تحية طيبة أصدقائي الأعزة: أرجو مشاركتكم في إعداد هذا الملف الذي تفتقر إليه المكتبة العربية كل الافتقار، وتتوق الأنفس متشوفة إليه فلا ترى سوى فصول متفرقة في بطون الكتب، بعضها يثير العجب، وبعضها يخلب اللب، وبعضها ناطق بالزور والبهتان.. الأحاديث التي سترد في سطور هذا الملف، تكتنز في عمقها تاريخا غير مقروء، نحن بأمس الحاجة لقراءته وإعادة النظر فيه، وهو حديث التاريخ نفيد من صدقه كما نفيد من افترائه، خاصة فيما يتعلق بحلية الصحابة والتابعين، وهنا لا يهم كثيرا عمر الكلام وعمود نسبه، إذا علمنا أن أضعفه سندا يصل (بكل تأكيد) إلى ما يقارب العهد النبوي بمائة أو مائتي عام، لذلك لا مجال في موضوعنا هذا للخوض في صحة الحديث وعدمها، والمهم أن نجمع ما يمكن جمعه من حلية الأعلام، من صحابة وتابعين، وشعراء وأمراء، ووزراء وكتاب وملوك وسوقة. والفائدة المرجوة من إنجاز هذا الملف كبيرة وعميمة، ليس في رسم الصورة الحقيقة للسحنة العربية فحسب، وإنما في ملاحظة ما قد يرد أثناء هذه النصوص من إسقاطات قد لا يكون لها أساس من الصحة سوى الشعوبية السافرة، وما تمنحنا أيضا من مادة خصبة في التأريخ لجانب من أبرز جوانب الفكر الإسلام ، في علاقة الشكل بالمضمون، وإلى أي مدى كان يكرس في رسم صورة الآخر. أرجو أن تكون المشاركة قاصرة على ذكر الاسم والحلية والمصدر في الوراق أوغيره، ومثال ذلك: زيد بن حارثة (ر) كان أبيض أشقر، وهو الصحابي الوحيد الذي ورد ذكر اسمه في القرآن الكريم. وابنه أسامة (ر) كان أسود كالليل، وقصة بياض زيد وسواد أسامة من أشهر القصص، وأذكر منها ما رواه الخطيب البغدادي في كتابه (الأسماء المبهمة: نشرة الوراق ص 68 ) في ترجمة مجزز المدلجي، من حديث عائشة (ر) أنها قالت: (دخل قائف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أسامة بن زيد وزيد عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال القائف: إن هذه الأقدام بعضها من بعض! فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قالت: فدخل مسروراً تبرق أسارير وجهه فقال:ألم ترى إلى مجزز؟ نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض ). شاكرا كل من يساهم في إثراء هذا الملف، والله الموفق.
هو حصين بن معاوية، من بني نمير.. وإنما قيل له الراعي لأنه كان يصف راعي الإبل في شعره، وولده وأهل بيته بالبادية سادة أشراف، ويقال هو عبيد بن حصين، ويكنى أبا جندل، وكان أعور..
ورد في (الأغاني): هو أشعب بن جبير، واسمه شعيب، وكنيته أبو العلاء.. كان أشعب أزرق أحول أكشف أقرع..
وفي (الشعر والشعراء): قدم جرير المدينة فأتاه الشعراء وغيرهم، وأتاه أشعب فيهم، فسلموا عليه وحادثوه ساعة، ثم خرجوا وبقي أشعب، فقال جرير له: أراك قبيح الوجه وأراك لئيم الحسب! ففيم قعودك وقد خرج الناس؟ فقال له أشعب: إنه لم يدخل عليك أحد هو أنفع لك مني! قال: وكيف ذاك؟ قال: لأني آخذ رقيق شعرك فأزيّنه بحسن صوتي، فقال له جرير: فقل فاندفع أشعب يتغنى: (يا أخت ناجية السلام عليكم)، فاستخف جريراً الطرب لغنائه بشعره، حتى زحف إليه فاعتنقه، وسأله عن حوائجه، فأخبره فقضاها.
شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فرده مع محمد بن سلمة الأنصاري وأمره أن يطوف في مساجدهم يسألهم عن سيرته، فجعلوا يقولون خيراً حتى أتى مسجد بني عبس، فقام أسامة بن زيد العبسي فقال: كنت والله لا تعدل في القضية ولا تعزو في السيرة ولا تقسم بالسوية، فقال: (اللهم إن كان كاذباً فأطل عمره وأدم فقره ولا تنجيه من معاريض الفتن)، فرؤي شيخاً كبيراً يمشي على محجن فيقول: شيخ أعمى أدركته دعوة العبد الصالح.