة بترحيب تنبؤي كهذا? تكلمن، آمركن.
[تختفي الساحرات]
بانكو: للتراب فقاعات، كما للماء وهن من تلك الفقاعات. -أين اختفين ?
مكبث: في الهواء: وما ظهر مجسدا، ذاب كنفحة في الهواء ليتهن بقين!
بانكو: هل كانت أشياء كهذه هنا، ونحن نتكلم عنها أم أننا أكلنا جذورا تسبب الجنون وتقتاد العقل أسيرا?
مكبث: سيصبح أولادك ملوكا.
بانكو: ستصبح ملكا.
 
*عبدالرؤوف النويهى
8 - يونيو - 2007
من أيام السويدى المجبولة بعبير المتنبى (4)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
                     ثانياً: رحلة السندباد
 
 
لن يعرف السكون
وستلّوحه الأسفار
سيبّدل المنازل والرفاق
إستبداله الفصول
النجوم توميّ إليه واعدة
بجنة لم تقع عليها عين
وبحر لم يرتده زورق

                           حديث عرّافة
 
البطل التراجيدى يطل علينا من بين سبعة أسطر  مغرقة فى استنطاق الغيب ،هذا الذاهب إلى نهايته المحتومة والمفروضة عليه ولافكاك منها0
لن يعرف السكون !!!
ماأقسى شقاء النفس  ألا تجد راحة وسكينة وطمأنينة ??
ما أشقى هذه الروح القلقة عبر توالى العمر ??
ما أرزح العبء على نفس 00ما تبتغيه فى كل بلدة جلّ أن يُسمى!!
السويدى ، بكلمات محسوبة ومعدودة يرسم مصير بطله الأسطورى  000000
ألا تذكرنا سطور السويدى بإينيادة  فرجليوس  وبطلها إينياس ??
 
لن يعرف السكون 0
 قطع وجزم وحسم وقضاء لامفر منه0
 
وستلوحه الأسفار000
هذا السندباد التراثى  الذى ابتدعه السويدى ،عابراً ومستلهماً قصة السندباد البحرى  التى شغفنا بها صغارا وكبارا 0
إنه يصنع من حياة المتنبى سندبادا يطوف بالآفاق ويواجه المخاطر ويسيح فى البلاد 0
 
من الحقائق الثابتة هذا العمل الفذ (ألف ليلة وليلة ) والتى تصدت لطبعه وفى تسعينيات القرن الماضى هيئة قصور الثقافة المصرية وطبعته فى طبعة شعبية بجنيهات معدودة ،إثر قيام العسس الرقابى بمصادرتها_ فى طبعات أخرى_ لاحتوائها على ألفاظ خارجة !!!!
وهكذا نُبتلى فى كل صباح بضيق الأفق وضحالة المعرفة وسفالة اللسان ورقاعة الكلمة 0
 
وستلوحه الأسفار
سيبدل المنازل والرفاق
استبداله الفصول
 
السندباد البحرى كما ترويه ألف ليلة وليلة يعانى من الأهوال والأخطار  الكثير والكثير ، ويتغلب عليها بما يتمتع به من مواهب وقدرات خارقة ،ويهزم كل العراقيل التى تصادفه أو تحد من انطلاق هدفه ،ويعود فى نهاية رحلته الشاقة والصعبة والمريرة ،محملا بالكنوز والمعارف إلى موطنه  غامراً الجميع بأطايب المعارف وأثمن الأموال0لكن سندباد السويدى  يستبدل المنازل  وأيضا الرفاق  كالفصول الأربعة التى تجتاح دنيانا وحياتنا ،لايستقر على حال ،متقلب ،متمرد مأزوم 0
الحلم السويدى الغارق فى ملحمة المتنبى ،لم يكتف بأهل الأرض إشادة ببطله الملحمى ،بل كانت النجوم تومى إليه واعدة ، بجنة لم تقع عليه عين ، وبحر لم يرتده زورق 0
 
جنة  000 لم تقع عليها عين 00
ألا يأخذنا السويدى إلى ما  لاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر 00
ألا يأخذنا السويدى ببطله الأسطورى إلى بحار لم يرتدها زورق 00
أليس السويدى يصنع من حياة المتنبى أسطورة ??
       ويالها من أسطورة !!!
*عبدالرؤوف النويهى
11 - يونيو - 2007
هامش اليوميات    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
شهدنا ليلة أمس مساء آخر من أمسيات السويدي ويوميات دير العاقول، وكان الجديد هذه المرة حافلا بالمفاجآت، ليس فقط على صعيد اليوميات الجديدة التي يعيد فيها السويدي رسم شخصية المتنبي كما يتصورها، وإنما كان الجديد الأهم (هامش اليوميات) وهو ما سيظهر لاحقا في هامش كل يومية، يوثق فيها السويدي لليومية، مبينا مراجعها ومصادرها، وملقيا الضوء على ما يعتبره حقا له مشروعا في التصرف بإضافة بعض اليوميات من خياله الخاص كيومية العرافة التي أثارت اهتمام النويهي، فهذه اليومية التي بحث لها السويدي عن موطئ قدم في اليوميات هي ضرب من الخيال ليس إلا، ولكنه خيال يتصل باهتمام السويدي المطول بعلم الفلك والأبراج، ولأنني لست في هذا الفن في العير ولا في النفير، لم أفهم ماذا يعني أن يكون المتنبي من مواليد برج الجوزاء، وسواء كانت هذه هي الحقيقة أم لا، فكذلك تصوره السويدي، وهو ينحت هذا النصب الضخم الذي يمثل المتنبي جسدا وروحا، بغضون وجهه وعروق يديه وضفائر شعره وبريق عينيه، وسترى فيه الناس تمثالا، وسيرى فيه السويدي نهر الحياة التي عاشها هو. وسيرى فيه كل واحد منا خيال العذابات التي تعتصر فؤاده، ويحسها ويلمسها في شعر المتنبي والطبقة العالية من شعراء العرب، أو كما يقول السويدي فإن التاريخ منذ أكثر من ألف عام يغربل في شعراء العرب ويبقى المتنبي عصيا على الغربال مع نخبة من شعراء المعلقات وشعراء العصر العباسي، لم تنجب العرب بعد من يبذهم ويحتل مكانتهم في قلوب عشاق الشعر ومتذوقيه (السمّيعة)
 
.... أكتب هذه الكلمات وفي سمعي صدى ما حكاه لنا السويدي من هوامش سفر الخروج، وهو يحكي فيه قصة خروج المتنبي من مصر التي أودعها المقصورة التي يقول فيها:
وَلَـكِـنَّـهُـنَّ  حِـبالُ iiالحَياةِ وَكَـيـدُ  الـعُداةِ وَمَيطُ iiالأَذى
ضَرَبتُ بِها التيهَ ضَربَ القِمارِ إِمّــا  لِــهَـذا وَإِمّـا لِـذا
وأنا أتشوف لرؤية هذا الهامش منشورا على الوراق ليقرأ الناس المتنبي بقلم عربي صميم عاش البادية كما عاشها المتنبي، وعرف تقاليد الرحلة في مضارب البدو، وهو ينقل في هذا الهامش عن أبي العلاء تسمية شيوخ العرب الذين نزل عليهم المتنبي في رحلته، وكانوا على علم بخروجه من مصر ليلة العيد، وكل منهم على علم باليوم الذي يصل فيه المتنبي إلى مضاربه، وانظر في ذلك ما حكاه أبو العلاء في تفسير هذه الأبيات من المقصورة:
فَـمَـرَّت  بِنَخلٍ وَفي رَكبِها عَـنِ  الـعالَمينَ وَعَنهُ غِنى
وَأَمـسَـت  تُخَيِّرُنا iiبِالنِقابِ وادي  الـمِياهِ وَوادي iiالقُرى
وَقُـلنا لَها أَينَ أَرضُ العِراقِ فَـقـالَت  وَنَحنُ بِتُربانَ iiها
وَهَبَّت بِحِسمى هُبوبَ الدَبورِ مُـسـتَـقبِلاتٍ مَهَبَّ iiالصَبا
رَوامـي الكِفافِ وَكِبدِ الوِهادِ وَجـارِ  البُوَيرَةِ وادِ iiالغَضى
وَجابَت بُسَيطَةَ جَوبَ iiالرِداءِ بَـيـنَ  الـنَعامِ وَبَينَ iiالمَها
إِلى عُقدَةِ الجَوفِ حَتّى iiشَفَت بِماءِ الجُراوِيِّ بَعضَ iiالصَدى
وَلاحَ  لَـها صَوَرٌ iiوَالصَباحَ وَلاحَ الـشَغورُ لَها وَالضُحى
وَمَـسّـى  الجُمَيعِيَّ iiدِئداؤُها وَغـادى الأَضـارِعَ ثُمَّ الدَنا
فَـيـا  لَكَ لَيلاً عَلى iiأَعكُشٍ أَحَـمَّ  الـبِلادِ خَفِيَّ iiالصُوى
وَرَدنـا الـرُهَيمَةَ في iiجَوزِهِ وَبـاقـيـهِ أَكثَرُ مِمّا iiمَضى
فَـلَـمّا  أَنَخنا رَكَزنا الرِماحَ فَـوقَ  مَـكـارِمِـنا iiوَالعُلا
وَبِـتـنـا  نُـقَـبِّلُ iiأَسيافَنا وَنَـمـسَحُها  مِن دِماءِ iiالعِدا
لِـتَـعلَمَ مِصرُ وَمَن بِالعِراقِ وَمَـن  بِالعَواصِمِ أَنّي iiالفَتى
وَأَنّـي  وَفَـيتُ وَأَنّي iiأَبَيتُ وَأَنّـي  عَتَوتُ عَلى مَن iiعَتا
كان حديث السويدي في هامش هذه اليومية حديث الباحث المتمكن الضليع، فتساءلت كم هي المدة التي قضاها في إعداد هذا الهامش، وهل ستحظى بقية اليوميات بنفس هذا القدر من الدقة والتوثيق. وبينما أنا أتساءل إذا بالسويدي يفتح هامش دير العاقول، ويتناول بالنقد المرير حكاية مقتل المتنبي في النعمانية، ويقترح رواية أخرى،، متشابكة الفصول مرتبطة بالظروف السياسية و القوى الإقليمية و النزاعات الطائفية التي أحاطت بعصر المتنبي، ليس من حقي أن أميط اللثام عن رواية السويدي الآن قبل صدور هامش اليوميات فترقبوا هذه السويدية الجديدة
 
*زهير
10 - يونيو - 2007

 
   أضف تعليقك
 1  2  3